ويقرر جواب الماتن (ره ) عن الايراد بانه فرق بين مطلق الترك والترك الخاص ,وان الفعل نقيض لمطلق الترك , لا انـه مصداقه المنحصر, وذلك لان العدم اذا كان نقيضا للوجود كان الوجود نقيضا للعدم لا محالة , لان التناقض كالتماثل والتضاديمتنع ان لا يتكرر بان يكون احد الشيئين مثلا لاخر, ولا يكون ذلك الاخر مثلا له ,وذلك ظاهر. وامـا الـتـرك الـخاص فنقيضه عدم ذلك الترك الخاص , والعدم المفروض يلازم الفعل تارة والترك المجرد اخرى , ونفس الفعل لا يكون نقيضا ولا فردا لنقيضه , اماالاول فلامتناع تعدد النقيض لشي ء واحـد, والا لـزم جـواز ارتـفاع النقيضين , ويمكن ارتفاع كل من الترك الخاص -اي ترك الصلاة الـمـوصل الى الازالة - وفعل الصلاة كمافي الترك المجرد, بان يترك المكلف الازالة والصلاة معا. وامـا الـثـانـي -يـعني عدم كون الفعل مصداقا لنقيض الترك الخاص - فلان الجامع بين وجود شي ء وعـدمـه غـيـرمـعـقـول , فـيـكـون نـقيض الترك الخاص ملازما للوجود, اي وجود الضد تارة ولعدمه المجرد اخرى , والمراد بالعدم المجرد ترك الصلاة وترك الازالة معا. ومـن الظاهر ان النهي عن نقيض العام لشي ء لا يسري الى ملازمه , فضلا عن مقارنه . نعم لابد من ان لا يكون الملازم محكوما فعلا بحكم على خلافه , لا ان يكون محكوما بحكمه . والـحـاصـل ان مـا ذكر في الفصول من الثمرة بين القول بوجوب نفس المقدمة اوالمقدمة الموصلة صحيح , وانـه لا موجب للحكم ببطلان العبادة في الفرض بناءاعلى المقدمة الموصلة , بخلاف القول بوجوب نفس المقدمة , فانه بناءا عليه لولم يكن الفعل نقيض الترك بحسب المفهوم فلا ينبغى التامل في ان الـنـقـيض متحد مع الفعل مصداقا, فيكون الفعل منهيا عنه وهو يوجب بطلان العبادة . هذا حاصل كلام الماتن (ره ) مع ايضاح بعض الاعلام . اقول : دعوى كون الصلاة ملازمة او مقارنة لنقيض تركها الموصل الى الازالة وليست نقيضا للترك الـموصل لو قيل بان الترك الموصل متعلق للوجوب الغيري ,بخلاف ما لو قيل بان نفس ترك الصلاة مـتـعلق للوجوب الغيري , فتكون في هذه الصورة نفس الصلاة نقيضا لتركها المفروض كونه مقدمة للازالة , لا تخلو من تامل بل منع , وذلك لان موصلية ترك الصلاة الى الازالة ليست خصوصية قائمة بترك الصلاة ,نظير موصلية السبب الى المسبب , بل الموصلية لترك الصلاة تنتزع من فعل الازالة . وبـتـعبير اخر: تقارن ترك الصلاة وعدمها في زمان حصول الازالة حصول لموصلية ترك الصلاة , وعـليه فبما ان المقدمة مركبة من امرين : ترك الصلاة والموصلية , غاية الامر ترك الصلاة يتحقق بنفسه , وموصليته يتحقق بمنشا انتزاع الموصلية -اي الازالة - فيتعدد النقيض لا محالة , لان لترك الـصـلاة نـقـيض وهو فعلها,ولموصلية تركها نقيض يحصل بترك الازالة مع ترك الصلاة , نظير الـمركب الاعتباري , فان نقيضه رفع ذلك المركب , ورفعه كما يكون بترك تمام اجزائه كذلك يكون -فـيما وجد بعض اجزائه - بترك بعض اجزائه الاخرى , وهذا ليس من تعددالنقيض لشي ء واحد, لـيقال هذا ممتنع ولازمه ارتفاع النقيضين , بل من تعدد النقيض للمتعدد, وعلى ذلك فلو صلى المكلف في اول الوقت , فقد ترك المقدمة الموصلة للازالة بالاتيان بكلا النقيضين لتركها الموصل , واذا ترك الصلاة وترك الازالة فقد ترك المقدمة الموصلة بترك جزئها الاخير, وغاية الامر يكون رفع ترك الصلاة بنفسه ورفع موصليته برفع منشا انتزاعها, وعلى ذلك فما ذكره الشيخ (ره ) من نفي الثمرة فـي المقام هو الصحيح , والاصح منه ما ياتي من ان ترك الضد لا يكون مقدمة لفعل الضدالاخر, حتى يتحقق مورد للثمرة التي ذكرها في الفصول . وعـن السيد اليزدي (ره ) بطلان الثمرة المفروضة , حتى لو قيل بان الوجوب الغيري يتعلق بنفس الـمـقـدمـة او ان الامر بشي ء يقتضي النهي عن ضده الخاص بوجه اخر, وذلك لان النهي عن عبادة -لكونها ضدا خاصا لواجب اخر- لا يقتضي فسادها, لان النهي المفروض على تقديره تبعي لا ينافي وجـود الـمـلاك الـمـلـزم النفسي فيها, ولا يكشف عن مفسدة غالبة او خالصة موجبة لمبغوضيتها وعدم صلاحية التقرب بها, ولو فرض ان النهي الغيري عن عبادة ايضا موجب لفسادها,فليس ما ذكر مـن الثمرة , ثمرة التفصيل بين تعلق الوجوب الغيري بالمقدمة مطلقا اوبخصوص الموصلة , بل ذلك ثـمرة القول بوجوب المقدمة وعدم القول بوجوبها,فالقول بصحة الصلاة -بناءا على وجوب المقدمة الموصلة - ليس لاجل ان الواجب الغيري هو خصوص المقدمة الموصلة , بل لان ذات المقدمة لم تكن متعلقاللوجوب الغيري , سواء قيل بوجوب المقدمة الموصلة ام لا. وفيه : انه مع النهي الغيري عن الضد الخاص , كالصلاة في اول الوقت في الفرض , يحكم ببطلانها لا لمبغوضيتها الموجبة لعدم صلاحية التقرب بها, بل لعدم الكاشف عن ملاك ملزم فيها مع النهي الغيري عـنـهـا, حـيـث ان النهي المفروض يكون موجبا لعدم الاطلاق في متعلق الامر بالصلاة بين الحدين الملازم للترخيص في تطبيقها لاي فرد من افرادها, بخلاف القول بعدم النهي الغيري , فانه لا موجب لـرفـع الـيـد عـن اطـلاق المتعلق , والترخيص في تطبيقها على الفرد في اول وقتها, ولو كان هذا الترخيص بنحو الترتب , على ما سياتي تفصيل ذلك في بحث النهي عن الضدان شاء اللّه تعالى . واما ما ذكره (ره ) من ان ما ذكر ثمرة القول بوجوب المقدمة والقول بعدم وجوبها سواء قيل بوجوب المقدمة الموصلة ام لا, فقد تقدم الكلام في الثمرة , فلانعيد. ثـم انـه قـد يـقـال بـظهور الثمرة بين القول بتعلق الوجوب الغيري بذات المقدمة ,وتعلقه بالمقدمة الـمـوصلة , فيما اذا كان الحرام النفسي مقدمة للواجب الاهم , فبناءعلى تعلق الوجوب الغيري بذات الـمـقدمة تتبدك الحرمة النفسية المتعلقة بالمقدمة الى الوجوب الغيري , ولا يستحق المكلف العقاب عـلـى ارتكاب المقدمة فيما لم يات بالواجب الاهم , بخلاف ما اذا قيل بوجوب المقدمة الموصلة , فانه تبقى الحرمة النفسية بالاضافة الى غير المقدمة الموصلة . اضف الى ذلك ان الثمرة لا تترتب ايضا على القول بتعلق الوجوب الغيري بذات المقدمة , او عدم تعلقه بـهـا, بـل يتعين القول ببقاء المقدمة غير الموصلة على حرمتها, قيل بوجوب المقدمة ام لا, لان تعلق الـوجـوب الغيري بذات المقدمة انماهو لاجل عدم الفرق بين الموصلة وغيرها في ملاك الوجوب الغيري , ولاجل عدم ومنها تقسيمه الى الاصلي والتبعي (1). وجـود مـلاك ملزم اخر في غير الموصلة حتى يمنع عن تعلق الوجوب الغيري بهاواطلاق متعلقه بالاضافة اليها, ولكن اذا فرض وجود ملاك مبغوض في غيرالموصلة , يتقيد متعلق الوجوب الغيري بالموصلة لا محالة , نظير تعلق الوجوب الغيري بغسل الثوب وتطهير البدن , لكون طهارتهما شرط فـي الـصـلاة المامور بها,ولكن متعلق الوجوب الغيري يتقيد بالغسل بغير الماء المغصوب , حيث ان الـنـهي النفسي -عن غسلهما بالماء المغصوب او في الاناء المغصوب لكونه غصبا وعدواناعلى مالك الـماء والاناء- لا يجتمع مع الترخيص في غسلهما باي ماء او في اي اناء,فعدم الاطلاق في الواجب الـغيري ليس من باب اختصاص ملاك الوجوب الغيري بغير المحرم , بل لوجود المزاحم من اطلاق الـواجب الغيري , بحيث يشمل الترخيص في التطبيق للفرد المحرم . نعم هذا التقييد مبني على كون الامـر الـغـيـري بـغـسـلـهـما مولويا, والا فلا مجال للتقييد في الامر الارشادي , لعدم منافاته مع الحرمة النفسية . (1) كـان المناسب ان يذكر هذا التقسيم في الامر الثالث -الذي تعرض فيه لاقسام الواجب -, لا في الامر الرابع -الذي تعرض فيه لوجوب المقدمة من حيث سعته وضيقه في نفسه او في متعلقه -, الا ان يـقـال : ان غـرضه من ذكره في المقام بيان ان ثبوت الوجوب الغيري المولوي وتعلقه بالمقدمة لا يـتوقف على التفات الامر الى المقدمة ليتعلق بها طلبه , كما لا يتوقف ثبوت الوجوب الغيري بها على خطاب يكون المقصود من ذلك الخطاب بيان وجوب المقدمة . وكيف كان فقد ذكر (ره ) في المقام ان اتصاف الواجب بالاصلي والتبعي يكون في مقامين : احدهما: مقام الثبوت وتعلق طلب المولى وارادته بالفعل . فـقـال فـي هـذا الـمقام : ان المولى تارة يلتفت الى فعل ويلاحظ ان فيه ملاك الالزام , سواء كان ذلك الـمـلاك الملزم نفسيا او غيريا فيطلبه نفسيا او غيريا, ومع هذاالالتفات التفصيلي الى الفعل وتعلق طـلـبـه بـه يكون وجوب ذلك الفعل اصليا,واخرى لا يلتفت الى الفعل تفصيلا, بل يكون التفاته اليه اجـمـالـيـا, حـيـث انـه ارادبارادة اجمالية فعلا اخر, يتوقف ذلك الفعل المراد اجمالا على الفعل المرادبالتفصيل , فيلزم من ارادته اردة الفعل الاخر, بحيث لو التفت الى الفعل المفروض كالتفاته الى الفعل المراد تفصيلا لتعلق به ارادته وطلبه , فيقال لهذا الفعل المراداجمالا: انه واجب تبعي , هذا في الاصالة والتبعية بحسب مقام الثبوت والجعل . ثـانـيـهما: مقام الدلالة والاثبات , فقد يكون وجوب فعل مقصودا بالافادة من الخطاب , واخرى يكون المقصود بالافادة امرا اخر فدلالة الخطاب على وجوب الفعل يستتبع افادة ذلك الامر الاخر, سواء كان استفادة وجوبه من نفس الخطاب المفروض او بانضمام خطاب اخر اليه , نظير ما يفهم ان (اقل الـحمل ستة اشهر) من ضم خطاب (وحمله وفصاله ثلثون شهرا) ((267)) الى خطاب (الوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين ) ((268)) . ثم ذكر (ره ) ان الوجوب الغيري يتصف بكونه اصليا وتبعيا بحسب مقام الثبوت والاثبات , فالوجوب الـغـيـري الاصـلـي بـحـسب مقام الاثبات كقوله سبحانه (اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايـديـكـم ) ((269)) , بـناءا على كون مدلولها امرا مولويا,والوجوب الغيري التبعي بحسب مقام الاثـبـات ايـضـا كوجوب تحصيل الماء للوضوءالمستفاد من الخطاب المفروض والوجوب الغيري الاصلي بحسب مقام الثبوت ,وكذا التبعي منه بحسب ذلك المقام ظاهر. وامـا الـوجـوب النفسي , فيمكن ان يكون بحسب مقام الاثبات اصليا, ويمكن ان يكون تبعيا, كاستفادة وجـوب الـصلاة قصرا من قوله سبحانه (اذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الـصلاة ) ((270)) , حيث ان دلالته على وجوب الصلاة قصرا في السفر مقصودة بالاصالة , ويفهم مـنـه ايـضـا وجوب الصلاة في غير السفربالتبع , ولكن لا بنحو القصر, ولو في الجملة . فوجوب الصلاة في غير السفر المستفادمن خطاب وجوب القصر في السفر يكون تبعيا. وامـا الـوجوب النفسي بحسب مقام الثبوت لا يكون الا اصليا, وذلك لان النفسي لا يكون الا في فعل يـكـون فيه المصلحة النفسية والملاك الملزم النفسي , واذاكان الفعل كذلك , فالمولى الملتفت الى ما فـيـه الـمـلاك الـنفسي يتعلق به طلبه وارادته ,حتى فيما لو فرض انه لم يكن في البين فعل اخر مطلوب كذلك . وقـال (ره ): الظاهر ان تقسيم الواجب الى الاصلي والتبعي في كلمات الاصحاب بلحاظ مقام الثبوت , والـمراد ان الواجب في مقام الثبوت اما اصلي اوتبعي , ولو كان المراد تقسيم الواجب اليهما بحسب مـقـام الاثـبات -يعني دلالة الخطاب - لم ينحصرالواجب الى قسمين , فانه قد يكون الواجب الواقعي غير وارد فيه خطاب , كالواجب المستفاد من حكم العقل او الاجماع , فلا يكون ذلك الواجب لا اصليا ولا تبعيا. اقـول : الـظـاهر ان الماتن (ره ) قد خلط الطلب الاجمالي بالارادة التبعية والطلب التبعي , كما خل ط الطلب التفصيلي بالارادة الاستقلالية والطلب الاستقلالي , وبيان ذلك : ان الـواجـب الـغـيري المتعلق بمقدمة الواجب وان كان ملحوظا تارة بالاجمال والارتكاز, واخرى بـالـتـفصيل , الا انه فيما لوحظ اجمالا يكون طلبه اجمالياوارتكازيا, وفيما كان ملحوظا بالتفصيل يـكـون طلبه تفصيليا, لكن الارادة والطلب المتعلق به تبعي على كلا التقديرين يتبع الارادة والطلب النفسي المتعلق بالواجب النفسي , فانه لولا تعلق الارادة والطلب به لما تعلق الطلب والارادة بمقدمته اصلا,لااجمالا ولا تفصيلا. واما الواجب النفسي , فلا يكون الطلب والارادة فيه تبعيا, فانه لو فرض عدم تعلق طلب وارادة بفعل اخـر اصـلا, يكون الفعل المفروض متعلقا للارادة والطلب الاستقلالي , ولكن هذا الواجب والمراد الاستقلالي قد يكون طلبه ارتكازيا وملحوظااجمالا, كما اذا لم يلتفت المولى الى ان الذي سياتي اليه من كرام الناس ولم يطلب من عبده اكرامه , ولكن العبد يعلم بان الاتي من هو, ومع ذلك ترك اكرامه , فان المولى يؤاخذه بعد ذلك على ترك اكرامه , ويحتج عليه بانك كنت عالما بان سجيتي الامر باكرام الكرام . وبالجملة ان كان الملاك في كون واجب في الواقع اصليا, تعلق الارادة المستقلة به فالواجب الغيري لايكون واجبا اصليا, سواء لوحظ تفصيلا وتعلق به ثم انه اذا كان الواجب التبعي ما لم يتعلق به ارادة مستقلة , فاذا شك في واجب انه اصلي او تبعي (1). الـطلب كذلك , ام لوحظ بالاجمال والارتكاز, وان كان الملاك في كون الواجب اصليالحاظه تفصيلا وتعلق الطلب به تفصيلا فالواجب النفسي ايضا قد يكون تبعيا. نعم في الواجبات الشرعية النفسية لا تتحقق التبعية الا بحسب مقام الاثبات والدلالة , كما تقدم . (1) تعرض (ره ) لما اذا علم تعلق الوجوب بفعل وشك في انـه واجب تبعي لم يتعلق به ارادة وطلب مـسـتـقـل , او انـه اصلي تعلق به ارادة وطلب مستقل , فلوفرض -لكونه واجبا تبعيا اثر شرعي , فـاسـتـصـحـاب عـدم تـعـلـق طلب مستقل به يثبت كونه تبعيا ويترتب عليه الاثر التبعي كسائر الـمـوضـوعات التي تتقوم بامر عدمي , كمااذا علم بوقوع النجاسة في ماء وشك في كونه قليلا او كـثيرا, فان استصحاب عدم كون الماء المفروض كثيرا يثبت قلته , فان الماء القليل هو الماء الذي لا يكون بحدالكر, والاستصحاب المفروض يحرز قلته , فيحكم بنجاسته . نـعـم لـو كـان الـوجـوب التبعي متقوما بامر وجودي يلزم من ذلك الامر الوجودي عدم كون طلبه اسـتـقلاليا, كما اذا قلنا: ان الوجوب الغيري طلب خاص وهو الطلب الذي يلزم عن طلب فعل اخر, فـلا يـثبت كونه تبعيا بالاستصحاب المفروض الا على القول بالاصل المثبت , لان اثبات لازم الشي ء بالاصل لا يثبت ملزومه , فان ثبوت الملزوم باثبات اللازم عقلي شرعي . اقـول : اولا: ان ما ذكره (ره ) من بناء جريان الاصل في ناحية عدم تعلق ارادة مستقلة بالفعل المعلوم تعلق الوجوب به على فرض ثبوت اثر شرعي للوجوب التبعي , غير صحيح , فانه يصح الاستصحاب حـتى فيما لو كان للوجوب التبعي اثرعقلي خاص , فان الموضوع في المقام بنفسه قابل للتعبد وانما يـعـتـبـر الاثـر الـشـرعـي فـيما كان الموضوع بنفسه غير قابل للجعل والتعبد, ولذا بنوا على جريان الاستصحاب في الاحكام كالوجوب والحرمة , مع ان الاثر المترتب عليها عقلي . وثـانـيـا: انه بناء على ما ذكره (ره ) في تعريف الواجب التبعي من انـه ما تعلق به ارادة تبعية لكون ارادتـه لازمـة لارادة غـيره , فاستصحاب عدم تعلق ارادة مستقلة به لايثبت ان وجوبه تبعي , يعني ارادته وطلبه لازمة لارادة فعل اخر. نـعـم لـو كـان للوجوب الاصلي اثر خاص , فبالاستصحاب في ناحية عدم تعلق ارادة مستقلة بالفعل الـمـفروض ينفى عنه ذلك الاثر الخاص , كما تقدم الكلام في ذلك في بحث دوران امر الواجب بين كونه نفسيا او غيريا. والمتحصل انه فيما كان عنوان خاص محكوما بحكم , والعنوان الخاص الاخرمنفيا عنه ذلك الحكم , وتـردد الـموضوع خارجا في انـه داخل في العنوان الاول اوفي العنوان الثاني , فالاستصحاب في ناحية عدم كونه من العنوان الثاني انما يفيدثبوت حكم العنوان الاول لهذا الموضوع المشكوك , فيما كـان خـصـوصية العنوان الاول عدم العنوان الثاني , كما مثلنا بالماء القليل المحكوم بنجاسته بوقوع النجس فيه , وبالماء الكثير المحكوم بعدم الانفعال بوقوعه فيه , فان خصوصية الماء القليل عدم بلوغه حـد الـكر, والاستصحاب في عدم بلوغ الماء المشكوك كرا يثبت قلته .ويعبر عن مثل ذلك بان هذا الـعـنـوان -يـعـني الماء القليل - متقوم بالسلب المحمولي بخلاف السلب النعتي الذي هو مفاد القضية الـمعدولة , فاستصحاب عدم كونه من العنوان الثاني لا يجدي في ثبوت حكمه له , وذلك كما في الدم الاقـل مـن الـدرهـم ,حيث ثبت العفو عنه في الثوب والبدن في الصلاة , فانه اذا شك في دم انه اقل من تذنيب : في بيان الثمرة وهي في المسالة الاصولية كما عرفت سابقا... (1). الدرهم او اكثر, فباستصحاب عدم كونه بمقدار الدرهم او اكثر لايثبت انـه اقل من الدرهم , حيث ان اتصاف الدم بالاقل من الدرهم مفاد القضية المعدولة الموجبه لاالسالبة المحصلة . ومـمـا ذكـرنا يظهر ان ما ذكره (ره ) من جعل الواجب التبعي كسائر الموضوعات المتقومة بامور عـدمـيـة لا يـصح على اطلاقه , بل يصح في الامور المتقومة بامورعدمية بمفاد السلب التحصيلي المعبر عنه بسالبة المحمول , لا التي مفادها السلب النعتي المعبر عنه بمفاد القضية المعدولة , ولذا لا يـثـبـت بـاسـتـصـحاب عدم كذب المخبر وعدم خطائه فيما اخبر به كونه ثقة , حيث ان الثقة هو المتحرز عن الكذب والمتصف بانه لا يكثر خطائه وانـه لا يكذب . (1) ذكر (ره ) ان مسالة ثبوت الملازمة بين ايجاب شي ء وايجاب مقدمته ينطبق عليها ما تقدم ذكره مـن الـمـعيار في كون المسالة اصولية , وهو ان تقع نتيجتهافي طريق الاستنباط واحراز الحكم الـعـمـلي الكلي , واذا بنى على ثبوت الملازمة يحرز بالقياس الاستثنائي الحكم الفرعي الكلي , بان يقال : لو كان شي ء واجبا لوجبت مقدمته ايضا. ولكن الصلاة عند زوال الشمس تجب . فتجب مقدمتها عندها ايضا من الوضوء وتطهير الثوب والبدن الى غير ذلك من مقدماتها, فيصح التوضا او الاغتسال او التيمم بقصد الوجوب بعد الزوال , انتهى . ولـكـن قـد يورد عليه بان الاستنباط المفروض لا يصحح كون المسالة اصولية ,حيث ان الوجوب الغيري الثابت للمقدمة لا يعد حكما فرعيا عمليا, لان المقدمة لايجوز تركها عقلا عند فعلية وجوب ذيـهـا, سـواء قـيـل بالوجوب الغيري الشرعي المولوي ام لا, ولا يترتب العقاب على ترك المقدمة بـنـفـسها, قيل بوجوبها الغيري ام لا, غاية الامر يثبت بمسالة الملازمة او نفيها, الموضوع لقاعدة فـقـهـيـة , وهي حرمة التشريع وعدم جوازه , واذا قلنا بوجوب المقدمة لم يكن الاتيان بالوضوء او الـغـسل او التيمم بقصد الوجوب بعد زوال الشمس من التشريع كما يكون هذا الاتيان فانه بناءا على وجوب نفس المقدمة غيريا يحصل البرء وان لم يؤت بذيها. وامـا ما قيل من ظهور الثمرة فيما اذا ترك الواجب بمقدماتها, فانه يحصل بالترك المفروض الفسق , لصدق الاصرار على الحرام , حيث ان ترك كل من مقدماته حرام . وكـذا ما قيل ايضا من ظهور الثمرة في عدم جواز اخذ الاجرة على مقدمات الواجب , فانه يكون من اخذ الاجرة على الواجبات . وامـثال هذه الامور لا تكون ثمرة للمسالة الاصولية , ولا تكون المسالة بهااصولية , حيث ذكرنا في المباحث المذكورة في مقدمة الكتاب ان البحث عن معاني الفاظ العبادات والمعاملات كمبحث الصحيح والاعـم ومـبحث المشتق من المباحث التي تكون واسطة في تشخيص الموضوع او المتعلق للحكم الـفـرعـي , ولـذلـك لـم يـجـعـل الـمباحث المفروضة من مسائل علم الاصول , فانه يحرز بمسالة الصحيح والاعم متعلق التكليف في خطابات وجوب الصلاة ونحوها, او حال الموضوع في مثل قوله سـبـحـانـه (احل اللّه البيع ) ((271)) كما يحرز الموضوع في الخطابات الشرعية الواردة فيها العناوين على هيئة المشتق , بالبحث في معنى المشتق . مع ان البرء وعدمه يتبعان قصد الناذر (1). (1) هـذا شروع لبيان عدم تمامية الامور المذكورة لجعلها ثمرة البحث في نفسها, وذلك لان القول بالملازمة لا يلازم الالتزام بها. امـا البرء وعدمه فيتبعان قصد الناذر, فان ما يعم المقدمة يكون الاتيان بهاموجبا للبرء, ولو قيل بعدم وجـوب المقدمة وان اراد ماهو منصرف الواجب عنداطلاقه فلا برء الا بالاتيان بالواجب النفسي , لانصراف اطلاقه اليه , ولا يحصل البرءبالاتيان بالمقدمة , وان قيل بوجوبها الغيري . واما الاصرار عـلـى الـحـرام فـلايـحـصـل بترك الواجب الناشى من ترك مقدماته حتى على القول بوجوب تلك الـمقدمات ,لان الترك المحرم يحصل بترك مقدمة لا يتمكن مع تركها على الواجب النفسي ,فلايكون ترك سائر المقدمات بحرام اصلا, لسقوط التكليف بالترك المفروض . وربما يقال : ان في هذا الوجه ما لا يخفى , فانه اذا كان مقدمات الواجب كلهافي عرض واحد, بحيث يمكن للمكلف الاتيان باي منها ابتداء, لكان تعيين الترك المحرم في ترك واحد منها بلا وجه , بل الامر فـي الـمـقدمات الطولية ايضا كذلك , فان سقوط الوجوب عن المقدمة الاولى وان كان يقارن سقوط الـوجـوب عـن سـائرالـمـقـدمات ايضا, لخروج الواجب عن الاختيار, الا ان مالم يسقط وجوب ذي الـمـقـدمـة كان كل من المقدمات واجبا بوجوب غيري , وان عصيان جمعيها كعصيان الامر بذي المقدمة يحصل في زمان واحد. اقول : لم يذكر الماتن (ره ) تعيين العصيان في ترك واحد, بل ظاهر كلامه سقوطجميع الوجوبات الـغـيـريـة والوجوب النفسي بترك اول مقدمة عند كون المقدمات طولية , فالعصيان المتعدد حصل دفعة , وظاهر ما ورد في الاصرار على الحرام ((272)) .واخذ الاجرة على الواجب لا باس به (1). تكرار العصيان بمرات , اي دفعات , فلا يكون ترك المقدمات المتاخرة ارتكابا اخر. والاصـح فـي الـجـواب هـو: ان ما دل على انـه لا صغيرة مع الاصرار منصرف عن تعدد العصيان الـحـاصـل مـن ترك مقدمات عديدة لواجب واحد, حتى لو قيل بوجوبها الغيري , بل ظاهره تكرار الـعـصـيانات التي يكون كل واحد منها موجبالاستحقاق العقاب , كما هو الحال في انصراف العصيان والطغيان الى ما يوجب استحقاق العقاب بنفسه , كما في التكاليف النفسية . (1) اذا كـان الفعل من الاخرين موردا للغرض , وكان الواجب على المكلف نفس الفعل لا الفعل مجانا, فـلا مانع من تمليك ذلك الفعل للغير بازاء الاجرة , ويعمه وجوب الوفاء بالعقد والاجارة . نعم لو كان الـواجـب هـو الـفـعـل مـجـانا -كما يستظهرذلك من خطابات وجوب تجهيز الميت وكالقضاء في المخاصمات بين الناس كماعليه المشهور- يكون اخذ الاجرة عليه من اكل المال بالباطل , لان ايجاب شـي ءمـجانا على المكلف معناه الغاء المالية عن ذلك الفعل , نظير الغائها عن الاعمال المحرمة وبعض الاعـيـان , كـالخمر والخنزير, فيكون اخذ الاجرة عليه من اكل المال بالباطل . ومقتضى النهي عن الاكـل المفروض هو الارشاد الى فساده على ما اوضحناه في المكاسب المحرمة , وذكرنا ان النهي عـن اكـل المال الظاهر في تملكه والاستيلاءعليه ارشاد الى فساد التملك والاستيلاء ((273)) . ولايختص ذلك بالواجبات , بل يجرى في العمل المستحب ايضا, كتعليم القران , فان اخذ الاجرة عليه فاسد, على ما استظهر من بعض الروايات , هذا كله في التوصليات . وامـا الـتعبديات , فقد يقال بان اخذ الاجرة عليها ينافي قصد التقرب المعتبرفيها, واجاب (ره ) بعدم المنافاة وان الداعي الى العمل يكون امر الشارع بها, غاية الامر يكون داعوية الامر والطلب المتعلق بها متفرعا على اخذ الاجرة عليها من باب الداعي على الداعي . وبـتعبير اخر: قصد الاجرة يكون كقصد التخلص من الفقر والمرض المترتب على بعض العبادات فـي كـون الـداعي اليها مطلوبيتها للشارع وتعلق امره بها,والموجب لداعوية امر الشارع بها قصد الـتـخـلص من الفقر والمرض , وفي مفروض الكلام يكون الداعي الى فعل الواجب امر الشارع به , بـحيث لو لم يكن امره لما كان ياتي به ولا ياخذ الاجرة عليه , واخذ الاجرة اوجب داعوية في امر الشارع به . لا يـقال : فرق بين المقامين , فان سائر المقاصد الدنيوية المترتبة على بعض العبادات احيانا لا تنافي قـصد التقرب المعتبر في العبادات , لان نفس طلب تلك المقاصد من اللّه (سبحانه ) مطلوب للّه (عز وجل ), بخلاف طلب الاجرة عن الغير,فانه لا يلائم التقرب المعتبر في العمل بل ينافيه . فانه يقال : ليس المراد من اخذ الاجرة مجرد الاخذ الخارجي , بل تملكها شرعا,ولذا ياتي بالعمل بعد غـياب المستاجر واخذه الاجرة منه , خوفا من حساب ربه والمؤاخذة على حقوق الناس يوم القيامة , وهذا يناسب قصد التقرب لا انه ينافيه . ثـم ذكر (ره ) ان جواز تملك الاجرة بازاء العمل في العبادات لابد ان تكون كغيرها مما يرجع نفعه الـى الـمستاجر, بحيث يكون لذلك العمل مالية , حتى لا تكون سفهية , والا يكون اخذها عليه من اكل المال بالباطل , وتمام الكلام موكول الى محله . وربـمـا يـجعل من الثمرة , اجتماع الوجوب والحرمة اذا قيل بالملازمة فيما كانت المقدمة محرمة (1). (1) ربـمـا يـقـال بـظهور الثمرة فيما اذا كانت المقدمة او فرد منها محرما, فانه بناءاعلى وجوب المقدمة تكون تلك المقدمة او الفرد منها داخلا في مسالة جواز اجتماع الامر والنهي , فيجوز الاتيان بـالـمـجمع , بناءا على جواز اجتماع الامر والنهي , بخلاف مالم يلتزم بالملازمة بين الايجابين , فان الـمـجـمـع الـمفروض يكون محكوما بالحرمة فقط, فيكون النهي عنه من قبيل النهي عن العبادة او المعاملة . واورد الماتن (ره ) على هذه الثمرة بوجوه : الـوجـه الاول : انـه لا يـكـون الـمجمع داخلا في مسالة الاجتماع حتى على القول بالملازمة بين الايـجـابـيـن , بـل النهي عن تلك المقدمة من قبيل النهي عن العبادة اوالمعاملة , حتى بناءا على القول بـالجواز في مسالة الاجتماع , وذلك لما تكرر من ان عنوان المقدمة لا يكون تقييديا ليتعلق الوجوب الغيري بناءا على الملازمة بذلك العنوان . اقـول : لـو كان ملاك البحث في مسالة جواز الاجتماع فرض عنوانين تقييدين احدهما متعلق للامر وثـانـيهما متعلق للنهي , وكانا منطبقين على واحد خارجا, كان الفرد المحرم من المقدمة -بناءا على الـمـلازمة - داخلا في تلك المسالة , وذلك لان الوجوب الغيري كما لا يتعلق بعنوان المقدمة لكونه عـنـوانا تعليليا, كذلك لا يتعلق بخصوص الفرد الماتي به , بل يتعلق بعنوان الوضوء (يعني بالطبيعي مـنه ) فيكون غسل الاعضاء بما انه وضوء يتعلق به الوجوب الغيري , وبما انـه غصب وعدوان على الـغـير في الماء المملوك له يكون حراما, فعنوان الوضوء وعنوان الغصب عنوانان تقييديان منطبقان على فعل واحد خارجا. وبـتـعبير اخر: كما ان السجود في الارض المغصوبة من الصلاة مصداق لها, وبماانـه تصرف في مـلـك الغير مصداق للغصب , كذلك الوضوء بالماء المغصوب اوتطهير الثوب والبدن بالماء المغصوب مـصداق للوضوء والغصب . وعليه ان قلنا في موارد انطباق عنوانين احدهما متعلق الوجوب والاخر مـتـعـلـق الحرمة على واحدبنحو التركيب الاتحادي , بامتناع الاجتماع وتقديم جانب النهي يكون الـمـورد مـن مـوارد الـنـهي عن العبادة او المعاملة , وان قلنا بجواز الاجتماع فيها, يكون المورد من موارد الاجتماع . الـوجه الثاني من ايراد الماتن : (ره ), ان الحاكم بالملازمة بين الايجابين هوالعقل , والعقل لا يراها بـيـن ايـجاب ذي المقدمة وبين مقدمته المحرمة , وان حرمة الفرد من المقدمة تكون مانعة عن تعلق الـوجوب الغيري به , سواء قيل بجوازالاجتماع وعدمه , هذا فيما لم تنحصر المقدمة في المحرم . وامـا مـع الانـحـصـار فيه ,فاما ان لا تكون المقدمة واجبة لعدم وجوب ذيها لاجل المزاحمة , كما انـحـصر تطهيرالمسجد في التصرف في ماء مغصوب , فان مقتضى تقديم حرمة الغصب على وجوب الازالـة فـي مـقام المزاحمة هو عدم وجوب الازالة , فلا موجب لوجوب مقدمتها. واما ان لا تحرم الـمقدمة لاجل المزاحمة واهمية الواجب , كما اذا توقف انقاذ النفس المحترمة على الدخول في ملك الغير بلا رضاه . وفـيـه : انــه لا مـوجـب لاختصاص الوجوب الغيري ـبناءا على الملازمة وجوازاجتماع الامر والنهي - بالفرد المحلل مع عدم انحصار المقدمة بالفرد المحرم , وامامع انحصاره به , فتظهر الثمرة بـيـن الـقول بالملازمة والقول بنفيها, اذ بناءا على وجوب المقدمة وتقديم جانب الامر بذيها لا يمكن الـنـهـي عـن تـلك المقدمة حتى بنحو الترتب , لما تقدم من ان الترتب لا يصحح طلب الحاصل ودفع مـحـذورالـتكليف المحال , بخلاف القول بعدم الملازمة , فان عليه يمكن النهي عن تلك المقدمة بنحو الترتب على عصيان الامر بذيها كما لا يخفى . نعم بناءا على القول بوجوب المقدمة الموصلة ولو في فرض المزاحمة يمكن النهي عن المقدمة غير الموصلة على ما تقدم . والـوجـه الـثـالـث من الايراد: انـه لا يترتب على القول بوجوب المقدمة والقول بعدم وجوبها اثر الاجـزاء, فـان الفرد المحرم من المقدمة -مع كونها توصلية - يجزي لحصول الملاك به , سواء قيل بـوجـوب المقدمة ام لا, جاز الاجتماع ام لا, ولايجزي مع كونها تعبدية على القول بالامتناع , سواء قـيـل بوجوب المقدمة ام لا, وعلى القول بالجواز يحكم بالاجزاء, سواء قيل بوجوب المقدمة ام لا, والتعبدية في المقدمة تكون بتعلق الامر النفسي بها ولو استحبابا, كما في الطهارات . والـوجـه فـي الـحكم بصحة الوضوء مثلا واضح , على القول بجواز الاجتماع في موارد التركيب الاتحادي ايضا, سواء قيل بوجوب المقدمة ام لا. امـا عـلى القول بوجوب المقدمة فالاجزاء ظاهر, لان الصحة ثمرة جوازالاجتماع . واما بناءا على عـدم وجـوب الـمـقـدمـة , فان المقدمة العبادية تكون مستحبة في نفسها واستحبابها موجب للحكم بصحتها, لفرض جواز اجتماع الامرالاستحبابي النفسي للوضوء مع حرمة الغصب . وهذا بخلاف القول بامتناع الاجتماع , فان الوجوب الغيري او الاستحباب النفسي يختص بغير الفرد الـمـحرم من المقدمة , فلا يكون الفرد المحرم مجزيا, لان النهي عنه يوجب فساده , وكذا لو لم نقل بالوجوب الغيري للمقدمة , فالامر ايضاكذلك , كما لا يخفى . اقول : يرد عليه انه لا سبيل لنا الى احراز ملاك الوجوب الغيري في جميع موارد الافراد المحرمة من المقدمات , حتى مع كونها توصلية , اذ الكاشف عن الملاك هو الامر, او الترخيص في التطبيق , او اطلاق المتعلق والشرط, ومع حرمة فرد من المقدمة او الشرط لا كاشف عن الملاك , فمثلا الستر حال الصلاة قيد توصلي لا يعتبر فيه قصد التقرب . ومـع ذلـك لا يـمـكن لنا الحكم باجزاء الستر بالساتر المغصوب , حيث ان اطلاق المتعلق للوجوب الـغـيري لا يعمه , بناءا على عدم جواز اجتماع الامر والنهي وتقديم جانب النهى , بخلاف ما لو قلنا بـجـواز اجتماع الامر والنهي , فانه يمكن كشف الملاك باطلاق المتعلق للوجوب الغيري , كما هو الـحـال بـالاضـافـة الى الفرد المحرم من العبادات بناءا على صحتها مع جواز اجتماع الامر والنهي وفسادها مع عدم جوازالاجتماع , كما ياتي في مبحث الاجتماع . وبـالـجملة يكفي لكون مسالة اصولية , ان يحرز بها الموضوع في مسالة اصولية اخرى , كما يحرز بـمـسـالـة جـواز الاجتماع الموضوع في مسالة النهي عن العبادة اوالمعاملة , وعلى ذلك فان امكن بـمـسالة الملازمة احراز الموضوع في مسالة جوازالاجتماع وعدمه , يدخل البحث عن الملازمة بين ايجاب شي ء وايجاب مقدمته في المسائل الاصولية . ولا يقاس بالثمرات المتقدمة التي ذكرنا انها -عـلـى تـقـديـر تماميتهاتعد من الفوائد المترتبة على المسالة الاصولية , ولا تصحح كونها مسالة اصولية . واعـلـم انــه لا اصـل في محل البحث في المسالة , فان الملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذي المقدمة وعدمها ليست لها حالة سابقة (1). ولـكـن مـع ذلـك لا يـترتب احراز الموضوع لمسالة اجتماع الامر والنهي على الالتزام بالوجوب الـغـيـري للمقدمة او عدم الالتزام به , بل بناءا على كون مواردالتركيب الاتحادي داخلة في مسالة الاجـتـمـاع , يكون نفس الامر النفسي المتعلق بالمقيد مع خطاب النهي داخلين في مسالة الاجتماع , سـواء قـيل بالوجوب الغيري للقيد ام لا, فالامر بالصلاة المقيدة بالستر مع خطاب النهي عن الغصب يجتمعان في الصلاة في الستر بالمغصوب , سواء قيل بتعلق الوجوب الغيري بالستر في الصلاة ام لا. وهـذا يتم بالاضاف -ة الى المقدم -ات التي مقدميتها تاتي من اخ -ذها قيدالمتعلق التكليف النفسي . واما الـمـقـدمات العقلية , فلا يتصور فيها التعبدية , كما لايتوقف احراز مقدميتها على الامر بها غيريا, فتكون مجزية لا محالة على كل حال ,فتدبر. (1) وحـاصـل ما ذكر (ره ) في المقام هو ان المبحوث فيه في المسالة -وهي الملازمة بين ايجاب شـي ء وايـجـاب مـقـدمته - ليست لها حالة سابقة نفيا او اثباتاليجري الاستصحاب في ذلك النفي او الاثـبـات , حيث ان الملازمة على فرض وجودها ازلية لا تحتاج الى ثبوت طرفيها خارجا كسائر الملازمات , وكذلك الحال على تقدير عدمها. نعم لا باس بالاصل في ناحية عدم تعلق الوجوب الغيري بمقدمة شي ء, بعدتعلق الوجوب النفسي بذلك الشي ء, وحتى بعد فعلية وجوب ذلك الشي ء, بان يقال الاصل عدم تعلق الوجوب الغيري بتطهير الثوب والـبدن بعد فعلية وجوب الصلاة بدخول وقتها, ولكن هذا الاصل لا ينفي الملازمة بين ايجاب شي ء وايـجاب مقدمته , فان الملازمة على تقديرها بين الايجابين الواقعيين والاصل الجاري في ناحية عدم تـعـلـق الـوجـوب الغيري بالمقدمة حكم ظاهري يثبت فيما يطلق عليه المقدمة مع عدم الدليل على وجوبها الغيري . وبالجملة الحكم الظاهري في ناحية المقدمة او الحكم بعدم فعلية الوجوب الغيري فـيـها لا ينافي تعلق الوجوب الغيري بها واقعا, ولا ينافي ايضا فعلية الوجوب النفسي المتعلق بذيها مطلقا, فلا يصح التمسك بهذا الاصل لنفي الملازمة بين الايجابين . نـعـم لـو كـان الـملتزم بالوجوب الغيري للمقدمة يدعي ثبوت الملازمة بين فعلية الوجوب النفسي الـمتعلق بذي المقدمة وفعلية الوجوب الغيري المتعلق بالمقدمة ,لكان الاصل الجاري في ناحية عدم فـعـلية الوجوب الغيري في المقدمة نافيا لتلك الملازمة ومثبتا لبطلانها, فان مفاد الاصل نفي الفعلية عن الوجوب الغيري المتعلق بالمقدمة مع فرض فعلية وجوب ذيها وثبوت الملازمة بينهما. لا يقال : الاصل في ناحية عدم تعلق الوجوب الغيري بالمقدمة في نفسه غيرجار فضلا عن ان يكون نـافيا لتلك الملازمة بين الايجابين , والسر في عدم جريانه هواعتبار ان يكون مجرى الاصل امرا مجعولا في نفسه او له اثر مجعول بحيث يكون المهم في جريان الاصل ذلك الاثر المهم , والوجوب الغيري المتعلق بالمقدمة على تقديره غير مجعول , لا بالجعل البسيط ولا بجعل تاليفي , وليس له اثر شرعي مهم في المقام , بل هو على تقديره امر قهري , ولابد من الاتيان بمتعلقه حتى على تقديرعدمه لفرض فعلية الوجوب النفسي المتعلق بذيها. فانه يقال : يكفي في جريان الاصل في مورد كونه مجعولا ولو بالتبع , كالاصل الجاري في ناحية عدم شـرطـيـة شـي ء او عدم جزئيته للمامور به , فانه مجعول بتبع المشروط او الكل , ولا يحتاج الى فرض الجعل البسيط او المركب فيه . اقـول : قـد يـقـال ان قول الماتن (ره ) ولزوم التفكيك بين الوجوبين مع الشك لامحالة , لاصالة عدم وجوب المقدمة مع وجوب ذي المقدمة لا ينافي الملازمة ناظر الى دفع اشكال اخر, وهو انه يعتبر في جريان الاصل ان لا يكون مفاده التعبدبالمستحيل فان التعبد بالمستحيل غير ممكن . وعـلـى ذلـك فان كان بين ايجاب شي ء وايجاب مقدمته ملازمة , لكان التعبدبعدم تعلق وجوب غيري بـمـقـدمة بعد فعلية وجوب ذيها من التعبد بالمستحيل , ومع الشك في ثبوت الملازمة وعدمها يكون التعبد بعدم تعلق الوجوب الغيري بمقدمة الواجب من التعبد بما يحتمل كونه مستحيلا. واجـاب عن هذا الاشكال بما حاصله : ان التعبد بعدم الوجوب الغيري في المقدمة بالاصل لا يستلزم احـتـمـال التعبد بالمستحيل , لان المستحيل على تقديرالملازمة , هو التفكيك بين الايجاب النفسي الـمـتـعلق بذي المقدمة والايجاب الغيري الواقعي المتعلق بالمقدمة والاصل لا يوجب هذا التفكيك , وانـمـا يـوجب التفكيك بين فعلية الوجوب الغيري كما هو مفاد الحكم الظاهري وبين فعلية ايجاب ذيهاوهذا التفكيك لا ضير فيه . نـعـم , لـو ك -انـت ال -دعـوى في باب الملازم -ة بين الايج -ابين هي استح -الة تفكيك فعلية ايجاب المقدمة عن فعلية ايجاب ذيها لما صح التمسك بالاصل المفروض .