و روي أنه سئل الحسن عن الولد كيف يحتسبعلى والده؟ فقال يعظه ما لم يغضب فإن غضبسكت عنه
الشرط الخامس: كونه قادرا:
و لا يخفى أن العاجز ليس عليه حسبة إلابقلبه، إذ كل من أحب الله يكره معاصيه وينكرها، و قال ابن مسعود رضي الله عنه.جاهدوا الكفار بأيديكم، فإن لم تستطيعواإلا أن تكفهروا في وجوههم فافعلوا و اعلمأنه لا يقف سقوط الوجوب على العجز الحسي،بل يلتحق به ما يخاف عليه مكروها يناله،فذلك في معنى العجز، و كذلك إذا لم يخفمكروها و لكن علم أن إنكاره لا ينفعفليلتفت إلى معنيين، أحدهما: عدم إفادةالإنكار امتناعا، و
الآخر: خوف مكروه.
و يحصل من اعتبار المعنيين أربعة أحوال
أحدها: أن يجتمع المعنيان.
بأن يعلم أنه لا ينفع كلامه و يضرب إن تكلمفلا تجب عليه الحسبة، بل ربما تحرم في بعضالمواضع، نعم يلزمه أن لا يحضر مواضعالمنكر و يعتزل في بيته حتى لا يشاهد و لايخرج إلا لحاجة مهمة، أو واجب، و لا يلزمهمفارقة تلك البلدة و الهجرة إلا إذا كانيرهق إلى الفساد، أو يحمل على مساعدةالسلاطين في الظلم و المنكرات فتلزمهالهجرة إن قدر عليها، فإن الإكراه لا يكونعذرا في حق من يقدر على الهرب من الإكراه
الحالة الثانية: أن ينتفي المعنيانجميعا.
بأن يعلم أن المنكر يزول بقوله و فعله و لايقدر له على مكروه، فيجب عليه الإنكار وهذه هي القدرة المطلقة
الحالة الثالثة: أن يعلم أنه لا يفيدإنكاره
لكنه لا يخاف مكروها، فلا تجب عليه الحسبةلعدم فائدتها، و لكن تستحب لإظهار شعائرالإسلام، و تذكير الناس بأمر الدين
الحالة الرابعة: عكس هذه.
و هو أن يعلم أنه يصاب بمكروه و لكن يبطلالمنكر بفعله كما يقدر على أن يرمى زجاجةالفاسق بحجر فيكسرها، و يريق الخمر، أويضرب العود الذي في يده ضربة مختطفةفيكسره في الحال، و يتعطل عليه هذاالمنكر، و لكن يعلم أنه يرجع إليه فيضربرأسه، فهذا ليس بواجب و ليس بحرام، بل هومستحب، و يدل عليه الخبر الذي أوردناه فيفضل كلمة حق عند إمام جائر، و لا شك في أنذلك مظنة الخوف و يدل عليه أيضا ما روي عنأبي سليمان الداراني رحمه الله تعالى أنهقال: سمعت من بعض الخلفاء