بكر و سيدنا عمر رضى الله عنهما فيحتمل أنهما كانا لا يضحيان السنة و السنتين لعدم غناهما لما كان لا يفضل رزقهما الذي كان في بيت المال عن كفايتهما و الغني شرط الوجوب في هذا النوع و قول أبى مسعود رضى الله عنه لا يصلح معارضا للكتاب الكريم و السنة مع ما أنه يحتمل انه كان عليه دين فخاف على جاره لو ضحى ان يعتقد وجوب الاضحية مع قيام الدين و يحتمل انه أراد بالوجوب الفرض إذا هو الواجب المطلق فخاف على جاره اعتقاد الفرضية لو ضحى فصان اعتقاده بترك الاضحية فلا يكون حجة مع الاحتمال أو يحمل على ما قلنا توفيقا بين الدلائل صيانة لها عن التناقض و الاستدلال بالمسافر سديد لان فيه ضرورة لا توجد في حق المقيم على ما نذكر في بيان الشرائط ان شاء الله تعالى عز شأنه و لو نذر أن يضحى بشاة و ذلك في أيام النحر و هو موسر فعليه أن يضحى بشاتين عندنا شاة لاجل النذر و شاة بإيجاب الشرع ابتداء الا إذا عني به الاخبار عن الواجب عليه بإيجاب الشرع ابتداء فلا يلزمه الا التضحية بشاة واحدة و من المشايخ من قال لا يلزمه الا التضحية بشاة واحدة لان هذه الصيغة حقيقتها للاخبار فيكون إخبارا عما وجب عليه بإيجاب الشرع فلا يلزمه التضحية بأخرى و لنا ان هذه الصيغة في عرف الشرع جعلت انشاء كصيغة الطلاق و العتاق لكنها تحتمل الاخبار فيصدق في حكم بينه و بين ربه عز شأنه و لو قال ذلك قبل أيام النحر يلزمه التضحية بشاتين بلا خلاف لان الصيغة لا تحتمل الاخبار عن الواجب اذ لا وجوب قبل الوقت و الاخبار عن الواجب و لا واجب يكون كذبا فتعين الانشاء مراد أيها و كذلك لو قال ذلك و هو معسر ثم أيسر في أيام النحر فعليه أن يضحى بشاتين لانه لم يكن وقت النذر أضحية واجبة عليه فلا يحتمل الاخبار فيحمل على الحقيقة الشرعية و هو الانشاء فوجب عليه أضحية بنذره و أخرى بإيجاب الشرع ابتداء لوجود شرط الوجوب و هو الغنى ( و أما ) التطوع فاضحية المسافر و الفقير الذي لم يوجد منه النذر بالتضحية و لا الشراء للاضحية لانعدام سبب الوجوب و شرطه ( فصل ) و أما شرائط الوجوب فاما في النوعين الاولين فشرائط أهلية النذر و قد ذكرناها في كتاب النذر و أما في النوع الثالث فمنها الاسلام فلا تجب على الكافر لانها قربة و الكافر ليس من أهل القرب و لا يشترط وجود الاسلام في جميع الوقت من أوله إلى آخره حتى لو كان كافرا في أول الوقت ثم أسلم في آخره تجب عليه لان وقت الوجوب يفضل عن اداء الواجب فيكفى في وجوبها بقاء جزء من الوقت كالصلاة و منها الحرية فلا تجب على العبد و ان كان مأذونا في التجارة أو مكاتبا لانه حق مالى متعلق بملك المال و لهذا لا تجب عليه زكاة و لا صدقة الفطر و لا يشترط أن يكون حرا من أول الوقت إلى آخره بل يكتفى بالحرية في آخر جزء من الوقت حتى لو أعتق في آخر الوقت و ملك نصابا تجب عليه الاضحية لما قلنا في شرط الاسلام و منها الاقامة فلا تجب على المسافر لانها لا تتأدى بكل مال و لا في كل زمان بل بحيوان مخصوص في وقت مخصوص و المسافر لا يظفر به في كل مكان في وقت الاضحية فلو أوجبنا عليه لاحتاج إلى حمله مع نفسه و فيه من الحرج ما لا يخفى أو احتاج إلى ترك السفر و فيه ضرر فدعت الضرورة إلى امتناع الوجوب بخلاف الزكاة لان الزكاة لا يتعلق وجوبها بوقت مخصوص بل جميع العمر وقتها فكان جميع الاوقات وقتا لادائها فان لم يكن في يده شيء للحال يؤديها إذا وصل إلى المال و كذا تتأدى بكل مال فايجابها عليه لا يوقعه في الحرج و كذلك صدقة الفطر لانها تجب وجوبا موسعة كالزكاة و هو الصحيح و عند بعضهم و ان كانت تتوقف بيوم الفطر لكنها تتأدى بكل مال فلا يكون في الوجوب عليه حرج و ذكر في الاصل و قال و لا تجب الاضحية على الحاج و أراد بالحاج المسافر فاما أهل مكة فتجب عليهم الاضحية و ان حجوا لما روى نافع عن ابن سيدنا عمر رضى الله عنهما ان كان يخلف لمن لم يحج من أهله أثمان الضحايا ليضحوا عنه تطوعا و يحتمل أنه ليضحوا عن أنفسهم لا عنه فلا يثبت الوجوب مع الاحتمال و لا تشترط الاقامة في جميع الوقت حتى لو كان مسافر في أول الوقت ثم أقام في آخره تجب عليه لما بينا في شرط الحرية و الاسلام و لو كان مقيما في أول الوقت ثم سافر في آخره لا تجب عليه لما ذكرنا هذا إذا سافر قبل ان يشترى أضحية فان اشترى شاة للاضحية ثم سافر ذكر في المنتفى ان له بيعها و لا يضحي بها و هكذا
(64)
روى عن محمد رحمه الله انه يبيعها من المشايخ من فصل بين الموسر و المعسر فقال ان كان موسرا فالجواب كذلك لانه ما أوجب بهذا الشراء شيأ على نفسه و انما قصد به إسقاط الواجب عن نفسه فإذا سافر تبين أنه لا وجوب عليه فكان له ان يبيعها كما لو شرع في العبادة على ظن أنها عليه ثم تبين أنها ليست عليه أنه لا يلزمه الاتمام و ان كان معسرا ينبغى أن تجب عليه و لا تسقط عنه بالسفر لان هذا إيجاب من الفقير بمنزلة النذر فلا يسقط بالسفر كما لو شرع في التطوع أنه يلزمه الاتمام القضاء بالافساد كذا ههنا و ان سافر بعد دخول الوقت قالوا ينبغى أن يكون الجواب كذلك لما ذكرنا و منها الغنى لما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال من وجد سعة فليضح شرط عليه الصلاة و السلام السعة و هي الغنى و لأَنا أوجبناها بمطلق المال و من الجائز أن يستغرق الواجب جميع ماله فيؤدى إلى الحرج فلا بد من اعتبار الغنى و هو أن يكون في ملكه مائتا درهم أو عشرون دينارا أو شيء تبلغ قيمته ذلك سوى مسكنه و ما يتأثث به و كسوته و خادمه و فرسه و سلاحه و ما لا يستغنى عنه و هو نصاب صدقة الفطر و قد ذكرناه و ما يتصل به من المسائل في صدقة الفطر و لو كان عليه دين بحيث لو صرف اليه بعض نصابه لا ينقص نصابه لا تجب لان الدين يمنع وجوب الزكاة فلان يمنع وجوب الاضحية أولى لان الزكاة فرض و الاضحية واجبة و الفرض فوق الواجب و كذا لو كان له مال غائب لا يصل اليه في أيام النحر لانه فقير وقت غيبة المال حتى تحل له الصدقة بخلاف الزكاة فانها تجب عليه لان جميع العمر وقت الزكاة و هذه قربة موقتة فيعتبر الغنى في وقتها و لا يشترط أن يكون غنيا في جميع الوقت حتى لو كان فقيرا في أول الوقت ثم أيسر في آخره يجب عليه لما ذكرنا و لو كان له مائتا درهم فحال عليها الحول فزكاها بخمسة دراهم ثم حضرت أيام النحر و ماله مائة و خمسة و تسعون لا رواية فيه و ذكر الزعفراني أنه تجب عليه الاضحية لان النصاب و ان انتقص لكنه انتقص بالصرف إلى جهة هى قربة فيجعل قائما تقديرا حتى لو صرف خمسة منها إلى النفقة لا تجب لانعدام الصرف إلى جهة القربة فكان النصاب ناقصا حقيقة و تقديرا فلا يجب و لو اشترى الموسر شاة للاضحية فضاعت حتى انتقص نصابه و صار فقيرا فجاءت أيام النحر فليس عليه أن يشترى شاة أخرى لان النصاب ناقص وقت الوجوب فلم يوجد شرط الوجوب و هو الغنى فلو أنه وجدها و هو معسر و ذلك في أيام النحر فليس عليه أن يضحى بها لانه معسر وقت الوجوب و لو ضاعت ثم اشترى اخرى و هو موسر فضحى بها ثم وجد الاولى و هو معسر لم يكن عليه أن يتصدق بشيء لما قلنا و جميع ما ذكرنا من الشروط يستوى فيها الرجل و المرأة لان الدلائل لا تفصل بينهما و أما البلوغ و العقل فليسا من شرائط الوجوب في قول أبى حنيفة و أبى يوسف و عند محمد و زفر هما من شرائط الوجوب حتى تجب الاضحية في مال الصبي و المجنون إذا كانا موسرين عند أبى حنيفة و أبى يوسف رحمهما الله حتى لو ضحى الاب أو الصبي من مالهما لا يضمن عندهما و عند محمد و زفر رحمهما الله يضمن و هو على الاختلاف الذي ذكرنا في صدقة الفطر و الحج ذكرت هنالك و من المتأخرين من قال لا خلاف بينهم في الاضحية انها لا تجب في مالهما لان القربة في الاضحية هى اراقة الدم و انها إتلاف و لا سبيل إلى إتلاف مال الصغير و التصدق باللحم تطوع و لا يجوز ذلك في مال الصغير و الصغير في العادة لا يقدر على أن يأكل جميع اللحم و لا يجوز بيعه و لا سبيل للوجوب رأسا و الصحيح أنه على الاختلاف و تجب الاضحية عند أبى حنيفة و أبى يوسف رحمهما الله و لا يتصدق باللحم لما قلنا لكن يأكل منها الصغير و يدخر له قدر حاجته و يبتاع بالباقي ما ينتفع بعينه كابتياع البالغ بجلد الاضحية ما ينتفع بعينه و الذى يجن و يفيق يعتبر حاله في الجنون و الافاقة فان كان مجنونا في أيام النحر فهو على الاختلاف و ان كان مفيقا يجب بلا خلاف و قيل ان حكمه حكم الصحيح كيف ما كان و ما بلغ من الصغار في أيام النحر و هو موسر يجب عليه بإجماع بين أصحابنا لان الاهلية من الحرفي آخر الوقت لا في أوله كما لا يشترط اسلامه و حريته و إقامته في أول الوقت لما بينا و لا يجب على الرجل أن يضحى عن عبده و لا عن ولده الكبير و فى وجوبها عليه من ماله لولده الصغير روايتان كذا ذكره القدوري رحمه الله و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي انها لا تجب في ظاهر الرواية و لكن الافضل أن يفعل ذلك و أطلق
(65)
الطحاوي رحمه الله ما يدل على الوجوب فانه قال و يجب على الرجل أن يضحى عن أولاده الصغار ( وجه ) رواية الوجوب ان ولد الرجل جزؤه فإذا وجب عليه أن يضحى عن نفسه فكذا عن ولده و لهذا وجب عليه أن يؤدى عنه صدقة الفطر و لان له على ولده الصغير ولاية كاملة فيجب كصدقة الفطر بخلاف الكبير فانه لا ولاية له عليه ( وجه ) ظاهر الرواية ان الاصل ان لا يجب على الانسان شيء على غيره خصوصا في القربات لقول الله تعالى و أن ليس للانسان الا ما سعى و قوله جل شأنه لها ما كسبت و لهذا لم تجب عليه عن عبده و عن ولده الكبير الا ان صدقة الفطر خصت عن النصوص فبقيت الاضحية على عمومها و لان سبب الوجوب هناك رأس يمونه ويلى عليه و قد وجد في الولد الصغير و ليس السبب الرأس ههنا ألا ترى أنه يجب بدونه و كذا لا يجب بسبب العبد و أما الوجوب عليه من ماله لولد ولده إذا كان أبوه ميتا فقد روى الحسن عن أبى حنيفة رحمه الله عليه أن يضحى عنه قال القدوري رحمه الله و يجب أن يكون هذا على روايتين كما قالوا في صدقة الفطر و قد مر وجه الروايتين في صدقة الفطر و أما المصر فليس بشرط الوجوب فتجب على المقيمين في الامصار و القرى و البوادى لان دلائل الوجوب لا توجب الفصل و الله أعلم ( فصل ) و أما وقت الوجوب فايام النحر فلا تجب قبل دخول الوقت لان الواجبات المؤقتة لا تجب قبل أوقاتها كالصلاة و الصوم و نحوهما و أيام النحر ثلاثة يوم الاضحى و هو اليوم العاشر من ذي الحجة و الحادي عشر و الثاني عشر و ذلك بعد طلوع الفجر من اليوم الاول إلى غروب الشمس من الثاني عشر و قال الشافعي رحمه الله تعالى أيام النحر أربعة أيام العاشر من ذي الحجة و الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر و الصحيح قولنا لما روى عن سيدنا عمر و سيدنا على و ابن عباس و ابن سيدنا عمر و أنس بن مالك رضى الله تعالى عنهم أنهم قالوا أيام النحر ثلاثة أولها أفضلها و الظاهر أنهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه و سلم لان أوقات العبادات و القربات لا تعرف الا بالسمع فإذا طلع الفجر من اليوم الاول فقد دخل وقت الوجوب فتجب عند استجماع شرائط الوجوب ثم لجواز الاداء بعد ذلك شرائط أخر نذكرها في موضعها ان شاء الله تعالى فان وجدت يجوز و الا فلا كما تجب الصلاة بدخول وقتها ثم ان وجدت شرائط جواز ادائها جازت و الا فلا و الله تعالى أعلم .( فصل ) و أما كيفية الوجوب فانواع ( منها ) انها تجب في وقتها وجوبا موسعا و معناه انها تجب في جملة الوقت غير عين كوجوب الصلاة في وقتها ففى أى وقت ضحى من عليه الواجب كان مؤديا للواجب سواء كان في أول الوقت أو وسطه أو آخره كالصلاة و الاصل ان ما وجب في جزء من الوقت عين يتعين الجزء الذي أدى فيه الوجوب أو آخر الوقت كما في الصلاة و هو الصحيح من الاقاويل على ما عرف في أصول الفقة و على هذا يخرج ما إذا لم يكن أهلا للوجوب في أول الوقت ثم صار أهلا في آخره بان كان كافرا أو عبدا أو فقيرا أو مسافر في أول الوقت ثم أسلم أو أعتق أو أيسر أو أقام في آخره أنه يجب عليه و لو كان أهلا في أوله ثم لم يبق أهلا في آخره بان ارتد أو اعسر أو سافر في آخره لا يجب عليه و لو ضحى في أول الوقت و هو فقير ثم أيسر في آخر الوقت فعليه أن يعيد الاضحية عندنا و قال بعض مشايخنا ليس عليه الاعادة و الصحيح هو الاول لانه لما أيسر في آخر الوقت تعين آخر الوقت للوجوب عليه و تبين ان ما أداه و هو فقير كان تطوعا فلا ينوب عن الواجب و ما روى عن الكرخي رحمه الله في الصلاة المؤداة في أول الوقت انها نفل مانع من الوجوب في آخر الوقت فاسد عرف فساده في أصول الفقة و لو كان موسرا في جميع الوقت فلم يضح حتى مضى الوقت ثم صار فقيرا صار قيمة شاة صالحة للاضحية دينا في ذمته يتصدق بها متى وجدها لان الوجوب قد تأكد عليه بآخر الوقت فلا يسقط بفقره بعد ذلك كالمقيم إذا مضى عليه وقت الصلاة و لم يصل حتى سافر لا يسقط عنه شطر الصلاة و كالمرأة إذا مضى عليها وقت الصلاة و هي طاهرة ثم حاضت لا يسقط عنها فرض الوقت حتى يجب عليها القضاء إذا طهرت من حيضها كذا ههنا و لو مات الموسر في أيام النحر قبل أن يضحى سقطت عنه الاضحية و فى الحقيقة لم تجب لما ذكرنا ان الوجوب عند الاداء أو في آخر الوقت فإذا مات قبل الاداء مات قبل أن تجب عليه كمن مات في وقت الصلاة قبل أن
(66)
يصليها أنه مات و لا صلاة عليه كذا ههنا و على هذا تخرج رواية الحسن عن أبى حنيفة رحمه الله ان الرجل الموسر إذا ولد له ولد في آخر أيام النحر أنه يجب عليه أن يذبح عنه و هي احدى الروايتين التين ذكرناهما انه كما يجب على الانسان إذا كان موسرا ان يذبح عن نفسه يجب عليه أن يذبح عن ولده الصغير لانه ولد وقت تأكد الوجوب بخلاف صدقة الفطر أنه إذا ولد له ولد بعد طلوع الفجر من يوم الفطر أنه لا تجب عليه صدقة فطره لان الوجوب هناك تعلق باول اليوم فلا يجب بعد مضى جزء منه و ههنا بخلافه و على هذا يخرج ما إذا اشترى شاة للاضحية و هو موسر ثم انها ماتت أو سرقت أو ضلت في أيام النحر أنه يجب عليه أن يضحى بشاة أخرى لان الوجوب في جملة الوقت و المشترى لم يتعين للوجوب و الوقت باق و هو من أهل الوجوب فيجب الا إذا كان عينها بالنذر بان قال لله تعالى على أن اضحى بهذه الشاة و هو موسر أو معسر فهلكت أو ضاعت أنه تسقط عنه التضحية بسبب النذر لان المنذور به معين لاقامة الواجب فيسقط الواجب بهلاكه كالزكاة تسقط بهلاك النصاب عندنا أنه ان كان الناذر موسرا تلزمه شاة أخرى بإيجاب الشرع ابتداء لا بالنذر و ان كان معسرا فاشترى شأه للاضحية فهلكت في أيام النحر أو ضاعت سقطت عنه و ليس عليه شيء آخر لما ذكرنا ان الشراء من الفقير للاضحية بمنزلة النذر فإذا هلكت فقد هلك محل اقامة الواجب فيسقط عنه و ليس عليه شيء آخر بإيجاب الشرع ابتداء لفقد شرط الوجوب و هو اليسار و لو اشترى الموسر شاة للاضحية فضلت فاشترى شاة أخرى ليضحى بها ثم وجد الاولى في الوقت فالأَفضل أن يضحى بهما فان ضحى بالاولى أجزأه و لا تلزمه التضحية بالاخرى و لا شيء عليه ذلك سواء كانت قيمة الاولى أكثر من الثانية أو أقل و الاصل فيه ما روى عن سيدتنا عائشة رضى الله عنها انها ساقت هديا فضاع فاشترت مكانه آخر ثم وجدت الاول فنحرتهما ثم قالت الاول كان يجزئ عني قبلت الجواز بقولها و الفضيلة بفعلها رضى الله عنها و لان الواجب في ذمته ليس الا التضحية بشاة واحدة و قد ضحى و ان ضحى بالثانية أجزأه و سقطت عنه الاضحية و ليس عليه أن يضحى بالاولى لان التضحية بها لم تجب بالشراء بل كانت الاضحية واجبة في ذمته بمطلق الشاة فإذا ضحى بالثانية فقد أدى الواجب بها بخلاف المتنفل بالاضحية إذا ضحى بالثانية أنه يلزمه التضحية بالاولى أيضا لانه لما اشتراها للاضحية فقد وجب عليه التضحية بالاولى أيضا بعينها فلا يسقط بالثانية بخلاف الموسر فانه لا يجب عليه التضحية بالشاة المشتراة بعينها و انما الواجب في ذمته و قد أداه بالثانية فلا تجب عليه التضحية بالاولى و سواء كانت الثانية مثل الاولى في القيمة أو فوقها أو دونها لما قلنا أنها ان كانت دونها في القيمة يجب عليه أن يتصدق بفضل ما بين القيمتين لانه بقيت له هذه الزيادة سالمة من الاضحية فصار كاللبن و نحوه و لو لم يتصدق بشيء و لكنه ضحى بالاولى أيضا و هو في أيام النحر أجزأه و سقطت عنه الصدقة لان الصدقة انما تجب خلفا عن فوات شيء من شاة الاضحية فإذا أدى الاصل في وقته سقط عنه الخلف و أما على قول أبى يوسف رحمه الله فانه لا تجزيه التضحية الا بالاولى لانه يجعل الاضحية كالوقف و لو لم يذبح الثانية حتى مضت أيام النحر ثم وجد الاولى ذكر الحسن بن زياد في الاضاحي ان عليه أن يتصدق بافضلهما و لا يذبح و ذكر فيها أنه قول زفر و أبى يوسف و الحسن بن زياد رحمهم الله لانه لم يجب عليه في آخر الوقت الا التضحية بشاة فإذا خرج الوقت تحول الواجب من الاراقة إلى التصدق بالعين و لو اشترى شاة للاضحية و هو معسر أو كان موسرا فانتقص نصابه بشراء الشاة ثم ضلت فلا شيء عليه و لا يجب عليه شيء آخر أما الموسر فلفوات شرط الوجوب وقت الوجوب و أما المعسر فلهلاك محل اقامة الواجب فلا يلزمه شيء آخر ( و منها ) أن لا يقوم غيرها مقامها حتى لو تصدق بعين الشاة أو قيمتها في الوقت لا يجزيه عن الاضحية لان الوجوب تعلق بالاراقة و الاصل ان الوجوب إذا تعلق بفعل معين أنه لا يقوم غيره مقامه كما في الصلاة و الصوم و غيرهما بخلاف الزكاة فان الواجب أداء جزء من النصاب و لو أدى من مال آخر جاز لان الواجب هناك ليس جزأ من النصاب عند أصحابنا بل الواجب مطلق المال و قد أدى و عند بعضهم و ان كان الواجب أداء جزء من النصاب لكن من حيث انه مال لا من حيث انه جزء من النصاب لان مبنى وجوب
(67)
الزكاة على التيسير و التيسير في الوجوب من حيث انه مال لا من حيث انه العين و الصورة و ههنا الواجب في الوقت اراقة الدم شرعا معقول المعنى فيقتصر الوجوب على مورد الشرع و بخلاف صدقة الفطر أنها تتأدى بالقيمة عندنا لان الواجب هناك معلول بمعنى الا غناء قال النبي عليه الصلاة و السلام اغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم و الاغناء يحصل باداء القيمة و الله عز شأنه أعلم ( و منها ) أنه تجزي فيها النيابة فيجوز للانسان أن يضحى بنفسه و بغيره باذنه لانها قربة تتعلق بالمال فتجزئ فيها النيابة كاداء الزكاة و صدقة الفطر و لان كل أحد لا يقدر على مباشرة الذبح بنفسه خصوصا النساء فلو لم تجز الاستنابة لادى إلى الحرج و سواء كان المأذون مسلما أو كتابيا حتى لو أمر مسلم كتابيا أن يذبح أضحيته يجزيه لان الكتابي من أهل الذكاة الا أنه يكره لان التضحية قربة و الكافر ليس من أهل القربة لنفسه فتكره انابته في اقامة القربة لغيره و سواء كان الاذن نصا أو دلالة حتى لو اشترى شاة للاضحية فجاء يوم النحر فاضجعها و شد قوائمها فجاء إنسان و ذبحها من أمره أجزأه استحسانا و القياس أنه لا يجوز و أن يضمن الذابح قيمتها و هو قول زفر رحمه الله و قال الشافعي يجزيه عن الاضحية و يضمن الذابح أما الكلام مع زفر فوجه القياس أنه ذبح شاة غيره بغير أمره فلا يجزى عن صاحبها و يضمن الذابح كما لو غصب شاة و ذبحها و هو وجه الشافعي في وجوب الضمان على الذابح وجه الاستحسان أنه لما اشتراها للذبح و عينها لذلك فإذا ذبحها غيره فقد حصل غرضه و أسقط عنه مؤنة الذبح فالظاهر أنه رضى بذلك فكان مؤذونا فيه دلالة فلا يضمن و يجزيه عن الاضحية كما لو أذن له بذلك نصا و به تبين و هي قول الشافعي رحمه الله أنه يجزيه عن الاضحية و يضمن الذابح لان كون الذبح مأذونا فيه يمنع وجوب الضمان كما لو نص على الاذن و كما لو باعها باذن صاحبها و لو لم يرض به و أراد الضمان يقع عن المضحى و ليس للوكيل أن يضحى ما و كل بشرائه بغير أمر موكله ذكره أبو يوسف رحمه الله في الاملاء فان ضحى جاز استحسانا لانه أعانه على ذلك فوجد الاذن منه دلالة الا أن يختار أن يضمنه فلا يجزى عنه و على هذا إذا غلط رجلان فذبح كل واحد منها أضحية صاحبه عن نفسه أنه يجزى كل واحد منهما أضحيته عنه استحسانا و يأخذها من الذابح لما بينا ان كل واحد منهما يكون راضيا بفعل صاحبه فيكون مأذونا فيه دلالة فيقع الذبح عنه و نية صاحبه تقع لغوا حتى لو تشاحا و أراد كل واحد منهما الضمان تقع الاضحية له و جازت عنه لانه ملكه بالضمان على ما نذكره في الشاة المغصوبة ان شاء الله تعالى و ذكر هشام عن أبى يوسف رحمهما الله في نوادره في رجلين اشتريا أضحيتين فذبح كل منهما أضحية صاحبه غلطا عن نفسه و أكلها قال يجزى كل واحد منهما في قول أبى حنيفة رحمه الله و قولنا و يحلل كل واحد منهما صاحبه فان تشاحا ضمن كل واحد منهما لصاحبه قيمة شاته فان كان قد انقضت أيام النحر يتصدق بتلك القيمة اما جواز احلالهما فلانه يجوز لكل واحد منهما أن يطعمها لصاحبه ابتداء قبل الاكل فيجوز ان يحلله بعد الاكل و له أن يضمنه لان من أتلف لحم الاضحية يضمن و يتصدق بالقيمة لان القيمة بدل عن اللحم فصار كما لو باعه قال و سألت ابا يوسف رحمه الله عن البقرة إذا ذبحها سبعه في الاضحية ايقتسمون لحمها جزفا أو وزنا قال بل وزنا قال قلت فان اقتسموها مجازفة و حلل بعضهم بعضا قال أكره ذلك قال قلت فما تقول في رجل باع درهما بدرهم فرجح أحدهما فحلل صاحبه الرجحان قال هذا جائز لانه لا يقسم معناه أنه هبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة و هو الدرهم الصحيح أما عدم جواز القسمة مجازفة فلان فيها معنى التمليك و اللحم من الاموال الربوية فلا يجوز تمليكه مجازفة كسائر الاموال الربوية و أما عدم جواز التحليل فلان الربوي لا يحتمل الحل بالتحليل و لانه في معنى الهبة وهبة المشاع فيما يحتمل القسمة لا تصح بخلاف ما إذا رجح الوزن ( و منها ) انها تقضى إذا فاتت عن وقتها و الكلام فيه في موضعين أحدهما في بيان انها مضمونة بالقضاء في الجملة و الثاني في بيان ما تقضى به أما الاول فلان وجوبها في الوقت إما لحق العبودية أو لحق شكر النعمة أو لتكفير الخطايا لان العبادات و القربات انما تجب لهذه المعاني و هذا لا يوجب الاختصاص بوقت دون وقت فكان الاصل فيها أن تكون واجبة في جميع الاوقات و على الدوام بالقدر الممكن الا
(68)
أن الاداء في السنة مرة واحدة في وقت مخصوص أقيم مقام الاداء في جميع السنة تيسيرا على العباد فضلا من الله عز وجل و رحمة كما أقيم صوم شهر في السنة مقام جميع السنة و أقيم خمس صلوات في يوم و ليلة مقام الصلاة آناء الليل و أطراف النهار فإذا لم يؤد في الوقت بقي الوجوب في غيره لقيام المعنى الذي له وجبت في الوقت و أما الثاني فنقول انها لا تقضى بالاراقة لان الاراقة لا تعقل قربة و انما جعلت قربة بالشرع في وقت مخصوص فاقتصر كونها قربة على الوقت المخصوص فلا تقضى بعد خروج الوقت ثم قضاؤها قد يكون بالتصدق بعين الشاة حية و قد يكون بالتصدق بقيمة الشاة فان كان أوجب التضحية على نفسه بشاة بعينها فلم يضحها حتى مضت أيام النحر يتصدق بعينها حية لان الاصل في الاموال التقرب بالتصدق بها لا بالاتلاف و هو الاراقة الا أنه نقل إلى الاراقة مقيدا في وقت مخصوص حتى يحل تناول لحمه للمالك و الاجنبى و الغني و الفقير لكون الناس أضياف الله عز شأنه في هذا الوقت فإذا مضى الوقت عاد الحكم إلى الاصل و هو التصدق بعين الشاة سواء كان موسرا أو معسرا لما قلنا و كذلك المعسر إذا اشترى شاة ليضحى بها فلم يضح حتى مضى الوقت لان الشراء للاضحية من الفقير كالنذر بالتضحية و أما الموسر إذا اشترى شاة للاضحية فكذلك الجواب و من المشايخ من قال هذا الجواب في المعسر لان الشاة المشتراة للاضحية من المعسر تتعين للاضحية فاما من الموسر فلا تتعين بدليل أنه يجوز له التضحية بشاة أخرى في الوقت مع بقاء الاولى و تسقط عنه الاضحية و الصحيح أنها تتعين من الموسر أيضا بلا خلاف بين أصحابنا فان محمدا رحمه الله ذكر عقيب جواب المسألة و هذا قول أبى حنيفة و أبى يوسف رحمهما الله و قولنا ( و وجهه ) ان نية التعيين قارنت الفعل و هو الشراء فاوجبت تعين المشترى للاضحية الا أن تعيينه للاضحية لا يمنع جواز التضحية بغيرها كتعيين النصاب لاداء الزكاة منه لا يمنع جواز الاداء بغيره و تسقط عنه الزكاة و هذا لان المتعين لا يزاحمه غيره فإذا ضحى بغيره أو ادى الزكاة من النصاب لم يبق الاول متعينا فكانت الشاة متعينة للتضحية ما لم يضح بغيرها كالزكاة و ان كان لم يوجب على نفسه و لا اشترى و هو موسر حتى مضت أيام النحر تصدق بقيمة شاة تجوز في الاضحية لانه إذا لم يوجب و لم يشتر لم يتعين شيء للاضحية و انما الواجب عليه اراقة دم شاة فإذا مضى الوقت قبل أن يذبح و لا سبيل إلى التقرب بالاراقة بعد خروج الوقت لما قلنا انتقل الواجب من الاراقة و العين أيضا لعدم التعيين إلى القيمة و هو قيمة شاة يجوز ذبحها في الاضحية و لو صار فقيرا بعد مضى أيام النحر لا يسقط عنه التصدق بعين الشاة أو بقيمتها لانه إذا مضى الوقت صار ذلك دينا في ذمته فلا يسقط عنه لفقره بعد ذلك و لو وجب عليه التصدق بعين الشاة فلم يتصدق و لكن ذبحها يتصدق بلحمها و يجزيه ذلك ان لم ينقصها الذبح و ان نقصها يتصدق باللحم و قيمة النقصان و لا يحل له أن يأكل منها و ان أكل منها شيأ غرم قيمته و يتصدق بها لما يذكر في موضعه و كذلك لو أوجب على نفسه أن يتصدق بها لا يأكل منها إذا ذبحها بعد وقتها أو في وقتها فهو سواء و من وجبت عليه الاضحية فلم يضح حتى مضت أيام النحر ثم حضرته الوفاة فعليه أن يوصى بان يتصدق عنه بقيمة شاة من ثلث ماله لانه لما مضى الوقت فقد وجب عليه التصدق بقيمة شاة فيحتاج إلى تخليص نفسه عن عهدة الواجب و الوصية طريق التخليص فيجب عليه أن يوصى كما في الزكاة و الحج و غير ذلك و لو أوصى بان يضحى عنه و لم يسم شاة و لا بقرة و لا ذلك و لم يبين الثمن أيضا جاز و يقع على الشاة بخلاف ما إذا و كل رجلا أن يضحى عنه و لم يسم شيأ و لا ثمنا أنه لا يجوز و الفرق ان الوصية تحتمل من الجهالة شيأ لا تحتمله الوكالة فان الوصية بالمجهول و للمجهول تصح و لا تصح الوكالة و لو أوصى بان يشترى له شأه بعشرين درهما فيضحى عنه ان مات فمات و ثلثه أقل من ذلك فانه يضحى عنه بما يبلغ الثلث على قياس الحج إذا أوصى بان يحج عنه بمائة و ثلثه أقل من مائة فانه يحج بمائة بخلاف العتق إذا أوصى بان يعتق عنه عبد بمائة و ثلثه أقل ان عند أبى حنيفة رحمه الله تبطل الوصية و عندهما يعتق عنه بما بقي لانه أوصى بمال مقدر فيما هو قربة فتنفذ الوصية فيما أمكن كما في الحج ( و وجه ) الفرق لابى حنيفة رحمه الله أن مصرف الوصية في العتق هو العبد فكانه أوصى بعبد موصوف بصفة و هو أن يكون ثمنه مائه فإذا اشترى بأقل
(69)
كان هذا ما أوصى به فلا يجوز بخلاف الحج و الاضحية فان المصرف ثمة هو الله عز شأنه فسواء كان قيمة الشاة أقل أو مثل ما أوصى به يكون المصرف و المقصود بالكل واحد و هو القربة و ذلك حاصل فيجوز ( و منها ) أن وجوبها نسخ كل دم كان قبلها من العقيقة و الرجبية و العتيرة كذا حكى أبو بكر الكيساني عن محمد رحمه الله أنه قال قد كانت في الجاهلية ذبائح يذبحونها ( منها ) العقيقة كانت في الجاهلية ثم فعلها المسلمون في أول الاسلام فنسخها ذبح الاضحية فمن شاء فعل و من شاء لم يفعل ( و منها ) شاة كانوا يذبحونها في رجب تدعى الرجبية كان أهل البيت يذبحون الشاة فيأكلون و يطبخون و يطعمون فنسخها ذبح الاضحية ( و منها ) العتيرة كان الرجل إذا ولدت له الناقة أو الشاة ذبح أول ولد تلده فاكل و أطعم قال محمد رحمه الله هذا كله كان يفعل في الجاهلية فنسخه ذبح الاضحية و قيل في تفسير العتيرة كان الرجل من العرب إذا نذر نذرا أنه إذا كان كذا أو بلغ شاة كذا فعليه أن يذبح من كل عشر منها كذا في رجب و العقيقة الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه و انما عرفنا انتساخ هذه الدماء بما روى عن سيدتنا عائشة رضى الله عنها انها قالت نسخ صوم رمضان كل صوم كان قبله و نسخت الاضحية كل ذبح كان قبلها و نسخ غسل الجنابة كل غسل كان قبله و الظاهر انها قالت ذلك سماعا من رسول الله صلى الله عليه و سلم لان انتساخ الحكم مما لا يدرك بالاجتهاد و منهم من روى هذا الحديث مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و نسخت الزكاة كل صدقة كانت قبلها و كذا قال أهل التأويل في قوله عز شأنه أ أشفقتم أن تقدموا بين يدى نجواكم صدقات فاذ لم تفعلوا و تاب الله عليكم فأقيموا الصلاة و آتوا الزكاة ان ما أمروا به من تقديم الصدقة على النجوى مع رسول الله صلى الله عليه و سلم نسخ بقوله جل شأنه و آتوا الزكاة و ذكر محمد رحمه الله في العقيقة فمن شاء فعل و من شاء لم يفعل و هذا يشير إلى الاباحة فيمنع كونه سنة و ذكر في الجامع الصغير و لا يعق عن الغلام و لا عن الجارية و انه اشارة إلى الكراهة لان العقيقة كانت فضلا و متى نسخ الفضل لا يبقى الا الكراهة بخلاف الصوم و الصدقة فانهما كانا من الفرائض لا من الفضائل فإذا نسخت منهما الفرضية يجوز التنفل بهما و قال الشافعي رحمه الله العقيقة سنة عن الغلام شاتان و عن الجارية شاة و احتج بما روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم عق عن الحسن و الحسين رضى الله عنهما كبشا كبشا و انا نقول انها كانت ثم نسخت بدم الاضحية بحديث سيدتنا عائشة رضى الله عنها و كذا روى عن سيدنا على رضى الله عنه انه قال نسخت الاضحية كل دم كان قبلها و العقيقة كانت قبلها كالعتيرة و روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن العقيقة فقال ان الله تعالى لا يحب العقوق من شاء فليعق عن الغلام شاتين و عن الجارية شاة و هذا ينفى كون العقيقة سنة لانه عليه الصلاة و السلام علق العق بالمشيئة و هذا إمارة الاباحة و الله عز شأنه أعلم .( فصل ) و أما محل اقامة الواجب فهذا الفصل يشتمل على بيان جنس المحل الذي يقام منه الواجب و نوعه و جنسه و سنه و قدره وصفته أما جنسه فهو أن يكون من الاجناس الثلاثة الغنم أو الابل أو البقر و يدخل في كل جنس نوعه و الذكر و الانثى منه و الخصى و الفحل لانطلاق اسم الجنس على ذلك و المعز نوع من الغنم و الجاموس نوع من البقر بدليل أنه يضم ذلك إلى الغنم و البقر في باب الزكاة و لا يجوز في الاضاحي شيء من الوحش لان وجوبها عرف بالشرع و الشرع لم يرد بالايجاب الا في المستأنس فان كان متولدا من الوحشي و الانسى فالعبرة بالام فان كانت أهلية يجوز و الا فلا حتى ان البقرة الاهلية إذا نزا عليها ثور وحشي فولدت ولدا فانه يجوز أن يضحى به و ان كانت البقرة وحشية و الثور أهليا لم يجز لان الاصل في الولد الام لانه ينفصل عن الام و هو حيوان متقوم تتعلق به الاحكام و ليس ينفصل من الاب الا ماء مهين لا حضر له و لا يتعلق به حكم و لهذا يتبع الولد الام في الرق و الحرية الا أنه يضاف إلى الاب في بني آدم تشريفا للولد و صيانة له عن الضياع و الا فالأَصل أن يكون مضافا إلى الام و قيل إذا نزا ظبى على شاة أهلية فان ولدت شاة تجوز التضحية بها و ان ولدت ظبيا لا تجوز و قيل ان ولدت الرمكة من حمار وحشي حمارا لا يؤكل و ان ولدت فرسا فحكمه حكم الفرس و ان ضحى بظبية وحشية ألفت أو ببقرة وحشية ألفت لم يجز لانها