بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 5

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 5

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

(56)

لا يؤكل كذا هذا فان لم ترده الريح عن وجهه ذلك أكل الصيد لانه إذا مضى في وجهه كان مضيه بقوة الرامي و انما الريح اعانته و معونة الريح السهم مما لا يمكن الاحتراز عنه فكان ملحقا بالعدم فان أصابت الريح السهم و هي ريح شديدة فدفعته لكنه لم يتغير عن وجهه فأصاب السهم الصيد فانه يؤكل لانه مضى في وجهه و معونة الريح إذا لم تعدل السهم عن وجهه لا يمكن التحرز عنه فلا يعتبر و لو أصاب السهم حائطا أو صخرة فرجع فأصاب صيدا فانه لا يؤكل لان فعل الرامي انقطع و صارت الاصابة في جهة الرمى فان مر السهم بين الشجر فجعل يصيب الشجر في ذلك الوجه لكن السهم على سننه فأصاب صيدا فقتله فانه يؤكل فان رده شيء من الشجر يمنة أو يسرة لا يؤكل لما بينا فان مر السهم فحجشه حائط و هو على سننه ذلك فأصاب صيدا فقلته أكل لان فعل الرامي لم ينقطع و أنما أصاب السهم الصيد و الحائط و ذلك لا يمنع الحل و روى عن أبى يوسف رحمه الله ان حكم الارسال لا ينقطع بالتغيير عن سننه يمينا و شمالا الا إذا رجع من ورائه و لو أن رجلا رمى بسهم و سمى ثم رمى رجل آخر بسهم و سمى فأصاب السهم الاول السهم الثاني قبل أن يصيب الصيد فرده عن وجهه ذلك فأصاب صيد فقتله فانه لا يؤكل لانه لما رده السهم الثاني عن سننه انقطع حكم الرمى فلا يتعلق به الحل قال القدوري و هذا محمول على أن الرامي الثاني لم يقصد الاصطياد لان القتل حصل بفعله و هو لم يقصد الاصطياد فلا يحل فاما إذا كان الثاني رمى للاصطياد فيحل أكل الصيد و هو للثاني لانه مات بفعله و ان لم يقصده بالرمي و تعيين المرمى اليه ليس بشرط و لو أن رجلين رمى كل واحد منهما صيدا بسهم فأصابا الصيد جميعا و وقعت الرميتان بالصيد معا فمات فانه لهما و يؤكل ( أما ) حل الاكل فظاهر ( و أما ) كون الصيد لهما فلانهما اشتركا في سبب الاستحقاق و تساويا فيه فيتساويان في الاستحقاق فان أصابه سهم الاول فوقذه ثم أصابه سهم الآخر فقتله قال أبو يوسف رحمه الله يؤكل و الصيد للاول و قال زفر رحمه الله لا يؤكل و هذا فرع اختلافهم في أن المعتبر في الرمى حال الرمى أو حال الاصابة فعند اصحابنا الثلاثة المعتبر حال الرمى و عند زفر حال الاصابة ( و وجه ) البناء على هذا الاصل ان المعتبر لما كان حال الرمى عندنا فقد وجد الرمى منهما و الصيد ممتنع فلا يتعلق بالسهم الثاني حظر الا ان الملك للاول لان سهمه أخرجه من حيز الامتناع فصار السهم الثاني كانه وقع بصيد مملوك فلا يستحق به شيء فكان الاعتبار بحال الرمى في حق الحل و الاصابة في حق الملك لان الحل يتعلق بالفعل و الملك يتعلق بالمحل و لما كان الاعتبار بحال الاصابة عنده فقد أصابه الثاني و الصيد ممتنع فصار كمن رمى إلى شاة فقتلها ( وجه ) قول زفر رحمه الله الاعتبار حال الاصابة ان الملك يقف ثبوته على الاصابة فانه لو لم يصب لا يملك فدل ان المعتبر هو وقت الاصابة و لنا أن حال الرمى هو الذي يفعله و التسمية معتبرة عند فعله فكان الاعتبار بحال الرمى و كذلك ان رمى أحدهما بعد الآخر قبل اصابة الاول فهو كرميهما معا في القولين لان رمى الثاني وجد و الصيد ممتنع فصار كما لو رميا معا فان أصابه سهم الاول و لم يخرجه من الامتناع فأصابه الثاني فقتله فهو للثاني لان الاول إذا لم يخرجه عن حد الامتناع ففعل الاصطياد وجد من الثاني و للاول تسبب في الصيد فصار كمن أثار صيدا و أخذه غيره ان الصيد يكون للآخذ لا للمثير كذا هذا و ان كان سهم الاول وقذه و أخرجه عن الامتناع ثم أصابه سهم الثاني فهذا على وجوه ان مات من الاول أكل و على الثاني ضمان ما نقصته جراحته لان السهم الاول وقع به و هو صيد فإذا قتله حل و قد ملكه الاول بالاصابة فالحجرة الثانية نقص في ملك الاول فيضمنها الثاني و ان مات من الجراحة الثانية لم يؤكل لان الثاني رمى اليه و هو ممتنع فصار كالرمى إلى الشاة و يضمن الثاني ما نقصته جراحته لانه نقص دخل في ملك الغير بفعله ثم يضمن قيمته مجروحا بجراحتين لانه أتلف بفعله الا أنه غرم نقصان الجرح الثاني فلا يضمنه ثانيا و الجرح الاول نقص حصل بفعل المالك للصيد فلا يضمنه الثاني و ان مات من الجراحتين لم يؤكل لان أحد الرميين حاضر و الآخر مبيح فالحكم للحاظر احتياطا و الصيد للاول لانفراده بسبب ملكه و هو الجراحة المخرجة له من الامتناع و على الثاني للاول نصف قيمته مجروحا بالجراحتين و يضمن نصف ما نقصته الجراحة الثانية لانه مات بفعلهما قسقط نصف

(57)

الضمان و ثبت نصفه و الجراحة الثانية يضمنها الثاني لانها حصلت في ملك غيره و لانه أتلف على شريكه نصيبه حين أخرجه من الاباحة إلى الحظر فيلزمه الضمان ان لم يعلم بأى الجراحتين مات فهو كما لو علم انه مات منهما لان كل واحدة من الجراحتين سبب القتل في الظاهر و الله عز و جل أعلم و لو أرسل كلبا على صيد و سمى فأدرك الكلب الصيد فضربه فوقذه ثم ضربه ثانيا فقتله أكل و كذلك لو أرسل كلبين على صيد فضربه أحدهما فوقده ثم ضربه الكلب الآخر فقتله فانه يؤكل لان هذا لا يدخل في تعليم الكلب اذ لا يمكن أن يعلم بترك الجرح بعد الجرح الاول فلا يعتبر فكانه قتله بجرح واحد و لو أرسل رجلان كل واحد منهما كلبه على صيد فضربه كلب أحدهما فوقذه ثم ضربه كلب الآخر فقتله فانه يؤكل لما ذكرنا ان جرح الكلب بعد الجرح مما لا يمكن التحفظ عنه فلا يوجب الحظر فيؤكل و يكون الصيد لصاحب الاول لان جراحة كلبه أخرجته عن حد الامتناع فصار ملكا له فجراحة كلب الثاني لا تزيل ملكه عنه و منها أن يكون الارسال و الرمى على الصيد و اليه حتى لو أرسل على صيد أو رمى إلى صيد فأصاب صيدا لا يحل لان الارسال إلى الصيد و الرمى إلى غيره لا يكون اصطيادا فلا يكون قتل الصيد و جرحه مضافا إلى المرسل و الرامى فلا تتعلق به الاباحة و على هذا يخرج ما إذا سمع حسا فظنه صيدا فأرسل عليه كلبه أو بازه أو رماه بسهم فأصاب صيدا أو بان له ان الحس الذي سمعه لم يكن حسن صيد و انما كان شاة أو بقرة أو آدميا انه لا يؤكل الصيد الذي أصابه في قولهم جميعا لانه تبين انه أرسل على ما ليس بصيد و رمى إلى ما ليس بصيد فلا يتعلق به الحل لما بينا من الفقة و صار كأنه رمى إلى آدمى أو شاة أو بقرة و هو يعلم به فأصاب صيدا انه لا يؤكل كذا هذا و ان كان الحس حس صيد فأصاب صيدا يؤكل سواء كان ذلك الحس حس صيد مأكول أو مأكول بعد أن كان المصاب صيدا مأكولا و هذا أقول اصحابنا الثلاثة و قال زفر ان كان ذلك الحس حس صيد لا يؤكل لحمه كالسباع و نحوها لا يؤكل و روى عن أبى يوسف رحمه الله انه ان كان حس ضبع يؤكل الصيد و ان كان حس خنزير لا يؤكل الصيد ( وجه ) قول زفر ان السبع مأكول فالرمى اليه لا يثبت به حل الصيد المأكول كما لو كان حس آدمى فرمى اليه فأصاب صيدا و لنا أن الارسال إلى الصيد اصطياد مباح مأكولا كان الصيد أو مأكول فتتعلق به إباحة الصيد المأكول لان حل الصيد المأكول يتعلق بالارسال فإذا كان الارسال حلالا يثبت حله الا أنه لا يثبت بحل الارسال حل حكم المرسل اليه لان حرمته ثبتت لمعنى يرجع إلى المحل فلا تتبدل بالفعل و لان المعتبر في الارسال هو قصد الصيد فأما التعيين فليس بشرط لما يينا فيما تقدم و قد قصد الصيد حلالا كان أو حراما بخلاف ما إذا كان الحس حس آدمى لان الارسال على الآدمى ليس باصطياد فضلا عن أن يكون حلالا اذ لا يتعلق حل الصيد بما ليس باصطياد و على الوجه الثاني لم يوجد منه قصد الصيد فلا يتعلق به الحل ( وجه ) رواية أبى يوسف رحمه الله في فصله بين سائر السباع و بين الخنزير أن الخنزير محرم العين حتى لا يجوز الانتفاع به بوجه فسقط اعتبار الارسال عليه و التحق بالعدم فأما سائر السباع فجائز الانتفاع بها في جهة الاكل فكان الارسال إليها معتبرا و ان سمع حسا و لكنه لا يعلم انه حس صيد أو غيره فأرسل فأصاب صيدا لم يؤكل لانه إذا لم يعلم استوى الحظر و الاباحة فكان الحكم للحظر احتياطا و ذكر في الاصل فيمن رمى خنزيرا أهليا فأصاب صيدا قال لا يؤكل لان الخنزير الاهلي ليس بصيد لعدم التوحش و الامتناع فكان الرمى اليه كالرمى إلى الشاة فلا يتعلق به حل الصيد و ان أصاب صيدا مأكولا و قد قالوا فيمن سمع حسا فظنه آدميا فرماه فأصاب الحس نفسه فإذا هو صيد أكل لانه رمى إلى المحسوس المعين و هو الصيد فصح و نظيره ما إذا قال لامرأته و أشار إليها هذه الكلبة طالق انها تطلق و بطل الاسم و قالوا لو رمى طائرا فأصاب صيدا و ذهب المرمى اليه و لم يعلم أوحشى أو مستأنس أكل الصيد لان الاصل في الطير التوحش فيجب التمسك بالاصل حتى يعلم الاستئناس و لو علم ان المرمى اليه داجن تأوي البيوت لا يؤكل الصيد لان الداجن يأويه البيت و تثبت اليد عليه فكان الرمى اليه كالرمى إلى الشاة و ذلك لا يتعلق به الحل كذا هذا و قالوا لو رمى بعيرا فأصاب صيدا

(58)

و ذهب البعير فلم يعلم أ ناد أو ناد لم يؤكل الصيد حتى يعلم أن البعير كان نادا لان الاصل في الابل الاستئناس فيتمسك بالاصل حتى يظهر الامر بخلافه و اختلفت الرواية عن ابى يوسف رحمه الله فيمن رمى سمكة أو جرادة فأصاب صيدا فقال في رواية لا يؤكل لان السمك و الجراد لا ذكاة لهما و روى عنه أنه يؤكل لان المرمى اليه من جملة الصيد و ان كان لا ذكاة له و قالوا لو أرسل كلبه على ظبى موثق فأصاب صيدا لم يؤكل لان الموثق ليس بصيد لعدم معنى الصيد فيه و هو الامتناع فأشبه شاة و لو أرسل بازه على ظبى و هو لا يصيد الظبي فأصاب صيدا لم يؤكل لان هذا إرسال لم يقصد به الاصطياد فصار كمن أرسل كلبا على قتل رجل فأصاب صيدا ( و منها ) أن لا يكون ذو الناب الذي يصطاد به من الجوراح محرم العين فان كان محرم العين و هو الخنزير فلا يؤكل صيده لان محرم العين محرم الانتفاع به و الاصطياد به انتفاع به فكان حراما فلا يتعلق به الحل ( و أما ) ما سواه من ذي الناب من السباع فقد قال أصحابنا جميعا كل ذي مخلب وذي ناب علم فتعلم و لم يكن محرم العين فصيد به كان صيده حلالا لعموم قوله عز شأنه و ما علمتم من الجوارح و قالوا في الاسد و الذئب انه لا يجوز الصيد بهما لا لمعنى يرجع إلى ذاتهما بل لعدم احتمال التعلم لان التعلم بترك العادة و ذلك بترك الاكل و قيل ان من عادتهما انهما إذا أخذا صيدا لا يأكلانه في الحال فلا يمكن الاستدلال بترك الاكل فيهما على التعلم حتى لو تصور تعليمهما يجوز و ذكر هشام و قال سألت محمدا عن الذئب إذا علم فصاد فقال هذا أرى انه لا يكون فان كان فلا بأس به و قال سألته عن صيد ابن عرس فأخبرني أن أبا حنيفة رحمه الله قال إذا علم فتعلم فكل مما صاد فصار الاصل ما ذكرنا ان ما لا يكون محرم العين من الجوارح إذا علم فتعلم يؤكل صيده و الله جل شأنه أعلم ( و منها ) أن يعلم أن تلف الصيد بإرسال أو رمى هو سبب الحل من حيث الظاهر فان شاركهما معنى أو سبب يحتمل حصول التلف به و التلف به مما لا يفيد الحل لا يؤكل الا إذا كان ذلك المعنى مما لا يمكن الاحتراز عنه لانه إذا احتمل حصول التلف بما لا يثبت به الحل فقد احتمل الحل و الحرمة فيرجح جانب الحرمة احتياطا لانه ان أكل عسى انه أكل الحرام فيأثم و ان لم يأكل فلا شيء عليه و التحرز عن الضرر واجب عقلا و شرعا و الاصل فيه ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال لوابصة بن معبد رضى الله عنه الحلال بين و الحرام بين و بينهما أمور مشتبهات فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك و قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنهما ما اجتمع الحلال و الحرام في شيء الا و قد غلب الحرام الحلال و على هذا يخرج ما إذا رمى صيدا و هو يطير فأصابه فسقط على جبل ثم سقط منه على الارض فمات انه لا يؤكل و هو تفسير المتردي لانه يحتمل أنه مات من الرمى و يحتمل أنه مات بسقوطه عن الجبل و كذلك لو كان على جبل فأصابه فسقط منه شيء على الجبل ثم سقط على الارض فمات أو كان على سطح فأصابه فهوى فأصاب حائط السطح ثم سقط على الارض فمات أو كان على نخلة أو شجرة فسقط منها على جذع النخلة أو ند من الشجرة ثم سقط على الارض فمات أو وقع على رمح مركوز في الارض و فيه سنان فوقع على السنان ثم وقع على الارض فمات أو نشب فيه السنان فمات عليه أو أصاب سهمه صيدا فوقع في الماء فمات فيه لا يحل لانه يحتمل انه مات بالرمي و يحتمل أنه مات بهذه الاسباب الموجودة بعده و قد روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال و ان وقع في الماء فلا تأكله فلعل الماء قتله بين عليه الصلاة و السلام الحكم و علل بما ذكرنا من احتمال موته بسبب آخر و هو وقوعه في الماء و الحكم المعلل بعلة يتعمم بعموم العلة و لو أصابه السهم فوقع على الارض فمات فالقياس ان لا يؤكل لجواز موته بسبب وقوعه على الارض و فى الاستحسان يؤكل لانه لا يمكن الاحتراز عن وقوع المرمى اليه على الارض فلو اعتبر هذا الاحتمال لوقع الناس في الحرج و ذكر في المنتقى في الصيد إذا وقع على صخرة فانشق بطنه أو انقطع رأسه انه لا يؤكل قال الحاكم الجليل الشهيد المروزي و هذا خلاف جواب الاصل قال القدوري رحمه الله و عنى به أنه خلاف عموم جواب الاصل لانه ذكر في الاصل لو وقع على آجرة موضوعة في الارض أكل و لم يفصل بين أن يكون انشق بطنه أو لم ينشق فهذا يقتضى أن يؤكل في الحالين فيجوز أن يجعل في المسألة روايتان و يجوز أن يفرق بين الحالين من حيث أن

(59)

لو انشق بطنه أو انقطع رأسه فالظاهر أن موته بهذا السبب لا بالرمي فكان احتمال موته بالرمي احتمال خلاف الظاهر فلا يعتبر و إذا لم ينشق و لم ينقطع فموته بكل واحد من السببين محتمل احتمالا على السوآء الا أن التحرز ممكن فسقط اعتبار موته بسبب العارض و يجوز أن يكون المذكور في المنتقى تفسيرا لما ذكر في الاصل فيكون معناه أنه يؤكل إذا لم ينشق بطنه أو لم ينقطع رأسه فيحمل المطلق على المقيد و يجعل المقيد بيانا للمطلق عند تعذر العمل بهما و لو وقع على حرف آجرة أو حرف حجر ثم وقع على الارض فمات لم يؤكل لما قلنا و لو كانت الآجرة منطرحة على الارض فوقع عليها ثم مات أكل لان الآجرة المنطرحة كالارض فوقوعه عليها كوقوعه على الارض و لو وقع على جبل فمات عليه أكل لان استقراره على الجبل كاستقراره على الارض و ذكر في المنتقى عن أبى يوسف رحمه الله لو رمى صيدا على قلة جبل فأثخنه حتى صار لا يتحرك و لم يستطع أن يأخذه فرماه فقتله و وقع لم يأكله لانه خرج عن كونه صيد بالرمي الاول لخروجه عن حد الامتناع فالرمى الثاني لم يصادف صيدا فلم يكن ذكاة له فلا يؤكل و على هذا يخرج ما إذا اجتمع على الصيد معلم و غير معلم أو مسمى عليه و غير مسمى انه لا يؤكل لاجتماع سببي الحظر و الاباحة و لم يعلم أيهما قتله و لو أرسل مسلم كلبه فاتبع الكلب كلب آخر معلم لكنه لم يرسله احد و لم يزجره بعد انبعاثه أو سبع من السباع أو ذو مخلب من الطير مما يجوز ان يعلم فيصاد به فرد الصيد عليه و نهشه أو فعل ما يكون معونة للكلب المرسل فاخذه الكلب المرسل و قتله لا يؤكل لان رد الكلب و نهشه مشاركة في الصيد فأشبه مشاركة المعلم المعلم و المسمى عليه المسمى عليه بخلاف ما إذا رد عليه آدمى أو بقرة أو حمار أو فرس أو ضب لان فعل هؤلاء ليس من باب الاصطياد فلا يزاحم الاصطياد في الاباحة فكان ملحقا بالعدم فان تبع الكلب الاول كلب معلم و لم يرد عليه و لم يهيب الصيد و لكنه اشتد عليه و كان الذي أخذ و قتل الكلب المعلم لا بأس بأكله لانهما ما اشتركا في الاصطياد لعدم المعاونة فيحل أكله و الله جل شأنه أعلم ( و منها ) أن يلحق المرسل أو الرامي الصيد أو من يقوم مقامه قبل التوارى عن عينه أو قبل انقطاع الطلب منه إذا لم يدرك ذبحه فان توارى عن عينه و قعد عن طلبه ثم وجده لم يؤكل فاما إذا لم يتوار عنه أو توارى لكنه لم يقعد عن الطلب حتى وجده يؤكل استحسانا و القياس انه لا يؤكل ( وجه ) القياس انه يحتمل ان الصيد مات من جراحة كلبه أو من سهمه و يحتمل انه مات بسبب آخر فلا يحل أكله بالشك ( وجه ) الاستحسان ما روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم مر بالروحاء على حمار وحش عقير فتبادر أصحابه اليه فقال دعوه فسيأتى صاحبه فجاء رجل من فهر فقال هذه رميتى يا رسول الله و أنا في طلبها و قد جعلتها لك فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم سيدنا أبا بكر رضى الله عنه فقسمه بين الرفاق و لان الضرورة توجب ذلك لان هذا مما لا يمكن الاحتراز عنه في الصيد فان العادة ان السهم إذا وقع بالصيد تحامل فغاب و إذا أصاب الكلب الخوف منه غاب فلو اعتبرنا ذلك لادى ذلك إلى انسداد باب الصيد و وقوع الصيادين في الحرج فسقط اعتبار الغيبة التي لا يمكن التحرز عنها إذا لم يوجد من الصائد تفريط في الطلب لمكان الضرورة و الحرج و عند قعوده في الطلب لا ضرورة فيعمل بالقياس و قد روى ان رجلا أهدى إلى النبي عليه الصلاة و السلام صيدا فقال له من أين لك هذا فقال رميته بالامس و كنت في طلبه حتى هجم على الليل فقطعنى عنه ثم وجدته اليوم و مزراقى فيه فقال عليه الصلاة و السلام انه غاب عنك و لا أدري لعل بعض الهوام أعانك عليه لا حاجة لي فيه بين عليه الصلاة و السلام الحكم و علة الحكم و هو ما ذكرنا من احتمال موته بسبب آخر و هذا المعنى لا يتحقق فيه إذا لم يقعد عن الطلب و روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه سئل عن ذلك فقال كل ما أصميت ودع ما أنميت قال أبو يوسف رحمه الله الا صماء ما عاينه و الانماء ما توارى عنه و قال هشام عن محمد رحمه الله الا صماء ما لم يتوار عن بصرك و الانماء ما توارى عن بصرك الا أنه أقيم الطلب مقام البصر للضرورة و لا ضرورة عند عدم الطلب و لانه إذا قعد عن طلبه فمن الجائز انه لو كان طلبه لادركه حيا فيخرج الجرح من أن يكون ذكاة فلا يحل بالشك بخلاف ما إذا لم يقعد عن طلبه لانه لم يدركه حيا فبقى الجرح ذكاة له و الله تعالى عز و جل أعلم و أما

(60)

ما يستحب من الذكاة و ما يكره منها ( فمنها ) ان المستحب ان يكون الذبيح بالنهار و يكره بالليل و الاصل فيه ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه نهى عن الاضحى ليلا و عن الحصاد ليلا و هو كراهة تنزيه و معنى الكراهة يحتمل أن يكون لوجوه أحدها ان الليل وقت أمن و سكون و راحة فايصال الالم في وقت الراحة يكون أشد و الثاني انه لا يأمن من أن يخطئ فيقطع يده و لهذا كره الحصاد بالليل و الثالث ان العروق المشروطة في الذبح لا تتبين في الليل فربما لا يستوفى قطعها ( و منها ) انه يستحب في الذبح حالة الاختيار أن يكون ذلك بآلة حادة من الحديد كالسكين و السيف و نحو ذلك و يكره بغير الحديد و بالكليل من الحديد لان السنة في ذبح الحيوان ما كان أسهل على الحيوان و أقرب إلى راحته و الاصل فيه ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال ان الله تعالى عز شأنه كتب الاحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته و فى بعض الروايات و ليشد قوائمه و ليلقه على شقه الايسر و ليوجهه نحو القبلة و ليسم الله تعالى عليه و الذبح بما قلنا أسهل على الحيوان و أقرب إلى راحته ( و منها ) التذفيف في قطع الاوداج و يكره الابطاء فيه لما روينا عن النبي عليه الصلاة و السلام انه قال و ليرح ذبيحته و الاسراع نوع راحة له ( و منها ) الذبح في الشاة و البقرة و النحر في الابل و يكره القلب من ذلك لما ذكرنا فيما تقدم و الله عز شأنه أعلم و منهم أن يكون ذلك من قبل الحلقوم و يكره من قبل القفا لما مر ( و منها ) قطع الاوداج كلها و يكره قطع البعض دون البعض لما فيه من إبطاء فوات حياته ( و منها ) الاكتفاء بقطع الاوداج و لا يبلغ به النخاع و هو العرق الابيض الذي يكون في عظم الرقبة و لا يبان الرأس و لو فعل ذلك يكره لما فيه من زيادة إيلام من حاجة إليها و فى الحديث ألا لا تنخعوا الذبيحة و النخع القتل الشديد حتى يبلغ النخاع ( و منها ) أن يكون الذابح مستقبل القبلة و الذبيحة موجهة إلى القبلة لما روينا و لما روى أن الصحابة رضى الله عنهم كانوا إذا ذبحوا استقبلوا القبلة فانه روى عن الشعبي انه قال كانوا يستحبون ان يستقبلوا بالذبيحة القبلة و قوله كانوا كناية عن الصحابة رضى الله عنهم و مثله لا يكذب و لان المشركين كانوا يستقبلون بذبائحهم إلى الاوثان فتستحب مخالفتهم في ذلك باستقبال القبلة التي هى جهة الرغبة إلى طاعة الله عز شأنة و يكره أن يقول عند الذبح أللهم تقبل من فلان و انما يقول ذلك بعد الفراغ من الذبح أو قبل الاشتغال بالذبح هكذا روى أبو يوسف عن أبى حنيفة رحمهما الله عن حماد عن إبراهيم و كذلك قال أبو يوسف أدع بالتقبل قبل الذبح ان شئت أو بعده و قد روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال موطنان لا أذكر فيهما عند العطاس و عند الذبح و روينا عن ابن مسعود رضى عنهما انه قال جردوا التسمية عند الذبح و لو قال ذلك لا تحرم الذبيحة لانه ما ذكر اسم الله عز شأنه على سبيل الاشراك لكنه يكره لتركه التجريد من حيث الصورة فان قيل أ ليس انه روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه و الآخر عن أمته فالجواب انه ليس فيه انه ذكر مع اسم الله تعالى جل شأنه نفسه عليه الصلاة و السلام أو أمته فيحتمل انه ضحى أحدهما و ذكر اسم الله تعالى و نوى بقلبه أن يكون عنه و ضحى الآخر و ذكر اسم الله تعالى و نوى بقلبه أن يكون عن أمته و هذا لا يوجب الكراهة و يكره له بعد الذبح قبل أن تبرد أن ينخعها أيضا و هو أن ينحرها حتى يبلغ النخاع و أن يسلخها قبل أن تبرد لان فيه زيادة إيلام لا حاجة إليها فان نخع أو سلخ قبل أن تبرد فلا بأس بأكلها لوجود الذبح بشرائطه و يكره جرها برجلها إلى المذبح لانه إلحاق زيادة ألم بها من حاجة إليها في الذكاة و روى عن ابن سيرين عن سيدنا عمر رضى الله عنهما أنه رأى رجلا يسوق شاة ليذبحها سوقا عنيفا فضربه بالدرة ثم قال له سقها إلى الموت سوقا جميلا لا أم لك و يكره أن يضجعها و يحد الشفرة بين يديها لما روى ان رسول الله صلى اله عليه و سلم رأى رجلا أضجع شاة و هو يحد الشفرة و هي تلاحظه فقال عليه الصلاة و السلام أ وددت أن تميتها موتات الا حددت الشفرة قبل أن تضجعها و روى عن سيدنا عمر رضى الله عنه انه رأى رجلا و قد أضجع شاة و وضع رجله على صفحة وجهها و هو يحد الشفرة فضربه

(61)

بالدرة فهرب الرجل و شردت الشاة و لان البهيمة تعرف الآلة الجارحة كما تعرف المهالك فتتحرز عنها فإذا أحد الشفرة و قد أضجعها يزداد ألمها و هذا كله لا تحرم به الذبيحة لان النهى عن ذلك ليس لمعنى في المنهي بل لما يلحق الحيوان من زيادة ألم لا حاجة اليه فكان النهى عنه لمعنى في المنهي و انه لا يوجب الفساد كالذبح بسكين مغصوب و الاصطياد بقوس مغصوب و نحو ذلك .

( فصل ) و أما بيان ما يحرم أكله من أجزاء الحيوان المأكول فالذي يحرم أكله منه سبعة الدم المسفوح و الذكر و الانثيان و القبل و الغدة و المثانة و المرارة لقوله عز شأنه و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث و هذه الاشياء السبعة مما تستخبثه الطباع السليمة فكانت محرمة و روى عن مجاهد رضى الله عنه أنه قال كره رسول الله صلى الله عليه و سلم من الشاة الذكر و الانثيين و القبل و الغدة و المرارة و المثانة و الدم فالمراد منه كراهة التحريم بدليل انه جمع بين الاشياء الستة و بين الدم في الكراهة و الدم المسفوح محرم و المروي عن أبى حنيفة رحمه الله انه قال الدم حرام و أكره الستة أطلق اسم الحرام على الدم المسفوح و سمى ما سواه مكروها لان الحرام المطلق ما ثبتت حرمته بدليل مقطوع به و حرمة الدم المسفوح قد ثبتت بدليل مقطوع به و هو النص المفسر من الكتاب العزيز قال الله تعالى عز شأنه قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما إلى قوله عز شأنه أو دما مسفوحا أو لحم خنزير و انعقاد الاجماع أيضا على حرمته فأما حرمة ما سواه من الاشياء الستة فما ثبتت بدليل مقطوع به بل بالاجتهاد أو بظاهر الكتاب العزيز المحتمل للتأويل أو الحديث لذلك فصل بينهما في الاسم فسمى ذلك حراما و ذا مكروها و الله عز اسمه أعلم .

( كتاب الاصطياد ) قد بينا في كتاب الذبائح و الصيود ما يؤكل من الحيوانات و ما يحرم أكله منها و ما يكره والان نبين في كتاب الاصطياد ما يباح اصطياده و ما لا يباح و من يباح له الاصطياد و من لا يباح له فقط أما الاول فيباح اصطياد ما في البحر و البر مما يحل أكله و ما لا يحل أكله أن ما يحل أكله يكون اصطياده للانتفاع بلحمه و ما لا يحل أكله يكون اصطياده للانتفاع بجلده و شعره و عظمه أو لدفع أذيته الا صيد الحرم فانه لا يباح اصطياده الا المؤذى منه لقوله عز شأنه أو لم يروا انا جعلنا حرما آمنا و قول النبي عليه الصلاة و السلام في صيد الحرم في حديث فيه طول و لا ينفر صيده و خص منه المؤذيات بقوله عليه الصلاة و السلام خمس من الفواسق يقتلن في الحل و الحرم و أما الثاني فيباح اصطياد ما في البحر للحلال و المحرم و لا يباح اصطياد ما في البر للمحرم خاصة لقوله تعالى احل لكم صيد البحر إلى قوله تعالى و حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما و الفصل بين صيد البر و البحر و غير ذلك من المسائل بيناه في كتاب الحج و الله عز شأنه الموفق ( كتاب التضحية ) يحتاج لمعرفة مسائل هذا الكتاب إلى بيان صفة التضحية انها واجبة أو لا و إلى بيان شرائط الوجوب لو كانت واجبة و إلى بيان وقت الوجوب و إلى بيان كيفية الوجوب و إلى بيان محل اقامة الواجب و إلى بيان شرائط جواز اقامة الواجب و إلى بيان ما يستحب أن يفعل قبل التضحية و عندها و بعدها و ما يكره كراهة تحريم أو تنزيه أما صفة التضحية فالتضحية نوعان واجب و تطوع و الواجب منها أنواع منها ما يجب على الغنى و الفقير و منها ما يجب على الفقير دون الغنى و منها ما يجب على الغنى دون الفقير أما الذي يجب على الغنى و الفقير فالمنذور به بأن قال لله على ان أضحى شاة أو بدنة أو هذه الشاة أو هذه البدنة أو قال جعلت هذه الشاة ضحية أو اضحية و هو غنى أو فقير لان هذه قربة لله تعالى عز شأنه من جنسها إيجاب و هو هدى المتعة و القران و الاحصار و فداء اسماعيل عليه الصلاة و السلام و قيل هذه القربة تلزم بالنذر كسائر القرب التي لله تعالى عز شأنه من جنسها إيجاب من الصلاة و نحوهما و الوجوب بسبب

(62)

النذر يستوى فيه الفقير و الغني و ان كان الواجب يتعلق بالمال كالنذر بالحج أنه يصح من الغنى و الفقير جميعا و أما الذي يجب على الفقير دون الغنى فالمشترى للاضحية إذا كان المشترى فقيرا بان اشترى فقير شاة ينوى أن يضحى بها و قال الشافعي رحمه الله لا تجب و هو قول الزعفراني من أصحابنا و ان كان غنيا لا يجب عليه بالشراء شيء بالاتفاق ( وجه ) قول الشافعي رحمه الله ان الايجاب من العبد يستدعى لفظا يدل على الوجوب و الشراء بنية الاضحية لا يدل على الوجوب فلا يكون إيجابا و لهذا لم يكن إيجابا من الغنى ( و لنا ) ان الشراء للاضحية ممن لا أضحية عليه يجرى مجرى الايجاب و هو النذر بالتضحية عرفا لانه إذا اشترى للاضحية مع فقره فالظاهر أنه يضحى فيصير كانه قال جعلت هذه الشاة أضحية بخلاف الغنى لان الاضحية واجبة عليه بإيجاب الشرع ابتداء فلا يكون شراؤه للاضحية إيجابا بل يكون قصد إلى تفريغ ما في ذمته و لو كان في ملك إنسان شاة فنوى أن يضحى بها أو اشترى شاة و لو ينو الاضحية وقت الشراء ثم نوى بعد ذلك أن يضحى بها لا يجب عليه سواء كان غنيا أو فقيرا لان النية لم تقارن الشراء فلا تعتبر ( و أما ) الذي يجب على الغنى دون الفقير فما يجب من نذر و لا شراء للاضحية بل شكرا لنعمة الحياة و احياء لميراث الخليل عليه الصلاة و السلام حين أمره الله تعالى عز اسمه بذبح الكبش في هذه الايام فداء عن ولده و مطية على الصراط و مغفرة للذنوب و تكفيرا للخطايا على ما نطقت بذلك الاحاديث و هذا قول أبى حنيفة و محمد و زفر و الحسن بن زياد واحدى الروايتين عن أبى يوسف رحمهم الله و روى عن أبى يوسف رحمه الله انها لا تجب و به أخذ الشافعي رحمه الله و حجة هذه الرواية ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال ثلاث كتبت على و لم تكتب عليكم الوتر و الضحى و الاضحى و روى ثلاث كتبت على و هي لكم سنة و ذكر عليه الصلاة و السلام الاضحية و السنة الواجب في العرف و روى ان سيدنا ابا بكر و سيدنا عمر رضى الله عنهما كانا لا يضحيان السنة و السنتين و روى عن أبى مسعود الانصاري رضى الله عنه أنه قال قد يروح على ألف شاة و الا أضحى بواحدة مخافة أن يعتقد جارى انها واجبة و لانها لو كانت واجبة لكان لا فرق فيها بين المقيم و المسافر لانهما لا يفترقان في الحقوق المتعلقة بالمال كالزكاة و صدقة الفطر ثم لا تجب على المسافر فلا تجب على المقيم ( و لنا ) قوله عز و جل فصل لربك و انحر قيل في التفسير صل صلاة العيد و انحر البدن بعدها و قيل صل الصبح بجمع و انحر بمنى و مطلق الامر للوجوب في حق العمل و متى وجب على النبي عليه الصلاة و السلام يجب على الامة لانه قدوة للامة فان قيل قد قيل في بعض وجوه التأويل لقوله عز شأنه و انحر أى ضع يديك على نحرك في الصلاة و قيل استقبل القبلة بنحرك في الصلاة فالجواب ان الحمل على الاول أولى لانه حمل اللفظ على فائدة جديدة و الحمل على الثاني حمل على التكرار لان وضع اليد على النحر من أفعال الصلاة عندكم يتعلق به كمال الصلاة و استقبال القبلة من شرائط الصلاة لا وجود للصلاة شرعا بدونه فيدخل تحت الامر بالصلاة فكان الامر بالصلاة أمرا به فحمل قوله عز شأنه و انحر عليه يكون تكرارا و الحمل على ما قلناه يكون حملا على فائدة جديدة فكان أولى و روى عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال ضحوا فانها سنة أبيكم إبراهيم عليه الصلاة و السلام أمر عليه الصلاة و السلام بالتضحية و الامر المطلق عن القرينة يقتضى الوجوب في حق العمل و روى عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال على أهل كل بيت في كل عام اضحاة و عتيرة و على كلمة إيجاب ثم نسخت العتيرة فثبتت الاضحاة و روى عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال من لم يضح فلا يقربن مصلانا و هذا خرج مخرج الوعيد على ترك الاضحية و لا وعيد الا بترك الواجب و قال عليه الصلاة و السلام من ذبح قبل الصلاة فليعد أضحيته و من لم يذبح فليذبح بسم الله أمر عليه الصلاة و السلام بذبح الاضحية و إعادتها إذا ذبحت قبل الصلاة و كل ذلك دليل الوجوب و لان اراقة الدم قربة و الوجوب هو القرية في القربات ( و أما ) الحديث فنقول بموجبه ان الاضحية ليست بمكتوبة علينا و لكنها واجبة و فرق ما بين الواجب و الفرض كفرق ما بين السماء و الارض على ما عرف في أصول الفقة و قول هى لكم سنة ان ثبت لا ينفى الوجوب اذ السنة تنبئ عن الطريقة أو السيرة و كل ذلك لا ينفى الوجوب ( و أما ) حديث سيدنا أبى


/ 46