و القياس ان لا يؤخذ البناء و الغرس و الزرع و الثمر بالشفعة ( وجه ) القياس ان الشفيع انما يتملك ما يثبت له فيه حق الشفعة و انه يثبت في العقار لا في المنقول و هذه الاشياء منقولة فلم يثبت فيها الحق فلا تتملك بالشفعة و خاصة الزرع و الثمر لانهما مبيعان و مقصود ان لا يدخلان في العقد من تسمية فلم يثبت الحق فيهما لا أصلا و لا تبعا و لنا ان الحق إذا ثبت في العقار يثبت فما هو تبع له لان حكم التبع حكم الاصل و هذه الاشياء تابعة للعقار حالة الاتصال أما البناء و الغرس فظاهر ان لان قيامهما بالارض و كذلك الزرع و الثمر لان قيام الزرع و قيام الثمر بالشجر و قيام الشجر بالارض فكان تبعا للارض بواسط الشجر فيثبت الحق فيهما تبعا فيملكهما بالشفعة بطريق التبعية الا انهما لا يدخلان في العقد الا بالتسمية مع وجود التبعية حقيقة بالنص و هو ما سنروى في كتاب البيوع عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع الا أن يشترطها المبتاع فما دام البناء و الشجر متصلا بالارض فللشفيع أن يأخذ الارض معه بالثمن الاول و كذا له أن يأخذ الارض مع الثمر و الزرع بالثمن الاول بقلا كان الزرع أو مستحصدا إذا كان متصلا فأما إذا زال الاتصال ثم حضر الشفيع فلا سبيل للشفيع عليه و ان كان عينه قائمة سواء كان الزوال بآفة سماوية أو بصنع المشترى أو الاجنبي لان حق الشفعة في هذه الاشياء انما ثبت معدولا به عن القياس مطلوبهم بالتبعية و قد زالت التبعية بزوال الاتصال فيرد الحكم فيه إلى أصل القياس و هل يسقط عن الشفيع حصته من الثمن هذا لا يخلو اما ان كان مما يدخل في العقد من تسمية و اما ان كان مما لا يدخل فيه الا بالتسمية فان كان مما يدخل في العقد من تسمية كالبناء و الشجر ينظر ان كان زوال الاتصال بآفة سماوية بأن احترق البناء أو غرق أو جف شجر البستان لا يسقط شيء من الثمن و الشفيع يأخذ الارض بجميع الثمن ان شاء اخذ و ان شاء ترك و كذلك لو انهدمت الدار سواء بقي عين النقض أو هلك كذا ذكر القدوري رحمه الله في مختصره و سوى بينه و بين الغرق و الحرق و فرق الكرخي رحمه الله فقال ان احترق أو غرق و لم يبق منه شيء لا يسقط شيء من الثمن و ان انهدم يسقط عن الشفيع حصته من الثمن و سوى بينه و بين ما إذا انهدم بفعل المشترى أو الاجنبي لكنه فرق بينهما من وجه آخر و هو ان هناك تعتبر قيمته متصلا فيقسم الثمن على قيمة البناء مبنيا و على قيمة الارض فيأخذ الارض بحصتها من الثمن و ههنا يعتبر منفصلا ساقطا و يسقط ذلك القدر من الثمن و الصحيح ما ذكره القدوري رحمه الله لان البناء تبع و الاتباع لا حصة لها من الثمن الا ان تصير مقصودة بالفعل و هو الاتلاف و القبض و لم يوجد و هذا لو احترق أو غرق لا يسقط شيء من الثمن كذا هذا و ان كان زوال الاتصال بفعل المشترى أو أجنبي بأن انهدم البناء أو قطع الشجر تسقط حصته من الثمن لانه صار مقصودا بالاتلاف فصار له حصة من الثمن كأطراف العبد و يقسم الثمن على البناء مبنيا و على قيمة الارض لانه انما يسقط حصة البناء فصار مضمونا عليه بفعله و هو الهدم و الهدم صادفه و هو مبنى فتعتبر قيمته مبنيا بخلاف ما إذا انهدم بنفسه على رواية الكرخي رحمه الله لانه انهدم لا بصنع احد فيعتبر حاله يوم الانهدام و لو لم يهدم المشترى البناء لكنه باعه بغير أرض ثم حضر الشفيع كان احق بالبناء و الارض فيأخذ و ينتقض البيع في البناء لانه باع البناء و حق الشفيع متعلق به تبعا للارض لوجود الاتصال فكان سبيل من إبطال البيع كما لو باع الاصل و هو الارض ثم حضر الشفيع ان له أن يأخذ و ينتقض البيع كما قلنا كذا هذا و ان كان مما لا يدخل في العقد الا بالتسمية كالثمر و الزرع يسقط عن الشفيع حصته من الثمن سواء كان زوال الاتصال بصنع العبد أو بآفة سماوية بخلاف الفصل الاول إذا احترق البناء أو غرق أو انهدم على رواية القدوري رحمه الله انه لا يسقط شيء من الثمن لان البناء مبيع تبعا لا مقصودا لثبوت حكم البيع فيها تبعا لا مقصودا بالتسمية و الاتباع ما لها حصة من الثمن الا إذا صارت مقصودة بالفعل و لم يوجد فأما الثمر و الزرع فكل واحد منهما مبيع مقصصود ألا يرى انه لا يدخل في العقد من تسمية فلا بد و ان يخصه شيء من الثمن فان هلك يهلك بحصته من الثمن سواء هلك بنفسه أو بالاستهلاك لما قلنا و تعتبر قيمته يوم العقد لانه أخذ الحصة بالعقد فتعتبر قيمته يوم العقد فيقسم الثمن على قيمة
(29)
الارض و على قيمة الزرع وقت العقد لكنه كيف تعتبر قيمتها يوم العقد مفصولا مجذوذا أم قائما روى عن أبي يوسف انه تعتبر قيمة الزرع و هو بقل مفصول و مجذوذ فيسقط عنه ذلك القدر و روى عن محمد في النوادر أنه يعتبر قيمته قائما فتقوم الارض و فيها الزرع و الثمر و تقوم و ليس فيها الزرع و الثمر فيسقط عن الشفيع ما بين ذلك ( وجه ) قول محمد ان الزرع دخل في العقد و هو متصل و يثبت الحق فيه و هو منفصل و كذا الثمر فتعتبر قيمتها على صفة الاتصال على أن في اعتبار حالة الانفصال اضرارا بالشفيع اذ ليس للمفصول و الثمر المجذوذ كثير قيمة فيتضرر به الشفيع ( وجه ) قول أبى يوسف ان حق الشفيع انما سقط بعد زوال الاتصال فتعتبر قيمتها منفصلا لا متصلا و كذا لو كانت الارض مبذورة و لم يطلع الزرع بعد ثم طلع فقصله المشترى عند أبى يوسف يقسم الثمن على قيمة البذر و على قيمة الارض فيسقط قدر قيمة البذر عن الثمن و عند محمد تقوم الارض مبذورة و غير مبذورة فيسقط عنه ما بين ذلك إذا آجر الشفيع الارض مع الشجر بحصتها من الثمن و بقيت الثمرة في يد البائع هل يثبت الخيار للمشتري ذكر محمد ان الثمرة لازمة للمشتري و لا خيار له و لو كان البائع أتلف الثمرة قبل أن يأخذ الشفيع الارض بالشفعة فالمشترى بالخيار ان شاء اخذ الارض بحصتها من الثمن و ان شاء ترك لانه لما أتلف الثمرة فقد فرق الصفقة على المشترى قبل التمام من رضاه و انه يوجب الخيار بخلاف ما إذا كان الشفيع اخذ الارض بالشفعة لان التفريق هناك حصل برضا المشترى لان حق الشفيع كان ثابتا في المأخوذ و انه حق لازم فكان التفريق هناك لضرورة حق ثابت لازم شرعا فكان المشترى راضيا به و التفريق المرضي به لا يوجب الخيار و الله سبحانه و تعالى أعلم هذا إذا كانت هذه الاشياء موجودة عند العقد متصلة بالعقار و دام الاتصال إلى وقت التملك بالشفعة أو زال ثم حضر الشفيع فاما إذا لم تكن موجودة عند العقد و وجدت بعده ثم حضر الشفيع فان كان الحادث مما يثبت حكم البيع فيه تبعا و هو الثمر بأن وقع البيع و لا ثمر في الشجر ثم أثمر بعده ثم حضر الشفيع فما دام متصلا يأخذه الشفيع مع الارض بالثمن الاول استحسانا لانه ثبت حكم البيع فيه تبعا لثبوته في الارض بواسطة الشجر فكان مبيعا تبعا فيثبت حق الشفعة تبعا سواء حدث في يد المشترى أو في يد البائع لان الشفعة موجودة في الحالين فان زال الاتصال فحضر الشفيع فان كان حدث في يد المشترى فالشفيع يأخذ الارض و الشجر بالثمن الاول ان شاء و ان شاء ترك و لا يسقط شيء من الثمن و سواء كان زواله با آفة سماوية و هو قائم بعد الزوال أو هالك أو كان زواله بفعل أحد أما إذا كان بآفة سماوية و هو قائم أو هالك لانه كان تبعا حالة الاتصال و لم يرد عليه فعل يصير به مقصودا و التبع لا يصير له حصة من الثمن بدونه و اما إذا كان الزوال بصنع العبد بان جده المشترى و هو قائم أو هالك فلانه لم يرد عليه العقد و لا القبض و ان كان حدث في يد البائع فان كان الزوال بآفة سماوية و هو قائم أو هالك فكذلك أخذ الشفيع الارض و الشجر بجميع الثمن ان شاء لانه لم يوجد فعل يصير به مقصودا فيقابله الثمن و ان كان بفعل البائع بأن استهلكه يسقط عن الشفيع حصته من الثمن لصيرورته مقصودا بالاتلاف و ان كان الحادث مما لم يثبت فيه حكم البيع رأسا لا أصلا و لا تبعا بأن بني المشترى بناء أو غرس أو زرع ثم حضر الشفيع يقضى له بشفعة الارض و يجبر المشترى على قلع البناء و الغرس و تسليم الساحة إلى الشفيع الا إذا كان في القلع نقصان الارض فللشفيع الخيار ان شاء اخذ الارض بالثمن و البناء و الغرس بقيمته مقلوعا و ان شاء أجبر المشترى على القلع و هذا جواب ظاهر الرواية و روى عن أبى يوسف انه لا يجبر المشترى على قلع البناء و الغرس و لكنه يأخذ الارض بثمنها و البناء و الغرس بقيمته قائما مقلوع ان شاء و ان شاء ترك و به أخذ الشافعي رضى الله عنه و اجمعوا على ان المشترى لو زوع في الارض ثم حضر الشفيع انه لا يجبر المشترى على قلعه و لكنه ينتظر إدراك الزرع ثم يقضى له بالشفعة فيأخذ الارض بجميع الثمن ( وجه ) رواية أبى يوسف رحمه الله ان في الجبر على النقض ضررا بالمشتري و هو إبطال تصرفه في ملكه و فيما قلنا مراعاة الجانبين ( أما ) جانب المشترى فظاهر لان فيه صيانة حقه عن الابطال ( و أما ) جانب الشفيع فلانه يأخذ البناء بقيمته و أخذ الشيء بقيمته لا ضرر فيه على أحد ( وجه ) ظاهر
(30)
الرواية ان حق الشفيع كان متعلقا بالارض قبل البناء و لم يبطل ذلك بالبناء بل بقي فإذا قضى له بالشفعة فقد صار ذلك الحق ملكا له فيؤمر بتسليم ملكه اليه و لا يمكنه التسليم الا بالنقض فيؤمر بالنقض و لهذا أمر الغاصب و المشترى عند الاستحقاق بالنقض كذا هذا قوله في النقض ضرر بالمشتري قلنا ان كان فيه ضرر به فهو الذي أضر بنفسه حيث بني على محل تعلق به حق غيره و لو اخذ الشفيع الارض بالشفعة و بني عليها ثم استحقت و امر الشفيع بنقض البناء فان الشفيع يرجع على المشترى بالثمن و لا يرجع عليه بقيمة البناء ان كان اخذ منه و لا على البائع أيضا ان كان اخذ منه في ظاهر الرواية و روى عن أبى يوسف رحمه الله انه يرجع عليه ( وجه ) هذه الرواية ان الاخذ بالشفعة بمنزلة الشراء من المشترى و لو كان اشتراه لرجع عليه كذا إذا اخذه بالشفعة له الرجوع بقيمة البناء في الشراء لوجود الغرور من البائع و ضمان السلامة للمشتري لان كل بائع مخير للمشتري انه يبيع ملك نفسه و شارط سلامة ما يبنى فيه دلالة فإذا لم يسلم يدفع بحكم الضمان المشروط دلالة اذ ضمان الغرور ضمان الكفالة في الحقيقة و لا غرور من المشترى في حق الشفيع لانه مجبور على التملك منه و حق الرجوع بضمان الغرور على المختار لا على المجبور كالجارية المأسورة إذا اشتراها رجل فأخذها المالك القديم بالثمن و استولدها ثم استحقت من يده و قضى عليه بالعقر و قيمة الولد فانه يرجع على المشترى بالثمن الذي دفعه اليه و لا يرجع عليه بقيمة الولد و مثله إذا استولد جارية بالشراء ثم استحقت فان المشترى يرجع على بائعه بالثمن و بقيمة الولد لصيرورته مغرورا من جهته و لا غرور من المشترى من الحربي لكونه مجبورا في التملك عليه بما اخذه من الحربي كذا هذا و الله سبحانه و تعالى أعلم .( فصل ) و أما بيان من يتملك منه الشص المشفوع فيه فالشفيع يتملك من الذي في يده ان كان في يد البائع اخذه منه و نقده الثمن و العهدة عليه و ان كان في يد المشترى اخذه و دفع الثمن اليه و العهدة عليه سواء كان المشترى عاقدا لنفسه أو لغيره بان كان وكيلا بالشراء و قبض الدار ثم حضر الشفيع و هذا جواب ظاهر الرواية و روى عن ابى يوسف رحمه الله انه لا يأخذها من يد الوكيل ( وجه ) هذه الرواية ان الوكيل لم يشتر لنفسه و انما اشترى لموكله فلم يكن هو خصما بل الخصم الموكل فلا يأخذ منه و لكن يقال له سلم الدار إلى الموكل فإذا سلم يأخذها الشفيع منه ( وجه ) ظاهر الرواية ان الشفعة من حقوق العقد و انها راجعة إلى الوكيل و الوكيل في الحقوق أصل بمنزلة المشترى لنفسه فكان خصم الشفيع فيأخذ الدار منه بالثمن و كانت العهدة عليه و ان كان الوكيل سلم الدار إلى الموكل ثم حضر الشفيع فانه يأخذ الدار من الموكل و يدفع الثمن اليه و كانت العهدة عليه و لا خصوصة للشفيع مع الوكيل لانه بالتسليم إلى الموكل زالت يده عن الدار فخرج من أن يكون خصما بمنزلة البائع إذا سلم الدار إلى المشترى انه لا خصوصة للشفيع مع البائع لما قلنا كذا هذا ان الدار إذا كانت في يد البائع لم يكن خصما ما لم يحضر المشترى و إذا كانت في يد الوكيل يكون خصما و ان لم يحضر الموكل لان الوكيل بالتوكيل قام مقام الموكل و البائع ليس بقائم مقام المشترى لانعدام ما يوجب ذلك و لو قال المشترى قبل أن يخاصمه الشفيع في الشفعة انما اشتريت لفلان و سلم اليه ثم حضر الشفيع فلا خصومة بينه و بين المشترى لانه أقر قبل أن يكون خصما للشفيع فصح إقراره لانعدام التهمة فصار كما لو كانت الوكالة معلومة و لو اقر بذلك بعد ما خاصمه الشفيع لم تسقط الخصومة عنه لانه متهم في هذا الاقرار لصيرورته خصما للشفيع فلا يقبل في إبطال حقه و لو أقام بينة أنه قال قبل الشراء انما اشترى لفلان لم تقبل بينته لان هذه البينة لو صدقت لم تدفع الخصومة عنه لانه لا يثبت بها الا الشراء لفلان و بهذا الا تندفع عنه الخصوصة و روى عن محمد انها لا تقبل لاثبات الملك للغائب و تقبل لدفع الخصومة بينه و بين الشفيع حتى يحضر المقر له .( فصل ) و أما بيان حكم اختلاف الشفيع و المتشرى فاختلافهما لا يخلو اما ان يرجع إلى الثمن و اما ان يرجع إلى المبيع و اما أن يرجع إلى صفة المبيع أما الذي يرجع إلى الثمن فلا يخلو اما أن يقع الاختلاف في جنس الثمن و اما ان يقع في قدره و أما يقع في صفته و ان وقع في الجنس بأن قال المشترى اشتريت بمائة دينار و قال الشفيع لا بل
(31)
بألف درهم فالقول قال المشترى لان الشفيع يدعى عليه التملك بهذا الجنس و هو ينكر فكان القول قول المنكر مع يمينه و لان المشترى أعرف بجنس الثمن من الشفيع لان الشراء وجد منه لا من الشفيع فكان أعرف به من الشفيع فيرجع في معرفة الجنس اليه و ان وقع الاختلاف في قدر الثمن بأن قال المشترى اشتريت بألفين و قال الشفيع بألف فالقول قول المشترى مع يمينه و على الشفيع البينة انه اشتراه بألف لان الشفيع يدعى التملك على المشترى بهذا القدر من الثمن و المشترى ينكر فكان القول قول المنكر و لو صدق البائع الشفيع بان قال بعت بألف ينظر في ذلك ان كان البائع ما قبض الثمن فالقول قول البائع و الشفيع يأخذ بالالف سواء كان المبيع في يد البائع أو في يد المشترى إذا لم يكن نقد الثمن لان البائع إذا لم يكن قبض الثمن فالتملك يقع عليه بتمليكه فيرجع في مقدار ما ملك به إلى قوله و لان الشراء لو وقع بألف كما قاله البائع اخذ الشفيع به و ان وقع بألفين كما قاله المشترى كان قول البائع بعت بألف حط بعض الثمن عن المشترى و حط بعض الثمن يصح و يظهر في حق الشفيع على ما مر و ان كان البائع قبض الثمن لا يلتفت إلى تصديقه و القول قول المشترى لانه إذا قبض الثمن لم يبق له حق في المبيع أصلا و صار أجنبيا فالتحق تصديقه بالعدم و قيل انه يراعى التقديم و التأخير في تصديق البائع فان بدأ بالاقرار بالبيع بأن قال بعت الدار بألف و قبضت الثمن فالشفيع يأخذها بألف و ان بدأ بالاقرار بقبض الثمن بأن قال قبضت الثمن و هو الالف لا يلتفت إلى قوله لانه لما بدأ بالاقرار بالبيع فقال بعت بألف فقد تعلق به حق الشفعة فهو بقوله قبضت الثمن يريد إسقاط حق متعلق بقوله فلا يصدق و إذا بدأ بالاقرار بقبض الثمن فقد صار أجنبيا فلا يقبل قوله في مقدار الثمن و روى الحسن عن أبى حنيفة رضى الله عنهما ان المبيع إذا كان في يد البائع فأقر بقبض الثمن و زعم انه ألف فالقول قوله لان المبيع إذا كان في يد البائع فالتملك يقع عليه فكان القول قوله في مقدار الثمن و لو اختلف البائع مع المشترى و الشفيع و الدار في يد البائع أو المشترى لكنه لم ينقد الثمن فالقول في ذلك قول البائع و البائع مع المشترى يتحالفان و يترادان و الشفيع يأخذ الدار بما قال البائع ان شاء اما التحالف و التراد فيما بين البائع و المشترى فلقوله عليه الصلاة و السلام إذا اختلف المتبايعان تحالفا و ترادا و أما أخد الشفيع بقول البائع ان شاء فلانه إذا لم يقبض الثمن فالتملك يقع عليه فكان القول في مقدار الثمن في حق الشفيع قوله و ان كان البائع قد قبض الثمن فلا يلتفت إلى قوله لانه صار أجنبيا على ما بينا هذا إذا لم يكن لاحدهما بينة لا للشفيع و لا للمشتري فان قامت لاحدهما بينة قبلت بينته و ان أقاما جميعا البينة فالبينة بينة الشفيع عند أبى حنيفة و محمد و عند أبى يوسف البينة بينة المشترى ( وجه ) قوله ان بينة المشترى تظهر زيادة فكانت أولى بالقبول كما إذا اختلف البائع و المشترى في مقدار الثمن فقال البائع بعت بالفين و قال المشترى بألف و أقاما جميعا البينة فالبينة بينة البائع لما قلنا و الجامع بينهما من وجهين أحدهما ان الزيادة التي تظهرها احدى البينتين لا معارض لها فتقبل في قدر الزيادة لخلوها عن المعارض و لا يمكن الا بالقبول في الكل فتقبل في الكل ضرورة و الثاني ان البينة المظهرة للزيادة مثبتة و الاخرى نافية و المثبت يترجح على النافي و لابي حنيفة رضى الله عنه طريقتان أحدهما ذكرها أبو يوسف لابى حنيفة و لم يأخذ بها و الثانية ذكرها محمد و أخذ بها أما الاولى فهي ان البينة جعلت حجة للمدعى قال النبي عليه الصلاة و السلام البينة على المدعى و المدعى ههنا هو الشفيع لانه مجبور على الخصومة في الشفعة بل إذا تركها ترك و المشترى مجبور على التملك عليه بحيث لو ترك الخصومة لا يترك فكان المدعى منهما هو الشفيع فكانت البينة حجته و أما الثانية فهي ان البينة حجة من حجج الشرع فيجب العمل بها ما أمكن و ههنا أمكن العمل بالبينتين في حق الشفيع بأن يجعل كانه وجد عقدان أحدها بألف و الاخر بألفين لان البيع الثاني لا يوجب انفساخ البيع الاول في حق الشفيع و ان كان يوجب ذلك في حق العاقدين الا ترى انه لو باع بألف ثم باع بالفين ثم حضر الشفيع كان له أن يأخذ الدار بألف دل ان البيعين قائما في حق الشفيع و ان الفسخ الاول في حقهما فأمكن تقدير عقدين بخلاف ما إذا اختلف البائع و المشترى في مقدار الثمن و أقاما البينة أن البينة بينة البائع أما على الطريق الاولى فلان البائع هناك هو
(32)
المدعى فكانت البينة حجته الا ترى انه لا يجبر على الخصومة و المشترى مجبور عليها و ههنا بخلافه على ما بينا و أما على الطريق الثانية فلان تقدير عقدين هنا متعذر لان البيع الثاني يوجب انفساخ الاول في حق العاقدين فكان العقد واحدا و الترجيح بجانب البائع لانفراد بينته بإظهار فضل فكانت أولى بالقبول الله سبحانه و تعالى أعلم و لو اشترى دارا بعرض و لم يتقابضا حتى هلك العرض و انتقض البيع فيما بين البائع و المشترى أو كان المشترى قبض الدار و لم يسلم العرض حتى هلك و انتقض البيع فيما بينهما و بقى للشفيع حق الشفعة بقيمة العرض على ما بينا فيما تقدم ثم اختلف الشفيع و البائع في قيمة العرض فالقول قول البائع مع يمينه لان الشفيع يدعى عليه التملك بهذا القدر من الثمن و هو ينكر فان أقام أحدهما بينة قبلت بينته و ان أقاما جميعا البينة فالقول قول البائع عند ابى يوسف و محمد و هو قول أبى حنيفة على قياس العلة التي ذكرها محمد لابى حنيفة رحمه الله في تلك المسألة أما عند أبى حنيفة فظاهر لان بينة البائع انفردت بإثبات زيادة و كذلك عند محمد على قياس ما ذكره لابى حنيفة في تلك المسألة و أخذ به لان تقدير عقدين ههنا ممكن لان العقد وقع على عرض بعينه و انما اختلفا في قيمة ما وقع عليه العقد فكان العقد واحدا فلا يمكن العمل بالبينتين فيعمل بالراجح منهما و هو بينة البائع لانفرادها بإظهار الفضل و كذلك عند ابى حنيفة على قياس ما علل له محمد و اما على قياس ما علل له أبو يوسف فينبغي أن تكون البينة بينة الشفيع لانه هو المدعى و هكذا ذكر الطحاوي رحمه الله و الله سبحانه و تعالى أعلم و لو هدم المشترى بناء الدار حتى سقط عن الشفيع قدر قيمته من الثمن ثم اختلفا في قيمة البناء فهذا لا يخلو ( أما ) ان اختلفا في قيمة البناء و اتفقا على قيمة الساحة و اما ان اختلفا في قيمة البناء و الساحة جميعا فان اختلفا في قيمة البناء لا فالقول قول المشترى مع يمينه لان الشفيع يدعى على المشترى زيادة في السقوط و هو ينكر و ان اختلفا في قيمة البناء و الساحة جميعا فان الساحة تقوم الساعة و القول في قيمة البناء قول المشترى ( أما ) تقوم الساحة الساعة فلانه يمكن معرفة قيمتها للحال فيستدل بالحال على الماضي و لا يمكن تحكيم الحال في البناء لانه تغير عن حاله و القول قول المشترى لما قلنا فان قامت لاحدهما بينة قبلت بينته و ان أقاما جميعا البينة قال أبو يوسف البينة بينة الشفيع على قياس قول أبى حنيفة رحمه الله و قال محمد البينة بينة المشترى على قياس قول أبى حنيفة و قال أبو يوسف من تلقاء نفسه البينة بينة المشترى لانها تظهر زيادة و انما اختلفا في القياس على قول ابى حنيفة لاختلاف الطريقين اللذين ذكرناهما له في تلك المسألة فطريق أبى يوسف ان الشفيع هو المدعى و البينة حجة المدعى و هذا موجود ههنا و طريق محمد رحمه الله العمل بالبينتين بتقدير عقدين و هذا التقدير منعدم هنا فيعمل بإحدى البينتين و هي بينة المشترى لانفرادها بإظهار زيادة و الله سبحانه و تعالى أعلم و ان اختلفا في صفة الثمن بأن قال المشترى اشتريت بثمن معجل و قال الشفيع لا بل اشتريته بثمن مؤجل فالقول قول المشترى لان الحلول في الثمن أصل و الاجل عارض فالمشترى بتمسك بالاصل فيكون القول قوله و لان العاقد أعرف بصفة الثمن من غيره و لان الاجل يثبت بالشرط فالشفيع يدعى عليه شرط التأجيل و هو ينكر فكان القول قوله ( و أما ) الذي يرجع إلى المبيع فهو ان يختلفا فيما وقع عليه البيع انه وقع عليه بصفقة واحدة ام بصفقتين نحو ما إذا اشترى دارا فقال المشترى اشتريت العرصة على حدة بألف و البناء بألف و قال الشفيع لا بل اشتريتهما جميعا بألفين و الدار لي ببنيانها فالقول قول الشفيع لان افراد كل واحد منهما بالصفقة حالة الاتصال ليس بمعتاد بل العادة بيعهما صفقة واحدة فكان الظاهر شاهدا للشفيع فكان القول قوله و لان سبب وجوب الشفعة في العرصة يقتضى الوجوب في البناء تبعا له حالة الاتصال و شرط الوجوب هو الشراء و قد أقر المشترى بالشراء الا انه يدعى زيادة أمر و هو تفريق الصفقة فلا يصدق الا بتصديق الشفيع أو ببينة و لم توجد و أيهما أقام البينة قبلت بينته و ان أقاما جميعا البينة و لم يؤقتا وقتا فالبينة بينة المشترى عند أبى يوسف و عند محمد البينة بينة الشفيع ( وجه ) قول محمد ان بينة الشفيع أكثر إثباتا لانها تثبت زيادة استحقاق و هو استحقاق البناء فكانت أولى بالقبول و لان العمل بالبينتين ههنا ممكن بأن يجعل كانه باعهما بصفقتين ثم باعهما
(33)
بصفقة واحدة فكان للشفيع أن يأخذها بأيهما شاء ( وجه ) قول أبى يوسف ان بينة المشترى أكثر إثباتا لانها تثبت زيادة صفقة فكانت أولى بالقبول فأبو يوسف نظر إلى زيادة الصفقة و محمد نظر إلى زيادة الاستحقاق و قال أبو يوسف إذا ادعى المشترى انه أحدث البناء في الدار و قال الشفيع لا بل اشتريتها و البناء فيها ان القول قول المشترى لانه لم يوجد من المشترى الاقرار بشراء البناء و الشفيع يدعى عليه استحقاق البناء و هو ينكر و لو اشترى دارين و لهما شفيع ملاصق فقال المشترى اشتريت واحدة بعد واحدة و انا شريكك في الثانية و قال الشفيع لا بل اشتريتهما صفقة واحدة ولي الشفعة فيهما جميعا فالقول قول الشفيع لان سبب الاستحقاق ثابت فيهما جميعا و هو الجوار على سبيل الملاصقة و قد اقر المشترى بشرط الاستحقاق و هو شراؤهما الا انه بدعوى تفريق الصفقة يدعى البطلان بعد وجود السبب و شرطه من حيث الظاهر فلا يصدق الا ببينة و أيهما أقام بينة قبلت بينته و ان أقاما جميعا البينة فهو على الاختلاف الذي ذكرنا بين أبى يوسف و محمد رحمهما الله و لو قال المشترى وهب لي هذا البيت مع طريقه من هذه الدار ثم اشتريت بقيتها و قال الشفيع لا بل اشتريت الكل فللشفيع الشفعة فيما أقر انه اشترى و لا شفعة له فيما ادعى من الهبة لانه وجد سبب الاستحقاق و هو الجوار و وجد شرطه و هو الشراء بإقراره فهو بدعوى الهبة يريد بطلان حق الشفيع فلا يصدق و للشفيع الشفعة فيما اقر بشرائه و لا شفعة له في الموهوب لانه لم يوجد من المشترى الاقرار بشرط الاستحقاق على الموهوب و أيهما أقام البينة قبلت بينته و ان أقاما جميعا البينة فالبينة بينة المشترى عند أبى يوسف رحمه الله لانها تثبت زيادة الهبة و ينبغي أن تكون البينة بينة الشفيع عند محمد رحمه الله لانها تثبت زيادة الاستحقاق و روى عن محمد فيمن اشترى دارا و طلب الشفيع الشفعة فقال المشترى اشتريت نصفا ثم نصفا فلك النصف الاول و قال الشفيع لا بل اشتريت الكل صفقة واحدة ولي الكل فالقول قول الشفيع لان سبب ثبوت الحق في الكل كان موجودا و قد أقر بشرط الثبوت و هو الشراء و لكنه يدعى امرا زائدا و هو تفريق الصفقة فلا يقبل ذلك منه الا ببينة فان قال المشترى اشتريب ربعا ثم ثلاثة أرباع فلك الربع فقال الشفيع لا بل اشتريت ثلاثة أرباع ثم ربعا فالقول قول الشفيع لان السبب كان موجودا و قد أقر المشترى بشراء ثلاثة أرباع الا انه يدعى أمرا زائدا و هو سبق الشراء في الربع فلا يثبت الا ببينة فان قال المشترى اشتريت صفقة واحدة و قال الشفيع اشتريت نصفا ثم نصفا فأنا آخذ النصف فالقول قول المشترى يأخذ الشفيع الكل أو يدع لان الشفيع يريد تفريق الصفة و فيه ضرر الشركة فلا يقبل قوله الا ببينة و الله سبحانه و تعالى أعلم و أما الذي يرجع إلى صفة البيع فهو أن يختلفا في البتات و الخيار أو في الصحة و الفساد بأن اشترى دارا بألف درهم و تقابضا فأراد الشفيع اخذها بالشفعة فقال البائع و المشترى البيع كان بخيار البائع و لم يمض فلا شفعة لك و أنكر الشفيع الخيار فالقول قول البائع و المشترى و على الشفيع البينة ان البيع كان باتا عند ابى حنيفة و محمد رحمهما الله و هو احدى الروايتين عن ابى يوسف رحمه الله و روى عن ابى يوسف رواية اخرى ان القول قول الشفيع ( وجه ) هذه الرواية ان الظاهر شاهد للشفيع لان البتات أصل في البيع و الخيار فيه عارض فكان القول قول من يتمسك بالاصل ( وجه ) ظاهر الرواية ان الشفيع يدعى ثبوت حق الشفعة و هما ينكران ذلك بقولهما كان فيه خيار لان حق الشفعة لا يجب في بيع فيه خيار فكان القول قول المنكر و لان البيع يقوم بالعاقدين فكانا أعرف بصفقته من الشفيع و الرجوع في كل باب إلى من هو أعرف به و لهذا لو تصادقا على ان الثمن كان دنانير و الشفيع يدعى انه كان دراهم كان القول قولهما كذا هذا و لو كان البائع غائبا و الدار في يد المشترى فأراد الشفيع أن يأخذ منه فقال المشترى كان للبائع فيه خيار و كذبه الشفيع فالقول قول المشترى أيضا لما ذكرنا من المعنين و ان اختلف العاقدان فيما بينهما فادعى البائع الخيار و قال المشترى لم يكن فيه خيار كان القول قول المشترى و يأخذ الشفيع الدار في الرواية المشهورة و روى عن أبى يوسف ان القول قول البائع ( وجه ) هذه الرواية ان البائع بدعوى الخيار منكر للبيع حقيقة لان البيع بشرط الخيار منعقد في حق الحكم و خيار البائع يمنع زوال المبيع
(34)
عن ملكه و المشترى و الشفيع يدعيان الزوال عن ملكه فكان القول قول البائع كما لو وقع الاختلاف بينهم في أصل العقد ( وجه ) ظاهر الرواية ان الخيار لا يثبت الا باشتراطهما فالبائع بدعوى الخيار يدعى الاشتراط على المشترى و هو ينكر فكان القول قوله كما لو ادعى المشترى الشراء بثمن مؤجل و ادعى البائع التعجيل فالقول قول البائع لما ان التأجيل لا يثبت الا بشرط يوجد من البائع و هو منكر للشرط فكان القول قوله كذا هذا بخلاف ما لو أنكر البائع البيع و المشترى يدعيه ان القول قول البائع لان أنكر زوال ملكه و لم يدع على المشترى فعلا فكان القول قوله و لو أراد الشفيع ان يأخذ الدار المشتراة بالشفعة فقال البائع و المشترى كان البيع فاسدا فلا شفعة لك و قال الشفيع كان جائزا ولي الشفعة فهو على اختلافهم في شرط الخيار للبائع في قول أبى حنيفة و محمد واحدى الروايتين عن ابى يوسف القول قول العاقدين و لا شفعة للشفيع و فى رواية عن أبى يوسف القول قول الشفيع و له الشفعة فأبو يوسف يعتبر الاختلاف بينهم في الصحة و الفساد باختلاف المتعاقدين فيما بينهما لو اختلفا فيما بينهما في الصحة و الفساد كان القول قول من يدعى الصحة كذا هذا و الجامع ان الصحة أصل في العقد و الفساد عارض و هما يعتبران اختلافهم في هذا باختلافهم في البتات و الخيار للبائع و الجامع ان الشفيع بدعوى البتات و الصحة يدعى عليهما حق التمليك و هما بدعوى الخيار و الفساد ينكران ذلك فكان القول قولهما و كذا هما أعرف بصفة العقد الواقع منهما لقيامه بهما فكان القول في ذلك قولهما و الله سبحانه و تعالى أعلم .( فصل ) و أما بيان الحيلة في إسقاط الشفعة فقد ذكروا لاسقاط الشفعة حيلا بعضها يعم الشفعاء كلهم و بعضها يخص البعض دون البعض اما الذي يعم كل الشفاء فنحو ان يشترى الدار بأكثر من قيمتها بان كانت قيمتها الفا فيشتريها بألفين و ينقد من الثمن ألفا الا عشرة ثم يبيع المشترى من البائع عرضا قيمته عشرة بألف درهم و عشرة فتحصل الدار للمشتري بألف لا يأخذها الشفيع الا بالفين و هذه الحيلة ليست بمسقطة للشفعة شرعا لكنها مانعة من الاخذ بالشفعة عادة الا ترى أن للشفيع أن يأخذها بالفين و يلتزم الضرر ( و أما ) الذي يخص بعض الشفعاء دون بعض فأنواع منها أن يبيع دارا الا ذراعا منها في طول الحد الذي يلى دار الشفيع فالشفيع لا يستحق الشفعة اما في قدر الذراع فلانعدام الشرط و هو البيع و أما فيما وراء ذلك فلانعدام السبب و هو الجوار و منها ان يهب البائع الحائط الذي بينه و بين الجار مع اصله للمشتري مقسوما و يسلمه اليه أو يهب له من الارض قدر ذراع من الجانب الذي يلى دار الشفيع و يسلمه اليه ثم يبيع منه البقية بالثمن فلا شفعة للجار لا في الموهوب و لا في المبيع ( اما ) في الموهوب فلانعدام شرط وجوب الشفعة و هو البيع و أما في المبيع فلانعدام سبب الوجوب و هو الجوار و منها ان يبيع الدار نصفين فيبيع الحائط بأصله أولا بثمن كثير ثم يبيع بقية الدار بثمن قليل فلا شفعة للشفيع شرعا فيما وراء الحائط لانعدام السبب و هو الجوار و لا يأخذ الحائط عادة لكثرة الثمن و منها يبيع الدار و الارض في صفقتين فيبيع من الدار بناها و من الارض أشجارها أولا بثمن قليل ثم يبيع الارض بثمن كثير فلا شفعة للشفيع في البناء و الشجر شرعا لانفرادهما بالصفقة و لا يأخذ الارض بذلك الثمن عادة ليضمن تكثير الثمن و منها أن يبيع الدار نصفين فيبيع عشرا منها بثمن كثير ثم يبيع البقية بثمن قليل فلا يأخذ الشفيع العشر بثمنه عادة لما فيه من الضرر و لا شفعة له في تسعة أعشارها شرعا لانه حين اشترى البقية كان شريك البائع بالعشر و الشريك في البقعة مقدم على الجار و الخليط و هذا النوع من الحيلة لا يصلح للشريك لان الشفيع إذا كان شريكا له أن يأخذ نصف البقعة بقليل الثمن أيضا و لو كانت الدار لصغير فلا تباع بقية الدار بقليل الثمن لانه لا يجوز اذ هو بيع مال الصغير بأقل من قيمته مقدار ما يتغابن الناس في مثله عادة و الولي لا يملك ذلك فالسبيل فيه ان تباع بقية الدار بثمن مثله ( و منها ) ما ذكره الخصاف رحمه الله أن يقر البائع بسهم من الدار للمشتري ثم يبيع بقية الدار منه فلا يستحق الشفيع الشفعة أما في القدر المقر به فلانعدام شرط الاستحقاق و هو البيع و أما فيما و رواء ذلك فلان المشترى صار شريك البائع في ذلك السهم و الشريك في البقعة مقدم على الجار و الخليط و من