أيضا لانه يصير كانه باعها من الوارث ابتداء لتحول ملك الصفقة اليه أو لتقدير صفقة اخرى مع الوارث و ذلك فاسد عنده و عندهما تجب الشفعة للوارث لان العقد جائز هذا إذا باع بمثل القيمة فأما إذا باع و حابى بأن باعها بألفين و قيمتها ثلاثة آلاف فان باعها من الوارث و شفيعها أجنبي فلا شك انه لا شفعة عند ابى حنيفة عليه الرحمة لان بيعها من الوارث بمثل القيمة فاسد عنده فبالمحاباة أولى و لا شفعة في البيع الفاسد و عندهما البيع جائز و لكن يدفع قدر المحاباة فتجب الشفعة و لو باع من أجنبي فكذلك لا شفعة للوارث عند ابى حنيفة رحمه الله لان الشفيع يأخذها بتلك الصفقة بالتحول اليه أو بصفقة مبتدأة مقدرة بينهما فكان بيعا من الوارث بالمحاباة و سواء أجازت الورثة أو لم يحيزوا لان الاجازة محلها العقد الموقوف و الشراء وقع نافذا من المشترى لان المحاباة قدر الثلث و هي نافذة من الاجنبي فلغت الاجازة في حق المشترى فتلغو في حق الشفيع ايضا و اما عندهما فقد اختلفت الروايات فيه في رواية كتاب الشفعة من الاصل و الجامع لا شفعة له و فى رواية كتاب الوصايا له الشفعة و هي من مسائل الجامع تعرف ثمة ان شاء الله تعالى ( و منها ) ملك الشفيع وقت الشراء في الدار التي يأخذها بالشفعة لان سبب الاستحقاق جوار الملك و لا سبب انما ينعقد سببا عند وجود الشرط و الانعقاد امر زائد على الوجود فإذا لم يوجد عند البيع كيف ينعقد سببا فلا شفعة له بدار يسكنها بالاجارة و الاعارة و لا بدار باعها قبل الشراء و لا بدار جعلها مسجدا و لا بدار جعلها وقفا و قضى القاضي بجوازه أو لم يقض على قول من يجيز الوقف لانه زال ملكه عنها لا إلى أحد و منها ظهور ملكه للمشتري عند الانكار بحجة مطلقة و هي البينة و هذا في الحقيقة شرط ظهور الحق لا شرط ثبوته و على هذا يخرج ما اذ أنكر المشترى كون الدار التي يشفع بها مملوكة للشفيع انه ليس له أن يأخذ بالشفعة حتى يقيم البينة انها داره و هذا قول ابى حنيفة و محمد واحدى الروايتين عن ابى يوسف و روى عنه رواية اخرى ان هذا ليس بشرط و القول قول الشفيع و لا يحتاج إلى اقامة البينة و هو قول زفر و الشافعي رحمهما الله ( وجه ) هذه الرواية ان الملك كان ثابتا للشفيع في هذه الدار لوجود سبب الثبوت و ما ثبت يبقى إلى أن يوجد المزيل و لان اليد دليل الملك ألا ترى ان من رأى شيأ في يد إنسان حل له أن يشهد له بالملك دل ان اليد دليل الملك من حيث الظاهر فكان الملك ثابتا للشفيع ظاهرا ( وجه ) ظاهر الرواية ان سبب ثبوت الحكم لا يوجب بقاءه و انما البقاء بحكم استصحاب الحال لا يصلح للالزام على الغير كحياة المفقود و حرية الشهود و نحو ذلك و الحاجة ههنا إلى إلزام المشترى فلا يظهر الملك في حق المشترى و قوله اليد دليل الملك قلنا ان سلم ذلك فالثابت باليد ملك يظهر في حق الدفع لا في حق الاستحقاق على الغير و الحاجة ههنا إلى الاستحقاق على المشترى فلا يكفى الملك الثابت بظاهر اليد و ذكر عن أبى يوسف في من ادعى على آخر دارا و أقام البينة على ان هذه الدار كانت في يد أبيه مات و هي في يده أنه يقضى له بالدار فان جاء يطلب بها شفعة دار اخرى إلى جنبها لم يقض له بالشفعة حتى يقيم البينة على الملك لم يجعل القضاء باليد قضأ بالملك على الاطلاق حيث لم يوجب به الشفعة و على هذا يخرج ما ذكر عن محمد أنه قال في حائط بين دارين لكل واحد منهما عليه خشبة و لا يعلم ان الحائط بينها الا بالخشبة فبيعت احدى الدارين انه ان أقام الآخر بينة ان الحائط بينهما فهو احق من الجار لانه شريك و ان لم يقم بينة لم اجعله شريكا لان ملك الحائط بينها لم يثبت الا بظاهر الاستعمال بالخشبة و الملك الثابت بمثل هذا الظاهر لا يكفى لاستحقاق الشفعة قال و لو أقر البائع قبل البيع ان الحائط بينهما لم أجعل له بهذا شفعة بمنزلة دار في يد رجل اقر أنها لاخر فبيعت إلى جنبها دار فطلب المقر له الشفعة فلا شفعة له حتى يقيم البينة ان الدار داره لان الملك في الموضعين جميعا ثبت بالاقرار و انه حجة قاصرة فيظهر في حق المقر في المسألة الاولى و فى المسألة الثانية يظهر في حق المقر له خاصة و لا يتعدى إلى المشترى و ذكر في المنتقى عن أبى يوسف في رجل في يده دار عرف القاضي انها له فبيعت دار إلى جنب داره فقال الشفيع بعد بيع الدار التي فيها الشفعة داري هذه لفلان و قد بعتها منه منذ سنة و قال هذا في وقت يقدر على الاخذ بالشفعة أو طلبها لنفسه قال لا شفعة له في الدار حتى يقيم المقر له بينة على المشترى ( أما ) المقر فلا شك انه لا شفعة له
(15)
لانه لا ملك له وقت البيع في الدار بإقراره بالبيع قبله ( و اما ) المقر له فلما ذكرنا ان الملك الثابت بالاقرار ليس بثابت بحجة مطلقة لكون الاقرار حجة قاصرة فلا يظهر في حق الاستحقاق على المشترى و ذكر الخصاف في إسقاط الشفعة ان البائع إذا اقر بسهم من الدار للمشتري ثم باع منه بقية الدار ان الجار لا يستحق الشفعة لان المشترى صار شريك البائع في ذلك السهم و الشريك مقدم على الجار و من اصحابنا من خطأ الخصاف في هذا و قال تجب الشفعة للجار لان شركة المشترى لم تثبت الا بالاقرار من البائع و الاقرار حجة قاصرة فلا يظهر في حق الجار فكان على شفعته و كان يستدل بمسألة الحائط و الله سبحانه و تعالى أعلم ( و منها ) أن لا تكون الدار المشفوعة ملكا للشفيع وقت البيع فان كانت لم تجب الشفعة لاستحالة تملك الانسان مال نفسه و على هذا يخرج ما إذا باع المأذون دارا و المولى شفيعها انه ان لم يكن عليه دين فلا شفعة للمولى لانها ملك المولى و العبد كالوكيل عنه بالبيع فلا تثبت له الشفعة و ان كان عليه دين فله الشفعة لان المولى لا يملك كسب عبده المأذون المديون فكان بمنزلة الاجنبي و كذا إذا باع المولى دارا و المأذون شفيعها و عليه دين فله الشفعة لان الاخذ بالشفعة بمنزلة الشراء من المشترى و شراء كل واحد منهما من صاحبه جائز و ان لم يكن عليه دين فلا يتصور الاخذ بالشفعة لان الاخذ يقع تملكا للمولى و تملك المولى محال و لو اشترى المأذون دارا و المولى شفيعها فان كان عليه دين فلمولاه الشفعة لان الملك بالشراء لم يقع للمولى و ان يكن عليه دين فلا يستحق الاخذ بالشفعة لان الملك يقع له و كذا إذا اشترى المولى دارا و المأذون شفيعها فان كان عليه دين فله الشفعة و ان لم يكن فلا يتصور الاخذ بالشفعة لما قلنا ( و أما ) المكاتب إذا باع أو اشترى دارا و المولى شفيعها فله أن يأخذ بالشفعة سواء كان عليه دين أو لم يكن لانه فيما يبيع و يشترى مع المولى بمنزلة الاجنبي لانه حر يدا ألا ترى انه لا سبيل لمولاه على ما في يده فكان في حق ما في يده ملحقا بسائر الاجانب و الله سبحانه و تعالى أعلم ( و منها ) عدم الرضا من الشفيع بالبيع و حكمه فان رضى بالبيع أو بحكمه فلا شفعة له لان حق الشفعة انما يثبت له دفعا لضرر المشترى فإذا رضى بالشراء أو بحكمه فقد رضى بضرر جواره فلا يستحق الدفع بالشفعة ثم الرضا قد يكون صريحا و قد يكون دلالة ( أما ) الصريح فلا يشكل ( و أما ) الدلالة فنحو ان يبيع الشفيع الدار المشفوع فيها بأن وكله صاحب الدار ببيعها فباعها فلا شفعة له لان بيع الشفيع دلالة الرضا بالعقد و ثبوت حكمه و هو الملك للمشتري و كذلك المضارب إذا باع دارا من مال المضاربة و رب المال شفيعها بدار له أخرى فلا شفعة لرب الدار سواء كان في الدار ربح أو لم يكن ( أما ) إذا لم يكن فيها ربح فلان المضارب وكيله بالبيع و الرضا بالتوكيل بالبيع رضا بالبيع و حكمه ضرورة و انه يمنع وجوب الشفعة و ان كان فيها ربح ( أما ) في حصة رب المال فلما ذكرنا من وجود دلالة الرضا بالبيع في حصته ( و أما ) في حصة المضارب فلانه متى امتنع الوجوب في حصة رب المال فلو ثبت في حصة المضارب لادى إلى تفريق الصفقة على المشترى و انه لا يجوز و لان المشترى صار شريكا للمضارب و الشريك مقدم على الجار و لو كان الشفيع وكيلا بشراء الدار المشفوع فيها فاشترى لموكله فللشفيع الشفعة لان الشراء لغيره لا يكون فوق الشراء لنفسه و الشراء لنفسه لا يمنع وجوب الشفعة حتى لو اشترى الدار المشفوع فيها ثم حضر شفيع آخر كان له أن يأخذ النصف بالشفعة فالشراء لغيره لان لا يمنع الوجوب أولى و لو باع رب المال دارا لنفسه و المضارب شفيعها بدار من المضاربة فان كان في يده من مال المضاربة وفاء بثمن الدار لم تجب الشفعة لان الاخذ اذ ذاك يقع لرب المال و قد وجد منه دلالة الرضا بثبوت الملك للمشتري و انه يمنع وجوب الشفعة و لو لم يكن في يده وفاء فان لم يكن في الدار ربح فلا شفعة أيضا لان الاخذ يقع لرب المال و ان كان فيها ربح فللمضارب أن يأخذها بالشفعة لنفسه لان له نصيبا في ذلك و لم يوجد منه الرضا سقوط حقه و لو اشترى أجنبي دار إلى جنب دار المضاربة فان كان في يد المضارب وفاء بالثمن فله أن يأخذها بالشفعة للمضاربة و له أن يسلم الشفعة لان حق الاخذ له فيملك تسليمه و ان لم يكن في يده وفاء فان كان في الدار ربح فالشفعة لرب المال و المضارب جميعا لان الدار مشتركة بينهما و ان لم يكن فيها ربح فالشفعة لرب
(16)
المال خاصة لان الدار ملكه خاصة و الشفعة من حقوق الملك و على هذا يخرج ما إذا باع الدار على أن يضمن له الشفيع الثمن من المشترى فضمن و هو حاضر حتى جاز البيع انه لا شفعة للشفيع لان ضمان الثمن من المشترى دلالة الرضا بالشراء و حكمه لان تمام العقد و إبرامه يتعلق به فكان دليل الرضا و كذا لو اشترى المشترى الدار على أن يضمن الشفيع الدرك عن البائع فضمن و هو حاضر حتى جاز البيع انه لا شفعة للشفيع لانه لما ضمن الدرك فقد صار راضيا بالعقد و حكمه و هو الملك للمشتري فلم تجب الشفعة و أما اسلام الشفيع فليس بشرط لوجوب الشفعة فتجب لاهل الذمة فيما بينهم و للذمي على المسلم لان هذا حق التملك على المشترى بمنزلة الشراء منه و الكافر و المسلم في ذلك سواء لانه من الامور الدنيوية و روى عن شريح انه قضى بالشفعة لذمي على مسلم فكتب إلى سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه فأجازه و كان ذلك بمحضر من الصحابة الكرام رضى الله تعالى عنهم فيكون ذلك إجماعا و لو اشترى ذمى من ذمى دارا بخمر أو خنزير و شفيعها ذمى أو مسلم وجبت الشفعة عند اصحابنا رحمهم الله و قال الشافعي رحمه الله لا تجب بناء على ان ذلك ليس بمال عنده أصلا حتى لم يكن مضمونا بالاتلاف أصلا و من شرط وجوب الشفعة معاوضة المال بالمال و عندنا هو مال متقوم في حق أهل الذمة بمنزلة الخل و الشاة لنا ثم إذا وجبت الشفعة فان كان الشفيع ذميا أخذ الدار بمثل الخمر و بقيمة الخنزير لان الخمر عندهم من ذوات الامثال كالخل و الخنزير ليس من ذوات الامثال بل من ذوات القيم كالشاة و ان كان مسلما اخذها بقيمة الخمر و الخنزيز لان الاخذ تملك و المسلم ليس من أهل تملك الخمر و الخنزير و متى تعذر عليه التملك بالعين تملك بالقيمة كما لو كان الشراء بالعرض انه يأخذها بقيمة العرض كذا هذا و كذا الحرية و الذكورة و العقل و البلوغ و العدالة فتجب الشفعة للمأذون و المكاتب و معتق البعض و النسوان و الصبيان و المجانين واهل البغى لانه حق مبنى على الملك و هؤلاء من أهل ثبوت الملك لهم الا أن الخصم فيما يجب للصبي أو عليه وليه الذي يتصرف في ماله من الاب و وصيه و الجد لاب و وصيه و القاضي و وصى القاضي فإذا بيعت دار و الصبي شفيعها كان لوليه أن يطالب بالشفعة و يأخذ له لان الاخذ بالشفعة بمنزلة الشراء من المشترى و الولي يملك ذلك كما يملك الشراء فان سلم الشفعة صح التسليم و لا شفعة للصبي إذا بلغ عند أبى حنيفة و أبى يوسف رضى الله عنهما و عند محمد و زفز رحمهما الله لا يصح تسليمه و الصبي على شفعته إذا بلغ ( وجه ) قوله ان هذا حق ثبت للصبي نظرا فابطا له لا يكون نظرا في حقه و مثل هذا لا يدخل تحت ولاية الولى كالعفو عن قصاص وجب للصبي على إنسان و الابراء عن كفالته بنفس أو مال و لابي حنيفة و أبى يوسف رحمهما الله ما ذكرنا ان الاخذ بالشفعة بمنزلة الشراء فتسليمه امتناع من الشراء و للولي ولاية الامتناع من الشراء ألا ترى ان من قال بعت هذا الشيء لفلان الصبي لا يلزم الولى القبول و هذا لان الولى يتصرف في مال الصبي على وجه المصلحة و المصلحة قد تكون في الشراء و قد تكون في تركه و الولي أعلم بذلك فيفوض اليه و على هذا الخلاف إذا سكت الولى أو الوصي عن الطلب انه يبطل حق الشفعة عند أبى حنيفة و أبى يوسف رحمهما الله و عند محمد و زفر رحمهما الله لا يبطل و ذكر في نوادر أبى يوسف رحمه الله فيمن اشترى دارا و ابنه الصغير شفيعها كان له أن يأخذ لابنه الصغير بالشفعة فان لم يأخذ و سلم لنفسه جاز لان الشراء لا ينافى الاخذ بالشفعة لان كل واحد منهما تملك بعوض و لهذا لو كان وكيلا بالشراء لغيره كان له ان يأخذ بالشفعة لنفسه فلان يملك الاخذ لابنه أولى و إذا ملك الاخذ ملك التسليم لانه امتناع عن الاخذ و لو باع دارا لنفسه و ابنه شفيعها لم يكن له ان يأخذ بالشفعة لان الاخذ بالشفعة تملك و البيع تمليك فينافي التملك و لهذا لا يملك الوكيل بالبيع لغيره أن يأخذ بالشفعة و إذا لم يملك الاخذ لم يملك التسليم فلم يصح تسليمه و توقف إلى حين بلوغ الصبي كما إذا لم يكن له ولي و أما الوصي إذا اشترى دارا لنفسه و الصبي شفيعها لم يكن له أن يأخذ بالشفعة للصغير و لو سلم الشفعة فالصغير على شفعته و كذا إذا باع لانه ملك الدار بالشراء لنفسه فبالاخذ بالشفعة للصغير يريد تمليك ما ملكه من الصغير و الوصي لا يملك تمليك مال الصغير الا إذا كان فيه نفع ظاهر له و إذا لم يملك الاخذ بالشفعة لم يكن سكوته عن الطلب تسليما للشفعة فبقى حق الصغير
(17)
في الشفعة يأخذه إذا بلغ و الله سبحانه و تعالى أعلم .( فصل ) و أما بيان ما يتأكد به حق الشفعة و يستقر فنقول و بالله تعالى التوفيق انه يتأكد و يستقر بالطلب و الكلام في الطلب في مواضع في بيان وقت الطلب و فى بيان شروطه و فى بيان كيفيته و فى بيان حكمه ( أما ) وقته فالطلب نوعان طلب مواثبة و طلب تقرير ( أما ) طلب المواثبة فوقته وقت علم الشفيع بالبيع حتى لو سكت عن الطلب بعد البيع قبل العلم به لم تبطل شفعته لانه ترك الطلب قبل وقت الطلب فلا يضره ثم علمه بالبيع قد يحصل بسماعه بالبيع بنفسه و قد يحصل باخبار غيره لكن هل يشترط فيه العدد و العدالة اختلف اصحابنا رحمهم الله فيه فقال أبو حنيفة رضى الله عنه يشترط احد هذين اما العدد في المخبر رجلان أو رجلا و امرأتان و اما العدالة و قال أبو يوسف و محمد لا يشترط فيه العدد و لا العدالة حتى لو أخبره واحد بالشفعة عدلا كان أو فاسقا حرا أو عبد مأذونا بالغا أو صبيا ذكر أو أنثى فسكت و لم يطلب على فور الخبر على رواية الاصل أو لم يطلب في المجلس على رواية محمد بطلت شفعته عندهما إذا ظهر كون الخبر صدقا و هذا على اختلافهم عن عزل الوكيل و عن جناية العبد و عن عجز المولى على ما نذكر في كتاب الوكالة فهما يقولان العدد و العدالة ساقطا الاعتبار شرعا في المعاملات و هذا من باب المعاملة فلا يشترط فيه العدد و لا العدالة و لابي حنيفة رضى الله عنه ان هذا اخبار فيه معنى الالزام ألا ترى ان حق الشفيع يبطل لو لم يطلب بعد الخبر فاشبه الشهادة فيعتبر فيه احد شرطي الشهادة و هو العدد أو العدالة و لو أخبر المشترى الشفيع بنفسه فقال قد اشتريته فلم يطلب شفعته و ان لم يكن المشترى عدلا كذا روى عن أبى حنيفة لان المشترى خصم و عدالة الخصم ليست بشرط في الخصومات و قالوا في المخيرة إذا بلغها التخيير انه لا يشترط في المخبر العدد و لا العدالة و الفرق لابى حنيفة رحمه الله ان الاخبار عن التخيير ليس في معنى الشهادة لخلوه عن إلزام حكم فلم يعتبر فيه أحد شرطي الشهادة بخلاف الاخبار عن البيع في باب الشفعة على ما بينا و الله سبحانه و تعالى أعلم و أما شرطه فهو أن يكون على فور العلم بالبيع إذا كان قادرا عليه حتى لو علم بالبيع و سكت عن الطلب مع القدرة عليه بطل حق الشفعة في رواية الاصل و روى عن محمد رحمه الله انه على المجلس كخيار المخيرة و خيار القبول ما لم يقم عن المجلس أو يتشاغل عن الطلب بعمل آخر لا تبطل شفعته و له ان يطلب و ذكر الكرخي رحمه الله ان هذا اصح الروايتين ( وجه ) هذه الرواية ان حق الشفعة ثبت نظرا للشفيع دفعا للضرر عنه فيحتاج إلى التأمل ان هذه الدار هل تصلح بمثل هذا الثمن و انه هل يتضرر بجوار هذا المشترى فيأخذ بالشفعة أو لا يتضرر فيترك و هذا لا يصح بدون العلم بالبيع و الحاجة إلى التأمل شرط المجلس في جانب المخيرة و القبول كذا ههنا ( وجه ) رواية الاصل ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال الشفعة لمن واثبها و روى عنه عليه الصلاة و السلام انه قال انما الشفعة كنشط عقال ان قيد مكانه ثبت و الا ذهب و فى بعض الروايات انما الشعفة كحل عقال ان قيد مكانه ثبت و الا فاللوم عليه و لانه حق ضعيف متزلزل لثبوته على خلاف القياس إذا الاخذ بالشفعة تملك مال معصوم بغير اذن مالكه لخوف ضرر يحتمل الوجود و العدم فلا يتسقر الا بالطلب على المواثبة ( و أما ) الاشهاد فليس بشرط لصحة الطلب حتى لو طلب على المواثبة و لم يشهد صح طلبه فيما بينه و بين الله سبحانه و تعالى جلت عظمته و انما الاشهاد للاظهار عند الخصومة على تقدير الانكار لان من الجائز أن المشترى لا يصدق الشفيع في الطلب أو لا يصدق في الفور و يكون القول قوله فيحتاج إلى الاظهار بالبينة عند القاضي على تقدير عدم التصديق لانه شرط صحة الطلب و نظيره من أخذ لقطة ليردها على صاحبها فهلكت في يده لا ضمان عليه فيما بينه و بين الله تبارك و تعالى و انما الحاجة إلى الاشهاد عند أبى حنيفة رضى الله عنه لتوثيق الاخذ للرد على تقدير الانكار الا أنه شرط البراءة عن الضمان حتى لو صدقه صاحبها في ذلك ثم طلب منه الضمان ليس له ذلك بالاجماع كذا هذا و إذا طلب على المواثبة فان كان هناك شهود اشهدهم و توثق الطلب و ان لم يكن بحضرته من يشهده فبعث في طلب شهود لم تبطل شفعته لما قلنا أن الاشهاد لاظهار الطلب عند الحاجة لكن يصح الاشهاد على الطلب على رواية الفور
(18)
فبطلت الشهادة على الفور ضرورة و على رواية المجلس إذا قال و هو في المجلس ادعو إلى شهود اشهدهم فجاء الشهود فاشهدهم صح و توثق الطلب لان المجلس قائم و لو أخبر ببيع الدار فقال الحمد لله قد ادعيت شفعتها أو سبحان الله قد ادعيت شفعتها فهو على شفعته على رواية محمد لان هذا يذكر لافتتاح الكلام تبركا به فلا يكون دليل الاعراض عن الطلب و كذا إذا سلم أو شمت العاطس لان ذلك ليس بعمل يدل على الاعراض و لهذا لم يبطل به خيار المخيرة و كذلك إذا قال من ابتاعها و بكم بيعت لان الانسان قد يرضى بمجاورة إنسان دون غيره و قد تصلح له الدار بثمن دون غيره فكان السوأل عن حال الجار و مقدار الثمن من مقدمات الطلب لا اعراضا عنه و هذا كله على رواية اعتبار المجلس فاما على رواية اعتبار الفور تبطل شفعته في هذه المواضع لانقطاع الفور من ضرورة و لو أخبر بالبيع و هو في الصلاة فمضى فيها فالشفيع لا يخلو من ان يكون في الفرض أو في الواجب أو في السنة أو في النفل المطلق فان كان في الفرض لا تبطل شفعته لان قطعها حرام فكان معذورا في ترك الطلب و كذا إذا كان في الواجب لان الواجب ملحق بالفرض في حق العمل و ان كان في السنة فكذلك لان هذه السنن الراتبة في معنى الواجب سواء كانت السنة ركعتين أو أربعا كالاربع قبل الظهر حتى لو أخبر بعد ما صلى ركعتين فوصل بهما الشفع الثاني لم تبطل شفعته لانها بمنزلة صلاة واحدة واجبة و قال محمد إذا بلغ الشفيع البيع فصلى بعدا الجمة أربعا لم تبطل شفعته و ان صلى أكثر من ذلك بطلت شفعته لان الاربع بتسليمه واحدة سنة فصار كالركعتين و الزيادة عليها ليست بسنة و ذكر محمد رحمه الله في المخيرة إذا كانت في صلاة النفل فزادت على ركعتين بطل خيارها لان كل شفع من التطوع صلاة على حدة و الغائب إذا علم بالشفعة فهو مثل الحاضر في الطلب و الاشهاد لانه قادر على الطلب الذي يتأكد به الحق و على الاشهاد الذي يتوثق به الطلب و لو و كل الغائب رجلا ليأخذ له بالشفعة فذلك طلب منه لان في التوكيل طلبا و زيادة و إذا طلب الغائب على المواثبة و أشهد فله بعد ذلك من الاجل مقدار المسافة التي يأتى إلى حيث البائع أو المشترى أو الدار لا زيادة عليه لان تأجيل هذا القدر للضرورة و لا ضرورة للزيادة ( أما ) طلب التقرير فشرطه أن يكون على فور الطلب الاول و الاشهاد عليه فإذا طلب على المواثبة و أشهد على فوره ذلك شخصا إلى حيث البائع أو المشترى أو الدار إذا كان قادرا عليه و تفصيل الكلام فيه ان المبيع اما أن يكون في يد البائع و اما أن يكون في يد المشترى فان كان في يد البائع فالشفيع بالخيار ان شاء طلب من البائع و ان شاء طلب من المشترى و ان شاء طلب عند الدار ( أما ) الطلب من البائع و المشترى فلان كل واحد منهما خصم البائع باليد و المشترى بالملك فكان كل واحد منهما خصما فصح الطلب من كل واحد منهما ( و أما ) الطلب عند الدار فلان الحق متعلق بها فان سكت عن الطلب من أحد المتبايعين و عند الدار مع القدرة عليه بطلت شفعته لانه فرط في الطلب و ان كان في يد المشترى فان شاء طلب من المشترى و ان شاء عند الدار و لا يطلب من البائع لانه خرج من أن يكون خصما لزوال يده و لا ملك له فصار بمنزلة الاجنبي و لو لم يطلب من المشترى و لا عند الدار و شخص إلى البائع للطلب منه و الاشهاد بطلت شفعته لوجود دليل الاعراض و فى الحقيقة لوجود دليل الرضا و لو تعاقد البائع و المشترى في الموضع الذي فيه الدار فليس على الشفيع أن يأتيهما و لكنه يطلب عند الدار و يشهد عليه لان الشفيع إذا كان بجنب الدار و العاقدان غائبان تعينت الدار للطلب عندها و الاشهاد فان لم يطلب عندها و شخص إلى العاقدين بطلت شفعته لوجود الاعراض عن الطلب هذا إذا كان قادرا على الطلب من المشترى أو البائع أو عند الدار فاما إذا كان هناك حائل بأن كان بينهما نهر مخوف أو أرض سبعة أو ذلك من الموانع لا تبطل شفعته بترك المواثبة إلى ان يزول الحائل ( و أما ) الاشهاد على هذا الطلب فليس بشرط لصحته كما ليس بشرط لصحة طلب المواثبة و انما هو لتوثيقه على تقدير الانكار كما في الطلب الاول و كذا تسمية المبيع و تحديده ليس بشرط لصحة الطلب و الاشهاد في ظاهر الرواية و روى عن أبى يوسف أنه شرط لا الطلب لا يصح الا بعد العلم و العقار لا يصير معلوما الا بالتحديد فلا يصح الطلب و الا شهاد بدونه ( و أما ) بيان كيفية الطلب فقد اختلف فيه
(19)
عبارات المشايخ عن محمد بن مقاتل الرازي رحمه الله ان الشفيع يقول طلبت الشفعة و اطلبها و أنا طالبها و عن محمد بن سلمة رضى الله عنه انه كان يقول طلبت الشفعة فحسب و عن الفقية أبى جعفر الهندواني رحمه الله انه لا يراعى فيه ألفاظ الطلب بل لو أتى بلفظ يدل على الطلب أى لفظ كان يكفى نحو أن يقول ادعيت الشفعة أو سألت الشفعة و نحو ذلك مما يدل على الطلب و هو الصحيح لان الحاجة إلى الطلب و معنى الطلب يتأدى بكل لفظ يدل عليه سواء كان بلفظ الطلب أو بغيره ( و أما ) حكم الطلب فهو استقرار الحق فالشفيع إذا أتى بطلبين صحيحين استقر الحق على وجه لا يبطل بتأخير المطالبة بالاخذ بالشفعة أبدا حتى يسقطها بلسانه و هو قول أبى حنيفة واحدى الروايتين عن أبى يوسف و فى رواية اخرى قال إذا ترك المخاصمة إلى القاضي في زمان يقدر فيه على المخاصمة بطلت شفعته و لو يؤقت فيه وقتا و روى عنه انه قدره بما يراه القاضي و قال محمد و زفر رحمهما الله إذا مضى شهر بعد الطلب و لم يطلب من عذر بطلت شفعته و هو رواية عن أبى يوسف أيضا ( وجه ) قول محمد و زفر ان حق الشفعة ثبت لدفع الضرر عن الشفيع و لا يجوز دفع الضرر عن الانسان على وجه يتضمن الاضرار بغيره و فى ابقاء هذا الحق بعد تأخير الخصومة أبدا اضرار بالمشتري لانه لا يبنى و لا يغرس خوفا من النقض و القلع فيتضرر به فلا بد من التقدير بزمان لئلا يتضرر به فقدرنا بالشهر لانه أدنى الآجال فاذ مضى شهر و لم يطلب من عذر فقد فرط في الطلب فتبطل شفعته ( وجه ) قول أبى حنيفة عليه الرحمة ان الحق للشفيع قد ثبت بالطلبين و الاصل ان الحق متى ثبت لانسان لا يبطل الا بإبطال و لم يوجد لان تأخير المطالبة منه لا يكون إبطالا كتأخير استيفاء القصاص و سائر الديون و قوله يتضرر المشترى ممنوع فانه إذا علم ان للشفيع أن يأخذ بالشفعة فالظاهر أن يمتنع من البناء و الغرس خوفا من النقض و القلع فلئن فعل فهو الذي أضر بنفسه فلا يضاف ذلك إلى الاخذ بالشفعة و لهذا لم يبطل حق الشفعة بغيبة الشفيع و لا يقال ان فيه ضررا بالمشتري بالامتناع من البناء و الغرس لما قلنا كذا هذا .( فصل ) و أما بيان ما يبطل به حق الشفعة بعد ثبوته فنقول و بالله التوفيق ما يبطل به حق الشفعة بعد ثبوته في الاصل نوعان اختياري و ضرورى و الاختيارى نوعان صريح و ما يجرى مجرى الصريح و دلالة أما الاول فنحو ان يقول الشفيع أبطلت الشفعة أو أسقطتها أو أبرأتك عنها أو سلمتها و نحو ذلك لان الشفعة خالص حقه فيملك التصرف فيها استيفاء و إسقاطا كالابراء عن الدين و العفو عن القصاص و نحو ذلك سواء علم الشفيع بالبيع أو لم يعلم بعد أن كان بعد البيع لان هذا إسقاط الحق صريحا و صريح الاسقاط يستوى فيه العلم و الجهل كالطلاق و الابراء عن الحقوق بخلاف الاسقاط من طريق الدلالة فانه لا يسقط حقه ثمة الا العلم و الفرق يذكر بعد هذا و لا يصح تسليم الشفعة قبل البيع لانه إسقاط الحق و إسقاط الحق قبل وجوبه و وجود سبب وجوبه محال و لو أخبر بالبيع بقدر من الثمن أو جنس منه أو من فلان فسلم فظهر بخلافه هل يصح تسليمه فالأَصل في جنس هذه المسائل انه ينظر ان كان لا يختلف غرض الشفيع في التسليم صح التسليم و بطلت شفعته و ان كان يختلف غرضه لم يصح و هو على شفعته لان غرضه في التسليم إذا لم يختلف بين ما أخبر به و بين ما بيع به وقع التسليم محصلا لغرضه فصح و إذا اختلف غرضه في التسليم لم يقع التسليم محصلا لغرضه فلم يصح التسليم و بيان هذا في مسائل إذا أخبر ان الدار بيعت بألف درهم فسلم ثم تبين انها بيعت بألفين فلا شفعة له لان تسليمه كان لاستكثاره الثمن فإذا لم تصلح له بأقل الثمنين فبأكثرهما أولى فحصل غرضه بالتسليم فبطلت شفعته لو أخبر انها بيعت بألف فسلم ثم تبين انها بيعت بخمسمائة فله الشفعة لان التسليم عند كثرة الثمن لا يدل على التسليم عند قلته فلم يحصل غرضه بالتسليم فبقى على شفعته و لو أخبر انها بيعت بألف درهم ثم تبين انها بيعت بمائة دينار فان كانت قيمتها الفا أو أكثر فلا شفعة له و ان كانت اقل فهو على شفعته عند اصحابنا الثلاثة رضى الله عنهم و قال زفر رحمه الله له الشفعة في الوجهين جمعيا ( وجه ) قول زفر ان الدراهم و الدنانير جنسان مختلفان حقيقة و اعتبار الحقائق هو الاصل و الغرض يختلف باختلاف الجنس لانه قد يتيسر عليه جنس و يتعذر عليه الاخر فلم يقع
(20)
التسليم محصلا لغرضه فيبقى على شفعته كما لو أخبر انها بيعت بحنطة فسلم ثم تبين انها بيعت بشعير قيمته مثل قيمة الحنطة ( و لنا ) ان الدراهم و الدنانير في حق الثمنية كجنس واحد لانها أثمان الاشياء و قيمتها تقوم الاشياء بها تقويما واحدا أعنى انها تقوم بهذا مرة و بذاك اخرى و انما يختلفان في القدر لا فوجب اعتبار قدر قيمتهما في الكثرة و القلة كما إذا أخبر انها بيعت بألف درهم أو بمائة دينار فسلم ثم تبين انها بيعت بأكثر أو بأقل على ما بينا كذا هذا بخلاف ما إذا أخبر انها بيعت بحنطة فسلم ثم تبين انها بيعت بشعير قيمته مثل قيمة الحنطة أو أقل أو أكثر لان هناك اختلف اذ الحنطة و الشعير جنسان مختلفان على الاطلاق و اختلاف الجنس يوجب اختلاف الغرض فلم يصح التسليم و لو أخبر انها بيعت بألف درهم فسلم ثم تبين انها بيعت بمكيل أو بموزون سوى الدرهم و الدنانير أو عددي متقارب فالشفعة قائمة لان الثمن الذي وقع به البيع إذا كان من ذوات الامثال فالشفيع يأخذ بمثله و انه جنس آخر الجنس الذي أخبر به الشفيع فاختلف الغرض و لو أخبر انها بيعت بألف فسلم ثم تبين انها بيعت بعرض و ما ليس من ذوات الامثال فان كانت قيمته مثل الالف أو أكثر صح تسليمه و ان كانت اقل لم يصح تسليمه و له الشفعة لان الشفيع ههنا يأخذ الدار بقيمة العرض لانه لا مثل له و قيمته دراهم أو دنانير فكان الاختلاف راجعا إلى القدر فأشبه آلاف و الالفين و الالف و خمسمأة على ما مر و لو أخبر بشراء نصف الدار فسلم ثم تبين انه اشترى الجميع فله الشفعة و لو أخبر بشراء الجميع فسلم ثم تبين انه اشترى النصف فالتسليم جائز و لا شفعة له هذا هو الرواية المشهورة في الفصلين و قد روى الجواب فيهما على القلب و هو ان التسليم في النصف يكون تسليما في الكل و التسليم في الكل لا يكون تسليما في النصف ( وجه ) هذه الرواية ان تسليم النصف لعجزه عن الثمن و من عجز عن القليل كان عن الكثير أعجز فأما العجز عن الكثير لا يدل على العجز عن القليل ( وجه ) الرواية المشهورة ان التسليم في النصف للاحتراز عن الضرر و هو ضرر الشركة و هذا لا يوجد في الكل فاختلف الغرض فلم يصح التسليم فبقى على شفعته و إذا صح تسليم الكل فقد سلم البعض ضرورة لانه داخل في الكل فصار بتسليم الكل مسلما للنصف لان الشركة عيب فكان التسليم بدون العيب تسليما مع العيب من طريق الاولى و لو أخبر ان المشترى زيد فسلم ثم تبين انه عمرو فهو على شفعته لان التسليم للامن عن الضرر و الامن عن ضرر زيد لا يدل على الامن عن ضرر عمرو لتفاوت الناس في الجوار و لو أخبر أن المشترى زيد فسلم ثم تبين انه زيد و عمرو كان له أن يأخذ نصيب عمرو لانه سلم نصيب زيد لا نصيب عمرو فبقى له الشفعة في نصيبه و لو أخبر ان الدار بيعت بألف درهم فسلم ثم ان البائع حط عن المشترى خمسمأة و قبل المشترى الحط كان له الشفعة لان الحط يلتحق بأصل العقد فتبين ان البيع كان بخمسمائة فصار كما إذا أخبر انها بيعت بألف فسلم ثم تبين انها بيعت بخمسمائة و لو لم يقبل الحط لم تجب الشفعة لان الحط لم يصح إذا لم يقبل فلم يتبين انها بيعت بأنقص من ألف فلم تجب الشفعة و لو باع الشفيع داره التي يشفع بها بعد شراء المشترى هل تبطل شفعته فهذا لا يخلو اما ان كان البيع باتا و اما ان كان فيه شرط الخيار فان كان باتا لا يخلو اما ان باع كل الدار و اما ان باع جزأ منها فان باع كلها بطلت شفعته لان سبب الحق هو جوار الملك و قد زال سواء علم بالشراء أو لم يعلم لان هذا في معنى صريح الاسقاط لان إبطال سبب الحق إبطال الحق فيستوى فيه العلم و الجهل فان رجعت الدار إلى ملكه بعيب بقضاء أو بغير قضأ أو بخيار رؤية أو بخيار شرط للمشتري فليس له أن يأخذ بالشفعة لان الحق قد بطل فلا يعود الا بسبب جديد و كذلك لو باعها الشفيع بيعا فاسدا و قبضها المشترى بطلت شفعته لزوال سبب الحق و هو جوار الملك فان نقض البيع فلا شفعة له لما ذكرنا ان الحق بعد ما بطل لا يعود الا بسبب جديد و ان باع جزأ من داره فان باع جزأ شائعا منها فله الشفعة بما بقي لان ما بقي يصلح لاستحقاق الشفعة ابتداء فأولى أن يصلح للبقاء لان البقاء أسهل من الابتداء و ان باع جزأ معينا بيتا أو حجرة فان كان ذلك لا يلى الدار التي فيها الشفعة فكذلك لان السبب و هو جوار الملك قائم و ان كان مما يلى تلك الدار فان استغرق حدود الدار التي فيها الشفعة بطلت الشفعة لان الجوار قد زال و ان بقي من حدها شيء ملاصق لما بقي من الدار فهو على شفعته لما ذكرنا ان