بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 5

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 5

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(35)

مشايخنا من كان يفتى بوجوب الشفعة في هذه الصورة و يخطئ الخصاف لان الشركة في السهم المقر به لم تثبت الا بإقراره فلا يظهر في حق الشفيع على ما بينا فيما تقدم و الله عز و جل أعلم .

( فصل ) و أما الكلام في كراهة الحيلة للاسقاط و عدمها فالحيلة اما ان كانت بعد وجوب الشفعة و اما ان كانت قبل الوجوب فان كانت بعد الوجوب قيل انها مكروهة بلا خلاف و ذلك بأن يقول المشترى للشفيع صالحتك على كذا كذا درهما على أن تسلم لي شفعتك فيقبل فتبطل شفعته و لا يستحق بدل الصلح أو يقول له اشتر الدار منى بكذا فيقول اشتريت فتبطل شفعته و نحو ذلك و ان كانت قبل الوجوب فقد اختلف فيه قال أبو يوسف رحمه الله لا تكره و قال محمد رحمه الله تكره ( وجه ) قول محمد ان شرع الحيلة يؤدى إلى سد باب الشفعة و فيه إبطال هذا الحق أصلا و رأسا ( وجه ) قول ابى يوسف ان الحيلة قبل الوجوب منع من الوجوب بمباشرة سبب الامتناع شرعا و هذا جائز كالشراء و الهبة و سائر التمليكات فان المشترى يمنع حدوث الملك للبائع في المبيع بمباشرة سبب الامتناع شرعا و هو الشراء و كذا الهبة و الصدقة و سائر التمليكات و قد خرج الجواب عن قول محمد رحمه الله ان هذا إبطال لحق الشفعة لان إبطال الشيء بعد ثبوته ضرر و الحق ههنا لم يثبت بعد ذلك فلا تكون الحيلة إبطالا له بل هو منع من الثبوت بمباشرة سبب الامتناع شرعا و انه جائز فما ذكره أيو يوسف رحمه الله هو الحكم المر و ما ذكره محمد رحمه الله احتياطا و الاصل في شرع الحيلة قول سبحانه و تعالى في قصة سيدنا أيوب عليه الصلاة و السلام و خذ بيدك ضغثا فاضرب به و لا تحنث و الله سبحانه و تعالى أعلم .

( كتاب الذبائح و الصيود ) يحتاج في هذا الكتاب إلى بيان المأكول و غير المأكول من الحيوانات و إلى بيان المكروه منها و إلى بيان شرائط حل الاكل في المأكول و إلى بيان ما يحرم أكله من أجزاء الحيوان المأكول أما الاول فالحيوان في الاصل نوعان نوع يعيش في البحر و نوع يعيش في البر أما الذي يعيش في البحر فجميع ما في البحر من الحيوان محرم الاكل الا السمك خاصة فانه يحل أكله الا ما طفا منه و هذا قول اصحابنا رضى الله تعالى عنهم و قال بعض الفقهاء و ابن أبى ليلي رحمهم الله انه يحل أكل ما سوى السمك من الضفدع و السرطان وحية الماء و كلبه و خنزيره و نحو ذلك لكن بالذكاة و هو قول الليث بن سعد رحمه الله الا في إنسان الماء و خنزيره انه لا يحل و قال الشافعي رحمه الله يحل جميع ذلك من ذكاة و أخذه ذكاته و يحل أكل السمك الطافي أما الكلام في المسألة الاولى فهم احتجوا بظاهر قوله تبارك و تعالى أحل لكم صيد البحر و اسم الصيد يقع على ما سوى السمك من حيوان البحر فيقتضى ان يكون الكل حلالا و بقول النبي عليه الصلاة و السلام حين سئل عن البحر فقال هو الطهور ماؤه و الحل ميتته وصف ميتة البحر بالحل من فصل بين السمك و غيره و لنا قوله تبارك و تعالى حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزيز من فصل بين البرى و البحرى و قوله عز شأنه و يحرم عليهم الخبائث و الضفدع و السرطان و الحية و نحوها من الخبائث و روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن ضفدع يجعل شحمه في الدواء فنهى عليه الصلاة و السلام عن قتل الضفادع و ذلك نهى عن أكله و روى انه لما سئل عنه فقال عليه الصلاة و السلام خبيثة من الخبائث و لا حجة لهم في الآية لان المراد من الصيد المذكور هو فعل الصيد و هو الاصطياد لانه هو الصيد حقيقة لا المصيد لانه مفعول فعل الصيد و إطلاق اسم الفعل يكون مجازا و لا يجوز العدول عن حقيقة اللفظ من دليل و لان الصيد اسم لما يتوحش و يمتنع و لا يمكن أخذه الا بحيلة اما لطيرانه أو لعدوه و هذا انما يكون حالة الاصطياد لا بعد الاخذ لانه صار لحما بعده و لم يبق صيدا حقيقة لانعدام معنى الصيد و هو التوحش و الامتناع و الدليل عليه انه عطف عليه قوله عز شأنه و حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما و المراد منه الاصطياد من المحرم لا أكل الصيد لان ذلك مباح للمحرم إذا لم يصطده بنفسه و لا غيره بامره فثبت انه لا دليل في الآية

(36)

على إباحة الاكل بل خرجت للفصل بين الاصطياد في البحر و بين الاصطياد في البر للمحرم و المراد من قول النبي عليه الصلاة و السلام و الحل ميتة السمك خاصة بدليل قوله صلى الله عليه و سلم أحلت لنا ميتتان و دمان الميتتان السمك و الجراد و الدمان الكبد و الطحال فسر عليه الصلاة و السلام بالسمك و الجراد فدل ان المراد منها السمك و يحمل الحديث على السمك و تخصيصه بما تلونا من الآية و روينا من الخبر ( و أما ) المسألة الثانية و هي مسألة الطافي فالشافعي رحمه الله احتج بقوله تعالى و طعامه متاعا لكم معطوفا على قوله أحل لكم صيد البحر أى أحل لكم طعامه و هذا يتناول ما صيد منه و ما لم يصد و الطافي لم يصد فيتناوله بقوله عليه الصلاة و السلام في صفة البحر هو الطهور ماؤه و الحل ميتته و أحق ما يتناوله اسم الميتة الطافي لانه الميت حقيقة و بقوله عليه الصلاة و السلام أحلت لنا ميتتان و دمان الميتتان السمك و الجراد فسر النبي عليه الصلاة و السلام الميتة بالسمك من فصل بين الطافي و غيره و لنا ما روى عن جابر ابن عبد الله الانصاري رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه نهى عن أكل الطافي و عن سيدنا على رضى الله عنه انه قال لا تبيعوا في أسواقنا الطافي و عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال ما دسره البحر فكله و ما وجدته يطفو على الماء فلا تأكله و اما الآية فلا حجة له فيها لان المراد من قوله تعالى و طعامه ما قذفه البحر إلى الشط فمات كذا قال أهل التأويل و ذلك حلال عندنا لانه ليس بطاف انما الطافي اسم لما مات في الماء من آفة و سبب حادث و هذا مات بسبب حادث و هو قذف البحر فلا يكون طافيا و المراد من الحديثين الطافي لما ذكرنا ثم السمك الطافي الذي لا يحل أكله عندنا هو الذي يموت في الماء حتف أنفه بغير سبب حادث منه سواء علا على وجه الماء أو لم يعل بعد أن مات في الماء حتف أنفه من سبب حادث و قال بعض مشايخنا هو الذي يموت في الماء بسبب حادث و يعلو على وجه الماء فان لم يعل يحل و الصحيح هو الحد الاول و تسميته طافيا لعلوه على وجه الماء عادة و روى هشام عن محمد رحمهما الله في السمك إذا كان بعضها في الماء و بعضها على الارض ان كان رأسها على الارض أكلت و ان كان رأسها أو أكثره في الماء لم تؤكل لان رأسها موضع نفسها فإذا كان خارجا من الماء فالظاهر انه مات بسبب حادث و إذا كان في الماء أو أكثره فالظاهر انه مات في الماء بغير سبب و قالوا في سمكة ابتلعت سمكة اخرى انها تؤكل لانها ماتت بسبب حادث و لو مات من الحر و البرد و كدر الماء ففيه روايتان في رواية لا يؤكل لان الحر و البرد و كدر الماء ليس من أسباب الموت ظاهرا فلم يوجد الموت بسبب حادث يوجب الموت ظاهرا و غالبا فلا يؤكل و فى رواية يؤكل لان هذه أسباب الموت في الجملة فقد وجد الموت بسبب حادث فلم يكن طافيا فيؤكل و يستوى في حل الاكل جميع أنواع السمك من الجريث و المار ما هي و غيرهما لان ما ذكرنا من الدلائل في إباحة السمك لا يفصل بين سمك و سمك الا ما خص بدليل و قد روى عن سيدنا على و ابن عباس رضى الله عنهما إباحة الجريث و السمك الذكر و لم ينقل عن غيرهما خلاف ذلك فيكون إجماعا ( أما ) الذي يعيش في البر فانواع ثلاثة ما ليس له دم أصلا و ما ليس له دم سائل و ما له دم سائل مثل الجراد و الزنبور و الذباب و العنكبوت والعضابة و الخنفساء و البغاثة و العقرب و نحوها لا يحل أكله الا الجراد خاصة لانها من الخبائث لاستبعاد الطباع السليمة إياها و قد قال الله تبارك و تعالى و يحرم عليهم الخبائث الا أن الجراد خص من هذه الجملة بقوله عليه الصلاة و السلام أحلت لنا ميتتان فبقى على ظاهر العموم و كذلك ما ليس له دم سائل مثل الحية و الوزغ وسام أبرص و جميع الحشرات و هو ام الارض من الفأر و القراد و القنافذ و الضب و اليربوع و ابن عرس و نحوها و الاختلاف في حرمة هذه الاشياء الا في الضب فانه حلال عند الشافعي و احتج بما روى ابن عباس رضى الله عنهما انه قال أكلت على مائدة رسول الله صلى الله عليه و سلم لحم ضب و عن ابن سيدنا عمر رضى الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال انه لم يكن بأرض قومى فاجد نفسى تعافه فلا آكلة و لا أحرمه و هذا نص على عدم الحرمة الشرعية و اشارة إلى الكراهة الطبيعية ( و لنا ) قوله تبارك و تعالى و يحرم عليهم الخبائث و الضب من الخبائث و روى عن سيدتنا عائشة رضى الله عنها ان النبي عليه الصلاة و السلام

(37)

أهدى اليه لحم ضب فامتنع أن يأكله فجاءت سائلة فأرادت سيدتنا عائشة رضى الله عنها أن تطعمها إياه فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم أ تطعمين ما لا تأكلين و لا يحتمل أن يكون امتناعه لما أن نفسه الشريفة عافته لانه لو كان كذلك لما منع من التصدق به كشاة الانصار انه لما امتنع من أكلها أمر بالتصديق بها و لان الضب من جملة المسوخ و المسوخ محرمة كالدب و القرد و الفيل فيما قيل و الدليل عليه ما روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن الضب فقال عليه الصلاة و السلام ان أمة مسخت في الارض وانى أخاف أن يكون هذا منها و هكذا روى عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال كنا في بعض المغازي فاصابتنا مجاعة فنزلنا في أرض كثيرة الضباب فنصبنا القدور و كانت القدور تغلى اذ جاء النبي عليه الصلاة و السلام فقال ما هذا قلنا الضب يا رسول الله فقال عليه الصلاة و السلام ان أمة مسخت فاخاف أن يكون هذا منها فأمر بالقاء القدور و ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما و ما روينا فهو خاطر و العمل بالخاطر أولى و ماله دم سائل نوعان مستأنس و مستوحش اما المستأنس من البهائم فنحو الابل و البقر و الغنم بالاجماع و بقوله تبارك و تعالى و الانعام خلقها لكم فيها دفء و منافع و منها تأكلون و قوله سبحانه و تعالى الله الذي جعل لكم الانعام لتركبوا منها و منها تأكلون و اسم الانعام يقع على هذه الحيوانات بلا خلاف بين أهل اللغة و لا تحل البغال و الحمير عند عامة العلماء رحمهم الله تعالى و حكى عن بشر المريسي رحمه الله أنه قال لا بأس بأكل الحمار و احتج بظاهر قوله عز و جل قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه الا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير و لم يذكر الحمير الانسية و روى ان رجلا جاء إلى النبي عليه الصلاة و السلام و قال انه فنى مالى و لم يبق الا الحمر الاهلية فقال عليه الصلاة و السلام كل من سمين مالك فانى انما كنت نهيتكم عن جلال القرية و روى عن جوال القرى بتشديد اللام و روى فانما قذرت لكم جالة القرية ( و لنا ) قوله تبارك و تعالى و الخيل و البغال و الحمير لتركبوها و زينة و سنذكر وجه الاستدلال بالآية ان شاء الله تعالى و روى أبو حنيفة عن نافع عن ابن سيدنا عمر رضى الله عنهما أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة خيبر عن لحوم الحمر الاهلية و عن متعة النساء و روى ان سيدنا عليا رضى الله عنه قال لا بن عباس رضى الله عنهما و هو يفتى الناس في المتعة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن متعة النساء و عن لحوم الحمر الاهلية يوم خيبر فرجع ابن عباس رضى الله عنهما عن ذلك و روى انه قيل للنبي عليه الصلاة و السلام يوم خيبر أكلت الحمر فأمر أبا طلحة رضى الله عنه ينادى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم ينهاكم عن لحوم الحمر فانها رجز و روى فانها رجس و هذه اخبار مستفيضة عرفها الخاص و العام و قبلوها و عملوا بها و ظهر العمل بها و أما الاية فقد اختص منها أشياء مذكورة فيها فيختص المتنازع فيه بما ذكرنا من الدلائل مع ما ان ما روينا من الاخبار مشهورة و يجوز نسخ الكتاب بالخبر المشهور و على ان في الآية الشريفة أنه لا يحل سوى المذكور فيها وقت نزولها لان الاصل في الفعل هو الحال فيحتمل انه لم يكن وقت نزول الآية تحريم سوى المذكور فيها ثم حرم ما حرم بعد على أنا نقول بموجب الآية لا محرم سوى المذكور فيها و نحن لا نطلق اسم المحرم على لحوم الحمر الاهلية اذ المحرم المطلق ما تثبت حرمته بدليل مقطوع به فأما ما كانت حرمته محل الاجتهاد فلا يسمى محرما على الاطلاق بل نسميه مكروها فنقول بوجوب الامتناع عن أكلها عملا مع التوقف في اعتقاد الحل و الحرمة و أما الحديث فيحتمل أن يكون المراد من قوله عليه الصلاة و السلام كل من سمين مالك أى من أثمانها كما يقال فلان أكل عقاره أى ثمن عقاره و يحتمل أن يكون ذلك إطلاقا للانتفاع بظهورها بالاكراء كما يحمل على شيء مما ذكرنا عملا بالدلائل كلها و يحتمل انه كان قبل التحريم فانفسخ بما ذكرنا و ان جهل التاريخ فالعمل بالخاطر أولى احتياطا فان قيل ما رويتم يحتمل أيضا انه عليه الصلاة و السلام نهى عن أكل الحمر يوم خيبر لانها كانت غنيمة من الخمس أو لقلة الظهر أو لانها كانت جلالة فوقع التعارض و الجواب ان شيئا من ذلك لا يصلح محملا ( أما ) الاول فلان ما يحتاج اليه الجند لا يخرج منه الخمس كالطعام و العلف ( و أما ) الثاني فلان المروي أن رسول الله

(38)

صلى الله عليه و سلم أمر بأكفاء القدور يوم خيبر و معلوم ان ذلك مما لا ينتفع به في الظهر ( و أما ) الثالث فلانه عليه الصلاة و السلام خص النهى بالحمر الاهلية و هذا المعنى لا يختص بالحمر بل يوجد في غيرها ( و أما ) لحم الخيل فقد قال أبو حنيفة رضى الله عنه يكره و قال أبو يوسف و محمد رحمهما الله لا يكره و به أخذ الشافعي رحمه الله و احتجا بما روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنه قال أكلنا لحم فرس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و روى عن جابر رضى الله عنه انه قال نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن لحوم الحمر الاهلية و أذن في الخيل و روى أنه قال أطعمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم لحوم الخيل و نهانا عن لحوم الحمر و روى عنه انه قال كنا قد جعلنا في قدورنا لحم الخيل و لحم الحمار فنهانا النبي عليه الصلاة و السلام أن نأكل لحم الحمار و أمرنا أن نأكل لحم الخيل و عن سيدتنا أسماء بنت سيدنا أبى بكر الصديق رضى الله عنهما أنها قالت نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأكلناه و لابي حنيفة رضى الله عنه الكتاب و السنة و دلالة الاجماع ( أما ) الكتاب العزيز فقوله جل شأنه و الخيل و البغال و الحمير لتركبوها و زينة ( و وجه ) الاستدلال به ما حكى عن ابن عباس رضى الله عنهما فانه روى أنه سئل عن لحم الخيل فقرأ بهذه الآية الشريفة و قال و لم يقل تبارك و تعالى لتأكلوها فيكره أكلها و تمام هذا الاستدلال ان الله تبارك و تعالى ذكر الانعام فيما تقدم و منافعها و بالغ في ذلك بقوله تعالى و الانعام خلقها لكم فيها دفء و منافع و منها تأكلون و لكم فيها جمال حين تريحون و حين تسرحون و تحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه الا بشق الانفس ان ربكم لرؤف رحيم و كذا ذكر فيما بعد هذه الآية الشريفة متصلا بها منافع الماء المنزل من السماء و المنافع المتعلقة بالليل و النهار و الشمس و القمر والنجوم و المنافع المتعلقة بالبحر على سبيل المبالغة بيان شفاء لا بيان كفاية و ذكر في هذه الآية انه سبحانه و تعالى خلق الخيل و البغال و الحمير للركوب و الزينة ذكر منفعة الركوب و الزينة و لم يذكر سبحانه و تعالى منفعة الاكل فدل انه ليس فيها منفعة أخرى سوى ما ذكرناه و لو كان هناك منفعة أخرى سوى ما ذكرنا لم يحتمل ان لا نذكرها عند ذكر المنافع المتعلقة بها على سبيل المبالغة و الاستقصاء و قوله عز و جل يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث و لحم الخيل ليس بطيب بل هو خبيث لان الطباع السليمة لا تستطيبه بل تستخبثه حتى لا تجد أحدا ترك بطبعه الا و يستخبثه و ينقى طبعه عن أكله و انما يرغبون في ركوبه الا يرغب طبعه فيما كان مجبولا عليه و به تبين ان الشرع انما جاء بإحلال ما هو مستطاب في الطبع لا بما هو مستخبث و لهذا لم يجعل المستخبث في الطبع غذاء اليسر و انما جعل ما هو مستطاب بلغ في الطيب غايته ( و أما ) السنة فما روى عن جابر رضى الله عنه أنه قال لما كان يوم خيبر أصاب الناس مجاعة فأخذوا الحمر الاهلية فذبحوها فحرم رسول الله صلى الله عليه و سلم لحوم الحمر الانسية و لحوم الخيل و البغال و كل ذي ناب من السباع و كل ذي مخلب من الطير و حرم الخلسة و النهبة و عن خالد بن الوليد رضى الله عنه أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أكل لحوم الخيل و البغال و الحمير و عن المقدام بن معدى كرب أن النبي عليه الصلاة و السلام قال حرم عليكم الحمار الاهلي و خيلها و هذا نص على التحريم و عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال الخيل لثلاثة فهي لرجل ستر و لرجل أجر و لرجل وزر و لو صلحت للاكل لقال عليه الصلاة و السلام الخيل لاربعة لرجل ستر و لرجل أجر و لرجل وزر و لرجل طعام ( و أما ) دلالة الاجماع فهي أن البغل حرام بالاجماع و هو ولد الفرس فلو كانت أمه حلالا لكان هو حلالا أيضا ألان حكم الولد حكم أمه لانه منها و هو كبعضها ألا ترى ان حمار وحش لو نزى على حمارة أهلية فولدت لم يؤكل ولدها و لو نزا حمار أهلى على حمارة وحشية و ولدت يؤكل ولدها ليعلم ان حكم الوليد حكم أمه في الحل و الحرمة دون الفحل فلما كان لحم الفرس حراما كان لحم البغل كذلك و ما روى في بعض الروايات عن جابر و ما في رواية سيدتنا أسماء رضى الله عنها يحتمل أنه كان ذلك في الحال التي كان يؤكل فيها الحمر لان النبي عليه الصلاة و السلام انما نهى عن أكل لحوم الحمر يوم خيبر و كانت الخيل تؤكل في ذلك الوقت ثم حرمت يدل عليه ما روى عن الزهرى أنه قال ما علمنا الخيل أكلت الا في حصار و عن الحسن رضى الله عنه أنه قال

(39)

كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يأكلون لحوم الخيل في مغازيهم فهذا يدل على أنهم كانوا يأكلونها في حال الضرورة كما قال الزهر رحمه الله أو يحمل على هذا عملا بالدليل صيانة لها عن التناقض أو يترجح الحاضر على المبيح احتياطا و هذا الذي ذكرنا حجج أبى حنيفة رضى الله عنه على رواية الحسن انه يحرم أكل لحم الخيل ( و أما ) على ظاهر الرواية عن أبى حنيفة رضى الله عنه أنه يكره أكله و لم يطلق التحريم لاختلاف الاحاديث المروية في الباب و اختلاف السلف فكره أكل لحمه احتياطا لباب الحرمة و أما المتوحش منها نحو الظباء و بقر الوحش و حمر الوحش وابل الوحش فحلال بإجماع المسلمين و لقوله تبارك و تعالى يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات و قوله عز شأنه و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث و قوله سبحانه و تعالى كلوا من طيبات ما رزقناكم و لحوم هذه الاشياء من الطيبات فكان حلالا و روى أنه لما سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم خيبر عن لحوم الحمر فقال الاهلية فقيل نعم فدل قول رسول الله صلى الله عليه و سلم على اختلاف حكم الاهلية و الوحشية و قد ثبت أن الحكم في الاهلية الحرمة لما ذكرنا من الدلائل فكان حكم الوحشية الحل ضرورة و روى ان رجلا من فهر جاء إلى النبي عليه الصلاة و السلام و هو بالروحاء و مع الرجل حمار وحشي عقره فقال هذه رميتى يا رسول الله و هي لك فقبله النبي عليه الصلاة و السلام و أمر سيدنا أبا بكر رضى الله عنه فقسمه بين الرفاق و الحديث و ان ورد في حمار الوحش لكن احلال الحمار الوحشي احلال للضبى و البقر الوحشي و الابل الوحشي من طريق الاولى لان الحمار الوحشي ليس من جنسه من الاهلي ما هو حلال بل هو حرام و هذه الاشياء من جنسها من الاهلي ما هو حلال فكانت أولى بالحل و أما المتسأنس من السباع و هو الكلب و السنور الاهلي فلا يحل و كذلك المتوحش منها المسمى بسباع الوحش و الطير و هو كل ذي ناب من السباع و كل ذي مخلب من الطير لما روى في الخبر المشهور عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع و كل ذي مخلب من الطير و عن الزهرى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كل ذي ناب من السباع حرام فذو الناب من سباع الوحش مثل الاسد و الذئب و الضبع و النمر و الفهد و الثعلب و السنور البرى و السنجاب و الفنك و السمور و الدلق و الدب و القرد و الفيل و نحوها فلا خلاف في هذه الجملة أنها محرمة الا الضبع فانه حلال عند الامام الشافعي رحمه الله و احتج بما روى عن عطاء عن جابر رضى الله عنهما أنه قال في الضبع كبش فقلت له أ هو صيد فقال نعم فقلت يؤكل فقال نعم فقلت أسمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال نعم ( و لنا ) ان الضبع سبع ذو ناب فيدخل تحت الحديث المشهور و ما روى ليس بمشهور فالعمل بالمشهور أولى على ان ما روينا محرم و ما رواه محلل و المحرم يقضى على المبيح احتياطا و لا بأس بأكل الارنب لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فأهدى له أعرابي أرنبة مشوية فقال لاصحابه كلوا و عن محمد بن صفوان أو صفوان بن محمد أنه قال أصبت أرنبتين فذبحتمها بمروة و سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فأمرني بأكلهما و ذو المخلب من الطير كالبازى و الباشق و الصقر و الشاهين و الحدأة و النعاب و النسر و العقاب و ما أشبه ذلك فيدخل تحت نهى النبي عليه الصلاة و السلام عن كل ذي مخلب من الطير و روى انه نهى عن كل ذي خطفة و نهبة و مجثمة و عن كل ذي ناب من الطير و المجثمة روى بكسر الثاء و فتحها من الجثوم و هو تلبد الطائر الذي من عادته الجثوم على غيره ليقتله و هو السباع من الطير فيكون نهيا على أكل كل طير هذا عادته و بالفتح هو الصيد الذي يجثم عليه طائر فيقتله فيكون نهيا عن أكل كل طير قتله طير آخر بجثومه عليه و قيل بالفتح هو الذي يرمى حتى يجثم فيموت و ما لا مخلب له من الطير فالمستأنس منه كالدجاج و البط والمتوحش كالحمام و الفاختة و العصافير و القبج و الكركي و الغراب الذي يأكل الحب و الزرع و العقعق حلال بالاجماع ( فصل ) و أما بيان ما يكره من الحيوانات فيكره أكل لحوم الابل الجلالة و هي التي الاغلب من أكلها النجاسة لما روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن أكل لحوم الابل الجلالة و لانه إذا كان الغالب من أكلها النجاسات

(40)

يتغير لحمها و ينتن فيكره أكله كالطعام المنتن و روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن الجلالة أن تشرب البانها لان لحمها إذا تغير يتغير لبنها و ما روى أنه عليه الصلاة و السلام نهى عن أن يحج عليها و ان يعتمر عليها و ان يغزى و أن ينتفع بها فيما سوى ذلك فذلك محمول على انها انتنت في نفسها فيمتنع من استعمالها حتى لا يتأذى الناس بنتنها كذا ذكره القدوري رحمه الله في شرحه مختصر الكرخي و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي انه لا يحل الانتفاع بها من العمل و غيره الا ان تحبس أياما و تعلف فحينئذ تحل و ما ذكر القدوري رحمه الله أجود لان النهى ليس لمعنى يرجع إلى ذاتها بل لعارض جاورها فكان الانتفاع بها حلالا في ذاته الا انه يمنع عنه لغيره ثم ليس لحبسها تقدير في ظاهر الرواية هكذا روى عن محمد رحمه الله أنه قال كان أبو حنيفة رضى الله عنه لا يوقت في حبسها و قال تحبس حتى تطيب و هو قولهما أيضا و روى أبو يوسف عن أبى حنيفة عليه الرحمة انها تحبس ثلاثة أيام و روى ابن رستم رحمه الله عن محمد في الناقة الجلالة و الشاة و البقر الجلال انها انما تكون جلالة إذا تفتتت و تغيرت و وجد منها ريح منتنة فهي الجلالة حينئذ لا يشرب لبنها و لا يؤكل لحمها و بيعها وهبتها جائز هذا إذا كانت لا تخلط و لا تأكل الا العذرة غالبا فان خلطت فليست جلالة فلا تكره لانها لا تنتن و لا يكره أكل الدجاج المحلى و ان كان يتناول النجاسة لانه لا يغلب عليه أكل النجاسة بل يخلطها بغيرها و هو الحب فيأكل ذا و ذا و قيل انما لا يكره لانه لا ينتن كما ينتن الابل و الحكم متعلق بالنتن و لهذا قال اصحابنا في جدي ارتضع بلبن خنزير حتى كبر انه لا يكره أكله لان لحمه لا يتغير و لا ينتن فهذا يدل على ان الكراهة في الجلالة لمكان التغير و النتن لا لتناول النجاسة و لهذا إذا خلطت لا يكره و ان وجد تناول النجاسة لانها لا تنتن فدل ان العبرة للنتن لا لتناول النجاسة و الافضل ان تحبس الدجاج حتى يذهب ما في بطنها من النجاسة لما روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يحبس الدجاج ثلاثة أيام ثم يأكله و ذلك على طريق التنزه و هو رواية أبى يوسف عن ابى حنيفة عليهما الرحمة انها تحبس ثلاثة أيام كانه ذهب إلى ذلك للخبر و لما ذكرنا ان ما في جوفها من النجاسة يزول في هذه المدة ظاهرا و غالبا و يكره الغراب الاسود الكبير لما روى عن عروة عن ابيه أنه سئل عن أكل الغراب فقال من يأكل بعد ما سماه الله تبارك و تعالى فاسقا عني بذلك قول رسول الله صلى الله عليه و سلم خمس من الفواسق يقتلهن المحرم في الحل و الحرم و لان غالب أكلها الجيف فيكره أكلها كالجلالة و لا بأس بغراب الزرع لانه يأكل الحب و الزرع و لا يأكل الجيف هكذا روى بشر بن الوليد عن أبى يوسف قال سألت أبا حنيفة عليه الرحمة عن أكل الغراب فرخص في غراب الزرع و كره الغداف فسألته عن الابقع فكره ذلك و ان كان غرابا يخلط فيأكل الجيف و يأكل الحب لا يكره في قول أبى حنيفة عليه الرحمة قال و انما يكره من الطير ما لا يأكل الا الجيف و لا بأس بالعقعق لانه ليس بذى مخلب و لا من الطير الذي لا يأكل الا الحب كذا روى أبو يوسف أنه قال سألت أبا حنيفة رحمه الله في أكل العقعق فقال لا بأس به فقلت انه يأكل الجيف فقال انه يخلط فحصل من قول أبى حنيفة ان ما يخلط من الطيور لا يكره أكله كالدجاج و قال أبو يوسف رحمه الله يكره لان غالب أكله الجيف ( فصل ) و أما بيان شرط حل الاكل في الحيوان المأكول فشرط حل الاكل في الحيوان المأكول البرى هو الذكاة فلا يحل أكله بدونها لقوله تبارك و تعالى حرمت عليكم الميتة و الدم إلى قوله عز شأنه و ما أكل السبع الا ما ذكيتم استثنى سبحانه و تعالى الذكي من المحرم و الاستثناء من التحريم إباحة ثم الكلام في الذكاة في الاصل في ثلاثة مواضع في بيان ركن الذكاة و فى بيان شرائط الركن و فى بيان ما يستحب من الذكاة و ما يكره منها فالذكاة نوعان اختيارية و ضرورية أما الاختيارية فركنها الذبح فيما يذبح من الشاة و البقرة و نحوهما و النحر فيما ينحر و هو الابل عند القدرة على الذبح و النحر لا يحل بدون الذبح و النحر لان الحرمة في الحيوان المأكول لمكان الدم المسفوح و أنه لا يزول الا بالذبح و النحر و لان الشرع انما ورد بإحلال الطيبات قال الله تبارك و تعالى يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات و قال سبحانه و تعالى و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث و لا يطيب الا بخروج الدم المسفوح و ذلك بالذبح و النحر

(41)

و لهذا حرمت الميتة لان المحرم و هو الدم المسفوح فيها قائم و لذا لا يطيب معه قيامه و لهذا يفسد في أدنى مدة ما يفسد في مثلها المذبوح و كذا المنخنقة و الموقوذة و المتردية و النطيحة لما قلنا و الذبح هو فرى الاوداج و محله ما بين اللبة و اللحيين لقول النبي عليه الصلاة و السلام الذكاة ما بين اللبة و اللحية أى محل الذكاة ما بين اللبة و اللحيين و روى الذكاة في الحلق و اللبة و النحر فرى الاوداج و محله آخر الحلق و لو نحر ما يذبح و ذبح ما ينحر يحل لوجود فرى الاوداج و لكنه يكره لان السنة في الابل النحر و فى غيرها الذبح ألا ترى ان الله تعالى ذكر في الابل النحر و فى البقر و الغنم الذبح فقال سبحانه و تعالى فصل لربك و انحر قيل في التأويل أى أنحر الجزور و قال الله عز شأنه ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة و قال تعالى و فديناه بذبح عظيم و الذبح بمعنى المذبوح كالطحن بمعنى المطحون و هو الكبش الذي فدى به سيدنا اسماعيل أو سيدنا إسحاق صلوات الله عليهما على اختلاف أصل القصة في ذلك و كذا النبي عليه الصلاة و السلام نحر الابل و ذبح البقر و الغنم فدل أن ذلك هو السنة و ذكر محمد رحمه الله في الاصل و قال بلغنا ان أصحاب النبي عليه الصلاة و السلام و رضى الله عنهم كانوا ينحرون الابل قياما معقولة اليد اليسرى فدل ذلك على ان النحر في الابل هو السنة لان الاصل في الذكاة انما هو الاسهل على الحيوان و ما فيه نوع راحة له فيه فهو أفضل لما روى عن النبي عليه الصلاة و السلام قال ان الله تعالى كتب الاحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة و إذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته و الاسهل في الابل النحر لخلو لبتها عن اللحم و اجتماع اللحم فيما سواه من خلفها و البقر و الغنم جميع حلقها لا يختلف فان قيل أ ليس انه روى عن جابر رضى الله عنه أنه قال نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم البدنة عن سبعة و البقرة عن سبعة أى و نحرنا البقرة عن سبعة لانه معطوف على الاول فكان خبر الاول خبرا للثاني كقولنا جاءني زيد و عمرو فالجواب ان الذبح مضمر فيه و معناه و ذبحنا البقرة على عادة العرب في الشيء إذا عطف على غيره و خبر المعطوف عليه لا يحتمل الوجود في المعطوف أو لا يوجد عادة أن يضمر المعارف المعتاد كما قال الشاعر و لقيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا و رمحا أى متقلدا سيفا و معتقلا رمحا و قال آخر علفتها تبنا و ماء باردا أى علفتها تبنا و سقيتها ماء باردا لان الرمح لا يحتمل التقلد أو لا يتقلد عادة و الماء لا يعلف بل يسقى كذا ههنا الذبح في البقر هو المعتاد فيضمر فيه فصار كأنه قال نحرنا البدنة و ذبحنا البقرة و هذا الذي ذكرنا قول عامة العلماء رضى الله تعالى عنهم و قال مالك رحمه الله إذا ذبح البدنة لا تحل لان الله تبارك و تعالى أمر في البدنة بالنحر بقوله عز شأنه فصل لربك و انحر فإذا ذبح فقد ترك المأمور به فحلا يحل و لنا ما روى عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال ما أنهر الدم و فرى الاوداج فكل و به تبين ان الامر بالنحر في البدنة ليسس لعينه بل لا نهار الدم و افراء الاوداج و قد وجد ذلك و لا بأس في الحلق كله أسفله أو أوسطه أو أعلاه لقوله عليه الصلاة و السلام الذكاة ما بين اللبة و اللحيين و قوله عليه الصلاة و السلام الذكاة في الحلق و اللبة من فصل و لان المقصود إخراج الدم المسفوح و تطييب اللحم و ذلك يحصل بقطع الاوداج في الحلق كله ثم الاوداج أربعة الحلقوم و المرى و العرقان اللذان بينهما الحلقوم و المرئ فإذا فرى ذلك كله فقد أتى بالذكاة بكمالها و سننها و ان فرى البعض دون البعض فعند ابى حنيفة رضى الله عنه إذا قطع أكثر الاوداج و هو ثلاثة منها أى ثلاثة كانت و ترك واحدا يحل و قال أبو يوسف رحمه الله لا يحل حتى يقطع الحلقوم و المرئ واحد العرقين و قال محمد رحمه الله لا يحل حتى يقطع من كل واحد من الاربعة أكثره و قال الشافعي رحمه الله إذا قطع الحلقوم و المرئ حل إذا استوعب قطعهما ( وجه ) قول الشافعي رضى الله عنه ان الذبح ازالة الحياة و الحياة لا تبقي بعد قطع الحلقوم و المرئ عادة و قد تبقي بعد قطع الودجين اذ هما عرقان كسائر العروق و الحياة تبقي بعد قطع عرقين من سائر العروق ( و لنا ) ان المقصود من الذبح ازالة المحرم و هو الدم المسفوح و لا يحصل الا بقطع الودج ( وجه ) قول محمد عليه الرحمة انه إذا قطع الاكثر من كل واحد من الاربعة فقد حصل المقصود بالذبح و هو خروج الدم لانه يخرج ما يخرج


/ 46