بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 5

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 5

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(77)

التصدق بقيمتها و ان تركها عليه و ضمنه قيمتها جاز الذبح عندنا كما في الغصب و لو أودع رجل رجلا شاة يضحى بها المستودع عن نفسه يوم النحر فاختار صاحبها القيمة و رضى بها فاخذها فانها لا تجزى المستودع من أضحيته بخلاف الشاة المغصوبة و المستحقة و وجه الفرق ان سبب وجوب الضمان ههنا هو الذبح و الملك ثبت بعد تمام السبب و هو الذبح فكان الذبح مصادفا ملك غيره فلا يجزيه بخلاف الغاصب فانه كان ضامنا قبل الذبح لوجود سبب وجوب الضمان و هو الغصب السابق فعند اختيار الضمان أو ادائه يثبت الملك له من وقت السبب و هو الغصب فالذبح صادف ملك نفسه فجاز و كل جواب عرفته في الوديعة فهو الجواب في العارية و الاجارة بان استعار ناقة أو ثورا أو بعيرا أو استأجره فضحى به أنه لا يجزيه عن الاضحية سواء أخذها المالك أو ضمنه القيمة لانها أمانة في يده و انما يضمنها بالذبح فصار كالوديعة و لو كان مرهونا ينبغى أن يجوز لانه يصير ملكا له من وقت القبض كما في الغصب بل أولى و من المشايخ من فصل في الرهن تفصيلا لا بأس به فقال ان كان قدر الرهن مثل الدين أو أقل منه يجوز فاما إذا كانت قيمته أكثر من الدين فينبغي أن لا يجوز لانه إذا كان كذلك كان بعضه مضمونا و بعضه أمانة ففى قدر الامانة انما يضمنه بالذبح فيكون بمنزلة الوديعة و لو اشترى شاة بيعا فاسدا فقبضها فضحى بها جاز لانه يملكها بالقبض و للبائع ان يضمنه قيمتها حية ان شاء و ان شاء أ خدها مذبوحة لان الذبح لا يبطل حقه في الاسترداد فان ضمنه قيمتها حية فلا شيء على المضحى و ان أخذها مذبوحة فعلى المضحى أن يتصدق بقيمتها مذبوحة لانه بالرد أسقط الضمان عن نفسه فصار كانه باعها بمقدار القيمة التي وجبت عليه و كذلك لو وهب له شاة هبة فاسدة فضحى بها فالواهب بالخيار ان شاء ضمنه قيمتها حية و تجوز الاضحية و يأكل منها و ان شاء استردها و استرد قيمة النقصان و يضمن الموهوب له قيمتها فيتصدق بها إذا كان بعد مضى وقت الاضحية و كذلك المريض مرض الموت لو وهب شاة من رجل في مرضه و عليه دين مستغرق فضحى بها الموهوب له فالغرماء بالخيار ان شاؤوا استردوا عينها و عليه أن يتصدق بقيمتها و ان شاؤوا ضمنوه قيمتها فتجوز الاضحية لان الشاة كانت مضمونة عليه فإذا ردها فقد أسقط الضمان عن نفسه كما قلنا في البيع الفاسد و لو اشترى شاة بثوب فضحى بها المشترى ثم وجد البائع بالثوب عيبا فرده فهو بالخيار ان شاء ضمنه قيمة الشاة و لا يتصدق المضحى و يجوز له الاكل و ان شاء استردها ناقصة مذبوحة فبعد ذلك ينظر ان كانت قيمة الثوب أكثر يتصدق بالثوب كانه باعها بالثوب و ان كانت قيمة الشاة أكثر يتصدق بقيمة الشاة لان الشاة كانت مضمونة عليه فيرد ما أسقط الضمان عن نفسه كانه باعها بثمن ذلك القعد من قيمتها فيتصدق بقيمتها و لو وجد بالشاة عيبا فالبائع بالخيار ان شاء قبلها ورد الثمن و يتصدق المشترى بالثمن الا حصة النقصان لانه لم يوجب حصة النقصان على نفسه و ان شاء لم يقبل ورد حصة العيب و لا يتصدق المشترى بها لان ذلك النقصان لم يدخل في القربة و انما دخل في القربة ما ذبح و قد ذبح ناقصا الا في جزاء الصيد فانه ينظر ان لم يكن مع هذا العيب عدلا للصيد فعليه أن يتصدق بالفضل لما نذكر و لو وهب لرجل شاة فضحى بها الموهوب له أجزأته عن الاضحية لانه ملكها بالهبة و القبض فصار كما لو ملكها بالشراء فلو أنه ضحى بها ثم أراد الواهب أن يرجع في هبته فعند أبى يوسف رحمه الله ليس له ذلك بناء على أن الاضحية بمنزلة الوقف عنده فإذا ذبحها الموهوب له عن أضحيته أو أوجبها أضحية لا يملك الرجوع فيها كما لو أعتق المرهوب له العبد أنه ينقطع حق الواهب عن الرجوع كذا ههنا و عند محمد عليه الرحمة له ذلك لان الذبح نقصان و النقصان لا يمنع الرجوع و لا يجب على المضحى أن يتصدق بشيء لان الشاة لم تكن مضمونة عليه فصار في الحكم بمنزلة ابتداء الهبة و لو وهبها أو استهكلها لا شيء عليه هذا و لو كان هذا في جزاء الصيد أو في كفارة الحلق أو في موضع يجب عليه التصدق باللحم فإذا رجع الواهب في الهبة فعليه أن يتصدق بقيمتها لان التصدق واجب عليه فصار كما إذا استهلكها و لانه ذبح شاة لغيره حق الرجوع فيها فصار كأنه هو الذي دفع اليه و الرجوع في الهبة بقضاء و بغير قضأ سواء في هذا الفصل يفترق الجواب بين ما يجب صدقة و بين ما لا يجب

(78)

و فى الفصول الاول يستوى الجواب بينهما و لو وهب المريض مرض الموت شاة لانسان و قبضها الموهوب له فضحاها ثم مات الواهب من مرضه ذلك و لا مال له غيرها فالورثة بالخيار ان شاؤوا ضمنوا للموهوب له ثلثي قيمتها حية و ان شاؤوا أخذوا ثلثيها مذبوحة فان ضمنوه ثلثي قيمتها حية فلا شيء على الموهوب له لانها لو كانت مغصوبة فضمن قيمتها لا شيء عليه ذلك فهذه أولى و ان أخذوا ثلثيها اختلف المشايخ فيه قال بعضهم القياس أن يتصدق بثلثي قيمتها حية لان الموهوب له قد ضمن ثلثي قيمتها حية ثم سقط عنه ثلث قيمتها حية يأخذ الورثة منه ثلثي الشاة مذبوحة فصار كأنه باعها بذلك و قضى دينا عليه بثلثي الشاة فعليه أن يتصدق بذلك القدر و قال بعضهم لا شئ عليه الا ثلثي قيمتها مذبوحة لان الورثة لما أخذوا ثلثيها مذبوحة فقد أبرأوا الموهوب له من فضل ما بين ثلثي قيمتها حية إلى ثلثي قيمتها مذبوحة فلا يجب على الموهوب له الا ثلثا قيمتها مذبوحة و هكذا ذكر في نوادر الضحايا عن محمد عليه الرحمة في هذه المسألة ان الورثة بالخيار ان شاؤوا ضمنوا ثلثي قيمية الشاة و سلموا له لحمها و ان شاؤوا أخذوا ثلثي لحمها و كانوا شركاءه فيها فان ضمنوا ثلثي القيمة أجزأت عنه الاضحية و ان شاركوه فيها و أخذوا ثلثي لحمها فعليه أن يتصدق بثلثي قيمتها مذبوحة و قد أجزأت عنه من قبل أنه ذبحها هو يملكها و الله عز شأنه أعلم .

( فصل ) و أما بيان ما يستحب قبل التضحية و عندها و بعدها و ما يكره أما الذي هو قبل التضحية فيستحب أن يربط الاضحية قبل أيام النحر بأيام لما فيه من الاستعداد للقربة و إظهار الرغبة فيها فيكون له فيه أجر و ثواب و أن يقلدها و يجللها اعتبارا بالهدايا و الجامع أن ذلك يشعر بتعظيمها قال الله تعالى ذلك و من يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب و أن يسوقها إلى المنسك سوقا جميلا لا عنيفا و ان لا يجر برجلها إلى المذبح كما ذكرنا في كتاب الذبائح و لو اشترى شاة للاضحية فيكره ان يحلبها أو يجز صوفها فينتفع به لانه عينها للقربة فلا يحل له الانتفاع بجزء من أجزائها قبل اقامة القربة فيها كما لا يحل له الانتفاع بلحمها إذا ذبحها قبل وقتها و لان الحلب و الجز يوجب نقصا فيها و هو ممنوع عن إدخال النقص في الاضحية و من المشايخ من قال هذا في الشاة المنذور بها بعينها من المعسر أو الموسر أو الشاة المشتراة للاضحية من المعسر فأما المشتراة من الموسر للاضحية فلا بأس أن يحلبها و يجز صوفها لان في الاول تعينت الشاة لوجوب التضحية بها بدليل أنه لا تقوم التضحية بغيرها مقامها و إذا تعينت لوجوب التضحية بها بتعيينه لا يجوز له الرجوع في جزء منها و فى الثاني لم تتعين للوجوب بل الواجب في ذمته و انما يسقط بها ما في ذمته بدليل أن غيرها يقوم مقامها فكانت جائزة الذبح لا واجبة الذبح و الجواب على نحو ما ذكرنا فيما تقدم أن المشتراة للاضحية متعينه للقربة إلى أن يقام غيرها مقامها فلا يحل الانتفاع بها ما دامت متعينة و لهذا لا يحل له لحمها إذا ذبحها قبل وقتها فان كان في ضرعها لبن و هو يخاف عليها ان لم يحلبها نضح ضرعها بالماء البارد حتى يتقلص اللبن لانه لا سبيل إلى الحلب و لا وجه لا بقائها كذلك لانه يخاف عليها الهلاك فيتضرر به فتعين نضح الضرع بالماء البارد لينقطع اللبن فيندفع الضرر فان حلب تصدق باللبن لانه جزء من شاة متعينة للقربة ما أقيمت فيها القربة فكان الواجب هو التصدق به كما لو ذبحت قبل الوقت فعليه أن يتصدق بمثله لانه من ذوات الامثال و ان تصدق بقيمته جاز لان القيمة تقوم مقام العين و كذلك الجواب في الصوف و الشعر و الوبر و يكره له بيعها لما قلنا و لو باع جاز في قول أبى حنيفة و محمد عليهما الرحمة لانه بيع مال مملوك منتفع به مقدور التسليم و غير ذلك من الشرائط فيجوز و عند أبى يوسف رحمه الله لا يجوز لما روى عنه انه بمنزلة الوقف و لا يجوز بيع الوقف ثم إذا جاز بيعها على أصلهما فعليه مكانها مثلها أو أرفع منها فيضحى بها فان فعل ذلك فليس عليه شيء آخر و ان اشترى دونها فعليه أن يتصدق بفضل ما بين القيمتين و لا ينظر إلى الثمن و انما ينظر إلى القيمة حتى لو باع الاولى بأقل من قيمتها و اشترى الثانية بأكثر من قيمتها و ثمن الثانية أكثر من ثمن الاولى يجب عليه أن يتصدق بفضل قيمة الاولى فان ولدت الاضحية ولدا يذبح ولدها مع الام كذا ذكر في الاصل و قال أيضا و ان باعه يتصدق بثمنه لان الام تعينت للاضحية و الولد يحدث على وصف الام في الصفات الشرعية فيسرى إلى

(79)

الولد كالرق و الحرية و من المشايخ من قال هذا في الاضحية الموجبة بالنذر كالفقير إذا اشترى شاة للاضحية فأما الموسر إذا اشترى شاة للاضحية فولدت لا يتبعها ولدها لان في الاول تعين الوجوب فيسرى إلى الولد و فى الثاني لم يتعين لانه لا تجوز التضحية بغيرها فكذا ولدها و ذكر القدوري رحمه الله و قال كان أصحابنا يقولون يجب ذبح الولد و لو تصدق به جاز لان الحق لم يسر اليه و لكنه متعلق به فكان كجلالها و خطامها فان ذبحه تصدق بقيمته و ان باعه تصدق بثمنه و لا يبيعه و لا يأكله و قال بعضهم لا ينبغى له أن يذبحه و قال بعضهم انه بالخيار ان شاء ذبحه أيام النحر و أكل منه كالام و ان شاء تصدق به فان أمسك الولد حتى مضت أيام النحر تصدق به لانه فات ذبحه فصار كالشاة المنذورة و ذكر في المنتقى إذا وضعت الاضحية فذبح الولد يوم النحر قبل الام أجزأه فان تصدق به يوم الاضحى قبل أن يعلم فعليه أن يتصدق بقيمته قال القدوري رحمه الله و هذا على أصل محمد عليه الرحمة ان الصغار تدخل في الهدايا و يجب ذبحها و لو ولدت الاضحية تعلق بولدها من الحكم ما يتعلق بها فصار كما فات بمضي الايام و يكره له ركوب الاضحية و استعمالها و الحمل عليها فان فعل فلا شيء عليه الا أن يكون نقصها ذلك فعليه أن يتصدق بنقصانها و لو أجرها صاحبها ليحمل عليها قال بعض المشايخ ينبغى أن يغرم ما نقصها الحمل فانه ذكر في المنتفى في رجل أهدى ناقة ثم أجرها ثم حمل عليها فان صاحبها يغرم ما نقصها ذلك و يتصدق بالكراء كذا ههنا ( و أما ) الذي هو في حال التضحية فبعضها يرجع إلى نفس التضحية و بعضها يرجع إلى من عليه التضحية و بعضها يرجع إلى الاضحية و بعضها يرجع إلى وقت التضحية و بعضها يرجع إلى آلة التضحية أما الذي يرجع إلى نفس التضحية فما ذكرنا في كتاب الذبائح و هو ان المستحب هو الذبح في الشاة و البقر و النحر في الابل و يكره القلب من ذلك و قطع العروق الاربعة كلها التذفيف في ذلك و أن يكون الذبح من الحلقوم لا من القفا ( و أما ) الذي يرجع إلى من عليه التضحية فالأَفضل أن يذبح بنفسه ان قدر عليه لانه قربة فمباشرتها بنفسه أفضل من توليتها غيره كسائر القربات و الدليل عليه ما روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم ساق مائة بدنة فنحر منها نيفا و ستين بيده الشريفة عليه الصلاة و السلام ثم أعطى المدية سيدنا عليا رضى الله عنه فنحر الباقين و هذا إذا كان الرجل يحسن الذبح و يقدر عليه فأما إذا لم يحسن فتوليته غيره فيه أولى و قدر روى عن أبى حنيفة رضى الله عنه انه قال نحرت بدنة قائمة معقولة فلم أشق عليها فكدت أهلك ناسا لانها نفرت فاعتقدت أن لا أنحرها الا باركة معقولة و أولى من هو أقدر على ذلك منى و فى حديث أنس رضى الله عنه أن النبي عليه الصلاة و السلام ضحى بكبشين أملحين أقرنين قال أنس فرأيت النبي عليه الصلاة و السلام واضعا قدمه على صفاحهما أى على جوانب عنقهما و هو يذبحهما بيده عليه الصلاة و السلام مستقبل القبلة فذبح الاول فقال بسم الله و الله أكبر أللهم هذا عن محمد و عن آل محمد ثم ذبح الآخر و قال عليه الصلاة و السلام أللهم هذا عمن شهد لك بالتوحيد و شهد لي بالبلاغ و يستحب أن يكون الذابح حال الذبح متوجها إلى القبلة لما روينا و إذا لم يذبح بنفسه يستحب له أن يأمر مسلما فان أمر كتابيا يكره لما قلنا و يستحب أن يحضر الذبح لما روى عن سيدنا على رضى الله عنه أن النبي عليه الصلاة و السلام قال لسيدتنا فاطمة رضى الله عنها يا فاطمة بنت محمد قومى فاشهدي ضحيتك فانه يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها مغفرة لكل ذنب أما انه يجاء بدمها و لحمها فيوضع في ميزانك و سبعون ضعفا فقال أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه يا نبى الله هذا لآل محمد خاصة فانهم أصل لما خصوا به من الخير أم لآل محمد و للمسلمين عامة فقال هذا لآل محمد خاصة و للمسلمين عامة و فى حديث عمران بن الحصين رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يا فاطمة قومى فاشهدي أضحيتك فانه يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملتيه و قولي ان صلاتي و نسكي و محياى و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و ان يدعو فيقول أللهم منك و لك صلاتي و نسكي و محياى و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا من المسلمين لما روينا و ان يقول ذلك قبل التسمية أو بعدها لما روى عن جابر رضى الله عنه قال ضحى رسول الله صلى الله عليه و سلم بكبشين فقال حين وجههما وجهت وجهي للذي فطر

(80)

السموات و الارض حنيفا مسلما أللهم منك و لك عن محمد و أمته بسم الله و الله أكبر و روى عن الحسن بن المعتم الكناني قال خرجت مع سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه يوم الاضحى إلى عيد فلما صلى قال يا قنبر ادن منى أحد الكبشين فاخذ بيده فأضجعه ثم قال وجهت وجهي للذي فطر السموات و الارض حنيفا و ما أنا من المشركين ان صلاتي و نسكي و محياى و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا من المسلمين بسم الله أللهم منك و لك بسم الله و الله أكبر أللهم تقبل من على فذبحه ثم دعا بالثاني ففعل به مثل ذلك و يستحب أن يجرد التسمية عن الدعاء فلا يخلط معها دعاء و انما يدعو قبل التسمية أو بعدها و يكره حالة التسمية ( و أما ) الذي يرجع إلى الاضحية فالمستحب أن يكون أسمنها و أحسنها و أعظمها لانها مطية الآخرة قال عليه الصلاة و السلام عظموا ضحاياكم فانها على الصراط مطاياكم و مهما كانت المطية أعظم و أسمن كانت على الجواز على الصراط أقدر و أفضل الشاء أن يكون كبشا أملح أقرن موجوأ لما روى جابر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين موجوأين عظيمين سمينين و الاقرن العظيم القرن و الاملح الابيض و روى عليه الصلاة و السلام أنه قال دم العفراء يعدل عند الله مثل دم السوداوين و ان أحسن اللون عند الله البياض و الله خلق الجنة بيضاء و الموجوء قيل هو مدقوق الخصيتين و قيل هو الخصى كذا روى عن أبى حنيفة رحمه الله فانه روى عنه أنه سئل عن التضحية بالخصي فقال ما زاد في لحمه أنفع مما ذهب من خصيتيه ( و أما ) الذي يرجع إلى وقت التضحية فالمستحب هو اليوم الاول من أيام النحر لما روينا عن جماعة من الصحابة رضى الله عنهم أنهم قالوا أيام النحر ثلاثة أولها أفضلها و لانه مسارعة إلى الخير و قد مدح الله جل شأنه المسارعين إلى الخيرات السابقين لها بقوله عز شأنه أولئك يسارعون في الخيرات و هم لها سابقون و قال عز شأنه و سارعوا إلى مغفرة من ربكم أى إلى سبب المغفرة و لان الله جل شأنه أضاف عباده في هذه الايام بلحوم القرابين فكانت التضحية في أول الوقت من باب سرعة الاجابة إلى ضيافة الله جل شأنه و المستحب أن تكون بالنهار و يكره أن تكون بالليل لما ذكرنا في كتاب الذبائح و الصيود و أفضل وقت التضحية لاهل السواد ما بعد طلوع الشمس لان عنده يتكامل آثار أول النهار و الله عز و جل أعلم ( و أما ) الذي يرجع إلى آلة التضحية فما ذكرنا في كتاب الذبائح و هو أن تكون آلة الذبح حادة من الحديد ( و أما ) الذي هو بعد الذبح فالمستحب أن يتربص بعد الذبح قدر ما يبرد و يسكن من جميع أعضائه و تزول الحياة عن جميع جسده و يكره أن ينخع و يسلخ قبل أن يبرد لما ذكرنا في كتاب الذبائح و لصاحب الاضحية أن يأكل من أضحيته لقوله تعالى فكلوا منها و لانه ضيف الله جل شأنه في هذه الايام كغيره فله أن يأكل من ضيافة الله عز شأنه و جملة الكلام فيه ان الدماء أنواع ثلاثة نوع يجوز لصاحبه أن يأكل منه بالاجماع و نوع لا يجوز له أن يأكل منه بالاجماع و نوع اختلف فيه فالأَول دم الاضحية نفلا كان أو واجبا منذورا كان أو واجبا مبتدأ و الثاني دم الاحصار و جزاء الصيد و دم الكفارة الواجبة بسبب الجناية على الاحرام كحلق الرأس و لبس المخيط و الجماع بعد الوقوف بعرفة و غير ذلك من الجنايات و دم النذر بالذبح و الثالث دم المتعة و القران فعندنا يؤكل و عند الشافعي رحمه الله لا يؤكل و هي من مسائل المناسك ثم كل دم يجوز له أن يأكل منه لا يجب عليه أن يتصدق به بعد الذبح اذ لو وجب عليه التصدق لما جاز له أن يأكل منه و كل دم لا يجوز له أن يأكل منه يجب عليه أن يتصدق به بعد الذبح اذ لو لم يجب لادى إلى التسييب و لو هلك اللحم بعد الذبح لا ضمان عليه في النوعين جميعا أما في النوع الاول فظاهر و أما في الثاني في فلانه هلك عن صنعه فلا يكون مضمونا عليه و ان استهلكه بعد الذبح ان كان من النوع الثاني يغرم قيمته لانه أتلف ما لا متعينا للتصدق به فيغرم قيمته و يتصدق بها و ان كان من النوع الاول لا يغرم شيأ و لو باعه نقذ بيعه سواء كان من النوع الاول أو الثاني فعليه أن يتصدق بثمنه و يستحب له أن يأكل من أضحيته لقوله تعالى عز شأنه فكلوا منها و أطعموا البائس الفقير و روى عن النبي عليه الصلاة و السلام انه قال إذا ضحى أحدكم فليأكل من أضحيته و يطعم منه غيره و روى عن سيدنا على رضى الله عنه أنه قال لغلامه قنبر حين ضحى بالكبشين

(81)

يا قنبر خذ لي من كل واحد منهما بضعة و تصدق بهما بجلودهما و برؤسهما و بأكارعهما و الافضل أن يتصدق بالثلث و يتخذ الثلث ضيافة لاقاربه و أصدقائه و يدخر الثلث لقوله تعالى فكلوا منها و أطعموا القانع و المعتر و قوله عز شأنه فكلوا منها و أطعموا البائس الفقير و قول النبي عليه الصلاة و السلام كنت نهيتكم عن لحوم الاضاحي فكلوا منها و ادخروا فثبت بمجموع الكتاب العزيز و السنة ان المستحب ما قلنا و لانه يوم ضيافة الله عز و جل بلحوم القرابين فيندب اشراك الكل فيها و يطعم الفقير و الغني جميعا لكون الكل أضياف الله تعالى عز شأنه في هذه الايام و له أن يهبه منهما جميعا و لو تصدق بالكل جاز و لو حبس الكل لنفسه جاز لان القربة في الاراقة ( و أما ) التصدق باللحم فتطوع و له أن يدخر الكل لنفسه فوق ثلاثة أيام لان النهى عن ذلك كان في ابتداء الاسلام ثم نسخ بما روى عن النبي عليه الصلاة و السلام انه قال انى كنت نهيتكم عن إمساك لحوم الاضاحي فوق ثلاثة أيام الا فامسكوا ما بدا لكم و روى انه عليه الصلاة و السلام قال انما نهيتكم لاجل الرأفة دون حضرة الاضحى الا أن اطعامها و التصدق أفضل الا أن يكون الرجل ذا عيال و غير موسع الحال فان الافضل له حينئذ أن يدعه لعياله و يوسع به عليهم لان حاجته و حاجة عياله مقدمة على حاجة غيره قال النبي عليه الصلاة و السلام ابدأ بنفسك ثم بغيرك و لا يحل بيع جلدها و شحمها و لحمها و أطرافها و رأسها و صوفها و شعرها و و برها و لبنها الذي يحلبه منها بعد ذبحها بشيء لا يمكن الانتفاع به الا باستهلاك عينه من الدراهم و الدنانير و المأكولات و المشروبات و لا أن يعطى أجر الجزار و الذابح منها لما روى عن رسول صلى الله عليه و سلم انه قال من باع جلد أضحية فلا أضحية له و روى أن النبي عليه الصلاة و السلام قال لعلى رضى الله عنه تصدق بجلالها و خطامها و لا تعطى أجر الجزار منها و روى عن سيدنا على كرم الله وجهه أنه قال إذا ضحيتم فلا تبيعوا لحوم ضحاياكم و لا جلودها وكلوا منها و تمتعوا و لانها من ضيافة الله عز شأنه التي أضاف بها عباده و ليس للضيف أن يبيع من طعام الضيافة شيأ فان باع شيأ من ذلك نفذ عند أبى حنيفة و محمد و عند أبى يوسف لا ينفذ لما ذكرنا فيما قبل الذبح و يتصدق بثمنه لان القربة ذهبت عنه فيتصدق به و لانه استفاده بسبب محظور و هو البيع فلا يخلو عن خبث فكان سبيله التصدق و له أن ينتفع بجلد أضحيته في بيته بأن يجعله سقاء أو فروا أو ذلك لما روى عن سيدتنا عائشة رضى الله عنها أنها اتخذت من جلد أضحيتها سقاء و لانه يجوز الانتفاع بلحمها فكذا بجلدها و له أن يبيع هذه الاشياء بما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه من متاع البيت كالجراب و المنخل لان البدل الذي يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه يقوم مقام المبدل فكان المبدل قائما معنى فكان الانتفاع به كالانتفاع بعين الجلد بخلاف البيع بالدراهم و الدنانير لان ذلك مما لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه فلا يقوم مقام الجلد فلا يكون الجلد قائما معنى و الله تعالى عز شأنه أعلم .

( كتاب النذر ) الكلام في هذا الكتاب في الاصل في ثلاثة مواضع في بيان ركن النذر و فى بيان شرائط الركن و فى بيان حكم النذر أما الاول فركن النذر هو الصيغة الدالة عليه و هو قوله لله عز شأنه على كذا أو على كذا أو هذا هدى أو صدقة أو مالى صدقة أو ما أملك صدقة و نحو ذلك .

( فصل ) و أما شرائط الركن فانواع بعضها يتعلق بالناذر و بعضها يتعلق بالمنذور به و بعضها يتعلق بنفس الركن أما الذي يتعلق بالناذر فشرائط الاهلية ( منها ) العقل ( و منها ) البلوغ فلا يصح نذر المجنون و الصبي الذي لا يعقل لان حكم النذر وجوب المنذور به و هما ليسا من أهل الوجوب و كذا الصبي العاقل لانه ليس من أهل وجوب الشرائع ألا ترى انه لا يجب عليهما شيء من الشرائع بإيجاب الشرع ابتداء فكذا بالنذر اذ الوجوب عند

(82)

وجود الصيغة من الاهل في المحل بإيجاب الله تعالى لا بإيجاب العبد اذ ليس للعبد ولاية الايجاب و انما الصيغة علم على إيجاب الله تعالى ( و منها ) الاسلام فلا يصح نذر الكافر حتى لو نذر ثم أسلم لا يلزم الوفاء به و هو ظاهر مذهب الشافعي رحمه الله لان كون المنذور به قربة شرط صحة النذر و فعل الكافر لا يوصف بكونه قربة ( و أما ) حرية الناذر فليست من شرائط الصحة فيصح نذر المملوك ثم أن كان المنذور به من القرب الدينية كالصلاة و الصوم و نحوهما يجب عليه للحال و لو كان من القرب المالية كالاعتاق و الاطعام و نحو ذلك يجب عليه بعد العتاق لانه ليس من أهل الملك للحال و لو قال ان اشتريت هذه الشاة فهي هدى أو ان اشتريت هذا العبد فهو حر فعتق لم يلزمه حتى يضيفه إلى ما بعد العتق في قياس قول أبى حنيفة و قد ذكرناه في كتاب العتاق ( و أما ) الطواعية فليست بشرط عندنا خلافا للشافعي رحمه الله كما في اليمين و كذا الجد و الهزل و الله عز شأنه أعلم ( و أما ) الذي يرجع إلى المنذور به فأنواع ( منها ) أن يكون متصور الوجود في نفسه شرعا فلا يصح النذر بما لا يتصور وجوده شرعا كمن قال لله تعالى على أن أصوم ليلا أو نهارا أكل فيه و كالمرأة إذا قالت لله على أن أصوم أيام حيضى لان الليل ليس محل الصوم و الاكل مناف للصوم حقيقة و الحيض مناف له شرعا اذ الطهارة عن الحيض و النفاس شرط وجود الصوم الشرعي و لو قالت لله على أن أصوم غدا فحاضت في غد أو قالت لله على أن أصوم يوم يقدم فلان فقدم في يوم حاضت فيه لا شيء عليها عند محمد و عند أبى يوسف عليها قضأ ذلك اليوم و هي من مسائل الصوم و على هذا يخرج ما إذا قال لله تعالى على أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم في النهار انه ان قدم قبل الزوال أو قبل أن تناول شيأ من المفطرات يلزمه صومه و ان قدم بعد الزوال أو بعد ما تناول شيأ من المفطرات لا يلزمه شيء لانه أوجب على نفسه صوم يوم موصوف بأنه يوجد فيه قدوم فلان و لا علم له لهذا اليوم قبل القدوم و لا دليل العلم و لا وجوب لهذا الصوم بدون العلم أو دليله لان ما ثبت أداؤه على قصد المؤدى في تحصيله لا يجب أداؤه الا بعد العلم بوجوبه أو دليل العلم فلم يجب الصوم ما لم يوجد اليوم الموصوف و لا وجود الا بالقدوم فصار الوجوب على هذا التخريج متعلقا بالقدوم و وجوب صوم يوم لم تزل فيه الشمس و لم يتناول شيأ من المفطرات متصور كما لو أنشأ النذر فوجب عليه للحال و لا تصور له بعد التناول و بعد الزوال فلا يجب عليه شيء بخلاف اليمين بأن قال و الله لاصومن اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم بعد ما أكل أو بعد الزوال حنث في يمينه و الفرق ان في باب النذر يجب الفعل حقا لله تعالى لان الوجوب بإيجاب الله تعالى عند مباشرة سبب الوجوب من العبد فصار هذا و سائر العبادات المقصودة على السوآء ( و أما ) في باب اليمين فالفعل في نفسه واجب بل الواجب هو الامتناع عن هتك حرمة اسم الله تعالى عز شأنه و انما وجب الفعل لضرورة حصول البر و حصول البر أيضا لضرورة الامتناع عن الهتك فوجوبه لا يفتقر إلى العلم فكان وجوب تحصيل البر و الامتناع ثابتا قبل وجود دليل الوجوب و هو القدوم فوجب عليه البر من أول وجود هذا اليوم الذي حلف أن يصومه و ان لم يكن له به علم فإذا لم يصم بأن أكل أو امتنع من النذر حتى زالت الشمس حنث في يمينه لفوات البر و الله عز شأنه أعلم ( و منها ) أن يكون قربة فلا يصح النذر بما ليس بقربة رأسا كالنذر بالمعاصي بأن يقول لله عز شأنه على أن أشرب الخمر أو أقتل فلانا أو أضربه أو أشتمه و نحو ذلك لقوله عليه الصلاة و السلام لا نذر في معصية الله تعالى و قوله عليه الصلاة و السلام من نذر أن يعصى الله تعالى فلا يعصه و لان حكم النذر وجوب المنذور به و وجوب فعل المعصية محال و كذا النذر بالمباحات من الاكل و الشرب و الجماع و نحو ذلك لعدم وصف القربة لاستوائهما فعلا و تركا و كذا لو قال على طلاق إمرأتي لان الطلاق ليس بقربة فلا يلزم بالنذر و هل يقع الطلاق به فيه كلام نذكره ان شاء الله تعالى ( و منها ) أن يكون قربة مقصوده فلا يصح النذر بعيادة المرضي و تشييع الجنائز و الوضوء و الاغتسال و دخول المسجد و مس المصحف و الاذان و بناء الرباطات و المساجد و غير ذلك و ان كانت قربا لانها ليست بقرب مقصودة و يصح النذر بالصلاة و الصوم و الحج و العمرة و الاحرام بهما و العتق و البدنة و الهدى و الاعتكاف و نحو ذلك لانها قرب مقصودة

(83)

و قد قال النبي عليه الصلاة و السلام من نذر أن يطيع الله تعالى فليطعه و قال عليه الصلاة و السلام من نذر و سمى فعليه وفاؤه بما سمى الا أنه خص منه المسمى الذي ليس بقربة أصلا و الذى ليس بقربة مقصودة فيجب العمل بعمومه فيما وراءه و من مشايخنا من أصل في هذا أصلا فقال ما له أصل في الفروض يصح النذر به و لا شك أن ما سوى الاعتكاف من الصلاة و الصوم و غيرهما له أصل في الفروض و الاعتكاف له أصل أيضا في الفروض و هو الوقوف بعرفة و ما لا أصل له في الفروض لا يصح النذر به كعيادة المرضي و تشييع الجنازة و دخول المسجد و نحوها و علل بأن النذر إيجاب العبد فيعتبر بإيجاب الله تعالى و لو قال لله على أن أصوم يوم النحر أو أيام التشريق يصح نذره عند أصحابنا الثلاثة و يفطر و يقضى و قال زفر رحمه الله و الشافعي لا يصح نذره لهما أنه نذر بما هو معصية لكون الصوم في أيام التشريق منهيا عنه لقوله عليه الصلاة و السلام ألا لا تصوموا في هذه الايام فانها أيام أكل و شرب و المنهي عنه يكون معصية و النذر بالمعاصي لا يصح لما بينا و الدليل عليه أن الصوم في هذه الايام لا يلزم بالشروع و لا يضمن بالقضاء عند الافساد بأن أصبح صائما ثم أفطر ( و لنا ) أنه نذر بقربة مقصودة فيصح النذر كما لو نذر بالصوم في هذه الايام و دلالة الوصف النص و المعقول ( أما ) النص فقوله عليه الصلاة و السلام خبرا عن الله تعالى جل شأنه الصوم لي و أنا أجزى به من فصل ( و أما ) المعقول فهو أنه سبب التقوي و الشكر و مواساة الفقراء لان الصائم في زمان الصوم يتقى الحلال فالحرام أولى و يعرف قدر نعم الله تعالى جل شأنه عليه بما تجثم من مرارة الجوع و العطش فيحمله ذلك على الشكر و على الاحسان إلى الفقراء لما عرف قدر مقاساة المبتلى بالجوع و الفقر و هذه المعاني موجودة في الصوم في هذه الايام و أنها معان مستحسنة عقلا و النهى لا يرد عما عرف حسنه عقلا لما فيه من التناقض فيحمل على مجاور له صيانة لحجج الله تعالى عن التناقض عملا بالدلائل بقدر الامكان ( و أما ) فصل الشروع و القضاء فممنوع عند أبى يوسف و محمد رحمهما الله و عند أبى حنيفة عليه الرحمة انما يلزم بالشروع و لا يجب القضاء بالافطار لان لزوم الاتمام في صوم التطوع لضرورة صيانة المؤادى عن الابطال لان إبطال العمل حرام و ههنا صاحب الحق و هو الله تعالى جلت عظمته رضى بإبطال حقه فلا يحرم الابطال فلا يلزم الاتمام و وجوب القضاء ضرورة لزوم الاتمام فإذا لم يلزم لا يجب و لو قال على المشي إلى بيت الله تعالى أو إلى الكعبة أو إلى مكة أو إلى بكة فعليه حجة أو عمرة ماشيا و ان شاء ركب و عليه ذبح شاة لركوبه و جملة الكلام فيه أن المكان نوعان مكان يصح الدخول فيه بغير إحرام و هو ما سوى الحرم كمسجد المدينة على صاحبها أفضل الصلاة و السلام و مسجد بيت المقدس و غيرهما من سائر المساجد و الاماكن و مكان لا يصح الدخول فيه بغير إحرام و هو الحرم و الحرم مشتمل على مكة و مكة على المسجد الحرام و المسجد الحرام على الكعبة فالناذر إما أن يسمى في النذر الكعبة أو بيت الله أو مكة أوبكة أو الحرم أو المسجد الحرام و الافعال التي يوجبها على نفسه شبه ألفاط المشي و الخروج و السفر و الركوب و الذهاب و الاياب فان أوجب على نفسه شيأ من هذه الافعال و أضافه إلى مكان يصح دخوله فيه بغير إحرام لا يصح إيجابه لانه أوجب على نفسه التحول من مكان إلى مكان و ذا ليس بقربة مقصودة و لا يصح النذر بما ليس بقربة و الدليل عليه ما روى أن إمرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت يا رسول الله انى نذرت أن فتح لك مكة أن أصلي مائتي ركعة في مائة مسجد فقال عليه الصلاة و السلام صلى في مسجد واحد فلم يصحح عليه الصلاة و السلام نذرها بالصلاة في كل مسجد و النذر بخلاف اليمين فان اليمين تنعقد بهذه الالفاظ بأن يقول و الله لاذهبن إلى موضع كذا أو لاسافرن أو غيرهما من الالفاظ لان اليمين لا يقف انعقادها على كون المحلوف عليه قربة بل ينعقد على القربة و غيرها بخلاف النذر و أن أضاف إيجاب شيء من هذه الافعال إلى المكان الذي لا يصح الدخول فيه بغير إحرام ينظر فان أضاف إيجاب ما سوى المشي اليه لا يصح و لا يلزمه شيء لما ذكرنا أن التحول من مكان إلى مكان ليس بقربة في نفسه و أن اضاف إيجاب المشي اليه فان ذكر سوى ما ذكرنا من الامكنة من الكعبة و بيت الله تعالى و مكة و بكة


/ 46