فيه عادة و كذا له أن يستأجر له شيأ بأقل من أجر المثل أو بأجر المثل أو بأكثر منه قدر ما يتغابن الناس فيه عادة و لو أجر نفسة أو ماله ثم بلغ الصبي في المدة فله الخيار في اجارة النفس ان شاء مضى عليها و ان شاء أبطلها و لا خيار له في اجارة المال ( و وجه ) الفرق ان اجارة مال الصغير تصرف في ماله على وجه النظر فيقوم الاب فيه مقامه فلا يثبت له خيار الابطال بالبلوغ فأما اجارة نفسه فتصرف على نفسه بالا ضرار و كان ينبغى أن لا يملكه الاب الا أنه ملكها من حيث انها نوع رياضة و تهذيب للصغير و تأديب له و الاب يلى تأديب الصغير فوليها على أنها تأديب فإذا بلغ فقد انقطعت ولاية التأديب و هو الفرق و له أن يسافر بماله و له أن يدفع ماله مضاربة و له أن يبضع و له أن يوكل بالبيع و الشراء و الاجارة و الاستئجار لان هذه الاشياء من توابع التجارة فكل من ملك التجارة يملك ما هو من توابعها و لهذا ملكها المأذون و له أن يعير ماله استحسانا و القياس أن لا يجوز ( وجه ) القياس ان الاعارة تمليك المنفعة بغير عوض فكان ضررا ( وجه ) الاستحسان ان هذا من توابع التجارة و ضروراتها فتملك بملك التجارة و لهذا ملكها المأذون و له أن يودع ماله لان الايداع من ضرورات التجارة و له أن يأذن له بالتجارة عندنا إذا كان يعقل البيع و الشراء لان الاذن بالتجارة دون التجارة فإذا ملك التجارة بنفسه فلان يملك الاذن بالتجاره أولى و له أن يكاتب عبده لان المكاتبة عقد معاوضة فكان في معنى البيع و له أن يرهن ماله بدينه لان الرهن من توابع التجارة لان التاجر يحتاج اليه و لانه قضأ الدين و هو يملك قضأ دينه من ماله فيملك الرهن بدينه أيضا و له أن يرهن ماله بدين نفسه أيضا لان عين المرهون تحت يد المرتهن الا أنه إذا هلك يضمن مقدار ما صار مؤديا من ذلك دين نفسه و له أن يجعل ماله مضاربة عند نفسه و ينبغي أن يشهد على ذلك في الابتداء و لو لم يشهد يحل له الربح فيما بينه و بين الله تعالى و لكن القاضي لا يصدقه و كذلك إذا شارك و رأس ماله أقل من مال الصغير فان أشهد فالربح على ما شرط و ان يشهد يحل فيما بينه و بين الله تعالى و لكن القاضي لا يصدقه و يجعل الربح على قدر رأس مالهما و ما عرفت من الجواب في الاب فهو الجواب في وصيه حال عدمه و فى الجد و وصيه حال عدمه الا أن بين الاب و وصيه و بين الجد و وصيه فرقا من وجوه مخصوصة ( منها ) ان الاب أو الجد إذا اشترى مال الصغير لنفسه أو باع مال نفسه من الصغير بمثل قيمته أو بأقل جاز و لو فعل الوصي ذلك لا يجوز عند محمد أصلا و عند أبى حنيفة و أبى يوسف ان كان خيرا لليتيم جاز و الا فلا ( و منها ) ان لهما ولاية الاقتصاص لاجل الصغير في النفس و ما دونها و للوصى ولاية الاقتصاص فيما دون النفس و ليس له ولاية الاقتصاص في النفس ( و منها ) ان له ولاية الصلح في النفس و ما دونها و على قدر الدية من حط بلا خلاف و ليس لهما ولاية العفو و فى جواز الصلح من الوصي روايتان و قد ذكرنا الوجه في ذك في كتاب الصلح ثم ولي اليتيم هل يأكل من مال اليتيم فنقول لا خلاف في أنه إذا كان غنيا لا يأكل لقوله تعالى و من كان غنيا فليستعفف فاما إذا كان فقيرا فهل له أن يأكل على سبيل الاباحة أو ليس له أن يأكل الا قرضا اختلف فيه الصحابة رضى الله عنهم روى عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما ان له أن يأكل على سبيل الاباحة لكن بالمعروف من إسراف و هو قول سيدتنا عائشة رضى الله عنها و روى عن سيدنا عمر رضى الله عنه أنه يأكل قرضا فإذا أيسر قضى و هو احدى الروايتين عن ابن عباس رضى الله عنهما احتج هؤلاء بقوله تعالى فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم أمر سبحانه و تعالى بالاشهاد على الايتام عند دفع المال إليهم و لو كان المال في أيدي الاولياء بطريق الامانة لكان لا حاجة إلى الاشهاد لان القول قول الولى إذا قال دفعت المال إلى اليتيم عند إنكاره و انما الحاجة إلى الاشهاد عند الاخذ قرضا ليأكل منه لان في قضأ الدين القول قول صاحب الدين لا قول من يقضى الدين و عن سعيد بن جبير رضى الله عنه انه فسر قوله عز و جل و من كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال قرضا احتج الاولون بظاهر قوله عز شأنه و من كان فقيرا فليأكل بالمعروف أطلق الله عز شأنه لولى اليتيم أن يأكل من مال اليتيم بالمعروف و هو الوسط من إسراف و روى ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ليس لي مال ولي يتيم فقال عليه الصلاة و السلام كل من مال يتيمك
(155)
مسرف و لا متأثل مالك بماله و ذكر محمد و مالك في الموطأ ان الافضل هو الاستعفاف من ماله لما روى ان رجلا أتى عبد الله بن مسعود رضى الله عنه فقال له أوصى إلى يتيم فقال عبد الله لا تشتر من ماله شيأ و لا تستقرض من ماله شيأ و الله سبحانه و تعالى أعلم ( فصل ) و أما ترتيب الولاية فأولى الاولياء الاب ثم وصيه ثم وصى وصيه ثم الجد ثم وصيه ثم وصى وصيه ثم القاضي ثم من نصبه القاضي و هو وصى القاضي و انما تثبت الولاية على هذا الترتيب لان الولاية على الصغار باعتبار النظر لهم لعجزهم عن التصرف بأنفسهم و النظر على هذا الترتيب لان ذلك مبنى على الشفقة و شفقة الاب فوق شفقة الكل و شفقة وصيه فوق شفقة الجد لانه مرضى الاب و مختاره فكان خلف الاب في الشفقة و خلف الشيء قائم مقامه كانه هو و شفقة الجد فوق شفقة القاضي لان شفقته تنشأ عن القرابة و القاضي أجنبي و لا شك ان شفقة القريب على قريبه فوق شفقة الاجنبي و كذا شفقة وصيه لانه مرضى الجد و خلفه فكان شفقته مثل شفقته و إذا كان ما جعل له الولاية على هذا الترتيب كانت الولاية على هذا الترتيب ضرورة لان ترتيب الحكم على حسب ترتيب العلة و الله سبحانه و تعالى أعلم و ليس لمن سوى هؤلاء من الام و الاخ و العم و غيرهم ولاية التصرف على الصغير في ماله لان الاخ و العم قاصرا الشفقة و فى التصرفات تجري جنايات لا يهتم لها الا ذو الشفقة الوافرة و الام و ان كانت لها وفور الشفقة لكن ليس لها كمال الرأي لقصور عقل النساء عادة فلا تثبت لهن ولاية التصرف في المال و لا لوصيهن لان الوصي خلف الموصى قائم مقامه فلا يثبت له الا قدر ما كان للموصى و هو قضأ الدين و الحفظ لكن عند عدم هؤلاء و لوصى الام و الاخ ان يبيع المنقول و العقار لقضاء دين الميت و الباقى ميراث للصغير ثم ينظر ان كان واحد ممن ذكرنا حيا حاضرا فليس له ولاية التصرف أصلا في ميراث الصغير لان الموصى لو كان حيا لا يملكه في حال حياته فكذا الوصي و ان لم يكن فله ولاية الحفظ لا الا انه يبيع المنقول لما ان بيع المنقول من باب الحفظ لان حفظ الثمن أيسر و ليس له أن يبيع العقار لاستغنائه عن الحفظ لكونه محفوظا بنفسه و كذا لا يبيع الدراهم و الدنانير لانها محفوظة و ليس له أن يشترى شيأ على سبيل التجارة و له أن يشترى ما لا بد منه للصغير من طعامه و كسوته و ما استفاد الصغير من المال من جهة أخرى سوى الارث بان وهب له شيء أو أوصى له به فليس له ولاية التصرف فيه أصلا عقارا كان أو منقولا لانه لم يكن للموصى عليه ولاية فكذا الوصي ( و أما ) وصى المكاتب فله أن يبيع المنقول و العقار لقضاء دين المكاتب و لقضاء دين الكتابة لان المكاتب كان يملكه بنفسه فكذا وصيه و ما فضل من كسبه يكون ميراثا لورثته ( اما ) الاحرار منهم فلا شك و كذا الولد المولود في الكتابة و من كوتب معه لانه عتق في آخر جزء من أجزاء حياته بعتق أبيه و إذا صار الفاضل من كسبه ميراثا لورثته فهل يملك التصرف في مالهم ذكر في الزيادات انه لا يملك الا الحفظ و جعله بمنزلة وصى الام و الاخ و العم و فى كتاب القسمة الحقه بوصي الاب فانه أجاز قسمته في العقارات و القسمة في معنى البيع فمن جازت قسمته يجوز بيعه فكان فيه روايتان و هذا إذا مات قبل أداء بدل الكتابة فاما إذا أدى بدل الكتابة في حال حياته و عتق ثم مات كان وصيه كوصي الحر بلا خلاف و الثاني أن لا يكون في المبيع حق لغير البائع فان كان لا ينعقد كالمرهون و المستأجر لان فيه إبطال حق المرتهن و المستأجر و هذا لا يجوز و قد اختلفت عبارات الكتب في هذه المسألة في بعضها ان البيع فاسد و فى بعضها انه موقوف و هو الصحيح لان ركن البيع صدر من أهله مضافا إلى مال متقوم مملوك له مقدور التسليم من ضرر يلزمه و الدليل على انه مقدور التسليم انه يمكنه أن يفتك الرهن بقضاء الدين فيسلمه إلى المدين و كذا احتمال الاجازة من المرتهن و المستأجر ثابت في البابين جميعا الا انه لم ينفذ للحال لتعلق حقهما فتوقف و يمكن التوفيق بين الروايتين بان يحمل قوله فاسد على انه لا حكم له ظاهر و هو تفسير الموقوف عندنا فإذا توقف على اجازتهما فان أجازا جاز و نفذ و هل يملكان المطالبة بالفسخ ذكر القدوري رحمه الله في شرحه و قال اما المستأجر فلا يملك و اما المرتهن فيجوز أن يقال يملك فرق بينهما من حيث ان حق المستأجر في
(156)
المنفعة لا في العين اذ الاجارة عقد على المنفعة لا على العين و البيع عقد على العين فلم يكن البيع تصرفا في محل حق المستأجر فلا يثبت له الخيار و حق المرتهن في العين لانه يستوفى الدين من بدل العين بالبيع عند عدم الافتكاك من الراهن و لهذا لو أجاز البيع كان الثمن رهنا عنده فكان البيع تصرفا في محل حقه فيثبت له الخيار و هل يثبت للمشتري خيار الفسخ فان لم يعلم انه مرهون أو مؤجر يثبت لان العقد المطلق يقتضى التسليم للحال و قد فات فيثبت له خيار الفسخ و ان علم فلا خيار له لانه رضى بالتسليم في الجملة و لو باع عبده الذي وجب عليه القود نفذ لانه لا حق لولى القتيل في نفس القاتل و انما له ولاية استيفاء القصاص و انها لا تبطل بالبيع فيجوز البيع و لا يصير المولى بالبيع مختارا للفداء سواء علم بالجناية أو لم يعلم لان حق الولى في القصاص و البيع لا يبطل القصاص و كذلك لو أعتقه أو دبره أو كاتب أمة فاستولدها لما قلنا و كذا لو باع عبده الذي هو حلال الدم بالردة لان الردة توجب إباحة الدم لا و البيع لا يبطلها و كذا لو أعتقه أو دبره و كذا لو باع عبده الذي وجب قطع يده بالسرقة أو وجب عليه حد من الحدود كحد الزنا و القذف و الشرب لان الواجب بهذه الجنايات ولاية استيفاء القطع و الحد و البيع لا يبطلها و لو باع عبده الذي وجب دفعه بالجناية يجوز علم المولى بالجناية أو لا و لا سبيل لولى الجناية على العبد و لا على المشترى لانه لا حق له في نفس العبد و انما يخاطب المولى بالدفع الا أن يختار الفداء انه ان كان عالما بالجناية يلزمه أرش الجناية بالغا ما بلغ لان اقدامه على البيع بعد العلم بالجناية اختيار للفداء اذ لو لم يختر لما باعه لما فيه من إبطال حق ولي الجناية في الدفع و الظاهر انه لا يرضى به و على تقدير الاختيار كان البيع إبطالا لحقهم إلى بدل و هو الفداء فكان الاقدام على البيع اختيارا للفداء بخلاف ما إذا كان عليه قتل أو قطع بسبب السرقة أو حد لان البيع لا يوجب بطلان هذه الحقوق فلم يكن الاقدام على البيع اختيارا للفداء فلا تسقط هذه الحقوق بل بقيت على حالها و ان كان عالما بالجناية يلزمه الاقل من قيمته و من أرش الجناية لانه إذا لم يكن عالما بالجناية كان البيع استهلاكا للعبد من اختياره فعليه الاقل من قيمته و من أرش الجناية لانه ما أتلف على ولي الجناية الا قدر الارش الا إذا كان أقلهما عشرة آلاف درهم فينقص منها عشرة دراهم لان قيمة قتل العبد خطأ إذا بلغ عشرة آلاف درهم ينقص منها عشرة دراهم و كذلك لو أعتقه المولى أو دبره أو كاتب أمة فاستولدها جاز و لا سبيل لولى الجناية على العبد و المدبر وأم الولد انه ان علم بالجناية كان ذلك اختيارا منه للفداء و ان لم يعلم فعليه الاقل من قيمته و من الدين و ما زاد على هذا نذكره في كتاب جنايات العبيد في آخر كتاب الجنايات ان شاء الله تعالى ( فصل ) و أما شرائط الصحة فانواع بعضها يعم البياعات كلها و بعضها يخص البعض دون البعض اما الشرائط العامة ( فمنها ) ما ذكرنا من شرائط الانعقاد و النفاذ لان ما لا ينعقد و لا ينفذ البيع بدونه لا يصح بدونه ضرورة اذ الصحة أمر زائد على الانعقاد و النفاذ فكل ما كان شرط الانعقاد و النفاذ كان شرط الصحة ضرورة و ليس كل ما يكون شرط الصحة يكون شرط النفاذ و الانعقاد عندنا فان البيع الفاسد ينعقد و ينفذ عند اتصال القبض به عندنا و ان لم يكن صحيحا ( و منها ) أن يكون المبيع معلوما و ثمنه معلوما علما يمنع من المنازعة فان كان أحدهما مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة فسد البيع و ان كان مجهولا جهالة لا تفضى إلى المنازعة لا يفسد لان الجهالة إذا كانت مفضية إلى المنازعة كانت مانعة من التسليم و التسلم فلا يحصل مقصود البيع و إذا لم تكن مفضية إلى المنازعة لا تمنع من ذلك فيحصل المقصود و بيانه في مسائل إذا قال بعتك شاة من هذا القطيع أو ثوبا من هذا العدل فالبيع فاسد لان الشاة من القطيع و الثوب من العدل مجهول جهالة مفضية إلى المنازعة لتفاحش التفاوت بين شاة و شاة وثوب وثوب فيوجب فساد البيع فان عين البائع شاة أو ثوبا و سلمه اليه و رضى به جاز و يكون ذلك ابتداء بيع بالمراضاة و لان البياعات للتوسل إلى استيفاء النفوس إلى انقضاء آجالها و التنازع يفضى إلى التفانى فيتناقض و لان الرضا شرط البيع و الرضا لا يتعلق الا بالمعلوم و الكلام في هذا الشرط في موضعين أحدهما ان العلم بالمبيع و الثمن علما مانعا من المنازعة شرط صحة البيع و الثاني في بيان ما يحصل به العلم بهما ( اما ) الاول فبيانه في مسائل و كذا إذا قال بعتك أحد هذه الاثواب الاربعة
(157)
بكذا و ذكر خيار التعيين أو سكت عنه أو قال بعتك أحد هذين الثوبين أو أحد هذه الاثواب الثلاثة بكذا و سكت عن الخيار فالبيع فاسد لان المبيع مجهول و لو ذكر الخيار بان قال على انك بالخيار تأخذ أيها شئت بثمن كذا و ترد الباقى فالقياس أن يفسد البيع و فى الا ستحسان لا يفسد ( وجه ) القياس ان المبيع مجهول لانه باع أحدهما عين و هو معلوم فكان المبيع مجهولا فيمنع صحة البيع كما لو باع أحد الاثواب الاربعة و ذكر الخيار ( وجه ) الاستحسان الاستدلال بخيار الشرط و الجامع بينهما مساس الحاجة إلى دفع الغبن و كل واحد من الخيارين طريق إلى دفع الغبن و ورود الشرع هناك يكون ورودا ههنا و الحاجة تندفع بالتحري في ثلاثة لاقتصار الاشياء على الجيد و الوسط و الردئ فيبقى الحكم في الزيادة مردودا إلى أصل القياس و لان الناس تعاملوا هذا البيع لحاجتهم إلى ذلك فان كل أحد لا يمكنه أن يدخل السوق فيشترى ما يحتاج اليه خصوصا الاكابر و النساء فيحتاج إلى أن يأمر غيره و لا تندفع حاجته بشراء شيء واحد معين من ذلك الجنس لما عسى لا يوافق الآمر فيحتاج إلى ان يشترى أحد اثنين من ذلك الجنس فيحملهما جميعا إلى الآمر فيختار أيهما شاء بالثمن المذكور و يرد الباقى فجوزنا ذلك لتعامل الناس و لا تعامل فيما زاد على الثلاثة فبقى الحكم فيه على أصل القياس و قوله المعقود عليه مجهول قلنا هذا ممنوع فانه إذا شرط الخيار بان قال على أن تأخذ أيهما شئت فقد انعقد البيع موجبا للملك عند اختياره لا للحال و المعقود عليه عند اختياره معلوم مع ما ان هذه جهالة لا تفضى إلى المنازعة لانه فوض الامر إلى اختيار المشترى يأخذ أيهما شاء فلا تقع المنازعة و هل يشترط بيان المدة في هذا الخيار اختلف المشايخ فيه لاختلاف ألفاظ محمد في هذه المسألة في الكتب فذكر في الجامع الصغير على أن يأخذ المشترى أيهما شاء و هو فيه بالخيار ثلاثة أيام و ذكر في الاصل على أن يأخذ أيهما شاء بألف و لم يذكر الخيار فقال بعضهم لا يجوز هذا البيع الا بذكر مدة خيار الشرط و هو ثلاثة أيام فما دونها عند أبى حنيفة رحمه الله و عندهما الثلاث و ما زاد عليها بعد أن يكون معلوما و هو قول الكرخي و الطحاوي رحمهما الله و قال بعضهم يصح من ذكر المدة ( وجه ) قول الاولين ان المبيع لو كان ثوبا واحدا معينا و شرط فيه الخيار كان بيان المدة شرط الصحة بالاجماع فكذا إذا كان واحدا معين و الجامع بينهما ان ترك التوقيت تجهيل لمدة الخيار و انه مفسد للبيع لان للمشتري أن يردهما جميعا و الثابت بخيار التعيين رد أحدهما و هذا حكم خيار الشرط فلا بد من ذكر مدة معلومة ( وجه ) قول الآخرين ان توقيت الخيار في المعين انما كان شرطا لان الخيار فيه يمنع ثبوت الحكم للحاجة إلى دفع الغبن بواسطة التأمل فكان في معنى الاستثناء فلا بد من التوقيت ليصح استثناء ذلك في الوقت عن ثبوت حكم البيع فيه و خيار التعيين لا يمنع ثبوت الحكم بل يثبت الحكم في أحدهما عين و انما يمنع تعين المبيع لا فلا يشترط له بيان المدة و الله سبحانه و تعالى أعلم و الدليل على التفرقة بينهما أن خيار الشرط لا يورث على أصل أصحابنا و خيار التعيين يورث بالاجماع الا أن للمشتري أن يردهما جميعا لا حكما لخيار الشرط المعهود ليشترط له بيان المدة بل لان البيع المضاف إلى أحدهما لازم فكان محلا للفسخ كالبيع بشرط خيار معهود على ما نذكر ان شاء الله تعالى و على هذا يخرج ما إذا اشترى ثوبين أو عبدين أو دابتين على أن المشترى أو البائع بالخيار في أحدهما ثلاثة أيام و لم يعين الذي فيه الخيار من الذي لا خيار فيه و لا بين حصة كل واحد منهما من الثمن أن البيع فاسد فيهما جميعا لجهالة المبيع و الثمن ( أما ) جهالة المبيع فلان العقد في أحدهما بات و فى الآخر خيار و لم يعين أحدهما من الآخر فكان المبيع مجهولا و أما جهالة الثمن فلانه إذا لم يسم لكل واحد منهما ثمنا فلا يعرف ذلك الا بالحرز و الظن فكان الثمن مجهولا و المبيع مجهولا و جهالة أحدهما تمنع صحة البيع فجهالتهما أولى و كذا إذا عين الذي فيه الخيار لكن لم يبين حصة كل واحد منهما من الثمن لان الثمن مجهول و كذا إذا بين ثمن كل واحد منهما لكن لم يعين الذي فيه الخيار من صاحبه لان المبيع مجهول و لو عين و بين جاز البيع فيهما جميعا لان المبيع و الثمن معلومان و يكون البيع في أحدهما باتا من خيار و فى الآخر فيه خيار لانه هكذا فعل فإذا أجاز من له الخيار البيع فيما له فيه الخيار أو مات أو مضت مدة الخيار من فسخ حتى تم البيع و لزم
(158)
المشترى ثمنهما ليس له أن يأخذ أحدهما أو كلاهما ما لم ينقد ثمنهما جميعا لان الخيار لما سقط و لزم العقد صار كانه اشتراهما جميعا شراء باتا و لو كان كذلك كان الامر على ما وصفنا فكذا هذا و لو اشترى ثوبا واحدا أو دابة واحدة بثمن معلوم على أن المشترى أو البائع بالخيار في نصفه و نصفه بات جاز البيع لان النصف معلوم و ثمنه معلوم أيضا و الله سبحانه و تعالى أعلم و لو باع عددا من جملة المعدودات المتفاوتة كالبطيخ و الرمان بدرهم و الجملة أكثر مما سمى فالبيع فاسد لجهالة المبيع جهالة مفضية إلى المنازعة فان عزل ذلك القدر من الجملة بعد ذلك أو تراضيا عليه فهو جائز لان ذلك بيع مبتدأ بطريق التعاطى و اليه أشار في الكتاب فقال و انما وقع البيع على هذا المعزول حين تراضيا و هذا نص على جواز البيع بالمراوضة و لو قال بعت هذا العبد بقيمته فالبيع فاسد لانه جعل ثمنه قيمته و انها تختلف باختلاف تقويم المقومين فكان الثمن مجهولا و كذلك إذا اشترى من هذا اللحم ثلاثة أرطال بدرهم و لم يبين الموضع فالبيع فاسد و كذلك إذا بين الموضع بان قال زن لي من هذا الجنب رطلا بكذا أو من هذا الفخذ على قياس قول أبى حنيفة في السلم و على قياس قولهما يجوز و كذا روى عن محمد رحمه الله أنه يجوز و كذا إذا باع بحكم المشترى أو بحكم فلان لانه لا يدرى بماذا يحكم فلان فكان الثمن مجهولا و كذا اذ قال بعتك هذا بقفيز حنطة أو بقفيزي شعير لان الثمن مجهول و قيل هو البيعان في بيع و قد روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن بيعين في بيع و كذا إذا قال بعتك هذا العبد بألف درهم إلى سنة أو بألف و خمسمأة إلى سنتين لان الثمن مجهول و قيل هو الشرطان في بيع و قد روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن شرطين في بيع و لو باع شيأ بربح ده بازده و لم يعلم المشترى رأس ماله فالبيع فاسد حتى يعلم فيختار أو يدع هكذا روى ابن رستم عن محمد لانه إذا لم يعلم رأس ماله كان ثمنه مجهولا و جهالة الثمن تمنع صحة البيع فإذا علم و رضى به جاز البيغ لان المانع من الجواز هو الجهالة عند العقد و قد زالت في المجلس و له حكم حالة العقد فصار كانه كان معلوما عند العقد و ان لم يعلم به حتى اذ افترقا تقرر الفساد و لو هلك المبيع قبل العلم بعد القبض فعليه قيمته لان هذا حكم البيع الفاسد و قد تقرر الفساد بالهلاك لان بالهلاك خرج البيع عن احتمال الاجازة و الرضا لان الاجازة انما تلحق القائم دون الهالك فتقرر الفساد فلزمته القيمة و روى ابن شجاع عن محمد أن البيع جائز و معناه أنه موقوف على الاجازة و اليه أشار أبو يوسف رحمه الله فانه قال صح و هذه إمارة البيع الموقوف فان مات البائع قبل أن يرضى المشترى و قد قبض أو لم يقبض انتقض البيع و لو كان المبيع عبدا فقبضه ثم أعتقه أو باعه أو مات قبل العلم جاز العتق و البيع و عليه قيمته لوجود الهلاك حقيقة بالموت و بالاعتاق في المبيع فخرج البيع عن احتمال الاجازة فتأكد الفساد فيلزمه القيمة و لو أعتقه بعد ما علم برأس المال فعليه الثمن لان اقدامه على الاعتاق دليل الاجازة و لو عتق بالقرابة قبل العلم بالثمن بعد القبض فعليه قيمته لانه لا صنع له في القرابة فلم يوجد دليل الاجازة فكان العتق بها بمنزلة هلاك العبد قبل العلم و هناك تجب القيمة كذا ههنا و كذا إذا باع الشيء برقمه أو رأس ماله و لم يعلم المشترى رقمه و رأس ماله فهو كما إذا باع شيأ بربح ده بازده و لم يعلم ما اشترى به و لو قال بعتك قفيزا من هذه الصبرة صح و ان كان ققيزا من صبرة مجهولا لكن هذه جهالة لا تفضى إلى المنازعة لان الصبرة الواحدة متماثلة القفزان بخلاف الشاة من القطيع وثوب من الاربعة لان بين شاة و شاة تفاوتا فاحشا و كذا بين ثوب وثوب و الله سبحانه و تعالى أعلم و لو باع شيأ بعشرة دراهم أو بعشرة دنانير و فى البلد نقود مختلفة انصرف إلى النقد الغالب لان مطلق الاسم ينصرف إلى المتعارف خصوصا إذا كان فيه صحة العقد و ان كان في البلد نقود غالبة فالبيع فاسد لان الثمن مجهول اذ البعض ليس بأولى من البعض و على هذا يخرج أصل أبى حنيفة عليه الرحمة أن جملة الثمن إذا كانت مجهولة عند العقد في بيع مضاف إلى جملة فالبيع فاسدا لا في القدر الذي جهالته لا تفضى إلى المنازعة و جملة الكلام فيه أن المبيع لا يخلو اما ان كان من المثليات من المكيلات و الموزونات و العدديات المتقاربة و اما أن يكون من غيرها من الذرعيات و العدديات المتفاوتة و لا يخلو اما ان سمى جملة الكيل و الوزن و العدد و الذرع في البيع و اما ان لم يسم اما المكيلات فان لم يسم جملتها بان قال بعت منك هذه الصبرة كل فقيز منها
(159)
بدرهم لم يجز البيع الا في قفيز منها بدرهم و يلزم البيع فيه عند أبى حنيفة و لا يجوز في الباقى الا إذا علم المشترى جملة القفر ان قبل الافتراق بان كالها فله الخيار ان شاء أخذ كل قفيز بدرهم و ان شاء ترك و ان لم يعلم حتى افترقا عن المجلس تقرر الفساد و عند أبى يوسف و محمد يلزمه البيع في كل الصبرة كل قفيز منها بدرهم سواء علم أو لم يعلم و على هذا الخلاف إذا قال كل قفيز منها بدرهمين أو كل ثلاثة أقفزة منها بثلاثة دراهم و على هذا الخلاف الوزن الذي لا ضرر في تبعيضه كالزيت و تبر الذهب و الفضة و العددي المتقارب كالجوز و اللوز إذا لم يسم جملتها ( و أما ) الذرعيات فان لم يسم جملة الذرعان بان قال بعت منك هذا الثوب أو هذه الارض أو هذه الخشبة كل ذراع منها بدرهم فالبيع فاسد في الكل عند أبى حنيفة رحمه رحمه الله الا إذا علم المشترى جملة الذرعان في المجلس فله الخيار ان شاء أخذ و ان شاء ترك و ان لم يعلم حتى إذا تفرقا تقرر الفساد و عند أبى يوسف و محمد يجوز البيع في الكل و يلزمه كل ذراع منه بدرهم و على هذا الخلاف إذا قال كل ذراعين بدرهمين أو كل ثلاثة أذرع بثلاثة دراهم و على هذا الخلاف العدديات المتفاوتة كالاغنام و العبيد بأن قال بعت منك هذا القطيع من الغنم كل شاة منها بعشرة دراهم و لم يسم جملة الشياة و على هذا الخلاف الوزنى الذي في تبعيضه ضرر كالمصوغ من الاوانى و القلب و نحو ذلك ( وجه ) قولهما في مسائل الخلاف أن جملة البيع معلومة و جملة الثمن ممكن الوصول إلى العلم بالكيل الوزن و العدد و الذرع فكانت هذه جهالة ممكنة الرفع و الازالة و مثل هذه الجهالة لا تمنع صحة البيع كما إذا باع بوزن هذا الحجر ذهبا و لابي حنيفة رحمه الله أن جملة الثمن مجهولة حالة العقد جهالة مفضية إلى المنازعة فتوجب فساد العقد كما إذا باع الشيء برقمه و لا شك أن جهالة الثمن حالة العقد مجهولة لانه باع كل فقيز من الصبرة بدرهم و جملة القفزان ليست بمعلومة حالة العقد فلا تكون جملة الثمن معلومة ضرورة و كذلك هذا في الموزون و المعدود و المذروع و قولهما يمكن رفع هذه الجهالة مسلم لكنها ثابتة للحال إلى أن ترتفع و عندنا إذا ارتفعت في المجلس ينقلب العقد إلى الجواز لان المجلس و ان طال فله حكم ساعة العقد و البيع بوزن هذا الحجر ذهبا ممنوع على أصل أبى حنيفة رحمه الله و انما اختلف جواب أبى حنيفة بين المثليات و غيرها من وجه حيث جواز البيع في واحد في باب الامثال و لم يجز في غيرها أصلا لان المانع من الصحة جهالة الثمن لكونها مفضية إلى المنازعة و جهالة قفيز من صبرة مانعة مع الصحة لانها لا تفضى إلى المنازعة الا ترى لو اشترى قفيزا من هذه الصبرة ابتداء جاز فإذا تعذر العمل بعموم كلمة كل صرفت إلى الخصوص لانه ممكن على الاصل المعهود في صيغة العام إذا تعذر العمل بعمومها أنها تصرف إلى الخصوص عند إمكان الصرف اليه بخلاف الاشياء المتفاوتة لان جهالة شاة من قطيع و ذراع من ثوب جهالة مفضية إلى المنازعة الا ترى أن بيع ذراع من ثوب و شاة من قطيع لا يجوز ابتداء فتعذر العمل بعموم كلمة كل ففسد البيع في الكل و لو قال بعت منك هذا القطيع من الغنم كل شاتين بعشرين درهما فالبيع فاسد في الكل بالاجماع و ان علم المشترى عدد الجملة في المجلس و اختار البيع فرق بين المعدود المتفاوت و بين المذروع و المكيل و الموزون و المعدود المتقارب أن الواحد و الاثنين هناك على الاختلاف و إذا علم في المجلس و اختار البيع يجوز بلا خلاف و ههنا لا يجوز في الاثنين بلا خلاف و ان علم و اختار البيع ( و وجه ) الفرق أن المانع هناك جهالة الثمن و هي محتملة الارتفاع و الزوال ثمة بالعلم في المجلس فكان المانع يحتمل الزوال و الجهالة ههنا لا تحتمل الارتفاع أصلا لان ثمة كل واحد منهما مجهول لا يدرى كم هو و لو قال بعت منك هذه الصبرة بمائة درهم كل قفيز بدرهم و لم يسم جملة الصبرة و لكنه سمى جملة الثمن لم يذكر هذا في الاصل و ذكر الطحاوي رحمه الله انه يجوز و هو صحيح لان المانع جهالة الثمن و لم توجد حيث سماها و صارت تسمية جملة الثمن بمنزلة تسمية جملة المبيع و لو سمى جملة المبيع لجاز على ما نذكره كذا هذا هذا الذي ذكرنا إذا لم يسم جملة المبيع من المكيلات و الموزونات و المذروعات و المعدودات فأما إذا سماها بان قال بعت منك هذه الصبرة على أنها مائة قفيز كل قفيز بدرهم أو قال على أنها مائة قفيز بمائة درهم سمى لكل واحد من القفزان ثمنا على حدة أو سمى للكل ثمنا واحدا هما سواء فلا شك في جواز البيع لان جملة المبيع معلومة و جملة الثمن
(160)
معلومة ثم ان وجدها كما سمى فالأَمر ماض و لا خيار للمشتري و ان وجدها أزيد من مائة قفيز فالزيادة لا تسلم للمشتري بل ترد إلى البائع و لا يكون للمشتري الا قدر ما سمى و هو مائة قفيز و لا خيار له و ان وجدها أقل من مائة قفيز فالمشترى بالخيار ان شاء أخذها بحصتها من الثمن و طرح حصة النقصان و ان شاء تركها وأصل هذا أن الزيادة فيما لا ضرر في تبعيضه لا تجري مجرى الصفة بل هى أصل فلا بد و ان يقابله الثمن و لا ثمن للزيادة فلا يدخل في البيع فكان ملك البائع فيرد اليه و النقصان فيه تقصان الاصل لا نقصان الصفة فإذا وجدها أنقص مما سمى نقص من الثمن حصة النقصان و ان شاء ترك لان الصفقة تفرقت عليه لانها وقعت على مائة قفيز و لم تسلم له فأوجب خللا في الرضا فيثبت له خيار الترك و كذا الجواب في الموزونات التي ليس في تنقيصها ضرر لان الزيادة فيها لا تجري مجرى الصفة بل هى أصل بنفسها و كذلك المعدودات المتقاربة ( و أما ) المذروعات من الثوب و الارض و الخشب و غيرها فان سمى لجملة الذرعان ثمنا واحدا و لم يسم لكل ذراع منها على حدة بان قال بعت منك هذا الثوب على انه عشرة أذرع بعشرة دراهم فالبيع جائز لان المبيع و ثمنه معلومان ثم ان وجده مثل ما سمى لزمه الثوب بعشرة دراهم و لا خيار له و ان وجده احد عشر ذراعا فالزيادة سالمة للمشتري و ان وجده تسعة أذرع لا يطرح لا جل النقصان شيأ من الثمن و هو بالخيار ان شاء أخذه بجميع الثمن و ان شاء ترك فرق بينهما و بين المكيلات و الموزونات التي ليس في تنقيصها ضرر و العدديات المتقاربة ( و وجه ) الفرق ان زيادة الذرع في الذرعيات جارية مجرى الصفة كصفة الجودة و الكتابة و الخياطة و نحوها و الثمن يقابل الاصل لا الصفة و الدليل على انها جارية مجرى الصفة ان وجودها يوجب جودة في الباقى و فواتها يسلب صفة الجودة و يوجب الرداءة فتلحق الزيادة بالجودة و النقصان بالرداءة حكما و الجودة و الرداءة صفة و الصفة ترد على الاصل دون الصفة الا أن الصفة تملك تبعا للموصوف لكونها تابعة قائمة به فإذا زاد صار كأنه اشتراه رديئا فإذا هو جيد كما إذا اشترى عبدا على انه ليس بكاتب أو ليس بخياط فوجده كاتبا أو خياطا أو اشترى عبدا على انه أعور فوجده سليم العينين أو اشترى جارية على انها ثيب فوجدها بكرا تسلم له و لا خيار للبائع كذا هذا و إذا نقص صار كأنه اشتراه على انه جيد فوجده رديئا أو اشترى عبدا على انه كاتب أو خباز أو صحيح العينين فوجده كاتب و لا خباز و لا صحيح العينين أو اشترى جارية على انها بكر فوجدها ثيبا لا يطرح شيأ من الثمن لكن يثبت له الخيار كذا هذا بخلاف المكيلات و الموزونات التي لا ضرر فيها إذا نقصت و المعدودات المتقاربة لان الزيادة فيها ملحقة بالاوصاف لانها أصل بنفسها حقيقة و العمل بالحقيقة واجب ما أمكن الا أنها ألحقت بالصفة في المذروعات و نحوها لان وجودها يوجب الجودة و الكمال للباقي و فواتها يوجب النقصان و الرداءة له و هذا المعنى ههنا منعدم فبقيت أصلا بنفسها حقيقة و ان سمى لكل ذراع منها ثمنا على حدة بأن قال بعت منك هذا الثوب على انه عشرة أذرع كل ذراع بدرهم فالبيع جائز لما قلنا ثم ان وجده مثل ما سمى فالأَمر ماض و لزمه الثوب كل ذراع بدرهم و ان وجده احد عشر ذراعا فهو بالخيار ان شاء أخذ كله بأحد عشر درهما و ان شاء ترك و ان وجده تسعة أذرع فهو بالخيار ان شاء طرح حصة النقصان درهما و أخذه بتسعة دراهم و ان شاء ترك لتفرق الصفقة عليه و هذا يشكل على الاصل الذي ذكرنا ان زيادة الذرع في المذروعات تجري مجرى الصفة لها لان الثمن يقابل الاصل دون الوصف فينبغي أن تكون الزيادة سالمة للمشتري و لا خيار له و لا يطرح لاجل النقصان شيأ كما في الفصل الاول لان الثمن يقابل الاصل دون الصفة بمنزلة زيادة الجودة و نقصان الرداءة على ما ذكرنا وحل هذا الاشكال ان الذرع في المذروعات انما يجرى مجرى الصفة على الاطلاق إذا لم يفرد كل ذراع بثمن على حدة ( فأما ) إذا أفرد به فلا يجرى مجرى الصفة مطلقا بل يكون أصلا من وجه وصفة من وجه فمن حيث ان التبعيض فيها يوجب تعيب الباقى كانت الزيادة صفة بمنزلة صفة الجودة و من حيث انه سمى لكل ذراع ثمنا على حدة كان كل ذراع معقودا عليه فكانت الزيادة أصلا من وجه صفة من وجه فمن حيث انها صفة كانت للمشتري لان الثمن يقابل الاصل