بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 5

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 5

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(196)

مجهول القدر لانه متقاوت منه قفيز يخلص منه خمسة و منه قفيز يخلص منه عشرة فكان المبيع مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة بخلاف بيع القفيز من صبرة لان قفزان الصبرة الواحدة متماثلة فلم يكن المبيع مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة و لو باع نصف جملة التراب أو ثلثها أو ربعها شائعا بذهب أو عرض جاز لان الجنس مختلف فلا يتحقق الربا الا إذا لم يخلص منه شيء فتبين أن البيع كان فاسدا لما قلنا و ان خلص منه شيء فيكون ما خلص مشتركا بينها و له الخيار إذا رآه و لو استقرض تراب المعدن جاز و على المستقرض مثل ما خلص منه و قبض لان القرض وقع على ما يخلص منه و القول قول القابض في قدر ما قبض و خلص و لو استأجره بنصف هذا التراب أو بثلثه أو بربعه يجوز ان خلص منه شيء كما يجوز لو بيع منه شيء فتبين أن البيع كان فاسدا لما قلنا و ان خلص منه شيء فيكون اجره مما ما خلص و لو استأجر أجيرا بتراب المعدن بعينه جازت الاجارة ان خلص منه شيء لانه استأجره بمال و الاجير بالخيار لانه آجر نفسه بما لم يره فان شاء رضى به و لا شيء له غيره و ان شاء رده و رجع على المستأجر باجر مثله بالغا ما بلغ و لو استأجره بقفيز من تراب بغير عينه لا تجوز الاجارة لان الاجرة ما في التراب من الفضة و أنه مجهول القدر و لهذا لم يجز بيعه و يكون بينهما و له الخيار و ان لم يخلص لا يجوز و له أجر مثله و على هذا حكم تراب معدن الذهب في جميع ما ذكرنا و الله سبحانه و تعالى أعلم ( و أما )

تراب الصاغة فان كان فيه فضة خالصة فحكمه حكم تراب معدن الفضة و ان كان فيه ذهب خالص فحكمه حكم تراب معدن الذهب و ان كان في ذهب و فضة فان اشتراه بذهب أو فضة لم يجز لاحتمال أ يكون ما فيه من الذهب أو الفضة أكثر أو أقل أو مثله فيتحقق الربا و لو اشتراه بذهب و فضة جاز لانه اشترى ذهبا و فضة بذهب و فضة فيجوز و يصرف الجنس إلى خلاف الجنس و يراعى فيه شرائط الصرف و لو اشتراه بعرض جاز لانعدام احتمال الربا و هذا كله إذا خلص منه شيء فان لم يخلص تبين أن البيع كان فاسدا و على هذا الاصل يخرج بيع الدراهم المغشوشة التي الغش فيها هو الغالب بفضة خالصة انه لا يجوز الا على طريق الاعتبار و جملة الكلام فيه أن الدراهم المضروبة أقسام ثلاثة اما أن تكون الفضة فيها هى الغالبة و اما أن يكون الغش فيها هو الغالب و اما أن يكون الفضة و الغش فيها على السوآء فان كانت الفضة فيها الغالبة بان كان ثلثاها فضة و ثلثها صفرا أو كان ثلاثة أرباعها فضة و ربعها صفرا و نحو ذلك فحكمها حكم الفضة الخالصة لا يجوز بيعها بالفضة الخالصة الا سواء سواء كذا بيع بعضها ببعض لا يجوز الا مثلا بمثل لان اعتبار الغالب و إلحاق المغلوب بالعدم هو الاصل في أحكام الشرع و لان الدراهم الجياد لا تخلو عن قليل غش لان الفضة لا تنطبع بدونه على ما قيل فكان قليل الغش مما لا يمكن التحرز عنه فكانت العبرة للغلبة و ان كان الغش فيها هو الغالب فان كانت الفضة لا تخلص بالذوب و السبك بل تحترق و يبقى النحاس فحكمها حكم النحاس الخالص لان الفضة فيها إذا كانت مستهلكة كانت ملحقة بالعدم فيعتبر كله نحاسا لا يباع بالنحاس الا سواء بسواء يدا بيد و ان كانت تخلص من النحاس و لا تحترق و يبقى النحاس على حاله أيضا فانه يعتبر فيه كل واحد منهما على حاله و لا يجعل أحدهما تبعا للآخر كانهما منفصلان ممتازان أحدهما عن صاحبه لانه إذا أمكن تخليص أحدهما من صاحبه على وحه يبقى كل واحد منهما بعد الذوب و السبك لم يكن أحدهما مستهلكا فلا يجوز بيعها بفضة خالصة الا على طريق الاعتبار و هو أن تكون الفضة الخالصة أكثر من الفضة المخلوطة يصرف إلى الفضة المخلوطة مثلها من الفضة الخالصة و الزيادة إلى الغش كما لو باع فضة و صفرا ممتازين بفضة خالصة فان كانت الفضة الخالصة أقل من المخلوطة لم يجز لان زيادة الفضة المخلوطة مع الصفر يكون فضلا خاليا من العوض في عقد المعاوضة فيكون ربا و كذا إذا كانت مثلها لان الصفر يكون فضلا لا يقابله عوض و كذا إذا كان لا يدرى قدر الفضتين أيهما أكثر أو هما سواء لا يجوز عندنا و عند زفر يجوز و قد ذكرنا الحجج فيما قبل و ذكر في الجامع إذا كانت الدراهم ثلثاها صفرا و ثلثها فضة و لا يقدر أن يخلص الفصة من الصفر و لا يدرى إذا خلصت أ يبقى الصفر أم يحترق أنه يراعى في بيع هذه الدراهم بفضة خالصة طريق الاعتبار ثم إذا كانت الفضة الخالصة أكثر حتى جاز البيع يكون هذا صرفا و بيعا

(197)

مطلقا فيراعى في الصرف شرائطه و إذا فسد بفوات شرط منه يفسد البيع في الصفر لانه لا يمكن تميزه الا بضرر و بيع ما لا يمكن تميزه عن غيره الا بضرر فاسد على ما ذكرنا و لو بيعت هذه الدراهم بذهب جاز لان المانع هو الربا و اختلاف الجنس يمنع تحقق الربا لكن يراعى فيه شرائط الصرف لانه صرف و إذا فات شرط منه حتى فسد يفسد البيع في الصفر أيضا لما قلنا و لو بيعت بجنسها من الدراهم المغشوشة جاز متساويا و متفاضلا نص عليه محمد في الجامع و يصرف الجنس إلى خلاف الجنس كما لو باع فضة منفصلة و صفرا منفصلا بفضة و صفر منفصلين و قالوا في الستوقة إذا بيع بعضها ببعض متفاضلا أنه يجوز و يصرف الجنس إلى خلاف الجنس و مشايخنا لم يفتوا في ذلك الا بالتحريم احترازا عن فتح باب الربا و قالوا في الدراهم القطريفينه يجوز بيع واحد أو اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة منها بدرهم فضة لان ما فيها من الفضة يكون بمثل وزنها من الفضة الخالصة و زيادة الفضة تكون بمقابلة الصفر و لا يجوز بيع ستة منها بدرهم فضة لان الصفر الذي فيها يبقى فضلا خاليا عن العوض في عقد المعاوضة فيكون ربا و كان الشيخ الامام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله لا يفتى بجواز هذا و ان كانت الفضة و الغش فيها سواء فلم يقطع محمد الجواب فيه في الجامع لكنه بناه على قول الصيارفة و حكى عنهم انهم قالوا ان الفضة و الصفر إذا خلطا لا تتميز الفضة من الصفر حتى يحترق الصفر لانهما لا يتميز ان الا بذهاب أحدهما و الصفر أسرعهما ذهابا فقال في هذه الدراهم ان كانت الفضة هى الغالبة أى على ما يقوله الصيارفة ان الصفر يتسارع اليه الاحتراق عند الاذابة و السبك فلا يجوز بيعها بالفضة الخالصة و لا بيع بعضها ببعض الا سواء بسواء كبيع الزيوف بالجياد لان الصفر إذا كان يتسارع اليه الاحتراق كان مغلوبا مستهلكا فكان ملحقا بالعدم و ان لم يغلب أحدهما على الآخر و بقيا على السوآء يعتبر كل واحد منهما على حياله كانهما منفصلان و يراعى في بيعهما بالفضة الخالصة طريق الاعتبار كما في النوع الاول و يجوز بيع بعضها ببعض متساويا و متفاضلا و يصرف الجنس إلى خلاف الجنس كما في النوع الاول و الله سبحانه و تعالى أعلم و هل يجوز استقراض الدراهم المغشوشة عددا ( أما )

النوع الاول و هو ما كانت فضته غالبة على غشه فلا يجوز استقراضه الا وزنا لان الغش إذا كان مغلوبا فيه كان بمنزلة الدراهم الزائفة و لا يجوز بيع الدراهم الزائفة بعضها ببعض عددا لانها و زنية فلم يعتبر العدد فيها فكان بيع بعضها ببعض مجازفة فلم يجز فلا يجوز استقراضها أيضا لانها مبادلة حقيقة أو فيها شبهة المبادلة فيجب صيانتها عن الربا و عن شبهة الربا و لهذا لم يجز استقراض الكيكي وزنا لما ان الوزن في الكيكي معتبر فكان اقراضه مبادلة الشيء بمثله مجازفة أو شبة المبادلة فلم يجز كذا هذا و كذلك النوع الثالث و هو ما إذا كان نصفه فضة و نصفه صفرا لان الغلبة إذا كانت الفضة على اعتبار بقائها و ذهاب الصفر في المال على ما يقوله أهل الصنعة كان ملحقا بالدراهم الزيوف فلا يجوز استقراضه عددا و ان كان لا يغلب أحدهما على الآخر و يبقيان بعد السبك على حالهما كان كل واحد منهما أصلا بنفسه فيعتبر كل واحد منهما على حياله فكان استقراض الفضة و الصفر جملة عددا و هذا لا يجوز لان اعتبار الصفر ان كان يوجب الجواز لان الفلس عددي فاعتبار الفضة يمنع الجواز لان الفضة و زنية فالحكم بالفساد عند تعارض جهتي الجواز و الفساد أحوط و أما النوع الثاني ما كان الغش فيه غالبا و الفضة مغلوبة فانه ينظر ان كان الناس يتعاملون به وزنا لا عددا لا يجوز استقراضه عددا لان العدد في الموزون باطل فكان استفراضه مبادلة الموزون بحنسه مجازفة أو شبهة المبادلة و أنه لا يجوز و ان كانوا يتعاملون به عددا يجوز استفراضه عددا لانهم إذا تعاملوا به عددا فقد ألحقوه بالفلوس و جعلوا الفضة التي فيه تبعا للصفر و أنه ممكن لانها قليلة و قد يكون في الفلوس في الجملة قليل فضة فثبتت التبعية بدلالة التعامل و مثل هذه الدلالة لم توجد فيما إذا تعاملوا بها وزنا لا عددا فبقيت و زنية فلا يجوز استقراضه عددا و ان تعامل الناس بها عددا لان هناك لا يمكن جعل الفضة تبعا للغش لانها أكثر منه أو مثله و الكثير لا يكون تبعا للقليل و مثل هذا الشيء لا يكون تبعا أيضا فبقيت على الصفة الاصلية الثابتة لها شرعا و هي كونها و زنية فلا يجوز استقراضها مجازفة كما لا يجوز بيع بعضها ببعض مجازفة و كذا الشراء بالدراهم المغشوشة من الانواع الثلاثة عددا حكمه حكم الاستقراض سواء

(198)

فلا يجوز الشراء بالنوع الاول الا وزنا لانها في حكم الجياد و انها و زنية فلم يجز الشراء بها الا وزنا إذا لم يكن مشار إليها و كذلك بالنوع الثالث لما ذكرنا في الاستقراض و أما النوع الثالث فالأَمر فيه على التفصيل الذي ذكرناه في الاستقراض ان الناس ان كانوا يتبايعون بها وزنا لا عددا لا يجوز لاحد أن يبتاع بها عددا لان الوزن صفة أصلية للدراهم و انما تصير عددية بتعامل الناس فان جرى التعامل بها وزنا لا عددا فقد تقررت الصفة الاصلية و بقيت و زنية فإذا اشترى بها عددا على وزن و العدد هدر و لم توجد الاشارة فقد بقي الثمن مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة لانه لا يدرى ما وزن هذا القدر من العدد المسمى فيوجب فساد العقد بخلاف ما إذا اشترى بها عددا على وزن و لكن أشار إليها فيما يكتفى فيه بالاشارة حيث يجوز لان مقدار وزنها و ان كان مجهولا بعد الاشارة إليها لكن هذه جهالة لا تفضى إلى المنازعة لانه يمكن معرفة مقدار المشار اليه بالوزن إذا كان قائما فلا يمنع جواز العقد و ان كانوا يتبايعون بها عددا جاز لانها صارت عددية بتعامل الناس و صارت كالفلوس الرائجة هذا إذا اشترى بالانواع الثلاثة عددا على وزن و لم يعينها فاما إذا عينها و اشترى بها عرضا بأن قال اشتريت هذا العرض بهذه الدراهم و أشار إليها فلا شك في جواز الشراء بها و لا تتعين بالاشارة إليها و لا يتعلق العقد بعينها حتى لو هلكت قبل أن ينقدها المشترى لا يبطل البيع و يعطى مكانها مثلها من جنسها و نوعها و قدرها وصفتها ( أما )

النوع الاول فلانها بمنزلة الدراهم الجياد و انها لا تتعين بالاشارة إليها و لا يبطل البيع بهلاكها فكذا هذه ( و أما )

النوع الثاني فلان الصفة فيها ان كانت هى الغالبة على ما يقوله السباكون فهي في حكم النوع الاول و ان لم يغلب أحدهما على الآخر يعتبر كل واحد منهما بحياله فلا يبطل البيع أيضا لان اعتبار الفضة لا يوجب البطلان لانها لا تتعين و اعتبار الصفر يوجب لانه يتعين فلا يبطل بالشك ( و أما )

النوع الثالث فلان الناس ان كانوا يتعاملون بها وزنا فهي و سائر الدراهم سواء فلا تتعين بالاشارة و يتعلق العقد بمثلها في الذمة لا بعينها فلا يبطل البيع بهلاكها و ان كانوا يتعاملون بها عددا فهي بمنزلة الفلوس الرائجة و أنها إذا قوبلت بخلاف جنسها في المعاوضات لا تتعين و لا يتعلق العقد بعينها بل بمثلها عددا و لا يبطل بهلاكها كذا هذا و لو كسد هذا النوع من الدراهم و صارت لا تروج بين الناس فهي بمنزلة الفلوس الكاسدة و الستوق و الرصاص حتى تتعين بالاشارة إليها و يتعلق العقد بعينها حتى يبطل العقد بهلاكها قبل القبض لانها صارت سلعة لكن قالوا هذا إذا كان العاقدان عالمين بحال هذه و يعلم كل واحد منهما ان الآخر يعلم بذلك فاما إذا كانا لا يعلمان أو يعلم أحدهما و لم يعلم الآخر أو يعلمان لكن لا يعلم كل واحد منهما ان صاحبه يعلم قان العقد لا يتعلق بالمشار اليه و لا بجنسا و انما يتعلق بالدراهم الرائجه التي عليها تعامل الناس في تلك البلد هذا إذا صارت بحيث لا تروج أصلا فاما إذا كانت يقبلها البعض دون البعض فحكمها حكم الدراهم الزائفة فيجوز الشراء بها و لا يتعلق العقد بعينها بل يتعلق بجنس تلك الدراهم الزيوف ان كان البائع يعلم بحالها خاصة لانه رضى بجنس الزيوف و ان كان البائع لا يعلم لا يتعلق العقد بجنس المشار اليه و انما يتعلق بالجيد من نقد تلك البلد لانه لم يرض الا به إذا كان لا يعلم بحالها و الله سبحانه و تعالى أعلم ثم انما لا يبطل البيع بهلاك الدراهم في الانواع الثلاثة بعد الاشارة إليها إذا كان علم عددها أو وزنها قبل الهلاك لانه إذا كان علم ذلك يمكن إعطاء مثلها بعد هلاكها فاما إذا كان لم يعلم لا عددها و لا وزنها حتى هلكت يبطل البيع لان الثمن صار مجهولا اذ المشترى لا يمكنه إعطاء مثل الدراهم المشار إليها ( و منها )

الخلو من شبهة الربا لان الشبهة ملحقة بالحقيقة قى باب الحرمات احتياطا و أصله ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال لوابصة بن معبد رضى الله عنه الحلال بين و الحرام بين و بينهما أمور مشتبهات فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك و على هذا يخرج ما إذا باع رجل شيأ نقدا أو نسيئة و قبضه المشترى و لم ينقد ثمنه انه لا يجوز لبائعه ان يشتريه من مشتريه بأقل من ثمنه الذي باعه منه عندنا و عند الشافعي رحمه الله يجوز ( وجه )

قوله ان هذا بيع استجمع شرائط جوازه و خلا عن الشروط المفسدة إياه فلا معنى للحكم بفساده كما إذا اشتراه بعد نقد الثمن و لنا ما روى ان إمرأة جاءت إلى سيدتنا عائشة رضى الله عنها و قالت انى ابتعت

(199)

خادما من زيد بن أرقم بثمانمائة ثم بعتها منه بستمائة فقالت سيدتنا عائشة رضى الله عنها بئس ما شريت و بئس ما اشتريت أبلغى زيد ان الله تعالى قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ان لم يتب ( و وجه )

الاستدلال به من وجهين أحدهما انها ألقت بزيد وعيدا لا يوقف عليه بالرأي و هو بطلان الطاعة بما سوى الردة فالظاهر انها قالته سماعا من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا يلتحق الوعيد الا بمباشرة المعصية فدل على فساد البيع لان البيع الفاسد معصية و الثاني انها رضى الله عنها سمت ذلك بيع سوء و شراء و الفاسد هو الذي يوصف بذلك لا الصحيح و لان في هذا البيع شبهة الربا لان الثمن الثاني يصير قصاصا بالثمن الاول فبقى من الثمن الاول زيادة لا يقابلها عوض في عقد المعاوضة و هو تفسير الربا الا أن الزيادة ثبتت بمجموع العقدين فكان الثابت بأحدهما شبهة الربا و الشبهة في هذا الباب ملحقة بالحقيقة بخلاف ما إذا نقد الثمن لان المقاصة لا تتحقق فلا تتمكن الشبهة بالعقد و لو نقد الثمن كله الا شيأ قليلا فهو على الخلاف و لو اشترى ما باع بمثل ما باع قبل نقد الثمن جاز بالاجماع لانعدام الشبهة و كذا لو اشتراه بأكثر مما باع قبل نقد الثمن و لان فساد العقد معدول به عن القياس و انما عرفناه بالاثر و الاثر جاء في الشراء بأقل من الثمن الاول فبقى ماورءه على أصل القياس هذا إذا اشتراه بجنس الثمن الاول فان اشتراه بخلاف الجنس جاز لان الربا لا يتحقق عند اختلاف الجنس الا في الدراهم و الدنانير خاصة استحسانا و القياس أن لا يجوز لانهما جنسان مختلفان حقيقة فالتحقا بسائر الاجناس المختلفة ( وجه )

الاستحسان انهما في الثمنية كجنس واحد فيتحقق الربا بمجموع العقدين فكان في العقد الثاني شبهة الربا و هي الربا من وجه و لو تعيب المبيع في يد المشترى فباعه من بائعه بأقل مما باعه جاز لان نقصان الثمن يكون بمقابلة نقصان العيب فيلتحق النقصان بالعدم كانه باعه بمثل ما اشتراه فلا تتحقق شبهة الربا و لو خرج المبيع من ملك المشترى فاشتراه البائع من المالك الثاني بأقل مما باعه قبل نقد الثمن جاز لان اختلاف الملك بمنزلة اختلاف العين فيمنع تحقق الربا و لو مات المشترى فاشتراه البائع من وارثه بأقل مما باع قبل نقد الثمن لم يجز لان الملك هناك لم يختلف و انما قام الوارث مقام المشترى بدليل انه يرد بالعيب و يرد عليه و كذا لو كان المبيع جارية فاستولدها الوارث أو كان دارا فبنى عليها ثم ورد الاستحقاق فأخذ منه قيمة الولد و نقض عليه البناء كان للوارث أن يرجع على بائع المورث بقيمة الولد و قيمة البناء كما كان يرجع المشترى لو كان حيا لان الوارث قائم مقام المشترى فكان الشراء منه بمنزلة الشراء من المشترى فرق بين هذا و بين ما إذا مات البائع فاشترى وارثه من المشترى بأقل مما باع قبل نقد الثمن انه يجوز إذا كان الوارث ممن تجوز شهادته للبائع في حال حياله ( و وجه )

الفرق أن الوارث يقوم مقام المورث فيما ورثه و وارث المشترى ورث عين المبيع فقام مقامه في عينه فكان الشراء منه كالشراء من المشترى فلم يجز و وارث البائع ورث الثمن و الثمن في ذمة المشترى و ما عين في ذمة المشترى لا يحتمل الارث فلم يكن ذلك عين ما ورثه عن البائع فلم يكن وارث البائع مقامه فيما ورثه و روى عن أبى يوسف رحمة الله انه لا يجوز الشراء من وارث البائع كما لا يجوز الشراء من وارث المشترى لان الوارث خلف المورث فالمشترى قائم مقامه كانه هو و لو باعه المشترى من غيره فعاد المبيع إلى ملكه فاشتراه بأقل مما باع فهذا لا يخلو اما ان عاد اليه بملك جديد و اما ان عاد اليه على حكم الملك فان عاد اليه بملك جديد كالشراء و الهبة و الميراث و الاقالة قبل القبض و بعده و الرد بالعيب بعد القبض بغير قضأ القاضي و نحو ذلك من أسباب تجديد الملك جاز الشراء منه بأقل مما باع لان اختلاف الملك بمنزلة اختلاف العين و ان عاد اليه على حكم الملك الاول كالرد بخيار الرؤية و الرد بخيار الشرط قبل القبض و بعده بقضاء القاضي و بغير قضأ القاضي و الرد بخيار العيب قبل القبض بقضاء القاضي و بغير قضأ القاضي و بعد القبض بقضاء القاضي لا يجوز الشراء منه بأقل مما باع لان الرد في هذه المواضع يكون فسخا و الفسخ يكون رفعا من الاصل و اعادة ا الى قديم الملك كانه لم يخرح عن ملكه أصلا و لو كان كذلك لكان لا يجوز له الشراء فكذا هذا و لو لم يشتره البائع لكن اشتراه بعض من لا تجوز شهادته له كالوالدين و المولودين و الزوج و الزوجة

(200)

لا يحوز عند أبى حنيفة رحمه الله كما لا يجوز من البائع و عند أبى يوسف و محمد يجوز كما يجوز من الاجنبي ( وجه )

قولهما ان كل واحد منهما أجنبي عن ملك صاحبه لانفصال ملكه عن ملك صاحبه فيقع عقد كل واحد منهما له لا لصاحبه كسائر الاجانب ثم شراء الاجنبي لنفسه جائز فكذا شراؤه لصاحبه و لابي حنيفة رحمه الله ان كل واحد منهما يبيع بمال صاحبه عادة حتى لا تقبل شهادة أحدهما لصاحبه فكان معنى ملك كل واحد منهما ثابتا لصاحبه فكان عقده واقعا لصاحبه من وجه فيؤثر في فساد العقد احتياطا في باب الربا و لو باع المولى ثم اشتراه مدبره أو مكاتبه أو بعض مماليكه و لا دين عليه أو عليه دين بأقل مما باع المولى لا يجوز كما لا يجوز عن المولى و كذا لو باع المدبر أو المكاتب أو بعض مماليكه ثم اشتراه المولى لا يجوز لان عقد هؤلاء يقع للمولى من وجه و لو كان وكيلا فباع و اشترى بأقل مما باع قبل نقد الثمن لا يجوز كما لو باع و اشترى الموكل لنفسه لان المانع تمكن شبهة الربا و أن لا يفصل بين الوكيل و الموكل و لذا سيدتنا عائشة رضى الله عنها لم تستفسر السائلة انها مالكة أو وكيلة و لو كان الحكم يختلف لاستفسرت و كذا لو باع الوكيل ثم اشتراه الموكل لم يجز لانه لو اشتراه وكيله لم يجز فإذا اشتراه بنفسه أولى أن لا يجوز و كذا لو باعه الوكيل ثم اشتراه بعض من لا تجوز شهادة الوكيل له أو بعض من لا تجوز شهادة الموكل له لم يجز عند أبى حنيفة رحمه الله و عندهما يجوز على ما مر و لو باع ثم و كل بنفسه إنسانا بان يشترى له ذلك الشيء بأقل مما باع قبل نقد الثمن فاشتراه الوكيل فهو جائز للوكيل و الثمنان يلتقيان قصاصا و الزيادة من الثمن الاول لا تطيب للبائع و يكون ملكا له و هذا قول أبى حنيفة و قال أبو يوسف التوكيل فاسد و يكون الوكيل مشتريا لنفسه و قال محمد التوكيل صحيح الا انه إذا اشتراه الوكيل يكون مشتريا للبائع شراء فاسدا و يملكه البائع ملكا فاسدا و هذا بناء على أصل لهم فأصل أبى حنيفة انه ينظر إلى العاقد و يعتبر أهليته و لا يعتبر أهلية من يقع له حكم العقد و لهذا قال ان المسلم إذا و كل ذميا بشراء الخمر أو بيعها انه يجوز و كذا المحرم إذا و كل حلالا ببيع صيد له أو بشراء صيد جاز التوكيل عنده و تعتبر أهلية الوكيل وأصل أبى يوسف و محمد انهما يعتبران أهلية العقد للعقد و المعقود له جميعا حتى لم يجز التوكيل عندهما في المسئلتين الا أن محمدا خالف أبا يوسف في هذه المسألة و ترك أصله حيث قال بصحة التوكيل و لم ينظر إلى الموكل و على هذ الخلاف إذا و كل المسلم ذميا بان يشترى له من ذمى عبده بخمر و غير ذلك العبد ففعل الوكيل صح الشراء عند أبى حنيفة و يكون العبد للموكل و على الوكيل للبائع الخمر و هو يرجع بقيمة الخمر على موكله و عند ابى يوسف التوكيل فاسد و يكون الوكيل مشتريا لنفسه و عند محمد التوكيل صحيح و يكون مشتريا للموكل شراء فاسدا و لو باع بألف درهم حالة ثم اشتراه بألف درهم مؤجلة فالشراء فاسد لانه اشترى ما باع بأقل مما باع من حيث المعنى لان الحالة خير من المؤجلة و كذا لو باع بألف مؤجلة ثم اشتراه بألف مؤجلة إلى أبعد من ذلك الاجل فهو فاسد لما قلنا و لو باع عبدا بألف و قبضه المشترى ثم اشتراه البائع و عبدا آخر قبل نقد الثمن فان الثمن يقسم عليهما على قدر قيمتيهما ثم ينظر قان كانت حصة العبد الذي باعه مثل ثمنه أو أكثر جاز الشراء فيهما جميعا أما في الذي لم يبعه فظاهر و كذا في الذي باعه لانه اشترى ما باع بمثل ما باع أو بأكثر مما باع قبل نقد الثمن و انه جائز و ان كان أقل من ثمنه يفسد البيع فيه و لا يفسد في الآخر لان الفساد لكونه شراء ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن و ذلك وجد في أحدهما دون الآخر و هذا على أصلهما ظاهر و كذا على أصل أبى حنيفة فكان ينبغى أن يفسد فيهما لان من أصله ان الصفقة متى اشتملت على إبدال و فسدت في بعضها أن يتعدى الفساد إلى الكل كما إذا جمع بين حر و عبد و باعهما جميعا صفقة واحدة و انما لم يفسد فيهما لان الفساد هناك باعتبار انه لما جمع بين الحر و العبد و باعهما صفقة واحدة فقد جعل قبول العقد في أحدهما شرطا لقبول العقد في الآخر و الحر ليس بمحل لقبول العقد فيه بيقين فلا يصح القبول فيه فلا يصح في الآخر فلم ينعقد العقد أصلا و الفساد ههنا باعتبار شراء ما باع بأقل مما باع و ذلك وجد في أحدهما دون الآخر فيفسد في أحدهما دون الآخر لان الاصل اقتصار الفساد على قدر المفسد و لهذا لو جمع بين عبدين و باع أحدهما إلى الحصاد أو الدياس أن البيع يفسد فيما

(201)

في بيعه أجل و لا يفسد في الا آخر و كذا لو جمع بين قن و مدبر و باعهما صفقة واحدة يصح البيع في القن و يفسد في المدبر لوجود المفسد في أحدهما دون الآخر كذا هذا ( و منها )

قبض رأس المال في بيع الدين بالعين و هو السلم و الكلام في السلم في الاصل في ثلاثة مواضع أحدها في بيان ركنه و الثاني في بيان شرائط الركن و الثالث في بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه و ما لا يجوز أما ركن السلم فهو لفظ السلم و السلف و البيع بان يقول رب السلم أسلمت إليك في كذا أو اسلفت لان السلم و السلف مستعملان بمعنى واحد يقال سلفت و أسلفت و أسلمت بمعنى واحد فإذا قال المسلم اليه قبلت فقد تم الركن و كذا إذا قال المسلم اليه بعت منك كذا و ذكر شرائط السلم فقال رب السلم قبلت و هذا قول علمائنا الثلاثة و قال زفر لا ينعقد الا بلفظ السلم لان القياس أن لا ينعقد أصلا لانه بيع ما ليس عند الانسان و انه منهى عنه الا ان الشرع ورد بجوازه بلفظ السلم بقوله و رخص في السلم ( و لنا )

ان السلم بيع فينعقد بلفظ البيع و الدليل على انه بيع ما روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن بيع ما ليس عند الانسان و رخص في السلم نهى عليه الصلاة و السلام عن بيع ما ليس عند الانسان عاما و رخص السلم بالرخصة فيه فدل ان السلم بيع ما ليس عند الانسان ليستقيم تخصيصه عن عموم النهى بالترخص فيه ( فصل )

و أما شرائط الركن فهي في الاصل نوعان نوع يرجع إلى نفس العقد و نوع يرجع إلى البدل ( أما )

الذي يرجع إلى نفس العقد فواحد و هو أن يكون العقد باتا عاريا عن شرط الخيار للعاقدين أو لاحدهما لان جواز البيع مع شرط الخيار في الاصل ثبت معدولا به عن القياس لانه شرط يخالف مقتضى العقد بثبوت الحكم للحال و شرط الخيار يمنع انعقاد العقد في حق الحكم و مثل هذا الشرط مفسد للعقد في الاصل الا انا عرفنا جوازه بالنص و النص ورد في بيع العين فبقى ما وراءه على أصل القياس خصوصا إذا لم يكن في معناه و السلم ليس في معنى بيع العين فيما شرع له الخيار لانه شرع لدفع الغبن و السلم مبناه على الغبن و وكس الثمن لانه بيع المفاليس فلم يكن في معنى مورد النص فورود النص هناك لا يكون ورودا ههنا دلالة فبقى الحكم فيه للقياس و لان قبض رأس المال من شرائط الصحة على ما نذكره و لا صحة للقبض الا في الملك و خيار الشرط يمنع ثبوت الملك فيمنع المستحق صحة القبض بخلاف المستحق انه لا يبطل السلم حتى لو استحق رأس المال و قد افترقا عن القبض و أجاز المستحق فالسلم صحيح لانه لما اجاز تبين ان العقد وقع صحيحا من حين وجوده و كذا القبض اذ الاجازة اللاحقة بمنزلة الوكالة السابقة و بخلاف خيار الرؤية و العيب لانه لا يمنع ثبوت الملك فلا يمنع صحة القبض و لو أبطل صاحب الخيار خياره قبل الافتراق بأبدانهما و رأس المال قائم في يد المسلم اليه ينقلب العقد جائزا عندنا خلافا لزفر و قد مرت المسألة و ان كان هالكا أو مستهلكا لا ينقلب إلى الجواز بالاجماع لان رأس المال يصير دينا على المسلم اليه و السلم لا ينعقد برأس مال دين فلا ينعقد عليه أيضا ( و أما )

الذي يرجع إلى البدل فأنواع ثلاثة نوع يرجع إلى رأس المال خاصة و نوع يرجع إلى المسلم فيه خاصة و نوع يرجع إليهما جميعا ( أما )

الذي يرجع إلى رأس المال فأنواع ( منها )

بيان جنسه كقولنا دراهم أو دنانير أو حنطة أو تمر ( و منها )

بيان نوعه إذا كان في البلد نقود مختلفة كقولنا دراهم فتحية أو دنانير نيسابورية أو حنطة سقية أو تمر برني ( و منها )

بيان صفته كقولنا جيدا و وسط أو ردئ لان جهالة الجنس و النوع و الصفة مفضية إلى المنازعة و انها مانعة صحة البيع لما ذكرنا من الوجوه فيما تقدم ( و منها )

بيان قدره إذا كان مما يتعلق العقد بقدره من المكيلات و الموزونات و المعدودات المتقاربة و لا يكتفى بالاشارة اليه و هذا قول أبى حنيفة و سفيان الثورى واحد قولى الشافعي و قال أبو يوسف و محمد ليس بشرط و التعيين بالاشارة كاف و هو أحد قولى الشافعي رحمه الله و لو كان رأس المال مما لا يتعلق العقد بقدره من الذرعيات و العدديات المتفاوتة لا يشترط إعلام قدره و يكتفى بالاشارة بالاجماع و كذا إعلام قدر الثمن في بيع العين ليس بشرط و الاشارة كافية بالاجماع و صورة المسألة إذا قال أسلمت إليك هذه الدراهم أو هذه الدنانير و لا يعرف وزنها أو هذه الصبرة و لم يعرف كيلها لا يجوز عند أبى حنيفة و عندهما يجوز و لو قال

(202)

أسلمت إليك هذا الثوب و لم يعرف ذرعه أو هذا القطيع من الغنم و لم يعرف عدده جاز بالاجماع ( وجه )

قولهما ان الحاجة إلى تعيين رأس المال و انه حصل بالاشارة اليه فلا حاجة إلى إعلام قدره و لهذا لم يشترط إعلام قدر الثمن في بيع العين و لا في السلم إذا كان رأس المال مما يتعلق العقد بقدره و لابي حنيفة رحمه الله ان جهالة قدر رأس المال تؤدى إلى جهالة قدر المسلم فيه و انها مفسدة للعقد فيلزم إعلام قدره صيانة للعقد عن الفساد ما أمكن كما إذا أسلم في المكيل بمكيال نفسه بعينه و دلالة انها تؤدى إلى ما قلنا ان الدراهم على ما عليه العادة لا تخلو عن قليل زيف و قد يرد الاستحقاق على بعضها فإذا رد الزائف و لم يستبدل في مجلس الرد و لم يتجوز المستحق ينفسخ السلم في المسلم فيه بقدر المردود و المستحق و يبقى في الباقى و ذلك معلوم فيصير المسلم فيه مجهول القدر و لهذا لم يصح السلم في المكيلات بقفيز بعينه لانه يحتمل هلاك القفيز فيصير المسلم فيه مجهول القدر فلم يصح كذا هذا بخلاف بيع العين فان الزيف و الاستحقاق هناك لا يؤثر في العقد لان قبض الثمن مستحق و بخلاف الثياب و العدديات المتفاوتة لان القدر فيها ملحق بالصفة الا ترى انه لو قال أسلمت إليك هذا الثوب على انه عشرة أذرع فوجده المسلم اليه أحد عشر سلمت الزيادة له فثبت ان الزيادة فيها تجري مجرى الصفة و اعلام صفة رأس المال ليس بشرط لصحة السلم إذا كان معينا مشارا اليه و على هذا الخلاف إذا كان رأس المال جنسا واحدا مما يتعلق العقد على قدره فأسلمه في جنسين مختلفين كالحنطة و الشعير أو نوعين مختلفين من جنس واحد كالهروى و المروي و لم يبين حصة كل واحد منهما فالسلم فاسد عند أبى حنيفة و عندهما جائز و لو كان جنسا واحدا مما لا يتعلق العقد على قدره كالثوب و العددي المتفاوت فأسلمه في شيئين مختلفين و لم يبين حصة كل واحد منهما من ثمن رأس المال فالثمن جائز بالاجماع و لو كان رأس المال من جنسين مختلفين أو نوعين مختلفين فأسلمهما في جنس واحد فهو على الاختلاف و الكلام في هذه المسألة بناء على الاصل الذي ذكرنا ان كون رأس المال معلوم القدر شرط لصحة السلم عند أبى حنيفة و عندهما ليس بشرط ( و وجه )

البناء على هذا الاصل ان إعلام القدر لما كان شرطا عنده فإذا كان رأس المال واحدا و قوبل بشيئين مختلفين كان انقسامه عليهما من حيث القيمة لا من حيث الاجزاء و حصة كل واحد منهما من رأس المال لا تعرف الا بالحزر و الظن فيبقى قدر حصة كل واحد منهما من رأس المال مجهولا و جهالة قدر رأس المال مفسدة للسلم عنده و عندهما إعلام قدره ليس بشرط فجهالته لا تكون ضارة و لو أسلم عشرة دراهم في ثوبين جنسهما واحد و نوعهما واحد و صفتهما واحدة و طولهما واحد و لم يبين حصة كل واحد منهما من العشرة فالسلم جائز بالاجماع ( اما عندهما )

فظاهر لان إعلام قدر رأس المال ليس بشرط و أما عنده فلان حصة كل واحد منهما من رأس المال تعرف من حزر و ظن فكان قدر رأس المال معلوما و صار كما إذا أسلم عشرة دراهم في قفيزى حنطة و لم يبين حصة كل قفيز من رأس المال انه يجوز لما قلنا كذا هذا و لو قبض الثوبين بعد محل الاجل ليس له أن يبيع أحدهما مرابحة على خمسة دراهم عند أبى حنيفة و عند أبى يوسف و محمد له ذلك و له أن يبيعهما جميعا مرابحة على عشرة بالاجماع و كذا لو كان بين حصة كل ثوب خمسة دراهم له أن يبيع أحدهما على خمسة مرابحة بلا خلاف و نذكر دلائل هذه الجملة في مسائل المرابحة ان شاء الله تعالى ( و منها )

أن يكون مقبوضا في مجلس السلم لان المسلم فيه دين و الافتراق لا عن قبض رأس المال يكون افتراقا عن دين بدين و انه منهى عنه لما روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن بيع الكالي بالكالي أى النسيئة بالنسيئة و لان مأخذ هذا العقد دليل على هذا الشرط فانه يسمى سلما و سلفا لغة و شرعا تقول العرب أسلمت و أسلفت بمعنى واحد و فى الحديث من أسلم فليسلم في كيل معلوم و روى من سلف فليسلف في كيل معلوم و السلم ينبئ عن التسليم و السلف ينبئ عن التقدم فيقتضى لزوم تسليم رأس المال و يقدم قبضه على قبض المسلم فيه فان قيل شرط الشيء يسبقه أو يقارنه و القبض يعقب العقد فكيف يكون شرطا فالجواب ان القبض شرط بقاء العقد على الصحة لا شرط الصحة فان العقد ينعقد صحيحا بدون قبض ثم يفسد بالافتراق لا عن قبض و بقاء العقد صحيحا يعقب




/ 46