بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 5

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 5

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(210)

و الخف و الآنية و نحوها فلا يجوز فيما لا تعامل لهم فيه كما إذا أمر حائكا أن يحوك له ثوبا بغزل نفسه و نحو ذلك مما لم تجر عادات الناس بالتعامل فيه لان جوازه مع ان القياس يأباه ثبت بتعامل الناس فيختص بما لهم فيه تعامل و يبقى الامر فيما وراء ذلك موكولا إلى القياس ( و أما ) كيفية جوازه فهي أنه عقد لازم في حق كل واحد منهما قبل رؤية المستصنع و الرضا به حتى كان للصانع أن يمتنع من الصنع و أن يبيع المصنوع قبل أن يراه المستصنع و للمستصنع أن يرجع أيضا لان القياس أن لا يجوز أصلا الا ان جوازه ثبت استحسانا بخلاف القياس لحاجة الناس و حاجتهم قبل الصنع أو بعده قبل رؤية المستصنع و الرضا به أقرب إلى الجواز دون اللزوم فيبقى اللزوم قبل ذلك على أصل القياس ( و أما ) حكم الاستصناع فحكمه في حق المستصنع إذا أتى الصانع بالمستصنع على الصفة المشروطة ثبوت ملك لازم في حقه حتى يثبت له خيار الرؤية إذا رآه ان شاء أخذه و ان شاء تركه و فى حق الصانع ثبوت ملك لازم إذا رآه المستصنع و رضى به و لا خيار له و هذا جواب ظاهر الرواية و روى عن أبى حنيفة أنه لازم في حق كل واحد منهما حتى يثبت لكل واحد منهما الخيار و روى عن أبى يوسف رحمه الله أنه لازم في حقهما حتى لا خيار لاحدهما لا للصانع و لا للمستصنع أيضا ( وجه ) رواية ابى يوسف ان في إثبات الخيار للمستصنع اضرارا بالصانع لانه قد أفسد متاعه و فرى جلده و أتى بالمستصنع على الصفة المشروطة فلو ثبت له الخيار لتضرر به الصانع فيلزم دفعا للضرر عنه ( وجه ) الرواية الاولى ان في اللزوم اضرارا بهما جميعا أما اضرار الصانع فلما قال أبو يوسف و أما ضرر المستصنع فلان الصانع متى لم يصنعه و اتفق له مشتر يبيعه فلا تندفع حاجة المستصنع فيتضرر به فوجب ان يثبت الخيار لهما دفعا للضرر عنهما ( وجه ) ظاهر الرواية و هو إثبات الخيار للمستصنع لا للصانع ان المستصنع مشتر شيأ لم يره لان المعقود عليه و هو المستصنع و ان كان معدوما حقيقة لكنه جعل موجودا شرعا حتى جاز العقد استحسانا و من اشترى شيأ لم يره فهو بالخيار إذا رآه و الصانع بائع شيأ لم يره فلا خيار له و لان إلزام حكم العقد في جانب المستصنع اضرار لان من الجائز أن لا يلائمه المصنوع و لا يرضى به فلو لزمه و هو مطالب بثمنه فيحتاج إلى بيعه من غيره و لا يشترى منه بمثل قيمته فيتضرر به و ليس في الالزام في جانب الصانع ضرر لانه ان لم يرض به المستصنع يبيعة من غيره بمثل قيمته و ذلك ميسر عليه لكثرة ممارسته هذا إذا استصنع شيأ و لم يضرب له أجلا فاما إذا ضرب له أجلا فانه ينقلب سلما عند أبى حنيفة فلا يجوز الا بشرائط السلم و لا خيار لواحد منهما كما في السلم و عندهما هو على حاله استصناع و ذكره الاجل للتعجيل و لو ضرب الاجل فيما لا تعامل فيه ينقلب سلما بالاجماع ( وجه ) قولهما ان هذا استصناع حقيقة فلو صار سلما انما يصير بذكره المدة و أنه قد يكون للاستعجال كما في الاستصناع فلا يخرج عن كونه استصناعا مع الاحتمال و لابي حنيفة ان الاجل في البيع من الخصائص اللازمة للسلم فذكره يكون ذكر للسلم معنى و ان لم يذكره صريحا كالكفالة بشرط براءة الاصيل انها حوالة معنى و ان لم يأت بلفظ الحوالة و قوله ذكر الوقت قد يكون للاستعجال قلنا لو حمل على الاستعجال لم يكن مفيدا لان التعجيل لازم و لو حمل على حقيقة التأجيل لكان مفيدا لانه لازم فكان الحمل عليه أولى و لا يجوز السلم في اللحم في قول أبى حنفية و قال أبو يوسف و محمد يجوز إذا بين جنسه و نوعه وصفته و قدره و سنه و موضعه لان الفساد لمكان الجهالة و قد زالت ببيان هذه الاشياء و لهذا كان مضمونا بالمثل في ضمان العدوان و لابي حنيفة ان الجهالة تبقي بعد بيان ما ذكرناه من وجهين ( أحدهما ) من جهة الهزال و السمن ( و الثاني ) من جهة قلة العظم و كثرته و كل واحدة منهما مفضية إلى المنازعة و قياس الوجه الثاني أنه لو أسلم في منزوع العظم يجوز و هو رواية الكرخي عن أبى حنيفة رحمهما الله و قياس الوجه الاول أنه لا يجوز كيف ما كان و هو ظاهر الرواية عن أبى حنيفة و هو الصحيح لانه ان زالت الجهالة من إحدى الجهتين بقيت من جهة أخرى و هي جهالة السمن و الهزال فكان المسلم فيه مجهولا فلا يصح السلم إلا أنه جعل مثلا في ضمان العدوان و سقط اعتبار التفاوت فيه شرعا تحقيقا لمعنى الزجر من وجه لان ذلك لا يحصل بالقيمة لان للناس رغائب في الاعيان ما ليس في قيمتها و يجوز السلم في الالية

(211)

و الشحم وزنا لانه لا تختلف بالسمن و الهزال الا يسيرا بخلاف اللحم فان التفاوت بين السمين و السمين و المهزول و غير المهزول تفاوت فاحش ( و أما ) السلم في السمك فقد اختلفت عبارات الاصل في ذلك و الصحيح أنه يجوز السلم في الصغار منه كيلا و وزنا مالحا كان أو طريا بعد أن كان في حيزه لان الصغار منه لا يتحقق فيه اختلاف السمن و الهزال و لا اختلاف العظم بخلاف اللحم عند أبى حنيفة و فى الكبار عن أبى حنيفة روايتان في رواية لا يجوز طريا كان أو مالحا كالسلم في اللحم لاختلافها بالسمن و الهزال كاللحم و فى رواية يجوز كيف ما كان وزنا لان التفاوت بين سمينه و مهزوله لا يعد تفاوتا عادة لقلته و عند أبى حنيفة و محمد لا يجوز بخلاف اللحم عندهما و الفرق لهما ان بيان الموضع من اللحم شرط الجواز عندهما و ذلك لا يتحقق في السمك فاشبه السلم في المساليخ و الله سبحانه و تعالى أعلم ( و أما ) السلم في الخبز عددا فلا يجوز بالاجماع لتفاوت فاحش بين خبز و خبز في الصغر و الكبر ( و أما ) وزنا فقد ذكر الكرخي أن السلم في الخبز لا يجوز في قولهم لتفاوت فاحش بين خبز و خبز في الخبز و الخفة و الثقل فتبقى جهالة مفضية إلى المنازعة و لان جواز السلم ثبت بخلاف القياس بتعامل الناس و لا تعامل في الخبز و ذكر في نوادر ابن رستم أنه لا يجوز عند أبى حنيفة و محمد و عند أبى يوسف يجوز ( و منها ) أن يكون موجودا من وقت العقد إلى وقت الاجل فان لم يكن موجودا عند العقد أو عند حل الاجل أو كان موجودا فيهما لكنه انقطع من أيدي الناس فيما بين ذلك كألثمار و الفواكه و اللبن و أشباه ذلك لا يجوز السلم و هذا عندنا و قال الشافعي رحمه الله الشرط وجوده عند محل الاجل لا ( وجه ) قوله ان اعتبار هذا الشرط و هو الوجود ليس لعينه بل للقدرة على التسليم فيعتبر وقت وجوب التسليم و ذلك عند محل الاجل فاما قبل ذلك فالوجود فيه و العدم بمنزلة واحدة و نظير هذا في الغقليات ما قلنا في استطاعة الفعل أنها مع الفعل لا تتقدمه لان وجودها للفعل فيجب وجودها عند الفعل لا سابقا عليه كذا هذا ( و لنا ) ان القدرة على التسليم ثابتة للحال و فى وجودها عند المحل شك لاحتمال الهلاك فان بقي حيا إلى وقت المحل ثبتت القدرة و ان هلك قبل ذلك لا تثبت و القدرة لم تكن ثابتة فوقع الشك في ثبوتها فلا تثبت مع الشك و لو كان موجودا عند العقد و دام وجوده إلى محل الاجل فحل الاجل و لم يقبضه حتى انقطع عن أيدي الناس لا ينفسخ السلم بل هو على حاله صحيح لان السلم وقع صحيحا لثبوت القدرة على التسليم لكون المسلم فيه موجودا وقت العقد و دام وجوده إلى محل الاجل الا أنه عجز عن التسليم للحال لعارض الانقطاع مع عرضية حدوث القدرة ظاهرا بالوجود فكان في بقاء العقد فائدة و العقد إذا انعقد صحيحا يبقى لفائدة محتملة الوجود و العدم على السوآء كبيع الآبق إذا أبق قبل القبض فلان يبقى لفائدة عود القدرة في الثاني ظاهرا أولى لكن يثبت الخيار لرب السلم ان شاء فسخ العقد و ان شاء انتظر وجوده لان الانقطاع قبل القبض بمنزلة تغير المعقود عليه قبل القبض و أنه يوجب الخيار و لو أسلم في حنطة حديثة قبل حدوثا لا يصح عندنا لانه أسلم في المنقطع و على هذا يخرج ما إذا أسلم في حنطة موضع أنه ان كان مما لا يتوهم انقطاع طعامه جاز السلم فيه كما إذا أسلم في حنطة خراسان أو العراق أو فرغانة لان كل واحد منها اسم لولاية فلا يتوهم انقطاع طعامها و كذا إذا أسلم في طعام بلدة كبيرة كسمرقند و بخارى أو كاشان جاز لانه لا ينفد طعام هذه البلاد الا على سبيل الندرة و النادر ملحق بالعدم و من مشايخنا من قال لا يجوز الا في طعام ولاية لان و هم الانقطاع فيما وراء ذلك ثابت و السلم عقد جوز بخلاف القياس لكونه بيع المعدوم فتجب صيانته عن غرر الانقطاع ما أمكن و الصحيح ان الموضع المضاف اليه الطعام و ان كان مما لا ينفد طعامه غالبا يجوز السلم فيه سواء كان ولاية أو بلدة كبيرة لان الغالب في أحكام الشرع ملحق بالمتيقن و ان كان مما لا يحتمل ان ينقطع طعامه فلا يجوز فيه السلم كأرض بعينها أو قرية بعينها لانه إذا احتمل الانقطاع لا على سبيل الندرة لا تثبت القدرة على التسليم لما ذكرنا انه لا قدرة له للحال لانه بيع المفاليس و فى ثبوت القدرة عند محل الاجل شك لاحتمال الانقطاع فلا تثبت القدرة مع الشك و قد روى ان زيد بن شعبة لما أراد أن يسلم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال أسلم إليك في تمر نخلة بعينها فقال عليه الصلاة و السلام أما في تمر نخلة

(212)

بعينها فلا و ذكر في الاصل إذا أسلم في حنطة هراة لا يجوز و أراد قرية من قرى الفرات المسماة بهراة لانه مما يحتمل انقطاع طعامه ثم لو أسلم في ثوب هراة و ذكر شرائط السلم يجوز ( و وجه ) الفرق بينهما ظاهر لان اضافة الثوب إلى هراة ذكر شرط من شرائط السلم لا جواز له بدونه و هو بيان النوع لا تخصيص الثوب بالمكان المذكور بدليل ان المسلم اليه لو أتى بثوب نسج في هراة لكن على صفة ثوب هراة يجبر رب السلم على القبول فإذا ذكر النوع و ذكر الشرائط الاخر كان هذا عقدا استجمع شرائطه فيجوز فاما اضافة الطعام إلى هراة فليس يفيد شرطا لا جواز للسلم بدونه ألا ترى أنه لو ترك الاضافة أصلا جاز السلم فبقيت الاضافة لتخصيص الطعام بموضع معين يحتمل انقطاع طعامه فلم يجز و الله عز وجل أعلم ( و منها ) أن يكون مما يتعين بالتعيين فان كان مما لا يتعين بالتعيين كالدراهم و الدنانير لا يجوز السلم فيه لان المسلم فيه بيع لما روينا ان النبي عليه الصلاة و السلام نهى عن بيع ما ليس عند الانسان و رخص في السلم سمى السلم بيعا فكان المسلم فيه مبيعا و المبيع مما يتعين بالتعيين و الدراهم و الدنانير لا تتعين في عقود المعاوضات فلم تكن مبيعة فلا يجوز السلم فيها و هل يجوز السلم في التبر و النقرة و المصوغ فعلى رواية كتاب الصرف لا يجوز لانه جعلها بمنزلة الدراهم و الدنانير المضروبة و على رواية كتاب المضاربة يجوز لانه جعلها بمنزلة العروض حيث لم يجوز المضاربة بها فتتعين بالتعيين فكانت مبيعة فيجوز السلم فيها و على هذا أيضا يخرج السلم في الفلوس عددا انه جائز عند أبى حنيفة رحمه الله و أبى يوسف لان الفلوس مما تتعين بالتعيين في الجملة عندهما حتى جوز بيع فلس بفلس بأعيانهما و عند محمد لا يجوز السلم فيها كما لا يجوز في الدراهم و الدنانير لانها أثمان عنده و لهذا لم يجز بيع واحد منها باثنين بأعيانهما و يجوز السلم في القماقم و الاوانى الصفرية التي تباع عددا لانها تتعين بالتعيين فكانت مبيعة و ان كانت تباع وزنا لا يجوز السلم فيها ما لم يعرف وزنها لانها مجهولة القدر و الله عز و جل أعلم ( و منها ) أن يكون مؤجلا عندنا حتى لا يجوز السلم في الحال و عند الشافعي هذا ليس بشرط و سلم الحال جائز ( وجه ) قوله ان الاجل شرع نظرا للمسلم اليه تمكينا له من الاكتساب فلا يكون لازما كما في بيع العين ( و لنا ) ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال من أسلم فليسلم في كيل معلوم و وزن معلوم إلى أجل معلوم أوجب عليه الصلاة و السلام مراعاة الاجل في السلم كما أوجب مراعاة القدر فيه فيدل على كونه شرطا فيه كالقدر و لان السلم حالا يفضى إلى المنازعة لان السلم بيع المفاليس فالظاهر أن يكون المسلم اليه عاجزا عن تسليم المسلم فيه و رب السلم يطالب بالتسليم فيتنازعان على وجه تقع الحاجة إلى الفسخ و فيه إلحاق الضرر برب السلم لانه سلم رأس المال إلى المسلم اليه و صرفه في حاجته فلا يصل إلى المسلم فيه و لا إلى رأس المال فشرط الاجل حتى لا يملك المطالبة الا بعد حل الاجل و عند ذلك يقدر على التسليم ظاهرا فلا يؤدى إلى المنازعة المفضية إلى الفسخ و الاضرار برب السلم و لانه عقد لم يشرع الا رخصة لكونه بيع ما ليس عند الانسان لما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن بيع ما ليس عند الانسان و رخص في السلم فهذا الحديث يدل على أن بيع ما ليس عند الانسان لم يشرع الا رخصة و ان السلم بيع ما ليس عند الانسان أيضا على ما ذكرنا من قبل و الرخصة في عرف الشرع اسم لما يغير عن الامر الاصلى بعارض عذر إلى تخفيف و يسر كرخصة تناول الميتة و شرب الخمر بالاكراه و المخمصة و نحو ذلك فالترخص في السلم هو تغيير الحكم الاصلى و هو حرمة بيع ما ليس عند الانسان إلى الحل بعارض عذر العدم ضرورة الافلاس فحالة الوجود و القدرة لا يلحقها اسم قدرة الرخصة فيبقى الحكم فيها على العزيمة الاصلية فكانت حرمة السلم الحال على هذا التقرير مستفادة من النص كان ينبغى أن لا يجوز السلم من القادر على تسليم المسلم فيه للحال الا أنه صار مخصوصا عن النهى العام فألحق بالعاجز عن التسليم للحال على اعتبار الاصل و إلحاق النادر بالعدم في أحكام الشرع و الله سبحانه و تعالى الموفق للصواب ( و منها ) أن يكون مؤجلا بأجل معلوم فان كان مجهولا فالسلم فاسد سواء كانت الجهالة متفاحشة أو متقاربة لان كل ذلك يفضى إلى المنازعة

(213)

و انها مفسدة للعقد لجهالة القدر و غيرها على ما ذكرنا ( و أما ) مقدار الاجل فلم يذكر في الاصل و ذكر الكرخي ان تقدير الاجل إلى العاقدين حتى لو قدرا نصف يوم جاز و قال بعض مشايخنا أقله ثلاثة أيام قياسا على خيار الشرط و هذا القياس سديد لان أقل مدة الخيار ليس بمقدر و الثلاث أكثر المدة على أصل أبى حنيفة فلا يستقيم القياس و روى عن محمد انه قدر بالشهر و هو الصحيح لان الاجل انما شرط في السلم ترفيها و تيسيرا على المسلم اليه ليتمكن من الاكتساب في المدة و الشهر مدة معتبرة يمكن فيها من الاكتساب فيتحقق معنى الترفيه فأما ما دونه ففى حد القلة فكان له حكم الحلول و الله عز و جل أعلم و لو مات المسلم اليه قبل الاجل حل الدين و كذلك كل دين مؤجل سواه إذا مات من عليه الدين و الاصل في هذا ان موت من عليه الدين يبطل الاجل و موت من له الدين لا يبطل لان الاجل حق المديون لا حق صاحب الدين فتعتبر حياته و موته في الاجل و بطلانه و الله عز و جل أعلم ( و منها ) بيان مكان إيفائه إذا كان له حمل و مؤنة عند أبى حنيفة و عند أبى يوسف و محمد ليس بشرط و على هذا الخلاف بيان مكان الاجرة في الاجارات إذا كان لها حمل و مؤنة و على هذا الخلاف إذا جعل المكيل الموصوف أو الموزون الموصوف ثمنا في بيع العين انه لا بد من بيان مكان التسليم عنده خلافا لهما كذا أطلقه الكرخي و لم يفصل بين ما إذا كان مؤجلا أو مؤجل و من أصحابنا من فرقوا فقالوا إذا كان حالا يتعين مكان العقد للتسليم بالاجماع و حاصل الاختلاف راجع إلى مكان العقد هل يتعين للايفاء عنده لا يتعين و عندهما يتعين لانه إذا لم يتعين مكان العقد للايفاء عنده و لم يوجد منهما تعيين مكان آخر بقي مكان الايفاء مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة فيفسد العقد و لما تعين مكان العقد للايفاء عندهما صار مكان الايفاء معلوما فيصح ( وجه ) قولهما ان سبب وجوب الايفاء هو العقد و العقد وجد في هذا المكان فيتعين مكان العقد لوجوب الايفاء فيه كما في بيع العين إذا كان المسلم فيه شيأ له حمل و مؤنة فانه يتعين مكان العقد لوجوب الايفاء فيه لما قلنا كذا هذا ( و لابي حنيفة رحمه الله ) أن العقد وجد مطلقا عن تعيين مكان فلا يتعين مكان العقد للايفاء و الدليل على إطلاق العقد عن تعيين مكان الحقيقة و الحكم ( أما ) الحقيقة فلانه لم يوجد ذكر المكان في العقد نصا فالقول بتعيين مكان العقد شرعا من تعيين العاقدين تقييد المطلق فلا يجوز الا بدليل ( و أما ) الحكم فان العاقدين لو عينا مكانا آخر جاز و لو كان تعيين مكان العقد من مقتضيات العقد شرعا لكان تعيين مكان آخر تغييرا لمقتضى العقد و انه يعتبر فيه حكم الشرع فينبغي أن لا يجوز و إذا لم يتعين مكان العقد للايفاء بقي مكان الايفاء مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة لان في الاشياء التي لها حمل و مؤنة تختلف باختلاف الامكنة لما يلزم في حملها من مكان إلى مكان آخر من المؤنة فيتنازعان ( و أما ) قولهما سبب وجوب التسليم هو العقد في هذا المكان قلنا ليس كذلك فان العقد قائم بالعاقدين لا بالمكان فلم يوجد العقد في هذا المكان و انما هذا مكان المتعاقدين على أن العقد ليس بسبب لوجوب التسليم للحال و انما يصير سببا عند حل الاجل مقصورا عليه و عند ذلك مكان العاقدين ليس بمتحد بل مختلف فيتنازعان ( و أما ) المسلم فيه إذا لم يكن له حمل و مؤنة فعن أبى حنيفة فيه روايتان في رواية لا يتعين مكان العقد هناك أيضا و هو رواية كتاب الاجارات و يوفيه في أى مكان شاء و هذا لا يوجب الفساد لان الفساد ههنا لمكان الجهالة المفضية إلى المنازعة لاختلاف القيمة باختلاف الامكنة و ما لا حمل له و لا مؤنة لا تختلف قيمته باختلاف الاماكن فلم تكن جهالة مكان الايفاء مفضية إلى المنازعة و فى رواية يتعين مكان العقد للايفاء و هو قول أبى يوسف و محمد و هو رواية الجامع الصغير و رواية البيوع من الاصل و من مشايخنا من أول هذه الرواية و قال هى معنى قوله يوفيه في المكان الذي أسلم فيه إذا لم يتنازعا فإذا تنازعا يأخذه بالتسليم حيث ما لقيه و لو شرط رب السلم التسليم في بلد أو قرية فحيث سلم اليه في ذلك الموضع فهو جائز و ليس لرب السلم ان يتخير مكانا لان المشروط هو التسليم في مكان منه مطلقا و قد وجد و ان سلم في المكان المشروط فلرب السلم ان يأبى لقوله عليه الصلاة و السلام المسلمون عند شروطهم فان أعطاه على ذلك أجرا لم يجز له أخذ الاجر عليه لانه لما قبض المسلم فيه فقد تعين ملكه في المقبوض فتبين انه أخذ الاجر على

(214)

نقل ملك نفسه فلم يجز فيرد الاجر و له أن يرد المسلم فيه حتى يسلم في المكان المشروط لان حقه في التسليم فيه و لم يرض ببطلان حقه الا بعوض و لم يسلم له فبقى حقه في التسليم في المكان المشروط و هذا بخلاف ما إذا صالح الشفيع من الشفعة التي وجبت له على مال انه لا يصح الصلح و يسقط حقه في الشفعة و عليه رد بدل الصلح و إذا رده لا يعود حقه في الشفعة لانه ليس للشفيع حق ثابت في المحل قبل التمليك بالشفعة و انما له حق أن يتملك و هذا ليس بحق ثابت في المحل فلا يحتمل الاعتياض و بطل حقه من الشفعة باعراضه عن الطلب بإسقاطه صريحا و لرب السلم حق ثابت في التسليم في المكان المشروط فإذا لم يصح الاعتياض عنه التحق الاعتياض بالعدم و بقى الحق على ما كان و الذى يدل على التفرقة بينهما انه لو قال أسقطت حقى في الشفعة يسقط و لو قال أسقطت حقى في التسليم في ذلك المكان لا يسقط و الله عز و جل أعلم ( فصل ) و أما الذي يرجع إلى البدلين جميعا فهو أن لا يجمعهما أحد وصفي علة ربا الفضل و ذلك اما الكيل و اما الوزن و اما الجنس لان احد وصفي علة ربا الفضل هو علة ربا النساء فإذا اجتمع أحد هذين الوصفين في البدلين يتحقق ربا النساء و العقد الذي فيه ربا فاسد و على هذا يخرج اسلام المكيل في المكيل أو الموزون في الموزون و المكيل في الموزون و الموزون في المكيل و غير المكيل و الموزون بجنسهما من الثياب و العدديات المتقاربة و قد ذكرنا جملة ذلك و تفصيله فيما تقدم في مسائل ربا النساء و الله تعالى الموفق ( فصل ) و أما بيان ما يحوز من التصرف في المسلم فيه و ما لا يجوز فنقول و بالله التوفيق لا يجوز استبدال المسلم فيه قبل قبضه بان يأخذ رب السلم مكانه من جنسه لما ذكرنا أن المسلم فيه و ان كان دينا فهو مبيع و لا يجوز بيع المبيع المنقول قبل القبض و يجوز الابراء عنه لان قبضه ليس بمستحق على رب السلم فكان هو بالابراء متصرفا في خالص حقه بالاسقاط فله ذلك بخلاف الابراء عن رأس المال لانه مستحق القبض حقا للشرع فلا يملك إسقاطه بنفسه بالابراء على ما ذكرنا و تجوز الحوالة بالمسلم فيه لوجود ركن الحوالة مع شرائطه و كذلك الكفالة به لما قلنا الا أن في الحوالة يبرأ المسلم اليه و فى الكفالة لا يبرأ و رب السلم بالخيار ان شاء طالب المسلم اليه و ان شاء طالب الكفيل لان الحوالة مبرئة و الكفالة ليست بمبرئة الا إذا كانت بشرط براءة المكفول عنه لانها حوالة معنى على ما ذكرنا و لا يجوز لرب السلم الاستبدال مع الكفيل كما لا يجوز ذلك مع المسلم اليه لانه كفيل بما على المسلم اليه لا بدين آخر اذ الدين واحد و انما تعددت المطالبة بالكفالة و هو الصحيح على ما يجئ في كتاب الكفالة و يجوز للكفيل أن يستبدل مع المسلم اليه عند الرجوع فيأخذ بدل ما أدى إلى رب السلم لان الكفالة إذا كانت بامر المكفول عنه كانت اقراضا و استقراضا كان الكفيل أقرض المسلم اليه و استبدال القرض قبل القبض جائز و يجوز الرهن بالمسلم فيه لانه دين حقيقة و الرهن بالدين أى دين كان جائز و الاقالة جائزة في المسلم فيه كما تجوز في بيع العين لقوله عليه الصلاة و السلام من أقال نادما أقال الله عثراته يوم القيامة مطلقا من فصل و لان الاقالة في بيع العين انما شرعت نظرا للعاقدين دفعا لحاجة الندم و اعتراض الندم في السلم ههنا أكثر لانه بيع باوكس الاثمان فكان أدعى إلى شرع الاقالة فيه ثم جملة الكلام في الاقالة في السلم انه لا يخلو اما ان تقايلا السلم في كل المسلم فيه و اما ان تقايلا في بعض دون بعض فان تقايلا في كل المسلم فيه جازت الاقالة لما قلنا سواء كانت الاقالة بعد حل الاجل أو قبله لان نص الاقالة مطلق لا يفصل بين حال و حال و كذا جواز اعتراض الندم قائم في الحالين و سواء كان رأس المال قائما في يد المسلم اليه أو هالكا أما إذا كان قائما فلا شك فيه و كذا إذا كان هالكا لان رأس مال السلم ثمن و المبيع هو المسلم فيه و قيام الثمن ليس بشرط لصحة الاقالة انما الشرط قيام المبيع و قد وجد ثم إذا جازت الاقالة فان كان رأس المال مما يتعين بالتعيين و هو قائم فعلى المسلم اليه رد عينه إلى رب السلم لقوله عليه الصلاة و السلام من وجد عين ماله فهو احق به و ان كان هالكا فان كان مما له مثل فعليه رد مثله و ان كان مما لا مثل له فعليه رد قيمته و ان كان رأس المال مما لا يتعين بالتعيين فعليه رد مثله هالكا

(215)

كان أو قائما لانه قبضه عن عقد صحيح و كذلك إذا قبض رب السلم المسلم فيه ثم تقايلا و المقبوض قائم في يده جازت الاقالة و على رب السلم رد عين ما قبض لان المقبوض في يده بعد السلم كأنه عين ما ورد عليه عقد السلم ألا ترى انه يجوز لرب السلم أن يبع المقبوض مرابحة على رأس المال و ان تقايلا السلم في بعض المسلم فيه فان كان بعد حل الاجل جازت الاقالة فيه بقدره إذا كان الباقى جزأ معلوما من النصف و الثلث و نحو ذلك من الاجزاء المعلومة لما ذكرنا أن الاقالة شرعت نظرا و فى اقالة البعض دون البعض ههنا نظر من الجانبين لان السلم بيع بأنجس الاثمان لهذا سماه ابن عباس رضى الله عنهما حسنا جميلا فقال رضى الله عنه ذلك المعروف الحسن الجميل و السلم في الباقى إلى أجله عند عامة العلماء و قال ابن أبى ليلي ينفسخ العقد في الكل و الصحيح قول العامة لان الاقالة وجدت في البعض لا في الكل فلا توجب انفساخ العقد في الكل لان الحكم يثبت بقدر العلة هذا هو الاصل و ان كان قبل حل الاجل ينظر ان لم يشترط في الاقالة تعجيل الباقى من المسلم جازت الاقالة أيضا و السلم في الباقى إلى أجله و ان اشترط فيها تعجيل الباقى لم يصح الشرط و الاقالة صحيحة ( أما ) فساد الشرط فلانه اعتياض عن الاجل و انه لا يجوز لان الاجل ليس بمال فلا يجوز الاعتياض عنه ( و أما ) صحة الاقالة فلان الاقالة لا تبطلها الشروط الفاسدة فبطل الشرط و صحت الاقالة و هذا على قياس قول أبى حنيفة و محمد لان الاقالة عندهما فسخ ( و أما ) على قياس قول أبى يوسف فتبطل الاقالة و السلم على حاله إلى أجله لان الاقالة عنده بيع جديد و البيع تبطله الشروط الفاسدة و الله عز و جل أعلم ( و منا ) قبض البدلين في بيع الدين بالدين و هو عقد الصرف و الكلام في الصرف في الاصل في موضعين أحدهما في تفسير الصرف في عرف الشرع و الثاني في بيان شرائطه ( أما ) الاول فالصرف في متعارف الشرع اسم لبيع الاثمان المطلقة بعضها ببعض و هو بيع الذهب بالذهب و الفضة بالفضة واحد الجنسين بالآخر فاحتمل تسمية هذا النوع من البيع صرفا لمعنى الرد و النقل يقال صرفته عن كذا إلى كذا سمى صرفا لاختصاصه برد البدل و نقله من يد إلى يد و يحتمل أن تكون التسمية لمعنى الفضل اذ الصرف يذكر بمعنى الفضل كما روى في الحديث من فعل كذا لم يقبل الله منه صرفا و لا عدلا فالصرف الفضل و هو النافلة و العدل الفرض سمى هذا العقد صرفا لطلب التاجر الفضل منه عادة لما يرغب في عين الذهب و الفضة ( فصل ) و أما الشرائط ( فمنها ) قبض البدلين قبل الافتراق لقوله عليه الصلاة و السلام في الحديث المشهور و الذهب بالذهب مثلا بمثل يدا بيد و الفضة بالفضة مثلا بمثل يدا بيد و روى عن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لا تبيعوا الورق بالورق الا مثلا بمثل و لا تسقوا بعضها على بعض و لا تبيعوا منها شيأ غائبا بناجز و روى عن عبد الله بن سيدنا عمر عن أبيه رضى الله عنهما أنه قال لا تبيعوا الذهب بالذهب الا مثلا بمثل و لا تبيعوا الورق بالورق الا مثلا بمثل و لا تبيعوا الذهب بالورق أحدهما غائب و الآخر ناجز و ان استنظرك حتى يلج بيته فلا تنظره انى أخاف عليكم الرماء أى الربا فدلت هذه النصوص على اشتراط قبض البدلين قبل الافتراق و تفسير الافتراق هو أن يفترق العاقدان بأبدانهما عن مجلسهما فيأخذ هذا في جهة و هذا في جهة أو يذهب أحدهما و يبقى الآخر حتى لو كانا في مجلسهما لم يبرحا عنه لم يكونا مفترقين و ان طال مجلسهما لانعدام الافتراق بأبدانهما و كذا إذا ناما في المجلس أو أغمى عليهما لما قلنا و كذا إذا قاما عن مجلسهما فذهبا معا في جهة واحدة و طريق واحدة و مشيا ميلا أو أكثر و لم يفارق أحدهما صاحبه فليسا بمفترقين لان العبرة لتفرق الابدان و لم يوجد فرق بين هذا و بين خيار المخيرة إذا قامت عن مجلسها أو اشتغلت بعمل آخر يخرج الامر من يدها لان خيار المخيرة يبطل بالاعراض عما فوض إليها و القيام عن مجلس أو الاشتغال بعمل آخر دليل الاعراض و ههنا لا عبرة بالاعراض انما العبرة للافتراق بالابدان و لم يوجد و روى عن محمد أنه ألحق هذا بخيار المخيرة حتى لو نام طويلا أو وجد ما يدل على الاعراض يبطل الصرف كالخيار و روى عن محمد في رجل له على إنسان ألف درهم و كذلك الرجل عليه خمسون دينارا فأرسل اليه رسولا فقال

(216)

بعتك الدنانير التي لي عليك بالدراهم التي لك على و قال قبلت فهو باطل لان حقوق العقد لا تتعلق بالرسول بل بالمرسل و هما مفترقان بأبدانهما و كذلك لو نادى أحدهما صاحبه من وراء جدار أو ناداه من بعيد لم يجز لانهما مفترقان بأبدانهما عند العقد بخلاف البيع المطلق إذا أرسل رسولا إلى إنسان فقال بعت عبدي الذي في مكان كذا منك بكذا فقبل ذلك الرجل فالبيع جائز لان التقابض في البيع المطلق ليس بشرط لصحة العقد و لا يكون الافتراق مفسدا له ثم المعتبر افتراق المتعاقدين سواء كانا مالكين أو نائبين عنهما كالأَب و الوصي و الوكيل لان القبض من حقوق العقد و حقوق العقد تتعلق بالعاقدين فيعتبر افتراقهما ثم انما يعتبر التفرق بالابدان في موضع يمكن اعتباره فان لم يمكن اعتباره يعتبر المجلس دون التفرق بالابدان بان قال الاب اشهدوا انى اشتريت هذا الدينار من ابنى الصغير بعشرة دراهم ثم قام قبل أن يزن العشرة فهو باطل كذا روى عن محمد لان الاب هو العاقد فلا يمكن اعتبار التفرق بالابدان فيعتبر المجلس و الله سبحانه و تعالى أعلم ثم بيع الجنس بالجنس و بخلاف الجنس كالذهب بالفضة سواء لا يختلفان في حكم القبض لان كل ذلك صرف فيشترط فيه التقابض و انما يختلفان في جوز التفاضل و عدمه فلا يجوز التفاضل عند اتحاد الجنس و يجوز عند الاختلاف و لكن يجب التقابض اتحد الجنس أو اختلف لما ذكرنا من الدلائل و لو تصارفا ذهبا بذهب أو فضة بفضة مثلا بمثل و تقابضا و تفرقا ثم زاد أحدهما صاحبه شيأ أو حط عنه شيأ و قبل الآخر فسد البيع عند أبى حنيفة و أبى يوسف الزيادة و الحط باطلان و العقد الاول صحيح و عند محمد الزيادة باطلة و الحط جائز بمنزلة الهبة المستقبلة و اختلافهم في هذه المسألة فرع اختلافهم في أصل ذكرناه فيما تقدم و هو أن الشرط الفاسد المتأخر عن العقد في الذكر إذا الحق به هل يلتحق به أم لا فمن أصل أبى حنيفة فيه أنه يلتحق بأصل العقد و يفسد العقد و الزيادة و الحط يلتحقان بأصل العقد على أصل أصحابنا كان العقد ورد على المزيد عليه والزياة جميعا فيتحقق التفاضل و الجنس متحد فيتحقق الربا فكانت الزيادة و الحط بمنزلة شرط فاسد ملتحق بالعقد فيتأخر عنه فيلتحق به و يوجب فساده و من أصل أبى يوسف و محمد أن الشرط الفاسد المتأخر عن العقد لا يلتحق بالعقد فطرد أبو يوسف هذا الاصل و قال تبطل الزيادة و الحط جميعا و يبقى البيع الاول صحيحا و محمد فرق بين الزيادة و الحط و قال الزيادة باطلة و الحط جائز لان الزيادة لو صحت لالتحقت بأصل العقد فيوجب فساده فبطلت الزيادة و ليس من شرط صحة الحط ان يلتحق بالعقد الا ترى أنه لو حط جميع الثمن صح و لا يلتحق اذ لو التحق لكان البيع واقعا بلا ثمن فيجعل حطا للحال بمنزلة هبة مستأنفة و لو تبايعا الجنس بخلاف الجنس بان تصارفا دينارا بعشرة دراهم ثم زاد أحدهما صاحبه درهما و قبل الآخر أو حط عنه درهما من الدينار جازت الزيادة و الحط بالاجماع لان المانع من الجواز و الالتحاق تحقق الربا و اختلاف الجنس يمنع تحقق الربا الا أن في الزيادة يشترط قبضها قبل الافتراق حتى لو افترقا قبل القبض بطل البيع في حصة الزيادة لان الزيادة لما التحقت بأصل العقد صار كان العقد ورد على الزيادة و الاصل جميعا الا أنه جاز التفاضل لاختلاف الجنس فإذا لم يقبض الزيادة قبل الافتراق بطل العقد بقدرها ( و أما ) الحط فجائز سواء كان قبل التفرق أو بعده لان الحط و ان كان يلتحق بأصل العقد فيؤدى إلى التفاضل لكن التفاضل عند اختلاف الجنس جائز و لا زيادة ههنا حتى يشترط قبضها فصح الحط و وجب عليه رد المحطوط لان الحط لما التحق بأصل العقد تبين أن العقد لم يقع على قدر المحطوط من الابتداء فيجب رده و لو حط مشترى الدينار قيراطا منه فبائع الدينار يكون شريكا له في الدينار لانه تبين أن العقد وقع على ما سوى القيراط و لو اشترى سيفا محلى بفضة و حليته خمسون درهما بمائة درهم و تقابضا ثم زاده دينارا في الثمن دفعه اليه قبل أن يفارقه أو بعد ما فارقه يجوز كذا روى عن محمد و تصرف الزيادة إلى النصل و الجفن و الحمائل لانها تلحق بأصل العقد فصار كان العقد ورد على الاصل و الزيادة جميعا و لو كان كذلك لكان الامر على ما وصفنا كذا هذا بخلاف بيع المرابحة فانه يقسم على جميع الثمن لما نذكر في مسائل المرابحة و سواء كان دينا بدين و هو الدراهم و الدنانير أو عينا بعين و هو التبر و المصوغ أو دينا بعين و هو الدرهم و الدنانير بالتبر و المصوغ لان ما ذكرنا من الدلائل لا يوجب الفصل بين الدين و العين


/ 46