البيع فان لم يكن لا ينعقد و ان ملكه بعد ذلك بوجه من الوجوه الا السلم خاصة و هذا بيع ما ليس عنده و نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن بيع ما ليس عند الانسان و رخص في السلم و لو باع المغصوب فضمنه المالك قيمته نفذ بيعه لان سبب الملك قد تقدم فتبين أنه باع ملك نفسه و ههنا تأخر سبب الملك فيكون بائعا ما ليس عنده فدخل تحت النهى و المراد منه بيع ما ليس عنده ملكا لان قصة الحديث تدل عليه فانه روى أن حكيم بن حزام كان يبيع الناس أشياء لا يملكها و يأخذ الثمن منهم ثم يدخل السوق فيشترى و يسلم إليهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال لا تبع ما ليس عندك و لان بيع ما ليس عنده بطريق الاصالة عن نفسه تمليك ما لا يملكه بطريق الاصالة و أنه محال و هو الشرط فيما يبيعه بطريق الاصالة عن نفسه فاما ما يبيعه بطريق النيابة عن غيره ينظر ان كان البائع وكيلا و كفيلا فيكون المبيع مملوكا للبائع ليس بشرط و ان كان فضوليا فليس بشرط للانعقاد عندنا بل هو من شرائط النفاذ فان بيع الفضولي عندنا منعقد موقوف على اجازة المالك فان أجاز نفذ و ان رد بطل و عند الشافعي رحمه الله هو شرط الانعقاد لا ينعقد بدؤه و بيع الفضولي باطل عنده و سيأتي ان شاء الله تعالى ( و منها ) أن يكون مقدور التسليم عند العقد فان كان معجوز التسليم عنده لا ينعقد و ان كان مملوكا له كبيع الآبق في جواب ظاهر الروايات حتى لو ظهر يحتاج إلى تجديد الايجاب و القبول الا إذا تراضيا فيكون بيعا مبتدأ بالتعاطي فان لم يتراضيا و امتنع البائع من التسليم لا يجبر على على التسليم و لو سلم و امتنع المشترى من القبض لا يجبر على القبض و ذكر الكرخي رحمه الله أنه ينعقد بيع الآبق حتى لو ظهر و سلم يجوز و لا يحتاج إلى تجديد البيع الا إذا كان القاضي فسخه بان رفعه المشترى إلى القاضي فطالبه بالتسليم و عجز عن التسليم ففسخ القاضي البيع بينهما ثم ظهر العبد وجه قول الكرخي رحمه الله ان الاباق لا يوجب زوال الملك الا ترى أنه لو أعتقه أو دبره ينفذ و لو وهبه من ولده الصغير يجوز و كان ملكا له فقد باع ما لا مملوكا له الا أنه لم ينفذ للحال للعجز عن التسليم فان سلم زال المانع فينفذ و صار كبيع المغصوب الذي في يد الغاصب إذا باعه المالك لغيره أنه ينعقد موقوفا على التسليم لما قلنا كذا هذا وجه ظاهر الروايات ان القدرة على التسليم لذا العاقد شرط انعقاد العقد لانه لا ينعقد الا لفائدة و لا يفيد إذا لم يكن قادرا على التسليم و العجز عن التسليم ثابت حالة العقد و فى حصول القدرة بعد ذلك شك و احتمال قد يحصل و قد لا يحصل و ما لم يكن منعقدا بيقين لا ينعقد لفائدة تحتمل الوجود و العدم على الاصل المعهود ان ما لم يكن ثابتا بيقين أنه لا يثبت بالشك و الاحتمال بخلاف ما إذا أبق بعد البيع قبل القبض أنه لا ينفسخ لان القدرة على التسليم كانت ثابتة لذا العقد فانعقد ثم زالت على وجه يحتمل عودها فيقع الشك في زوال المنعقد بيقين و الثابت باليقين لا يزول بالشك فهو الفرق بخلاف بيع المغصوب من الغاصب أنه ينعقد موقوفا على التسليم حتى لو سلم ينفذ و لان هناك المالك قادر على التسليم بقدرة السلطان و القاضي و جماعة المسلمين الا أنه لم ينفذ للحال لقيام يد الغاصب صورة فإذا سلم زال المانع فينفذ بخلاف الآبق لانه معجوز التسليم على الاطلاق اذ لا تصل اليه يد أحد لما أنه لا يعرف مكانه فكان العجز متقررا و القدرة محتملة موهومة فلا ينعقد مع الاحتمال فاشبه بيع الآبق بيع الطير الذي لم يوجد في الهواء و بيع السمك الذي لم يوجد في الماء و ذلك باطل كذا هذا و لو جاء إنسان إلى مولى العبد فقال ان عبدك عند فلان فبعه منى و أنا أقبضه منه فصدقه و باعه منه لا ينفذ لما فيه من عذر القدرة على القبض على القبض لكنه ينعقد حتى لو قبضه ينفذ بخلاف الفصل المتقدم لان القدرة على القبض ههنا ثابتة في زعم المشترى الا ان احتمال المنع قائم فانعقد موقوفا على قبضه فإذا قبضه تحقق ما زعمه فينفذ بخلاف الفصل الاول لان العجز عن التسليم للحال متحقق فيمنع الانعقاد و لو أخذه رجل فجاء إلى مولاه فاشتراه منه جاز الشراء لان المانع هو العجز عن التسليم و لم يوجد في حقه و هذا البيع لا يدخل تحت النهى لان النهى عن بيع الآبق و هذا ليس بآبق في حقه ثم إذا اشترى منه لا يخلو اما ان احضر العبد مع نفسه و اما ان لم يحضره فان أحضره صار قابضا له عقيب العقد بلا فصل و ان لم يحضره مع نفسه ينظر ان كان أخذه ليرده على صاحبه و أشهد على ذلك لا يصير قابضا له ما لم يصل اليه لان قبضه قبض أمانة و قبض الامانة
(148)
لا ينوب عن قبض الضان فلا بد من التجديد بالوصول اليه حتى لو هلك العبد قبل الوصول يهلك على البائع و يبطل العقد لانه مبيع هلك قبل القبض و إذا وصل اليه صار قابضا له بنفس الوصول و لا يشترط القبض بالبراجم لان معنى القبض هو التمكين و التخلى و ارتفاع الموانع عرفا و عادة حقيقة و ان كان أخذه لنفسه لا ليرده على صاحبه صار قابضا له عقيب العقد بلا فصل حتى لو هلك قبل الوصول اليه يهلك على المشترى لان قبضه قبض ضمان و قبض الشراء أيضا قبض الضمان فتجانس القبضان فتناوبا و لو كان أخذه ليرده و لكنه لم يشهد على ذلك فهو على الاختلاف المعروف بين أبى حنيفة و صاحبيه عند أبى حنيفة عليه الرحمة يصير قابضا له عقيب العقد لان هذا قبض ضمان عنده و عندهما لا يصير قابضا الا بعد الوصول اليه لان هذا قبض أمانة عندهما و هي من مسائل كتاب الاباق و اللقطة و على هذا بيع الطائر الذي كان في يده و طار أنه لا ينعقد في ظاهر الرواية و على قياس ما ذكره الشافعي رحمه الله ينعقد و على هذا بيع السمكة التي أخذها ثم ألقاها في حظيرة سواء استطاع الخروج عنها أو لا بعد ان كان لا يمكنه أخذها بدون الاصطياد و ان كان يمكنه أخذها من اصطياد يجوز بيعها بلا خلاف لانه مقدور التسليم كذا البيع و على هذا يخرج بيع اللبن في الضرع لان اللبن لا يجتمع في الضرع دفعة واحدة بل شيأ فشيأ فيختلط المبيع بغيره على وجه يتعذر التمييز بينهما فكان المبيع معجوز التسليم عند البيع فلا ينعقد و كذا بيع الصوف على ظهر الغنم في ظاهر الرواية لانه ينمو ساعة فساعة فيختلط الموجود عند العقد بالحادث بعده على وجه لا يمكن التمييز بينهما فصار معجوز التسليم بالجز و النتف استخراج أصله و هو مستحق بالعقد و روى عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي عليه الصلاة و السلام انه نهى عن بيع الصوف على ظهر الغنم و روى عن أبى يوسف انه جوز بيعه و الصلح عليه لانه يجوز جره قبل الذبح فيجوز بيعه كبيع الفصيل في الارض ( و وجه ) الفرق بين الفصيل و الصوف لظاهر الرواية ان الصوف لا يمكن جزه من أصله من ضرر يلحق الشاة بخلاف الفصيل و لا ينعقد بيع الدين من من عليه الدين لان الدين اما أن يكون عبارة عن مال حكمى في الذمة و اما أن يكون عبارة عن فعل تمليك المال و تسليمه و كل ذلك مقدور التسليم في حق البائع و لو شرط التسليم على المديون لا يصح أيضا لانه شرط التسليم على البائع فيكون شرطا فاسدا فيفسد البيع و يجوز بيعه ممن عليه لان المانع هو العجز عن التسليم و لا حاجة إلى التسليم ههنا و نظير بيع المغصوب انه يصح من الغاصب و لا يصح من غيره إذا كان الغاصب منكرا و لا بينة للمالك و لا يجوز بيع المسلم فيه لان المسلم فيه مبيع و لا يجوز بيع المبيع قبل القبض و هل يجوز بيع المجمد فنقول لا خلاف في أنه إذا سلم المجمدة أولا إلى المشترى انه يجوز اما إذا باع ثم سلم قال بعض مشايخنا لا يجوز لانه إلى أن يسلم بعضه يذوب فلا يقدر على تسليم جميعه إلى المشترى و قال بعضهم يجوز و قال الفقية أبو جعفر الهندواني رحمه الله إذا باعه و سلمه من يومه ذلك يجوز و ان سلمه بعد أيام لا يجوز و به أخذ الفقية أبو الليث عليه الرحمة لانه في اليوم لا ينقص نقصانا له حصة من الثمن ( و أما ) الذي يرجع إلى النفاذ فنوعان أحدهما الملك أو الولاية أما الملك فهو أن يكون المبيع مملوكا للبائع فلا ينفذ بيع الفضولي للانعدام الملك و الولاية لكنه ينعقد موقوفا على اجازة المالك و عند الشافعي رحمه الله هو شرط الانعقاد ايضا حتى لا ينعقد بدونه وأصل هذا ان تصرفات الفضولي التي لها مجيز حالة العقد منعقدة موقوفة على اجازة المجيز من البيع و الاجارة و النكاح و الطلاق و نحوها فان أجاز ينفذ و الا فيبطل و عند الشافعي رحمه الله تصرفاته باطلة ( وجه ) قول الشافعي رحمه الله ان صحة التصرفات الشرعية بالملك أو بالولاية و لم يوجد أحدهما فلا تصح و هذا لان صحة التصرف الشرعي هو اعتباره في حق الحكم الذي وضع له شرعا لا يعقل للصحة معنى سوى هذا ( فأما ) الكلام الذي لا حكم له لا يكون صحيحا شرعا و الحكم الذي وضع له البيع شرعا و هو الملك لا يثبت حال وجوده لعدم شرطه و هو الملك أو الولاية فلم يصح و لهذا لم يصح شراؤه فكذا بيعه ( و لنا ) عمومات البيع من نحو قوله تبارك و تعالى و أحل البيع و قوله عز شأنه يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة عن تراض عنكم
(149)
و قوله سبحانه و تعالى فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض و ابتغوا من فضل الله شرع سبحانه و تعالى البيع و الشراء و التجارة و ابتغاء الفضل من فصل بين ما إذا وجد من المالك بطريق الاصالة و بين ما إذا وجد من الوكيل في الابتداء أو بين ما إذا وجدت الاجارة من المالك في الانتهاء و بين وجود الرضا في التجارة عند العقد أو بعده فيجب العمل بإطلاقها الا ما خص بدليل و روى عن النبي عليه الصلاة و السلام انه دفع دينارا إلى حكيم بن حزام رضى الله عنه و أمره أن يشترى له أضحية فاشترى شاتين ثم باع احداهما بدينار و جاء بدينار و شاة إلى النبي عليه الصلاة و السلام فدعا له بالبركة و قال عليه الصلاة و السلام بارك الله في صفقة يمينك و معلوم انه لم يكن حكيم مأمورا ببيع الشاة فلو لم ينعقد تصرفه لما باع و لما دعا له رسول الله صلى الله عليه و سلم بالخير و البركة على ما فعل و لا نكر عليه لان الباطل ينكر و لان تصرف العاقل محمول على الوجه الاحسن ما أمكن و قد أمكن حمله على الاحسن ههنا و قد قصد البر به و الاحسان اليه بالاعانة على ما هو خير للمالك في زعمه لعلمه بحاجته إلى ذلك لكن لم يتبين إلى هذه الحالة لموانع و قد يغلب على ظنه زوال المانع فأقدم عليه نظرا لصديقه و إحسانا اليه لبيان المحمدة و الثناء لتحمل مؤنة مباشرة التصرف الذي هو محتاج اليه و الثواب من الله عز و جل بالاعانة على البر و الاحسان قال الله تبارك و تعالى و تعاونوا على البر و التقوى و قال تعالى جل شأنه و أحسنوا ان الله يحب المحسنين الا أن في هذه التصرفات ضررا في الجملة لان للناس رغائب في الاعيان و قد يقدم الرجل على شيء ظهرت له الحاجة عنه بإزالته عن ملكه لحصول غرضه بدون ذلك و نحو ذلك فيتوقف على اجازة المالك حتى لو كان الامر على ما ظنه مباشر التصرف اجازة و حصل له النفع من جهته فينال الثواب و الثناء و الا فلا يجيزه و يثنى عليه بقصد الاحسان و إيصال النفع اليه فلا يجوز القول باهدار هذا التصرف و إلحاق كلامه و قصده بكلام المجانين و قصدهم مع ندب الله عز و جل إلى ذلك و حثه عليه لما تلونا من الآيات و قوله صحة التصرف عبارة عن اعتباره في حق الحكم قلنا نعم و عندنا هذا التصرف مفيد في الجملة و هو ثبوت الملك فيما يتضرر المالك بزواله موقوفا على الاجازة اما من كل وجه أو من وجه لكن لا يظهر شيء من ذلك عند العقد و انما يظهر عند الاجازة و هو تفسير التوقف عندنا أن يتوقف في الجواب في الحال انه صحيح في حق الحكم أم لا و لا يقطع القول به للحال و لكن يقطع القول بصحته عند الاجازة و هذا جائز و له نظائر في الشرع و هو البيع بشرط الخيار للبائع أو المشترى على ما عرف ( و أما ) شراء الفضولي ففيه تفصيل نذكره ان شاء الله تعالى في موضعه ثم الاجازة انما تلحق تصرف الفضولي عندنا بشرائط ( منها ) أن يكون له مجيز عند وجوده فما لا مجيز له عند وجوده لا تلحقه الاجازة لان ماله مجيز متصور منه الاذن للحال و بعد وجود التصرف فكان الانعقاد عند الاذن القائم مفيدا فينعقد و ما لا مجيز له لا يتصور الاذن به للحال و الاذن في المستقل قد يحدث و قد لا يحدث فان حدث كان الانعقاد مفيدا و ان لم يحدث لم يكن مفيدا فلا ينعقد مع الشك في حصول الفائدة على الاصل المعهود ان ما لم يكن ثابتا بيقين لا يثبت مع الشك و إذا لم ينعقد لا تلحقه الاجازة لان الاجازة للمنعقد و على هذا يخرج ما إذا طلق الفضولي إمرأة البالغ أو أعتق عبده أو وهب ماله أو تصدق به انه ينعقد موقوفا على الاجازة لان البالغ يملك هذه التصرفات بنفسه فكان لها مجيزا حال وجودها فيتوقف على اجازة المالك و بمثله لو فعل ذلك على الصبي لا ينعقد لان الصبي ليس من أهل هذه التصرفات بنفسه ألا ترى لو فعل ذلك بنفسه لا تنعقد فلم يكن لها مجيز حال وجودها فلم تنعقد و كذلك الصبي المحجور عليه إذا باع مال نفسه أو اشترى أو تزوج إمرأة أو زوج أمته أو كاتب عبده أو فعل بنفسه ما لو فعل عليه وليه لجاز عليه يتوقف على اجازة وليه ما دام صغيرا أو على اجازته بنفسه بعد البلوغ ان لم يوجد من وليه في حال صغره حتى لو بلغ الصبي قبل اجازة الولى فأجاز بنفسه جاز و لا يتوقف على نفس البلوغ من اجازة لان هذه التصرفات لها مجيز حال وجودها ألا ترى انه لو فعلها وليه جازت فاحتمل التوقف على الاجازة و انما يتوقف على اجازته بنفسه أيضا بعد البلوغ كما يتوقف على اجازة وليه في حال صغره لانه لما بلغ فقد ملك الانشاء فأولى أن يملك الاجازة و لان ولايته على نفسه فوق ولاية وليه عليه في حال صغره فلما
(150)
جاز بإجازة وليه فلان يجوز بإجازة نفسه أولى و لا يجوز بمجرد البلوغ لان الاجازة لها حكم الانشاء من وجه و انه فعل فاعل مختار و البلوغ ليس صنعه فلا يعقل اجازة و كذا إذا و كل الصبي وكيلا بهذه التصرفات ففعل الوكيل قبل بلوغ الصبي أو بعده توقف على اجازته بعد البلوغ الا التوكيل بالشراء فانه لا يتوقف بل ينفذ على الوكيل لان الشراء وجد نفاذا على الوكيل فلا يتوقف الا إذا بلغ الصبي قبل أن يشترى الوكيل فأجاز التوكيل ثم اشترى الوكيل بعد ذلك فيكون الشراء للصبي لا للوكيل لان اجازة الوكالة منه بعد البلوغ بمنزلة انشاء التوكيل و لو وكله ابتداء لكان الشراء له لا للوكيل كذا هذا و بمثله إذا طلق الصبي إمرأته أو خالعها أو أعتق عبده على مال أو على مال أو وهب ماله أو تصدق به أو زوج عبده إمرأة أو باع ماله بمحاباة أو اشترى شيأ بأكثر من قيمته قدر ما لا يتغابن الناس في مثله عادة أو ذلك من التصرفات مما لو فعله وليه في حال صغره لا يجوز عليه لا ينعقد حتى لو أجاز وليه أو الصبي بعد البلوغ لا يصح لان هذه التصرفات ليس لها مجيز حال وجودها فلا تحتمل التوقف على الاجازة الا إذا أجازه الصبي بعد البلوغ بلفظ يصلح للانشاء بأن يقول بعد البلوغ أوقعت ذلك الطلاق أو ذلك العتاق فيجوز و يكون ذلك انشاء الاجازة و لو و كل الصبي وكيلا بهذه التصرفات ففعل الوكيل ينظر ان فعل قبل البلوغ لا يتوقف و هو باطل لان فعل الوكيل كفعل الموكل و لو فعل الصبي بنفسه لا يتوقف فكذا إذا فعله الوكيل و ان فعل بعد البلوغ يتوقف على اجازته بمنزلة الفضولي على البائع و ان بلغ الصبي فأجاز التوكيل بعد البلوغ قبل أن يفعل الوكيل شيأ ثم فعل جاز لان اجازة التوكيل منه بمنزلة انشائه و كذا وصية الصبي لا تنعقد لانها تصرف لا مجيز له حال وجوده ألا ترى انه لو فعل الولى لا يجوز عليه فلا يتوقف و سواء أطلق الوصية أو أضافها إلى حال البلوغ لما قلنا حتى لو أوصى ثم مات قبل البلوغ أو بعده لا تجوز وصيته الا إذا بلغ و أجاز تلك الوصية بعد البلوغ فتجوز لان الاجازة منه بمنزلة انشاء الوصية و لو أنشأ الوصية بعد البلوغ صح كذا هذا و على هذا تصرف المكاتب و العبد المأذون ان ما له مجيز حال وجوده يتوقف على اجازة المولى و ما لا مجيز له حالة وجوده يبطل و لا يتوقف لما ذكرنا من الفقة الا أن بين المكاتب و العبد المأذون و الصبي فرقا من وجه و هو ان المكاتب أو المأذون إذا فعل ما يتوقف على الاجازة بان زوج نفسه إمرأة ثم عتق ينفذ بنفس الاعتاق و فى الصبي لا ينفذ بنفس البلوغ ما لم توجد الاجازة ( و وجه ) الفرق أن العبد بعد الاذن يتصرف بمالكية نفسه على ما عرف فكان ينبغى أن ينفذ للحال الا أنه توقف لحق المولى فإذا عتق فقد زال المانع فنفذ بخلاف الصبي فان في أهليته قصورا لقصور عقله فانعقد موقوفا على الاجازة و البلوغ ليس بإجازة على ما مر ( و أما ) حكم شراء الفضولي فجملة الكلام فيه أن الفضولي إذا اشترى شيأ لغيره فلا يخلو ما ان اضاف العقد إلى نفسه و اما أن أضافه إلى الذي اشترى له فان أضافه إلى نفسه كان المشترى له سواء وجدت الاجازة من الذي اشترى له أو لم توجد لان الشراء إذا وجد نفاذا على العاقد نفذ عليه و لا يتوقف لان الاصل أن يكون تصرف الانسان لنفسه لا لغيره قال الله تعالى عز من قائل لها ما كسبت و قال عز من قائل و أن ليس للانسان الا ما سعى و شراء الفضولي كسبه حقيقة فالأَصل أن يكون له الا إذا جعله لغيره أو لم يجد نفاذا عليه لعدم الاهلية فيتوقف على اجازة الذي اشترى له بان كان الفضولي صبيا محجورا أو عبدا محجورا فاشترى لغيره يتوقف على اجازة ذلك الغير لان الشراء لم يجد نفاذا عليه فيتوقف على اجازة الذي اشترى له ضرورة فان أجاز نفذ و كانت العهدة عليه لا عليهما لانهما ليسا من أهل لزوم العهدة و ان أضاف العقد إلى الذي اشترى له بان قال الفضولي للبائع بع عبدك هذا من فلان بكذا فقال بعت و قبل الفضولي البيع فيه لاجل فلان أو قال البائع بعت هذا العبد من فلان بكذا و قبل المشترى الشراء منه لاجل فلان فانه يتوقف على اجازة المشترى له لان تصرف الانسان و ان كان له على اعتبار الاصل الا أن له أن يجعله لغيره بحق الوكالة و غير ذلك و ههنا جعله لغيره فينعقد موقوفا على اجازته و لو قال الفضولي للبائع اشتريت منك هذا العبد بكذا لاجل فلان فقال بعت أو قال البائع للفضولي بعت منك هذا العبد بكذا لفلان فقال اشتريت لا يتوقف و ينفذ الشراء عليه لانه لم توجد الاضافة إلى فلان
(151)
في الايجاب و القبول و انما وجدت في أحدهما وأحدهما شطر العقد فلا يتوقف لما ذكرنا ان الاصل ان لا يتوقف و انما توقف لضرورة الاضافة من الجانبين فإذا لم يوجد يجب العمل بالاصل و هذا بخلاف الوكيل بالشراء انه إذا اشترى شيأ يقع شراؤه للموكل و ان أضاف العقد إلى نفسه لا إلى الموكل لانه لما أمره بالشراء فقد أنابه مناب نفسه فكان تصرف الوكيل كتصرفه بنفسه و لو اشترى بنفسه كان المشترى له كذا هذا و الله تعالى أعلم و لو اشترى الفضولي شيأ لغيره و لم يضف المشترى إلى غيره حتى لو كان الشراء له فظن المشترى و المشترى له ان المشترى يكون للمشتري له فسلم اليه بعد القبض بالثمن الذي اشتراه به و قبل المشترى له صح ذلك و يجعل ذلك تولية كانه ولاه منه بما اشترى و لو علم المشترى بعد ذلك ان الشراء نفذ عليه و المشترى له فأراد أن يسترد من صاحبه بغير رضاه لم يكن له ذلك لان التولية منه قد صحت فلا يملك الرجوع كمن اشترى منقولا فطلب جاره الشفعة فظن المشترى ان له شفعة فسلم اليه ثم أراد أحدهما أن ينقض ذلك من رضا الآخر لم يكن له ذلك لانه لما سلم اليه صار ذلك بيعا بينهما و لو اختلفا فقال المشترى له كنت أمرتك بالشراء و قال المشترى اشتريته لك بغير أمرك فالقول قول المشترى له لان المشترى لما قال اشتريته لك كان ذلك اقرارا منه بانه اشتراه بأمره لان الشراء له لا يكون الا بأمره عادة فكان القول قوله ثم ان أخذه بقضاء القاضي لا يحل له ذلك الا إذا كان صادقا في كلامه فيما بينه و بين الله جل شانه و ان أخذه بغير قضأ طاب له لانه أخذه برضاه فصار ذلك بيعا منهما بتراضيهما ( و منها ) قيام البائع و المشترى حتى لو هلك أحدهما قبل الاجازة من المالك لا تلحقه الاجازة ( و منها ) قيام المالك حتى لو هلك المالك قبل اجازته لا يجوز بإجازة ورثته ( و منها ) قيام المبيع حتى لو هلك قبل اجازة المالك لا يجوز بإجازة المالك أنه ان هلك في يد المالك يملك بغير شيء و ان هلك بعد التسليم إلى المشترى فالمالك بالخيار ان شاء ضمن البائع و ان شاء ضمن المشترى لوجود سبب الضمان من كل واحد منهما و هو التسليم من البائع و القبض من المشترى لان تسليم مال الغير و قبضه بغير اذن صاحبه كل واحد منهما سبب لوجوب الضمان و أيهما اختار تضمينه بري الآخر و لا سبيل عليه بحال لانه لما ضمن أحدهما فقد ملك المضمون فلا يملك تمليكه من غيره لما فيه من الاستحالة و هو تمليك شيء واحد في زمان واحد من اثنين على الكمال فان اختار تضمين المشترى رجع المشترى بالثمن على البائع و بطل البيع و ليس له أن يرجع عليه بما ضمن كما في المشترى من الغاصب و ان اختار تضمين البائع ذكر الطحاوي رحمه الله أنه ينظر ان كان قبض البائع قبض ضمان بان كان مغصوبا في يده نفذ بيعه لانه لما ضمنه فقد ملك المغصوب من وقت الغصب فتبين انه باع ملك نفسه فينفذ و ان كان قبضه قبض أمانة بان كان وديعة عنده فباعه و سلمه إلى المشترى لا ينفذ بيعه لان الضمان انما وجب عليه بسبب متأخر عن البيع و هو التسليم فيملك المضمون من ذلك الوقت لا من وقت البيع فيكون بائعا مال غيره بغير اذنه فلا ينفذ و ذكر محمد رحمه الله في ظاهر الرواية و قال يجوز البيع بتضمين البائع قيل هذا محمول على ما إذا سلمه البائع أولا ثم باعه لانه إذا سلمه أولا فقد صار مضمونا عليه بالتسليم فتقدم سبب الضمان البيع فتبين انه باع مال نفسه فينفذ ثم ان كان قيام الاربعة التي ذكرنا شرطا للحوق الاجازة لان الاجازة انما تلحق القيام و قيام العقد بهذه الاربعة و لان الاجازة لها حكم الانشاء من وجه و لا يتحقق الانشاء بدون العاقدين و المعقود عليه لذلك كان قيامها شرطا للحوق الاجازة فان وجد صحت الاجازة و صار البائع بمنزلة الوكيل اذ الاجازة اللاحقة بمنزلة الوكالة السابقة و يكون الثمن للمالك ان كان قائما لانه بدل ملكه و ان هلك في يد البائع يهلك أمانة كما إذا كان وكيلا في الابتداء و هلك الثمن في يده و لو فسخه البائع قبل الاجازة انفسخ و استرد المبيع ان كان قد سلم و يرجع المشترى بالثمن على البائع ان كان قد نقده و كذا إذا فسخه المشترى ينفسخ و كذا إذا فسخه الفضولي فمحمد يحتاج إلى الفرق بين البيع و النكاح فان الفضولي من جانب الرجل في باب النكاح إذا زوجت المرأة نفسها لا يملك الفسخ عنده ( و وجه ) الفرق له ان البيع الموقوف لو اتصلت به الاجازة فالحقوق ترجع إلى العاقد فهو بالفسخ يدفع العهدة عن نفسه فله ذلك بخلاف
(152)
النكاح لان الحقوق في باب النكاح لا ترجع إلى العاقد بل هو سفير و معبر فإذا فرغ عن السفارة و العبارة التحق بالاجانب و أما قيام الثمن في يد البائع هل هو شرط لصحة الاجازة أم لا فالأَمر لا يخلو اما ان كان الثمن دينا كالدراهم و الدنانير و الفلوس النافقة و الموزون الموصوف و المكيل الموصوف في الذمة و اما ان كان عينا كالعروض فان كان دينا فقيامه في يد البائع ليس بشرط للحوق الاجازة لان الدين لا يتعين بالتعيين فكان قيامه بقيام الذمة و ان كان عينا فقيامه شرط للحوق الاجازة فصار الحاصل ان قيام الاربعة شرط صحة الاجازة إذا كان الثمن دينا و إذا كان عينا فقيام الخمس شرط فان وجدت الاجازة عند قيام الخمس جاز و يكون الثمن للبائع لا للمالك لان الثمن إذا كان عينا كان البائع مشتريا من وجه و الشراء لا يتوقف على الاجازة بل ينفذ على المشترى إذا وجد نقاذا عليه بان كان أهلا و هو أهل و المالك يرجع على بقيمة ماله ان لم يكن له مثل و بمثله ان كان له مثل لانه عقد لنفسه و نقد الثمن من مال غيره فيتوقف النقد على الاجازة فإذا جازه مالكه بعد النقد فيرجع عليه بمثله أو بقيمته بخلاف ما إذا كان الثمن دينا لانه إذا كان دينا كان العاقد بائعامن كل وجه و لا يكون مشتريا لنفسه أصلا فتوقف على اجازة المالك فإذا أجاز كان مجيزا للعقد فكان بدله له و لو هلكت العين في يد الفضولي بطل العقد و لا تلحقه الاجازة و يرد المبيع إلى صاحبه و يضمن للمشتري مثله ان كان له مثل و قيمته ان لم يكن له مثل لانه قبضه بعقد فاسد و لو تصرف الفضولي في العين قبل الاجازة ينظر ان تصرف فيه قبل القبض فتصرفه باطل لان الملك في العقد الفاسد يقف على القبض و ان تصرف فيه بعد ما قبض باذن المشترى صريحا أو دلالة يصح تصرفه لانه تصرف في ملك نفسه و عليه مثله أو قيمته لان المقبوض بالبيع الفاسد مضمون به و لا تلحقه الاجازة لانه ملك بجواز تصرفه فيه فلا يحتمل الاجازة بعد ذلك و لو تصرف المشترى في المبيع قبل الاجازة لا يجوز تصرفه سواء كان قبض المبيع أو لم يقبضه لعدم اذن مالكه و الله تعالى أعلم ( و أما ) الولاية فالولاية في الاصل نوعان نوع يثبت بتولية المالك و نوع يثبت شرعا لا بتولية المالك أما الاول فهو ولاية الوكيل فينفذ تصرف الوكيل و ان لم يكن المحل مملوكا له لوجود الولاية المستفادة من الموكل و أما الثاني فهو ولاية الاب و الجد أب الاب و الوصي و القاضي و هو نوعان أيضا ولاية النكاح و ولاية غيره من التصرفات أما و لا ية النكاح فموضع بيانها كتاب النكاح و أما ولاية غيره من المعاملات فالكلام فيه في مواضع في بيان سبب هذه الولاية و فى بيان شرائطها و فى بيان ترتيب الولاية أما الاول فسبب هذا النوع من الولاية في التحقيق شيئان أحدهما الابوة و الثاني القضاء لان الجد من قبل الاب أب لكن بواسطة و وصى الاب و الجد استفاد الولاية منهما فكان ذلك ولاية الابوة من حيث المعنى و وصى القاضي يستفيد الولاية من القاضي فكان ذلك ولاية القضاء معنى أما الابوة فلانها داعية إلى كمال النظر في حق الصغير لوفور شفقة الاب و هو قادر على ذلك لكمال رأيه و عقله و الصغير عاجز عن النظر لنفسه بنفسه و ثبوت ولاية النظر للقادر على العاجز عن النظر أمر معقول مشروع لانه من باب الاعانة على البر و من باب الاحسان و من باب اعانة الضعيف و إغاثة اللهفان و كل ذلك حسن عقلا و شرعا و لان ذلك من باب شكر النعمة و هي نعمة القدرة إذا شكر كل نعمة على حسب النعمة فشكر نعمة القدرة معونة العاجز و شكر النعمة واجب عقلا و شرعا فضلا عن الجواز و وصى الاب قائم مقامه لانه رضيه و اختاره فالظاهر انه ما اختاره من بين سائر الناس الا لعلمه بان شفقته على ورثته مثل شفقته عليهم و لو لا ذلك لما ارتضاه من بين سائر الناس فكان الوصي خلفا عن الاب و خلف الشيء قائم مقامه كانه هو و الجد له كمال الرأي و وفور الشفقة الا أن شفقته دون شفقة الاب فلا جرم تأخرت ولايته عن ولاية الاب و ولاية وصيه و وصى وصيه أيضا لان تلك ولاية الاب من حيث المعنى على ما ذكرنا و وصى الجد قائم مقامه لانه استفاد الولاية من جهته و كذا وصى وصيه و أما القضاء فلان القاضي لاختصاصه بكمال العلم و العقل و الورع و التقوى و الخصال الحميدة أشفق الناس على اليتامى فصلح وليا و قد قال عليه الصلاة و السلام السلطان ولي من لا ولي له الا أن شفقته دون شفقة الاب و الجد لان شفقتهما تنشأ عن القرابة و شفقته لا و كذا وصيه
(153)
فتأخرت ولايته عن ولايتهما ( فصل ) و أما شرائطها فأنواع بعضها يرجع إلى الولى و بعضها يرجع إلى المولى عليه و بعضها يرجع إلى المولى فيه أما الذي يرجع إلى الولى فأشياء ( منها ) أن يكون حرا فلا تثبت ولاية العبد لقوله سبحانه و تعالى ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء و لانه لا ولاية له على نفسه فكيف تثبت له الولاية على غيره ( و منها ) أن يكون عاقلا فلا ولاية للمجنون لما قلنا ( و منها ) اسلام الولى إذا كان المولى عليه مسلما فان كان كافرا لا تثبت له عليه الولاية لقوله عز و جل و لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا و لان تنفيذ الولاية للكافر على المسلم يشعر بالذل به و هذا لا يجوز ( و أما ) الذي يرجع إلى المولى عليه فالصغر فلا تثبت الولاية على الكبير لانه يقدر على دفع حاجة نفسه فلا حاجة إلى إثبات الولاية عليه لغيره و هذا لان الولاية على الحر تثبت مع قيام المنافى للضرورة و لا ضرورة حالة القدرة فلا تثبت ( و أما ) الذي يرجع إلى المولى فيه فهو أن لا يكون من التصرفات الضارة بالمولى عليه لقوله عليه الصلاة و السلام لا ضرر و لا اضرار في الاسلام و قال عليه الصلاة و السلام من لم يرحم صغيرنا فليس منا و الاضرار بالصغير ليس من المرحمة في شيء فليس له أن يهب مال الصغير من غيره بغير عوض لانه ازالة ملكه من عوض فكان ضررا محضا و كذا ليس له أن يهب بعوض عند أبى حنيفة و أبى يوسف و عند محمد له ذلك ( وجه ) قوله أن الهبة بعوض معاوضة المال بالمال فكان في معنى البيع فملكها كما يملك البيع ( و لهما ) أنها هبة ابتداء بدليل أن الملك فيها يقف على القبض و ذلك من أحكام الهبة و انما تصير معاوضة في الانتهاء و هو لا يملك الهبة فلم تنعقد هبته فلا يتصور أن تصير معاوضة بخلاف البيع لانه معاوضة ابتداء و انتهاء و هو يملك المعاوضة و ليس له أن يتصدق بماله و لا ان يوصى به لان التصدق و الوصية ازالة الملك من عوض مالى فكان ضررا فلا يملكه و ليس له أن يطلق إمرأته لان الطلاق من التصرفات الضارة المحضة ليس له أن يعتق عبده سواء كان بعوض أو بغير عوض أما بغير عوض فلانه ضرر محض و كذا بعوض لانه لا يقابله العوض للحال لان العتق معلق بنفس القبول و إذا عتق بنفس القبول يبقى الدين في ذمة المفلس و قد يحصل و قد لا يحصل فكان الاعتاق ضررا محضا للحال و كذا ليس له أن يقرض ماله لان القرض ازالة الملك من عوض للحال و هو معنى قولهم القرض تبرع و هو لا يملك سائر التبرعات كذا هذا بخلاف القاضي فانه يقرض مال اليتيم ( و وجه ) الفرق ان الاقراض من القاضي من باب حفظ الدين لان توى الدين بالافلاس أو و الاستمناء و الظاهر أن القاضي يختار أملى الناس و أوثقهم و له ولاية التفحص عن أحوالهم فيختار من لا يتحقق افلاسه ظاهرا و غالبا و كذا القاضي يقضى بعلمه فلا يتحقق التوى و الاستمناء و ليس لغير القاضي هذه الولاية فبقى الاقراض منه ازالة الملك من أن يقابله عوض للحال فكان ضررا فلا يملكه و له ان يدين ماله من غيره و صورة الاستدانة أن يطلب إنسان من الاب أو الوصي أن يبيعه شيأ من أموال الصغير بمثل قيمته حتى يجعل أصل الشيء ملكه و ثمن المبيع دينا عليه ليرده فان باعه منه بزيادة على قيمته فهو عينه و انما ملك الادانة و لم يملك القرض لان الادانة بيع ماله بمثل قيمته و ليس له أن يزوج عبده لانه يتعلق المهر برقبته و فيه ضرر و ليس له أن يبيع ماله بأقل من قيمته قدر ما لا يتغابن الناس فيه عادة و لو باع لا ينفذ بيعه لانه ضرر في حقه و كذا ليس له ان يؤاجر نفسه أو ماله بأقل من أجرة المثل قدر ما لا يتغابن الناس فيه عادة و ليس له أن يشترى بماله شيأ بأكثر من قيمته قدر ما لا يتغابن الناس فيه عادة لما قلنا و لو اشترى ينفذ عليه و يكون المشترى له لان الشراء وجد نفاذا على المشترى و له أن يقبل الهبة و الصدقة و الوصية لان ذلك نفع محض فيملكه الولى و قال عليه الصلاة و السلام خير الناس من ينفع الناس و هذا يجرى مجرى الحث على النفع و الحث على النفع ممن لا يملك النفع عبث و له أن يزوج أمته لانه نفع و له أن يبيع ماله بأكثر من قيمته و يشترى له شيأ بأقل من قيمته لما قلنا و له أن يبيعه بمثل قيمته و بأقل من قيمته مقدار ما يتغابن الناس فيه عادة و له أن يشترى له شيأ بمثل قيمته و بأكثر من قيمته قدر ما يتغابن الناس فيه عادة و كذا له أن يؤاجر نفسه و ماله بأكثر من أجر مثله أو بأجر مثله أو بأقل منه قدر ما يتغابن الناس