بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 5

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 5

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(133)

بنفسه فيعود إلى حالته الاولى و اعادة جزء منفصل إلى مكانه ليلتئم جائز كما إذا قطع شيء من عضوه فأعاده إلى مكانه فأما سن غيره فلا يحتمل ذلك و الثاني ان استعمال جزء منفصل عن غيره من بني آدم إهانة بذلك الغير و الآدمى بجميع أجزائه مكرم و لا إهانة في استعمال جزء نفسه في الاعادة إلى مكانه ( وجه ) قولهما ان السن من الآدمى جزء منه فإذا انفصل استحق الدفن ككله و الاعادة صرف له عن جهة الاستحقاق فلا تجوز و هذا لا يوجب الفصل بين سنه وسن غيره ( و منها ) الفضة لان النص الوارد بتحريم الذهب على الرجال يكون واردا بتحريم الفضة دلالة فيكره للرجال استعمالها في جميع ما يكره استعمال الذهب فيه الا التختم به إذا ضرب على صيغة ما يلبسه الرجال و لا يزيد على المثقال لما روينا من حديث النعمان بن بشير رضى الله عنها و كذا المنطقة و حلية السيف و السكين من الفضة لما مر و ما لا يكره استعمال الذهب فيه لا يكره استعمال الفضة من طريق الاولى لانها أخف حرمة من الذهب و قد ذكرنا جميع ذلك على الاتفاق و الاختلاف فلا نعيده ( و أما ) التختم بما سوى الذهب و الفضة من الحديد و النحاس و الصفر فمكروه للرجال و النساء جميعا لانه زى أهل النار لما روينا من الحديث ( و أما ) الاوانى المموهة بماء الذهب و الفضة الذي لا يخلص منه شيء فلا بأس بالانتفاع بها في الاكل و الشرب و غير ذلك بالاجماع و كذا لا بأس بالانتفاع بالسرج و الركاب و السلاح السرير و السقف المموه لان التموية ليس بشيء الا يرى انه لا يخلص و الله سبحانه و تعالى أعلم بالصواب ( كتاب البيوع ) الكلام في هذا الكتاب في الاصل في مواضع في بيان ركن البيع و فى بيان شرائط الركن و فى بيان أقسام البيع و فى بيان ما يكره من البياعات و ما يتصل بها و فى بيان حكم البيع و فى بيان ما يرفع حكم البيع ( أما ) ركن البيع فهو مبادلة شيء مرغوب بشيء مرغوب و ذلك قد يكون بالقول و قد يكون بالفعل ( أما ) القول فهو المسمى بالايجاب و القبول في عرف الفقهاء و الكلام في الايجاب و القبول في موضعين أحدهما في صيغة الايجاب و القبول و الثاني في صفة الايجاب و القبول ( أما ) الاول فنقول و بالله التوفيق الايجاب و القبول قد يكون بصيغة الماضي و قد يكون بصيغة الحال ( أما ) بصيغة الماضي فهي أن يقول البائع بعت و يقول المشترى اشتريت فيتم الركن لان هذه الصيغة و ان كانت للماضي وضعا لكنها جعلت إيجابا للحال في عرف أهل اللغة و الشرع و العرف قاض على الوضع و كذا إذا قال البائع خذ هذا الشيء بكذا أو أعطيتكه بكذا أو هو لك بكذا أو بذلتكه بكذا و قال المشترى قبلت أو أخذت أو رضيت أو هويت و نحو ذلك فانه يتم الركن لان كل واحد من هذه الالفاظ يؤدى معنى البيع و هو المبادلة و العبرة للمعنى لا للصورة ( و أما ) صيغة الحال فهي أن يقول البائع للمشتري أبيع منك هذا الشيء بكذا و نوى الايجاب فقال المشترى اشتريت أو قال المشترى اشترى منك هذا الشيء بكذا و نوى الايجاب و قال البائع أبيعه منك بكذا و قال المشترى اشتريه و نويا الايجاب يتم الركن و ينعقد و انما اعتبرنا النية ههنا و ان كانت صيغة افعل للحال هو الصحيح لانه غلب استعمالها للاستقبال اما حقيقة أو مجازا فوقعت الحاجة إلى التعيين بالنية و لا ينعقد بصيغة الاستفهام بالاتفاق بأن يقول المشترى للبائع أ تبيع منى هذا الشيء بكذا أو أبعته منى بكذا فقال البائع بعت لا ينعقد ما لم يقل المشترى اشتريت و كذا إذا قال البائع للمشتري اشتر منى هذا الشيء بكذا فقال اشريت لا ينعقد ما لم يقل البائع بعت و هل ينعقد بصيغة الاستقبال و هي صيغة الامر بأن يقول المشترى للبائع بع عبدك هذا منى بكذا فيقول البائع بعت قال أصحابنا رحمهم الله لا ينعقد ما لم يقل المشترى اشتريت و كذا إذا قال البائع للمشتري اشتر منى هذا الشيء بكذا فقال اشتريت لا ينعقد ما لم يقل البائع بعت عندنا و قال الشافعي رحمه الله ينعقد ( وجه ) قوله ان هذه الصيغة تصلح شطر العقد في الجملة ألا ترى أن من قال لآخر تزوج إبنتي فقال المخاطب تزوجت أو قال زوج ابنتك منى فقال زوجت ينعقد النكاح فإذا

(134)

صلحت هذا الصيغة شطرا في النكاح صلحت شطرا في البيع لان الركن في كل واحد منهما هو الايجاب و القبول و لنا ان قوله بع أو اشتر طلب الايجاب و القبول و طلب الايجاب و القبول لا يكون إيجابا و قبولا فلم يوجد الا أحد الشطرين فلا يتم الركن و لهذا لا ينعقد بلفظ الاستفهام لكون الاستفهام سؤال الايجاب و القبول لا إيجابا و قبولا كذا هذا و هذا هو القياس في النكاح الا انا استحسنا في النكاح بنص خاص و هو ما روى أبو يوسف ان بلالا خطب إلى قوم من الانصار فأبوا أن يزوجوه فقال لو لا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمرني أن أخطب إليكم لم أخطب فقالوا له أملكت و لم ينقل ان بلالا رضى الله عنه قال قبلت فتركنا القياس هناك بالنص و لا نص في البيع فوجب العمل بالقياس و لان هذه الصيغة مساومة حقيقة فلا تكون إيجابا و قبولا حقيقة بل هى طلب الايجاب و القبول فلا بد للايجاب و القبول من لفظ آخر يدل عليهما و لا يمكن حمل هذه الصيغة على المساومة في باب النكاح لان المساومة لا توجد في النكاح عادة فحملت على الايجاب و القبول على ان الضرورة توجب أن يكون قول القائل زوج ابنتك منى شطر العقد فلو لم تجعل شطر العقد لتضرر به الولى لجواز ان يزوج و لا يقبل المخاطب فيلحقه الشين فجعلت شطرا لضرورة دفع الضرر عن الاولياء و هذا المعنى في باب البيع منعدم فبقيت سؤالا فلا يتم به الركن ما لم يوجد الشطر الآخر ( و أما ) صفة الايجاب و القبول فهو أن أحدهما لا يكون لازما قبل وجود الآخر فأحد الشطرين بعد وجوده لا يلزم قبل وجود الشطر الآخر حتى إذا وجد أحد الشطرين من أحد المتبايعين فللاخر خيار القبول و له خيار الرجوع قبل قبول الآخر لما روى عن أبى هريرة عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا عن بيعهما و الخيار الثابت لهما قبل التفرق عن بيعهما هو خيار القبول و خيار الرجوع و لان أحد الشطرين لو لزم قبل وجود الآخر لكان صاحبه مجبورا على ذلك الشطر و هذا لا يجوز ( و أما ) المبادلة بالفعل فهي التعاطى و يسمى هذا البيع بيع المراوضة و هذا عندنا و قال الشافعي رحمه الله لا يجوز البيع بالتعاطي لان البيع في عرف الشرع كلام إيجاب و قبول فاما التعاطى فلم يعرف في عرف الشرع بيعا و ذكر القدوري ان التعاطى يجوز في الاشياء الخسيسة و لا يجوز في الاشياء النفيسة و رواية الجواز في الاصل مطلق عن هذا التفصيل و هي الصحيحة لان البيع في اللغة و الشرع اسم للمبادلة و هي مبادلة شيء مرغوب بشيء مرغوب و حقيقة المبادلة بالتعاطي و هو الاخذ و الاعطاء و انما قول البيع و الشراء دليل عليهما و الدليل عليه قوله عز و جل الا أن تكون تجارة عن تراض منكم و التجارة عبارة عن جعل الشيء للغير ببدل و هو تفسير التعاطى و قال سبحانه و تعالى أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم و ما كانوا مهتدين أطلق سبحانه و تعالى اسم التجارة على تبادل ليس فيه قول البيع و قال الله عز و جل ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة سمى سبحانه و تعالى مبادلة الجنة بالقتال في سبيل الله تعالى اشتراء و بيعا لقوله تعالى في آخر الآية فاستبشروا ببيعكم الذين بايعتم به و ان لم يوجد لفظ البيع و إذا ثبت ان حقيقة المبادلة بالتعاطي و هو الاخذ و الاعطاء فهذا يوجد في الاشياء الخسيسة و النفيسة جميعا فكان التعاطى في كل ذلك بيعا فكان جائزا ( فصل ) و أما شرائط الركن فلا يمكن الوصول إلى معرفتها الا بعد معرفة أقسام البياعات لان منها ما يعم البياعات كلها ( و منها ) ما يخص البعض دون البعض فنقول البيع في القسمة الاولى ينقسم قسمين قسم يرجع إلى البدل و قسم يرجع إلى الحكم ( أما ) الذي يرجع إلى البدل فينقسم قسمين آخرين أحدهما يرجع إلى البدلين و الآخر يرجع إلى أحدهما و هو الثمن أما الاول فنقول البيع في حق البدلين ينقسم أربعة أقسام بيع العين بالعين و هو بيع السلع بالسلع و يسمى بيع المقايضة و بيع العين بالدين و هو بيع السلع بالاثمان المطلقة و هي الدراهم و الدنانير و بيعها بالفلوس النافقة و بالمكيل الموصوف في الذمة و الموزون الموصوف و العددي المتقارب الموصوف و بيع الدين بالعين و هو السلم و بيع الدين بالدين و هو بيع الثمن المطلق بالثمن المطلق و هو الصرف ( فاما ) الذي يرجع إلى أحد البدلين و هو الثمن فينقسم في حق البدل و هو الثمن أقسام بيع المساومة و هو مبادلة المبيع بأى ثمن اتفق

(135)

و بيع المرابحة و هو مبادلة المبيع بمثل الثمن الاول و زيادة ربح و بيع التولية و هو المبادلة بمثل الثمن الاول من زيادة و لا نقصان و بيع الاشتراك و هو التولية لكن في بعض المبيع ببعض الثمن و بيع الوضيعة و هو المبادلة بمثل الثمن الاول مع نقصان شيء منه و أما القسم الذي يرجع إلى الحكم فنذكره في باب حكم البيع ان شاء الله تعالى و إذا عرفت أقسام البياعات فنذكر شرائطها و هي أنواع بعضها شرط الانعقاد و بعضها شرط النفاذ و هو ما لا يثبت الحكم بدونه و ان كان قد ينعقد التصرف بدونه و بعضها شرط الصحة و هو ما لا صحة له بدونه و ان كان قد ينعقد و ينقد بدونه و بعضها شرط اللزوم و هو ما لا يلزم البيع بدونه و ان كان قد ينعقد و ينفذ بدونه ( أما ) شرائط الانعقاد فانواع بعضها يرجع إلى العاقد و بعضها يرجع إلى نفس العقد و بعضها يرجع إلى مكان العقد و بعضها يرجع إلى المعقود عليه ( أما ) الذي يرجع إلى العاقد فنوعان أحدهما أن يكون عاقلا فلا ينعقد بيع المجنون و الصبي الذي لا يعقل لان أهلية المتصرف شرط انعقاد التصرف و الاهلية لا تثبت بدون العقل فلا يثبت الانعقاد بدونه فاما البلوغ فليس بشرط لانعقاد البيع عندنا حتى لو باع الصبي العاقل مال نفسه ينعقد عندنا موقوفا على اجازة وليه و على اجازة نفسه بعد البلوغ و عند الشافعي شرط فلا تنعقد تصرفات الصبي عنده أصلا و كذا ليس بشرط النفاذ في الجملة حتى لو توكل عن غيره بالبيع و الشراء ينفذ تصرفه و عنده لا ينفذ و هي مسألة كتاب المأذون و كذا الحرية ليست بشرط لانعقاد البيع و لا لنفاذه حتى ينفذ بيع العبد المأذون بالاجماع و ينعقد بيع العبد المحجور إذا باع مال مولاه موقوفا على اجازته عندنا و كذا الملك او الولاية ليس بشرط لانعقاد البيع عندنا بل هو شرط النفاذ حتى يتوقف بيع الفضولي و عنده شرط حتى لا يتوقف أصلا و المسألة تأتي في موضعها و كذا اسلام البائع ليس بشرط لانعقاد البيع و لا لنفاذه و لا لصحته بالاجماع فيجوز بيع الكافر و شراؤه و قال الشافعي اسلام المشترى شرط جواز شراء الرقيق المسلم و المصحف حتى لا يجوز ذلك من الكافر ( وجه ) قوله ان في تملك الكافر المسلم إذلالا بالمسلم و هذا لا يجوز و لهذا يجبر على بيعه عندكم و لنا عمومات البيع من فصل بين بيع العبد المسلم من المسلم و بين بيعه من الكافر فهو على العموم الا حيث ما خص بدليل و لان الثابت للكافر بالشراء ليس الا الملك في المسلم و الكافر من أهل ان يثبت الملك له على المسلم الا ترى ان الكافر يرث العبد المسلم من أبيه و كذا إذا كان له عبد كافر فأسلم بقي ملكه فيه و هو في الحقيقة ملك مبتدأ لان الملك عرض لا بقاء له فدل ان الكافر من أهل ثبوت الملك له في المسلم و قوله فيه اذلال بالمسلم قلنا الملك عندنا لا يظهر فيما فيه اذلال بالمسلم فانه لا يظهر في حق الاستخدام و الوطء و الاستمتاع بالجارية المسلمة و انما يظهر فيما لا ذل فيه من الاعتاق و التدبير و الكتابة و البيع و به تبين ان الجبر على البيع ليس لدفع الذل اذ لا ذل على ما بينا و لكن لاحتمال وجود فعل لا يحل ذلك في الاسلام لعداوة بين المسلم و الكافر و إذا جاز شراء الذمي العبد المسلم فيجوز إعتاقه و تدبيره و استيلاده و كتابته لان جواز هذه التصرفات مبنى على الملك و قد وجد الا انه إذا دبره يسعى العبد في قيمته لانه لا سبيل إلى إبقائه على ملكه و لا سبيل إلى الازالة بالبيع لانه بيع المدبر و انه لا يجوز فتعليت الازالة بالسعاية و كذا إذا كانت أمة فاستولدها فانها تسعى في قيمتها لما قلنا و يوجع الذمي ضر بالوطئه المسلمة لانه حرام عليه فيستحق التعزير إذا كاتبه لا يعترض عليه لانه أزال يده عنه حتى لو عجز ورد في الرق يجبر على بيعه و كذا الذمي إذا ملك شقصا فالحكم في البعض كالحكم في الكل و لو اشتراه مسلم من الكافر شراء فاسدا فانه يجبر على الرد لان رد الفساد واجب حقا للشرع ثم يجبر الكافر على بيعه و الله سبحانه و تعالى أعلم و كذا النطق ليس بشرط لانعقاد البيع و الشراء و لا لنفاذهما و صحتهما فيجوز بيع الاخرس و شراؤه إذا كانت الاشارة مفهومة في ذلك لانه إذا كانت الاشارة مفهومة في ذلك قامت الاشارة مقام عبارته هذا إذا كان الخرس أصليا بان ولد أخرس فاما إذا كان عارضا بان طرأ عليه الخرس فلا الا إذا دام به حتى وقع اليأس من كلامه و صارت الاشارة مفهومة فيلحق بالاخرس الاصلى و الثاني العدد في العاقد فلا يصلح الواحد عاقد من الجانبين في باب البيع الا الاب فيما يبيع مال نفسه من ابنه الصغير بمثل

(136)

قيمته أو بما يتغابن الناس فيه عادة أو يشترى مال الصغير بذلك عند أصحابنا الثلاثة استحسانا و القياس أن لا يجوز ذلك أيضا و هو قول زفر رحمه الله وجه القياس ان الحقوق في باب البيع ترجع إلى العاقد و للبيع حقوق متضادة مثل التسليم و التسلم و المطالبة فيؤدى إلى أن يكون الشخص الواحد في زمان واحد مسلما و متسلما طالبا و مطالبا و هذا محال و لهذا لم يجز أن يكون الواحد وكيلا من الجانبين في باب البيع لما ذكرنا من الاستحالة و يصلح رسولا من الجانبين لان الرسول لا تلزمه الحقوق فلا يؤدى إلى الاستحالة و كذا القاضي يتولى العقد من الجانبين لان الحقوق لا ترجع اليه فكان بمنزلة الرسول و بخلاف الوكيل في باب النكاح لان الحقوق لا ترجع اليه فكان سفيرا محضا بمنزلة الرسول وجه الاستحسان قوله تبارك و تعالى و لا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هى أحسن فيملكه الاب و كذا البيع و الشراء بمثل قيمته و بما يتغابن الناس فيه عادة قد يكون قربانا على وجه الاحسن بحكم الحال و الظاهر ان الاب لا يفعل ذلك الا في تلك الحال لكمال شفقته فكان البيع و الشراء بذلك قربانا على وجه الاحسن و قوله يؤدى إلى الاستحالة قلنا ممنوع فانه يجعل كأن الصبي باع أو اشترى بنفسه و هو بالغ فتعدد العاقد حكما فلا يؤدى إلى الاستحالة ( و أما ) الوصي إذا باع مال نفسه من الصغير أو اشترى ما الصغير لنفسه فان لم يكن فيه نفع ظاهر لا يجوز بالاجماع و ان كان فيه نفع ظاهر جاز عند أبى حنيفة و أبى يوسف و عند محمد لا يجوز لان القياس يأبى جوازه أصلا من الاب و الوصي جميعا لما ذكرنا من الاستحالة الا ان الاب لكمال شفقته جعل شخصه المتحد حقيقة متعددا ذاتا و رأيا و عبارة و الوصي لا يساويه في الشفقة فبقى الامر فيه على أصل القياس و لابي حنيفة و أبى يوسف رضى الله عنهما ان تصرف الوصي إذا كان فيه نفع ظاهر لليتيم قربان ماله على وجه الاحسن فيملكه بالنص قوله لا يمكن إلحاق الوصي بالاب لقصور شفقته قلنا الوصي له شبهان شبه بالاب و شبه بالوكيل اما شبهه بالوكيل فلكونه أجنبيا و شبهه بالاب لكونه مرضى الاب فالظاهر انه ما رضى به الا لوفور شفقته على الصغير فأثبتنا له الولاية عند ظهور النفع عملا بشبه الاب و قطعنا ولايته عند عدمه عملا بشبه الوكيل عملا بالشبهين بقدر الامكان .

( فصل ) و أما الذي يرجع إلى نفس العقد فهو أن يكون القبول موافقا للايجاب بأن يقبل المشترى ما أوجبه البائع و بما أوجبه فان خالفه بان قبل ما أوجبه أو بعض ما أوجبه أو بغير ما أوجبه أو ببعض ما أوجبه لا ينعقد من إيجاب مبتدأ موافق بيان هذه الجملة إذا أوجب البيع في العبد فقبل في الجارية لا ينعقد و كذا إذا أوجب في العبدين فقبل في أحدهما بان قال بعت منك هذين العبدين بألف درهم فقال المشترى قبلت في هذا العبد و أشار إلى واحد معين لا ينعقد لان القبول في أحدهما تفريق الصفقة على البائع و الصفقة إذا وقعت مجتمعة من البائع لا يملك المشترى تفريقها و قبل التمام لان من عادة التجار ضم الردي إلى الجيد ترويجا للردئ بواسطة الجيد فلو ثبت للمشتري ولاية التفريق لقبل في الجيد دون الردي فيتضرر به البائع و الضرر منفى و لان غرض الترويج لا يحصل الا بالقبول فيهما جميعا فلا يكون راضيا بالقبول في أحدهما و لان القبول في أحدهما يكون اعراضا عن الجواب بمنزلة القيام عن المجلس و كذا لو أوجب البيع في كل العبد فقبل المشترى في نصفه لان ينعقد لان البائع يتضرر بالتفريق لانه يلزمه عيب الشركة ثم إذا قبل المشترى بعض ما أوجبه البائع كان هذا شراء مبتدأ من البائع فان اتصل به الايجاب من البائع في المجلس فينظر ان كان للبعض الذي قبله المشترى حصة معلومة من الثمن جاز و الا فلا بيانه إذا قال بعت منك هذين الكرين بعشرين درهما فقبل المشترى في أحدهما و أوجب البائع جاز لان الثمن ينقسم على المبيع باعتبار الاجزاء فيما له مثل فكان بيع الكرين بعشرين بيع كل كر بعشرة لتماثل قفزان الكرين و كذلك إذا قال بعت منك هذين العبدين بألف درهم فقبل المشترى في أحدهما و بين ثمنه فقال البائع بعت يجوز فاما إذا لم يبين ثمنه لا يجوز و ان ابتدأ البائع الايجاب بخلاف مسألة الكرين و سائر الاشياء المتماثلة لما ذكرنا ان الثمن في المثليات ينقسم على المبيع باعتبار الاجزاء فكان حصة كل واحد معلوما و فيما لامثل له لا ينقسم الثمن على المبيع باعتبار الاجزاء لانعدام تماثل الاجزاء و إذا لم

(137)

ينقسم بقيت حصة كل واحد منهما من الثمن مجهولة و جهالة الثمن تمنع صحة البيع هذا إذا لم يبين البائع حصة كل واحد من العبدين بأن قال بعت منك هذين العبدين بألف درهم فاما إذا بين بأن قال بعت منك هذين العبدين هذا بألف و هذا بخمسمائة فقبل المشترى في أحدهما دون الآخر جاز البيع لانعدام تفريق الصفقة من المشترى بل البائع هو الذي فرق الصفقة حيث سمى لكل واحد منهما ثمنا على حدة و علم انه لا ضرر له فيه و لو كان فهو ضرر مرضى به و انه مدفوع و كذا إذا أوجب البيع في شيء بألف فقبل فيه بخمسمائة لا ينعقد و كذا لو أوجب بجنس ثمن فقبل بجنس آخر الا إذا رضى البائع به في المجلس و على هذا إذا خاطب البائع رجلين فقال بعتكما هذا العبد أو هذين العبدين فقبل أحدهما دون الآخر لا ينعقد لانه أضاف الايجاب في العبدين أو عبد واحد إليهما جميعا فلا يصلح جواب أحدهما جوابا للايجاب و كذا لو خاطب المشترى رجلين فقال اشتريت منكما هذا العبد بكذا فأوجب في أحدهما لم ينعقد لما قلنا ( فصل ) و أما الذي يرجع إلى مكان العقد فواحد و هو اتحاد المجلس بان كان الايجاب و القبول في مجلس واحد فان اختلف المجلس لا ينعقد حتى لو أوجب أحدهما البيع فقام الاخر عن المجلس قبل القبول أو اشتغل بعمل آخر يوجب اختلاف المجلس ثم قبل لا ينعقد لان القياس أن لا يتأخر أحد الشطرين عن الآخر في المجلس لانه كما وجد أحدهما انعدم في الثاني من زمان وجوده فوجد الثاني و الاول منعدم فلا ينتظم الركن الا ان اعتبار ذلك يؤدى إلى انسداد باب البيع فتوقف أحد الشطرين على الآخر حكما و جعل المجلس جامعا للشطرين مع تفرقهما للضرورة و حق الضرورة يصير مقضيا عند اتحاد المجلس فإذا اختلف لا يتوقف و هذا عندنا و عند الشافعي رحمه الله الفور مع ذلك شرط لا ينعقد الركن بدونه ( وجه ) قوله ما ذكرنا ان القياس أن لا يتأخر أحد الشطرين عن الآخر و التأخر لمكان الضرورة و انها تندفع بالفور ( و لنا ) ان في ترك اعتبار الفور ضرورة لان القابل يحتاج إلى التأمل و لو اقتصر على الفور لا يمكنه التأمل و على هذا إذا تبايعا و هما يمشيان أو يسيران على دابتين أو دابة واحدة في محمل واحد فان خرج الايجاب و القبول منهما متصلين انعقد و ان كان بينهما فصل و سكوت و ان قل لا ينعقد لان المجلس تبدل بالمشي و السير و ان قل ألا ترى انه لو قرأ آية سجدة و هو يمشى على الارض أو يسير على دابة لا يصلى عليها مرارا يلزمه لكل قراءة سجدة و كذا لو خير إمرأته و هي تمشى على الارض أو تسير على دابة لا يصلى عليها فمشت أو سارت يبطل خيارها لتبدل المجلس و ان اختارت نفسها متصلا بتخيير الزوج صح اختيارها لان المجلس لم يتبدل فكذا ههنا و لو تبايعا و هما واقفان انعقد لا تحاد المجلس و لو أوجب أحدهما و هما واقفان فسار الآخر قبل القبول أو سارا جميعا ثم قبل لا ينعقد لانه لما سارا و سارا فقد تبدل المجلس قبل القبول فلم يجتمع الشطر ان في مجلس واحد و لو وقفا فخير إمرأته ثم سار الزوج و هي واقفة فالخيار في يدها و لو سارت هى و الزوج واقف بطل خيارها فالعبرة لمجلسها لا لمجلس الزوج و فى باب البيع يعتبر مجلسهما جميعا لان التخيير من قبل الزوج لازم ألا ترى انه لا يملك الرجوع عنه فلا يبطل بالاعراض واحد الشطرين في باب البيع لا يلزم قبل قبول الآخر فاحتمل البطلان بالاعراض و لو تبايعا و هما في سفينة ينعقد سواء كانت واقفة أو جارية خرج الشطر ان متصلين أو منفصلين بخلاف المشي على الارض و السير على الدابة لان جريان السفينة بجريان الماء لا بإجرائه ألا ترى ان راكب السفينة لا يملك وقفها فلم يكن جريانها مضافا اليه فلم يختلف المجلس فأشبه البيت بخلاف المشي و السير أما المشي فظاهر لانه فعله و كذا سير الدابة مضاف اليه ألا ترى انه لو سيرها سارت و لو وقفها وقفت فاختلف المجلس بسيرها و لهذا لو كرر آية السجدة في السفينة و هي جارية لا يلزمه الا سجدة واحدة كما لو كررها في بيت واحد و كذا لو خير إمرأته في السفينة و هي جارية فهي على خيارها ما لم يوجد منها دليل الاعراض و على هذا إذا أوجب أحدهما البيع و الآخر غائب فبلغه فقبل لا ينعقد بان قال بعت عبدي هذا من فلان الغائب بكذا فبلغه فقبل و لو قبل عنه قابل ينعقد و الاصل في هذا ان أحد الشطرين من أحد العاقدين في باب البيع يتوقف على الاخر في المجلس و لا يتوقف على الشطر الآخر من العاقد الآخر فيما وراء المجلس بالاجماع الا إذا

(138)

كان عنه قابل أو كان بالرسالة أو بالكتابة اما الرسالة فهي أن يرسل رسولا إلى رجل و يقول للرسول انى بعت عبدي هذا من فلان الغائب بكذا فاذهب اليه و قل له ان فلانا أرسلني إليك و قال لي قل له انى قد بعت عبدي هذا من فلان بكذا فذهب الرسول و بلغ الرسالة فقال المشترى في مجلسه ذلك قبلت انعقد البيع لان الرسول سفير و معبر عن كلام المرسل ناقل كلامه إلى المرسل اليه فكانه حضر بنفسه فاوجب البيع و قبل الاخر في المجلس و أما الكتابة فهي أن يكتب الرجل إلى رجل أما بعد فقد بعت عبدي فلانا منك بكذا فبلغه الكتاب فقال في مجلسه اشتريت لان خطاب الغائب كتابه فكأنه حضر بنفسه و خاطب بالايجاب و قبل الآخر في المجلس و لو كتب شطر العقد ثم رجع صح رجوعه لان الكتاب لا يكون فوق الخطاب و لو خاطب ثم رجع قبل قبول الاخر صح رجوعه فههنا أولى و كذا لو أرسل رسولا ثم رجع لان الخطاب بالرسالة لا يكون فوق المشافهة و ذا محتمل للرجوع فههنا أولى و سواء علم الرسول رجوع المرسل أو لم يعلم به بخلاف ما إذا و كل إنسانا ثم عزله بغير علمه لا يصح عزله لان الرسول يحكى كلام المرسل و ينقله إلى المرسل اليه فكان سفيرا و معبرا محضا فلم يشترط علم الرسول بذلك فاما الوكيل فانما يتصرف عن تفويض الموكل اليه فشرط علمه بالعزل صيانة له عن التعزير على ما نذكره في كتاب الوكالة و كذا هذا في الاجارة و الكتابة ان اتحاد المجلس شرط للانعقاد و لا يتوقف أحد الشطرين من أحد العاقدين على وجود الشطر الآخر إذا كان غائبا لان كل واحد منهما عقد معاوضة الا إذا كان عن الغائب قابل أو بالرسالة أو بالكتابة كما في البيع و أما في النكاح فهل يتوقف بان يقول رجل للشهود اشهدوا أنى قد تزوجت فلانة بكذا و بلغها فأجازت أو قالت إمرأة اشهدوا أنى زوجت نفسى من فلان بكذا فبلغه فاجاز عند أبى حنيفة و محمد لا يتوقف أيضا الا إذا كان عن الغائب قابل و عند أبى يوسف يتوقف و ان لم يقبل عنه أحد و كذا الفضولي من الجانبين بان قال زوجت فلانة من فلان و هما غائبان فبلغهما فاجازا لم يجز عندهما و عند أبى يوسف يجوز و هذه مسألة كتاب النكاح و الفضولي من الجانبين في باب البيع إذا بلغهما فاجازا لم يجز بالاجماع و الله سبحانه و تعالى أعلم و أما الشطر في باب الخلع فمن جانب الزوج يتوقف بالاجماع حتى لو قال خالعت إمرأتي الغائبة على كذا فبلغها الخبر فقبلت جاز و أما من جانب المرأة فلا يتوقف بالاجماع حتى لو قالت اختلعت من زوجي فلان الغائب على كذا فبلغه الخبر فاجاز لم يجز و وجه الفرق أن الخلع في جانب الزوج يمين لانه تعليق الطلاق بقبول المال فكان يمينا و لهذا لا يملك الرجوع عنه و تصح فيه الاضافة إلى الوقت و التعليق بالشرط بان يقول الزوج خالعتك غدا و ان قدم فلان فقد خالعتك على كذا و إذا كان يمينا فغيبة المرأة لا تمنع صحة اليمين كما في التعليق بدخول الدار و غير ذلك و أما من جانب المرأة فهو معاوضة و لهذا لا يصح تعليقه بالشرط من جانبها و لا تصح اضافته إلى وقت و تملك الرجوع قبل اجازة الزوج و إذا كان معاوضة فالشطر في المعاوضات لا يتوقف كما في البيع و غيره و كذا الشطر في إعتاق العبيد على مال من جانب المولى يتوقف إذا كان العبد غائبا و من جانب العبد لا يتوقف إذا كان المولى غائبا لانه من جانبه تعليق العتق بالشرط و من جانب العبد معاوضة و الاصل ان في كل موضع لا يتوقف الشطر على ما وراء المجلس يصح الرجوع عنه و لا يصح تعليقه بالشرط و إضافته إلى الوقت كما في البيع و الاجارة و الكتابة و فى كل موضع يتوقف الشطر على ما وراء المجلس لا يصلح الرجوع عنه و يصح تعليقه بالشرط و إضافته إلى الوقت كما في الخلع من جانب الزوج و الاعتاق على مال من جانب المولى و الله سبحانه و تعالى أعلم .

( فصل ) و أما الذي يرجع إلى المعقود عليه فانواع ( منها ) أن يكون موجودا فلا ينعقد بيع المعدوم و ماله خطر العدم كبيع نتاج النتاج بان قال بعت ولد ولد هذه الناقة و كذا بيع الحمل لانه ان باع الولد فهو بيع المعدوم و ان باع الحمل فله خطر المعدوم و كذا بيع اللبن في الضرع لانه له خطر لاحتمال انتفاخ الضرع و كذا بيع الثمر و الزرع قبل ظهوره لانهما معدوم و ان كان بعد الطلوع جاز و ان كان قبل بدو صلاحهما إذا لم يشترط الترك و من مشايخنا من قال لا يجوز

(139)

الا إذا صار بحال ينتفع به بوجه من الوجوه فان كان بحيث لا ينتفع به أصلا لا ينعقد و احتجوا بما روى عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه نهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها و لانه إذا لم يبد صلاحها لم تكن منتفعا بها فلا تكون ما لا فلا يجوز بيعها و هذا خلاف الرواية فان محمدا ذكر في كتاب الزكاة في باب العشر أنه لو باع الثمار في أول ما تطلع و تركها بامر البائع حتى أدركت فالعشر على المشترى و لو لم يجز بيعها حين ما طلعت لما وجب عشرها على المشترى و الدليل على جواز بيعه ما روى عن النبي علليه الصلاة و السلام أنه قال من باع نخلا مؤبرة فثمرته للبائع الا أن يشترطها المبتاع جعل الثمرة للمشتري بالشرط من فصل بين ما إذا بدا صلاحها أو لا دل أنها محل البيع كيف ما كان و المعنى فيه و هو أنه باع ثمرة موجودة و هي بعرض أن تصير منتفعا بها في الثاني و ان لم يكن منتفعا بها في الحال فيجوز بيعها كبيع جرو الكلب على أصلنا و بيع المهر و الجحش و الارض السبخة و النهى محمول على بيع الثمار مدركة قبل إدراكها بان باعها ثمرا و هي بسر أو باعها عنبا و هي حصرم دليل صحة هذا التأويل قوله عليه الصلاة و السلام في سياق الحديث ا رأيت ان منع الله الثمرة بم يستحل أحدكم مال صاحبه و لفظة المنع تقتضي أن لا يكون ماقع عليه البيع موجودا لان المنع منع الوجود و ما يوجد من الزرع بعضه بعد بعض كالبطيخ و الباذنجان فيجوز بيع ما ظهر منه و لا يجوز بيع ما لم يظهر و هذا قول عامة العلماء رضى الله عنهم و قال مالك رحمه الله إذا ظهر فيه الخارج الاول يجوز بيعه لان فيه ضرورة لانه لا يظهر الكل دفعة واحدة بل على التعاقب بعضها بعد بعض فلو لم يجز بيع الكل عند ظهور البعض لوقع الناس في الحرج ( و لنا ) أن ما لم يظهر منه معدوم فلا يحتمل البيع و دعوى الضرورة و الحرج ممنوعة فانه يمكنه أن يبيع الاصل بما فيه من الثمر و ما يحدث منه بعد ذلك يكون ملك المشترى و قد روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن بيع الحبل و حبل الحلب و روى حبل الحبلة و هو بمعنى الاول و انما زيادة الهاء للتأكيد و المبالغة و روى حبل الحبلة بحفظ الهاء من الكلمة الاخيرة و الحبلة هى الحبلى فكان نهيا عن بيع ولد الحبلى و روى عنه عليه الصلاة و السلام أنه نهى عن بيع اللبن في الضرع و بيع عسب الفحل لان عسب الفحل ضرابه و هو عند العقد معدوم و قد روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن عسب الفحل و لا يمكن حمل النهى على نفس العسب و هو الضراب لان ذلك جائز بالاعارة فيحمل على البيع و الاجارة الا أنه حذف ذلك و اضمره فيه كما في قوله تعالى و أسأل القرية و غير ذلك و لا يجوز بيع الدقيق في الحنطة و الزيت في الزيتون و الدهن في السمسم و العصير في العنب و السمن في اللبن و يجوز بيع الحنطة و سائر الحبوب في سنابلها لان بيع الدقيق في الحنطة و الزيت في الزيتون و نحو ذلك بيع المعدوم لانه لا دقيق في الحنطة و لا زيت في الزيتون لان الحنطة اسم للمركب و الدقيق اسم للمتفرق فلا دقيق في حال كونه حنطة و لا زيت حال كونه زيتونا فكان هذا بيع المعدوم فلا ينعقد بخلاف بيع الحنطة في سنبلها لان ما في السنبل حنطة اذ هى اسم للمركب و هي في سنبلها على تركيبها فكان بيع الموجود حتى لو باع تبن الحنطة في سنبلها دون الحنطة لا ينعقد لانه لا يصير تبنا الا بالعلاج و هو الدق فلم يكن تبنا قبله فكان بيع المعدوم فلا ينعقد و بخلاف بيع الجذع في السقف و الآجر في الحائط و ذراع من كرباس أو ديباج أنه ينعقد حتى لو نزع و قطع و سلم إلى المشترى يجبر على الاخذ و ههنا لا ينعقد أصلا حتى لو طحن أو عصر و سلم لا يجبر المشترى على القبول لان عدم النفاذ هناك ليس لخلل في الركن و لا في العاقد و المعقود عليه بل لمضرة تلحق العاقد بالنزع و القطع فإذا نزع و قطع فقد زال المانع فنفذ اما ههنا فالمعقود عليه معدوم حالة العقد و لا يتصور انعقاد العقد بدونه فلم ينعقد أصلا فلا يحتمل النفاذ فهو الفرق و كذا بيع البزر في البطيخ الصحيح لانه بمنزلة الزيت في الزيتون و بيع النوى في التمر و كذلك بيع اللحم في الشاة الحية لانها انما تصير لحما بالذبح و السلخ فكان بيع المعدوم فلا ينعقد و كذا بيع الشحم الذي فيها و اليتها و اكارعها و رأسها لما قلنا و كذا بيع البحير في السمسم لانه انما يصير بحيرا بعد العصر و على هذا يخرج ما إذا قال بعتك هذا الياقوت بكذا فإذا هو زجاج أو قال بعتك هذا الفص على أنه ياقوت بكذا فإذا هو زجاج


/ 46