أنت مذكر ) و المراد بذلك الاستدلال به على معرفته ، و على قدرته فكل هذه الآيات دلائل على وجوب النظر في معرفته تعالى ، و معرفة صفاته ، فمن تأملها و تدبرها ، و تفكر فيها علم ما قلناه .قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه .و قال أمير المؤمنين " ع " : بصنع الله يستدل عليه ، و بالعقول تثبت معرفته و بالفكر تثبت حجته ، معروف بالدلالات ، مشهور بالبينات إلى آخر الخطبة .و سئل الرضا " ع " فقيل ما لدليل على حدوث العالم ؟ قال : أنت لم تكن ثم كنت و قد علمت انك لم تكون نفسك و لا كونك من هو مثلك ، فإذا ثبت وجوب النظر فينبغي ان ينظر في الاجسام دون الاعراض ، ليكون عليه اسهل ، و إلى معرفته تعالى اقرب و الدليل على ان الاجسام محدثة ، إنه لو كانت قديمة وجب ان تكون في الازل في جهة من جهات العالم ، لان ما هي عليه من الحجم و الجثة يوجب ذلك ، فلا يخلو كونها في تلك الجهة ، اما ان يكون للنفس ، أو لمعنى قديم أو لمعنى محدث ، أو بالفاعل و لا يجوز ان يكون في جهة للنفس ، لانه لا يوجب استحالة انتقالها ، لان صفات النفس لا يجوز تغييرها و زوالها ، و المعلوم ضرورة صحة انتقالها ، و لا يجوز ان يكون كذلك لمعنى قديم لانها لو كانت كذلك لوجب إذا انتقل الجسم ، ان يبطل ذلك المعنى لان وجوده فيها على ما كان يوجب كونها في الجهتين معا ، و ذلك محال و الانتقال لا يجوز على المعنى لانه من صفات الجسم و المعنى المحدث لا يوجب صفة في الازل ، و لو كانت كذلك بالفاعل لوجب ان تكون محدثة لان من شأن الفاعل ان يتقدم على فعله ، و ذلك مستحيل في القديم فبطل بجميع الاقسام كونها في الازل و إذا لم تكن قديمة كانت محدثة ، و إذا ثبت ذلك يجب ان يكون العالم محدثا لانه هو الجواهر و الاعراض ، و الآيات التي تقدمت دلائل على حدوث العالم ، و قد أطنب المتكلمون القول في هذا الفن ، و ليس هذا موضعه .باب الكلام في فساد التقليد أعلم ان حد التقليد هو قبول قول الغير بلا دليل و حجة ، فإذا ثبت حده فهو باطل لانه لو لم يكن باطلا لم يكن تقليد المحق أولى من تقليد المبطل ، لانه قبل النظر لا يعلم المحق من المبطل ، و القديم تعالى نصر قولنا في سورة البقرة فقال : و لئن اتبعت أهوائهم