باب الكلام فيما ورد من الاخبار فى معنى العدل والتوحيد
و الثالث : بمعنى الامر و الالزام لقوله تعالى ( و قضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) و الرابع : بمعنى الاخبار و الاعلام كقوله تعالى ( و قضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب و لا يجوز ان تكون أفعالنا بقضاء الله بمعنى إنه خلقها لانها فعلنا ، و الفعل الواحد لا يكون من فاعلين ، فاما القضاء بمعنى الحكم و الالزام فلا يجوز إجماعا .و اما القضاء بمعنى الاخبار و الاعلام يجوز ان يقال على ضرب من التقييد لان الله أخبروا علم مالنا في فعل الطاعة من الثواب و ما علينا بفعل المعاصي من العقاب و قد روى عن النبي صلى الله عليه و سلم إنه قال يقول الله تعالى : ( من لم يرض بقضائي و لم يشكر على نعمائى و لم يصبر على بلائي فليتخذ ربا سواي فلو كانت المعاصي بقضاء الله ، و إحداثه لوجب الرضا به و ذلك خلاف الاجماع ، و القول في القدر على مثل ذلك لان القدر يستعمل بمعنى الاحداث و الخلق كما قال تعالى و قدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواءا للسائلين ، و قد يستعمل القدر بمعنى التقدير فعلى هذا يجوز ان يقال أفعالنا بقدر الله بمعنى إنه قدر ما عليها من الثواب و العقاب فينبغي ان يقيد القول و لا يطلق .باب الكلام فيما ورد من الاخبار في معنى العدل و التوحيد إعلم ان أصول التوحيد و العدل مأخوذة من كلام أمير المؤمنين " ع " و خطبه فإنها تتضمن ذلك ما لا مزيد عليه و لا غاية وراه ، و من تأمل المأثور في ذلك علم إن جميع ما اطنب المتكلمون في تصانيفهم تفصيل لتلك الاصول .و روى عن الائمة عليهم السلام مثل ذلك .قيل لامير المؤمنين " ع " بم عرفت ربك ؟ قال بما عرفني ربي ، قيل : و كيف عرفك ؟ قال لا تشبهه صورة و لا يحس بالحواس و لا يقاس يقياس الناس .و قال أيضا عليه السلام : عرفت ربي بفسخ العزائم وحل العقود .قال أمير المؤمنين عليه السلام : اعرفوا الله بالله ، معناه بنصب أدلته على نفسه و الرسول بالرسالة ، و اولى الامر بالامر ، و بالمعروف و العدل و الاحسان .قال أبو جعفر " ع " قام رجل إلى أمير المؤمنين " ع " فقال : يا أمير المؤمنين بماذا عرفت ربك ؟ قال : بفسخ العزائم و منع الهمة لما ان هممت بأمر فحال بيني و بين همتي ، و عزمت فخالف القضاء عزمي ، علمت ان المدبر غيري .