أ ـ المنشأ الأول
أن يغالي الإِنسان بشخص أو فكرة ليتخذ منذلك مبرراً لاختياره الإِنتماء لهذهالفكرة أو الشخص فكأنّه يريد مرجحاً أمامالناس ومبرراً نفسياً ويتبلور هذا المعنىأكثر وأكثر في العقيدة بالأشخاص فإنّالأتباع يحاولون رفع من يعتقدون به إلىمستويات غير عادية وهذا المعنى موجود علىالصعيد الديني والسياسي، فقد وصف هوبزالحاكم بأنّه المعبر عن إرادة الله وإرادةالشعب، ومنحه السلطة المطلقة في التصرف،ولم يعط الشعب حق عزله واعتبر إرادته منإرادة الله تعالى، وقد ذهب فلاسفة الألماننفس المذهب فيما خلعوه على الحاكم منصفات، وأشدهم في ذلك: هيكل أستاذ ماركس،فالملك عند هيكل صاحب السلطة المطلقة، ولهمركز مستقل عن مصالح الأفراد وتتمثل فيشخصيته الذات النهائية وهو مجموع الشعبمشخص في واحد، وهو وهو الخ. وقد سبق هؤلاءجميعاً أفلاطون حين أعطى الحاكم منازلمقدسة، وكذلك الفارابي حيث صور رئيسالمدينة بأنّه متصل بالعقل الفعال حيثيقترب من الله تعالى(1).إنّ كل هذه المواقف تبرير لاعتناق الفكرةبنحو وآخر يوجده تصور معين.ب ـ المنشأ الثاني للغلو
رد الفعل فإنّ البعض قد يضطهد من أجلمعتقداته، وقد ينتقص أو يشتم أو يهزأ بهفيدفعه كل ذلك إلى المغالاة بدافع ردالفعل، ولهذا رأينا القرآن الكريم في مثلهذه المواطن أخذ العوامل النفسية بعينالأعتبار إذ يقول تعالى: (ولا تسبوا الذينيدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغيرعلم) 108/ الأنعام. وهذه المسألة لهاتطبيقاتها على أبعاد التاريخ في كثير منالموارد، ومن هنا ذهب دونالدسن: إلى أنّالقول بالعصمة هو رد فعل من الخلفاءالغاصبين وهو(1) نظرية الإِمامة ص135 فصاعداً.