مثال ثالث
وسترد علينا أمثلة لذلك، ولكنّي أستعجللك مثلاً واحداً منها يعيش في القرنالعشرين في عصر الذرة وتحت أروقة جامعةحديثة وهو محمد حسن هيتو محقق كتابالمنخول للغزالي فإنّ هذا الرجل عندما يمرببعض المواقف الحدية للغزالي من بعضالمذاهب الإِسلامية كالإِمام مالكوالإِمام أحمد بن حنبل والإِمام أبي حنيفةفيذكر بعض آرائهم ناقداً لها حيناًومستهجناً حيناً آخر، مثلاً يذكر الغزاليعن ابي حنيفة رأيه في أقل الصلاة وهي: وضوءبالنبيذ في أولها وحدث في آخرها للخروجمنها وبين ذلك نقر كنقر الغراب واكتفاء منالقراءة بكلمة مدهامتاه باللغة الفارسيةإلى آخر ما ذكره عن أقل الصلاة في رأي أبيحنيفة، وكما ذكر رأي مالك ببجواز قتل ثلثالناس إذا كان ذلك يؤدي إلى صلاح الثلثينالباقيين، وهكذا آراء بعض الأئمة التيذكرها.إننا في مثل هذا نرى محمد حسن هيتو يقع فيورطة فلا يدري أينفي ذلك وفيه تكذيبللغزالي، أم يثبت ذلك وفيه طعن على أئمةالمذاهب، فتراه مرة يقول انّ هذه الأقوالنتيجة لمرحلة مربها الغزالي، وتخلص منهابعد ذلك، ومرة يقول إنّ الغزالي فرد منمدرسة تؤيد أهل الحديث وتطعن في أهل الرأيوإنّ ذلك تعصب أقلع عنه الغزالي بعد ذلككما هو واضح في مؤلفاته التي صدرت بعد ذلككالمستصفى المتأخر عن المنخول، وعلى أنّهذا الإِعتذار لا يحل المشكلة التي هي كونالغزالي إما صادقاً وإما كاذباً. إنّ الذييعنينا هنا أنّ هيتو إذا مرّ الغزاليبالرافضة وشتمهم لا نجده يعلل ذلك الشتمبعصبية أو غيرها كأنّ الشيعة يستأهلونالشتم بدون نزاع وكأنّ الحرص على وحدةالمسلمين ليس من موارده هذا المورد هذاإذا كان الشيعة مسلمين في نظر هؤلاء وإلافالمسألة سالبة بانتفاء الموضوع كما يقولعلماء المنطق، وعلى كل اُلفت نظر إلى ماكتبه هيتو عن الغزالي(1). والله المستعانعلى ما يصفون.(1) المنخول للغزالي ص354، و488.