براءة آدم حقیقیة قرآنیة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
فمن المعلوم: أن ذلك لا يصح في حق الأنبياء والأئمة، كيف! وهم أعقل البشر، وأصحهم إدراكاً، وأحكمهم حكمة، وأصفاهم نفساً، وأعدلهم سجية، فلا يمكن أن يكونوا عاجزين عن إدراك ما يعقله ويدركه سائر الناس، خصوصاً فيما هو من قبيل إدراك جهات الحسن والقبح، وله علاقة بالتدبير الصحيح، ومن وظائف العقل الكامل، ومقتضيات الحكمة الرشيدة.كما أن من الواضح: أن إدراك لزوم الأخذ بالراجح إنما يتأكد لدى العقلاء الحكماء، الذين لا ينطلقون في مواقفهم من هوى، ولا تدفعهم وتتحكم فيهم الغريزة العمياء، ولا تسيّرهم العصبيات أو العواطف..وليس لنا أن نفرض: أنهم [عليهم السلام] يدركون ذلك كله، ويلتفتون إليه.. ولكنهم يميلون إلى الأخذ بالمرجوح، وترك ما هو راجح وأولى من دون أي سبب، سوى الاستهتار بالراجح. فإن ذلك معناه وجود خلل في درجة الحكمة، وفي التدبير الصحيح لديهم.كما أنه يعني: أن ثمة خللاً أكيداً في توازن الشخصية النبوية والإمامية التي يفترض أن تكون في أعدل الأحوال.ولا يكون ذلك بأقل من الاستخارة التي وردت مشروعيتها على لسان النبي[صلى الله عليه وآله] والأئمة الطاهرين [عليهم السلام] وأمرونا ـ ولو من غير إلزام ـ بالعمل بمقتضاها. فإن حقيقتها مشاورة الباري، وهو علام الغيوب في أمر ما.فهي إشارة نصح وإرشاد وتوجيه إلى أن في العمل، أو في تركه خيراً وفائدة وصلاحاً.والمعصومون [عليهم السلام] أولى الناس بالعمل بما فيه الخير والصلاح والأخذ بالأولى والأرجح، وهم الأسوة والقدوة لنا، أفتراهم يأمروننا بالعمل وفق الاستخارة التي هي نصح وإرشاد، وتوجيه للراجح، ثم يخالفون هم قضاء عقولهم في ذلك، ويختارون المرجوح؟!!.وعلى جميع الفروض والتقادير، فإن إنساناً كهذا لن يكون هو الأصلح لمقام الأسوة والقدوة والهداية للناس إلى الرشد، وإلى الأصلح والأتم والأنفع لهم..ولن يكون هو ذلك المربي الصالح، ولا الحافظ الناجح.. بل سيكون في سائر الناس من هو أولى منه بذلك، إذا كان بعيداً عن أمثال هذه الهنات، والتزم جانب الحذر، والمراعاة لما تقوده إليه حكمته، ويهديه إليه عقله، ويرشده إليه تدبيره..