بل لقد روي: أن إبليس لعنه الله قد ادعى للنبي آدم عليه السلام: أن الله تعالى قد أحلّ له الأكل من الشجرة، بعد أن كان قد نهاه عنها، وجعل علامة صحة قوله هذا:أن الملائكة الموكلين بها سوف لا يمنعونه من الاقتراب منها..مع أن سبب عدم منعهم له ليس هو الإحلال بعد المنع، وإنما هو لأنهم لا يمنعون من يملك عقلاً واختياراً[45].
الجمع بين الروايتين:
ويمكن أن يقال: إنه لايوجد مشكلة بين الروايتين، فإن الرواية الثانية قد تكون ناظرة إلى النهي والمنع عن جنس الشجرة، وأن الملائكة لا يمنعون من الإقدام على الأكل من شجرة أخرى مشابهة للمنهي عنها، بحجة: أنها قد أحلت له، من حيث إنه لا يوجد نهي عنها، بعد أن حرمت عليه الشجرة الخاصة، وإن كانت مجانسة لها.وعلى كل حال، فإن الرواية عن الإمام الرضا عليه السلام، وكذلك هذه الرواية، إنما نسوقهما للتأييد والاستئناس، لا للاستدلال، وقد أوضحنا أن رواية ابن الجهم ظاهرة الإنسجام مع السياق البياني للآيات.وأما الرواية الأخرى فان أمكن الجمع بينها وبين رواية الإمام الرضا عليه السلام، فبها.. وإلا، فإننا نكل علمها إلى أهلها.. إن صح صدورها عنهم عليهم السلام.