براءة آدم حقیقیة قرآنیة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وفسرت الروايات النسيان بالترك، لأن النسيان الحقيقي لا يجوز على الأنبياء[19]..والظاهر أن سبب هذا الترك هو عدم علم النبي آدم عليه السلام بالحقيقة، فكان الترك أمراً طبيعياً، إذ إن من لم يعلم شيئاً فإن تركه له يصبح أمراً متوقعاً، بل هو المناسب لواقع الحال، ولا يكون فيه عليه أية غضاضة..ونحن نرجح هذه الروايات على تلك التي تقول: إن المراد هو نسيان النهي عن الأكل من الشجرة، وذلك لأمرين:أحدهما: وجود الواو الفاصلة بين الآيتين، حيث يظهر أنها واو الإستئناف، فقد قال تعالى: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ}..فلو أنه قال: «ولم نجد له عزماً إذ قلنا الخ..» لظهر اتصال الكلام في الآيتين..ولكن الفصل بالواو يشير إلى أنه قد بدأ بكلام جديد، ليس بالضرورة أن يكون له اتصال بما سبقه..الثاني: أن هذا النسيان لو كان قد حصل فعلاً، فإن إبليس قد أزاله حين ذكَّر النبي آدم بنهي الله له، فقال: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ..}..وعلى كل حال، هذا التذكير بالنهي يجعلنا نرجح أن الظاهر هو أن المراد بالعهد، هو العهد الذي أخذه الله على النبي آدم في نشأة عالم الذر ومن الواضح: أن هناك نشآت متعددة، مثل عالم الذر ونشأة الأرواح.والنشأة الجنينية، حيث تلتقي الأرواح بالأجساد، ثم النشأة التي تبدأ بالولادة، فيتدرج من الطفولة إلى الشيخوخة، ليصل إلى عالم البرزخ، ثم عالم البعث والآخرة.وكل نشأة تمثل عالماً جديداً بالنسبة لهذا الكائن، وقد ينسى معها الإنسان حاله، وما جرى له في نشأته السابقة، بسبب العوارض والحجب التي يواجهها.