براءة آدم حقیقیة قرآنیة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وقال سبحانه حاكياً قول إبليس لعنه الله:{وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}[43].فإبليس إنما يتوعد ذرية آدم عليه السلام بالغواية والإضلال، ولا يجرؤ على التفوه بشيء في حق آدم عليه السلام نفسه، لأنه يعلم أنه عاجز عن ذلك..ج ـ قلنا إن هدف إبليس لم يكن جر آدم عليه السلام إلى الجرأة على الله، والتمرد عليه ومعصيته، لأنه كان يائساً من أن يتمكن من ذلك, بل كان إبليس يعلم أن بقاء النبي آدم وذريته في الجنة، حيث لا جوع ولا عطش، ولا عري، ولا.. ولا.. سوف يصعِّب عليه الوصول إلى غاياته الخبيثة في الإضلال والإغواء..ولأجل ذلك فقد كان هدفه الذي أعلنته الآيات الكريمة هو أن يخرج آدم عليه السلام من الجنة، ليواجه هو وذريته الجوع، والعطش، والعري، والحر، والبرد، والمرض، والصحة، والألم، والموت والحياة، والتعب والراحة، والغضب، والرضى، و.. و.. الخ..وليحتاج الناس ـ من ثم ـ إلى الأمر والنهي، والبعث والزجر، وتكون هناك هداية وغواية، وما إلى ذلك..فإنه إذا تم له ذلك، فسيكون قادراً على الوسوسة والإغواء، والإضلال لذريته.. ومما يشهد لذلك من الآيات الكريمة:قوله تعالى لآدم عليه السلام : {فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}..وقوله: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا}..وقوله: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا}..وقوله: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ}..وكانت النتائج أيضاً، منسجمة مع ذلك كله، وفق ما أشارت إليه الآيات السابقة وغيرها؛ ومنها قوله تعالى: {فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا}..إذن، فقد ظهر: أن ما فعله إبليس:من تدليتهما بغرور.ووسوسته لهما.إنما كان لأجل إبداء سوءاتهما، وإخراجهما من الجنة، ومواجهة البلاء، والشقاء، لا ليتجرأ آدم عليه السلام على الله، ويهتك حجاب العبودية، ويتمرد عليه ويعصيه..