براءة آدم حقیقیة قرآنیة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وبذلك يكون إبليس لعنه الله قد وقع في مخالفتين:إحداهما: أنه لم يبرّ بقسم آدم عليه السلام، كما هو المفروض.الثانية: أنه كذب عليه حين أقسم له أنه ناصح، وليس هو كذلك.فكان من الصعب على آدم عليه السلام ـ والحالة هذه ـ تصور الإقدام على هتك حرمة العزة الإلهية مرتين: مرة حين لم يبر بقسمه. ومرة أخرى حين أقسم على ما ادعاه من النصح والصدق.بل إنه حتى لو كانت المقاسمة من طرف إبليس، فإن نفس المبادرة إلى القسم تفيد هذا التأكيد المطلوب..وذلك لأن معنى القسم منهما هو التجاء الطرفين إلى الله سبحانه ليكون هو الكفيل والضامن للصدق، بحيث يجعل الأمر في عهدة العزة الإلهية، ويكون التفريط فيه هتكاً لحرمته تعالى، وتعدياً عليه، وخروجاً عن زي العبودية والانقياد له سبحانه.وسيكون الله عز وجل هو الذي يتولى معاقبة من يعتدي على مقام جلاله وعزته، ويهتك حجابه وحرمته.ويشهد لذلك أن الحلف بيمين البراءة يستتبع معاجلة الله تعالى، الحالف الكاذب بالعقوبة، فلا يقدم المذنبون على هذا اليمين، بل هم يمتنعون منه، خشية من ذلك، بل يمتنع من الإقدام عليه حتى الذين يعرفون من أنفسهم البراءة والصدق.وهذا ما يفسر لنا سبب القضاء بالأيمان، بعد فقدان البينات في الإسلام؛ فإن ذلك يعني إخراج الأمر من عهدة الحالف، ليجعله في عهدة الله وفي ضمانه، فإن كان ثمة من تعد وجرأة واغتصاب حق، فإن الله سبحانه. هو الذي يتولى قصاص من يفعل ذلك.وعلى كل حال، فقد جاء عن الإمام الرضا عليه السلام ما يشير إلى ذلك، فقد روي أنه قال:«فأكلا منها ثقة بيمينه»[50].