براءة آدم حقیقیة قرآنیة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ولبيان ذلك نقول:إن هذه الآية قد ألمحت إلى الأمور التالية:1ـ دلالات قوله تعالى {فَتَلَقَّى}:إن الله سبحانه لم يترك آدم عليه السلام يواجه المصاعب وحده، بل أمده مباشرة وبدون إمهال بأسباب الخلاص مما هو فيه. وكان آدم عليه السلام ينتظر هذه الأسباب، ويهيء نفسه لها ـ كما تشير إليه كلمة {فَتَلَقَّى} ـ التي جاءت بفاء التفريع، التي تفيد التعقيب من دون مهلة.كما أنه لم يقل: فألقى إليه كلمات، بل قال:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ}.. لأن التعبير بالتلقي يؤكد على هذا الانتظار من قبل النبي آدم عليه السلام لتلك الكلمات، مع استعداد وتهيؤ لاستقبالها، بما يليق بها ويناسبها، من وعي، وسمو روحي، وعرفان، لأنها كلمات شريفة وعالية، لا بد أن تتوفر فيه القابلية لنيلها، والوصول إليها، وإدراك ما يمكنه إدراكه، من حقائقها وحالاتها..ويكون نفس وصولها إليه، وحلولها في قلبه ووعيه، وروحه، سبباً في رفع مشكلاته، وقضاء حوائجه، لأنه يصبح مستحقاً لذلك بنفس هذا النيل لتلك الكلمات..فالتلقي إذن ملازم لفهم تلك الأسماء الدالة على حقائق تلك الموجودات الشريفة، والأسماء التي تشير إلى أصل وجودها، وتساعد على رسم صورة لها في وعيه..ولأجل ذلك نقول: إنه إذا قال القائل: تلقيت فلاناً، فمعنى ذلك: أنه قد استعد وتهيأ، ليلاقيه بما يناسب حاله ومقامه..2ـ التلقي للكلمات كان : {مِن رَّبِّهِ}.. ويلاحظ: أن هذه الكلمات قد تلقاها آدم عليه السلام من موقع الربوبية التي توحي بالرعاية والتنشئة الحريصة على مصلحته، والمهتمة بحفظه. على وفق الحكمة، والتدبير الصحيح، وتحت رعاية عين العلم الثاقبة والنافذة إلى الأعماق، والمحيطة بأسرار كل هذا الوجود، ومن هنا نجده تعالى يقول:{مِن رَّبِّهِ}.. ولم يقل من الله..ولا بد أن تكون الكلمات المذكورة كلمات عظيمة، كما ربما تلمح إليه كلمة التلقي.