براءة آدم حقیقیة قرآنیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

براءة آدم حقیقیة قرآنیة - نسخه متنی

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وخلاصة القول:

إن النبي آدم عليه السلام قد رأى موجودات عالية بلغت مقامات عظيمة من القرب، والكرامة الإلهية، فتمنى أن يكون معهم، وبدأ يسعى في هذا السبيل، ولكنه لم يكن يملك ما يمكنه من تحقيق أهدافه..

وقد كان تمنيه وسعيه هذا، يشبه الحسد، من حيث إن هذا المقام منحصر بتلك الموجودات، فتمني الكون معهم معناه أن لا يكون ذلك الموقع منحصراً بهم، لأن الحسد القبيح هو تمني زوال النعمة عن الشخص حتى لو لم تصل تلك النعمة إلى المتمني..

ولكن هناك مرتبة من الحسد ليست قبيحة، وهي ما لو تمنى أمراً لنفسه، ولم يتمنَّ زواله عن أحد، لكن قد يلزم من تمنيه هذا زوال صفة التفرد والإنحصار بالغير، وهذا كما لو كان إنسان في قرية، يحمل شهادة الدكتوراه، فهذا امتياز له وليس لأحد سواه، فإذا تمنى أحد أن يصبح مثله، فإن ذلك يزيل صفة التفرد عنه، وهي صفة لها قيمتها بنظر الناس، وإن لم يلتفت هو إلى ذلك، فأصبح هذا التمني بمثابة الحسد من جهة، وهو غبطة من جهة أخرى..

والنبي آدم عليه السلام كان يريد مقامات الزلفى عند الله، ولذلك طلب صفة الملائكية، والتخلص من الشهوات والغرائز، وطلب الخلود في طاعة الله، وطلب الملك الذي ييسر له مختلف أنواع القربات، لقد طلب الصفاء، والخلوص, بأقصى الدرجات، وأفضل الحالات، وآثر أن يتحمل أعظم المصائب، من أجل التخلص من الدنيا، ومن أجل الوصول إلى أشرف الغايات وأسماها، وأعزها وأغلاها..

الحسد المنهي عنه:

وقد نهى الله النبي آدم عن الحسد، ولكن لا شك في أن هذا النهي منصرف إلى المراتب القبيحة منه، وهي تمني زوال النعمة عن الآخرين، ولم يخطر في باله إلا أن التمني لمقام تلك الأنوار هو أمر سائغ، بل واجب، لأنه يعبر عن حبه لله تعالى، وسعيه في رضاه، ولم يتمن زوال صفة الأوحدية والتفرد عنهم[74]، ولعله لم يلتفت إلى أن صفة الأوحدية هذه ثابتة لهم عليهم السلام من الأساس، ولعل هذا هو مراد الإمام الرضا عليه السلام حين قال:

«إن آدم لم يأكل، ولم يقرب نفس الشجرة، وإنما أكل من جنسها»..

فلما بذل المحاولة تبين له الأمر على حقيقته، وحصلت له الآثار التكوينية، التي لا مجال للتخلص منها، فهو كما لو شرب إنسان دواء مسهِّلاً، وهو لا يعلم، فإنه لا بد أن يترك أثره عليه، وجهله بحقيقته لا يجعله في مأمن من حصول ذلك الأثر.

فالنهي الإلهي نهي عن تحمل المشقات والمتاعب، التي كان الله يعلم أنها ستنتهي به إلى هذه النتيجة، وهو نهي إرفاقي، ناشئ عن العلم بأمور خافية على النبي آدم، وعن العلم الواقعي بعدم تمكن النبي آدم من الوصول إلى ما يطمح إليه..

ولكن مبادرة النبي آدم وسعيه يكشف عن خلوص جوهره، وصفاء عنصره، وعن حسنه الفاعلي، وإن لم يستطع في مقام الفعل أن يحقق ما ينويه، وأن يصل إلى ما يطمح إليه..

وقد قلنا: إن النبي آدم كان عارفاً بالله، شاكاً في مقولة إبليس، رغم وجود مؤيدات لصحة ما يدَّعيه، وهو ما يشاهده النبي آدم من ارتباط لتلك الشجرة المنهي عنها بتلك الأنوار العالية ومن كون المنهي عنه شخص شجرة بعينها، بحسب دلالة اسم الإشارة، وبما يشير إليه وجود مثيلات لها، إذ لو لم يكن المقصود هو شخص المشار إليه، فلماذا كانت الإشارة الحسية، مع وجود نظائر لتلك الشجرة هناك؟!..

وحين أكل من الشجرة، فإن خطاب الله سبحانه له عليه السلام، قد جاء وفق علمه تعالى بالواقع..

فالنبي آدم مخالف لصورة النهي، ويسمى هذا عصياناً، وهو أيضاً قد فعل خلاف الرشد الذي هو مقابل «الغي»، [أي ما لا يوصله إلى مطلوبه بحسب علمه تعالى]، وهذا ما يصحح خطابه بقوله: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى}.. ويصحح قوله: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ}..

/ 115