عليه وآله في المدينة ، فأما حال الشيعة كحال المستضعفين الذين لم يكونوا قادرين على الهجرة الى
المدينة خوفا . وأما حال المخالفين كحال الذين كانوا قادرين على الهجرة ، وكانوا سببا لخروج النبي
صلى الله عليه وآله الى المدينة . فأما المستضعفون ، فلم يكن الواجب عليهم سوى العمل بما علموا ،
والتوقفوالاحتياط فيما لم يعملوا . وأما القادرون على الهجرة ، فكان الواجب عليهم العلم بجميع
الأحكام والعمل بها ، لأنهم قادرين على الهجرة ، واستفادة العلم بالأحكام . وكذا حال المخالفين ،
لأنهم قادرون على ازالة خوف الامام بتحصيل الاعتقاد الصحيح بالأدلة القاطعة ، وترك التقليد الموجب
لاستتار الامام . الدليل الثاني .
لابد في كل زمان من امام معصوم مبين لكتاب الله تعالى
ان الله تعالى مدح كتابه بأن فيه تبيان كل شئ ، فعلمنا أنه لابد أن يكون في كل زمان امام مبين مؤيدمعصوم ، عنده تبيان كل شئ ، لأنه لا يجوز على الحكيم أن يترك كتابا فيه ما يحتاج إليه يوم القيامة ،
ويأمرنا بالتمسك به ، ويخبر أن كل قضية تحدث بعد النبي صلى الله عليه وآله الى يوم القيامة تبيانها
في كتاب الله بغير مبين مؤيد معصوم . وظاهر أن فوائد الكتاب لم تكن مخصوصة بزمن قليل ، وهو زمان النبي
صلى الله عليه وآله ، لأنه هدى لجميع المتقين ، وشفاء ورحمة لجميع المؤمنين . ولا فرق بيننا وبين أهل
زمانه صلى الله عليه وآله في أصل التكليف ، وهو من ضروريات الدين ، وتواتر عن النبي صلى الله عليه
وآله الامر بالعمل بكتاب الله والتمسك به ، مع ان اكثره مجملات متشابهات . فعلمنا أنه صلى الله عليه
وآله لم يخرج من الدنيا الا بعد تعيين مفسر لكتاب الله ، عارف بجميع أحكامه وأسراره ، قادر على تبيين
متشابهاته ، وبالاجماع لم يكن أحد ممن ادعى الامامة عنده تبيان كل شئ غير الأئمة الاثني عشر .