، فإذا سويق وسكر ، ما شربت والله ألذ منه ، ولا أطيب ريحا منه ، فشبعت ورويت وبقيت ( 1 ) أياما لا أشتهي
طعاما ولا شرابا . ثم لم أره حتى دخلت مكة ، فرأيته ليلة الى جانب قبة الميزاب نصف الليل يصلي بخشوع
وأنين وبكاء ، فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل ، فلما طلع الفجر جلس في مصلاه يسبح ، ثم قام الى صلاة
الفجر ، فطاف بالبيت اسبوعا وخرج فتبعته ، فإذا له حاشية ( 2 ) وأموال وغلمان ، وهو على خلاف ما رأيته
في الطريق ، ودار به الناس يسلمون عليه ويتبركون به ، فقلت لبعضهم : من هذا ؟ فقال : موسى بن جعفر ،
فقلت : قد عجبت أن يكون مثل هذه العجائب الا لمثل هذا السيد ( 3 ) . الدليل العاشر .
ظهور جلالتهم وشوكتهم عليهم السلام مع كثرة اعدائهم ومخالفيهم ان
بني امية وبني العباس وأتباعهم من أبناء الدنيا مع كمال شوكتهم ، كانوا مصرين على عداوة أئمتناعليهم السلام ، وانتهى الأمر الى حبسهم وقتلهم ، وقتل كثير من شيعتهم خوفا على الملك ، وكانوا
مجتهدين في الوضع من أقدارهم ، ومتفحصين ليلا ونهارا عن أسرارهم ، وساعين في طلب عثراتهم ، ومبالغين
في اطفاء نورهم واخفاء آثارهم ، ومرغبين الخلق بالعطايا والمبرات في ابطال أمرهم . حتى نقل ابن أبي
الحديد من أكابر علماء الجمهور في شرحه على نهج البلاغة :
( 1 ) في التذكرة : وأقمت
.( 2 )
في التذكرة : غاشية
.( 3 )
تذكرة الخواص
للسبط بن الجوزي ص 348 - 349 .