مذهب الشيعة لم يكن في يوم من أيامه على ارتباط بالسلطنة
الحاكمة لتتولي الدعاية له ، وان كان الحكم قد وصل في بعض الفترات الى بعض الشيعة ، الا أنه لم يكن
هؤلاء الحكام يمثلون المذهب ، وانما كان المذهب قائما بذاته ، مستقلا في آرائه ونظراته ، بعكس ما
كانت عليه المذاهب الاخرى ، مضافا الى صراحتهم في عرض أدلتهم ، وشهادة خصومهم على مدعاهم . وخلاصة
القول : ان الشيعة الامامية كانت لهم الريادة في اثبات قضية الامامةمن خلال ما كتبوا وصنفوا عبر
تاريخهم المعطار ، وان نظرة عاجلة الى فهارس مصنفات الشيعة تؤكد هذه الحقيقة .
شبهة وجوابها
ولعل قائلا يقول : ما بالنا نشغل أفكارنا بأمر قد أكل الدهر عليه وشرب ؟ ومسألة الامامة والخلافةانتهت بنهاية عهدها ، فلا حاجة تدعونا الى الكتابة والتحقيق حولها ، بل قد يترتب عليه من الاثار
السلبية ما يقعدنا عن الاهتمام بقضايانا المعاصرة المهمة ، والتي نحن فيها أحوج ما نكون الى
الالتفات إليها ، مضافا الى أن في ذلك نبشا للماضي ، واثارة للنعرات الطائفية ، واحداث الشقاق
وتعميق هوة الخلاف بين المسلمين . وجوابنا عن ذلك يتلخص في امور ، وهي :
أولا
أن هذه القضية في الدين
من الصميم ، وحيث أننا من أتباع هذا الدين العظيم ، فلابد من البحث والتحقيق ، لنحدد بذلك تكليفنا
الشرعي بحسب طاقتنا ، ونكون على بصيرة من أمرنا ، فان أمامنا معاد وحساب وجنة ونار ، فان الحق تعالى
يقول : وقفوهم انهم مسئولون .
وثانيا
أن القضايا الدينية حية لا تموت ، فان شريعة الاسلام هي خاتمة
الشرائع الالهية للعباد ، ولا معنى للتفاضي والتغافل عن أهم قضية فيه .