من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب هي معروفة ، رواها أصحابه وأصحاب أبيه من قبله وأصحاب ابنه أبي
الحسن موسى عليه السلام ، ولم يبق فن من فنون العلم الا وروي عنه عليه السلام فيه أبواب ، وكذا سائر
أئمتنا ، كما لا يخفى على المتتبع لاثار أهل البيت عليهم السلام . ووجه دلالة علمهم عليهم السلام على
امامتهم أن من ادعى الامامة من معاصري أئمتنا عليهم السلام لم يكونوا في درجتهم من العلم ، ولا في
أدنى مرتبتهم ، فلا يجوز معوجودهم اتباع غيرهم ، لقبحه عقلا ، ولقوله تعالى أفمن يهدي الى الحق أحق
أن يتبع أم لا يهدي الا أن يهدى ( 1 ) فثبت امامتهم ، وبطل امامة من سواهم . الدليل الثالث عشر .
لا تثبت الامامة بالاختيار
ان الامامة لا تثبت بالاختيار ، لأن الاختيار لو كان أمرا شرعيا موافقا لارادة الله تعالى لنص عليهالله ورسوله ، وعلى الصفات التي ينبغي أن يكون عليه المختار ، لئلا يلزم الاختلاف والتنازع الشديد
في وجوب النص وعدمه ، وفي اعتبار العصمة وعدمها ، حتى لا ينتهي الأمر الى القتل والنهب ، وتكفير
الناس بعضهم بعضا ، وكيف يمكن اهمال مثل هذا من الرؤوف الرحيم ، مع عدم اهمال أحكام الخلاء وأمثاله .
لا يقال : ربما ورد الأمر بالاختيار والنص عليه ولم ينقل الينا . لأنا نقول : هذا محال عادة ، لأن
الداعي على نقله عظيم ، لأنه موافق لمذهب الملوك والمتغلبين ، وهم محتاجون إليه وكانت الدنيا في
أيديهم ، ونفوس الناس مائلة إليهم ، وكانت الرواة في طلب ما يتقربون به إليهم ، فلو كان نص على
الاختيار
وصفات المختار لاشتهر .
( 1 ) يونس : 35 .