كذبوا على أنفسهم ) ( 1 ) ولو كان هو أضلهم وألجأهم الى انكار الشرك لم يتعجب منهم ( 2 ) . ولا يخفى أن
القول بالجبر خارج عن طور العقل ، ومخالف للبديهة ، وكيف يجوزعاقل أن يخلق الله في العبد المعصية ثم
يعاقبه عليها ؟ ونعم ما قال مولانا وسيدنا موسى بن جعفر عليهما السلام وقد سأله أبو حنيفة وهو صبي
حين خرج من عند الصادق عليه السلام فقال : يا غلام ممن المعصية ؟ قال : لا تخلو من ثلاث : إما أن تكون من
الله عزوجل وليست منه ، فلا ينبغي للكريم أن يعذب عبده بمالا يكتسبه ، وإما أن تكون من الله عزوجل
ومن العبد ، فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف ، وإما أن تكون من العبد وهي منه ، فان
عاقبه فبذنبه ، وان عفى عنه فبكرمه وجوده ( 3 ) .
مفاسد القول بالجبر
ولا يخفى أن مفاسد القول بالجبر في الدين كثيرة عظيمة ونحن نقتصر على بعضها : منها : أنه لا يصح أنيوصف الله تعالى بأنه غفور رحيم وعفو حليم ، لأن الوصف بهذه انما يثبت لو كان الله مسقطا للعقاب الذي
استحقه العباد ، والعبد لا يستحق العقاب الا إذا فعل المعصية باختياره . ومنها : أنه يلزم نسبة السفه
الى الله تعالى ، لأنه يأمر الكافر بالايمان ولا يريده منه ، وينهاه عن المعصية وقد أرادها منه ، وكل
عاقل ينسب من يأمر بما لا يريده منه وينهى عما يريده الى السفه ، تعالى الله عن ذلك
.
( 1 )
الأنعام : 24 .
(
2 ) الصراط المستقيم 3 : 66 - 67
.( 3 )
الاحتجاج للطبرسي 2 : 332 وتوحيد الصدوق ص 96 والبحار 5 : 27 و 78 : 323 .