وقد تقدم أن حالنا في زمان الغيبة كحال المستضعفين من أهل مكة ، وأيضا حالنا كحال المظلومين
المحبوسين في سجن الظالمين ، وكالأسرى في أيدي المشركين ، فالواجب علينا العمل بما نعلم ، والتوقف
فيما لا نعلم ، كالواجب عليهم ، وهكذا حكم الله في العباد حال الاضطرار لا حال الاختيار . الدليل
الثاني والعشرون .
قوله تعالى ان عبادي ليس لك عليهم سلطان
الا من اتبعك من الغاوين ( 1 ) فتعينت عصمة البعض ، وهذا البعض لا يجوز أن يكون غير النبي والامام ،لقوله تعالى أفمن يهدي الى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي الا أن يهدى ( 2 ) ولأن الاحتياج الى عصمة
الامام أكثر ، فثبت أن هذا البعض هم الأنبياء والأئمة ، فإذا ثبت عصمة بعضهم ثبت عصمة الكل ، لأنه لا
قائل بالفصل ، فثبت حقية مذهب الامامية وأئمتهم ، لأن غيرهم لم يقولوا بعصمة كل الأنبياء والأئمة
عليهم السلام . ويمكن الاستدلال بوجه آخر : وهو أن المستفاد من الاية أنه لا يتبع ابليس الا من كان من
الغاوين ، ونبينا صلى الله عليه وآله ليس منهم ، لقوله تعالى ما ضل صاحبكم وما غوى ( 3 ) فثبت عصمته
المستلزمة لعصمة كل الأنبياء والأئمة لعدم القول بالفصل ، فثبت حقية مذهب الامامية وأئمتهم . ويمكن
الاستدلال أيضا بوجه آخر : وهو أن النبي صلى الله عليه وآله لو لم يكن ممن لا سلطان لابليس عليه ،
يلزم أن يكونوا أكرم عند الله من نبينا صلى الله عليه وآله ،
( 1 ) الحجر : 42
.( 2 ) يونس : 35 .( 3 ) النجم : 2 .