المطلب الاول: في تعيين القاضي و ما يتعلق به من الشرائط،و الآداب، و الاحكام
و فيه ثلاثة ابحاث:
البحث الاول: في تعيين القاضي و شرائطه
و فيه مسائل:
المسالة الاولى:
اعلم ان القاضي يغاير المفتي و المجتهد و الفقيه بالاعتبار. فيسمى الشخص قاضيا
و حاكما: باعتبار الزامه و حكمه على الافراد الشخصية بالاحكام الشخصية. و مفتيا: باعتبار مجرد الاخبار عن حكم الله و لو كليا. و مجتهدا: باعتبار مجرد الاستدلال، و رد الفروع الى الاصول، و استخراج
الاحكام من مآخذها، و استفراغ وسعه فيه. و فقيها: باعتبار علمه الحاصل بالاحكام من ذلك الاستخراج و الاستفراغ. فهذه الالفاظ الاربعة متحدة مصداقا، متغايرة حيثية و مفهوما.
المسالة الثانية:
لما كان وجوب الحكم و القضاء على شخص من الرعية، بل جوازه، و وجوب قبول حكمه و
التزام الزامه، امرا مخالفا للاصل..اما وجوب الحكم و القبول فظاهر، و اما
الجواز فللاجماع، و المستفيضة، كرواية اسحاق بن عمار المتقدمة (1) . و صحيحة سليمان بن خالد: «اتقوا الحكومة، فان الحكومة انما هي للامام العالم
بالقضاء، العادل في المسلمين، لنبي او وصي نبي » (2) . و المروي في مصباح الشريعة المنجبر بعمل الكل: «الحكم لا يصح الا باذن الله » (3) ، الى
غير ذلك. فلا بد-في كون شخص قاضيا و جواز القضاء له و وجوب القبول منه- من دليل مخرج له من
الاصل، و مثبت لمنصب القضاء له، و لهذا اجتمعت كلمتهم قاطبة على ان من شرائطه
اذن الامام. و مرادنا من الدليل المخرج: هو الدال على ذلك الاذن. ثم الدليل اما يختص بواحد معين شخصا، فيسمى ذلك الشخص بالنائب الخاص، او وصفا،
فيسمى بالنائب العام. و لما لم يكن تحقق الاول الا في زمان الحضور، فلا فائدة في التعرض لبيان
شرائطه، و ان تكلم الاكثر في احواله ايضا..بل المهم لنا التكلم في الثاني، و
تحقيق انه من هو؟ و ما شرائطه و آدابه؟ و لما عرفت انه لا يكون واحد من الرعية قاضيا الا بعد اقامة الدليل على ثبوت هذا
المنصب و تحقق الاذن له، فاللازم اولا ذكر الادلة المرخصة في القضاء لطائفة من
الرعية، الآمرة بالتزام احكامهم. و اذ لا يمكن الاذن للموجودين في زمن الغيبة لشخص معين، بل يكون التعيين
بالوصف، فلا محالة يكون في ادلة الاذن اطلاق او عموم. و تلك العمومات ايضا ليست باقية على حالها من العموم او الاطلاق، بل لاشتراط
بعض الشرائط خرج منها بعض افرادها بالادلة المقيدة او المخصصة لها، فلذا يلزم
علينا الفحص ثانيا عن المقيد و المخصص، و تخصيص المنصب بمن لم يخرج عن تحت
العموم. و بذلك يظهر انه يشترط في القاضي دخوله تحت ادلة الاذن اولا، و عدم خروجه بسبب
المخصصات ثانيا.
المسالة الثالثة:
اذا عرفت انه لا بد في القاضي من ورود الاذن في شانه، فنقول: انه قد ورد ذلك من
سلاطين الانام، و ولاة الامر من جانب الملك العلام، للعلماء باحكام اهل
البيت عليهم السلام، بالاجماع القطعي، بل الضرورة، و المعتبرة المستفيضة: كمرفوعة البرقي المصرحة بان: «من قضى بحق و هو يعلم فهو في الجنة » (4) . و كصحيحة ابي خديجة: «انظروا الى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا، فاجعلوه بينكم،
فاني قد جعلته قاضيا، فتحاكموا اليه » (5) . و الاخرى: «اجعلوا بينكم رجلا ممن عرف حلالنا و حرامنا، فاني قد جعلته قاضيا» (6) . و وصف الروايتين بعدم الصحة-مع انه غير ضائر عندنا مع وجودهما في الاصول
المعتبرة، و انجبارهما بالاجماع المحقق و المحكي مستفيضا، و في المسالك:
انهما و المقبولة الآتية مشتهران بين الاصحاب، متفق على العمل بمضمونهما (7) -غير
جيد، لان اولاهما رواها في الفقيه، عن احمد بن عائذ، عن ابي خديجة، و طريق الفقيه
الى احمد صحيح، كما صرح به في الروضة (8) ، و احمد نفسه موثق امامي (9) . و اما ابو خديجة-و هو سالم بن مكرم-و ان ضعفه الشيخ في موضع (10) و لكن وثقه في موضع
آخر (11) ، و وثقة النجاشي (12) ، و قال ابو الحسن علي بن الحسن: كان صالحا (13) ، و عد في
المختلف في باب الخمس روايته من الصحاح (14) ، و قال الاسترابادي في رجاله الكبير
في حقه: فالتوثيق اقوى. و مقبولة بن حنظلة: «انظروا الى من كان منكم قد روى حديثنا، و نظر في حلالنا و حرامنا، و
عرف احكامنا، فارضوا به حكما، فاني قد جعلته عليكم حاكما، فاذا حكم بحكمنا فلم
يقبله منه فانما بحكم الله استحف، و علينا رد، و الراد علينا الراد على الله
تعالى، و هو على حد الشرك بالله » (15) . و تضعيف هذه الرواية (16) -مع انجبارها بما مر حتى اشتهرت بالمقبولة-غير جيد
ايضا، اذ ليس في سندها من يتوقف في شانه، سوى داود بن الحصين، و وثقه النجاشي (17) ،
فلو ثبت ما ذكره الشيخ (18) و ابن عقدة (19) من وقفه فالرواية موثقة لا ضعيفة، و عمر بن
حنظلة، و قد حكي عنه توثيقه (20) . هذا، مع ان في السند قبلهما صفوان بن يحيى، و هو ممن نقل اجماع العصابة على تصحيح
ما يصح عنه. و التوقيع الرفيع المروي في اكمال الدين للصدوق، و كتاب الغيبة للشيخ، و
الاحتجاج للطبرسي: «و اما الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها الى رواة حديثنا،
فانهم حجتي عليكم، و انا حجة الله عليهم » (21) . و مرسلة الفقيه المروية في معاني الاخبار و غيره ايضا: «اللهم ارحم خلفائي، قيل: يا
رسول الله، من خلفاؤك؟ قال: الذين ياتون بعدي، و يروون حديثي و سنتي » (22) . و المروي في الفقه الرضوي: «منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الانبياء في بني
اسرائيل » (23) . و في كنز الكراجكي عن مولانا الصادق عليه السلام: «الملوك حكام على الناس، و
العلماء حكام على الملوك » (24) . و المروي في تحف العقول للشيخ الجليل محمد بن الحسن بن علي بن شعبة، و فيه:
«مجاري الامور و الاحكام على ايدي العلماء بالله، الامناء على حلاله و حرامه » (25) . و المروي في غوالي اللآلى ء: «الناس اربعة: رجل يعلم، و هو يعلم انه يعلم، فذاك مرشد حاكم
فاتبعوه » (26) . و تدل عليه ايضا الاخبار الآتي بعضها، الآمرة بالرجوع الى الاعدل، او الاعلم،
او الافقه، عند الاختلاف. و تدل عليه ايضا قاعدتان متفقتان ذكرناهما في كتاب عوائد الايام (27) . و تؤيده الاخبار المتواترة المتضمنة ل: ان العلماء ورثة الانبياء، و انهم
مثلهم، و انهم امناء الاسلام، و امناء الرسل، و المتكفلون لرعيتهم و لايتامهم، و
امثال ذلك من الاوصاف (28) . و لا يعارض تلك الاخبار ما مر من الاخبار الحاصرة للحكومة في النبي و وصيه،
لان الاذن الوارد في تلك الاخبار ايضا توصية لغة. و مع فرض التعارض فتلك الاخبار كلها او اكثرها اخص مطلقا مما مر فيجب
تخصيصه بها. ثم انه قد ظهر من تلك الاخبار ثبوت الاذن للعلماء العارفين باحكام الله في
القضاء، و كونهم منصوبين من قبل الامام نوابا له في هذا الزمان. لا يقال: ان المذكور في الاخبار هو العالم، و العارف و الفقيه، اللذان هما
ايضا يتضمنان العلم، و حصوله في هذه الازمنة غالبا غير ممكن، لان طرق الاحكام
ظنية غالبا. لانا نقول: ان الظن لا يعمل به ما لم ينته دليل وجوب العمل به او جوازه الى قطعي،
فان اثبات الظني بالظني-مع اطباق العلماء على بطلانه- دور او تسلسل..و اذا
انتهى الى القطع و العلم يكون الحكم الحاصل منه معلوما، فانا لو علمنا انه يجب
علينا العمل بالمظنون يكون المظنون حكمنا قطعا، فنكون عالمين بحكمنا قطعا. و هذا هو المراد من قولهم: ظنية الطريق لا تنافي قطعية الحكم. و ليس فيه ابتناء على التصويب كما ظن، فالمجتهد اذا علم حجية الخبر او الظن
الحاصل منه بدليل علمي و دل خبر او ظن منه ان حكم الله في الواقعة الفلانية كذا، يعلم
قطعا ان حكمه في حقه كذا، فيصدق عليه انه عالم او عارف بقضيتهم و حلالهم و حرامهم.
لا يقال: ان مرادهم عليهم السلام من احكامهم و قضاياهم هي الواقعية، لانها
احكامهم، و اما الحكم الظاهري فهو حكم المضطر. لانا نقول: ان الاحكام الظاهرية للمضطرين حال اضطرارهم ايضا من الاحكام
الواقعية لهم، اذ ليس المراد بحكمهم الا ما حكموا به، و هل حكموا للمضطر بغير ذلك
الحكم، او ليس هذا حكمهم في حقه؟ ! و هل ليس ما ظنوا حليته مثلا بالدليل الشرعي حلالا
من جانبهم له؟ ! و الحاصل: ان المظنون هو ان هذا مطابق لما حكموا به لغير المضطرين، و اما انه
حكمهم في حق المضطرين فهو مقطوع به. و على هذا، فيكون هذا الذي عرف الحكم بالدليل الشرعي و لو كان ظنيا عالما بالحكم،
فيكون قاضيا متوليا لمنصب القضاء، و يكون من شانه الحكم، و من شان الرعية القبول
منه، الا ان يكون فاقدا لاحد الشروط المعتبرة فيه الآتية. ثم انه هل يختص هذا الاذن العام لذلك العالم بحال الغيبة، او يشمل حال
الحضور ايضا، اما مطلقا او مع عدم التمكن للامام؟ فيه وجهان، و لا فائدة لنا في التعرض لتحقيقه.
المسالة الرابعة:
المصرح به في كلام اكثر الاصحاب انه يشترط في هذا العالم الماذون فيه ان
يكون مستقلا باهلية الفتوى -اي يكون علمه حاصلا بالاجتهاد-فلا ينفذ قضاء غيره و لو
كان مطلعا على فتوى المجتهدين الاحياء و مقلدا لهم. و نفى عنه الشك المحقق الاردبيلي مع وجود المجتهد، و في الكفاية: انه لا اعرف فيه
خلافا (29) ، بل في المسالك و المعتمد لوالدي-قدس سره-: الاجماع عليه (30) ، و يشعر به كلام بعض الاجلة في شرح القواعد، حيث قال: و لا يكتفى
عندنا بفتوى العلماء و تقليدهم فيها، بل لا بد من اجتهاده فيما يقتضي به، خلافا
لبعض العامة (31) ، انتهى. و حكى في التنقيح عن المبسوط انه نقل قولا بجواز قضاء المقلد، قال في المبسوط في
هذه المسالة ثلاثة مذاهب: الاول: جواز كونه عاميا و يستفتي العلماء و يقضي
بقولهم، الى آخر ما قال.ثم قال في التنقيح: و لم يصرح-اي الشيخ-باختيار شي ء من
المذاهب (32) . و استدل للمشهور، بالاجماع المنقول، و الاصل، و اشتراط الاذن و لم يثبت لغيره،
لظهور اختصاص الاجماع به، و تضمن اخبار الاذن المتقدمة للعلم و المعرفة
المجازين في الظن. مضافا الى المتواترة الناهية عن العمل او القول به او بغير العلم، و
المعتبرة للعلم في الفتوى، و لا يحصل لغير المجتهد سوى الظن غالبا، قيل: بل و كذلك
المجتهد، الا ان حجية ظنه مقطوع بها، فهو ظن مخصوص في حكم القطع، كسائر الظنون
المخصوصة، و لا كذلك غيره. اقول: ان كان مرادهم نفي قضاء غير المجتهد الذي لم يقلد حيا او ميتا بتقليد حي
يجوز تقليد الميت، بل يرجع الى ظواهر الاخبار و كتب الفقهاء من غير قوة
الاجتهاد-كما هو ظاهر كلام بعض متاخري المتاخرين، حيث قال: و غير المجتهد لا
دليل على حجية ظنه، قاطعا و لا ظنيا، و لو سلم الاخير فغايته، اثبات الظن بمثله،
و هو غير جائز باطباق العلماء (33) .انتهى-فهو كذلك، و لا ينبغي الريب فيه. و ان كان مرادهم نفي قضاء غير المجتهد مطلقا، حتى العادل المقلد للحي في جميع
جزئيات الواقعة، او للميت بتقليد الحي، فبعد ما علمت من عدم حجية الاجماع المنقول،
و ان الظن المنتهي الى العلم علم، يعلم ضعف تلك الادلة، لان المقلد اذا علم فتوى
مجتهد في جميع تفاصيل واقعة حادثة بين متنازعين من مقلديه و جزئياتها، يعلم حكم
الله في حقهما، لان حكمه و لو كان مظنونا، و لكنه معلوم الاعتبار و الحجية
بالنسبة اليهما، فذلك المقلد عالم عارف بحكم الشارع (34) في حقهما، فيكون ماذونا
بالاخبار المتقدمة، عالما بالحكم خارجا من تحت الاصل. الا ان يتحقق الاجماع على خلافه، و هو غير متحقق، كيف؟ ! و كلمات اكثر القدماء خالية عن ذكر المجتهد او ما يرادفه. و عبر كثير منهم بالفقيه المحتمل صدقه-سيما في الصدر الاول- على من اخذ برهة من
المسائل و لو تقليدا، كما صرح به والدي العلامة -قدس سره-في تجريد الاصول و انيس
المجتهدين، و لذا قوى بعض علمائنا المعاصرين في اجوبة سؤالاته جواز المرافعة
الى العالم العادل المطلع بجميع المسائل الدقيقة المتعلقة بواقعة تقليدا، و نسب عدم
الجواز الى المشهور (35) . و قد يوجه جواز تقليد القاضي ايضا بحسنة هشام: «لما ولى امير المؤمنين عليه
السلام شريحا القضاء اشترط عليه ان لا ينفذ القضاء حتى يعرض عليه » (36) . و هو انما يحسن لو لم تكن توليته اياه تقية كما هو الظاهر. و بذلك و ان ظهر ضعف الادلة المذكورة لهم، الا انه يمكن ان يقال: ان اكثر تلك الاخبار و ان كان مطلقا شاملا للمقلد المذكور ايضا، الا ان قوله
عليه السلام في المقبولة: «انظروا الى من كان منكم قد روى حديثنا» الى آخره، و في
التوقيع: «فارجعوا الى رواة احاديثنا» مقيد بالمجتهد، اذ الظاهر المتبادر
منه: الراوي للحديث، المستنبط المستخرج منه الاحكام على الطريق الذي ارتضاه
الشارع و امر به، لا مطلقا. و يعلم من ذلك احتمال اختصاص مرسلة الفقيه المتقدمة بالمجتهدين في الاحكام
ايضا، بل و كذا الرضوي، لعدم معلومية صدق الفقيه على مطلق العالم و لو تقليدا. و يدل على التخصيص ايضا المروي في مصباح الشريعة، المنجبر ضعفه بما ذكر: انه قال
امير المؤمنين عليه السلام لقاض: «هل تعرف الناسخ من المنسوخ؟ » قال: لا، قال: «فهل
اشرفت على مراد الله عز و جل في امثال القران؟ » قال: لا، قال: «اذن هلكت و اهلكت..و
المفتي محتاج الى معرفة القرآن، و حقائق السنن، و بواطن الاشارات، و الآداب، و
الاجماع، و الاختلاف، و الاطلاع على اصول ما اجمعوا عليه و ما اختلفوا فيه، ثم
حسن الاختيار، ثم العمل الصالح، ثم الحكمة، ثم التقوى، ثم حينئذ ان قدر» (37) . قال عليه السلام: «لا تحل الفتيا لمن لا يستفتي من الله عز و جل بصفاء سره، و اخلاص
عمله و علانيته، و برهان من ربه في كل حال، لان من افتى فقد حكم، و الحكم لا يصح الا
باذن من الله » (38) . و بتلك الاخبار يجب تقييد اطلاق بعض آخر. و علم من ذلك صحة ما هو المشهور من عدم جواز تولي القضاء لغير المجتهد. و هل يجوز له التولي من جانب المجتهد و باذنه الخاص؟ جوازه، و لم اتحققه و لم اره في كتابه (40) ،
و لا ارى له وجها اصلا.و يمكن ان يكون ذلك لفتواه المتقدمة بجواز المرافعة الى
المقلد العادل العالم بمسائل الواقعة (41) .. و توقيفه على الاذن لمعرفة العادل المطلع. و توهم ان عموم الولاية فيما للامام فيه الولاية ثابت للمجتهد، و منها: الاذن الخاص في القضاء. مدفوع بان للامام الاذن للاهل و القابل، فالجواز للمجتهد ايضا يكون مقصورا
على من له الاهلية، و هي لغير المجتهد غير ثابتة، و من ثبتت له لا يحتاج الى
النائب، لثبوت الاذن له عن المنوب عنه. نعم، لا يبعد جواز حكم مقلد عادل عالم بجميع احكام الواقعة الخاصة فعلا، او بعد
السؤال في تلك الواقعة الخاصة، بعد اذن المجتهد له في خصوص تلك الواقعة، بعد رجوع
المدعي او المتخاصمين فيها الى المجتهد، لان التحاكم و الترافع و الرجوع
في الواقعة انما وقع عند المجتهد -كما هو المامور به في المقبولة و التوقيع-و
المجتهد امر بان يفتش مقلده عن حقيقة الواقعة و يحكم. و التحذير الوارد في رواية مصباح الشريعة انما هو لقاض خاص، فلعله لم يكن
ماذونا من اهل في خصوص الواقعة، كما هو الظاهر. و كذا لا يشمله التحذير الوارد في رواية اسحاق بن عمار و صحيحة سليمان بن خالد
المتقدمتين، لان الظاهر ورودهما في حق من اتخذ ذلك منصبا، لا من يحكم في خصوص
واقعة، بل يمكن ان نقول: الحكم حقيقة من المجتهد، و الواسطة كالآلة. و الحاصل: ان هنا امورا اربعة مخالفة للاصل: الاول: التحاكم و الترافع و الرجوع من المتخاصمين بنفسهما. الثاني: جواز حكم هذا المقلد بما يعلم. الثالث: نفوذ حكمه و وجوب اتباعه. الرابع: جواز امر المجتهد هذا المقلد بالحكم و بترافع المترافعين اليه. و الاول: لم يقع بالنسبة الى المقلد، لانهما بنفسهما لم يرجعا اليه، و انما
ترافعا عند المجتهد كما هو المامور به لهما. و الثاني: لا نهي فيه، بل صرح بجوازه-بل ترتب الاجر عليه-في مرفوعة البرقي
المتقدمة و رواية الغوالي. و الثالث: يثبت بثبوت وجوب اتباع كل ما حكم به المجتهد بعد الترافع اليه،
فانه قد حكم بقبول حكم هذا المقلد، فهو حقيقة نفوذ لحكم المجتهد و اتباع له. و تدل عليه ايضا رواية الغوالي، بل هي تدل على نفوذ الحكم و جواز المحاكمة عنده
بدون اذن المجتهد ايضا، الا انها لضعفها الخالي عن الجابر المعلوم-مضافا
الى اعميتها من المقبولة و التوقيع-يمنع من العمل بمضمونها وحدها. و الرابع: ظاهر بعد ثبوت جواز حكمه و عدم وجود نهي فيه. و يمكن ان يكون بناء الاصحاب-في مسالة احضار (42) الخصم، و قولهم كما ياتي في بعض
الصور: يبعث الحاكم من يحكم بين الخصمين-على ذلك. و يمكن ان يكون مرادهم: بعث مجتهد آخر، حيث انه لما ترافع الخصمان اليه يكون هو
الاصل. و يمكن ان يكون مرادهم: القاضي الخاص، المنصوب من الامام، الماذون في
الاستنابة، فتامل.
فرع:
قد ظهر مما ذكرنا ان المحرم لغير المجتهد هو الحكم بغير ما انزل الله او بما
انزل الله-اي بفتوى مجتهده-بدون اذن المجتهد مع الزامه المترافعين بما حكم،
لكونه الزاما من غير لزوم، و لكونه اعانة على معصية المترافعين. و اما قوله لهما-بدون اذن المجتهد بعد سماع حكايتهما، من غير قصدهما الترافع
اليه، او قصده جريان الحكم عليه (43) -: على فلان المدعي البينة مثلا، او على هذا المنكر
اليمين-يعني: ان القاضي يحكم بذلك اذا ترافعتما اليه، من غير حكم لهما بذلك-فلا
باس به. بل و كذا لو قال: عليك البينة و عليك الحلف، من غير ان يقصد الزامهما و اجراء حكمه،
او رفع تخاصمهما بذلك الحكم، او سماع البينة، او الاحلاف. بل لو قيل له: احلف او استمع البينة، يقول: ليس هذا من شاني و لا بد من الرجوع الى
الحاكم، بل لو سمع البينة ايضا لا يقصد الحكم بل الاطلاع بالحال. فانه لا دليل على حرمة شي ء من ذلك، و الاصل عدمها، فان هذا ليس حكومة و جلوسا مجلس
القضاء، و لا قضاء، و لا ترافعا اليه.
المسالة الخامسة:
هل يشترط في المجتهد الذي ينفذ قضاؤه او قضاء مقلده الماذون منه-لو قيل
بجوازه-كونه مجتهدا مطلقا، ام يكفي المتجزي؟ و هذا البحث ساقط على ما اخترناه من عدم امكان التجزي في الملكة، لانهم ان
ارادوا التجزي بذلك المعنى فهو غير ممكن، و ان ارادوا التجزي الفعلي فبطلان
اشتراط عدمه بديهي واضح، لعدم امكان الاجتهاد الفعلي المطلق، و عدم تحققه. نعم، يتاتى هذا الخلاف على القول بتجزي الاجتهاد بمعنى الملكة، و قد وقع الخلاف فيه
عليه..و صرح بعضهم بكفاية التجزي، و هو الظاهر من الفاضل في التحرير، حيث شرط في
القاضي الاجتهاد، و ذكر شرائطه ثم قال: و هل يتجزي الاجتهاد ام لا؟ الاقرب: نعم،
و احتج له برواية ابي خديجة (44) (45) . و الحمل-على ارادة جواز التجزي في الاجتهاد دون كفايته في القضاء-بعيد، بل يمنعه
احتجاجه، و قوله بعد ذكر الرواية: نعم، يشترط ان يكون عارفا بجميع ما وليه. و هذا هو الظاهر من القواعد و الدروس ايضا، بل هو ظاهر النافع و الشرايع ايضا (46) .
و حمل قوله في الاخير: و لا بد ان يكون عالما بجميع ما وليه، على الاجتهاد المطلق،
كما في المسالك (47) ، لا وجه له. و نسب في الكفاية الى المشهور (48) و والدي الى الاشهر: اشتراط المطلق، و عدم كفاية
التجزي، و جزم الاول به مع تيسر المطلق، و نفي البعد عن الاكتفاء بالمتجزي مع
فقده، و صرح الثاني بالتفصيل، فجوز مع فقد المطلق، و منع مع تيسره. و الحق هو: الاول، لان المراد المتجزي، من قدر على استنباط برهة من الاحكام،
جامعا لجميع شرائط الاجتهاد فيها، من ردها الى مآخذها المعلوم اعتبارها و
حجيتها عنده بالدليل القطعي، العالم بعدم توقفها على غيرها، او ظانا له ظنا ثبت
عنده اعتباره، اذ لو لم يعلم اعتبار الماخذ و اكتفى فيه بالظن، او ظن عدم
التوقف و لم تثبت عنده حجية هذا الظن، لا يجوز عمله اتفاقا، لامتناع اثبات
الظن بالظن، فلا بد من كون ظنه منتهيا الى العلم الموجب لقطعه بالحكم كما مر،
فيكون الحكم معلوما له، فتشمله صحيحتا ابي خديجة، و كذا يشمله التوقيع، و لا مخصص
لهما سوى بعض ما استدل به للقول الآخر، كما ياتي مع جوابه. و جعله من باب اثبات الظن بالظن من الغرائب، لان المتجزي لا يثبت حجية ظنه
به، بل يجعل ظنه علما بما دل على حجية الظن الفلاني -كالظن الخبري مثلا-له، ثم بعد
ذلك و بعد اثبات حجية الاخبار-التي منها هذا الخبر-له بالدليل العلمي يستدل
بهاتين الصحيحتين على حصول الاذن له في القضاء. و لو فرض عدم ثبوت حجية ظن له علما فلا يقول احد بحجية ظنه له، و كذا لو ثبت
ذلك و لكن لم تثبت عنده حجية هاتين الصحيحتين. احتج لاشتراط المطلق مطلقا بوجوه: منها: ما ذكره في الكفاية من ان معرفة الاحكام من الاحاديث يتوقف في بعض
الاحيان على العرض على القرآن، و على مذاهب العامة و الخاصة، و العلوم المعتبرة
في الاجتهاد، فيقتضي الاجتهاد المطلق (49) . و فيه: ان كون هذا اجتهادا مطلقا ممنوع، مع ان المفروض انما هو اذا علم ما
يتوقف عليه الحكم جميعا، و علم عدم توقفه على غير ذلك. و منها: المقبولة المتضمنة للجمع المضاف، المفيد للعموم، و به تخصص الصحيحتان
ايضا، لكونها اخص مطلقا منهما. و فيه: ان العلم حقيقة في المعرفة الفعلية، و تحققها بالنسبة الى جميع الاحكام غير
ميسر، و اشتراطها خلاف الاجماع..و الحمل على قوة المعرفة مجاز، كما ان ارادة
البعض من الجمع المضاف ايضا مجاز، و لا مرجح لاحدهما، فلا يعلم المخصص. و منها: ما قيل من ان الدليل على حجية ظن المجتهد هو الاجماع، و الدليل العقلي
المركب من بقاء التكليف، و انسداد باب العلم، و انتفاء التكليف بما لا يطاق،
المنتج لوجوب العمل بالظن. و شي ء منهما لا يجري في المتجزي، اما الاجماع فلاختصاصه بالمجتهد المطلق. و اما الدليل العقلي، فلعدم صحة دعواه انسداد باب العلم بالنسبة اليه، لاحتمال
ظهور خلاف ظنه، و كذا دعواه التكليف بما لا يطاق في حقه، اذ في وسعه تحصيل المعرفة
بكل المدارك (50) . اقول: دعوى انحصار الدليل فيهما واهية، فان لحجية كل من الادلة الظنية-كالخبر و
الاستصحاب و الكتاب و غيرها-ادلة منتهية الى القطع، بالواسطة او بدونها، و لا
ينحصر دليلها في انها تفيد الظن و الظن حجة بالاجماع. على ان الاجماع لو كان دليلا لم يثبت حجية ظن المجتهد المطلق بما يفيد شيئا في
هذا الباب، لان القدر الثابت من الاجماع هو حجية ظنه في الجملة، و اما انه اي
قدر و على اي حال فلا، بل لا يوجد لظنه المجمع على اعتباره مصداق، فان من ظنونه ما
يحصل من القياس او الشهرة او الاجماع المنقول او الخبر او غيرهما، و في كل منها
خلاف. و عدم تخطئتهم للعامل بها اذا قال بحجيتها لا يجعله اجماعيا، كما في سائر
المسائل الخلافية. و اما ما ذكره في عدم جريان الدليل العقلي في ظن المتجزي لما مر، ففيه: ان درك
انسداد باب العلم في مسالة لا يتوقف على القدرة على استنباط جميع الاحكام من
مآخذها لو سلمنا توقفه على الاحاطة الاجمالية بجميع المدارك. و كذا لا مدخلية لتلك القدرة في درك حكم كل مسالة حتى يمنع امكان تحصيلها عن
التكليف بما لا يطاق. نعم، يمكن ان يقال: ان المقدمات الثلاث لا تنتج للمتجزي وجوب العمل بالظن،
لامكان ان يكون حكمه تقليد المجتهد المطلق..و لكن مثل هذا وارد في المطلق ايضا،
لامكان ان يكون حكمه الاحتياط على ان الثابت منه-لو سلم-حجية الظن في الجملة، و
هو لا يفيد له شيئا. ثم بما ذكرنا يظهر وجه التفصي عن الايراد بجواز قضاء المقلد الماذون لو قيل
بمثل ذلك..على ان الاجماع على حجية ظن المقلد الحاصل من فتوى مجتهده منعقد. احتج من فصل بين وجود المطلق و عدمه بما دل على تقديم الاعلم. و فيه منع كل من الصغرى و الكبرى، كما يظهر وجهه مما ياتي في مسالة وجوب تقديم
الاعلم. ثم لا يخفى ان مرادنا من المتجزي الجائز قضاؤه ليس مطلق من يعلم قضية في واقعة و
لو باجماع او ضرورة، بل من اخذ برهة جمة من الاحكام من ماخذها، لما يدل على
التخصيص برواة احاديثنا، و بمن نظر في حلالنا و حرامنا، بل قوله في احدى
الصحيحتين: «حلالنا و حرامنا» دال على ذلك، و بذلك يخصص اطلاق الصحيحة الاخرى.
المسالة السادسة:
تشترط فيه ايضا-مضافا الى ما ذكر-امور: منها: التكليف، بالبلوغ و العقل ، بالاجماع و الاعتبار فيهما، مضافا في
الاول الى التصريح بالرجل في الصحيحتين، المخصص لغيرهما مما ظاهره العموم،
مع ان المتبادر من الجميع البالغ العاقل. و منها: الايمان ، للاجماع ايضا، و قوله عليه السلام «منكم » في احدى الصحيحتين و
في المقبولة، و ما ورد في بعض الاخبار من اخذ معالم الدين من الشيعة (51) . و قد يستدل ايضا له بوجوه مدخولة، و ان كانت للتاييد صالحة. و منها: العدالة ، لما مر من الاجماع، و لآية النبا، و للمروي في الخصال: «فاتقوا
الفاسق من العلماء» (52) . و المرويين في مصباح الشريعة المتقدمين في المسالة الرابعة (53) . و في تفسير الامام عليه السلام في حديث طويل: «و كذلك عوام امتنا اذا
عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر، و العصبية الشديدة، و التكالب على حطام الدنيا
و حرامها، و اهلاك من يتعصبون عليه و ان كان لاصلاح امره مستحقا، و بالترفرف
بالبر و الاحسان على من تعصبوا له و ان كان للاذلال و الاهانة مستحقا، فمن
قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء، فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالى بالتقليد
لفسقة فقهائهم..فاما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه،
مطيعا لامر مولاه، فللعوام ان يقلدوه، و ذلك لا يكون الا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم..
فاما من ركب من القبائح و الفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم
عنا شيئا و لا كرامة » الحديث (54) . و المروي في التحرير عن علي عليه السلام انه قال: «لا ينبغي ان يكون القاضي قاضيا
حتى تكون فيه خمس خصال: عفيف، حليم، عالم بما كان قبله، يستشير ذوي الالباب، لا
يخاف في الله لومة لائم » (55) ، و الضعف فيها غير ضائر، لما مر غير مرة. ، و صحيحة سليمان المتقدمة في المسالة الثانية (57) ، و عدم حصول
الامن بدونها في بذل الجهد و عدم الكذب، و اشتراطها في الشهادة التي هي من
فروع القضاء، سيما مع وجود العلة الموجبة لاشتراطها فيه بطريق اولى. و منها: العلم الفعلي بجميع احكام الواقعة ، و الوجه فيه ظاهر. و منها: الذكورة ، بالاجماع كما في المسالك و نهج الحق و معتمد الشيعة (58) و غيرها (59) .
و استشكل بعضهم في اشتراطه، و هو ضعيف، لاختصاص الصحيحتين بالرجل، فيخصص بهما
غيرهما مما يعم. و تدل عليه مرسلة الفقيه: «يا معاشر الناس، لا تطيعوا النساء على حال، و لا تامنوهن
على مال » (60) . و روايات ابناء نباتة (61) و ابي المقدام (62) و كثير (63) : «لا تملك المراة من الامر
ما يجاوز نفسها» . و رواية الحسين بن المختار: «اتقوا شرار النساء، و كونوا من خيارهن على حذر، و
ان امرنكم فخالفوهن، كيلا يطمعن منكم في المنكر» (64) ، و تقربها مرسلتا المطلب بن
زياد (65) و عمرو بن عثمان (66) . و رواية حماد بن عمرو الطويلة، و فيها: «يا علي، ليس على النساء جمعة و لا جماعة » الى
ان قال: «و لا تولى القضاء» (67) . و رواية جابر عن الباقر عليه السلام: «و لا تولى المراة القضاء و لا تولى
الامارة » (68) . و في خبر آخر: «لا يصلح قوم ولتهم امراة » (69) . و منها: العلم بالكتابة قراءة و كتبة ، شرطه الشيخ و الحلي (70) ، و نسبه في المسالك و
الروضة (71) و غيرهما (72) الى الاكثر، و جعله في السرائر من مقتضيات المذهب، و قيل:
انه مذهب عامة المتاخرين (73) . و ظاهر النافع و القواعد الخلاف فيه (74) ، بل نسبه في التنقيح الى قوم (75) . و نقل في شرح المفاتيح عن الفاضل و جماعة احتمال العدم. و صريح المحقق الاردبيلي و الكفاية التردد (76) . و نفى اشتراطه والدي العلامة في معتمد الشيعة، و هو المعتمد، للاصل، و الاطلاق. و دعوى اختصاص المرخصات في القضاء بحكم التبادر بعارفي الكتابة ممنوعة. و استدل المشترطون باعتبارات ضعيفة، عمدتها: توقف الضبط عليها غالبا، و فيه
المنع. نعم، لا يبعد ادعاء توقف العلم بالاحكام في نحو هذه الازمنة بالنسبة الى قراءة
الكتابة، فلو قيل باشتراطها فيه بالنسبة الى غير الماذون بخصوصه من
المجتهد-لو قلنا بجواز قضائه-لم يكن بعيدا. و منها: البصر ، قال باشتراطه الشيخ و الاسكافي و ابن سعيد و القاضي و المحقق و
الفاضل في القواعد و ولده (77) ، و نسبه في الروضة و الكفاية الى الاكثر و ان نفاه
الثاني (78) . و استشكل في التحرير (79) .و نفاه في معتمد الشيعة، و هو الاصح، لما مر. و منها: السمع و اللسان ، شرطهما جماعة (80) ، و الحق: العدم، لما سبق. و منها: الحرية ، ذهب الى الاشتراط الشيخ و القاضي و ابن سعيد و الكيدري و الفاضل و
الشهيد (81) ، و هو ظاهر ابن حمزة (82) ، و نسبه في المسالك و الروضة الى الاكثر (83) . و اختار المحقق العدم (84) ، و استقر به في الكفاية (85) ، و هو الاظهر اذا اذن له
المولى. و منها: طهارة المولد و النطق و غلبة الذكر ، شرطها جماعة، بل في الروضة و معتمد
الشيعة الاجماع على الاول، و نفى الخلاف في الثانيين (86) ، و الاصل ينفى ما لم
يثبت فيه اجماع.
المسالة السابعة:
اذا فقد الجامع للشرائط ، او تعسر الوصول اليه، او لم ينفذ قضاؤه مطلقا، او على
خصوص المدعى عليه، او لم يمكن اثبات الحق عنده، فهل يجوز الترافع الى غيره؟ ظاهر الاكثر: العدم، و في الروضة الاجماع عليه (87) . و نقل الاردبيلي قولا منسوبا الى ابن فهد بجوازه في الصورة الاولى، و قال: انه
وجده في حاشية الدروس منقولا عن الشيخ حسين بن حسام. و وجدت انا ايضا في حاشية نسخة منه منسوبة الى مسائل ابن طي نسبة هذا القول الى
ابن فهد، و الى الشهيد في الحواشي، و اختاره نفسه. و استقربه بعض المعاصرين (88) ، و جوزه الشهيد الثاني في المسالك (89) ، و والدي في
معتمد الشيعة لو توقف حصول الحق عليه، و ظاهرهما الشمول للصور الاربع. استدلوا على الجواز بلزوم تعطيل الاحكام لولاه، و بنفي العسر و الحرج. و في صورة توقف وصول الحق مطلقا بمفهوم صحيحة ابي بصير: «ايما رجل كان بينه و بين اخ له مماراة في حق، فدعاه الى رجل من اخوانه ليحكم
بينه و بينه، فابى الا ان يرافعه الى هؤلاء، كان بمنزلة الذين قال الله عز و جل: «الم
تر الى الذين يزعمون انهم آمنوا...» (90) » (91) . و اطلاق نفي الضرر، سيما مع اطلاق رواية البرقي المتقدمة (92) . و استشكل فيه: بانه اعانة على الاثم، و هي محرمة. و رد بمعارضة ادلة حرمة الاعانة مع ادلة نفي الضرر، فتتساقطان، فيرجع الى الاصل.
و قد يستدل للمنع ايضا بمنطوق الصحيحة المذكورة، و بالروايات الناهية عن
الترافع الى القضاة او قضاة الجور و الظلم، كصحيحة ابن سنان: «ايما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة الى قاض او سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم الله فقد
شركه في الاثم » (93) . اقول: لا يخفى ما في كتب الاصحاب في اصل المسالة و استدلالهم و جوابهم من
الاجمال و المسامحة و القصور. و بيان ذلك: ان الكلام اما في تكليف المترافعين و ما يجوز لهم او لا يجوز. او تكليف من يترافعان او احدهما اليه من غير الاهل حينئذ. او تكليف سائر الناس-من الحكام الذين ياتون بعدهم، او اهل الاقتدار على اجراء
الحكم و رده-في رد حكم غير الاهل و اجرائه حينئذ. او في حال الحق الذي حكم غير الاهل حينئذ لاحدهما اثباتا او نفيا. ثم على التقادير الاربعة، اما يكون مفروض المسالة ما اذا لم يمكن الترافع
الى الاهل، لفقده، او عسر الوصول اليه. او ما اذا لم يمكن التوصل الى الحق بالترافع اليه، اما لعدم نفوذ حكمه، او
لعدم امكان اثبات الحق عنده. و على التقادير، اما يكون نزاع المترافعين للجهل بحكم المسالة، كما اذا
اجتمع جد و اخ في الميراث، و طلب كل منهما الكل زعما منه انه كذلك. او يكون لاختلاف العلماء في المسالة، كما اذا تنازع الولد الاكبر مع غيره في
الحبوة مجانا او غير مجان، او الزوجة مع الولد في الارث من الاراضي و عدمه، او
الاب مع البنت البالغة في ولاية العقد و نحوها. او يكون لاجل عدم علم المدعى عليه بالحق المدعى، كما اذا ادعى احد حقا على مورث
الآخر و اجاب هو بعدم العلم، او عليه بعينه و قال: لا ادري، او شيئا في يده بانه مسروق مني، و نحو ذلك، او يكون لانكار المدعى عليه الحق.
و على جميع تلك التقادير: اما يكون عدم اهلية غير الاهل الذي يترافعان اليه
حينئذ لكونه جاهلا، اي لعدم اجتهاده و لا تقليده في المسالة. او يكون لعدم كونه مجتهدا مع علمه بحكم المسالة تقليدا لمجتهد حي يتعسر الوصول
اليه، او لكونه فاسقا، او لفقد شرط آخر من شرائط القضاء كالبلوغ او الذكورة او
البصر-على القول باشتراطه-و نحو ذلك. و على التقادير: اما يكون ذلك الذي لا يتاهل للقضاء جالسا مجلس الحكم تغلبا و
جورا. او لا، بل يكون هناك شخص لا يتولى القضاء فيريدون ان يترافعوا اليه. و هذه صور كثيرة تتجاوز عن المائة بل المائتين، و الادلة التي ذكروها
للجواز على فرض تماميتها لا تجري الا في اقل قليل من تلك الصور، فلا تفيد لحكم
الكلية. و التحقيق: ان ما يجوز الاستناد اليه في ذلك المقام ليس الا دليل نفي الضرر، و
جواز التوصل الى الحق بكل ما امكن لانتفاء الضرر ايضا..و هو لا يجري في تلك
الصور، الا في جواز ترافع من يعلم يقينا حقه ثابتا، و لا يمكنه التوصل الا بذلك،
فيجوز له الترافع الى غير الاهل لنفي الضرر الخالي عن المعارض بالمرة. اذ ليس سوى مثل صحيحة ابن سنان المتقدمة (94) .و هي مخصوصة بما اذا حكم بغير حكم الله،
و المفروض ان المدعي يعلم ثبوت حقه. و مثل المقبولة الناهية عن التحاكم الى السلطان و القضاة، و ان ما يحكم به له
سحت و لو كان حقا، فان فيها: عن رجلين من اصحابنا بينهما منازعة في دين او
ميراث، فتحاكما الى السلطان، او الى القضاة، ايحل ذلك؟ قال: «من تحاكم
اليهم في حق او باطل فانما تحاكم الى الطاغوت، و ما يحكم له فانما ياخذ
سحتا و ان كان حقا ثابتا له، لانه اخذه بحكم الطاغوت، و قد امر الله ان يكفر به،
قال الله تعالى: «يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت و قد امروا ان يكفروا به » » قلت:
فكيف يصنعان؟ قال: «ينظران من كان منكم » الحديث (95) . و هي-مع اختصاصها بمثل السلطان و المتولين لمنصب القضاء بغير حق-ظاهرة في
صورة امكان الرجوع الى الاهل و التوصل به الى الحق، فتبقى صورة العدم و
الرجوع الى غير السلطان و القضاة تحت اطلاق نفي الضرر بلا معارض، بل و كذلك
الرجوع الى السلطان و القضاة، كما ياتي. و مثل الصحيحة و المقبولة الآمرة بالرجوع الى الاهل.و اختصاصها ايضا بصورة
الامكان واضح. فلا يكون لادلة نفي الضرر معارض، الا في صورة عدم علم المترافع اليه بالحق للمدعي،
و حكم بالظنون التي لم يثبت اعتبارها في حقه، كالبينة الغير المفيدة للعلم او
الاحلاف، او رد الحلف، او الاستصحاب، او نحوها، فانه تعارضها حينئذ ادلة حرمة
المعاونة على الاثم، و لكنهما يتساقطان، فيبقى اصل الجواز خاليا عن المعارض،
و لكن الثابت منه ليس الا الجواز للمدعي العالم بالحق. و اما المترافع اليه، فلا يجوز له قبول المحاكمة اصلا، الا اذا علم هو ايضا
ثبوت الحق له علما واقعيا، لا بمثل البينة و الاحلاف، لانه ما لم يعلم واقعا
ثبوت الحق له لا يعلم ضررا عليه، و لا منكرا من المدعى عليه، حتى تجري في حقه ادلة
نفي الضرر، او وجوب النهي عن المنكر، فلا يجوز له الحكم بالظنون التي تجوز للاهل
كالبينة و الاستصحاب و اليمين و نحوها. نعم، لو علم ذلك يجوز له من باب النهي عن المنكر ايضا، كجواز ترافع المدعي. و يحل للمدعي العالم بالحق اخذ ما اخذ بحكمه، و لكن لا يثبت حينئذ قضاء شرعيا يجب
على سائر الحكام بعده انفاذه، و لا على المقتدرين على الاجراء اجراءه، لانهم
ايضا لو علموا بالحق كعلمه لكان واجبا على انفسهم من باب النهي عن المنكر، و ان
لم يعلموا فمن اين يعلمون حقية حكمه، و جريان ادلة نفي الضرر و النهي عن المنكر في
حقه حتى يجب عليهم انفاذه؟ ! بل يكون مثل ما اذا كان مال من مورث عند شخص و سمع ذلك الشخص وحده اقرار المورث
بانه مال زيد، فانه يجوز له اعطاؤه اياه، و لكن لو ادعى الوارث عليه تسمع
دعواه، و لا يجب على الحكام قبول قوله. و ظهر من ذلك ان الجائز من تلك الصور
المتكثرة هذه الصورة فقط، فانها جائزة حتى بالرجوع الى السلاطين الجبابرة
و قضاة الجور. و المقبولة المتقدمة و ان كانت من جهة التعليل المذكور فيها عامة لصورة امكان
الاهل و عدمه، و لكن تعارضها ادلة نفي الضرر بالعموم من وجه، فيرجع الى اصل
الجواز. و يمكن اخراج صورة اخرى ايضا بادلة وجوب النهي عن المنكر، و هو: ما اذا كان
مجتهد حي واحد تعذر او تعسر الوصول اليه، او مجتهدان او اكثر كذلك، متفقان في
المسالة المتنازع فيها، و كانت المسالة مما يجب بناء الامر على التقليد فيها،
فيجوز للمقلد العادل العالم براي المجتهد الحي الحكم بمقتضى فتواه من باب
الامر بالمعروف و النهي عن المنكر. كما اذا تحقق عشرة ارضعة بين صبي و صبية، ثم تزوج الصبي بالصبية بعد البلوغ، ثم
تنازعا، و كان المجتهد او المجتهدون الاحياء المتعسر الوصول اليهم متفقين
في نشر الحرمة بالعشر و عدمه..و كذلك اذا وقع نكاح البالغة الباكرة باذن الولي (96)
و تنازع الزوجان، و امثال ذلك، فتامل.
فرع:
لو ترافعا الى غير الاهل حيث يحرم، فحكم، فهل يجوز قبول حكمه، ام يجب الرد
ان امكن؟ فيه تفصيل. و هو: انه اذا حكم، فان كان المحكوم به مما يباح برضى المحكوم عليه، فلا باس
له في العمل بمقتضى حكمه ان رضي، للاصل، الا ان العمل ليس حينئذ بالحكم. و ان لم يكن كذلك، بل كان منوطا بالشرع-كالحلف و النكاح و الطلاق و امثالها-فلا
يجوز. نعم، اذا حكم في مثله و علم المحكوم عليه مطابقته للواقع فيما هو من باب
الفتوى، فيجب عليه العمل بمقتضاه، لاجل ذلك. هذا بالنسبة الى المحكوم عليه. و اما المحكوم له، فان كان المحكوم به من الثاني لم تجز متابعته اصلا. و ان كان من الاول جاز عمله بمقتضاه ان رضي المحكوم عليه، و الا فلا، سواء كان
حقا ام لم يكن. اما الثاني فظاهر.و اما الاول فللمقبولة، و قد ادعى والدي العلامة -طاب ثراه-في
معتمد الشيعة الاجماع عليه. و لا تنافيه موثقة ابن فضال-و فيها: ثم كتب تحته: «هو ان يعلم الرجل انه ظالم
فيحكم له القاضي، فهو غير معذور في اخذ ذلك الذي حكم له اذا كان قد علم انه ظالم » (97) ،
حيث دلت بالمفهوم انه معذور اذا لم يعلم انه ظالم-لعموم القاضي فيها، فيجب
حمله على اهله. و لكن الحكم في المقبولة مختص بما اذا تحاكما الى الطاغوت، و لدلالته على
المبالغة يختص بغير الاهل الذي جعل الحكم منصبا له -كالسلاطين و القضاة و
امثالهم-فالتعدي الى من حكم نادرا و لم يجعل الحكم لنفسه منصبا غير معلوم، مع ان
مقتضى الاصل حليته لكونه حقا له. و التعدي لاشتراك العلة قياس باطل. و لا فرق في ذلك بين طواغيت المخالفين و الموافقين، للاطلاقات.
المسالة الثامنة:
اذا كان مجتهدان متساويان، فالرعية بالخيار فيهما في الترافع اليهما،
لبطلان الترجيح بلا مرجح. و لو تفاوتا في العلم، فهل يتعين الاعلم، ام لا؟ قال في المسالك و المفاتيح: فيه قولان، مبنيان على وجوب تقليد الاعلم و عدمه (98) . قال في التحرير: يكون الخيار للمدعي مع التعدد مطلقا. ثم قال: و لو تراضيا بالفقيهين و اختلف الفقيهان نفذ حكم الاعلم الازهد (99) . و ذهب جماعة الى الاول، بل هو الاشهر كما في المسالك (100) ، و بعضهم نفي الخلاف عنه
عندنا، و نقل المحقق الاردبيلي انه قد ادعي الاجماع عليه، و نقل منع الاجماع ايضا، و
قال: و يشعر بعدم الاجماع كلام الفاضل في نهاية الاصول. و في المسالك: اجماع الصحابة على جواز تقليد المفضول مع وجود الافضل، و
اختاره المحقق (101) ، و ظاهر الاردبيلي الميل اليه، كما ان ظاهر المسالك التردد (102) .
و الحق هو: الجواز و خيار الرعية مطلقا، للاصل، و الاطلاقات، و يؤيده افتاء
الصحابة مع اشتهارهم بالاختلاف في الافضلية، و عدم الانكار عليهم. احتج القائلون بوجوب تقديم الاعلم بان الظن بقوله اقوى، و الاقوى احرى
بالاتباع. لان اقوال المفتي كالادلة للمقلد، و يجب اتباع اقواها. و لانه ارجح، فاتباعه اولى، بل متعين. و لما بني عليه اصول مذهبنا من قبح تقديم المفضول على الافضل. و للاخبار، منها: المقبولة: قلت: فان كان كل واحد منهما اختار رجلا و كلاهما
اختلف في حديثنا؟ قال: «الحكم ما حكم به اعدلهما و افقههما و اصدقهما في الحديث و
اورعهما، و لا يلتفت الى ما يحكم به الآخر» (103) . و رواية ابن الحصين: في رجلين اتفقا على عدلين جعلاهما بينهما. في حكم وقع بينهما فيه خلاف، فرضيا بالعدلين، و اختلف العدلان بينهما، عن قول
ايهما يمضي الحكم؟ فقال: «ينظر الى افقههما و اعلمهما باحاديثنا و اورعهما
فلينفذ حكمه، و لا يلتفت الى الآخر» (104) . و رواية النميري: سئل عن رجل يكون بينه و بين اخ له منازعة في حق، فيتفقان على رجلين
يكونان بينهما، فحكما فاختلفا فيما حكما، قال: «و كيف يختلفان؟ » قلت: حكم كل واحد
منهما للذي اختاره الخصمان، فقال: «ينظر الى اعدلهما و افقههما في دين الله
فيمضي حكمه » (105) . و الجواب عن الاول، اما اولا: فبانه انما يتم على القول بان متابعة المقلد
لقول مجتهده لاجلف انه محصل للظن بالواقع، و هو ممنوع، لجواز ان يكون هذا حكما
آخر نائبا مناب الحكم الواقعي و ان لم يحصل الظن به، كالتقية و شهادة الشاهدين و
اليمين. و لو كان بناء القضاء على الظنون لزم عدم سماع دعوى كناس على مجتهد انه آجره
للكناسة، و دعوى شرير متغلب على مجتهد عادل في دراهم، و لزم ان يقضي بالشاهد
الواحد اذا كان مفيدا للظن، سيما اذا كان المدعي معروفا بالصلاح و السداد، و
المدعى عليه بخلافه. و حينئذ، فلا دليل على اعتبار الاقوى، بل لا معنى للاقوى و الاقرب و الارجح. و اما ثانيا: فلمنع اطلاق كون الظن بقوله اقوى، اذ مع موافقة قول غير الاعلم لقول
مجتهد آخر حي او ميت يزعمه الرعية اعلم-بل مع احتمالها-كيف يكون الظن من قول
الاعلم اقوى؟ ! و ايضا قد يتمكن غير الاعلم من الاسباب ما لا يتمكن منها الاعلم،
فيكون الظن الحاصل من قوله اقوى. و اما ثالثا: فلمنع وجوب تقديم الاقوى، غاية الامر: الرجحان. و من هذا يظهر جواب الثاني ايضا. و عن الثالث: بانه قياس للقضاء و الفتوى على الامامة، فان قبح تقديم المفضول في
اصول مذهبنا في الاخير، و القياس باطل. مع انه مع الفارق، كما صرح به المحقق الاردبيلي، قال: لان الامامة كالنبوة في
الاتباع المحض له و التفويض اليه بالكلية، و يحكم بالعلم البديهي و يحتاج الى
علم الهي في جميع الامور، و منشا الفتوى و الحكم النص المستفاد عن بعض القرائن، و قد
يفرض وصول مفضول الى الحق دون الفاضل، و لا محذور فيه، و لا يمكن ذلك في اصل
الامامة و النبوة، فان المدار هنا على العلم الحق، و لهذا جوز امامة المفضول
للفاضل في الصلاة، و جوز للامام نصب القاضي من غير اشتراط تعذر الوصول اليه. و عن الرابع: بان الاخبار مختصة بما اذا اختار كل من المترافعين مجتهدا،
او ترافعا الى مجتهدين فاختلفا، فلا يمنع من جواز اختيارهما غير الاعلم، او
من امضاء حكمه بعد ترافعهما اليه و حكمه، لو رجع احدهما، مع انها تدل على اشتراط
الاورعية او الاعدلية في تقديم الاعلم ايضا، فلا يثبت مطلقا. و القول: بان اصل العدالة الحاجزة عن المسامحة او الكذب حاصل لهما، فلا اعتبار
بزيادة العدالة. اجتهاد في مقابلة النص، و معارض بان اصل العلم الموجب لفهم الاحكام حاصل لهما،
فلا وجه لاعتبار الزيادة الا تقوية الظن لقوة فهمه، و هي ايضا متحققة في اعتبار
الاعدلية من جهة تقوية الظن في بذل غاية جهده، و استفراغ وسعه، و اخباره برايه، و
عدم الميل في الاحكام و لو مع البواعث القوية. مع ان الوارد في المقبولة الاختلاف في الحديث، و لا شك ان مدخلية الاعدلية و
الاصدقية في الترجيح حينئذ اكثر من الاعلمية. و ظهر مما ذكرنا: ان الحق اختصاص
ترجيح الاعلم بمورد النصوص، و هو ما اذا اختلف المترافعان اولا في الاختيار
كما في المقبولة، او اتفقا على رجلين فاختلفا كما في الروايتين-كما هو ظاهر
الفاضل في التحرير (106) - و ان اللازم ترجيحه حينئذ ايضا هو الاعلم و الاعدل معا،
فلو فضل احدهما في احدهما و تساويا في الآخر او رجح الآخر في الآخر فلا يجب
الترجيح. ثم المراد بالاعلمية و الاعدلية: الزيادة الظاهرة الكثيرة، و لا اعتبار
باليسير منها، لعدم اتفاق التساوي الحقيقي غالبا. و المراد بالاعلمية: الاعلمية في الاحاديث، و في دين الله-كما في
الروايتين-فلا اعتبار بالاعلمية في العلوم الاخر، كالطبيعي و الرياضي و
الطب، بل الكلام، و لو باعتبار بعض مسائلها المعينة في الاحكام، لعدم ايجاب
ذلك الاعلمية في الاحاديث و في دين الله. و الاعلمية في الاحاديث تكون تارة: باكثرية الاحاطة بها، و الاطلاع عليها. و اخرى: بالافهمية لها، و ادقية النظر، و اكثرية الغور فيها. و ثالثة: بزيادة المهارة في استخراج الفروع منها، و رد الجزئيات الى كلياتها.
و رابعة: بزيادة المعرفة بصحيحها و سقيمها و احوال رجالها، و فهم وجوه الخلل
فيها. و خامسة: باكثرية الاطلاع على ما يتوقف فهم الاخبار عليها من علم اللغة و قواعد
العربية و النحو و الصرف و البديع و البيان و نحوها. و سادسة: باستقامة السليقة، و وقادة الذهن، و حسن الفهم فيها، كما اشار اليه في
بعض الاخبار المتقدمة بقوله: «و حسن الاختيار» . و سابعة: باكثرية الاطلاع على اقوال الفقهاء التي هي كالقرائن في فهم الاخبار، و
مواقع الاجماعات، و اقوال العامة التي هي من المرجحات عند التعارض، و في فهم
القرآن الذي هو ايضا كذلك. و الاعلم الذي يمكن الحكم الصريح بوجوب تقديمه هو: الاعلم بجميع تلك المراتب،
او في بعضها مع التساوي في البواقي..و الا فيشكل الحكم بالتقديم. و من ذلك تظهر ندرة ما يحكم فيه بوجوب التقديم البتة، و الله سبحانه العالم.
المسالة التاسعة:
اذا كان هناك مجتهدان او اكثر يتخير فيهما الرعية ، فالحكم لمن اختاره
المدعي، و هو المتبع اجماعا، له، و لانه المطالب بالحق و لا حق لغيره اولا، فمن
طلب منه المدعي استنقاذ حقه يجب عليه الفحص، فيجب اتباعه، و لا وجوب لغيره، و
هذا مما لا اشكال فيه. و انما الاشكال اذا كان كل منهما مدعيا من وجه، كما اذا اختلف رجلان في
امراة باكرة رشيدة زوجت نفسها لاحدهما، و زوجها ابوها للآخر، و لم تكن تحت يد
احدهما. و كما اذا اختلف اكبر الذكور مع غيره فيما ليس في يد احدهما مما اختلف
الفقهاء في احبائه ام لا. و كما اذا ادعى مدعيان شيئا في يد ثالث معترف بانه من احدهما، و نحو ذلك. و
انما قيدنا في المثال الاول بقولنا: و لم تكن تحت يد احدهما، و في المثال الثاني:
بما ليس في يد احدهما، و كذلك الثالث، لانه مع كونه في يد احدهما يكون الآخر هو
المدعي، و يقدم من قدمه. ثم انا بينا المقدم من الحاكمين في مثل ذلك في مسالة الاختلاف في الحبوة
من كتاب الفرائض، و انه هو الاعلم و الاعدل مع اختلاف الحاكمين في الوصفين،
تبعا للحكم بتقديمه في الروايات المتقدمة. و انه يقدم من سبق اليه احد المدعيين فحكم (107) ، لانه حاكم حكم بحكم لمطالب ذي حق
فيجب اتباعه و امضاؤه، و يحرم الرد عليه و نقض حكمه، و الراد عليه كالراد على
الله، و المستخف بحكمه كالمستخف بحكم الامام، كما في المقبولة. و لو استبق كل منهما الى حاكم، فان سبق احدهما بالحكم فيقدم حكمه. و ان احضر كل من الحاكمين غريم من ترافع اليه، فان اجاب احد الخصمين دعوة
حاكم خصمه فالحكم حكمه. و ان ابى كل الا حكم حاكمه، فان سبق احد الحاكمين على الحكم بالغائب فهو
المتبع. و ان لم يسبق-اما لعدم كون رايهما الحكم على الغائب، او لاشتباه السابق
منهما و عدم امكان التعيين، او لاتفاق التقارن في الحكم-فيشكل الامر. و الظاهر في غير الاخير الرجوع الى القرعة، لانها لكل امر مجهول. و في الاخير عدم نفوذ شي ء من الحكمين، لعدم ثبوت نفوذ مثل ذلك.
المسالة العاشرة:
ثبوت الاجتهاد -بالعلم الحاصل من الاستفاضة العلمية، و القرائن المفيدة للعلم، و
المخالطة الموجبة له لمن له رتبة فهمه- واضح. و بالاستفاضة الظنية-بل بمطلق الظن-محل الخلاف.و الاقوى عدم الثبوت، وفاقا
للمعارج و الذريعة و المعالم و الوافية و معتمد الشيعة و تجريد الاصول لوالدي (108) ،
بل الاكثر كما قيل: للاصل، و الظواهر الناهية عن اتباع الظن. و خلافا للفاضل في التهذيب، فقال بكفاية غلبة الظن، و حكي عن مبادئه و نهايته
ايضا (109) ، و عن شرح المبادى ء لفخر المحققين و المنية للعميدي و الذكرى و الروضة و
الجعفرية و المقاصد العلية (110) ، و بعض من عاصرناه. لاطلاق آية السؤال (111) . و لعدم وسيلة للمقلد الى تحصيل العلم بالاجتهاد. و للزوم العسر و الحرج لولاه. و لاصالة عدم لزوم تحصيل العلم و عدم وجوب الرجوع الى المعلوم اجتهاده. و لعدم ثبوت اشتغال الذمة بالرجوع الى من ظن اجتهاده. و يضعف الاول: بمنع شمول اطلاق الآية لمن ظن اجتهاده، فان كون من ظن انه من اهل
الذكر من اهله غير ثابت. و الثاني: بان العامي و ان لم يتمكن بنفسه و اختباره (112) من تحصيل العلم، و لكنه
يتمكن من تحصيله من الاستفاضة و الاخبار المحفوفة بالقرائن المفيدة للقطع، كيف؟
! و انا نرى العوام و المقلدين مع كثرتهم و عدم حصرهم جازمين قاطعين باجتهاد
جمع من مجتهدي عصرنا من المشايخ بحيث لا يرتابون فيه اصلا، بل و كذا باجتهاد
جمع من المجتهدين الماضين، و ذلك اقوى تضعيف لذلك الدليل. و لو سلمنا عدم امكان تحصيله العلم، فهو ايضا غير ضائر بعد حجية الظن المخصوص له،
كشهادة العدلين. و منه يعلم ضعف الثالث ايضا.مع انه ان فرض تعسر تحصيل المجتهد المعلوم
اجتهاده فنقول: ان حصله يرجع اليه، و الا فعليه ما عليه لو لا المظنون اجتهاده
ايضا. و الرابع: بمعارضته مع اصول اخر اقوى مما ذكر و مزيله له. و منه يعلم ضعف الخامس ايضا، فان ذلك انما يفيد لو لم يعارضه اصل آخر و ثبت من
ادلة التقليد جواز الرجوع الى القدر المشترك. نعم، يستثنى من الظن المنهي عن اتباعه هنا شهادة العدلين، بل من غير ملاحظة
افادة الظن ايضا لو لم يظن خلافها، وفاقا للمحكي عن المعالم و المقاصد العلية و
معتمد الشيعة و التجريد (113) ، لاصالة قبول شهادة العدلين و حجيتها، كما بيناها
مفصلا في كتاب عوائد الايام (114) . و يدل عليها قول الصادق عليه السلام-في صحيحة حريز-لابنه اسماعيل: «فاذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم » (115) . و اطلاق مثل رواية السكوني: «ان شهادة الاخ لاخيه تجوز اذا كان مرضيا و معه
شاهد آخر» (116) . و صحيحة عمار: «اذا كان خيرا جازت شهادته لابيه، و الاب لابنه، و الاخ لاخيه » (117) ،
و غير ذلك.و كونه في مقام بيان حكم آخر لا يضر، كما بيناه في موضعه. و مرسلة يونس: «استخراج الحقوق باربعة وجوه: بشهادة رجلين عدلين » الحديث (118) . فان ولاية الاجتهاد ايضا حق ثابت من الله و من حججه للمجتهد. خلافا للمحكي عن الذريعة و المعارج و الجعفرية و الوافية (119) ، للاصل المندفع بما مر.
و هل يشترط كون العدلين مجتهدين، ام لا؟ الظاهر: نعم، بمعنى: كونهما مقتدرين على الترجيح في الجملة في المسائل الشرعية،
بناء على ما سياتي في بحث الشهادات، و ذكرناه في العوائد (120) ، من ان الشهادة
المقبولة انما هي المستندة الى الحس عرفا، و المحسوس فيما نحن فيه هو مشاهدة
ترجيحاته المطابقة للقواعد و ملاحظتها، و لا يتمكن غير المجتهد من فهم
المطابقة و الصحة، اذ كل من يدرك ذلك فهو مجتهد..و قياس الاجتهاد على النظم-حيث
ان لغير الشاعر درك موزونية الشعر-باطل. نعم، يكفي للشاهد كونه متجزيا، بل يكفي كونه مدركا لصحة الترجيح الموقوف على تمكنه
من الترجيح، و ان لم يتكرر ذلك منه بعد، بحيث تحصل له الملكة الحاصلة بتكرر
الترجيحات و القوة القدسية، فتامل. و ان شئت قلت باشتراط كونهما عالمين بمقدمات الاجتهاد، مشرفين على حصول
الاجتهاد بمعنى الملكة، و لكن فهم ذلك على العوام مشكل. تعليقات: 1) في ص: 8. 2) الكافي 7: 406-1، الفقيه 3: 4-7، التهذيب 6: 217-511، الوسائل 27: 17 ابواب صفات
القاضي ب 3 ح 3. 3) مصباح الشريعة: 352. 4) المتقدمة في ص 8 و 9. 5) الكافي 7: 412-4، الفقيه 3: 2-1 و فيهما قضائنا بدل قضايانا، التهذيب 6: 219-516،
الوسائل 27: 13 ابواب صفات القاضي ب 1 ح 5. 6) التهذيب 6: 303-846، الوسائل 27: 139 ابواب صفات القاضي ب 11 ح 6. 7) المسالك 2: 352. 8) روضة المتقين 14: 45. 9) راجع رجال النجاشي: 98-246، و رجال الكشي 2: 653. 10) الفهرست: 79. 11) نقله عن العلامة في الخلاصة: 227. 12) راجع رجال النجاشي: 188-501. 13) رجال الكشي 2: 641. 14) المختلف: 207. 15) الكافي 7: 412-5، التهذيب 6: 218-514، الوسائل 27: 136 ابواب صفات القاضي ب
11 ح 1. 16) كما في المسالك 2: 352. 17) رجال النجاشي: 159-421. 18) رجال الشيخ: 348. 19) نقله عنه العلامة في الخلاصة: 221. 20) يعود ضمير «عنه » الى المضعف و هو صاحب المسالك و قد وثقه في شرح الدراية، و ان
كان مقتضى السياق عوده الى النجاشي او الشيخ او ابن عقدة الا انه لم يرد عنهم
التوثيق و لم ينسبه اليهم احد.قال الشهيد الثاني في شرح الدراية: 44: «و عمر بن
حنظلة لم ينص الاصحاب بجرح و لا تعديل لكن امره عندي سهل لاني قد حققت توثيقه من محل آخر»
.قال صاحب الرياض 2: 388-بعد نقل كلام المسالك في تضعيف الرواية- «و عمر بن حنظلة
و هو ممن حكى عنه بانه وثقه..» اي الشهيد الثاني، و المظنون ان المصنف اخذ العبارة من الرياض كما هو الملاحظ
كثيرا في الكتاب. 21) اكمال الدين: 484، كتاب الغيبة للشيخ: 177، الاحتجاج: 470، الوسائل 27: 140
ابواب صفات القاضي ب 11 ح 9. 22) معاني الاخبار 1: 374-1، الوسائل 27: 139 ابواب صفات القاضي ب 11ح 7. 23) فقه الرضا «ع » : 338. 24) كنز الفوائد: 195، مستدرك الوسائل 17: 316 ابواب صفات القاضي ب 11ح 17. 25) تحف العقول: 238، مستدرك الوسائل 17: 315 ابواب صفات القاضي ب 11ح 16. 26) غوالي اللآلى ء 4: 79-74. 27) عوائد الايام: 187. 28) الوسائل 27: 77 ابواب صفات القاضي ب 8. 29) الكفاية: 262. 30) المسالك 2: 351. 31) كشف اللثام 2: 142. 32) التنقيح 4: 234. 33) الرياض 2: 386. 34) في «ق » ، «س » : المتنازع. 35) جامع الشتات: 676. 36) الكافي 7: 407-3، التهذيب 6: 217-510، الوسائل 27: 16 ابواب صفات القاضي ب 3 ح
1. 37) مصباح الشريعة: 355، بتفاوت يسير. 38) مصباح الشريعة: 351. 39) اراد به المحقق القمي. 40) كتاب القضاء المطبوع في ضمن غنائم الايام و جامع الشتات. 41) تقدمت في ص: 24. 42) في «ق » ، «س » : اجبار. 43) يعني: او من غير قصد المقلد جريان الحكم على المدعي او المنكر. 44) الكافي 7: 412-4، الفقيه 3: 1-1، الوسائل 27: 13 ابواب صفات القاضي ب 1 ح 5. 45) التحرير 2: 180. 46) القواعد 2: 201، الدروس 2: 66، النافع 2: 279، الشرائع 4: 67. 47) المسالك 2: 351. 48) الكفاية: 262. 49) كفاية الاحكام: 261. 50) انظر الرياض 2: 386. 51) رجال الكشي 1: 7-4، الوسائل 27: 150 ابواب صفات القاضي ب 11 ح 42. 52) الخصال 1: 69-103. 53) في ص: 25. 54) تفسير الحسن العسكري عليه السلام: 299-143، الوسائل 27: 131 ابواب صفات
القاضي ب 10 ح 20. 55) التحرير 2: 180. 56) هود: 113. 57) في ص: 16. 58) المسالك 2: 351، نهج الحق: 562. 59) انظر المفاتيح 3: 246، و كشف اللثام 2: 322، و الرياض 2: 385. 60) الفقيه 3: 361-1713، الوسائل 20: 180 ابواب مقدمات النكاح ب 94 ح 7. 61) الكافي 5: 510-3، الوسائل 20: 169 ابواب مقدمات النكاح ب 87 ح 2. 62) الكافي 5: 510-3، نهج البلاغة (محمد عبده) 3: 63، الوسائل 20: 168ابواب مقدمات
النكاح ب 87 ح 1. 63) الكافي 5: 510-3، الوسائل 20: 168 ابواب مقدمات النكاح ب 87 ح 1. 64) الكافي 5: 517-5، الوسائل 20: 179 ابواب مقدمات النكاح ب 94 ح 2، و فيها: و ان
امرنكم بالمعروف... 65) الكافي 5: 517-7، نهج البلاغة 1: 125، الوسائل 20: 179 ابواب مقدمات النكاح ب 94
ح 3. 66) الكافي 5: 518-12، الوسائل 20: 179 ابواب مقدمات النكاح ب 94 ح 5. 67) الفقيه 4: 263-823، الوسائل 27: 16 ابواب صفات القاضي ب 2 ح 1. 68) الخصال 2: 585-12، الوسائل 20: 220 ابواب مقدمات النكاح ب 123 ح 1. 69) مسند احمد 5: 43، سنن البيهقي 10: 118. 70) الشيخ في المبسوط 8: 120، و الحلي في السرائر 2: 166. 71) المسالك 2: 351، الروضة 3: 68. 72) كالرياض 2: 386. 73) كما في الرياض 2: 386. 74) المختصر النافع: 279، القواعد 2: 201. 75) التنقيح 4: 236. 76) الكفاية: 262. 77) الشيخ في المبسوط 8: 101، و ابن سعيد في الجامع للشرايع: 522، و القاضي في
المهذب 2: 598، و المحقق في الشرايع 4: 68، و الفاضل في القواعد 2: 201، و ولده في
الايضاح 4: 298. 78) الروضة 3: 67، الكفاية: 262. 79) التحرير 2: 179. 80) كالعلامة و ولده كما في الايضاح 4: 299. 81) الشيخ في المبسوط 8: 101، و القاضي في المهذب 2: 599، و الفاضل في القواعد 2:
201، و الشهيد في الدروس 2: 65. 82) الوسيلة: 209. 83) المسالك 2: 351، الروضة 3: 67. 84) الشرائع 4: 68. 85) الكفاية: 262. 86) الروضة 3: 62. 87) الروضة 3: 68. 88) المحقق القمي في رسالة القضاء (غنائم الايام: 674) . 89) المسالك 2: 352. 90) النساء: 60. 91) الكافي 7: 411-2، الفقيه 3: 3-5، التهذيب 6: 220-519، الوسائل 27: 11 ابواب
صفات القاضي ب 1 ح 2. 92) في ص: 8. 93) الكافي 7: 411-1، الفقيه 3: 3-4، التهذيب 6: 218-515، الوسائل 27: 11 ابواب
صفات القاضي ب 1 ح 1. 94) في ص: 40. 95) الكافي 1: 67-10، و ج 7: 412-5، التهذيب 6: 218-514 و 301-845، الوسائل 27: 136
ابواب صفات القاضي ب 11 ح 1. 96) يعني باذن الولي من دون اذنها و رضاها. 97) التهذيب 6: 219-518، الوسائل 27: 15 ابواب صفات القاضي ب 1 ح 9. 98) المسالك 2: 353، المفاتيح 3: 247. 99) التحرير 2: 181. 100) المسالك 2: 353. 101) الشرائع 4: 69. 102) المسالك 2: 353. 103) الكافي 1: 67-10، الفقيه 3: 5-18، التهذيب 6: 301-845، الاحتجاج 2: 356،
الوسائل 27: 106 ابواب صفات القاضي ب 9 ح 1. 104) الفقيه 3: 5-17، التهذيب 6: 301-843، الوسائل 27: 113 ابواب صفات القاضي ب 9 ح
10. 105) التهذيب 6: 301-844، الوسائل 27: 123 ابواب صفات القاضي ب 9 ح 45. 106) التحرير 2: 181. 107) في «س » : ليحكم. 108) معارج الاصول: 201، الذريعة 2: 801، معالم الاصول: 239. 109) مبادى ء الوصول: 247. 110) الذكرى: 3، الروضة 3: 67. 111) النحل: 43. 112) في «ح » : و اختياره. 113) معالم الاصول: 239. 114) عوائد الايام: 273. 115) الكافي 5: 299-1، الوسائل 19: 82 ابواب احكام الوديعة ب 6 ح 1. 116) التهذيب 6: 286-790، الوسائل 27: 368 ابواب الشهادات ب 26 ح 5. 117) الكافي 7: 393-4، الفقيه 3: 26-70، التهذيب 6: 248-631، الوسائل 27: 367 ابواب
الشهادات ب 26 ح 2. 118) الكافي 7: 416-3، التهذيب 6: 231-562، الوسائل 27: 241 ابواب كيفية الحكم ب 7
ح 4. 119) الذريعه 2: 801، معارج الاصول: 201. 120) عوائد الايام: 273.