مستند الشیعه فی احکام الشریعه جلد 17

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مستند الشیعه فی احکام الشریعه - جلد 17

احمد بن محمد مهدی النراقی؛ تحقیق: مؤسسة آل البیت (ع) لاحیاء التراث

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



البحث الثاني: في آداب القاضي و وظائفه


اعلم انهم ذكروا آدابا كثيرة و وظائف عديدة للقاضي، بعضها يتعلق بالنائب الخاص، و
بعضها مشترك بينه و بين العام، و لعدم ترتب فائدة على الاول نقتصر ها هنا على
الثاني.

ثم الآداب المشتركة على قسمين:

احدهما: ما هو ادب و وظيفة لمن اتخذ القضاء شغلا و منصبا، و صار علما بذلك مرجعا
للانام، و جلس مجلس الحكومة، و تشمر لتلك الرئاسة العامة، فتولى ذلك الشغل
الخطير، و تكفل لذلك المهم العظيم، و اتخذه الرعية حاكما و قاضيا، و عرف بذلك،
اما لاجل نصب الامام له بخصوصه، او للوجوب العيني او الكفائي له في زمان الغيبة.

و الثاني: ما هو ادب و وظيفة لمطلق الحكم، و لو لمن لم يعرفه الناس، و اتفق له ان
يحكم حكما واحدا.

فما كان من الاول يكون آداب المنصب و الرئاسة، و الثاني آداب الحكم و لو كان
واحدا.

و مثل الفريقين مثل ائمة الجماعات، فان منهم من اتخذ الامامة ديدنا، و فرغ
نفسه لها في جميع الاوقات او اكثرها، و منهم من ليس كذلك و ان ائتم به من
يعرفه بالعدالة مرة او مرات.

و يمكن ان يكون نظر كثير من الاصحاب-حيث قرروا عنوانين، احدهما لآداب القاضي، و
الثاني لوظائف الحكم-الى ذلك ايضا، و ان ادخل بعضهم بعضا من كل منهما في الآخر،
و نحن ايضا نذكرهما في عنوانين و ان دخل بعض من الثاني في الاول، لان الامر
فيه سهل.

فلنذكر ها هنا ما يتعلق بالاول، و نذكر الباقي في بحث وظائف الحكم، و نورد ما
يتعلق بالاول في طي مسائل:

المسالة الاولى:


ينبغي له ان يستحضر حكمه اهل العلم، و يشاورهم، و يناظرهم، لا لتقليدهم، بل لينبهوه
على الخطا ان وقع منه سهوا و غفلة، و يستوضح منهم ما عسى ان يشكل عليه.

و منه يظهر انه لا ينحصر من ينبغي احضاره بالمجتهدين، اذ يجوز لغير المجتهد
تنبيه المجتهد اذا نسي او غفل، فانه قد يعرف المفضول ما لا يعرفه الفاضل، و يتنبه
التلميذ لما لا يتنبه له الاستاذ..فما في المسالك -من ان المراد من اهل
العلم المجتهد-ليس بجيد.

و ان يجمع ما يتعلق بكل يوم و اسبوع و شهر و سنة من القضايا و وثائقها و حججها،
و يكتب عليها تاريخها و اسامي اهلها، فان اجتمع كل شهر كتب عليه شهر كذا، او سنة
فسنة كذا، او يوم فيوم كذا، ليكون اسهل عليه و على من بعده من الحكام في
استخراج المطلوب منها وقت الحاجة.

المسالة الثانية:


ينبغي له ان يتخذ كاتبا ، لمسيس الحاجة، و عمل النبي صلى الله عليه و آله و خلفائه.

و يشترط كونه: بالغا، عاقلا، مسلما، عدلا، بصيرا، ليؤمن من خيانته و انخداعه. و
يستحب كونه: فقيها، جيد الخط، عفيفا من الطمع، لئلا ينخدع عن غيره بمال و مثله.

و ينبغي ان يجلس بين يديه ليملي عليه و يشاهد ما يكتب.

المسالة الثالثة:


القضاء في المسجد مكروه مطلقا ، وفاقا للاكثر كما في معتمد الشيعة، لمرسلة ابن
اسباط: «جنبوا مساجدكم الشري، و البيع، و المجانين، و الصبيان، و الاحكام، و
الضالة، و الحدود، و رفع الصوت » (1) .

و مرسلة الفقيه: «جنبوا مساجدكم صبيانكم، و مجانينكم، و رفع اصواتكم، و شراءكم، و
بيعكم، و الضالة، و الحدود، و الاحكام » (2) .

و الاستدلال بالنبوي: «جنبوا مساجدكم صبيانكم، و مجانينكم، و خصوماتكم » (3) منظور
فيه.

و قيل باستحبابه كذلك (4) ، لان المسجد للذكر، و منه القضاء، و لكونه افضل
الاعمال اللائق باشرف البقاع.

و قيل بالاباحة كذلك (5) ، للاصل، و فعل علي عليه السلام، حتى ان دكة قضائه مشهورة.

و قيل بكراهة الدائم دون غيره، جمعا بين ادلة المنع و الجواز (6) .

و الجواب: اما عن اول دليلي الاستحباب: فيمنع كون المسجد لمطلق الذكر، بل في
رواية جعفر بن ابراهيم: «انما نصبت المساجد للقرآن » (7) .

سلمنا، و لكن كون القضاء ذكرا ممنوع.

و اما عن ثانيهما: فبانه اجتهاد في مقابلة النص.

و اما عن دليلي الاباحة: فباندفاع الاصل بما مر، و عدم ثبوت فعل علي عليه
السلام.و اشتهار الدكة لا يثبته، لمنع ثبوتها اولا، و كونها دكة قضاء علي عليه
السلام ثانيا، و كونها من المسجد في الصدر الاول ثالثا.

و اما عن دليل التفصيل: فبان المراد بادلة الجواز ان كان ادلة جواز القضاء
في المسجد فلا دليل، و ان كان ادلة جوازه مطلقا فالجمع بالتخصيص متعين كما هو
القاعدة، مع ان هذا الجمع لا شاهد له.

فان قيل: وجوب القضاء فوري، و هو مناف لكراهيته.

قلنا: الثابت الفورية العرفية دون الحقيقية، فيخرج عن المسجد و يقضي.

المسالة الرابعة:


قالوا: يكره له اتخاذ الحاجب .و المراد به: ما يمنع من وصول المتخاصمين اليه
مطلقا.

للنبوي: «من ولي شيئا من امور الناس فاحتجب دون حاجتهم وفاقتهم احتجب الله
تعالى دون حاجته وفاقته و فقره » (8) .

و لان قضاء حاجتهم مطلوب، فتركه مكروه، و اتخاذ الحاجب سببه، و سبب المكروه
مكروه.

و ربما نقل قول بتحريمه عن بعض الفقهاء، و قربه فخر المحققين ان كان على الدوام، و
استحسنه الشهيد الثاني (9) .و الاقرب: الكراهة.

و لا بد من تقييده بما اذا لم يجب عليه القضاء مطلقا او فورا، و الا يحرم، لان
سبب الحرام حرام.

و بما اذا كان في مكان غير مباح لمن لم ياذنه، و الا فلا يجوز له المنع.

فان قيل: فعلى هذا يتعارض دليل الاستئذان مع دليل الكراهة و الحرمة هنا.

قلنا: لا تعارض، لان مدلول الاول لزوم استئذان الداخل، و مدلول الثاني رجحان اذن
القاضي.

و بما اذا لم يكن له امر مساو او اهم، و الا فيجوز او يستحب.

و لكن ذكر القيدين الاخيرين غير لازم، لان الكلام في القاضي من حيث هو قاض، و
لذا خصصنا الممنوع بالمتخاصمين، فان كراهة منعهما اوجب جعله من آداب القاضي.

و اما منع سائر المؤمنين من المتزاورين و المترددين فغير مخصوص به، و ليس هنا
موقع تحقيقه، و لذا اقتصروا بذكر ما يدل على كراهة منع الوالي مع تكثر اخبار المنع
عن الاحتجاب.

المسالة الخامسة:


يكره القضاء مع الغضب، و الجوع، و العطش، و الهم، و الحزن، و مدافعة الاخبثين.
للحسن: «من ابتلي بالقضاء فلا يقضي و هو غضبان » (10) .

و مرفوعة البرقي: «لا تقضين و انت غضبان » (11) .

و رواية سلمة: «و لا تقعدن في مجلس القضاء حتى تطعم » (12) .

و في النبوي: «لا يقضي الا و هو شبعان ريان » (13) .

و في آخر «لا يقضي و هو غضبان مهموم و لا مصاب محزون » (14) .

و قد يستثنى الغضب لله تعالى، لقضية الزبير و الانصاري (15) .و فيه نظر.

و المروي في امالي الشيخ: ان رجلا سال امير المؤمنين عليه السلام عن سؤال
فبادر فدخل منزله، ثم خرج فقال: «اين السائل؟ » فقال الرجل: ها انا يا امير
المؤمنين، قال: «ما مسالتك؟ » قال: كيت و كيت، فاجابه عن سؤاله، فقيل: يا امير
المؤمنين كنا عهدناك اذا سئلت عن المسالة كنت فيها كالسكة المحماة جوابا، فما
بالك ابطات اليوم عن جواب هذا الرجل حتى دخلت الحجرة؟ فقال: «كنت حاقنا، و
لا راي لثلاثة: لا لحاقن، و لا حاقب، و لا حازق » (16) .

و قد صرحوا بكراهة سائر ما يشبه المذكورات من شاغلات النفس و مشوبات الخاطر، و لا
باس به و ان لم اعثر على نص عام.

و يمكن استنباط الجميع من التعليل المذكور في المروي عن الامالي.

المسالة السادسة:


يكره له تولي التجارة ، لقوله صلى الله عليه و آله: «ما عدل وال اتجر في رعيته » (17) .

و اما البيع و الشراء نادرا-بحيث لا تصدق التجارة-فلا يكره، و ينبغي تركه، لبعض
الاعتبارات العقلية.

و الانقباض المانع من اللحن بالحجة.

و اللين الباعث على الجراة، و تكلمهم بما لا يعني.

و ارتكاب الحكومة بنفسه، اي ان يحضر مع خصمه في منازعة بين يدي قاض، قيل: لما روي: ان
امير المؤمنين عليه السلام و كل عقيلا في خصومة، و لما روي ان: «للخصومات قحما و
اني لاكره ان احضرها» (18) .

و في دلالتهما نظر، و قد حضر امير المؤمنين عليه السلام المحاكمة في دعوى درع
طلحة (19) و غيرها.

نعم، يدل على كراهته بعض الاعتبارات.

المسالة السابعة:


يستحب ان يكون كاتبه-ان احتاج اليه-فقيها ، جيد الخط-لئلا يغلط في الكتابة، و لا
يشتبه خطه-بالغا، عاقلا، مسلما، عادلا، بصيرا بما هو موكول اليه..بل ربما يجب
بعض ذلك، لتؤمن خيانته و انخداعه بتزوير بعض الخصوم.

و ان يجلس كاتبه بين يديه ليملي عليه المطالب، فيكتبها و يشاهد ما يكتبه،
ليامن من الغلط.

و اذا افتقر القاضي الى مترجم فلا بد من مترجمين عدلين.

البحث الثالث: في بعض الاحكام المتعلقة بالقاضي


و فيه مسائل:

المسالة الاولى:


اختلفت كلماتهم في جواز اخذ الاجرة و الجعل على القضاء من المتخاصمين او
احدهما او غيرهما.

فقال في الكفاية: و لا اعرف خلافا بين الاصحاب في انه لا يجوز له اخذها من
المتخاصمين مع وجود الكفاية من بيت المال، و مع وجود الحاجة اليه ففي جواز
اخذه منهما او من احدهما قولان، اشهرهما:

المنع (20) .انتهى.

و نقل والدي في معتمد الشيعة الاجماع على الحرمة صريحا مع عدم الحاجة.

و قال في التحرير: اما اخذ الاجرة عليه فانه حرام بالاجماع، سواء تعين عليه
او لم يتعين، و سواء كان ذا كفاية او لا (21) .

و في المسالك: فمع وجود الكفاية من بيت المال لا يجوز له اخذها من
المتخاصمين مطلقا، و مع عدمها و وجود الحاجة اليها ففي جواز اخذه منهما او من
احدهما قولان، اشهرهما: المنع (22) .انتهى.

و ظاهره ايضا عدم الخلاف في المنع مع وجود الكفاية.

و قال بعض الاجلة: و لو اخذ الجعل من المتخاصمين، فان لم يتعين للحكم و حصلت
الضرورة قيل: جاز، و ان تعين للقضاء او كان مكتفيا لم يجز له اخذ الجعل قولا
واحدا (23) .انتهى.

و عن المبسوط انه قال: عندنا لا يجوز بحال (24) .و ظاهره الاجماع على المنع في
الصورتين، و نقل الاجماع عليه عن الخلاف ايضا (25) .

و قال في الشرائع: اما لو اخذ الجعل من المتحاكمين ففيه خلاف، و الوجه
التفصيل، فمع عدم التعيين و حصول الضرورة قيل: يجوز، و الاولى المنع، و لو اختل
احد الشرطين لم يجز (26) .انتهى.

و ظاهره وجود الخلاف مع عدم الضرورة ايضا.

و قال في المفاتيح: اما لو شرط على المتخاصمين او احدهما جعلا ليفصل الحكومة
بينهما-من غير اعتبار الحكم لاحدهما، بل من اتفق الحكم له منهما على الوجه
المعتبر-جاز عند بعضهم (27) .

و ظاهره الجواز في الحالين ايضا.

و قال في شرحه: و المشهور ان القاضي لو شرط على المتخاصمين او احدهما بذله جعلا
له-ليفصل المنازعة من غير اعتبار ان يحكم للباذل بخصوصه-جاز له اخذ ذلك، بل لو
شرط الجعل على من اتفق الحكم لاحدهما على الوجه الموافق للحق-بان قال: من غلب
منكما فلي عليه كذا- جاز ايضا عند الاكثر.انتهى.

و ظاهره ايضا الجواز، بل شهرته في الحالين.

و نقل عن الحلبي و الحلي و المحقق الثاني (28) و جماعة (29) : المنع.

و عن المفيد و النهاية و القاضي: الجواز مع الكراهة (30) .

و كيف كان، فالحق: عدم الجواز مطلقا مع الكفاية، لظاهر الاجماع، و لما مر في
بحث التجارة من عدم جواز اخذ الاجرة على الواجب.

و لصحيحة ابن سنان: عن قاض بين فريقين ياخذ من السلطان على القضاء الرزق، فقال:
«ذلك السحت » (31) ، فان الظاهر من الرزق على القضاء كونه بازائه، فيكون اجرا، و هو
غير ارتزاق القاضي كما ياتي..و بذلك يظهر ضعف تضعيف دلالتها، و احتمال حمل
السحت فيها على الكراهة بالاجماع على حلية الارتزاق.

و المروي في الخصال: «السحت انواع كثيرة » ، و عد منها اجور القضاة (32) .

مضافا في صورة التعيين الى عدم جواز توقيف احد الواجب عليه على الشرط، لانه
عمل لنفسه لا لاحد المتحاكمين..بل قد يضاف ذلك في صورة عدم التعيين ايضا، لما
ذكر.

و فيه: ان المسلم عدم جواز التوقيف في الواجب العيني، و لذا قيل بجواز اخذ
الاجرة فيما لا تشترط فيه القربة من الكفائيات، غاية الامر ان ايجاد ما تعلق
به الوجوب لا يكون من جهة امتثال امر الشارع، و لا يكون الفاعل ممتثلا، و لا يلزم
منه عقاب، اما على الفاعل فلعدم الوجوب عليه، و اما على الجميع فلسقوط الواجب
عنهم، لان الواجبات الكفائية الغير المشروطة بالقربة توصلية، و لازم الوجوب
التوصلي تقييده بعدم تحقق التوصل، فاذا حصل سقط.

و لكن الحق-كما سبق في كتاب التجارة-عدم جواز الاجرة على الواجب على الفاعل
مطلقا، عينيا او كفائيا، محتاجا الى نية القربة ام لا.

و اما مع الضرورة و عدم الكفاية، فمع التعيين لا يجوز ايضا اجماعا كما صرح
به والدي في معتمد الشيعة، لان اشتراط الجعل توقيف لامتثال امر الشارع الواجب
عليه على شرط و هو غير جائز.

و اما بدون التعيين، فقيل: يجوز، لانحصار الدليل على المنع حينئذ باطلاق الصحيحة و
الرواية، و هو معارض بادلة نفي الضرر، و هي راجحة بموافقة الكتاب و معاضدة
الاعتبار و اكثرية الاخبار، و لو لا الرجحان ايضا لكان المرجع الى اصالة
الجواز.

و لا يرد انتفاء الضرر بتحصيل الكفاية من المعدات لذوي الحاجات و المبرات،
لان المفروض انتفاؤها او تعسر اخذها عليه.

و منعها والدي رحمه الله بامكان دفع الضرر بترك القضاء و خروجه عن الاستحباب
حينئذ.

و الحاصل: ان تعارض ادلة نفي الضرر مع ادلة حرمة الاجر انما هو اذا لم يجز ترك
القضاء، و مع عدم التعيين يجوز، فلا تعارض، فيعمل بالدليلين بترك القضاء الذي لا
محذور فيه.

و هو كذلك، فالحرمة حينئذ هي الاقوى، لتعارض دليلي نفي الضرر و حرمة الاجرة مع دليل
القضاء، فلا يعلم الاذن في القضاء هنا، فلا يجوز.

و منه يظهر فساد ما قد يقال من حصول ذلك التعارض مع التعيين ايضا بين دليل
التعيين و ادلة نفي الضرر، فيرجع الى الاصل فيجوز.

لان الرجوع الى الاصل يوجب تحريم القضاء و وجوب التكسب لدفع الضرر، فان هذا
انما يتم لو لم يمكن دفع الضرر الا باخذ الاجرة، و المفروض امكان دفعه بالتكسب،
و الا لم يكن القضاء موجبا للضرر.

المسالة الثانية:


يجوز له الارتزاق من بيت المال ، و لو مع التعيين و عدم الحاجة، كما صرح بهما
والدي في معتمد الشيعة، و ادعى بعضهم الاجماع عليه.

لمرسلة حماد الطويلة، و فيها: «و يؤخذ الباقي، فيكون ذلك ارزاق اعوانه على دين
الله، و في مصلحة ما ينوبه من تقوية الاسلام و تقوية الدين في وجوه الجهاد، و غير
ذلك مما فيه مصلحة العامة » (33) الحديث.

و قيد في اللمعة الجواز بالحاجة (34) .و لا وجه له بعد عموم الرواية المنجبرة.

و معنى الارتزاق منه: هو اخذ الرزق منه لاجل كونه قاضيا، لا لقضائه و عليه و بازائه..
و اعطاء الوالي ايضا كذلك.

و الفرق بين المعنيين واضح، فان الاخ يعطي اخاه لكونه اخا له، لا لاجر الاخوة و
بازائه..و كذا من وقف على المؤذن مثلا او نذر له شيئا فهو يعطيه لاجل كونه مؤذنا،
لا بازاء اذانه..و لذا لو وقف احد ضياعا على شيعة بلده او صائميه يجوز لهم
الارتزاق من نمائه، مع انه لا يجوز اخذ شي ء بازاء التشيع و الصوم.

و من هذا يظهر انه لا تعارض بين المرسلة و بين الصحيحة و الرواية، لعدم كون
الماخوذ حينئذ اجرا او رزقا على القضاء، و ان كان رزقا لكونه قاضيا.

و هل يكره له ذلك مع اليسار؟ .

صرح والدي في معتمد الشيعة بالكراهة، ناسبا له الى الاكثر، لصحيحة ابن سنان
المتقدمة.

و في دلالتها نظر يظهر مما مر.

نعم، لا باس بالقول بالكراهة، لحكايتها عن الاكثر.

و لو لم يكن بيت المال، فهل يجوز له الارتزاق من سائر الوجوه التي مصرفها
الخير او سبيل الله؟

الظاهر: الجواز مع الضرورة و الحاجة، لتوقف التوصل الى ذلك الخير العام
بالارتزاق، و اما بدونها فيشكل، سيما مع التعيين، بل لا يجوز حينئذ البتة، كما لا
يجوز صرفها الى المصلين و الصائمين لاجل صلاتهم و صيامهم.

المسالة الثالثة:


يحرم على القاضي اخذ الرشوة -مثلثة الراء- اجماعا من المسلمين، للمستفيضة من
المعتبرة.

و في موثقة سماعة: «ان الرشا في الحكم هو الكفر بالله » (35) .

و في مضمرته: «فاما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم » (36) .

و كذا في روايته (37) ، و مرسلة الفقيه (38) ، و رواية عمار بن مروان (39) .

و في رواية يزيد بن فرقد: عن السحت، فقال: «الرشا في الحكم » (40) .

و في رواية السكوني: قال: «السحت ثمن الميتة » الى ان قال:

«و الرشوة في الحكم » (41) .

و كما يحرم عليه اخذها كذلك يحرم على باذلها دفعها، لانه اعانة على الاثم و
العدوان، و لقوله عليه السلام: «لعن الله الراشي و المرتشي في الحكم » (42) .

و لا كلام في شي ء من ذلك، و انما الكلام في امور ثلاثة:

احدها: ان الرشوة المحرمة ما هي؟

و ثانيها: انه هل خصص من تحريم الارشاء و الارتشاء صورة، ام لا؟

و ثالثها: في التفرقة بينها و بين الهدية للقاضي، و انها هل هي ايضا رشوة، او
كالرشوة محرمة، ام لا؟

اما الاول: فلا كلام في ان الرشوة للقاضي هي: المال الماخوذ من احد الخصمين
او منهما او من غيرهما للحكم على الآخر، و اهدائه و ارشاده في الجملة.

انما الكلام في ان الحكم او الارشاد الماخوذين في مهيته، هل هو مطلق شامل
للحق و الباطل، او يختص بالحكم بالباطل؟

مقتضى اطلاق الاكثر و تصريح والدي العلامة في معتمد الشيعة و المتفاهم في العرف
هو: الاول، و هو الظاهر من القاموس و الكنز و مجمع البحرين (43) .

و يدل عليه استعمالها فيما اعطي للحق في الصحيح: عن الرجل يرشو الرجل على ان
يتحول من منزله فيسكنه، قال: «لا باس » (44) .

فان الاصل في الاستعمال اذا لم يعلم الاستعمال في غيره الحقيقة، كما حقق في موضعه.

نعم، عن النهاية الاثيرية ما ربما يشعر بالتخصيص (45) ككلام بعض الفقهاء، و هو لمعارضة
ما ذكر غير صالح، مع ان الظاهر ان مراد بعض الفقهاء تخصيص الحرمة دون الحقيقة.

و اما الثاني: فمقتضى اطلاق الاخبار التعميم.

و قد يخص الجواز للمرتشي اذا كان يحكم بالحق و ان لم يرتش.

و هو ضعيف غايته.

و قد يخص الجواز للراشي اذا كان محقا و لا يمكن وصوله الى حقه بدونها، ذكره جمع
كثير (46) منهم الوالد الماجد.

و هو حسن، لمعارضة اطلاقات تحريمها مع ادلة نفي الضرر، فيرجع الى الاصل لو لم
يرجح الثاني، و لكن الجواز حينئذ مخصوص بالراشي دون المرتشي.

و قد يخص ايضا (47) بما اذا ارشى و ارتشى للحكم بالباطل، اما لاختصاص حقيقتها بذلك
كما مر، و ضعفه قد ظهر..او لتخصيص ذلك بالصحيحة المذكورة المجوزة للارشاء للتحول
من منزله، و يضعف بان الكلام في الرشا في الحكم دون التحول من المنزل.

و اما الثالث: فالفرق بين الرشوة و الهدية: ان الاولى-كما عرفت-:

هي المال المبذول للتوصل به الى الحكم ابتداء او ارشادا.و الثانية: هي العطية
المطلقة، او لغرض آخر نحو التودد او التقرب اليه او الى الله.

و الحاصل: ان كل مال مبذول لشخص للتوصل به الى فعل صادر منه و لو مجرد الكف عن
شره لسانا او يدا او نحوهما فهو رشوة.

و لا فرق في الفعل-الذي هو غاية البذل-ان يكون فعلا حاضرا، او متوقعا، كان يبذل
للقاضي لاجل انه لو حصل له خصم يحكم للباذل، و ان لم يكن له بالفعل خصم حاضر و لا
خصومة حاضرة.

و كل مبذول لا لغرض يفعله المبذول له، بل لمجرد التودد او التقرب الى الله او
اليه او لصفة محمودة او كمال فيه، فهو هدية، و ان كان الغرض من التودد و التقرب
اليه الاحتفاظ من شر شخص آخر او التوصل الى فعل شخص آخر يوجبه التقرب و التودد
اليه.

و قد يستعمل لفظ احدهما في معنى الآخر تجوزا.

فما كان من الاول، فان كان الفعل المقصود الحكم فهو حرام مطلقا كما مر، سواء
كان الحكم لخصومة حاضرة او فرضية، و لذا حكموا بحرمة الهدية الغير المعهودة قبل
القضاء، لانه قرينة على ان المقصود منه الحكم و لو فرضا.

و هو كذلك، لصدق الرشوة عرفا، فتشمله اطلاقاتها، و عليه يحمل اطلاق ما ورد في
طريق العامة و الخاصة كما في امالي الشيخ: «ان هدايا العمال » كما في بعضها، او:
«هدية الامراء» كما في بعض آخر «غلول » او «سحت » (48) .

و تدل عليه ايضا رواية ابي حميد الساعدي: قال: استعمل النبي صلى الله عليه و آله
رجلا-يقال له: اللثة-على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم و هذا اهدي لي، فقام النبي صلى
الله عليه و آله على المنبر فقال: «ما بال العامل نبعثه على اعمالنا يقول: هذا لكم
و هذا اهدي لي، فهلا جلس في قعب بيته او في بيت امه فينظر ايهدى له ام لا، و الذي
نفسي بيده لا ياخذ احد منها شيئا الا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته » الحديث (49) .

و ان كان غير الحكم، فان كان امرا محرما فهو ايضا كرشوة الحكم محرم، لكونه
اعانة على الاثم و اتباعا للهوى.

و ان لم يكن محرما فلا يحرم، للاصل، و اختصاص الاخبار المتقدمة برشوة الحكم.

و ما كان من الثاني لا يحرم.

و قيل بحرمته للقاضي ايضا ان كان للباذل خصومة حالية او مآلية، لايجابه ميل
قلبه، و انكسار قلب خصمه.

و فيه: ان ايجاب الميل القلبي لا يوجب التحريم، و حرمة كسر قلب الخصم انما
تتاتى في الخصومة الحاضرة او الواقعة يقينا و لو بعد حين، و مع ذلك يوجب كسر قلبه
اذا كان بحيث يطلع عليه، فلو فرض اهداء شي ء علم ان غرضه ليس فعلا اصلا و لم يطلع خصمه
عليه لا يكون حراما، و اما حصول ذلك العلم فهو امر لا يكاد يحصل غالبا.

و لو لم يعلم مقصوده و ان المبذول هل هو من الاول او الثاني، فمقتضى الاصل
الحلية، الا ان تدل على قصده القرينة، و منها: عدم الاعتياد قبل القضاء، و منها: حضور
خصومة له او عليه او حصولها له بعد ذلك علما او ظنا.

و لو لم يعتبر ذلك في التميز لزم عدم حرمة رشوة الا ما صرح به الراشي انه للحكم،
و هو خلاف الاجماع.

و لو تعارضت القرينتان-كان يكون ذلك ممن جرت عادته بذلك قبل حصول الخصومة،
كالقريب و الصديق الملاطف، فبذل بعد حضورها ايضا-فالاحوط عدم القبول، بل
الاحوط للقاضي سد باب الهدايا مطلقا، بل حكم جمع بكراهتها له، و لا باس به، لفتواهم.

فرع:


يجب على المرتشي ردها على الراشي -و ان بذلها برضى نفسه- مع بقاء عينها اجماعا، و
الوجه فيه ظاهر.

و يجب عليه رد عوضها مع تلفها ايضا-و ان لم يكن التلف بتفريطه- وجوبا فوريا،
على المصرح به في كلام الاصحاب، بل نفي الخلاف بيننا عنه (50) ، و عن ظاهر المسالك (51)
و غيره: اجماعنا عليه.

و هو ايضا فيما اذا كان بذلها من غير رضى الباذل و طيب نفسه ظاهر، و اما لو
بذلها بطيب نفسه-سيما اذا حكم له بالحق-فان ثبت الاجماع على ثبوت غرامتها
عليه و ضمانه اياها مطلقا، و الا فللتامل فيه-للاصل-مجال واسع.

المسالة الرابعة:


صرح جماعة-منهم: المحقق في الشرائع و الفاضل في القواعد و التحرير و الارشاد و
والدي العلامة رحمه الله في معتمد الشيعة-بعدم نفوذ قضاء القاضي على من لا تقبل
شهادته عليه، و لا لمن لا تقبل شهادته له (52) .

و استدلوا له بكونه شهادة و زيادة.

و فيه: منع ظاهر.و اطلاقات نفوذ حكم الحاكم يشمل الجميع، فلا مناص عن الحكم
بالعموم الا ان يثبت الاجماع على ما ذكروه، و لكنه غير ثابت، بل قال بعض الاجلة
في شرحه على القواعد: و خص بعضهم المنع بقاضي التحكيم (53) .

و جوزه المحقق الاردبيلي، لعموم الادلة.

نعم، لا ينفذ حكم الحاكم لنفسه على خصمه اجماعا، لاختصاص النصوص بما يتضمن الحكم
للمتنازعين، او ما يتبادر منه غير نفسه، بل لاطلاق الاوامر بالرجوع الى
الحاكم، و النظر في التنازع و الحوادث الى من علم او عرف، او رواة الحديث، من
غير تفصيل بين العالم و العارف و الراوي و غيرهم، و الرجوع و امثاله لا يكون الا
الى الغير.

و يدل عليه ايضا ما ورد في تنازع رسول الله صلى الله عليه و آله مع الاعرابي في
ثمن الناقة (54) و الفرس (55) ، و تنازع ولي الله مع عقيل (56) و عباس (57) .و يؤكده تصريح الاصحاب
بكراهة توليه للترافع مع خصمه عند حاكم آخر، و استحباب التوكيل له.

و منه يظهر عدم نفوذ حكمه فيما له الشركة فيه اذا كان هو او وكيله الخصم، لانه
حينئذ مامور بالرجوع الى الحاكم، و لا معنى لرجوع احد الى نفسه.

و اما لو كان الخصم شريكه-كان يدعي اخوه دارا في يد غيره بحق الارث-ينفذ حكمه في حق
اخيه، للاطلاقات..و لا يثبت منه حقه حينئذ، لعدم حكمه لنفسه و عدم نفوذه لو حكم، فلو
ترك المدعى عليه الكل نفذ حكمه في النصف و لم يتنازع في نصف الحاكم ايضا فلا بحث،
و ان نازع معه يتحاكمان الى ثالث، و ان حكم بخلاف ما حكم هو لاخيه، كما اذا
تحاكم كل من الشريكين مع خصمه الى حاكم غير ما تحاكم به الآخر فحكما كذلك، كل
بحكم غير حكم الآخر.

و كذا ان ادعى احد على اخيه حصته من دار مورثه ينفذ حكم الحاكم لاخيه فيه، و لا
تسقط به دعوى المدعي في حصة الحاكم، فلو ادعى يتحاكمان الى ثالث.

فان قيل: ثبوت حق الشريك يستلزم ثبوت حق الحاكم ايضا، فثبوت المحكوم به
لشريكه دون نفسه يستلزم تخلف الملزوم عن اللازم، و هو باطل البته، فيجب اما
عدم نفوذ الحكم اصلا، او ثبوت المحكوم به في حصة الحاكم ايضا، بان يثبت
للشريك-لعمومات نفوذ حكم الحاكم للغير-و لنفسه لاجل الاستلزام، و لكن ثبوته
فيما له شركة فيه خلاف الاجماع القطعي، فلا بد ان لا ينفذ في شي ء منهما.

قلنا: ليست هذه اللوازم لوازم عقلية لا يمكن تخلفها عن الملزوم، بل امور شرعية
قابلة للتخصيص، فالعمومات توجب نفوذ الحكم في حق الشريك، و الاجماع يمنع نفوذه في
حق الحاكم، لان بالاجماع تنفى الملازمة هنا، و لا يمكن نفي ثبوت الملزوم، لعدم
الاجماع فيه، و كون عمومات النفوذ خالية عن المعارض.

و هل ينفذ حكمه لمن له الولاية بالابوة او الجدودة او الوصاية عليه، ام لا؟

قال في التحرير: و لو تولى وصي اليتيم القضاء فهل يقضي له؟ فيه نظر ينشا من كونه
خصما في حقه كما في حق نفسه، و من ان كل قاض هو ولي الايتام (58) .انتهى.

و التحقيق: انه ان كان الخصم و المنازع هو الحاكم فلا ينفذ حكمه و لا بد من الرجوع
الى الغير، و ان كان غيره-كشريك لمن هو وليه-فينفذ حكمه في حصة الشريك و المولى
عليه له.

اما في حصة الشريك فبعمومات نفوذ حكمه.

و اما في حصة المولى عليه فبادلة الملازمة بين ثبوت ذلك المال و بين شركة
المولى عليه، فاذا حكم انه مال مورث الشريك فثبت حق المولى عليه بادلة
الارث.

بل و كذا غير المولى عليه و المدعي، فلو ثبت بعد دعوى المدعي كون الملك الفلاني مال
مورثه و حكم بحصته له ثبتت حصة سائر الكبار ايضا، فلهم المطالبة بذلك
الاثبات من غير حاجة الى اقامة الشاهد ثانيا.

نعم، لو اعترف ذلك بعدم حقية نفسه يعارض ذلك دليل الاستلزام و يرجع الى الاصل.

فان قيل: ما الفرق بين حصة الحاكم نفسه، فكانت لا تثبت بالاستلزام و تثبت حصة
من له الولاية عليه؟

قلنا: الفارق هو الاجماع المتقدم، فانه معلوم في حصة نفسه، و لولاه لقلنا
بثبوتها ايضا، و لا اجماع هنا حتى من جهة ما يثبت للحاكم ايضا من التسلط في
التصرف بحق الولاية، اذ لم يتحقق الاجماع الا في حصته المالية.

و كذا الحكم في سائر الايتام و المجانين و الغيب الذي له الولاية عليه
عموما، فلا ينفذ حكمه لهم لو كان هو الخصم و المنازع، و ينفذ حكمه لو كان المنازع
غيره، من قيم من جانبه على امورهم، او من جانب حاكم آخر.

و ليس القيم كالوكيل في المخاصمة و التنازع، حتى يكون هو بمنزلة الموكل، بل هو
بمنزلة الوكيل لمن هو قيم له، جعله الحاكم وكيلا له بحق ولايته لا وكيلا لنفسه، و لذا
يفترق مع الوكيل في انه لا يشرط في الوكيل الوثاقة و العدالة و يشترط في القيم، و
يجوز له اجراء العقود بقيد الاحتساب دون الوكالة. و لو كان القيم هو الحاكم، و
وكل احدا في المنازعة، فلا ينفذ حكمه.

و كذا لا ينفذ حكمه لو وكل احدا من جانب نفسه لولايته على ولده الصغير او ولد
موصيه في منازعة.

و لو وكله في جميع اموره عموما من غير سبق نزاع فاتفقت المنازعة، فهل ينفذ حكمه
لوكيله؟ فيه اشكال.

كما انه يشكل الحكم بجواز جعل احد قيما لاحد هذين الصغيرين لا وكيلا لنفسه حتى
ينفذ حكمه له.

و الاولى و الاحوط حينئذ الرجوع في المنازعة الى حاكم آخر.

و لو لم يكن هناك غيره فالاولى التوصل بالحيل الشرعية، فتنقل حصة المولى عليه الى
غيره مع خيار فسخ في مدة معلومة، فيحكم للمنتقل اليه ثم يفسخ.

فرع:


لو باشر الحاكم بنفسه عقدا لغيره بوكالته كبيع او نكاح، ثم حصل النزاع فيه بين
متنازعين، ينفذ حكم الحاكم فيه ، للاطلاقات..

و لا يضر كونه وكيلا، لانه كان وكيله في مجرد ايقاع عقد، و تمت الوكالة، و ليس مثل
ذلك الوكيل ممن يرد قوله.

و لو باع عن بالغ غير رشيد لاحد ولاية، و باع ابوه ايضا لآخر كذلك، او نكح غير رشيدة
بظن الولاية، و نكحت نفسها لآخر، فتنازع المتبايعان او الزوجان، ينفذ حكم ذلك
الحاكم لمن حكم لهما، سواء كان النزاع في الرشد و عدمه، او في اجراء العقد و عدمه، او
في صحة عقد الحاكم عن الرشيد و الرشيدة و عدمه، للاطلاقات.

المسالة الخامسة:


اذا حكم حاكم بحكم، لم يجب على حاكم آخر البحث عنه ، و جاز له امضاؤه اذا
اعتقده اهلا، بل يجب، للمقبولة.

لكن لو نظر فيه جاز، فان ظهرت اصابته او لم يظهر شي ء من الصواب و الخطا وجب
الامضاء.

و كذا ان ظهرت مخالفته لما هو صواب في نظر الثاني من الادلة الظنية المحتملة
للمخالفة.

و ان ظهر خطؤه في دليل قطعي غير متحمل لقبول المخالفة من المجتهدين، لم يجز
امضاؤه، بل وجب عليه و على غير ذلك الحاكم نقضه، سواء خفي الدليل على الحاكم
الاول او لا، و سواء انفذه الحاكم الاول او لا، و سواء انفذه الجاهل به ام لا،
للاجماع-كما صرح به بعض الاجلة في شرحه على القواعد ايضا (59) -و للقطع بانه خلاف حكم
الله، فامضاؤه ادخال في الدين ما ليس منه و حكم بغير ما انزل الله، فيدخل في
نصوص من حكم به، او لم يحكم بما انزل الله.

و كذا ان ظهر خطؤه في دليل ظني عنده لاجل تقصيره في القدر اللازم من الاجتهاد عند
الاول، بل ينقض مع التقصير و لو اتفق مطابقته لطريقة اجتهاده.

و الحاصل: ان الموجب للنقض احد الامرين: اما الخطا في الدليل القطعي، او
التقصير في الاجتهاد، اذ ليس الحكم في الصورتين حكم الله في حقه قطعا.

و لكن فهم التقصير في الاجتهاد اذا لم يخالف دليلا قطعيا مما لا يظهر لغير نفسه
غالبا و ان امكن احيانا، فالفائدة في الاغلب تظهر في جواز نقض نفسه حكمه او
وجوبه.

و الظاهر ان صورة التقصير مراد من اطلق جواز النقض مع المخالفة، كالشيخ و ابن
حمزة و ابني سعيد و الفاضل في التحرير و الارشاد (60) .

و اما بدون التقصير بحسب اجتهاده فلا ينقض حكمه، لا من نفسه و لا من غيره، و ان
ظهر له بعد الاجتهاد دليل ظني يكون حجة عنده حال الحكم من غير وجود ما يصلح لمعارضته،
لان الادلة الظنية ليست كاشفة عن الاحكام الواقعية، و انما هي امارات للاحكام
الظاهرية، فاذا لم يقصر في استفراغ وسعه و بذل جهده بقدر ما ادى اجتهاده الى
كفايته من السعي يكون الحكم حكم الله في حقه و حق من يحكم له و عليه، فلا وجه للنقض.

و ما ذكرنا هو الضابط في المقام، بل هو مراد من تعرض للمسالة من الاصحاب، و
ان اختلف عبارتهم في تادية المرام.

المسالة السادسة:


لا ينقض الحكم بتغير الاجتهاد ، لان الحكم كان ذلك في حقهم قبل التغير، الا اذا
كان التغير لاحد الامرين المتقدمين.

و لو تغير قبل تمام الحكم وجب بناؤه على الراي الثاني.

المسالة السابعة:


لو ادعى المحكوم عليه عدم اهلية الحاكم لعدم اجتهاده او لفسقه -و هذا انما
يتصور اذا كان المحكوم عليه غائبا حين الحكم، او ادعى ظهور عدم اهليته حال
الحكم بعده مع زعمه اولا اهلا- فالخصم في تلك الدعوى يكون هو المحكوم له، و قد يكون
الحاكم ايضا اذا كانت الدعوى مما يوجب ضمانا او تعزيرا عليه.

ثم هل تسمع تلك الدعوى على المحكوم له، ام لا؟

استوجه في الشرائع و المسالك عدم السماع، و عدم تسلطه على حلفه (61) .

و صرح في الدروس بعدم سماع الدعوى على المحكوم له بفسق الحاكم على سبيل الاطلاق (62) .

و تردد في التحرير في ذلك كذلك (63) .

و استشكل فيه في القواعد، و لكن في صورة عدم البينة (64) .

و كذا في الكفاية، الا انه حكم بعدم السماع مع عدم البينة (65) .

و ظاهر الاخيرين-بل الاولين ايضا-سماع الدعوى مع البينة.

و اظهر منهما عبارة الشهيد في غاية المراد، قال: اذا ادعى المنكر جرح الشهود او
الحاكم كلف البينة، فان فقدها و ادعى علم المدعي بذلك، ففي توجه اليمين على
المدعي وجهان.و صرح بعض فضلائنا المعاصرين بان النزاع في السماع و عدمه انما هو
في صورة فقد البينة، و اما معها فلا نزاع في السماع.

قال: فدعوى فسق الحاكم مما لا ينبغي النزاع في مسموعيتها، انما النزاع في صورة
تكون دعوى المنكر علم المدعي بالفسق حتى ينحصر دفع النزاع بالحلف على عدم العلم،
فاذا ادعى المحكوم عليه بعد الحكم فسق الحاكم فيسمع و يطالب منه البينة، فان
اقامها فيبطل الحكم و ان بقي اصل الدعوى، و ان فقدت البينة فالقاعدة توجه
اليمين على المنكر.

و لكن لما كان الفسق فعل الحاكم و لا يصح الحلف على نفي فعل الغير-بل انما يصح حلف
نفي العلم، و هو موقوف على دعوى العلم، بان ادعى المنكر علم المدعي بالفسق-فهذا هو
الذي استشكلوا فيه و صار معركة للنزاع (66) .انتهى.

و لكن صريح المحقق الاردبيلي تحقق النزاع في صورة وجود البينة ايضا، قال ما ملخصه:
و لو ادعى المنكر بعد اقامة البينة فسق الشهود او القاضي فيمكن ان يسمع و يطالب
بالبينة، فان اثبته بالبينة فلا يثبت الحكم، و يمكن ان لا يسمع.

و ان لم تكن بينة و ادعى علم المدعي، فان اقر المدعي به توقف الحكم ان كان قبله و
ان كان بعده ابطله، و ان انكر المدعي فهل له تحليفه على عدم العلم بذلك، ام لا؟
استشكله المصنف و غيره انتهى.

و كيف كان، فالحق سماع الدعوى في صورة وجود البينة و عدمها ان كانت الدعوى على
المحكوم له، لعمومات سماع الدعوى و القضاء و عدم المخصص.

و هل المدعي المكلف على الاثبات: المحكوم له، او المحكوم عليه؟

قال بعض الفضلاء المعاصرين: ان كان القاضي معروفا بالعدالة فعلى القادح اثبات
الجرح، و ان كان خامل الذكر فعلى المعدل اثباته (67) .

اقول: دعوى المحكوم عليه اما تكون عدم علمه باهلية الحاكم فلا ينفذ حكمه عليه، او
علمه بعدم اهليته و فسقه.

فان كان الاول، فلا ينبغي الريب في كون الاثبات على المحكوم له، و لو
بالمعروفية و الاستفاضة.

و ان لم يكن له دليل مثبت فله تحليف المحكوم عليه لو ادعى علمه بالاهلية.

و لو لم يدع علمه لم يسلط على تحليفه، و يعمل فيه بالاصل، و هو عدم نفوذ حكمه عليه.

و ان كان الثاني، فمع عدم المعروفية لا ريب ايضا في كون الاثبات على
المحكوم له، فان اثبت، و الا فله تحليف المحكوم عليه، فان حلف بطل الحكم، و ان
نكل ثبت، و ان رد الحلف انعكس.

و اما مع المعروفية فالاثبات على المحكوم عليه، فان اثبته بالبينة فهو، و
الا فان ادعى علم المحكوم له فله تحليفه و ايقاف الحكم او ابطاله، و ان لم يدعه
فتسقط دعواه.

احتج المحقق الاردبيلي على عدم سماع البينة مطلقا بانه امين الامام، و فتح
هذا الباب موجب لعدم اجراء الاحكام و الطعن في الحكام، فلا يقبلون القضاء.

و فيه: ان كونه امينه في زمن الغيبة فرع اهليته، فان ثبت الفسق فليس امينا، و
الا يمكن سد باب تفسيق سائر الحكام بتعزير المدعي، حيث اهان العلماء، مع ان العدول
و الحاكم الآخر ايضا امناء الله، فان كان الحاكم الاول امينا لا يقدحون فيه..و
لا يضر القدح، بل ذلك موجب لسعي القضاة في الاجتناب عن العيوب او سترها، و هو
ايضا مصلحة تامة.

و احتجوا على عدم السماع بدون البينة بامرين، احدهما: لزوم الفساد.

و الثاني: انه ليس حقا لازما يثبت بالنكول و لا بيمين الرد.

و يضعف الاول بالمنع اولا، فانه اي فساد في دعوى ذلك؟ ! و قد يدعى على الحاكم
نفسه بدعاوي، و هي غالبا متضمنة لتفسيقه من الكذب او الخيانة.

و ثانيا بالمعارضة، فان عدم سماعها قد يستلزم ضياع حق خطير سهل الاثبات، او
اتلاف دم، او تحليل بضع محرم، او تحريم محلل، و يستلزم جريان حكم شخص مجهول
الحال او معلوم الفسق لاحد عليه بدون لزوم شرعي.

نعم، لهذا الكلام وجه في القضاة المنصوبة من الامام حال الحضور، و كانه ذكره
العامة و اخذه بعض اصحابنا و اجروه مطلقا، و الا فكيف يرضى احد بان يقول: انه اذا
ورد احد-مع مال خطير او جارية جميلة-قرية او بلدة و ادعى عليه شخص مجهول ان المال
ماله و الجارية جاريته، و حكم شخص في زي العلماء له بذلك، و انه يجب على ذلك الشخص
تسليم المال و الجارية و ان لم يعرف ذلك الشخص او عرف فسقه و دنو مرتبة علمه، و
لم يسمع منه عذر و لا ارجاء (68) ، سيما في مثل تلك الازمنة التي تصدى فيها كل متغلب
في كل قرية او بلدة للحكم؟ !

و يضعف الثاني: بالمنع، و لم ليس حقا لازما و لا غير ثابت بالنكول و رد اليمين
اذا ادعى على المحكوم له ان ما اخذه لم يكن بالاستحقاق لعدم اهلية الحاكم
واقعا او عنده؟ !

هذا اذا كان التداعي مع المحكوم له.

و لو ادعى ما يوجب ضمانا او تعزيرا على الحاكم فهو خصمه و عليه الاثبات،
لادعائه امرا مخالفا للاصل، و لانه الذي لو ترك ترك، و عدم ثبوت دخوله تحت
اطلاقات نفوذ حكمه بعد.

فان اثبت فهو، و الا فيحلف المحكوم عليه اما على عدم الاهلية ان انكرها، او
على عدم علمه بالاهلية ان اكتفى بعدم العلم، الذي هو ايضا موجب لعدم نفوذ حكمه
عليه بدون ثبوت الاهلية.

فان حلف بطل الحكم و ضمن الحاكم، و الا سقط حقه، و ان رد الحلف فيحلف خصمه و يسقط
عنه الضمان.

و لو ادعى المحكوم عليه خطا الحاكم بما لا يعذر فيه، او تقصيره، او جوره في
الحكم، او حكمه بشهادة الفاسقين عنده، و نحوه، فالخصم ايضا اما المحكوم له او
الحاكم كما مر، و يجب احضار المدعى عليه، وفاقا للشيخ و المحقق و المسالك، بل
نسبه فيه الى الاكثر (69) ، و كذا في شرح الارشاد للاردبيلي في دعوى الحكم بشهادة
الفاسقين، للعمومات المشار اليها.

الا ان الاثبات حينئذ على المحكوم عليه، و هو المدعي، لان مقتضى اطلاقات نفوذ
حكم الحاكم قبول حكمه مطلقا، الا اذا ثبت خلافه، فان لم يثبت فعلى المدعى عليه
اليمين.

ثم في جميع الدعاوي المذكورة ان كان هناك حاكم يقبله الخصمان يتحاكمان اليه، و
الا فيكون كسائر الدعاوي التي لا حاكم فيها، فلا تسلط لمن عليه الاثبات على
خصمه، بل يعمل بالاصل حتى يظهر الامر.

و قد يستشكل في سماع هذه الدعاوي ايضا بايجابه اهانة الحكام و تزهدهم في الحكم.

و ايجابه للعسر و الحرج.

و افضائه الى التسلسل.

و يجاب عن الاول: بمعارضته بايجاب عدم السماع لابطال حقوق الناس، مع انه
ان ثبت ما يدعيه فلا باس بالاهانة، بل ينبغي ان يستهان، و الا فلا اهانة، بل
ربما يوجب العزة.

و الثاني: بمعارضته ايضا بايجاب العسر و الحرج على الناس في تضييع حقوقهم لو
لم تسمع.

و الثالث: بمنع الافضاء.

و لو ادعى المحكوم عليه حكم الحاكم بالفاسقين (70) -مع عدم علمه بفسقهما و خطئه في
التعديل من غير تقصير منه-فلا يسمع، لان المناط في الحكم: العدالة عند الحاكم دون
غيره.

نعم، لو اراد تبيين فسقهما عند الحاكم نفسه بعد حكمه فظاهرهم سماعه و نقض حكمه لو
ثبت عنده.و يجي ء تحقيقه.

و لو ادعى على الحاكم-القاضي بعلمه بالواقعة او بعدالة الشهود او نحوهما-كذبه لم
يسمع منه، لان قوله حجة.

المسالة الثامنة:


لو تبين خطا القاضي في دم او قطع عضو او مال ، فان لم يجر الحكم بعد في
الاولين يمنع من اجرائه، او كانت العين باقية في الثالث و لو عند المحكوم له
فتسترد.

و ان كان بعد جريان الحكم و تلف العين، فان ثبت جور القاضي عمدا او تقصيره في
الاجتهاد ضمن، و الوجه واضح.

و ان كان مع ذلك خصومة المحكوم له عدوانا، فان كان هو مباشرا للقطع او القتل
او الاتلاف فهو الظامن، لتقديم المباشر على السبب، و ان لم يكن مباشرا-كما
اذا حكم القاضي بعد دعواه فقتل او قطع وكيل المحكوم له-فيحتمل جواز رجوع
المحكوم عليه الى كل من القاضي و الخصم.

و ان كانت خصومته جهلا بالمسالة فالظاهر ان الضمان على القاضي.

و ان كان الحكم من القاضي بعد بذل جهده فلا ضمان عليه اصلا، للاصل و عدم الدليل..بل
على بيت المال ان كان في دم او قطع، لرواية الاصبغ بن نباتة: «ما اخطات
القضاة في دم او قطع فعلى بيت مال المسلمين » (71) .

و ان كان في مال، فمع بقاء عينه يسترد، و ان كانت تالفة فالمصرح به في كلام
جماعة انه ايضا على بيت المال، فان ثبت اجماع مركب فيه، و الا فالحكم به مشكل،
لاختصاص النص بالدم و القطع.

و لا يبعد كونه على المحكوم له ان كانت خصومته عدوانا، و عدم ضمان احد ان كان
جهلا.

و كذا فيما على بيت المال اذا لم يكن هناك بيت مال، للاصل، و عدم دليل على
تضمين شخص.

نعم، في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج: قال: كان ابو عبد الله عليه السلام قاعدا
في حلقة ربيعة الراي، فجاء اعرابي سال ربيعة الراي، فاجابه، فلما سكت[قال له
الاعرابي: اهو في عنقك؟ فسكت] (72) ربيعة و لم يرد عليه شيئا، فاعاد المسالة عليه،
فاجابه بمثل ذلك، فقال الاعرابي: اهو في عنقك؟ فسكت عنه ربيعة، فقال ابو عبد
الله عليه السلام: «هو في عنقه » قال: «او لم يقل، و كل مفت ضامن » (73) .

و لكن الظاهر منها ان المراد بالضمان: كون اثمه و اجره في عنقه، و الا فمجرد
الافتاء لا يوجب الضمان، او المراد: الضمان مع التقصير و الخطا، اذ لا ضمان
بدونهما اجماعا، فتامل.

المسالة التاسعة:


لو ترافعا عند مجتهد و تم قضاؤه لا يجوز لهما الترافع عنده او عند غيره ثانيا في
هذه الواقعة بخصوصها ، و لو ترافعا لا يجوز للحاكم سماع الدعوى فيه الا اذا ادعي
خطا و نحوه، و هي دعوى اخرى.

و لو لم يتم القضاء يجوز الترافع عند الغير، و لا يجب عليهما الاتمام عند
الاول، فلو اقام مدع شهوده عند مجتهد لم يعرفهم و طلب التزكية يجوز للمدعي ترك
المرافعة عنده و الترافع عند حاكم آخر يعرفهم، للاصل، و عدم دليل على التعيين
بالشروع في المرافعة اصلا.

المسالة العاشرة:


اذا كان الحاكم عالما بالحق ، فان كان امام الاصل فيقضي بعلمه مطلقا
اجماعا، و ان كان غيره فكذلك على الحق المشهور كما صرح به جماعة، بل عن
الانتصار و الغنية و الخلاف و نهج الحق و ظاهر السرائر: الاجماع عليه (74) .

لادلة وجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر.

و القول باختصاصها بما اذا كانت الدعوى عدوانا و ظلما، فلا تجري فيما اذا
جهل المدعي او المنكر الحق.

غير صحيح، لان الاختصاص انما هو في النهي عن المنكر، و اما الامر بالمعروف
فجار في جميع الصور.

و لعموم ادلة الحكم مع وجود الوصف المعلق عليه، كقوله تعالى:

«و السارق و السارقة » (75) و «الزانية و الزاني » (76) .

و قوله تعالى: «فاجلدوهم ثمانين جلدة » (77) .

و ادلة اعانة الضعيف و اغاثة الملهوف و دفع الظلم عن المظلوم، فان كل ذلك يدل
على المطلوب.

و يدل عليه ايضا قوله سبحانه: «و من لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون »
«فاولئك هم الظالمون » «فاولئك هم الفاسقون » (78) ، فان العالم بالحق ان سكت فيكون
ممن لم يحكم بما انزل الله، و ان حكم بغير ما يعلم فكذلك بزيادة الحكم بغير ما
انزل الله.

و قوله تعالى: «ان الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها و اذا حكمتم بين
الناس ان تحكموا بالعدل » (79) .

و ظاهر ان كلا من السكوت و الحكم بغير ما يعلم حقا ترك للحكم بالعدل الذي هو
المامور به.

و قوله عز و جل: «يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط » (80) .

و قوله عز و جل: «يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين لله » (81) .

فان جميع ما ذكر يدل على وجوب الحكم بما يعلم انه حق، و انه معروف، و انه ما انزل
الله، على كل احد..الا ان نفوذه منه و وجوب اتباعه و امضائه يحتاج الى الدليل،
حيث انه خلاف الاصل، و الدليل في اهل الحكم موجود، فيجب عليه الحكم، و يجب على
الناس اتباعه.

و يدل عليه ايضا قوله في مرفوعة البرقي المتقدمة: «رجل قضى بالحق و هو يعلم فهو في
الجنة » (82) ، دلت على جواز الحكم للعالم، و دلت ادلة نفوذ حكم الحاكم على وجوب
اتباعه.

و يمكن ان يستدل له ايضا برواية ابي ضمرة: «احكام المسلمين على ثلاثة: شهادة
عادلة، او يمين قاطعة، او سنة ماضية من ائمة الهدى » (83) ، فان سنتهم كانت قضاءهم بما
يعلمون كما دلت عليه الاخبار.

و بصحيحة زرارة: في قوله تعالى: «يحكم به ذوا عدل منكم » (84) «فالعدل رسول الله صلى الله
عليه و آله و الامام من بعده يحكم به فهو ذو عدل، فاذا علمت ما حكم به رسول صلى
الله عليه و آله و الامام فحسبك و لا تسال عنه » (85) .

و تدل عليه ايضا رواية الحسين بن خالد: «الواجب على الامام اذا نظر الى
الرجل يزني او يشرب خمرا ان يقيم عليه الحد، و لا يحتاج الى بينة مع نظره، لانه
امين الله في خلقه » (86) الحديث.

و لا يضر احتمال ارادة امام الاصل، لعموم العلة، فان العالم ايضا امين
الله، كما في رواية اسماعيل بن جابر: «العلماء امناء» (87) .

و في رواية السكوني: «الفقهاء امناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا» (88) الحديث.

و المروي في تحف العقول، و فيه: «مجاري الامور و الاحكام على ايدي العلماء بالله
الامناء على حلاله و حرامه » (89) .

و يدل عليه ايضا ما ذكره السيد من اطباق الامامية على انكارهم على ابي بكر في
توقفه على الحكم لفاطمة، مع علمه بعصمتها و طهارتها و انها لا تدعي الا حقا (90) .

و قد يستدل ايضا بوجوه اخر غير تامة، كالاجماع المنقول.

و كون العلم اقوى من البينة.

و استلزام عدمه اما ايقاف الاحكام او فسق الحكام، لانهم ان حكموا بخلاف
معلومهم يلزم الفسق، و الا الايقاف.

فان في الاول: عدم الحجية.

و في الثاني: عدم معلومية العلة في البينة حتى يقاس عليها العلم.

و في الثالث: منع الفسق اذا لم يدل دليل على جواز حكمه بعلمه.

خلافا لما حكاه السيد و جماعة عن الاسكافي، فلم يجوز عمل غير الامام بعلمه
مطلقا (91) ، بل ربما ينسب اليه عدم تجويزه عمل الامام ايضا.

و نسب في شرح المفاتيح القول بعدم جواز عمل غير الامام الى السيد.و هو غريب،
فانه ادعى اطباق الامامية على الجواز، و غلط الاسكافي اشد التغليط و خطاه.

و للمحكي عن ابن حمزة، فخص الجواز بحقوق الناس (92) ، و حكي ذلك عن الحلي ايضا (93) ، و
كلامه في قضاء السرائر عام (94) .

و للمحكي عن الاسكافي في المختصر الاحمدي، فخصه بحقوق الله (95) .

و لا مستند لشي ء من هذه الاقوال، الا اعتبارات ضعيفة او وجوه مرجوحة، لا تصلح
لمعارضة ما مر.

كما انه يستدل للاول: بانه موضع التهمة و موجب لتزكية النفس.

و للثاني: بالنبوي في قضية الملاعنة: «لو كنت راجما بغير بينة لرجمتها» (96) .

و بمثل قوله في الروايات المستفيضة: «لا يرجم الزاني حتى يقر اربع مرات بالزنا
اذا لم يكن شهود» (97) .

و قوله: «لا يرجم الرجل و المراة حتى يشهد عليه اربعة شهود» (98) .

و للثالث: بمثل رواية البصري: خبرني عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق، فلا تكون له
بينة بماله، قال: «فيمين المدعى عليه » (99) ، حيث ترك الاستفصال فيها.

و مرسلة يونس: «استخراج الحقوق باربعة وجوه: بشهادة رجلين عدلين، فان لم يكونا
رجلين فرجل و امراتان، فان لم يكن امراتان فرجل و يمين المدعي، فان لم يكن
شاهد فاليمين على المدعى عليه » (100) الحديث.

و بالاخبار القائلة بان البينة على المدعي و اليمين على من انكر (101) .

و في الاول: منع الكلية.

و في الثاني: عدم ثبوت الرواية.

و في البواقي: انها معارضة لما مر، و ما مر راجح بموافقة الكتاب و عمل الاصحاب و
اصل الجواز..و به يجاب ايضا عن دليل اتقاء موضع التهمة فيما كان محلا للتهمة،
الا ان يوجب عسرا و حرجا او ضررا، فيمكن حينئذ نفي الوجوب.

هذا، مع امكان منع اختصاص البينة في عرفهم بالشاهد و عدم صدقه على علم الحاكم.

و امكان اختصاص الاستخراج بما يحتاج اليه، و المعلوم للحاكم لا يحتاج الى
استخراج.

مع ان مدلول اخبار البينة و اليمين ان كل بينة فهي على المدعي، لا ان كل مدع تجب
عليه البينة.

مع ان الظاهر منها انها في صورة الجهل بالواقعة، فالبينة شانها التبيين و لا
تبيين في المبين.

هذا، ثم ان المانع من القضاء بالعلم استثنى صورا:

منها: تزكية الشهود و جرحهم.

و منها: الاقرار في مجلس القضاء و ان لم يسمعه غيره.

و منها: اقرار الخصم مطلقا.

و منها: العلم بخطا الشهود و كذبهم يقينا.

و منها: تعزير من اساء ادبه في مجلسه و ان لم يعلم غيره.

و منها: ان يشهد معه آخر، فانه لا يقصر عن شاهد، و الله العالم.

المسالة الحادية عشرة:


لو جن الفقيه او اغمي عليه او فسق ثم عاد الى الحالة الاولى، تعود نيابته و
ولايته من غير نزاع على الظاهر، كما قاله المحقق الاردبيلي، لدخوله بعد العود تحت
العمومات و الاطلاقات.

و اما ما ترى في كتب الاصحاب-من الخلاف في ذلك، و فتوى الاكثر بعدم
العود-فانما هو في القاضي المنصوب من قبل الامام الثابت قضاؤه بالتخصيص دون
التعميم.

المسالة الثانية عشرة:


اذا كان تنازع المتخاصمين عند حاكم في امر لاختلاف المجتهدين فيه: كان
يتنازع الولد الاكبر مع غيره في اخذ الحبوة مجانا او بحساب ارثه، او فيما
يحبى به.

او ادعى احد الشركاء الثلاثة الشفعة و انكرها الآخران.

او تنازع المتبايعان في نجاسة المبيع و عدمها.

او تنازعت البكر و وليها في الاستقلال في العقد و عدمه.

او تنازعا في دية جناية اختلف العلماء في مقدارها..الى غير ذلك.

يجب على الحاكم المترافع اليه الحكم في الواقعة بمقتضى رايه و فتواه
اجماعا، لانه حكم الله عنده و في حق كل من يقلده او يترافع اليه.

و لا يفيد تقليد احدهما مجتهدا آخر يخالف رايه راي ذلك المجتهد، او كونه
مجتهدا مخالفا لذلك المجتهد، اذ لم يثبت-من ادلة وجوب عمل المجتهد
باجتهاده او المقلد باجتهاد مجتهده-الوجوب في ترتب الاثر، حتى في موضع
مزاحمة حق غيره، لو بنى ذلك الغير على اجتهاد مخالف لاجتهاده.

و الحاصل: ان الثابت ليس ازيد من ترتب آثار اجتهاده او تقليده فيما هو حق
نفسه مما ليس له مزاحم من حقوق الغير، و الا فلا دليل.

ثم المراد برايه و فتواه ليس ما هو فتواه في جميع اجزاء الواقعة المتنازع
فيها، فانه قد تكون فتواه فيها وجوب البناء على فتوى غيره في جزء منها فيجب
اتباعها، فان فتوى كل مجتهد صحة عمل مجتهد آخر او مقلده اذا بناه على راي ذلك
المجتهد الآخر و عمل به فيه، فيجب الحكم بمقتضاه لو كان كذلك.

فاذا كانت الواقعة بحيث لم يتحقق من احد المتنازعين فيها بناء على امر بتقليد
مجتهد، فيجب فيها الحكم في اصل الواقعة بمقتضى فتوى الحاكم و رايه فيها. و
ان تحقق فيها بناء على امر بتقليد غيره، فيجب الحكم بمقتضى ذلك البناء، لان
فتوى الحاكم ايضا على صحة ذلك الامر حينئذ و ترتب الاثر عليه.

فاذا تنازع شخصان في اخذ الحبوة مجانا او بازاء ارثه ابتداء قبل بنائهما
فيها على تقليد مجتهد، يجب على الحاكم المفتي بالاخذ مجانا الحكم به.

و لو كان المتنازعان مقلدين لمجتهد يعطيها بازاء الارث فعملا بها في الواقعة،
و اخذ الكبير بازاء ارثه بتقليد مجتهده و اعطاه سائر الورثة بازائه ايضا
بتقليده، ثم تنازعا فيها بعد ذلك عند الحاكم المذكور، يجب عليه الحكم بكونها
بازاء الارث، لا لاجل انه فتواه مطلقا، بل لاجل انهما قلدا المجتهد الآخر و عملا
به، و انتقل المحبو بازاء الارث الى المحبو له، و ما بازائه الى سائر الورثة،
و فتوى الحاكم ايضا على الانتقال المذكور بالتقليد المذكور، و توقف رفع حكم
الانتقال الى ناقل آخر، فيحكم بمقتضى هذه الفتوى بانها بازاء الارث.

و كذا لو كان المتنازعان في الشفعة مقلدين لمن يرى الشفعة في الشركاء الثلاثة، فلو
تنازعا قبل بنائهما على اخذ الشفيع المشفوع بتقليد مجتهده، و ترافعا عند من لا يرى
ثبوت الشفعة حينئذ، يحكم ذلك بسقوط الشفعة.

و لو بنيا الامر على تقليد الاول، و اخذ الشفيع المشفوع بتقليده، و رضى به الشريك
تقليدا له ايضا، ثم تنازعا عند نافي الشفعة، يجب عليه الحكم بكون المشفوع لآخذ الشفعة،
لانه اخذه بتقليد من يقول بثبوتها و اعطاء الشريك الآخر ايضا بتقليده، فصار
المشفوع ملكا للشفيع بفتوى ذلك المترافع اليه ايضا، فيحكم بمقتضاه.

و كذا لو باع شخص الصيد المقتول بالتفنك (102) لاجل كونه مذكى عنده بفتوى من يرى
حليته، و اشتراه المشتري ايضا بتقليده، و اجريا العقد، ثم وقع بينهما التنازع، و
ترافعا عند من لا يرى حليته، يجب عليه الحكم بصحة البيع، لان فتواه صحة بيعه
للمجتهد المفتي بحليته و طهارته و لمقلده، و قد وقع ذلك من المتبايعين الكذائيين،
فيكون صحيحا ممضى عنده ايضا.و هكذا في جميع الوقائع.

نعم، يشترط حينئذ في الحكم بالصحة في تلك الموارد عمل المتنازعين معا بمقتضى
فتوى المجتهد الآخر، و لا يكفي تقليد احدهما، لما مر من عدم دليل على كفاية تقليد
احدهما فيما يكون الامر بين اثنين.

نعم، لو لم تكن الواقعة مما يكون الاثر المترتب على العمل بين المتنازعين،
فيكفي تقليد احدهما، كمسالة عقد البكر نفسها او الولي، فلو عقدت البكر نفسها لزوج
بتقليد مجتهد يرى استقلالها، و قبله الزوج بتقليده ايضا، ثم تنازع الولي عند من يرى
استقلاله، يجب الحكم بصحة العقد، اذ لا تعلق للولي في اثر العقد الذي هو حلية البضع، و
لا يحتاج تقليد البكر الى رضى الولي.

و لو كان الحاكم في الامثلة المذكورة في المعاملات ممن لا يقول بلزوم التقليد
في المعاملات، بل يكتفي بالمطابقة لراي مجتهد، فبنى المتنازعان الامر اولا على
احد الطرفين، يجب على هذا الحاكم الحكم بصحته بناء على رايه ايضا.

و كذا لو اكتفى بالتقليد اللاحق على العمل و قلدا بعد العمل ايضا.

و هكذا.

و المحصل: انه يجب على الحاكم المترافع اليه ان يستخرج الاول فتواه في كل
الواقعة المتنازع فيها و يحكم بمقتضاها، سواء كانت مطابقة لفتواه في جزء الواقعة
او لا، فيرى انه اذا سئل منه: ما رايك في الحبوة اذا تنازع فيها الورثة؟ يفتي
بانها للاكبر مجانا، فيحكم به في الواقعة اذا تنازعا قبل رضاء الطرفين و
بنائهما على تقليد، اذ ليس للواقعة جزء آخر.

و لو بنى المتنازعان فيها على تقليد من لا يرى مجانا، فيزيد في الواقعة جزء آخر،
لان التنازع انما هو في الحبوة التي بنيا فيها الامر على تقليد.

و يرى انه اذا سئل عنه: ما رايك في الحبوة التي اخذها الاكبر مجانا بتقليد
من يراها كذلك و اعطاها سائر الورثة ايضا كذلك، فهل يصير مالا حلالا له؟ يفتي
بانها ماله، فيجب الحكم به في الواقعة ايضا.

و لو سئل: انه لو اخذها الاكبر بتقليد من يراها مجانا و لكن لم يرض به الباقون؟
فيفتي بانه لا يكفي تقليده فقط.

و يرى انه اذا سئل: ما فتواك في حق باكرة زوجت نفسها بشخص بتقليدهما لمن يرى
استقلالها؟ يفتي بالصحة، فيجب عليه الحكم بها ايضا بعد وقوع العقد، و لو فرض ان
فتواه على عدم الصحة فيحكم به ايضا.

و لو تنازع الجاني و المجني عليه في قدر الدية المختلف فيها عند حاكم فيجب حكمه
بمقتضى رايه، و لا يفيد هنا بناء احدهما او كليهما على فتوى غيره، الا اذا عملا
بها و اعطى الجاني الدية بمقتضاها و اخذها المجني عليه كذلك. و بالجملة:
اللازم على الحاكم في جميع الوقائع تصوير فتواه في كل الواقعة اذا سئل عنها
فيها و الحكم بها.

فرع:


لو ترافع المتنازعان في امر قبل بنائهما على احد الطرفين بالتراضي او اجراء
عقد فيه، و حكم الحاكم بمقتضى رايه، فهل يجوز للمتنازعين بعده البناء على تقليد
الآخر في هذه الواقعة لو رضيا و يترتب عليه اثره، ام لا؟

الظاهر: الثاني، لاستقرار الامر على ما حكم به فلا ينقض، فلو حكم الحاكم باحباء
شي ء للولد الاكبر او بكونه له مجانا بعد الترافع او بسقوط الشفعة، فلو تراضيا
بخلافه بعد ذلك لم يترتب عليه اثر، فلا يصير الاخذ بالشفعة لازما، و لا الشي ء
المحبو ملكا لغير الكبير، بل لو ارادوا اللزوم احتاج الى عقد آخر ناقل شرعي،
كبيع او صلح او هبة.

المسالة الثالثة عشرة:


قد عرفت انه يجب على الحاكم امضاء حكم حكم به حاكم آخر مقبول الحكم عنده في واقعة
خاصة، و لا يجوز له نقضه.و الظاهر انه اجماعي، و نقل الاجماع عليه مستفيض، و
الاخبار تدل عليه كما مر.و المراد بامضائه: العمل بمقتضاه.

و لو انكر المحكوم عليه حق المحكوم له فحضرا عند الحاكم الثاني و ادعى
المحكوم له الحق و انكر غريمه و تمسك المحكوم له بحكم الحاكم الاول، يجوز
للثاني الحكم به له ايضا، كما يجوز له الحكم بالبينة و الحلف.

و الحاصل: ان الحكم السابق ايضا طريق لاثبات الحق كالبينة و اليمين و
الاقرار.

و يمكن ان يكون قوله في بعض الروايات المتقدمة: «او سنة قائمة » اشارة الى ذلك ايضا،
فاذا سمع الدعوى و الانكار و ظهر له الحكم السابق ظهورا علميا يحكم له ثانيا
لاجل ذلك الحكم، اذ بعد علمه و فتواه بوجوب اتباعه و عدم جواز رده يكون ذلك
حكم الله في حقهما عنده، فيجب عليه الحكم بمقتضاه.

و قد يقال: انه و ان وجب امضاؤه عليه، و لكن لا يجوز له الحكم، لجواز ابتناء
الاول على فتوى مخالفة لرايه.

و انا لا افهم وجوب الامضاء و عدم وجوب الحكم بمقتضاه، بل هما متلازمان، و لا
مخالفة للراي ابدا، اذ كون كل ما حكم به المجتهد على احد الخصمين و له بعد الترافع
حكم الله في حقهما اجماعي، بل ضروري لا يحتمل المخالفة، فراي كل مجتهد ان هذا حكم
الله في حقهما و فتواه على ذلك، و ان خالفه مع قطع النظر عن ذلك الحكم، و لكنه غير
المورد.

و كذا لا اتفهم معنى ما قيل من انه يجب عليه الامضاء و لا يجوز له الحكم بصحته،
لجواز مخالفته لنفس الامر، لاحتمال كذب المدعي و الشهود او خطئهم.

و فيه: ان الصحة هنا ليست الا ترتب الاثر شرعا، و هو لازم وجوب الامضاء، فلا
معنى لوجوب احدهما و عدم وجوب الآخر.

نعم، لو اراد بعدم جواز الحكم بالصحة الحكم بمطابقة الواقع و نفس الامر، فهو
كذلك، و لكنه كذلك بالنسبة الى حكم نفسه ايضا.

و لا فرق في وجوب الانفاذ بين ما اذا كان الحاكم الاول حيا باقيا على شرائط
القضاء، او غير باق، بان صار فاسقا بعد الحكم قبل الانفاذ او مجنونا او كان
ميتا.

و تفرقة بعضهم (103) بين الموت و الفسق-بوجوب الانفاذ على الاول دون الثاني و ان
كان الثاني ايضا ماضيا لو طرا الفسق بعد الانفاذ-لا وجه لها، كما صرح به
المحقق الاردبيلي.

ثم ان ما ذكرنا من وجوب الانفاذ و الحكم بمقتضاه انما هو اذا علم الحاكم
الثاني بالحكم الاول، اما بحضوره مجلس الحكم و سماعه الدعوى و الانكار و
المرافعة و الحكم، او ثبت ذلك عنده ثبوتا علميا باخبار متواترة او محفوفة
بقرائن مفيدة للعلم.

و في حكم العلم اقرار المتخاصمين، لنفوذ اقرار العقلاء على انفسهم.

و الظاهر انه اجماعي، و لا كلام في شي ء من ذلك.

و انما الكلام فيما اذا لم يعلم الحاكم الثاني بالحكم الاول، بل ظنه باحدى
الطرق المورثة للمظنة، فهل يجب عليه الامضاء، ام لا؟ و الطرق التي اختلفوا
فيها ثلاثة:

الاول: مجرد الكتابة، بان يكتب قاض اما مطلقا او الى خصوص حاكم آخر: ان فلانا
حضر مجلس الحكم و ادعى على فلان و حكمت له او عليه بالمدعى.او كتب: اني حكمت على
فلان بكذا.

و لا خلاف في عدم اعتبارها لو كان المحكوم به من حقوق الله، بل ادعي عليه
الاجماع، لوجوب درئها بالشبهة.

و لو كان من حقوق الناس، فالمشهور فيها ايضا ذلك، بل قيل:

بلا خلاف يوجد الا من الاسكافي (104) ، بل عن السرائر و المختلف و القواعد و في
التحرير: الاجماع عليه (105) .

للاصل، و روايتي طلحة (106) و السكوني (107) : «ان عليا عليه السلام كان لا يجيز كتاب
قاض في حد و لا في غيره، حتى وليت بنو امية فاجازوا بالبينات » .

و ضعفهما-لو كان-منجبر بالشهرة العظيمة و الاجماعات المحكية و الادلة القاطعة
من الكتاب و السنة المانعة من العمل بالمظنة، فان مجرد الكتاب لا يفيد ازيد منها،
لاحتمال التزوير، او عبث الكاتب و عدم قصد ما فيها، و غير ذلك من الاحتمالات.

خلافا للمحكي عن الاسكافي، فقال باعتبارها في حقوق الناس (108) .

و ظاهر المحقق الاردبيلي الميل اليه، بل في حقوق الله ايضا، قال -بعد نقل قول
الاسكافي-: و ذلك غير بعيد، اذ قد يحصل الظن المتاخم للعلم اقوى من الذي حصل من
الشاهدين بالعلم بالامن من التزوير و انه كتب قصدا لا غير، فاذا ثبت باي وجه
كان-مثل: الخبر المحفوف بالقرائن المفيدة للعلم-يجب اجراؤه من غير توقف.

و يكون ذلك مقصود ابن الجنيد، و يمكن ان لا ينازعه فيه احد، و يكون مقصود الباقي:
المنع في غير تلك الصور، بل الصورة التي لم تكن مامونة من التزوير و لا معلوما
كونه مكتوبا قصدا، و لهذا يجوز العمل بالمكاتبة في الرواية و اخذ المسالة و
الحديث.

و بالجملة: لا ينبغي النزاع في صورة العلم، و يمكن النزاع في صورة الظن، و يمكن القول
به هناك ايضا اذا كان اقوى من ظن الشاهدين، و يكون احتمال النقيض مجرد
التجويز العقلي، مثل: صيرورة اداني البيوت علماء عالمين بجميع العلوم، و القول
بعدمه في غير ذلك.

هذا في حقوق الناس.

و اما في حقوق الله، فيحتمل ذلك ايضا، لما مر.و يحتمل العدم للدرء بالشبهات.
انتهى.

و رد: بان ذلك فرع قيام دليل قاطع على جواز العمل بالظن مطلقا، و لم نجده في نحو
المورد مما يتعلق بالموضوعات و لو كان الظن متاخما للعلم، و مجرد كون ظن
الكتابة اقوى من ظن الشهادة لا يوجب قطعيته و لا حجيته، الا ان تكون حجية
الاخيرة من حيث افادتها المظنة، و هو ممنوع، بل هي من جهة الادلة الاربعة و هي ادلة
قاطعة او ظنون مخصوصة مجمع عليها.

فلا وجه لقياس الكتابة على الشهادة، و لا على الرواية و اخذ المسالة، لقيام
الادلة المخصوصة على حجية الظن فيهما، و لذا يكتفى فيهما بظن ما و لو لم يفد
الظن الاقوى.

اقول: ما ذكره الراد صحيح لا غبار عليه، الا ان مقتضى كلام الاردبيلي اعتبار
الكتابة الموجبة للعلم، كما هو صريح صدر كلامه الى قوله: و يمكن النزاع في صورة الظن.
.و المستفاد من ذيله ايضا، لانه اعتبر فيه ما كان احتمال خلافه مجرد
التجويز العقلي و مثل صيرورة الاداني علماء متبحرين، و هذا و ان كان ظنا عند
الحكماء، و لكنه علم عرفا و شرعا، لانه العلم العادي المجمع على اعتباره شرعا،
كما بيناه في عوائد الايام (109) ، و لا كلام في اعتبار ذلك.

نعم، يرد عليه حينئذ: انه لا وجه لقياسه على الشهادة و الرواية و اخذ المسالة،
لانها ليست بهذه المثابة البتة، و ان كانت حجيتها معلومة من جهة الادلة.

و بالجملة: كلام الاردبيلي لا يخلو عن اضطراب، و ان كان الظاهر ان مراده العلم
العادي، فيرجع نزاعه مع القوم لفظيا.

الثاني: اخبار الحاكم الاول مشافهة: اني حكمت بكذا.

و في انفاذه و وجوب اعتباره و عدمهما خلاف:

الاول: للفاضل في القواعد و الارشاد، و الشهيدين في الدروس و المسالك (110) .

و الثاني: للخلاف و النافع (111) .

و تردد في الشرائع و التحرير (112) .

دليل الاول: انه ثبت ان حكم الحاكم حكم الامام و الرد عليه حرام.

و انه اقوى من الشاهدين.

و يرد الاول: بانه لا كلام في وجوب انفاذ حكم الحاكم، و انما الكلام في انه هل
يثبت باخباره بعد الحكم، و لذا قال الاردبيلي: و ليس اثباته بقول الحاكم اقوى
من اثباته بعدلين، اذ هما عدلان و هو عدل واحد، و قول العدلين حجة دون الواحد.

و منه يعلم رد الثاني ايضا، مع انه انما يفيد لو كان قبول العدلين لاجل المظنة، و
ليس كذلك.

و دليل الثاني: الاصل، و كون حكم الثاني بمجرد اخبار الاول حكما بغير علم.و هو
كذلك، فالثاني هو الاقوى.

نعم، لو ضمت مع اخباره قرائن مفيدة للعلم بصدور الحكم يجب اعتباره.

الثالث: الشهادة على حكمه، بان يشهد عدلان على صدور الحكم منه لفلان على فلان بعد
الترافع بكذا و كذا.

و قد وقع الخلاف فيها، فقيل بعدم قبولها مطلقا (113) ، و يظهر من المختلف انه قول جماعة،
قال: و ربما منع من ذلك جماعة من علمائنا (114) .

للاصل المتقدم ذكره مرارا.

و لذيل روايتي طلحة و السكوني المتقدمتين (115) ، حيث قال: «فاجازوا بالبينات » .

و رد الاصل بما ياتي.

و الروايتان بضعفهما سندا الخالي عن الجابر هنا، و دلالة، لظهور سياقهما في ان
البينة التي كان بنو امية يجيزونها انما هي على صحة الكتابة لا على اصل الحكم.

و قيل بعدم القبول ان كانت البينة مجردة عن الاشهاد-اي لم يشهدهما الحاكم
الاول على حكمه في الواقعة-و القبول ان اشهدهما، و هو مذهب المحقق في النافع (116) بل
قيل بعدم خلاف فيه بين الاصحاب كافة (117) .

اما الاول: فلما مر من الاصل.

و اما الثاني: فلظاهر الاجماع.

و مسيس الحاجة اليه في اثبات الحقوق مع تباعد البلاد و تعذر نقل الشهود او
تعسره، و عدم مساعدة شهود الفرع ايضا على التنقل، و الشهادة الثالثة غير مسموعة.

و لانها لو لم تقبل لبطلت الحجج مع تطاول المدة، و لادى الى استمرار الخصومة
في الواقعة الواحدة.

و لان الغريمين لو تصادقا ان الحاكم الاول حكم بينهما الزمهما الثاني ما حكم
به الاول اجماعا، على الظاهر المصرح به في بعض الكلمات، فكذا اذا قامت البينة،
اذ يثبت بالشهود ما يثبت بالاقرار.

و مال المحقق الاردبيلي الى القبول مطلقا، لان حكم الحاكم حجة متبع يجب
انفاذه و العمل بمقتضاه على اي طريق ثبت عند حاكم آخر، سواء كان باقرار الخصم او
البينة، و لعدم تعقل مدخلية للاشهاد في اعتبارها.

اقول: ان كان هناك دليل على وجوب قبول شهادة العدلين مطلقا كما هو كذلك، او في
خصوص المورد، فالحق القبول مطلقا من غير مدخلية للاشهاد فيه..و ان لم يكن فالحق
عدم القبول كذلك.

و اما التفصيل المذكور فلا ارى له وجها مقبولا، الا ما قد يضم مع اصالة حجية
شهادة العدلين من ظاهر الاجماع على عدم القبول هنا مع عدم الاشهاد، او ما قد
يضم مع اصالة عدم الحجية من ظاهر الاجماع على القبول مع الاشهاد.

و ما قد يقال من مسيس الحاجة و اقتضاء الضرورة للقبول، و للزوم تقدير الضرورة
بقدرها و اندفاعها بالقبول مع الاشهاد يجب الاقتصار عليه.

و هما ضعيفان جدا، لمنع الاجماعين، سيما في جانب عدم القبول.

و منع مسيس الحاجة اولا، لامكان حصول العلم بالحكم بواسطة القرائن المنضمة مع
العدل او العدلين او جماعة من غير العدول، سيما مع الكتابة، و امكان اشهاد
الشاهدين على شهادة الاصل، و غير ذلك.

مع انه قد لا ترتفع الضرورة بالشهادة مع اشهاد الحاكم ايضا، لعدم تمكن الشاهدين
من المسافرة.

و بالجملة: اللازم في هذه المسالة البناء على حجية مطلق شهادة العدلين و عدمها،
و سياتي تحقيقه في باب الشهادات.

و لكن ذلك اذا شهدا بالحكم، بان يقولا: كنا في مجلس المرافعة، فادعى فلان على
فلان، و انكر المدعى عليه او كان غائبا، فحكم عليه الحاكم بعد الاتيان بما كان
عليه في الترافع.

و كذا لو علما بالدعوى و الترافع بالقرائن ثم سمعا الحكم.

و لكن لو سمعا من الحاكم اخباره بالحكم-اي قال لهما: اني حكمت قبل ذلك-لا تقبل
الشهادة، لما عرفت من عدم وجوب قبول اخبار الحاكم بنفسه بذلك عند الحاكم
الآخر.

و كذا اذا حكم الاول-ثم كتب حكمه في ورقة فقال للشهود او الحاكم الثاني: ما في
هذه الورقة حكمي-لم يجز للشهود ان يشهدوا بالحكم بمجرد ذلك، و لا للحاكم ان ينفذه
لسماعه او لشهادة هذه الشهود.

و هو ظاهر مما تقدم و صرح به جماعة، منهم: الفاضل في الارشاد، و الاردبيلي في شرحه (118) ،
و غيرهما.

نعم، لو كتب صورة حكمه قبل صدوره، ثم قال بمحضر الحاكم الثاني او الشهود: حكمت
لفلان بما في هذه الورقة، و حفظت الورقة بحيث امن من التغير، يحتمل جواز انفاذه و
قبول الشهادة بها، فتامل.

تعليقات:

1) التهذيب 3: 249-682، علل الشرائع: 319-2، الخصال: 410-13، الوسائل 5: 233 ابواب
احكام المساجد ب 27 ح 1.

2) الفقيه 1: 154-716، الوسائل 5: 234 ابواب احكام المساجد ب 27 ح 4.

3) سنن ابن ماجة 1: 247-750.

4) كما في المراسم: 656.

5) كما في التنقيح 4: 241.

6) كما في الدروس 2: 73.

7) الكافي 3: 369-5، التهذيب 3: 259-725، الوسائل 5: 213 ابواب احكام المساجد ب
14 ح 1.

8) مستدرك الحاكم 4: 93، سنن البيهقي 10: 101.

9) كل ذلك في المسالك 2: 358.

10) الكافي 7: 413-2، الفقيه 3: 6-19، التهذيب 6: 226-542، الوسائل 27: 213 ابواب
آداب القاضي ب 2 ح 1.

11) الكافي 7: 413-5، الفقيه 3: 7-24، التهذيب 6: 227-546، الوسائل 27: 213 ابواب
آداب القاضي ب 2 ح 2.

12) الكافي 7: 412-1، الفقيه 3: 8-28، التهذيب 6: 225-541، الوسائل 27: 211 ابواب
آداب القاضي ب 1 ح 1.

13) سنن البيهقي 10: 106.

14) اورده في المسالك 2: 359 و الرياض 2: 389، و لم نعثر على مصدره.

15) كما في سنن البيهقي 6: 153.

16) امالي الشيخ الطوسي: 525.قال في معاني الاخبار: 237، الحاقن الذي به البول،
و الحاقب الذي به الغائط، و الحازق الذي به ضغطة الخف.

17) الجامع الصغير للسيوطي 2: 500-7941، المغني لابن قدامة 11: 440-8269.

18) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد 19: 107-260، و القحمة: المهلكة-مجمع البحرين 6:
134.

19) الكافي 7: 385-5، الفقيه 3: 63-213، التهذيب 6: 273-747، الاستبصار 3: 34-117،
الوسائل 27: 265 ابواب كيفية الحكم و احكام الدعوى ب 14 ح 6.

20) الكفاية: 262.

21) التحرير 2: 180.

22) المسالك 2: 354.

23) كشف اللثام 2: 143.

24) نقله عنه في كشف اللثام 2: 143، و قد يستفاد من المبسوط 8: 85.

25) الخلاف 2: 598.

26) الشرائع 4: 69.

27) المفاتيح 3: 251.

28) الحلبي في الكافي في الفقه: 283، و الحلي في السرائر 2: 217، و المحقق الثاني في
جامع المقاصد 4: 36.

29) منهم المحقق في الشرائع 4: 69، و العلامة في القواعد 2: 202، و الشهيد في الدروس 2:
69.

30) المفيد في المقنعة: 588، النهاية: 367، و القاضي في المهذب 2: 586.

31) الكافي 7: 409-1، الفقيه 3: 4-12، التهذيب 6: 222-527، الوسائل 27: 221 ابواب
آداب القاضي ب 8 ح 1.

32) الخصال: 329-26، الوسائل 17: 95 ابواب ما يكتسب به ب 5 ح 12.

33) الكافي 1: 539-4، التهذيب 4: 128-366، الوسائل 27: 221 ابواب آداب القاضي ب 8
ح 2.

34) اللمعة (الروضة البهية 3) : 71.

35) الكافي 7: 409-2، التهذيب 6: 222-526، الوسائل 27: 222 ابواب آداب القاضي ب 8
ح 3.

36) الكافي 5: 127-3، التهذيب 6: 352-997، الوسائل 17: 92 ابواب ما يكتسب به ب 5
ح 2.

37) تفسير العياشي 1: 321-112، الوسائل 27: 223 ابواب آداب القاضي ب 8ح 8.

38) الفقيه 3: 105-435، الوسائل 17: 94 ابواب ما يكتسب به ب 5 ح 8.

39) الكافي 5: 126-1، التهذيب 6: 368-1062، الوسائل 17: 92 ابواب ما يكتسب به ب
5 ح 1.

40) الكافي 5: 127-4، الوسائل 17: 93 ابواب ما يكتسب به ب 5 ح 4.

41) الكافي 5: 126-2، التهذيب 6: 368-1061، تفسير القمي 1: 170، الخصال: 329-25،
الوسائل 17: 93 ابواب ما يكتسب به ب 5 ح 5.

42) سنن الترمذي 2: 397-1351، سنن ابن ماجة 2: 775-2313، مسند احمد 2: 387، مستدرك
الحاكم 4: 103.

43) القاموس المحيط 4: 336، مجمع البحرين 1: 184.

44) التهذيب 6: 375-1095، الوسائل 17: 278 ابواب ما يكتسب به ب 85 ح 2.

45) النهاية الاثيرية 2: 226، قال: فالراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل.

46) منهم المحقق في الشرائع 4: 78، و الشهيد الثاني في المسالك 2: 364، و الروضة 3:
75.

47) يعني: الحكم بالحرمة.

48) امالي الشيخ 1: 268، الوسائل 27: 223 ابواب آداب القاضي ب 8 ح 6.

49) سنن البيهقي 4: 158.

50) كما في غنائم الايام: 675.

51) المسالك 1: 167.

52) الشرائع 4: 71، القواعد 2: 202، التحرير 2: 181.

53) كشف اللثام 2: 143.

54) الفقيه 3: 60-210، امالي الصدوق: 90 مجلس 22، الانتصار: 238، الوسائل 27: 274
ابواب كيفية الحكم ب 18 ح 1.

55) الكافي 7: 400-1، الفقيه 3: 62-213، الوسائل 27: 276 ابواب كيفية الحكم ب 18 ح 3.

56) مناقب آل ابي طالب 2: 109.

57) رجال الكشي 1: 279-109، 110.

58) التحرير 2: 181.

59) كشف اللثام 2: 154.

60) الشيخ في المبسوط 8: 101، 102، و ابن حمزة في الوسيلة: 209، و ابن سعيد في
الجامع للشرائع: 529، و المحقق في الشرائع 4: 75، التحرير 2: 184، الارشاد 2: 141.

61) الشرائع 4: 107، المسالك 2: 387.

62) الدروس 2: 85.

63) التحرير 2: 189.

64) القواعد 2: 208.

65) الكفاية: 274.

66) انظر جامع الشتات: 677.

67) انظر جامع الشتات: 677.

68) في «س » : ادعاء.

69) الشيخ في المبسوط 8: 103، و المحقق في الشرائع 4: 83، 107.المسالك 2: 360.

70) يعني بشهادة الفاسقين.

71) الفقيه 3: 5-16، التهذيب 6: 315-872، الوسائل 27: 226 ابواب آداب القاضي ب 10
ح 1.

72) اثبتناه من المصدر.

73) الكافي 7: 409-1، الوسائل 27: 220 ابواب آداب القضاء ب 7 ح 2.

74) الانتصار: 237، الغنية (الجوامع الفقهية) : 624، الخلاف 2: 602، نهج الحق: 563،
السرائر 2: 179.

75) المائدة: 38.

76) النور: 2.

77) النور: 4.

78) المائدة: 44، 45، 47.

79) النساء: 58.

80) النساء: 135.

81) المائدة: 8.

82) في ص 8 و 9.

83) الكافي 7: 432-20، التهذيب 6: 287-796، الخصال: 155-195، الوسائل 27: 231
ابواب كيفية الحكم ب 1 ح 6.

84) المائدة: 95.

85) التهذيب 6: 314-867، الوسائل 27: 70 ابواب صفات القاضي ب 7 ح 26.

86) الكافي 7: 262-15، التهذيب 10: 44-157، الاستبصار 4: 216-809، الوسائل 28: 57
ابواب مقدمات الحدود ب 32 ح 3.

87) الكافي 1: 33-5.

88) الكافي 1: 46-5.

89) تحف العقول: 169.

90) الانتصار: 238.

91) كما في الانتصار: 237، و حكاه ايضا الفاضل المقداد في التنقيح 4: 242.

92) الوسيلة: 218.

93) حكاه فخر المحققين في الايضاح 4: 313، و السبزواري في الكفاية: 263.

94) السرائر 2: 179.

95) كما في المسالك 2: 355.

96) سنن ابن ماجة 2: 855-2560، مسند احمد 1: 336.

97) الوسائل 28: 103 ابواب حد الزنا ب 16.

98) الكافي 7: 184-4، التهذيب 10: 2-1، الاستبصار 4: 217-812، الوسائل 28: 95
ابواب حد الزنا ب 12 ح 4.

99) الكافي 7: 415-1، التهذيب 6: 229-555، الفقيه 3: 38-128، الوسائل 27: 236 ابواب
كيفية الحكم ب 4 ح 1.

100) الكافي 7: 416-3، التهذيب 6: 231-562، الوسائل 27: 241 ابواب كيفية الحكم ب 7
ح 4.

101) الوسائل 27: 233 ابواب كيفية الحكم ب 3.

102) كلمة فارسية تعني: البندقية.

103) كما في المسالك 2: 381.

104) كما في رياض المسائل 2: 408.

105) السرائر 2: 162، المختلف: 691، القواعد 2: 216، التحرير 2: 188.

106) التهذيب 6: 300-841، الوسائل 27: 297 ابواب كيفية الحكم ب 28 ح 1.

107) التهذيب 6: 300-840، الوسائل 27: 297 ابواب كيفية الحكم ب 28 ح 1.

108) حكاه عنه في المختلف: 706.

109) عوائد الايام: 153.

110) القواعد 2: 217، الدروس 2: 92، المسالك 2: 380.

111) الخلاف 2: 603، المختصر النافع 2: 283.

112) الشرائع 4: 96، التحرير 2: 188.

113) كما في المهذب 2: 587.

114) المختلف: 706.

115) في ص: 103.

116) المختصر النافع: 283.

117) المسالك 2: 381 قال: انه موضع وفاق.

118) الارشاد 2: 148، الاردبيلي في مجمع الفائدة 12: 214.

/ 24