فلما اصبح ابو موسى رفع رفرف فسطاطه , فقال : يا مسروق , ان الامرة ما اؤتمرفيها, و ان الملك ما
غلب عليه بالسيف ((1076)) .قـال الـخطيب : و كان مسروق ممن حضر مع علي (ع ) حرب الخوارج بالنهروان و اخرج باسناده
عن ابن ابي ليلى , قال : شهد مسروق النهر مع علي , فلما قتلهم قام علي و في يده قدوم فضرب بابا, و
قال : صدق اللّه ورسوله ((1077)) .قـلـت : هذا الذي روى عن الشعبي , لعله كسائر ما روي عنه انه لم يشهد الجمل من الصحابة سوى
عـلي و عمارو طلحة و الزبير قالوا ـ ان صحت الرواية ـ : فهذا من افحش كذبه ((1078)) , و
الـظـاهـر انـه مكذوب عليه , لانه هوالقائل عن تثاقل اهل المدينة للخروج مع علي (ع ) في واقعة
الـجـمـل : مـا نهض في تلك الفتنة الا ستة بدريون ,منهم : ابو الهيثم ابن التيهان , و خزيمة بن الثابت
ذوالشهادتين و غيرهما ((1079)) .و اما ما ذكروه من انه وقف بين الصفين في صفين , و جعل يثبط الناس عن امير المؤمنين (ع ) و تلا
قـولـه تـعالى :(يا ايها الذين آمنوا لا تاكلوا اموالكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض منكم ولا
تقتلوا انفسكم ان اللّه كان بكم رحيما) ((1080)) , ففيه مواضع من الخلط و الاشتباه :.اولا: ان هـذا مـتـنـاف مع قولهم : انه تخلف عن حرب صفين , في نفر من اهل الكوفة , و خرج الى
قـزويـن يرافقه مرة الهمداني ((1081)) و الارجح ـ ان صح الخبر ـ انه مسروق العكي , كانت له
رؤية , و كان مع معاوية يحرضه على عدم الطاعة لعلي (ع ) ((1082)) .و ثـانـيـا: هذا من كلام ابي موسى الاشعري لاهل الكوفة , كان يثبطهم عن النهوض مع الامام امير
الـمـؤمـنـيـن (ع )عند ما اتاهم رسل الامام لينهضوا بهم الى حرب الجمل و قد ذكره الطبري في
حـوادث سـنة (36)فكان فيما قال :ايها الناس , انها فتنة صما, النائم فيها خير من اليقظان , و القاعد
فيها خير من القائم فاغمدوا السيوف , و انصلواالاسنة و قد جعلنا اللّه اخوانا, و حرم علينا دمانا و
امـوالـنا, و قال تعالى : (يا ايها الذين آمنوا لا تاكلوااموالكم بينكم بالباطل ولا تقتلوا انفسكم ان اللّه
كان بكم رحيما) و قال : (و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاه جهنم ) ((1083)) .و ثالثا: ان هذا الموضوع عن لسانه , قد حصل فيه خلط غريب , بموجب ان الكذوب تخونه ذاكرته .فقد اخرج ابن سعد عن الشعبي ـ و كان يزعم انه لم يخرج في شي من حروب علي (ع ) ـ قال : كان
مـسـروق اذا قيل له : ابطات عن علي و عن مشاهده ؟ و لم يكن شهد معه شيئا من مشاهده ,فاراد ان
يـنـاصـهـم الحديث , قال : اذكركم باللّه , ارايتم لو انه حين صف بعضكم لبعض , و اخذ بعضكم على
بعض السلاح , يقتل بعضكم بعضا, فتح باب من السما, و انتم تنظرون , ثم نزل منه ملاك حتى اذا كان
بـيـن الصفين ,قال : (يا ايها الذين آمنوا لا تاكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان تكون تجارة عن تراض
مـنـكم و لا تقتلوا انفسكم ان اللّه كان بكم رحيما) ا كان ذلك حاجزا بعضكم عن بعض ؟قالوا: نعم ,
قـال : فـو اللّه لـقـد فـتـح لـها بابا من السما, و لقد نزل بها ملك كريم على لسان نبيكم (ص ) و انها
لمحكمة في المصاحف , ما نسخها شي .هكذا روى ابن سعد روايتين بهذا اللفظ, اسندهما الى الشعبي .ثـم اخرج عن عاصم رواية مرسلة , قال : و ذكر ان مسروقا بنفسه اتى صفين فوقف بين الصفين ثم
قال : يا ايهاالناس , ارايتم لو ان الخ ثم انساب بين الناس فذهب و لـعـل ذاكـر الخبر ـ و هو مجهول الهوية ـ اشتبه عليه لفظة ((حتى اذا كان بين الصفين )) في
الـخـبـر الـمـزعـوم , فـزعـم ان الضمير يعود الى مسروق , في حين انه عائد الى الملك , حسب
المزعومة ((1084)) .و يـحـتمل ان مسروقا هذا هو العكي صاحب معاوية كان من وجوه اهل الشام و كانت له صحبة كان
يـحـرض مـعـاويـة على الخروج من الطاعة و القيام بطلب دم عثمان , فكان شديدا على الامام امير
المؤمنين (ع ) في تلك المواقف ذكره ابن حجر في الاصابة ((1085)) .و اما القول بانه كان عش ارا لمعاوية ((1086)) , و ان زيادا استعمله على السلسلة , و مات بها سنة
(62 او 63) ((1087)) ,و كـان مـسـروق متذمرا من عمله ذلك , و كان يقول : لم يدعني ثلاثة :
زيـاد, و شـريـح , و الشيطان , اكتنفوني و لم يزالوا يزينونه لي حتى اوقعوني فيه و كان يقول : ما
عـمـلت عملا قط اخوف علي من ان يدخلني النار من عملي هذا و كان بها حتى مات قال ابن سعد: و
مـات بـالـسـلسلة بواسط, و قبره هناك يزار ((1088)) و اخرج عن ام قيس ,قالت : مررت على
مـسـروق بـالسلسلة , و معي ستون ثورا تحمل الجبن و الجوز, فسالها مسروق , قال : ما انت ؟قالت :
مكاتبة قال : خلوا سبيلها فليس في مال المكاتب زكاة ((1089)) .و روى الكشي عن الفضل بن شاذان : ان مسروقا كان عشارا لمعاوية , و مات في عمله ذلك بموضع
اسفل من واسط على دجلة يقال له : الرصافة , و قبره هناك ((1090)) .فهذا كله مما لانستطيع الموافقة عليه , حيث مخالفته مع واقع التاريخ :.اولا: اذا كـانت السنتان اللتان استعمله زياد فيهما على السلسلة , هما الاخيرتان من حياة مسروق , اذ
قد توفي في عمله ذلك , فهذا يعني بعد عام الستين , الامر الذي لاينسجم مع كون هلاك زيادفي سنة
(53) المتفق عليه عند ارباب التاريخ ((1091)) .فـلـعل مسروقا هذا غير ابن الاجدع المتوفى سنة (63) اما ابن وائل الحضرمي ((1092)) , او
العكي ((1093)) , اوغيرهما.ثـانـيا: ان سلسل , طسوج ((1094)) من ثمانية طساسيج كورة شاذقباذ, و تسمى كورة دجلة قال
يـاقـوت : كـورة بـشـرقي بغداد, و تشتمل على ثمانية طساسيج : رستقباذ, و مهروذ, و سلسل , و
جلولا, و البنديجين , و برازالروز, و الدسكرة , و الرستاقين قال : و يضاف الى كل واحدة من هذه
لفظة ((طسوج )) اي ناحية كذا ((1095)) .و عـليه فمن البعيد جدا ان يستعمل مثل مسروق بن الاجدع ـ العالم الكبير و الراوي القدير ـ لمثل
تلك المنطقة الصغيرة البعيدة عن مراكز العلم و الثقافة , و لا سيما اذا كان العمل مثل عمل العشارين الامـر الـذي لا نـكـاد نـصدقه بشان مثل ابن الاجدع الامام القدوة الذي هو احد الاعلام و من ثم
رجحناان يكون العامل غير هذا.و ثـالـثـا: ذكر الخطيب البغدادي : ان مسروق بن الاجدع بن مالك الهمداني ثم الوادعي , و يكنى ابا
عائشة , توفي سنة (63) بالكوفة , و كان له (63) سنة ((1096)) .غـيـر ان ابـن الاثير قال : و توفي بمصر مسروق بن الاجدع سنة (62 او 63) ((1097)) كما
ذكـر ابـن حـجر انه توفي بسلسل ((1098)) فهناك ثلاثة اقوال في موضع قبره , و الصحيح هو
الـقـول الاول , بـدلـيـل الاعتبار اما الذي توفي بمصرفلعله العكي صاحب معاوية اما العامل بسلسلة
العشار فيحتمل كونه ابن وائل , واللّه العالم .و امـا انـه كـان عـلى الخيل لعبيد الل ه بن زياد ـ على ما جا في المسترشد ((1099)) ـ فلعله من
الوهن بمكان , لان ذاك هو مسروق بن وائل الحضرمي من اجناد الكوفة , الذين خرجوا لقتال الحسين
بـن عـلـي (ع ) فـي واقعة الطف بكربلا قال ابو مخنف عن عطا بن السائب عن عبد الجبار بن وائل
الحضرمي عن اخيه مسروق بن وائل , قال : كنت في اوائل الخيل ممن سار الى الحسين , فقلت : اكون
فـي اوائلها لعلي اصيب راس الحسين ,فاصيب به منزلة عند عبيد اللّه بن زياد ((1100)) و كان قد
ادرك حياة النبى (ص ), و قدم عليه في وفدحضرموت ((1101)) .امـا دفـاعه عن عثمان فلعله كان لمحض الحفاظ على الوحدة دون تفرقة الكلمة , و ليس عن عقيدة
بشانه في نفسه , و من ثم ذكروا انه روى عن ابي بكر و عمر و علي و ابن مسعود و ابي بن كعب ,
و لم يرو عن عثمان شيئا ((1102)) .و كـذا احـترامه لعائشة كان لموضع حرمتها من النبى (ص ) محضا, و قد كان من المعترضين عليها
فـي اضطراب موقفها بشان عثمان اخرج ابن سعد عن الاعمش عن خيثمة عن مسروق عن عائشة ,
قالت حين قتل عثمان :تركتموه كالثوب النقى من الدنس , ثم قربتموه تذبحونه كما يذبح الكبش , هلا
كـان هـذا قـبـل هـذا؟ فـقال لهامسروق : هذا عملك , انت كتبت الى الناس تامرينهم بالخروج اليه ,
فانكرت ((1103)) .و من غريب الامر ان المامقاني ذكر مسروق بن الاجدع تارة بعنوان انه احد الزهاد الثمانية , و عده
مـن الـمـذمـومـيـن و اخـرى وصفه بالهمداني الكوفي , و عده من الاعلام و الفقها, و رجح حسن
حاله ((1104)) .و اعترض عليه التستري بانهما واحد, و لا وجه للافتراق في الشخصية و الوصف ((1105)) .
14 ـ الاسود بن يزيد
ابـو عبد الرحمان النخعي الكوفي , من كبار التابعين المخضرمين , من اصحاب عبداللّه بن مسعود و روى عـن حـذيـفة و بلال و على (ع ), كان على جانب عظيم من الفهم لكتاب اللّه , ثقة صالح ,ورعنـاسـك ذكـره ابـن حبان في الثقات , و قال : كان فقيها زاهدا روى عنه ابنه عبد الرحمان , و اخوه
عـبـدالـرحـمـان , و ابـن اخته ابراهيم بن يزيد النخعي و غيرهم و ذكره جماعة ممن صنف في
الصحابة , لادراكه توفي سنة (75).قال ابن سعد: روى عن عمر و على و ابن مسعود و سلمان , و لم يرو عن عثمان شيئا ((1106)) .و لـم يسلم الاسود مما رمى به زميله ابن الاجدع , و الكلام فيه قدحا و مدحا ما مر في مسروق و
سـنـذكـر ان عـامـة الـكوفيين , و لا سيما اصحاب عبد اللّه بن مسعود, كان الغالب عليهم الميل مع
علي (ع ), حسب تربية شيخهم وكبيرهم الصحابي الجليل ((1107)) .
15 ـ مرة الهمدانى
ابـو اسـماعيل ابن شراحيل الهمداني السكسكي الكوفي , المعروف بمرة الطيب و مرة الخير, لقب بذلك لعبادته روى عن ابي ذر و حذيفة و ابن مسعود و على (ع ) و عنه اسماعيل السدي و الشعبي وعطا بن السائب و عمرو بن مرة و طائفة .قـال العجلي : تابعي ثقة , كان عابدا ناسكا كثير السجود و الركوع قيل : ادرك النبي (ص ) و لم يره
مات سنة (76) ((1108)) .و قـد استوفينا الكلام في مسروق ما يتضح به حال مرة ايضا, كشان سائر الكوفيين من اصحاب ابن
مسعود,كانوا مع علي (ع ), و من ثم اصبحوا عرضة السهام .
16 ـ عامر الشعبى
ابـو عمرو عامر بن شراحيل الحميري الكوفي , من شعب همدان روى عن مسروق بن الاجدع و ابـن عباس وعلي (ع ), و كثير من الصحابة و التابعين كان فقيها بارعا, قوى الحافظة قال : ما كتبتسـودا عـلى بيضا, و لاحدثني رجل بحديث الا حفظته , و لا حدثني رجل بحديث فاحببت ان يعيده
علي قال العجلي : سمع من (48)صحابيا, و لا يكاد يرسل الا صحيحا.قال ابن ابي حاتم عن ابيه : و سئل عن الفرائض التي رواها الشعبي عن على (ع ), فقال : هذا عندي ما
قاسه على قول على , و ما ارى عليا كان يتفرغ لهذا قال ابن حبان في ثقات التابعين : كان فقيها شاعرا,
مولده سنة (20) ومات سنة (109), و كان فيه دعابة و قال ابو جعفر الطبري : كان ذا ادب و فقه
و علم و قال ابو اسحاق : كان واحد زمانه في فنون العلم ((1109)) .هذا, و لم يكن حظ الشعبي من التهم باحسن من سابقيه , كسائر الكوفيين كانوامعرض التهم .
17 ـ عمرو بن شرحبيل
ابو ميسرة الهمداني الوادعي الكوفي روى عن على (ع ) و عبد اللّه بن مسعود, و كان من اصحابه , و من النفرالستة الذين كانوا يقرئون الناس و يعلمونهم السنة , و يصدر الناس عن رايهم ((1110))و هكذا روى عن حذيفة و سلمان و قيس بن سعد بن عبادة و اشباههم من خلص الاصحاب قال عاصم
بـن بـهدلة عن ابي وائل : مااشتملت همدانية على مثل ابي ميسرة كان صواما قواما, ناسكا زاهدا, من
افاضل اصحاب ابن مسعود و كان امام مسجد بني وادعة بالكوفة .كـان مـوضـع ثـقـة ابـن مـسـعـود, سـالـه يوما قال : ما تقول يا ابا ميسرة في (الخنس , الجواري
الـكـنس ) ((1111)) ؟قال عمرو: قلت : لا اعلمها الا بقر الوحش قال : و انا لا اعلم فيها الا ما قلت
توفي سنة (63) في ولاية عبيد اللّه بن زياد ((1112)) .قال الشهيد الثاني ـ في درايته ـ : تابعي فاضل من اصحاب ابن مسعود ((1113)) .و كانت له صحبة او رؤية , كان ممن روى حديث الغدير, حسبما ذكره الخوارزمي ((1114)) .و ذكـر ابن حجر في الاصابة عن الطبراني انه اخرج من رواية عبد العزيز بن عبد اللّه القرشي
عـن سعيد بن ابي عروبة عن القاسم بن عبد الغفار عن عمرو بن شرحبيل , قال : سمعت النبي (ص )
يقول : ((اللهم انصر من نصرعليا, اللهم اكرم من اكرم عليا, اللهم اخذل من خذل عليا)) ((1115)) .و فـي نـسـخة الاصابة : شراحيل , بدل شرحبيل و هو خطا في النسخة , اذ لم يرد لشراحيل والد
عـمـرو, ذكـر فـي كـتـب الـتـراجـم اطلاقا مع انه ذكره ابن عبد البر ((1116)) , و كذا ابن
الاثير, ((1117)) بهذا العنوان : عمرو بن شرحبيل فيبدوان نسخة الاصابة قد اصابها تصحيف .نعم ذكر ابن عبد البر انه غير عمرو بن شرحبيل الهمداني , ابي ميسرة صاحب ابن مسعود, و ذكر
انه لم يقف على نسبه , لكن رجح ابن الاثير كونهما واحدا قلت : و هو الصحيح , لان ولادته كانت في
اوائل الـهـجـرة او قبلها, فهو و ان كان تابعيا, لكنه ادرك النبي (ص ) و ان لم تكن له صحبة لصغر
سنه , غير انه يجوز سماعه منه و هوصبي مراهق .
18 ـ زيد بن وهب
ابـو سـليمان الجهني الكوفي رحل الى النبي (ص ) و هاجر اليه فلم يدركه , قبض (ص ) و هو في الـطـريق و هومعدود في كبار التابعين , روى عن علي (ع ) و ابن مسعود و حذيفة و ابي الدردا وابي ذر, و روى عنه خلق كثير, منهم الاعمش , قال : اذا حدثك زيد بن وهب عن احد, فكانك سمعته
مـن الذي حدثك عنه و قد وثقه اصحاب التراجم اخرج ابن حجر عن ابن خراش قال : كوفي ثقة و
روايته عن ابي ذر صحيحة ((1118)) .سـكـن الـكوفة , و كان في الجيش الذي مع علي (ع ) في حربه الخوارج و هو اول من جمع خطب
علي (ع ) في الجمع و الاعياد و غيرها توفي سنة (96) و قد عمر طويلا.
19 ـ ابو الشعثا الكوفي
هو سليم بن اسود المحاربي الكوفي روى عن ابي ذر و حذيفة و سلمان وابن عباس و ابن مسعود, و كان خصيصا به قال ابو حاتم : لا يسال عن مثله و ذكره ابن حبان في الثقات .قال الواقدي : شهد مع علي (ع ) مشاهده توفي سنة (82) ((1119)) .20 ـ ابو الشعثا الازدي
هـو جابر بن زيد الازدي اليحمدي الجوفي ((1120)) البصري روى عن ابن عباس و عكرمة وغيرهما قال ابن عباس : لو ان اهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لاوسعهم علما من كتاب اللّه
قال العجلي : تابعي ثقة قال ابن سعد: مات سنة (103) قال قتادة ـ لما مات جابر بن زيد ـ : اليوم مات
اعلم اهل العراق و كان يخلف الحسن في الفتوى ((1121)) .
21 ـ الاصبغ بن نباتة
التميمي ثم الحنظلي , ابو القاسم الكوفي من اصحاب على و الحسن بن علي (ع ). قال العجلي : كوفي تابعي ثقة قال ابن سعد: كان شيعيا, و كان على شرطة علي (ع ).قـال ابن حبان : فتن بحب علي , فاتى بالطامات ((1122)) فاستحق الترك قال ابن عدى : و اذا حدثعنه ثقة فهوعندي لا باس بروايته , و انما اتى الانكار من جهة من روى عنه ((1123)) .قـال سيدنا الخوئي ـ دام ظله ـ : هو من المتقدمين من سلفنا الصالحين , ذكره النجاشي و قال الاصبغ
بـن نـبـاتـة الـمجاشعي : كان من خاصة امير المؤمنين (ع )و عمر بعده , روى عنه عهد الاشتر,و
وصيته الى محمد ابنه .و هـو من العشرة الذين دعاهم الامام امير المؤمنين للحضور لديه فقد روى ابن طاووس من كتاب
الـرسـائل لـلكليني انه (ع ) دعا كاتبه عبد اللّه بن ابي رافع , فقال : ادخل على عشرة من ثقاتي فقال :
سمهم لي يا اميرالمؤمنين فقال : ادخل : اصبغ بن نباتة , و ابا الطفيل عامر بن واثلة الكناني , و زر بن
حبيش , و جويرية بن مسهرحسبما اوردناه في ترجمة علقمة بن قيس ((1124)) .
22 ـ زر بن حبيش
الاسـدي ابـو مـريم الكوفي مخضرم ادرك الجاهلية كان من اصحاب ابن مسعود, و من ثقات الامام امـيـرالمؤمنين (ع ) على ما ذكرنا من حديث العشرة في ترجمة علقمة قال ابن سعد: كان ثقة كثيرالـحـديـث قـال عـاصم :كان زر من اعرب الناس و كان ابن مسعود يساله عن العربية قال : كان ابو
وائل ((1125)) عـثـمـانـيا و كان زر علويا, وكان مصلا هما في مسجد واحد, و كان ابو وائل
مـعظما لزر قال ابن عبد البر في الاستيعاب : كان قارئا فاضلا قال ابو جعفر البغدادي : قلت لاحمد:
فـزر و علقمة و الاسود؟ قال : هؤلا اصحاب ابن مسعود, و هم الثبت فيه مات سنة (83), و كان
ابن (127) ((1126)) .
23 ـ ابن ابي ليلى
هـو مـحمد بن عبد الرحمان بن ابي ليلى الانصاري , ابو عبد الرحمان الكوفي الفقيه ,قاضي الكوفة قـال ابـو حـاتـم , عـن احـمـد بن يونس , ذكره زائدة , فقال : كان افقه اهل الدنيا و قال العجلي كانفقيهاصاحب سنة , صدوقا جائز الحديث , و كان عالما بالقرآن , و كان من احسب الناس , و كان جميلا
نـبيلا و اول من استقضاه على الكوفة يوسف بن عمر الثقفي قيل : كان سيئ الحفظ و لا سيما عند ما
اشـتغل بالقضا فساحفظه قالوا: لا يتهم بشي من الكذب , و انما ينكر عليه كثرة الخطا قال الساجي :
كـان سيئ الحفظ لا يتعمدالكذب , فكان يمدح في قضائه , فاما في الحديث فلم يكن حجة قال : و كان
الثوري يقول : فقهاؤنا ابن ابي ليلى و ابن شبرمة و قال ابن خزيمة ليس بالحافظ, و ان كان فقيها عالما
توفي سنة (148) ((1127)) .
24 ـ عبيدة بن قيس بن عمرو السلماني
كان من اصحاب على (ع ) و ابن مسعود اسلم قبل وفاة النبي (ص ) بسنتين , و لم يلقه كان ابن سيرين مـن اروى الناس عنه : و كان يقول : ادركت الكوفة و بها اربعة ممن يعد في الفقه , و عده ابن المدينيفـي الـفـقها من اصحاب ابن مسعود قال ابن نمير: و كان شريح اذا اشكل عليه الامر كتب الى عبيدة
توفي سنة (72) ((1128)) .
25 ـ الربيع بن انس البكري
و يـقـال : الحنفي البصري ثم الخراساني روى عن انس بن مالك و ابي العالية و الحسن البصري , و ارسل عن ام سلمة و عنه ابو جعفر الرازي و الاعمش و مقاتل بن حيان و غيرهم قال العجلي و ابوحـاتم : صدوق و قال ابن معين : كان يتشيع فيفرط و ذكره ابن حبان في الثقات توفي سنة (139 او
140) ((1129)) .
26 ـ الحارث بن قيس الجعفي الكوفي
مـن اصـحاب ابن مسعود, و كانوا معجبين به قال على بن المديني : قتل مع على (ع )و عده ابن حبان في الثقات ((1130)) .27 ـ قتادة بن دعامة
قـتـادة بن دعامة , ابو الخطاب السدوسي البصري , ولد اكمه ((1131)) كان تابعيا و عالما كبيرا,كـان فـقـيه اهل البصرة عالما بالانساب و اشعار العرب قال ابو عبيدة : كان اجمع الناس و كان ينيخ
على باب داره كل يوم من ياتيه فيساله عن خبر او نسب او شعر ((1132)) و كان احفظ الناس , لا
يـنسى ما حفظه او قرئ عليه و لو مرة واحدة قال على بن المديني : انتهى علم البصرة الى يحيى بن
ابـي كـثير, و قتادة كما انتهى علم الكوفة الى ابي اسحاق , والاعمش و انتهى علم الحجاز الى ابن
شهاب , و عمرو بن دينار ((1133)) .قـال مـطر بن الوراق : ما زال قتادة متعلما حتى مات ((1134)) قال قتادة : ما قلت لمحدث قط: اعد
على و ما سمعت اذناي شيئا قط, الا وعاه قلبي و قال : ما في القرآن آية الا قد سمعت فيها بشي .قال ابو حاتم : سمعت احمد بن حنبل و ذكر قتادة , فاطنب في ذكره , فجعل ينشر من علمه و فقهه و
معرفته بالاختلاف و التفسير, و وصفه بالحفظ و الفقه وقال : قلما تجد من يتقدمه , اما المثل فلعل و
قـال الاثـرم : سـمـعـت احمد يقول : كان قتادة احفظ اهل البصرة , لم يسمع شيئا الا حفظه و قرئ
عـليه صحيفة جابر مرة واحدة فحفظها و كان يقول : الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر و قال له
سعيد بن المسيب ـلما راى منه العجيب من حفظه ـ : ما كنت اظن ان اللّه خلق مثلك .و قال ابن حبان ـ في الثقات : كان من علما الناس بالقرآن و الفقه و من حفاظ اهل زمانه ((1135)) .كانت ولادته سنة (61) قال ابو اسحاق ابراهيم بن علي الذهلي : ولد عمر بن عبد العزيز, و هشام
بـن عـروة , والزهري , و قتادة , و الاعمش , ليالي قتل الحسين ابن على بن ابي طالب (ع ) و كانت
شهادته (ع ) يوم عاشوراسنة (61) للهجرة ((1136)) و توفي بواسط في الطاعون سنة (118).و غـمز فيه بانه كان يقول بالقدر قال ابن سعد: كان ثقة , مامونا, حجة في الحديث , و كان يقول بشي
مـن الـقـدرواخـرج ابن خلكان عن ابي عمرو بن العلا, قال : حسبك قتادة , فلولا كلامه في القدر
((1137)) .و لكن مع ذلك فقد اعتمده القوم و اعتبروه حجة في الحديث , كما قال ابن سعد قال على بن المديني :
قـلـت ليحيى بن سعيد: ان عبد الرحمان يقول : اترك كل من كان راسا في بدعة يدعو اليها قال : كيف
تـصـنع بقتادة , وابن ابي رواد, و عمر ابن ذر تركت ناسا كثيرا ((1138)) .قـلـت : رميه بالقدر, او شي من القدر, انما جا من قبل قوله بالعدل , حسبما كان يقوله شيخه الحسن
الـبصري ,على ما تقدم في ترجمته و كانت العامة ممن تاثروا بمذهب ابي موسى الاشعري و حفيده
ابـي الحسن الاشعري ,كانوا يرون خلاف ذلك , و ان الافعال كلها مخلوقة للّه و عن ارادته , و ليس
لـلـعـبد اختيار في عمله عقيدة جاهلية اولى , كانت تمكنت من نفوس العرب , و لم تكد تنخلع بعد, ما
دامـت الـعـامة و على راسهم الاشعريان , منحرفين عن تعاليم آل بيت الرسول ـ صلوات اللّه عليهم
اجمعين .هـذا و قد عرف قتادة السدوسي بالولا لاهل البيت و على راسهم الامام امير المؤمنين (ع ) , و في
التاريخ منه مواقف مشرفة سجلها اهل السير و الحديث :.اخـرج ثـقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني باسناده عن ابان بن عثمان البجلي ,قال : حدثني الفضيل
الـبـرجـمـي , قال : كنت بمكة , و خالد بن عبد اللّه القسري ((1139)) امير, و كان في المسجد
عندزمزم , فقال : ادعوا لي قتادة , فجا شيخ احمر الراس و اللحية , فدنوت لاسمع .فـقـال خـالـد: يا قتادة , اخبرني باكرم وقعة كانت في العرب , و اعز وقعة كانت في العرب , و اذل
وقعة كانت فى العرب فقال قتادة : اصلح اللّه الامير, اخبرك باكرم وقعة و اعز وقعة كانت في العرب واحدة فقال خالد: ويحك , واحدة ؟ قال قتادة : بدر اهله فلما قتلت قريش يومئذ, ذلت العرب فكانت اذل وقعة في العرب .فقال له خالد: كذبت لعمر اللّه , ان كان في العرب يومئذ من هو اعز منهم ((1140)) .ثم قال خالد: ويلك يا قتادة , اخبرني ببعض اشعارهم ؟.قال : خرج ابو جهل يومئذ, و قد اعلم ليرى مكانه , و عليه عمامة حمرا, و بيده ترس مذهب , و هو
يقول :.ما تنقم الحرب الشموس مني بازل عامين حديث السن .لمثل هذا ولدتني امي .فـقـال خـالد: كذب عدو اللّه , ان كان ابن اخي لافرس منه , يعني خالد بن الوليد و كانت امه من بني
قسر ويلك ياقتادة , من الذي كان يقول : اوفي بميعادي و احمي عن حسب ؟.فقال : اصلح اللّه الامير, ليس هذا يومئذ, هذا يوم احد خرج طلحة بن ابي طلحة فخرج اليه على بن
ابي طالب (ع ) و هو يقول :.انا ابن ذي الحوضين عبد المطلب ـــــ و هاشم المطعم في العام السغب اوفي بميعادي و احمي عن
حسب .و هـنا لم يتحمل خالد سماع منقبة لامير المؤمنين (ع ) فقال ـ مغضبا ـ : كذب لعمري ابو تراب , ما
كان كذلك .فـعـنـد ذلـك قام قتادة , و قال : ايها الامير, ائذن لي في الانصراف , فجعل يفرج بيده ويخرج و هو
يقول : زنديق و رب الكعبة , زنديق و رب الكعبة ((1141)) .قال المحدث القمي : هذا ينبؤك عن ولا قتادة للامام امير المؤمنين (ع ) ((1142)) .و له ايضا مع الامام ابي جعفر الباقر(ع ) مواقف نذكرمنها:.اخـرج الـكليني ايضا باسناده الى ابي حمزة الثمالي , قال : كنت جالسا في مسجدرسول اللّه (ص ) اذ
اقبل رجل فقال لي : اتعرف ابا جعفر؟ قلت : نعم , فما حاجتك ؟ قال : هيات له اربعين مسالة اساله عنها,
فـمـا كـان من حق اخذته , و ما كان من باطل تركته فما انقطع كلامه حتى اقبل ابو جعفر و حوله
اهـل خراسان و غيرهم يسالونه عن مناسك الحج فمضى حتى جلس مجلسه , و جلس الرجل قريبا
منه فلما انصرف الناس التفت ابو جعفر اليه , فقال له : من انت ؟ قال : انا قتادة بن دعامة البصري .فقال له ابو جعفر: انت فقيه اهل البصرة ؟ قال : نعم , فقال : ويحك يا قتادة , ان اللّه تعالى خلق خلقا من
خـلـقه ,فجعلهم حججا على خلقه , و هم اوتاد في ارضه , قوام بامره , نجبا في علمه , اصطفاهم قبل
خلقه اظلة عن يمين عرشه .فـسـكت قتادة طويلا,ثم قال : اصلحك اللّه , و اللّه لقد جلست بين يدي الفقها, و قدام ابن عباس , فما
اضطرب قلبي قدام واحد منهم , ما اضطرب قدامك فـقال ابو جعفر: اتدري اين انت ؟ بين يدي بيوت اذن اللّه ان ترفع و يذكر فيها اسمه , يسبح له فيها
بالغدو والاصال , رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه و اقام الصلاة و ايتا الزكاة , فانت ثم و
نحن اولئك فقال قتادة : صدقت و اللّه , جعلني اللّه فداك , و اللّه ما هي بيوت حجارة و لا طين ((1143)) .و اخـرج ـ ايـضا ـ عن زيد الشحام , قال : دخل قتادة على ابي جعفر(ع ) وجرى بينهما كلام حتى
انتهى الى تاويل قوله تعالى : (و قدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي و اياما آمنين ) ((1144)) فقال له
الامام : ذلك من خرج من بيته بزاد و راحلة و كرا حلال , يروم هذا البيت , عارفا بحقنا,يهوانا قلبه ,
كـمـا قـال عز و جل :(فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم ) ((1145)) و لم يعن البيت فيقول : اليه
فنحن و اللّه دعوة ابراهيم (ع ) من هوانا قلبه قبلت حجته يا قتادة , فاذا كان كذلك كان آمنا من عذاب
جهنم يوم القيامة .قـال قـتـادة : لا جرم , و اللّه لا فسرتها الا هكذا فقال له ابو جعفر: يا قتادة , انما يعرف القرآن من
خوطب به ((1146)) .قـلـت : هذا النمط من الكلام يعد من اسرار الولاية , لا يبوحون به الا لاصحاب السر و لا سيما مع
اذعـان قـتادة لهذا الخطاب و تحمله هذا العتاب و استسلامه للامر و لعل انقداحة حصلت في نفسه
بعد هذا التقريع , و هكذاتفعل الموعظة باهلها ان صادقت نفوسا مستعدة .له كتاب في التفسير و يرى فؤاد سزكين انه ربما كان تفسيرا كبيرا ضخما فقد استخدمه الخطيب
الـبـغـدادي , كمافي مشيخته قال شواخ : و استخدمه الطبري اكثرمن (3000) ثلاثة آلاف مرة و
ربما نقل كل مادته نقلا, بالرواية التالية : ((حدثنا بشر بن معاذ, قال : حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد
عن قتادة )) و قد عرف الثعلبي عدا ذلك روايتين اخريين لهذا الكتاب , كما يظهر من كتابه ((الكشف
و البيان )) ((1147)) .
28 ـ زيد بن اسلم
ابـو اسـامة العدوي المدني , الفقيه المفسر, احد الاعلام كان مولى عمر بن الخطاب , و برع حتى اصـبـح مـن كبارالتابعين المرموقين , كانت له حلقة في مسجد المدينة , يحضرها جل الفقها, و ربمابـلـغـوا اربـعـين فقيها قال الذهبي : و لزيد تفسير يرويه عنه ولده عبد الرحمان , و كان من العلما
الابرار قال ابن عجلان : ما هبت احداهيبتي زيد بن اسلم ((1148)) .قـال ابن حجر: اخذ العلم من جماعة , منهم على بن الحسين (ع ), قال : و قال يعقوب بن شيبه : ثقة من
اهـل الـفقه والعلم و كان عالما بتفسير القرآن ((1149)) و قد عده الشيخ ابو جعفر الطوسي من
اصـحاب الامام السجاد(ع ) و قال :كان يجالسه كثيرا ((1150)) و له رواية عن الامامين الباقر و
الصادق (ع ).فـقد روى ابنه عبد الرحمان عنه عن عطا بن يسار عن ابي جعفر الباقر(ع ), قال : قال رسول اللّه
(ص ) : ((كل مسكر حرام , و كل مسكر خمر)) ((1151)) .و روى عـبد الرحمان (و في نسخة عبد اللّه ) عن ابيه زيد بن اسلم عن ابي عبد اللّه الصادق (ع )
قـال : قـال رسـول اللّه (ص ) : ((طـلـب الـعـلـم فـريـضـة عـلى كل مسلم , الا ان اللّه يحب بغاة
العلم )) ((1152)) و من ثم عده الشيخ في رجال الصادق ايضا ((1153)) .واستغرب سيدنا الاستاذ الامام الخوئي ـ دام ظله ـ ان يكون زيد مولى عمر, و يدرك الصادق (ع )
((1154)) .لكن زيدا توفي سنة (136) ((1155)) و كانت امامة مولانا الصادق (ع ) بعد وفاة ابيه الباقر(ع )
من سنة (114) حتى نهاية عام (148).هـذا و قـد اخـذ على زيد انه كان يكثر من التفسير برايه قال الذهبي : تناكد ((1156)) ابن عدى
بذكره في الكامل , فانه ثقة حجة , فروى عن حماد بن زيد, قال : قدمت المدينة و هم يتكلمون في زيد
بن اسلم , فقال لي عبيد اللّه بن عمر: ما نعلم به باسا الا انه يفسر القرآن برايه ((1157)) .وقال مالك : كان زيد يحد ث من تلقا نفسه , فاذا قام فلا يجترئ عليه احد ((1158)) .قـلـت : و هـذا نظير ما كان يؤخذ على الحسن البصري كثرة ارساله , و المحذور نفس المحذور,
فتنبه .
29 ـ ابو العالية
رفيع بن مهران الرياحي البصري , ادرك الجاهلية , و اسلم بعد وفاة النبي (ص )بسنتين قال العجلي : تابعي ثقة من كبار التابعين المشهورين بالتفسير روى عن على (ع ) و عبد اللّه بن مسعود, و ابى بنكـعب , و عبد اللّه بن عباس ,و حذيفة , و ابي ذر, و ابي ايوب , و غيرهم من اكابر الاصحاب و هو
مجمع على وثاقته .قـال ابن ابي داود: ليس احد بعد الصحابة اعلم بالقراة من ابي العالية , و بعده سعيدبن جبير, و بعده
السدي , و بعده الثوري مات سنة (93) و هو اول من اذن بماورا النهر ((1159)) .و قال الحافظ شمس الدين الداودي : قرا القرآن على ابى بن كعب و غيره , و سمع من ابن مسعود و
على و طائفة و عنه قتادة و خالد الحذا و الربيع بن انس و ابو عمرو بن العلا و طائفة .و عـن ابـي خـلدة عنه قال : كان ابن عباس يرفعني على سريره , و قريش اسفل منه و يقول : هكذا
العلم , يزيدالشريف شرفا, و يجلس المملوك على الاسرة .قـال : ثـقـة كـثـيـر الارسـال و لـه تـفـسـيـر رواه عـنـه الربيع بن انس البكري خرج حديثه
الجماعة ((1160)) .وقال السيوطي : و تروى عن ابي بن كعب نسخة كبيرة في التفسير, يرويها ابو جعفرالرازي , عن
الـربـيـع بـن انس , عن ابي العالية , عن ابى قال : و هذا اسناد صحيح و قد اخرج ابن جرير و ابن
ابي حاتم منها كثيرا و كذا الحاكم في مستدركه , و احمد في مسنده ((1161)) .قـال الـدكتور شواخ ـ عند الكلام عن تفسير الربيع بن انس البكري البصري الخراساني المتوفى
سـنـة (139): وقـد اخـذ مـنـه الـثـعـلـبي في كتابه ((الكشف و البيان )) على انه تفسير ابي
العالية ((1162)) .
30 ـ جابر الجعفي
هـو جـابر بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث الجعفي ابو عبد اللّه , و يقال ابو يزيد الكوفي عربي صميم , روى عن عكرمة و عطا و طاووس و خيثمة و المغيرة ابن شبيل و جماعة و عنه شعبة والثوري و مسعر و غيرهم توفي سنة (128).ذكـر ابـن حجر عن ابي نعيم عن الثوري : اذا قال جابر حدثنا و اخبرنا فذاك و قال ابن مهدي عن
سفيان : ما رايت اورع في الحديث منه و قال ابن علية عن شعبة : جابر صدوق في الحديث و قال يحيى
بـن ابـي بـكـيـر عن شعبة :كان جابر اذا قال : حدثنا و سمعت , فهو من اوثق الناس و عن زهير بن
مـعـاويـة : كان اذا قال : سمعت او سالت ,فهو من اصدق الناس و قال وكيع : مهما شككتم في شي فلا
تشكوا في جابر ثقة ((1163)) .قال عادل نويهض : تابعي , فقيه امامي , من اهل الكوفة كان واسع الرواية غزير العلم بالدين اثنى عليه
بـعـض رجـال الـحـديـث , و اتـهـمـه آخـرون بـالـقـول بـالـرجـعة مات بالكوفة له ((تفسير
القرآن )) ((1164)) و هكذا قال الزركلي في الاعلام ((1165)) .و عده الطوسي في رجال الامامين محمد بن على الباقر و جعفر بن محمد الصادق (ع ) ((1166)) .و قال السيد الصدر بشانه : جابر بن يزيد الجعفي , امام في الحديث و التفسير,اخذهما عن الامام ابي
جعفر الباقر(ع ) ((1167)) .و قال النجاشي : جابر بن يزيد, ابو عبد اللّه و قيل : ابو محمد الجعفي , عربي قديم لقي ابا جعفر و
ابا عبد اللّه ومات في ايامه سنة (128) له كتب منها: التفسير ثم ذكر سنده اليه .و عـده الـمـفيد في رسالته ((العددية )) ممن لا مطعن فيهم و لا طريق لذم واحد منهم و عده ابن
شـهر آشوب من خواص اصحاب الصادق (ع ) و روى العلامة باسناده الى الحسين بن ابي العلا: ان
الصادق (ع ) ترحم عليه , وقال : انه كان يصدق علينا.و روى الـكشي باسناده الى المفضل بن عمر الجعفي , قال : سالت الامام الصادق (ع )عن تفسير جابر
فـقال : لاتحدث به السفلة فيذيعونه ((1168)) و هذا يدل على ان تفسيره كان فيه شي من الارتفاع
و هـنـاك روايـات تـدل على انه كان يحمل اسرارا من آل بيت الرسول (ص ), و من ثم رفضه القوم
بالغلو و الرفض , ولكن مع صدق الحديث و الورع في الايمان و كفى به مدحا و اخلاصا في الدين .قـال الـنـجاشي : و كان في نفسه مختلطا و هذا يعني الاعتلا في عقيدته بشان ائمة اهل البيت (ع )
فـحسبوه غلواروى ابو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي باسناده الى ابن ابي عمير عن
عـبـد الـحميد بن ابي العلا, قال : دخلت المسجد حين قتل الوليد, فاذا الناس مجتمعون , فاتيتهم فاذا
جـابـر الـجعفي عليه عمامة خزحمرا, و اذا هو يقول : حدثني وصى الاوصيا و وارث علم الانبيا
محمد بن على (ع ) قال : فقال الناس : جن جابر, جن جابر ((1169)) .و من ثم , قال جرير: لا استحل ان اروي عن جابر, كان يؤمن بالرجعة و قال ابو الاحوص : كنت اذا
مررت بجابرالجعفي سالت ربي العافية الى امثال ذلك مما لم يتحمله عقول العامة ((1170)) .و مـن ثـم كـان ابو جعفر الباقر(ع ) يوصيه بان لا يذيع من اسرارهم شيئا و لايحدث الناس بما لا
تطيقه عقولهم قال له : يا جابر, حديثنا صعب مستصعب , لا يتحمله الا مؤمن ممتحن ((1171)) .و الا فلا غمز في الرجل كما قال شعبة : جابر صدوق في الحديث ((1172)) .و لـسـيـدنا الاستاذ الخوئي ـ دام ظله ـ كلام يشيد به من شان جابر, لشهادة الاجلا بجلالة قدره
وعلومرتبته ((1173)) و كفى .
قيمة تفسير التابعي
لقد اهتم ارباب التفسير بالماثور من تفاسير الاوائل , و لا سيما الصحابة والتابعين لهم باحسان و لم يكن ذلك منهم الا عناية بالغة بشانهم و بمواضعهم الرفيعة من التفسير.ان ذلك الحجم المتضخم من التفسير المنقول عن السلف الصالح , و اكثرها الساحق من التابعين بعد انكان الماثور عن ابن عباس منقولا عن طريق متخرجي مدرسته التابعين ايضا ان ذلك , ان دل فانما يدل
على مبلغ الاهتمام بتفاسيرهم و الاجلال بمقامهم الرفيع و ليس الا لانهم اقرب عهدا بنزول الوحي ,
و اطـول باعا في الاحاطة باسباب النزول , و اسهل تناولا لفهم معاني القرآن الكريم فان كان القرآن
قد نزل بلغة العرب و على اساليب كلامهم , فان الاوائل اصفى ذهنا و اقرب تناوشا لتصاريف اللغة و
مـجـاري الفاظها و تعابيرها انهم اعرف بمواضع اللغة في عهد خلوصها, و اطول يدا في البلوغ الى
مجانيها من ثمرات و اعواد.كـمـا انـهم امس جانبا باحاديث الرسول (ص ) , و العلما من صحابته الاخيار فهم اقرب فهما لابعاد
الشريعة في اصولها و الفروع , و الاحاطة بجوانب الكتاب و السنة و السيرة الكريمة .فـكـان الاهـتمام بشانهم , و الرجوع الى آرائهم و نظراتهم , و معرفة اقوالهم في التفسير انما هو
لـمـكان تقدمهم وسبقهم في الحيازة على قصب السبق في هذا المضمار شان كل متاخر في التفسير
يرجع الى آرا سلفه لاليتقلدها او يتعبد بها بل ليستعين بها و يستفيد في سبيل الوصول الى اقصاها, و
الصعود على اعلاها فكان تمحيصا و تحقيقا في الاختيار, لا تقليدا, او تعبدا براي .و لا شـك ان الاحاطة برا العلما سلفا و خلفا, لهي من اكبر وسائل التوسعة في الفكر و الاجالة في
النظر, وبالتالي اكثر توسعا في العلوم و المعارف و الصعود على مدارج الفضيلة و الكمال هكذا تقدم
العلم و ازدهرت معارف الانسان .فـلارا الـسـلف قيمتها و وزنها في سبيل الرقي على مدارج الكمال و لولاه لتوقف العلم على نقطته
الاولى , و لم يخط خطواته تلك الواسعة , في مسيرته هذه الحثيثة , نحو التكامل و الازدهار.قـال الامـام بـدر الـدين الزركشي : و في الرجوع الى قول التابعي روايتان عن احمد و اختار ابن
عقيل ((1174)) المنع وحكوه عن شعبة ((1175)) .