كيفية ترجمة القرآن - تفسیر والمفسرون فی ثوبه القشیب جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر والمفسرون فی ثوبه القشیب - جلد 1

محمد هادی معرفت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

و ذلك لما ان ارسل اليه التفسير الكبير (جامع البيان ) لابي جعفر محمد بن جرير الطبري (توفي سنة 310) في اربعين مجلدا ضخما, فاستعظمه و اكبر من شانه , لكنه تاسف على عدم امكان استفادة
شعبه من هذا التفسيرالعظيم , فاستفتى ـ اولا ـ جميع علما و فقها ماورا النهر (بلخ و بخارى و باب
الـهند و سمرقند و سپيجاب وفرغانة ) في جواز الترجمة , فاجازوه جميعا فطلب منهم ان ينتدب
مـنهم من يصلح لهذا الشان فاجتمع لفيف من العلما المعروفين من تلك الديار, فترجموا القرآن بد, ثم
التفسير بكامله و يوجد من نسخ هذه الترجمة في مكتبات العالم ما فوق العشرة , و طبع منها سنة
في ايران ـ طهران ـ نسخة صحيحة في طباعة جيدة .

و قد وضع ـ في النسخ المخطوطة ـ نص القرآن الكريم ـ في عدد من آياته ـ اولا, ثم ترجمته , و
اخيرا ترجمة التفسير لكن النسخة المطبوعة اهملت ذكر النص , و اكتفت بترجمة الايات مسبقا ثم
تـرجـمـة الـتـفـسـيـر, الامـرالـذي يـؤخـذ عـلى مسؤول الطبع , و لا يقبل منه اعتذاره غير
العاذر ((339)) .

و اليك نص ما جا في مقدمة الاصل (الترجمة السامانية ):.

((اين كتاب تفسير بزرگ است , از روايت محمد بن جرير الطبرى , ترجمه كرده بزبان پارسى و
درى راه راسـت و ايـن كـتاب بياوردند از بغداد چهل مصحف بود اين كتاب نبشته بزبان تازى و
بـه اسـنـادهاى دراز بود و بياوردند سوى امير سعيد مظفر ابو صالح منصور بن نوح بن نصر بن
احـمـد بن اسماعيل پس دشخوار آمد بر وى خواندن اين كتاب و عبارت كردن آن بزبان تازى , و
چنان خواست كه مراين را ترجمه كند بزبان پارسى .

پـس عـلـما ماورا النهر را گرد كرد و اين از ايشان فتوى كرد كه روا باشد خواندن و نبشتن
تـفسير قرآن بپارسى , مر آن كس را كه او تازى نداند؟ از قول خداى عزوجل كه گفت : (و ما
ارسـلنا من رسول الابلسان قومه ) ((340)) گفت : من هيچ پيغامبرى را نفرستادم مگر بزبان قوم
او و آن زبـانـى كـايـشان دانستند واينجا بدين ناحيت زبان پارسى است , و ملوكان اين جاى ملوك
عجم اند پس بفرمود ملك مظفر ابو صالح تاعلماى ماورا النهر را گرد كردند از شهر ((بخارا))
چـون فـقـيـه ابوبكر بن احمد بن حامد, و چون خليل بن احمدسجستانى و از شهر ((بلخ )) ابو
جـعـفر بن محمد بن على و از ((باب الهند)) فقيه الحسن بن على مندوس را, وابوالجهم خالد بن
هـانـى الـمـتـفـقـه را و هـم از ايـن گونه از شهر ((سمرقند)) و از شهر ((سپيجاب )) و
((فـرغانه )) و از هرشهرى كه بود در ماورا النهر و همه خطبها بدادند بر ترجمه اين كتاب ,
كه اين راه راست است .

پس بفرمود امير سعيد ملك مظفر ابوصالح اين جماعت را تا ايشان از ميان خويش هر كدام فاضل تر
و عالم تراختيار كنند تا اين كتاب را ترجمه كنند, پس ترجمه كردند ((341)) .

و لـعـل اقـدم ترجمة رسمية للقرآن , قام بها رجال الحكم , هي التي وقعت بطلب من الراجا (رائك
مهروق ) في مقاطعة (الرور) من بلاد السند طلب من عبد اللّه بن عمر بن عبدالعزيز ـ و كان واليا
هناك سنة (230) ـ ان يترجم له معاني القرآن , فامر عبد اللّه بن عمر احد العلما العرب ممن كانوا
يجيدون لغة الهند القديمة (السنسكريتية ) هناك , فترجم له حسبما مرت عليك ((342)) .

و تـرجـمـة فـارسـيـة اخـرى قـام بـهـا الـفـقـيه الحنفي ابو حفص نجم الدين عمر بن محمد
الـنـسفي ((343)) (462ـ538)من علما ماورا النهر له تفسير لطيف باللغة الفارسية , يبدا فيه
بترجمة الاية ثم تفسيرها على اسلوب بديع .

و للخواجا عبد اللّه الانصارى تفسير فارسي للقرآن الكريم وصفه على اسلوب الذوق العرفاني , و
كـان مـوجـزا ومـختصرا فشرحه و اضاف اليه ابو الفضل رشيد الدين الميبدي عام (520) يبدا
بـالـتـرجـمة ثم بالتفسير في تنوع لطيف و سماه (كشف الاسرار و عدة الابرار) طبع اخيرا في
عشر مجلدات كبار و سياتي شرحه عند الكلام عن تفاسير اهل العرفان .

و لـلخواجا ـ عند تفسير قوله تعالى : (و ما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم ) ((344))
ـاسـتـظـهـار لطيف بجواز تبليغ القرآن الى سائر الامم بلغاتهم , نظرا لانه (ص ) مبعوث الى كافة
الناس , و يستشهدعلى ذلك بعدة من الادلة لاثبات مطلوبه .

و الاحـسـن الاكـمـل مـن الـجميع تفسير مبسط باللغة الفارسية , قام بها العلم العلامة جمال الدين
ابوالفتوح الحسين بن علي بن محمد بن احمد الرازي , من احفاد نافع بن بديل بن ورقا الخزاعي , من
صحابة الرسول الاكرم (ص )قام بهذا التفسير و اكمله ـ في عشر مجلدات ضخام ـ في المنتصف من
القرن السادس للهجرة .

يبدا فيه بالنص العربي , ثم ترجمته تحت اللفظ, ثم التفسير و يعد من افصح النثر الفارسي القديم في
اسلوب رائع و جيد للغاية , مع البسط و الشرح لمناحي معاني الايات , بصورة مستوعبة و مستوفاة و
هـو مـن اكبرالذخائر الاسلامية العريقة طبع هذا التفسير القيم في ايران عدة طبعات انيقة , و قد
اعتنى به العلما الافذاذ.

و لـنـظـام الدين الحسن بن محمد القمي النيسابوري (728) تفسير بديع باسم (غرائب القرآن و
رغـائب الـفـرقـان )يـتـرجم الاية اولا باللغة الفارسية , ثم التفسير بالعربي , و يتعرض للتفسير
الـظـاهـري , و يـعقبه بالتفسير الباطني على اسلوبه العرفاني المعروف و قد طبع هذا التفسير مع
حذف الترجمة في مصر على هامش الطبري , لكن النسخ المخطوطة و المطبوعة في الهند و ايران
مشتملة عليها.

كيفية ترجمة القرآن

تبين ـ ضمن المباحث السابقة ـ اسلوب الترجمة الذي نتوخاه , و هو:. ان يـعمد المترجم الى آية آية من القرآن , وفق الترتيب الموجود, فيستجيد ـ اولا ـ فهم مضامينها
عن دقة وامعان , بما فيها من دلالات اصلية و دلالات تبعية لفظية , دون الدلالات التبعية العقلية , اذ
التصدي لهذه الاخيرة شان التفسير دون الترجمة .

فيفرغ المستفاد من كل آية , في قالب لفظي من اللغة المترجم اليها و يتحرى الكلمات التي تفي بتادية
المعاني التي كانت الفاظ الاصل تؤديها, وفا كاملا حتى في الدلالات التبعية اللفظية مهما امكن , و الا
فيحاول تاديتهاايضا و لو بمعونة قرائن , لينعكس المعنى في الترجمة كما هو في الاصل كما يحاول
ـ مبلغ جهده ـ ان لا يصطدم القالب اللفظي المشابه للاصل بشي من التحوير او التحريف .

و هـذه الكيفية من الترجمة ـ التي تحافظ على سلامة المعنى بالدرجة الاولى ـ قدتستدعي تبديلا
فـي مواضع بعض الالفاظ و التعابير ـ من تقديم او تاخير ـ او تغييرافي روابط كلامية معمولة في
الاصل , و في الترجمة على سوا.

كـمـا قد تستدعي زيادة لفظة في التعبير, لغرض الوفا باصل المراد تماما الامر الذي لا باس به , ما
دامت الغاية هي المحافظة على سلامة المعنى .

غير ان الاولى ان يضع اللفظ المزيد بين قوسين , فلا يلتبس على القارئ هذه الزيادة مع الفاظ الاصل
.

و بالجملة فالواجب على المترجم ـ ترجمة معنوية صحيحة ـ ان يتابع الخطوات التالية :.

1ـ فهم المعنى الجملي فهما جيدا دقيقا, و التاكد من ذلك .

2ـ تـحليل جملة الفاظ الاصل الى كلماتها و روابطها الموجودة , و فصل بعضها عن بعض , ليعرف ما
لـكـل مـن معنى و مفاد استقلالي او رابطي في لغة الاصل , و التدقيق فيما اذا كان للوضع التركيبي
الخاص معنى زائد على ما للالفاظ من معاني , و يتاكد ذلك عن امعان .

3ـ الـتحري لكلمات و روابط من اللغة المترجم اليها, تشاكل الكلمات و الروابط الاصل , تشاكلا
في الافادة والمعاني , ان حقيقة او مجازا.

4ـ تـركيب هذه الكلمات و الالفاظ تركيبا صحيحا يتوافق مع ادب اللغة المترجم اليها, ادبا عاليا, و
مراعيا ترتيب الاصل مهما امكن .

5ـ افـراز الالـفـاظ و الكلمات الزائدة , التي لا تقابلها كلمات و الفاظ في الاصل , و انمازيدت في
الـتـرجـمـة لـغـرض الايفا بتمام المعنى , فيضعها ـ مثلا ـ بين قوسين لكن يمسك عن تكرار ذلك
كثيرافي كلام واحد, لانه يمل , و قد يسبب تشويش فهم المعاني .

6ـ و اخيرا مقابلة الترجمة مع الاصل في حضور هياة ناظرة , تحكم بالمطابقة في الارا و الايفا.

امـا الـشـروط الـتي يجب توفرها في المترجم او المترجمين , لتقع الترجمة مامونة عن الخطا و
الخلل , فهي كمايلي :.

1ـ ان يكون المترجم مضطلعا بكلتا اللغتين : لغة الاصل و اللغة المترجم اليها عارفا بدابهما و المزايا
الكلامية التي تبنتها كلتا اللغتين , معرفة كاملة .

2ـ ان يـتـنـاول الـمعنى المستفاد من كل آية , بمعونة التفاسير المعتمدة الموثوق بها, ولا يقتنع بما
اسـتـظهره من الاية حسب فهمه العادي , و حسب معرفة اوضاع اللغة فحسب , اذ قد يكون دلائل و
شواهد على ارادة غير الظاهر قد خفيت عليه , لولامراجعته للمصادر التفسيرية المعتبرة .

3ـ ان لا يـحـمـل ميلا الى عقيدة بذاتها, او انحيازا الى مذهب بخصوصه , لانه حينذاك قد تجرفه
رواسـبـه الذهنية التقليدية الى منعطفات السبل الضالة , فتكون تلك ترجمة لعقيدة , و ليست ترجمة
لمعاني القرآن .

4ـ ان يـتـرك الالفاظ المتشابهة كما هي , و يكتفي بتبديلها الى مرادفاتها من تلك اللغة ,فلا يتعرض
لشرحها و بسط معانيها, فان هذا الاخير من مهمة التفسير فقط.

5ـ ان يترك فواتح السور على حالها, لانها رموز يجب ان تبقى بالفاظها من غير تبديل و لا تفسير.

6ـ ان يترك استعمال المصطلحات العلمية او الفنية في الترجمة , لان مهمة المترجم افراغ المعاني
المستفادة افراغة لغوية بحتة .

7ـ ان لا يـتـعـرض لـلارا و الـنظريات العلمية , فلا يترجم الكلمات الواردة في القرآن بمعاني
اكتشفها العلم , بل يترجمها حسب الاستفادة اللغوية , لتكون التادية لغوية بحتة .

تلك شروط خاصة يجب توفرها في كل مترجم يقوم بترجمة القرآن الكريم و هناك شروط عامة
يجب مراعاتها في ترجمة القرآن ترجمة رسمية , معترفا بها لدى جامعة المسلمين العامة , هي :.

8ـ ان تـقـوم هـيـاة او لجنة متشكلة من علما صالحين لذلك , و معروفين بسلامة الفكر و النظر و
الاجـتهاد,لان الترجمة الفردية كالتفاسير الفردية غير مامونة عن الخطا و الاشتباه كثيرا, و على
الاقـل يـكـون الـعمل الجماعي ابعد من الزلل مما يكون عملا فردى ا, و لذلك يكون آمن و احوط
بالنسبة الى كتاب اللّه العزيزالحميد.

و هذه الهياة يجب ان تحمل تاييدا من قبل مقامات رسمية اسلامية , اما حكومات عادلة او مراجع دينية
عالية , ذلك لكي يتنفذ القرار تنفيذا رسميا قاطعا.

9ـ ان يـشترك مع اللجنة شخصية او شخصيات معروفة من اللغة المترجم اليها, لغرض التاكد من
صحة الترجمة اولا, و ليطمئن اليها اصحاب تلك اللغة .

10ـ و الشرط الاخير ـ المتمم للعشر ـ ان توضع الترجمة مع الاصل , مصحوبا معها, فلا يقدم الى
مختلف الاقوام و الملل , تراجم مجردة عن النص العربي الاصل .

و ذلـك لـغـرض خـطير, هو ان لا يلتبس على سائر الملل , فيحسبوا من الترجمة قرآناهو كتاب
المسلمين , لا, بل هي ترجمة محضة و ليست قرآنا, و انما القرآن هوالاصل , و كانت الترجمة الى
جنبه توضيحا و تبيينا لمعانيه فحسب .

و بذلك نكون قد امننا على القرآن ضياعه , فلا يضيع كما ضاعت التوراة و الانجيل من قبل , بتجريد
تراجمهماعن النص الاصل , الامر الذي يجب ان لا يتكرر بشان هذا الكتاب السماوي الخالد(انا نحن
نزلنا الذكرو انا له لحافظون ) ((345)) .

نماذج من تراجم خاطئة

لا ريـب ان كـل عـمـل فـردي قد يتحمل اخطا لا يتحملها عمل جماعي , و من ثم وقع الكثير من الافـاضـل في مزق الانفراد فزلوا او اخطاوا المقصود, هذا الامام بدر الدين الزركشي , المضطلع
بـالـلغة و الادب , و كذا تلميذه جلال الدين السيوطي الخبير بمواضع الكلام , نراهما قد اشتبها في
((346)) , فزعماه من : هدى يهدي ((347)).
مع العلم انه من : هاد يهود لكن الزمخشري في تفسيره يقول : هدنا ـ بالضم ـ : فعلنا من : هاده يهيده ((348)) .

و قـال الـراغـب : الهود: الرجوع برفق , و منه التهويد و هو مشي كالدبيب و صار ((الهود)) في
التعارف التوبة , قال تعالى : (انا هدنا اليك ) اي تبنا ((349)) .

و الاعـجـب اشـتـبـاه مـثـل الـراغـب , ذكر في مادة (عنت ) قوله تعالى : (و عنت الوجوه للحي
الـقـيـوم ) ((350)) اي ذلـت و خـضعت ((351)) , في حين انه من (عنى ) بمعنى العنا و هو ذل
الاسـتسلام , و لذلك يقال للاسير: العاني وقد غفل الراغب فذكره في (عنى ) ايضا قال الطبرسي :
اي خضعت و ذلت خضوع الاسير في يد من قهره ((352)) .

فـاذا كـان مثل هؤلا الائمة الاعلام يزلون مغبة انفرادهم في المسيرة , فكيف بمن دونهم من ذوي
الاقلام ؟ هذا العلامة المعاصر ((الهى قمشه اى )) مع اضطلاعه بالادب و العلوم الاسلامية , تراه لم يسلم ـ
فـي تـرجـمـته الفارسية للقرآن الكريم ـ من ذلة الانفراد, فقد ترجم قوله تعالى : (فاتت به قومها
تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريا) ((353)) بما يلي :.

((آنگاه قوم مريم كه به جانب او آمدند كه از اين مكان همراه ببرند گفتند)).

فحسب من القوم فاعلا, و انهم اتوا مريم مريم , و انهم اتوها ليحملوها معهم فـي حـيـن ان الايـة تـعـنـي : ((ان مريم (س ) هي التي اتت الى القوم , في حال كونها تحمل الوليد
المسيح (ع ) على عكس ما زعمه المترجم .

و هكذا ترجم قوله تعالى : (و كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ) ((354)) الى قوله : ((تو خود بر
آن مـردم گواه و ناظر اعمال بودى مادامى كه من در ميان آنها بودم )) في ((كنت )) للمتكلم لاللمخاطب , فضلا عن تهافت المعنى على حسابه .

و تـرجـم قـوله تعالى : (فيومئذ لا يعذب عذابه احد و لا يوثق وثاقه احد) ((355)) , الى قوله :
((وآنـروز بمانند عذاب انسان كافر هيچكس عذاب نكشد, و آنگونه جز انسان كافر, كسى به
بند (هلاك ) گرفتارنشود)) فـحسب من ((لا يعذب )) و ((لا يوثق )) مضارعا مبنيا للمفعول , كما حسب من الضمير عوده الى
الانسان المعذب والموثق .

و هذه غفلة عجيبة في قراة الاية القرآنية , لا يمكن اعفاؤها ابدا.

و قـد جـمـع الدكتور السيد عبد الوهاب الطالقاني ((356)) من ذلك لمة من تراجم قام بها اساتذة
ذووا كفاة راقية ,فكيف بغير الاكفا و مـن الـتراجم الاجنبية , جات ترجمة ((كازانوفا)) لكلمة ((الامي )) ـ وصفا للنبي (ص )بمعنى
((الـشـعـبـي )) مـاخـوذامن ((الامة )) حسبما زعم في حين انه من ((ام القرى )) ـ اسما لمكة
المكرمة ـ ليكون بمعنى ((المكي )), او نسبة الى ((الام )) كناية عن الذي لا يكتب و لا يقرا.

و تـرجـم ((كـازيـمـيـرسـكـي )) ((اسجدوا)) في قوله تعالى : (و اذ قلنا للملائكة اسجدوا
((357)) في حين انه بمعنى الخضوع التام لادم (ع ) او جعله قبلة
بمعنى ((اعبدوا لادم )) للسجود للّه تعالى ـ كما عن بعض التفاسير.

و تـرجـم ((هـوا)) قوله تعالى : (و افئدتهم هوا) ((358)) بمعنى الهوى و الميل النفساني , في
حين انه بمعنى ((الفارغة الجوفا)) ((359)) .

التفسير نشاته و تطوره في مراحل :

اولا ـ في عهد الرسالة . ثانيا ـ في دور الصحابة .

ثالثا ـ في دور التابعين .

رابعا ـ دور اهل البيت في التفسير.

خامسا ـ التفسير في دور التدوين .

المرحلة الاولى التفسير في عهد الرسالة

النبى (ص ) مفسرا هل تناول القرآن كله بالتفسير؟.

حجم الماثور من تفاسيره اوجه بيانه لمعاني القرآن نماذج من تفاسيره التفسير في نشاته الاولى .

(في عهد الرسالة ).

قال تعالى : (و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شي و هدى و رحمة و بشرى للمسلمين ) ((360)) .

ان فـي القرآن الكريم من اصول معارف الاسلام و شرائع احكامه , الاسس الاولية التي لا غنى لاى
مسلم يعيش على هدى القرآن و يستظل بظل الاسلام , ان يراجع دلائله الواضحة و يتلمس حججه
اللائحة , و ان ابهم عليه شي فليستطرق ابواب اهل الذكر ممن نزل القرآن في بيوتهم , فيهدوه سوا
السبيل .

نـعـم كـان رسـول اللّه (ص ) هـو الـمرجع الاول لفهم غوامض الايات و حل مشاكلها, مدة حياته
الكريمة , اذ كان عليه البيان كما كان عليه البلاغ قال تعالى : (و انزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل
اليهم ولعلهم يتفكرون ) ((361)) , فكان دوره (ص ) دور مرشد و معين , و كان الناس هم المكلفين
بالتفكر في آيات اللّه و التماس حججه .

و قـد تصدى النبى (ص ) لتفصيل ما اجمل في القرآن اجمالا, و بيان ما ابهم منه اما بيانا في احاديثه
الـشريفة وسيرته الكريمة , او تفصيلا جا في حل تشريعاته من فرائض و سنن و احكام و آداب ,
كـانـت سنته (ص )قولا وعملا و تقريرا, كان كلها بيانا و تفسيرا لمجملات الكتاب العزيز و حل
مـبهماته في التشريع و التسنين فقد كان قوله (ص ): ((صلوا كما رايتموني اصلي )) شرحا و بيانا
لـمـا جـا فـي الـقرآن , من قوله تعالى : (اقيمواالصلاة ) ((362)) و لقوله : (ان الصلاة كانت على
المؤمنين كتابا موقوتا) ((363)) و كذا قوله (ص ):((خذوا عني مناسككم )) بيان و تفسير لقوله
تـعـالى : (و للّه على الناس حج البيت ) ((364)) , و هكذا فكل ماجا في الشريعة من فروع احكام
العبادات و السنن و الفرائض , و احكام المعاملات , و الانظمة و السياسات ,كل ذلك تفصيل لما اجمل
في القرآن من تشريع و تكليف .

و هكذا كان الصحابة يستفهمونه كلما تلا عليهم القرآن او اقراهم آية او آيات , كانوا لايجوزونه
حتى يستعلموا ما فيه من مرام و مقاصد و احكام , ليعملوا بها و ياخذوا بمعالمها.

اخرج ابن جرير باسناده عن ابن مسعود, قال : كان الرجل منا اذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى
يـعرف معانيهن و العمل بهن و قال ابو عبد الرحمان السلمي : حدثنا الذين كانوا يقرئوننا, انهم كانوا
يـسـتقرئون من النبى (ص ) فكانوا اذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل ,
قال : فتعلمنا القرآن و العمل جميعا ((365)) .

نـعـم , ربـمـا كانوا يحتشمون هيبة الرسول (ص ) فتحجبهم دون مسائلته , فكانوا يترصدون مجي
الاعراب المغتربين عن البلاد, ليسالوه عن مسائل , فيغتنموها فرصة كانوا يترقبونها.

قـال عـلي (ع ): و ليس كل اصحاب رسول اللّه (ص ) كان يساله و يستفهمه , حتى كانوا ليحبون ان
يـجـي الاعرابى او الطارئ فيساله (ع ) حتى يسمعوا قال : و كان لا يمر من ذلك شي الا سالت عنه
وحفظته ((366)) .

و هـكذا حدث ابو امامة ابن سهل بن حنيف ((367)) قال : كان اصحاب رسول اللّه (ص )يقولون : ان
اللّه ينفعنابالاعراب و مسائلهم , قال : اقبل اعرابي يوما فقال : يا رسول اللّه , لقد ذكر اللّه في القرآن
شـجـرة مؤذية , و ما كنت ارى ان في الجنة شجرة تؤذي صاحبها الـسـدر, فـان لها شوكا فقال رسول اللّه :(في سدر مخضود) ((368)) يخضد اللّه شوكه فيجعل
مـكـان كل شوكة ثمرة , فانها تنبت ثمرا, تفتق الثمرة معهاعن اثنين و سبعين لونا, ما منها لون يشبه
الاخر ((369)) .

و مـن ثم كان ابن مسعود يقول : واللّه الذي لا اله غيره ما نزلت آية في كتاب اللّه الا و انا اعلم فيم
نـزلـت و اين نزلت و هكذا تواتر عن الامام امير المؤمنين (ع ), و تلميذه ابن عباس , و غيرهم من
علما الصحابة , حسبماياتي في تراجمهم ((370)) .

هل تناول النبى القرآن كله بالبيان ؟

عـقد الاستاذ الذهبي بابا ذكر فيه الجدل بين فريقين , يرى احدهما: ان النبى (ص )قد بين لاصحابه معاني القرآن كله افرادا و تركيبا و يتراس هذا الفريق احمد بن تيمية , كان يرى ان النبى (ص ) بين
جـمـيع معاني القرآن كمابين الفاظه , لقوله تعالى : (لتبين للناس ما نزل اليهم ) ((371)) فانه يشمل
الالفاظ و المعاني جميعا ((372)) .

و الفريق الثاني ـ و يتراسهم الخويي و السيوطي ـ : يرون انه لم يبين سوى البعض القليل , و سكت
عـن الـبـعض الاخر, ثم فرض لهم دلائل , اهمها ما اخرجه البزاز عن عائشة , قالت : ما كان رسول
اللّه (ص ) يفسر شيئا من القرآن الا آيا بعدد, علمه اياهن جبريل ((373)) .

و اسـهب في النقض و الابرام , و اخيرا نسب كلا من الفريقين الى المغالاة , و اختار هووسطا بين
الـرايـين ـ فيما حسب ـ و ان النبى (ص ) بين الكثير دون الجميع , و ترك ما استاثر اللّه بعلمه , و
مـايـعلمه العلما, و تعرفه العرب بلغاتها, مما لا يعذر احد في جهالته قال : و بديهي ان النبى (ص )لم
يـفـسـر ما يرجع فهمه الى معرفة كلام العرب , كما لم يفسر ما استاثر اللّه بعلمه , كقيام الساعة و
حقيقة الروح , مما يجري مجرى علم الغيوب التي لم يطلع اللّه عليها نبيه ((374)) .

قلت : لم اجد, كما لا اظن احدا ذهب الى ان النبى (ص ) لم يبين من معاني القرآن سوى البعض القليل
و سكت عن الباقي (الكثير طبعا), بعد الذي قدمنا, و بعد ذلك الخضم من تفاصيل الاحكام و التكاليف
الـتـي جـات فـي الـشريعة , و كانت تفسيرا و بيانا لما ابهم في القرآن من تشريعات جات مجملة و
بـصـورة كـلية , فضلا عما بينه الرسول و فضلا صحابته و العلما من اهل بيته , شرحا لمعضلات
القرآن و حلا لمشكلاته .

اما الذي نسبه الى شمس الدين الخويي ((375)) و جلال الدين السيوطي , من ذهابهما الى ذلك , فان
كلامهما ناظرالى جانب الماثور من تفاسير الرسول , المنقول بالنص فانه قليل ((376)) , لو اغفلنا
مـا رويناه بالاسناد اليه (ص ) عن طرق اهل البيت الائمة من عترته الطاهرة ـ صلوات اللّه عليهم ـ
كـمـا اغـفـلـه الـقـوم , و الا فالواقع كثير و شامل , ولا سيما اذا ضممنا تفاصيل الشريعة (السنة
الشريفة ) الى ذلك المنقول من التفسير الصريح .

و قد جعل السيوطي جل تفاصيل الشريعة الواردة في السنة تفسيرا حافلا بمعاني القرآن و مقاصده
الـكـريمة ونقل عن الامام الشافعي : ان كل ما حكم به رسول اللّه (ص ) فهو مما فهمه من القرآن و
بينه , و قال (ص ): الا اني اوتيت القرآن و مثله معه , يعني السنة و اخيرا نقل كلام ابن تيمية الانف ,
و عـقـبـه بالتاييد, بما اخرجه احمد و ابن ماجة عن عمر, انه قال : من آخر ما نزل آية الربا, و ان
رسول اللّه (ص ) قبض قبل ان يفسرها قال السيوطي : دل فحوى الكلام على انه (ص ) كان يفسر لهم
كـل مـا انـزل , و انه انما لم يفسر هذه الاية , لسرعة موته بعد نزولها, والا لم يكن للتخصيص بها
وجه ((377)) .

و امـا حـديث عائشة ـ لو صح السند, و لم يصح كما قالوا ـ ((378)) فهو ناظر الى جانب رعاية
الـتـرتـيب في تفسيرالاي , اعدادا فاعدادا, او حسب عدد الاي التي كان ينزل بها جبرائيل و هذا
يشير الى نفس المعنى الذي رويناه عن ابن مسعود و تلميذه السلمي , و قد نقله ابن تيمية نقلا بالمعنى
قال السلمي : حدثنا الذين كانوا يقرئونناالقرآن , انهم كانوا اذا تعلموا من النبى (ص ) عشر آيات , لم
يـجـاوزوهـا حـتـى يـتـعـلـمـوا مـا فيها من العلم و العمل ,قالوا: فتعلمنا القرآن و العلم و العمل
جميعا ((379)) .

قال الخطيب : هذا اقدم نص تاريخي عرفنا به الطريقة التي كان يتعلم بها المسلمون الاولون , كانوا
لا يعنون بالاكثار من العلم الا بعد اتقان ما يتعلمونه منه , و بعد العمل به ((380)) .

و اما الوسط الذي اختاره , و ان الذي لم يبينه النبى (ص ) من القرآن : هو ما استاثر اللّه بعلمه , كقيام
الساعة , وحقيقة الروح , و ما يجري مجرى ذلك من الغيوب التي لم يطلع اللّه عليها نبيه ((381))
فشي غريب الـكـف عـن جـعـلـه في متناول الناس عامة وقد تعرض المفسرون لتفسير آي القرآن جميعا حتى
الحروف المقطعة , فكيف يا ترى خفى عليهم ان لايتعرضوا لما لا يريد اللّه بيانه للناس ؟ اذن فالصحيح من الراي هو: انه (ص ) قد بين لامته ـ و لاصحابه بالخصوص ـ جميع معاني القرآن
الكريم , وشرح لهم جل مراميه و مقاصده الكريمة , اما بيانا بالنص , او ببيان تفاصيل اصول الشريعة
و فـروعـهـا, و لا سـيمااذا ضممنا اليه ما ورد عن الائمة من عترته , في بيان تفاصيل الشريعة و
معاني القرآن , و الحمد للّه .

حجم الماثور من تفاسير الرسول (ص )

قـد يـستغرب البعض اذ يجد قلة في التفسير الماثور عن رسول اللّه (ص ) بالنص لـلاسـتـغـراب بـعـدالذي قدمنا, اولا: وفرة الوسائل لفهم معاني القرآن حينذاك , ثانيا: جل بيانات
الشريعة كانت تفسيرا لمبهمات القرآن و تفصيلا لمجملاته .

نعم , كانت موارد السؤال و الاجابة عليه فيما يخص تفسير القرآن بالنص قليل , نظرا لعدم الحاجة
الى اكثر من ذلك حسبما عرفت غير ان لهذا القليل من تفاسير الرسول (ص ) كثيرا في واقعه , قليلا
في نقله وحكايته فالماثور منه قليل , لا اصله و منبعه الاصيل .

قـال جـلال الدين السيوطي : الذي صح من ذلك قليل جدا, بل اصل المرفوع منه في غاية القلة و قد
انـهـاهـن فـي خـاتمة كتاب الاتقان الى ما يقرب من مئتين و خمسين حديثا في التفسير, ماثورا عن
النبى (ص )بالنص ((382)) .

و هـذا عدد ضئيل جدا, لا نسبة له مع عدد آي القرآن الكريم , و مواضع ابهامه الكثير,الامر الذي
دعـا بـابن حنبل ان ينكره راسا, الحاقا له بالعدم قال : ثلاثة ليس لها اصول , او لا اصل لها: المغازي ,
والـملاحم , و التفسير قال بدر الدين الزركشي : قال المحققون من اصحابه : يعني ان الغالب انها ليس
لـهـا اسـانيدصحاح متصلة الاسناد, و الا فقد صح من ذلك كثير ((383)) هذا مع ان ابن حنبل قد
جعل السنة برمتها تفسيراللقرآن , و سنذكره .

فـلو ضممنا سيرته الكريمة و سنته في الشريعة , و احاديثه الشريفة في اصول الدين و فروعه و
مـعـارف الاسـلام و دلائل الاحكام , لو ضممنا ذلك كله الى ذلك العدد القليل ـ في الظاهر ـ لاصبح
الـتفسير الماثور عن عهدالرسالة ـ على مشرفها آلاف التحية و الثنا ـ في حجم كبير و في كمية
ضخمة , كان الرصيد الاوفى للتفاسيرالواردة في سائر العصور.

اضـف الى ذلك ما ورد عن طريق اهل البيت (ع ) من التفسير الماثور ((384)) المستند الى جدهم
الرسول (ص )و هوعدد وفير, يضاف الى ذلك الكثير الوارد عن غير طرقهم .

و بعد, فانها تكون مجموعة كبيرة من التفسير المستند الى صاحب الرسالة , لها شان في عالم التفسير
عبر القرون .

اوجه بيان النبي لمعاني القرآن

قـد عـرفت كلام السيوطي : ان السنة بجنب القرآن شارحة له و موضحة له قال (ص ): ((الا اني اوتيت القرآن ومثله معه )) يعني السنة الشريفة ((385)) .

قال الامام جعفر بن محمد الصادق (ع ) :((ان اللّه انزل على رسوله الصلاة و لم يسم لهم : ثلاثا و لا
اربـعـا, حتى كان رسول اللّه (ص ) هو الذي فسر ذلك لهم و انزل الحج فلم ينزل : طوفوا اسبوعا,
حـتى فسر ذلك لهم رسول اللّه ـ وفي رواية اخرى زيادة قوله ـ فنزلت عليه الزكاة فلم يسم اللّه :
من كل اربعين درهما درهما, حتى كان رسول اللّه هو الذي فسر ذلك لهم )) ((386)) .

و معنى ذلك ان الفرائض و السنن و الاحكام انما جات في القرآن بصورة اجمال في اصل تشريعاتها,
امـا التفصيل و البيان فقد جا في السنة في تفاصيل الشريعة , التي بينها رسول اللّه (ص ) طيلة حياته
الكريمة فكانت السنة الى جنب القرآن تفسيرا لمواضع اجماله , و شارحة لمواضع ابهامه .

روى القرطبي بالاسناد الى عمران بن حصين , انه قال لرجل ـ كان يزعم كفاية الكتاب عن السنة ـ :
انـك رجـل احـمـق , اتـجد الظهر في كتاب اللّه اربعا لا يجهر فيها بالقراة والزكاة و نحو هذا ثم قال : اتجد هذا في كتاب اللّه مفسرا تفسر هذا.

و عـن حسان بن عطية قال : كان الوحي ينزل على رسول اللّه (ص ) ويحضره جبرئيل بالسنة التي
تفسر ذلك وعن مكحول قال : ((القرآن احوج الى السنة من السنة الى القرآن )), و قال يحيى بن ابي
كـثـير: ((السنة قاضية على الكتاب و ليس الكتاب بقاض على السنة )), قال الفضل بن زياد: سمعت
احـمـد بـن حنبل ـ و سئل عن هذاالحديث الذي روي ان ((السنة قاضية على الكتاب )) ـ فقال : ما
اجسر على هذا ان اقوله , و لكني اقول : ان السنة تفسر الكتاب و تبينه ((387)) .

و بعد, فان تبيين مجملات القرآن , من تفاصيل واردة في السنة , يمكن على وجوه :.

الاول : ما ورد في القرآن بصورة تشريعات كلية , لا تفصيل فيها و لا تبيين عن شرائطها و احكامها,
فـهـذا يـجـب طـلب تفاصيلها من السنة , في اقوال الرسول و افعاله و تقاريره , كما في قوله تعالى :
(اقيموا الصلاة و آتواالزكاة ) ((388)) , و قوله : (و للّه على الناس حج البيت ) ((389)) و ما
شـابـه , مـن تكاليف عبادية جا تشريعهافي القرآن بهذا الوجه الكلي فلابد لمعرفة اعداد الصلاة و
ركعاتها و افعالها و اذكارها و سائر شروطها واحكامها ((390)) , من مراجعة السنة , و فيها البيان
الوافي بجميع هذه التفاصيل , و هكذا مسالة الزكاة المفروضة والحج الواجب .

و هـكـذا مـا جـا فـي مـخـتـلـف ابـواب الـمـعاملات , من قوله تعالى : (و احل اللّه البيع و حرم
الـربـا) ((391)) فـان للبيع الجائز انواعا, و للربا احكاما, ينبغي طلبها من السنة , فهي التي تحدد
موضوع كل معاملة و تبين الشرائطالتي فرضتها الشريعة في تفاصيل هذه المعاملات .

الـوجـه الثاني : عمومات ذوات تخصيص , جا العام في القرآن و كانت مواردتخصيصه في السنة و
هكذا مطلقات ذوات تقييد, جا الاطلاق في القرآن و كان التقييد في السنة و لا شك ان التخصيص و
كذا التقييد بيان للمراد الجدي من العام و كذا من المطلق , و هذا الذي دل عليه العام في ظاهرعمومه
و الـمـطـلق في ظاهر اطلاقه , انما هو المعنى الاستعمالي المستند الى الوضع او دليل الحكمة و
الذي يكشف عن الجد في المراد هو الخاص الوارد بعد ذلك , و كذا القيد المتاخر و هذا معروف في
علم الاصول .

و مـثـال الاول قـولـه تـعـالـى : (و المطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قرؤ) ((392)) و هذا عام
لمطلق المطلقات و في السنة تخصيص هذا الحكم بالمدخول بهن , اما غير المدخول بهن فلا اعتداد
لهن و كذلك قوله ـبعد ذلك ـ : (و بعولتهن احق بردهن )مخصوص بالرجعيات .

مـثال الثاني : (تقييد المطلق ) قوله تعالى : (و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب
اللّه عليه و لعنه و اعد له عذابا عظيما) ((393)) و قد تقيد هذا الاطلاق بما اذا لم يتب , و كان قد
قتله لايمانه , كما رواه العياشي عن الامام الصادق (ع ) ((394)) .

و قوله تعالى : (الذين آمنوا و لم يلبسوا ايمانهم بظلم اولئك لهم الا من وهم مهتدون ) ((395)) , اذ
لـيـس المراد مطلق الظلم , بل هو ((الشرك )) خاصة روي ذلك عن رسول اللّه (ص ) ((396)) ,
وهـكـذا فـسر اليد (في القطع بالسرقة ((397))) باليمين من مفصل الاصابع و مثله جلد الزاني
المتقيد بغيرالمحصن .

و ايـضـا قوله تعالى : (من بعد وصية يوصى بها او دين ) ((398)) فقد كان الميراث بعد اخراج ما
اوصى به الميت و كذا دينه فالدين مطلق , اما الوصية فقيدت بما اذا لم تتجاوز ثلث التركة بعد وضع
الدين فهذا التقييدتعرضت له السنة , و كان قد ابهم في القرآن ابهاما.

الـوجـه الثالث : ما اذا ورد عنوان خاص في القرآن , و كان متعلقا لتكليف , او قيدا في عبادة مثلا, و
لكنه كان مصطلحا شرعيا من غير ان يكون مفهومه العام مرادا, فهذاايضا مما يجب تبيينه من السنة و
هـذا فـي جـمـيع المصطلحات الشرعية ـ اي الحقائق الشرعية على حد تعبيرهم ـ مما لم تكن لها
سابقة في العرف العام .

و هـذا كـمـا فـي الـصـلاة و الـزكـاة و الـحـج و الـجـهـاد و مـا شـاكـل , انـهـا مصطلحات
شـرعـيـة خاصة , ((399)) لا بد لمعرفة حقائقها و ماهياتها من مراجعة الشريعة , كما كان يجب
الـرجـوع الـيها لمعرفة احكامهاو شرائطها, اذ ليست الصلاة مطلق الدعا و المتابعة ـ كما هي في
الـلـغة و العرف العام غير الاسلامي ـ بل عبادة خاصة ذات كيفية و افعال و اذكار خاصة , اعلن بها
الشرع الحنيف , و تصدى لبيانه الرسول الكريم , قال : ((صلواكما رايتموني اصلي )).

و هـكـذا لـيست الزكاة مطلق النمو, بل انفاق خاص في كيفية خاصة , توجب تنمية المال بفضل اللّه
تـعـالـى ان وقـعت عن صدق و اخلاص , الامر الذي جا تبيينه في السنة الشريفة و مثلها الحج ليس
مطلق القصد, و كذاالجهاد ليس مطلق الاجتهاد و السعي , و هكذا.

و كـذلـك مـوضوع الخطا و العمد في القتل , تعرضت السنة لبيانهما, و ليس مطلق ما يفهم من هذين
الـلـفـظين لغة اوفي المتفاهم العام , فقد جا في السنة ان الخطا محضا هو ما لم يكن المقتول مقصودا
اصـلا اما اذا كان مقصودا ولكن لم يقصد قتله ـ بان لم يكن العمل الذي وقع عليه مما يقتل به غالبا ـ
فـوقـع قتله اتفاقا, فهو شبيه العمد امااذا كان مقصودا بالقتل فهو العمد محضا فهذا التفصيل و البيان
انما تعرضت له السنة تفسيرا لما ابهم في القران من بيان هذه المفاهيم .

الـوجـه الـرابـع : مـوضوعات تكليفية تعرض لها القرآن من غير استيعاب و لا شمول , اذ لم يكن
الاسـتـقصامقصودا بالكلام , و انما هو بيان اصل التشريع و ذكر جانب منه , مما كان موضع الابتلا
ذلك الحين و من ثم يبدو ناقصا غير مستقصى , و مجملا في الشمول و البيان .

امـا الاسـتـقـصـا و الشمول فالسنة الشريفة موردها, ففيها البيان و الكمال , كما لم تات في القرآن
شريعة (رجم المحصن ) و انما فصلته السنة عن مطلق حكم الزاني الوارد في القرآن .

و مـثل احكام الخطا و العمد في القتل لم يتعرض لها القرآن باستيعاب , اذ هناك خطا محض , و شبه
العمد, والعمد المحض ليترتب على الاول ان الدية على العاقلة , و على الثاني كانت الدية على القاتل ,
و في الثالث كان تشريع القصاص هو الاصل الا اذا رضي الاوليا بالدية او العفو.

فهذا الاستيعاب و الاستقصا انما تعرضت له السنة , فاكملت بيان القرآن و رفعت من ابهامه , في هذا
الجانب الذي كان يبدو مجملا لو كان بصدد البيان و لم يكن اصل التشريع مقصودا فقط.

الـوجـه الخامس : بيان الناسخ من المنسوخ في احكام القرآن , اذ في القرآن احكام اولية منسوخة , و
احكام اخر هي ناسخة نزلت متاخرا, فلتمييز الناسخ من المنسوخ لا بد من مراجعة السنة اماالقرآن
ذاتـه فـلا تمييز فيه بين ناسخه ومنسوخه , و لا سيما و الترتيب الراهن بين الايات و السور قد
تـغـيـر عـمـاكـان عليه النزول في البعض على الاقل اذن لم يبق لمعرفة وجه التمايز بين الحكم
الـمنسوخ و الحكم الناسخ الامراجعة نصوص الشريعة و من ثم قال مولانا امير المؤمنين (ع ) لقاض
مر عليه بالكوفة : اتعرف الناسخ من المنسوخ ؟ فهاب الامام و اجاب بالنفى اهلكت ((400)) .

فـمـن ذلـك قـولـه تـعـالـى ـ بـشـان الـمتوفى عنها زوجها ـ : (و الذين يتوفون منكم و يذرون
ازواجا,وصية لازواجهم متاعا الى الحول غير اخراج ) ((401)) كانت الشريعة في البد ان المراة
المتوفى عنها زوجها لا ميراث لها سوى الامتاع في التركة حولا كاملا, و كان ذلك عدتها ايضا لكنها
نـسـخـت بية المواريث ((402)) و بية التربص اربعة اشهر و عشرا ((403)) (وآية التربص
الناسخة مثبتة في سورة البقرة قبل آية الحول المنسوخة ).

هكذا ورد في الحديث عن الامام امير المؤمنين (ع ), و عن الامامين الباقر و الصادق (ع ) ((404))
.

و مـن ذلـك ايـضا آية جزا الفحشا, فما في سورة النسا(15ـ16) منسوخة بشريعة الجلد (سورة
النور/2) والرجم , هكذا ورد عن الامام الصادق (ع ) ((405)) .

و نـظير ذلك كثير, و لا سيما اذا عممنا النسخ ليشمل التخصيص و الاستثنا و سائر القيود ايضا,
و قد كان معهوداذلك الحين .

نماذج من تفاسير ماثورة عن النبى (ص )

قـلـنا: ان الصحابة كانوا في غنى ـ في الاغلب ـ عن مسائلة الرسول (ص ) بشان معاني القرآن , او كـانـوايحتشمون سؤاله , لما كان القرآن قد نزل بلغتهم و في مناسبات كانوا هم حضور مشهدها و
احيانا اذا كان ابهام في وجه آية , او خفي المراد من سياقها, كانوا يراجعونه لا محالة , و في الاكثر
كـانـوا يـترصدون اسئلة الاعراب اوالطارئين فيتبادرون الى تفهم ما يجري بينهم و بين الرسول
بشان معاني القرآن , حتى قالوا: ان اللّه ينفعنابالاعراب و مسائلهم ((406)) .

و بـعـد فـقـد جـمع من هذا و ذاك حشد كبير من تفاسير ماثورة عن رسول اللّه (ص )رواها ائمة
الحديث في امهات الجوامع الحديثية المعروفة .

و الاكـثـر سؤالا انما وقع عن مرادات القرآن , بعد وضوح الكلمة في مفهومها اللغوي ,حيث ظاهر
اللفظ ينبئ عن شي , لكن المراد غير هذا الظاهر المفهوم حسب دلالة الوضع , او يشك في ارادة هذا
الظاهر, لقرائن حالية او مقالية , تبعث على السؤال عن المراد الواقعي .

/ 25