8ـ ابان بن تغلب بن رباح
ابـو سـعيد البكري الكوفي قال الشيخ : ثقة جليل القدر, عظيم المنزلة , لقي ابا محمد السجاد, و ابا جعفر الباقر, وابا عبد اللّه الصادق (ع ) و روى عنهم و كانت له عندهم خطوة و قدم ((988)) .و كـان اذا قدم المدينة تقوضت له الحلق و اخليت له سارية النبى (ص ) ((989)) و كان ذلك بامرمن الامام ابي جعفرالباقر(ع ), قال له : ((اجلس في مسجد المدينة و افت للناس , فاني احب ان يرى
في شيعتي مثلك )) ((990)) و هكذاروى الكشي عن الامام ابي عبد اللّه الصادق (ع ) كان يقول له :
((جـالـس اهل المدينة , فاني احب ان يروا في شيعتنا مثلك )) و قد استجاز الامام ان يفتيهم حسبما
يـرون , قال : اني اقعد في المسجد, فيجيئني الناس فيسالوني , فان لم اجبهم لم يقبلوا مني , و اكره ان
اجـيـبهم بقولكم و ما جا منكم فاجازه الامام ان يفتي للناس حسبما علم انه من قولهم قال : ((انظر ما
علمت انه من قولهم فاخبرهم بذلك )) ((991)) .قـال الـشيخ : و كان ابان بن تغلب قارئا فقيها لغويا نبيلا, و سمع العرب و حكى عنهم و صنف كتاب
((الـغـريـب فـي الـقرآن )), و ذكر شواهده من الشعر قال : فجا فيما بعد عبد الرحمان بن محمد
الازدي الكوفي , فجمع من كتاب ابان , و محمد ابن السائب الكلبي , و ابي روق ابن عطية بن الحرث ,
فـجـعـلـه كتابا واحدا, فيما اختلفوا فيه و مااتفقوا عليه فتارة يجي كتاب ابان مفردا, و تارة يجي
مشتركا, على ما عمله عبد الرحمان .قال : و لابان ـ رحمة اللّه عليه ـ قراة مفردة و رفع اسناده الى محمد بن موسى بن ابي مريم صاحب
اللؤلؤ, قال :سمعت ابان بن تغلب , و ما احد اقرا منه , يقرا القرآن من اوله الى آخره , و ذكر القراة .قال : و لابان كتاب الفضائل ـ ثم ذكر طريقه اليه ـ كما ان له اصلا قال : و مات ابان سنة (141) في
حياة الامام الصادق (ع ) و لما بلغه نعيه , قال : ((اما واللّه , لقد اوجع قلبي موت ابان )) ((992)) .و اخرج النجاشي باسناده الى الحسين بن سعيد بن ابي الجهم , قال : حدثني ابي عن ابان بن تغلب , في
قوله تعالى : (مالك يوم الدين ) و ذكر التفسير الى آخره قال : و لابان قراة مفردة مشهورة عند القرا
و عـن مـحمد بن موسى بن ابي مريم , قال : سمعت ابان بن تغلب , و ما رايت احدا اقرا منه قط, يقول :
((انـمـا الـهـمزرياضة )) ((993)) و ذكر قراته الى آخرها قال : و له كتاب الفضائل , و كتاب
صفين , و كتاب تفسير غريب القرآن .قـال ابـراهـيم النخعي : كان ابان (ره ) مقدما في كل فن من العلم , في القرآن , والفقه , و الحديث , و
الادب , و اللغة ,و النحو.و عـن ابان بن محمد بن ابان بن تغلب , قال : سمعت ابي يقول : دخلت مع ابي الى ابي عبد اللّه (ع ) فلما
بصر به امر بوسادة فالقيت له , و صافحه و اعتنقه و ساله و رحب به قال : و كان ابان اذاقدم المدينة
تقوضت اليه الحلق و اخليت له سارية النبى (ص ) ((994)) .و عـن عـبـد الـرحـمان بن الحجاج , قال : كنا في مجلس ابان بن تغلب , فجاه شاب فقال : يا ابا سعيد,
اخبرني كم شهد مع على بن ابي طالب (ع ) من اصحاب النبى (ص )؟ فقال له ابان : كانك تريد ان تعرف
فـضل علي بمن تبعه من اصحاب رسول اللّه ؟ فقال الرجل : هو ذاك فقال : و اللّه ما عرفنا فضلهم الا
باتباعهم اياه .و قال ابان لابي البلاد: تدري من الشيعة ؟ الشيعة الذين اذا اختلف الناس عن رسول اللّه , اخذوا بقول
على و اذا اختلف الناس عن على , اخذوا بقول جعفر بن محمد.قال النجاشي : و جمع محمد بن عبد الرحمان بين كتاب التفسير لابان و بين كتاب ابي روق عطية بن
الحرث و محمد بن السائب , و جعلها كتابا واحدا.وعن عبد اللّه بن خفقة , قال : قال لي ابان بن تغلب : مررت بقوم يعيبون على روايتي عن جعفر كيف تلوموني في روايتي عن رجل ما سالته عن شي الا قال : قال رسول اللّه ((995)) .و عـن سـلـيم بن ابي حية , قال : كنت عند ابي عبد اللّه , فلما اردت ان افارقه ودعته , و قلت : احب
ان تـزودنـي فـقـال : ائت ابـان بـن تـغـلـب , فـانـه قد سمع مني حديثا كثيرا, فما روى لك فاروه
عني ((996)) .و قـال ابـن حـجر: قال احمد, و يحيى , و ابوحاتم , و النسائي : ثقة و قال ابن عدي : له نسخ عامتها
مستقيمة , اذاروي عنه ثقة , و هو من اهل الصدق في الروايات و ان كان مذهبه مذهب الشيعة , و هو
في الرواية صالح لاباس به قال ابن حجر: هذا قول منصف , و قد تقدم ذكره .وقـال ابـن عـجـلان : حدثنا ابان بن تغلب , رجل من اهل العراق , من النساك , ثقة و مدحه ابن عيينة
بـالفصاحة والبيان قال ابو نعيم : و كان غاية من الغايات و قال العقيلي : سمعت ابا عبد اللّه يذكر عنه
عقلا و ادبا و صحة حديث و قال ابن سعد: كان ثقة و ذكره ابن حبان في الثقات ((997)) .و قـال الـحافظ شمس الدين الداودي : صنف كتاب ((معاني القرآن )) لطيف , ((القراات )) روى له
مسلم والاربعة ((998)) .
9ـ الحسن البصري
ابـو سـعـيد الحسن بن ابي الحسن يسار البصري كان ابوه مولى لزيد بن ثابت الانصاري , من سبي مـيسان (بليدة باسفل البصرة ), و امه خيرة مولاة ام سلمة زوج النبى (ص ) و تربى في بيتها و يقال :ربـمـا كـانـت تـغـذيه بلبنها ـباذن اللّه ـ عند ما تغيب امه و يقال : انه ولد على الرق , ولد بالمدينة
سـنـة (22) لسنتين بقيتا من خلافة عمر, ونشا بوادي القرى (واد من اعمال المدينة على طريق
الشام , واقع بين تيما و خيبر) و توفي بالبصرة مستهل رجب سنة (110) ((999)) .كـان الـحـسـن جـسـيما وسيما ((1000)) نابها فصيحا, و كان يشبه في الفصاحة و البيان برؤبة
العجاج ((1001)) و كان عالماجامعا, و فقيها مامونا ((1002)) و عابدا ناسكا, حسب تعبير ابن سعد
و غيره ((1003)) .كـان اكـثـر مـا يـقـولـه عـن علي (ع ) من غير ان يصرح باسمه الشريف تقية , او يكنى عنه بابي
زينب ((1004)) .و قـد اعـتمد الائمة مراسيله , لانه لا يرسل الا عن ثقة قال على بن المديني : مرسلات الحسن اذا
روى عـنـه الثقات , صحاح و قال ابو زرعة : كل شي يقول الحسن : قال رسول اللّه (ص ), وجدت له
اصلا ثابتا.قـال يـونـس بـن عـبـيد: سالت الحسن , قلت : يا ابا سعيد, انك تقول : قال رسول اللّه (ص ) و انك لم
تدركه ؟ انـي فـي زمـان كما ترى ((1005)) ـ كل شي سمعتني اقول : قال رسول
اللّه (ص )فهو عن على بن ابي طالب (ع ) غير اني في زمان لا استطيع ان اذكر عليا(ع ) ((1006))
.قال الشريف المرتضى : و كان الحسن بارع الفصاحة , بليغ المواعظ, كثير العلم و جميع كلامه في
الـمـواعظ و ذم الدنيا, او جله ماخوذ ـ لفظا و معنى , او معنى دون لفظ ((1007)) ـ من كلام امير
المؤمنين على بن ابي طالب (ع ), فهوالقدوة و الغاية , فنقل عنه حكما و مواعظ جليلة .ثـم قـال : و كـان الـحـسـن اذا اراد ان يـحـدث في زمن بني امية عن امير المؤمنين , قال : قال ابو
زينب ((1008)) .و قـال الـشيخ فريد الدين العطار النيسابوري : ((كان الحسن انما يوالي عليا امير المؤمنين , و منه
اخذ العلم , و كان مرجعه في طريقة العرفان )) ((1009)) .و لابـان بن ابي عياش كلام بشان الحسن , يدل على مغالاته في ولائه للامام اميرالمؤمنين (ع ) قال :
لما اودعه سليم بن قيس الهلالي كتابه و اوصاه ان لا يريح غير الخواص من الشيعة ـ : فكان اول من
لـقـيت بعد قدومي البصرة الحسن بن ابي الحسن البصري , و هو يومئذ متوار من الحجاج و الحسن
يـومـئذمن شيعة على بن ابي طالب ـ صلوات اللّه عليه ـ و من مفرطيهم , نادم متلهف على ما فاته من
نصرة علي والقتال معه فخلوت به في شرقي دار ابي خليفة الحجاج بن ابي عتاب الديلمي , فعرضته
عليه , فبكى ثم قال : مافي حديثه شي الا حق , قد سمعته من الثقات من شيعة علي ـ صلوات اللّه عليه
ـ و غيرهم ((1010)) .قـلت : كان اخذه عن علي (ع ) بواسطة الثقات من اصحابه , و ليس مباشرة و بغير واسطة , لانه لم
يـدرك عليا في المدينة بما يمكنه الاخذ عنه , لحداثة سنه حينذاك , و لم يلق عليا بعد ان خرج الامام
الى العراق , كما سنوضح .و الذي انتقصوا به الحسن امران : انه كان يدلس , و كان منحرفا عن علي (ع ) في بد امره و ان كان
قد تندم بعدذلك و شي ثالث : انه كان قدريا, و يقول : ((من كذب بالقدر فقد كفر)) و لننظر في كل
هذه التهم و مبلغ اعتبار كل واحدة منها:.امـا الـتـدلـيس , فقال ابن حجر: و كان يرسل كثيرا و يدلس قال البزار: كان يروي عن جماعة لم
يسمع منهم ,فيتجوز و يقول : حدثنا و خطبنا, يعني قومه الذين حدثوا و خطبوا بالبصرة ((1011)) .و سـئل ابو زرعة : هل سمع الحسن احدا من البدريين ؟ قال : رآهم رؤية , راى عثمان و عليا قيل :
هـل سـمـع منهماحديثا؟ قال : لا, راى عليا بالمدينة , و خرج على الى الكوفة و البصرة , و لم يلقه
الـحـسـن بعد ذلك و قال على بن المديني : لم ير عليا الا ان كان بالمدينة و هو غلام , و لم يسمع من
جـابر بن عبد اللّه , و لا من ابي سعيد الخدري ,و لم يسمع من ابن عباس , و ما رآه قط, كان الحسن
بـالمدينة ايام كان ابن عباس بالبصرة و اما قوله : ((خطبنا ابن عباس بالبصرة )), فانما اراد: خطب
اهل البصرة كقول ثابت : ((قدم علينا فلان )) اي قدم بلدنا و اهلنا و قال ابن المديني : و لم يسمع من
ابي موسى , و قال ابو حاتم و ابو زرعة : لم يره قال ابن المديني : روي عن الحسن ان سراقة حدثهم قـال : و هذا اسناد ينبو عنه القلب ان يكون الحسن سمع من سراقة , الا ان يكون معنى حدثهم :حدث
الناس , قال : فهذا اشبه و هكذا قال الترمذي : لم يثبت له سماع من علي (ع ) ((1012)) .و قد تقدم الجواب عن ذلك , و انه كان لا يرسل الا عن ثقة , و لذلك قال ابن المديني و ابو زرعة و
غيرهما:مرسلات الحسن صحاح , و ان لها اصلا ثابتا وجده الاعلام ((1013)) .و كـان الرجل في محذور عن تسمية الرجال , و لا سيما اذا كان عن الامام امير المؤمنين علي (ع )
او احداصحابه المعروفين .قـال الـطـبـري : كان الحسن فقيها فاضلا, لا يشك في حديثه فيما روى , و كان كثير المراسيل و
كثير الرواية عن قوم مجاهيل , و عن صحف قد وقعت اليه لقوم اخذها منهم و روي عن مساور, قال :
قلت للحسن : عمن تحدث هذه الاحاديث ؟ قال : عن كتاب عندنا سمعته من رجل .قال المحقق التستري ـ تعليقا على هذا الكلام ـ : و لعله اشارة الى كتاب سليم ابن قيس الهلالي الذي
وقع بيده و سمعه من ابان بن ابي عياش , على ما اسلفنا.و قـال ـ اخـيـرا ـ : و الـرجـل ـ كـمـا رايـت ـ مـخـتلف فيه , الا ان الاحسن حسنه و تقواه و
تقيته ((1014)) .و اما تهمة الانحراف فمستندها حكايات هي اشبه بالاوهام :.من ذلك ما ارسله صاحب كتاب الاحتجاج : ان عليا(ع ) مر ـ بعد واقعة الجمل ـ بالحسن البصري و
هـويـتـوضـافـقـال : يا حسن اسبغ الوضؤ, فقال : يا امير المؤمنين , لقد قتلت بالامس اناسا يشهدون
الـشـهـادتـيـن ويصلون الخمس و يسبغون الوضؤ عدونا؟ فقال : لقد خرجت , وانا لا اشك ان التخلف عن ام المؤمنين عائشة هو الكفر, فلما انتهيت الى
موضع من الخريبة (موضع وقع قتال الجمل فيه ) ناداني مناد: ارجع يا حسن , فان القاتل و المقتول في
النار فقال علي : صدقك ذاك اخوك ابليس , ان القاتل و المقتول منهم في النار ((1015)) .و هـكـذا ارسـل القطب الراوندي : ان عليا(ع ) قال له : اسبغ طهورك يا لفتي ((1016)) , فقال : لقد
قتلت بالامس رجالاكانوا يسبغون الوضؤ حـزنـك قالوا: فما راينا الحسن قط الا حزينا, كانه يرجع عن دفن حميم , او خربندج ضل حماره
فقيل له في ذلك , فقال : عمل في دعوة الرجل الصالح ((1017)) .و ذكر ابن ابي الحديد فيمن كان يبغض عليا(ع ) الحسن البصري , قال : روى عنه حماد انه قال : لو
كـان عـلـي يـاكل الحشف ((1018)) بالمدينة لكان خيرا له مما دخل فيه و رووا عنه انه كان من
الـمـخذلين عن نصرته و روي عنه ان عليا(ع ) رآه و هو يتوضا ـ و كان ذا وسوسة ـ فصب على
اعـضـائه مـا كثيرا, فقال له : ارقت ما كثيرا ياحسن , فقال : ما اراق امير المؤمنين من دما المسلمين
اكـثر ان مات ((1019)) .هـذا كل ما قيل بشانه دليلا على انحرافه عن الامام امير المؤمنين (ع ), لكنها روايات لا اسناد لها,
فضلا عما بينهامن تهافت و تضارب , و قد انكرها ابن ابي الحديد بشدة على ما سنذكر.قلت : و لحسن الحظ ان واضع هذه الروايات قد ذهب عنه ان الحسن ـ و هو غلام يافع ـ لم يكن له
شان ذلك اليوم , و لم يكن حاضر البصرة يوم الجمل , و لم يخرج الى العراق بعد, الا في ايام طعن في
الـسـن و كـبر, ايام عبدالملك بن مروان و ما بعده كما يظهر من رواية الوراق : كان جابر بن زيد
رجـل اهـل الـبصرة , فلما ظهر الحسن جارجل كانما كان في الاخرة ((1020)) و جابر بن زيد
توفي سنة (93 او 103).كان الحسن عند مقتل عثمان لم يبلغ الحلم قال ابن سعد: كان للحسن يومذاك اربع عشرة سنة قال ابو
رجـا:قـلـت لـلـحـسـن : متى عهدك بالمدينة ؟ قال : ليالي صفين قلت : متى احتلمت ؟ قال : بعد صفين
عاما ((1021)) و قال ابن حبان : احتلم سنة (37), و ادرك بعد صفين ((1022)) .و عـلـيـه فـكان يوم الجمل غلاما حوالي البلوغ ما بين (14 ـ 15) سنة , فضلا عن كونه بالمدينة
حينذاك و لم يخرج الى العراق و قد عرفت تصريح العلما بذلك ((1023)) .و اليك من كلام ابن ابي الحديد في ذلك :.قـال : فـامـا اصـحـابنا فانهم يدفعون ذلك عنه و ينكرونه , و يقولون : انه كان من محبي على بن ابي
طـالب (ع ) والمعظمين له و روى ابو عمرو ابن عبد البر في كتابه ((الاستيعاب )) ان انسانا سال
الـحسن عن علي (ع ), فقال :كان و اللّه سهما صائبا من مرامي اللّه على عدوه , و ربانى هذه الامة و
ذا فضلها, و ذا سابقتها, و ذا قرابتها من رسول اللّه (ص ) لم يكن بالنؤمة عن امر اللّه , و لا بالملومة
فـي دين اللّه , و لا بالسروقة لمال اللّه اعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياض مونقة , ذلك على بن
ابي طالب , يا لكع ((1024)) .و روى الواقدي , قال : سئل الحسن عن علي (ع ), و كان يظن به الانحراف عنه , و لم يكن كما يظن ,
فقال : مااقول فيمن جمع الخصال الاربع : ائتمانه على براة , و ما قال له الرسول في غزاة تبوك : فلو
كـان غير النبوة شي يفوته لاستثناه , و قول النبى (ص ): ((الثقلان كتاب اللّه و عترتي )), و انه لم
يؤمر عليه امير قط, و قد امرت الامراعلى غيره .و روى ابـان بـن ابـي عياش , قال : سالت الحسن البصري عن علي (ع ), فقال : ما اقول فيه السابقة , والفضل , و العلم , و الحكمة , و الفقه , و الراي , و الصحبة , و النجدة , و البلا, و الزهد, و
القضا, و القرابة ان علياكان في امره عليا رحم اللّه عليا, و صلى عليه .فقلت : يا ابا سعيد, اتقول : ((صلى عليه )) لغير النبى على النبى وآله , و علي خير آله .فـقلت : اهو خير من حمزة و جعفر؟ قال : نعم قلت : و خير من فاطمة و ابنيها؟ قال : نعم و اللّه انه
خـيـر آل مـحـمـدكـلهم و من يشك انه خير منهم , و قد قال رسول اللّه (ص ): ((و ابوهما خير
مـنـهـمـا)) ((زوجـتـك خـيـر امـتي )) اصحابه , فخى بين على و نفسه فرسول اللّه (ص ) خير الناس نفسا, و خيرهم اخا.فـقلت : يا ابا سعيد, فما هذا الذي يقال عنك , انك قلته في على ؟ فقال : يا ابن اخي ,احقن دمي من هؤلا
الجبابرة , و لولا ذلك لشالت بي الخشب ((1025)) .و ذكـر ابـو الـفـتـح محمد بن علي الكراجكي (ت 449) ان الحجاج بن يوسف كتب الى الحسن
الـبـصـري و الى واصل بن عطا و عمرو بن عبيد و عامر الشعبي , ان يخبروه بقولهم في القضا و
القدر.فـكتب اليه الحسن : ((ما اعرف فيه الا ما قاله على بن ابي طالب (ع ) فانه قال : يا ابن آدم ازعمت ان
الذي نهاك دهاك , و انما دهاك اسفلك و اعلاك و ربك بري من ذاك )).و كـتـب اليه واصل : ((ما اعرف فيه الا ما قاله على بن ابي طالب (ع ) فانه قال : ما تحمد اللّه عليه
فهو منه و ماتستغفر اللّه عنه فهو منك )).و كـتـب اليه عمرو: ((ما اعرف فيه الا ما قاله على بن ابي طالب (ع ) فانه قال : ان كان الوزر في
الاصل محتوما,لكان الموزور في القصاص مظلوما)).و كـتـب اليه الشعبي : ((ما اعرف فيه الا ما قاله على بن ابي طالب (ع ): من وسع عليك الطريق , لم
ياخذ عليك المضيق )).فلما قرا الحجاج اجوبتهم , قال : قاتلهم اللّه , لقد اخذوها من عين صافية ((1026)) .و قـال الـشـريـف الـمرتضى : و احد من تظاهر من المتقدمين بالقول بالعدل , الحسن بن ابي الحسن
البصري كان يقول : من زعم ان المعاصي من اللّه ـ عز و جل ـ جا يوم القيامة مسودا وجهه , ثم قرا:
(و يـوم الـقيامة ترى الذين كذبوا على اللّه وجوههم مسودة ) ((1027)) ـ و ذكر عنه كثيرا من
اقـواله في ذلك ـ ثم قال : و روى ابو بكر الهذلي ((1028)) ان رجلا قال للحسن : ان الشيعة تزعم
انـك تبغض عليا(ع ) مـرامـي ربـنـا ـ عـز و جـل ـ على عدوه , رباني هذه الامة , ذو شرفها وفضلها, و ذو قرابة من
الـنـبـى (ص ) قريبة , لم يكن بالنؤمة عن امر اللّه , و لا بالغافل عن حق اللّه , و لا بالسروقة من مال
اللّه , اعـطى القرآن عزائمه فيما له و عليه , فاشرف منها على رياض مونقة , و اعلام بينة ذلك ابن
ابي طالب , يا لكع قـال : و اتـى عـلى بن الحسين (ع ) يوما الحسن البصري , و هو يقص عند الحجر, فقال : اترضي يا
حسن نفسك للموت ؟ قال : لا, قال : فعملك للحساب ؟ قال : لا, قال : فثم دار للعمل غير هذه الدار؟ قال :
لا, قـال : فـلـلـه فـي ارضـه مـعـاذ غـيـر هـذا الـبـيـت ؟ قـال : لا, قـال : فـلم تشغل الناس عن
التطواف ؟ ((1029)) .و رواه ابـن خـلـكـان بـتـبـديـل لـفـظ ((يا حسن )) بـ ((يا شيخ )), و عقبه : فما قص الحسن
بعدها ((1030)) .و ذكـر ابـو مـحـمـد الـحـسن بن علي ابن شعبة الحراني (من اعلام القرن الرابع ) كتابا للحسن
الـبـصـري , بـعـث بـه الـى الامـام السبط الاكبر الحسن بن علي (ع ) يساله عن رايه في القدر و
الاسـتـطـاعـة , و فـي مـفـتـتـح الكتاب ما ينبئ عن ولا صميم و عقيدة ثابتة كان يحملها لال بيت
الرسول (ص ) جا فيه :.((اما بعد فانكم ـ معشر بني هاشم ـ الفلك الجارية في اللجج الغامرة , و الاعلام النيرة الشاهرة , او
كسفينة نوح التي نزلها المؤمنون و نجا فيها المسلمون .كـتبت اليك يا ابن رسول اللّه عند اختلافنا في القدر, و حيرتنا في الاستطاعة فاخبرنا بالذي عليه
رايك و راي آبائك (ع ) فان من علم اللّه علمكم , و انتم شهدا على الناس , و اللّه الشاهد عليكم , ذرية
بعضها من بعض , واللّه سميع عليم ((1031)) .و روى الـصـدوق باسناده في اماليه عن ابي مسلم , قال : خرجت مع الحسن البصري و انس بن مالك
حتى اتيناباب ام سلمة فقعد انس على الباب و دخلت مع الحسن , فسمعت الحسن و هو يقول :.السلام عليك يا اماه و رحمة اللّه و بركاته فقالت : و عليك السلام , من انت يا بنى ؟.فقال الحسن : انا الحسن البصري .فقالت : فيما جئت يا حسن فقال لها: جئت لتحدثيني بحديث سمعتيه من رسول اللّه (ص ) في على بن ابي طالب (ع ).فـقـالـت ام سـلمة : واللّه لاحدثنك بحديث سمعته اذناي من رسول اللّه (ص ) و الا فصمتا, و راته
عـيـنـاي والافعميتا, و وعاه قلبي و الا فطبع اللّه عليه , و اخرس لساني ان لم يكن سمعت رسول
اللّه (ص ) يقول لعلى بن ابي طالب (ع ):.((يا علي , ما من عبد لقي اللّه يوم يلقاه جاحدا لولايتك الا لقي اللّه بعبادة صنم او وثن )).قال ابو مسلم : فسمعت الحسن البصري و هو يقول : اللّه اكبر, اشهد ان عليا مولاي و مولى المؤمنين
.فلما خرج قال له انس بن مالك : ما لي اراك تكبر؟ من رسول اللّه (ص ) في على , فقالت لي : كذا و كذا فقلت : اللّه اكبر اشهد ان عليا مولاي و مولى كل
مؤمن .قـال ابـومـسلم : فسمعت عند ذاك انس بن مالك و هو يقول : اشهد على رسول اللّه (ص ) انه قال هذه
المقالة ثلاث مرات او اربع مرات ((1032)) .و امـا القول بالقدر, ـ حسبما يفسره اهل العدل ـ ((1033)) فقد عرفت من السيد نسبته اليه , قال :
((و احـد من تظاهرمن المتقدمين بالقول بالعدل الحسن البصري , قال : كل شي بقضا اللّه و قدره الا
المعاصي )) ((1034)) .و لـكـن الاشـاعـرة ـ و هـم جمهور اهل السنة ـ لم يرقهم ذلك بشان مثل الحسن البصري الامام
المعترف به لدى الجميع , فجعلوا يتاولون كلامه في ذلك او يحملونه على رايه القديم , و قد تاب منه
و رجع الى راي الجماعة ,كما زعموا.قـال ابـو عـبـد اللّه الـذهـبي : و اما مسالة ((القدر)) فصح عنه الرجوع عنها, و انها كانت زلقة
لسان ((1035)) .و روى ابـن سـعد عن حماد بن زيد عن ايوب , قال : نازلت الحسن في القدر غير مرة , حتى خوفته
الـسلطان ,فقال : لا اعود فيه بعد اليوم و عن ابي هلال , قال : سمعت حميدا و ايوب يتكلمان , فسمعت
حميدا يقول لايوب :لوددت انه قسم علينا غرم , و ان الحسن لم يتكلم بالذي تكلم به , قال ايوب : يعني
في القدر ((1036)) .قـال عـبـد الـكريم الشهرستاني : و رايت رسالة نسبت الى الحسن البصري كتبها الى عبدالملك بن
مـروان ((1037)) و قـد سـاله عن القول بالقدر و الجبر, فاجابه فيها بما يوافق مذهب القدرية و
استدل فيها بيات من الكتاب و دلائل من العقل قال : و لعلها لواصل بن عطا, فما كان الحسن ممن يخالف
السلف في ان القدر خيره و شره من اللّه تعالى فان هذه الكلمات كالمجمع عليها عندهم قال : والعجب
انه حمل هذا اللفظ (الخير و الشر كله من اللّه ) الوارد في الخبر, على البلا و العافية , و الشدة و
الرخا,و المرض و الشفا, و الموت و الحياة , الى غير ذلك من افعال اللّه تعالى , دون الخير و الشر,
و الحسن و القبيح ,الصادرين من اكتساب العباد, و كذلك اورده جماعة من المعتزلة في المقالات عن
اصحابهم ((1038)) .و للحسن البصري آرا معروفة في التفسير, و كانت روايته المشهورة عن طريق عمرو بن عبيد
الـمعتزلي (توفي سنة 144), و استخدمه الثعلبي في كتابه ((الكشف و البيان )) و توجد منه بقايا
في تاريخ الطبري بهذه الرواية :((حدثنا ابن حميد, قال : حدثنا سلمة عن ابن اسحاق عن عمرو بن
عـبـيـد عـن الحسن )) قال شواخ : و يبدو ان الطبري كان يستخدم نقول ابن اسحاق , كما قال فؤاد
سزكين و توجد بقايا كثيرة من هذا الكتاب في كتب التفسير ((1039)) .و لـه ايـضـا ((نـزول الـقـرآن )) و كـتـاب ((الـعدد في القرآن )), على ما ذكره الشيخ حسن
خالد ((1040)) .
10ـ علقمة بن قيس
ابو شبل او ابو شبيل النخعي الكوفي , كناه بذلك عبد اللّه بن مسعود, اذ كان علقمة عقيما لا يولد له ولـد فـي حـياة النبى (ص ), روى عن علي (ع ) و ابن مسعود ـ و كان خصيصا به ـ و حذيفة و ابيالـدردا و سـلـمان (رضي اللّه عنهم ) و روى عنه ابن اخيه الاسود بن يزيد بن قيس , و ابن اخته
ابراهيم بن يزيد النخعي , و ابراهيم بن سويدالنخعي , و عامر الشعبي , و ابو وائل شقيق بن سلمة .و شـهـد صـفين مع علي (ع ), و قاتل حتى خضب سيفه دما, و عرجت رجله , و اصيب اخوه ابى بن
قيس و كان يقال له : ابي الصلاة , قيل له ذلك لكثرة صلاته .قـال نـصـر بن مزاحم : و قطعت رجل علقمة بن قيس الفقيه , فكان يقول : ما احب , ان رجلي اصح ما
كـانـت , لـمـاارجـو بـها من حسن الثواب من ربي و لقد كنت احب ان ابصر في نومي اخي و بعض
اخـوانـي , فـرايـت اخـي فـي الـنوم , فقلت له : يا اخي , ماذا قدمتم عليه ؟ فقال : التقينا نحن و القوم
فـاحـتـجـجـنـا عـنـداللّه عـز و جـل فـحـججناهم فماسررت بشي مذ عقلت , كسروري بتلك
الرؤيا ((1041)) .قال الخطيب : و كان علقمة مقدما في الفقه و الحديث , و ورد المدائن في صحبة علي (ع ), و شهد معه
حـرب الـخـوارج بـالنهروان و عن الاعمش عن مسلم البطين , قال : رؤي علقمة خاضبا سيفه يوم
النهروان مع علي (ع ), كما شهد صفين ايضا مع علي (ع ) ((1042)) .و غزا خراسان و اقام بخوارزم سنتين , و دخل مرو فاقام بها مدة قال ابن سعد: كانت سنتين ايضا.كـان عـلـقمة اعلم الناس بعبد اللّه بن مسعود, و كان احد الستة من اصحاب عبد اللّه الذين يقرئون
الناس ويعلمونهم السنة , و يصدر الناس عن رايهم ((1043)) و كان اشبه الناس بابن مسعود, هديا
و سـمتا و دلا قال ابو المثنى رياح : اذا رايت علقمة فلا يضرك ان لا ترى عبد اللّه , اشبه الناس به
سمتا و هديا و اذا رايت ابراهيم فلا يضرك ان لا ترى علقمة و كان من الربانيين , على حد تعبيرهم
.و كـان ابن مسعود تعجبه قراة علقمة , كان حسن الصوت فكان يقول له : زدنا فداك ابي و امي , فاني
سـمعت رسول اللّه (ص ) يقول : حسن الصوت زينة للقرآن و كان يقول : رتل فداك ابي و امي عبد اللّه يقول : مااقرا شيئا و لا اعلمه الا علقمة يقرؤه و يعلمه قال الشعبي : ان كان اهل بيت خلقوا
للجنة فهم اهل هذا البيت علقمة و الاسود.كان علقمة قوي الحافظة , قال : ما حفظت و انا شاب فكانما اقراه في ورقة .و كـان يـتـحاشا فضول الامرا و السلاطين كان يقول : لا اصيب من دنياهم شيئا الااصابوا من ديني
افضل منه .اخـرج ابن سعد باسناده الى ابراهيم النخعي : ان ابا بردة (ابن ابي موسى الاشعري )كتب علقمة في
الوفد الى معاوية فكتب اليه علقمة : امحني , امحني و لما جمعت لابن زياد البصرة و الكوفة ,سال ابا
وائل ان يصحبه , قال فاتيت علقمة , فقال لي : اعلم انك لا تصيب منهم شيئا الا اصابوا منك افضل منه .كان يقول : تذاكروا العلم , فان حياته ذكره و كان ثقة كثير الحديث , مجمعا على وثاقته .و مـن حـسن معاشرته مع اهله انه كان يقول لامراته : اطعمينا من ذلك الهني المري ,اشارة الى قوله
تعالى : (فان طبن لكم عن شى منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) ((1044)) .توفي بالكوفة سنة (62) في ولاية عبيد اللّه بن زياد في خلافة يزيد ((1045)) .و عده الشيخ في رجاله من اصحاب الامام امير المؤمنين (ع ) ((1046)) قال الكشي : و كان علقمة
فـقـيها في دينه ,قارئا لكتاب اللّه , عالما بالفرائض شهد صفين و اصيبت احدى رجليه فعرج منها و
كـان الـحـارث اخـوه ايـضـافـقـيها جليلا, و كان اعور و اما اخوه الاخر ابي بن قيس فقتل يوم
صفين ((1047)) .كان علقمة بن قيس من الثقات العشرة الذين خصوا بالامام امير المؤمنين (ع ), فقد روى ثقة الاسلام
الكليني في كتاب الرسائل عن على بن ابراهيم القمي باسناده , قال : كتب امير المؤمنين (ع ) كتابا بعد
مـنـصـرفـه من النهروان , اعرب فيه عن موضعه في امرة المؤمنين و اشهد عليه ثقاته من اصحابه
المقربين , و امر كاتبه عبيد اللّه بن ابي رافع ان يقراه على ملا من الناس .قـال : فـدعا كاتبه عبيد اللّه بن ابي رافع ـ و كان ابو رافع كاتب رسول اللّه (ص ) ـ فقال له : ادخل
علي عشرة من ثقاتي , فقال : سمهم لي يا امير المؤمنين , فقال : ادخل : اصبغ بن نباتة , و ابا الطفيل عامر
بن واثلة الكناني , و زر بن حبيش الاسدي , و جويرية بن مسهر العبدي , و خندف بن زهير الاسدي ,
و حـارثـة بـن مـضـرب الـهـمـدانـي , والـحـارث بـن عـبد اللّه الاعور الهمداني , (و مصباح
الـنـخـعـي ((1048))) و عـلـقـمة بن قيس , و كميل بن زياد, و عمير بن زرارة , فدخلوا عليه
الخ ((1049)) .و عـد ه الـفضل بن شاذان من التابعين الكبار و من رؤسائهم و زهادهم روى الكشي عنه قال : و من
الـتابعين الكبار و رؤسائهم و زهادهم : جندب بن زهير, و عبد اللّه بن بديلة , و حجر بن عدي , و
سـلـيـمـان بن صرد, والمسيب بن نجية , و علقمة , و الاشتر, و سعيد بن قيس , و اشباههم كثير
افناهم الحرب , ثم كثروا بعد ذلك حتى قتلوا مع الحسين (ع ), و بعده ((1050)) .
11ـ محمد بن كعب القرظي
محمد بن كعب القرظي ((1051)) .ابـو حـمـزة , و قيل : ابو عبد اللّه , المدني سكن الكوفة ثم المدينة و قال في الخلاصة : المدني ثم
الكوفي احدالعلما قال ابن عون : ما رايت احدا اعلم بتاويل القرآن من القرظي ((1052)) و قال ابن
سعد ـ في ترجمة ابي بردة ـ: روى عن النبى (ص ) قال : سيخرج من الكاهنين رجل يدرس القرآن
دراسة لا يدرسها احد بعده قال ربيعة :فكنا نقول : هو محمد بن كعب القرظي , و الكاهنان قريظة و
النضير ((1053)) .قال ابن حجر: روى عن على بن ابي طالب (ع ), و عبد اللّه بن مسعود, و ابي ذر, و ابي الدردا, و
زيـد بن ارقم , وعبد اللّه بن عباس , و عبد اللّه بن جعفر ابن ابي طالب , و البرا بن عازب , و جابر
بن عبد اللّه , و انس و غيرهم وعن ابن سعد: كان ثقة عالما كثير الحديث ورعا و قال العجلي : مدني
تابعي ثقة , رجل صالح , عالم بالقرآن و قال ابن حبان : كان من افاضل اهل المدينة , علما و فقها.تـوفي سنة (108) و هو ابن (78) قيل : مات في حادث سقوط سقف المسجد, فمات هو و جماعة
معه تحت الهدم ((1054)) .ملحوظة : قال الترمذي : سمعت قتيبة يقول : بلغني ان محمد بن كعب ولد في حياة النبى (ص ) قال ابن
حجر:و هذا لا حقيقة له , انما الذي ولد في عهده هو ابوه اما هو فقد ولد في آخر خلافة علي (ع )
سنة (40) ((1055)) .قـلت : روايته عن علي و ابن مسعود و ابي ذر و امثالهم تدل على سبق ولادته سنة (40) بكثير, و
لا سـيـمـا مـع التصريح بانه مات سنة (108) و هو ابن (78) فيبدو ان ولادته كانت في خلافة
عمرسنة (20).و ايضا روى ابن شهر آشوب باسناده الى محمد بن منصور السرخسي عن محمد بن كعب القرظي ,
انـه راى رسـول اللّه (ص ) فـي الـمنام , و اعطاه (18) تمرة , فتاول انه يعيش (18) سنة فنسي
ذلـك ,حـتـى راى يـومـا ازدحـام الناس على الامام على بن موسى الرضا(ع ) و هو في طريقه الى
خراسان , و بين يديه طبق تمر, فناوله الامام (18) تمرة فساله الزيادة , فقال : لو زادك جدي رسول
اللّه (ص ) لزدناك انتهى ملخصا ((1056)) .قـلـت : و لـعـل هذه القصة منسوبة الى ابنه حمزة او عبد اللّه او احد احفاده , لان سفرة الامام الى
خراسان كانت في سنة (200) ((1057)) .نعم روى الصدوق (ره ) هذه الرواية ناسبا لها الى ابي حبيب النباجي ((1058)) .
12ـ ابو عبد الرحمان السلمي
هـو عبد اللّه بن حبيب الكوفي كان من اصحاب ابن مسعود, و شهد مع على (ع )صفين كان ثقة كثير الـحـديـث قـال ابن عبد البر: هو عند جميعهم ثقة , و كان قارئا و معلما للقرآن ((1059)) و كانعاصم قد اخذ عنه القراة عن علي (ع ).و اخـرج ابن عساكر باسناده الى ابي بكر بن عياش عن عاصم بن ابي النجود عن ابي عبد الرحمان
السلمي قال : ((ما رايت احدا اقرا لكتاب اللّه من على بن ابي طالب (ع ) ((1060)) .و قد ذكرنا حديثه عن تعلم الصحابة لتفسير القرآن عن النبى (ص ) ((1061)) توفي سنة (72).
13ـ مسروق بن الاجدع
ابـوعائشة الهمداني الوادعي الكوفي , الفقيه العابد اخذ العلم عن على بن ابي طالب (ع ) و لم يتخلف عـن حروبه وهكذا روى عن ابن مسعود, و كان خصيصا بالتلمذة لديه و روى عن معاذ بن جبل , والـخـباب بن الارت , و ابى بن كعب كان ابوه الاجدع بن مالك افرس فارس باليمن , و كان عمرو بن
معديكرب خاله .قال الشعبي : ما رايت اطلب للعلم منه و كان اعلم بالفتوى من شريح , و من ثم كان شريح يستشيره اذا
اعوزه الراي .قـال عـلى بن المديني : ما اقدم على مسروق من اصحاب عبد اللّه بن مسعود احدا و كان من اصحابه
الـذين يعلمون الناس السنة كان مقرئا و مفتيا معا قال ابن حجر: مناقبه كثيرة , ((1062)) مات سنة
(63).و كـان على غزارة من العلم , حريصا على الاخذ من كبار العلما من صحابة الرسول (ص ) و قد تقدم
حـديـث اجـتـمـاعـه مـع اصحاب محمد(ص ) فوجدهم كالاخاذ, يروي الواحد الرجل , ويروي
الـرجـلـيـن , و الـعـشرة , و المائة و الاخاذ لو نزل به اهل الارض لاصدرهم ((1063)) , يعني
عليا(ع ).و اتـهم بالانحراف عن الامام امير المؤمنين (ع ), و لابن ابي الحديد بشانه و شان الاسود بن يزيد
الاتي , و كذامرة الهمداني و الشعبي كلام ننقله بتفصيله :.قال : ذكر شيخنا ابوجعفر الاسكافي (ره ) و وجدته ايضا في كتاب ((الغارات )) لابراهيم بن هلال
الثقفي : و قد كان بالكوفة من فقهائها من يعادي عليا(ع ) و يبغضه , مع غلبة التشيع على الكوفة .فـمنهم مرة الهمداني روى ابو نعيم الفضل بن دكين عن فطر بن خليفة , قال : سمعت مرة يقول : لان
يكون علي جملا يستقي عليه اهله خير له مما كان عليه و عن عمرو بن مرة , قال : قيل لمرة : كيف تخلفت عن علي ؟ قال : سبقنا بحسناته , و ابتلينا بسيئاته .و روى ابن دكين عن الحسن بن صالح , قال : لم يصل ابو صادق ((1064)) على مرة الهمداني و قال
ـ فـي ايـام حـيـاتـه ـ: و اللّه لا يـظلني و اياه سقف بيت ابدا قال : و لما مات لم يحضره عمرو بن
شـرحـبـيـل ((1065)) , قال : لا احضره لشي كان في قلبه على على بن ابي طالب قال ابراهيم بن
هـلال : فـحـدثـنـا الـمـسـعـودي عـن عـبـد اللّه بن نمير بهذاالحديث قال : ثم كان عبد اللّه بن
نـمير ((1066)) يقول : و كذلك انا, و اللّه لو مات رجل في نفسه شي على علي (ع )لم احضره , و
لم اصل عليه .قـال : و مـنـهم الاسود بن يزيد, و مسروق بن الاجدع روى سلمة بن كهيل : انهما كانا يمشيان الى
بعض ازواج النبى (ص ) فيقعان في علي (ع ) فاما الاسود فمات على ذلك و اما مسروق فلم يمت حتى
كان لا يصلي للّه تعالى صلاة الا صلى بعدها على على بن ابي طالب (ع ), لحديث سمعه من عائشة في
فضله ((1067)) .عن ليث بن ابي سليم , قال : كان مسروق يقول : كان على كحاطب ليل قال : فلم يمت مسروق حتى رجع
عن رايه هذا.و روى سـلمة بن كهيل , قال : دخلت انا و زبيد اليمامي على امراة مسروق بعد موته ,فحدثتنا, قالت :
كـان مسروق و الاسود بن يزيد يفرطان في سب على بن ابي طالب , ثم ما مات مسروق حتى سمعته
يـصلي عليه و اما الاسود فمضى لشانه قال : فسالناها: لم ذلك ؟ قالت : شي سمعه من عائشة , ترويه
عن النبى (ص ) فيمن اصاب الخوارج .و عـن ابي اسحاق , قال : ثلاثة لا يؤمنون على على بن ابي طالب (ع ): مسروق , و مرة , و شريح , و
روى ان الشعبي رابعهم .و عن الشعبي : ان مسروقا ندم على ابطائه عن على بن ابي طالب (ع ) ((1068)) .و روى الـكشي عن ابي الحسن على بن محمد بن قتيبة صاحب الفضل بن شاذان , و تلميذه و راوية
كـتـبه , قال :سئل ابو محمد الفضل بن شاذان عن الزهاد الثمانية , فعد منهم اربعة كانوا مع علي (ع )
زهـادا اتـقـيـا, و هـم : الربيع بن خثيم , و هرم بن حيان , و اويس القرني , و عامر بن عبد قيس و
الاربعة الباقون لم يكونوا على تلك الصفة ,احدهم مسروق بن الاجدع , قال : و كان عشارا لمعاوية و
مات في عمله ذلك , بموضع اسفل من واسط على دجلة , يقال له : الرصافة , و قبره هناك ((1069)) .و روى الـطـبـري الامامي ـ في المسترشد ـ : ان مسروقا و مرة الهمداني رغبا عن الخروج مع
علي (ع ) و اخذااعطياتهما منه , و خرجا الى قزوين و كان مسروق يلي الخيل لعبيد اللّه بن زياد و
مات عاشرا, و اوصى ان يدفن مع مقابر اليهود و كان يعلل ذلك بانه سوف يخرج من قبره و ليس من
يـؤمن باللّه و رسوله سواه قال : وكان من المحرضين لنصرة عثمان , و يقول لاهل الكوفة : انهضوا
الى خليفتكم و عصمة امركم ((1070)) .و روى الـثعلبي ـ في تفسيره ـ انه وقف ـ في صفين ـ بين الصفين , و تلا قوله تعالى : (و لا تقتلوا
انفسكم ان اللّه كان بكم رحيما) ((1071)) .هذا كل ما ذكر بشان الرجل و القدح فيه , و لننظر مدى صحته :.اما مسالة ابطائه عن علي ـ على ما روي عن الشعبي ((1072)) ـ او تخلفه عن صفين ((1073))
ـ على ما ذكره الطبري الامامي ـ فتتنافى مع نص اصحاب التراجم و غيرهم , على انه شهد مشاهده
كـلـهـا, قال ابن حجر العسقلاني : قال وكيع ((1074)) وغيره : ((لم يتخلف مسروق عن حروب
علي (ع ))) ((1075)) .