المرحلة الرابعة دور اهل البيت في التفسير - تفسیر والمفسرون فی ثوبه القشیب جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر والمفسرون فی ثوبه القشیب - جلد 1

محمد هادی معرفت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

و ذلـك كـكـثـير من قصص ابراهيم الخليل و لوط و يوسف , ففي التوراة ما في القرآن من تفاصيل اخـبـارهـم , سـوى ان الـقرآن جا بالصحيح المعقول منها, مختزلا, بينما في التوراة صور محرفة
ومـرفوضة لدى العقل السليم سوى بعض لقطات و خطفات جات سليمة , يمكن الاستفادة منها احيانا
الامـرالـذي كان نبها الصحابة و التابعين يعنونه بالذات ((1233)) دون الاستناد المطلق من غير
تـحـر او تحقيق (فبشرعباد الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه اولئك هداهم اللّه و اولئك هم
اولوااللالباب ) ((1234)) .

امـا الاخـذ مـن اهل الكتاب , و الانصياع لهم في كل ما يسطرون , فهذا كان مما يتحاشاه الصحابة و
الـتـابـعون , نعم سوى شراذم من غوغا العوام , او اهل الدغل من الساسة الحاكمة على البلاد على ما
نسرد قصتهم في فصله القادم ان شا اللّه .

فالذي ذكر الذهبي , من اعتماد التابعين , في فهم معاني كتاب اللّه تعالى , على ما اخذوه من اهل الكتاب
مـمـا جافي كتبهم ((1235)) فانه ـ على اطلاقه ـ مرفوض و قد فندنا مزاعم الرجوع الى اهل
الكتاب , فيما حسبوه بشان الصحابي الجليل عبد اللّه بن عباس .

المرحلة الرابعة دور اهل البيت في التفسير

العترة الى جنب القرآن . دورهم في التفسير دور تربية و تعليم .

خلط التفسير بالتاويل عن بعض .

الوضع عن لسان الائمة .

نماذ ج من تفاسير اهل البيت .

دور اهل البيت في التفسير.

العترة الى جنب القرآن

(هم ورثة الكتاب و حملته و خزنة علومه و معارفه ). (ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) ((1236)) .

اوصـى رسول اللّه (ص ) بشان العترة الطاهرة , الى جنب كتاب اللّه العزيز الحميد, و جعلهما خلفه
الـباقي في امته و عبر عنهما بالثقلين ـ محركة : كل شي نفيس مصون ((1237)) و لن يفترقا حتى
يردا عليه الحوض كناية عن تواصل مسيرهما حتى انقضا العالم يتداومان علمين للامة ما ان تمسكوا
بهما لن يضلوا ابدا.

حـديـث مـستفيض , بلفظ ((كتاب اللّه و عترتي )) او ((كتاب اللّه و اهل بيتي )) او بالجمع بين
الـتـعـبيرين (( عترتي اهل بيتي )) ليكون احدهما تبيينا للاخرو توضيحا له و على التعابير, فهو
متفق على صحته و احكام طرقه و اسانيده .

قال العلامة الاميني : هذا الحديث مما اتفقت الامة و الحفاظ على صحته ((1238)) .

و قـال الـحـافـظ ابـن حـجـر الـهـيـثـمـي : و لـهـذا الحديث طرق كثيرة عن بضع و عشرين
صحابيا ((1239)) .

والمستفاد من حديث الثقلين امور:

اولا: لزوم مودتهم قال ابن حجر الهيثمى : و في هذه الاحاديث , لا سيما قوله ـ ص ـ : انظروا كيف تخلفوني فيهما, و اوصيكم بعترتي خيرا, و اذكركم اللّه في اهل بيتي )) الحث الاكيد على مودتهم
و مـزيـد الاحـسان اليهم واحترامهم و اكرامهم و تادية حقوقهم الواجبة و المندوبة , كيف و هم
اشرف بيت وجد على وجه الارض فخرا وحسبا و نسبا.

قال : و في قوله ـ ص ـ : ((لا تقدموهما فتهلكوا, و لا تقصروا عنهما فتهلكوا, و لاتعلموهم فانهم
اعلم منكم )) دليل على ان من تاهل منهم للمراتب العلية و الوظائف الدينية كان مقدما على غيره و يدل
عليه التصريح بذلك بشان قريش , فاهل البيت النبوي الذين هم غرة فضلهم و محتد فخرهم والسبب
فـي تـمـيزهم على غيرهم , بذلك احرى و احق و اولى و اخيرا قال : و صح عن ابي بكر انه قال :
ارقبوامحمدا في اهل بيته , اي احفظوا عهده و وده في اهل بيته ((1240)) .

و عند ذكره لتاويل الاية : (و قفوهم انهم مسؤولون ) ((1241)) اسند الى ابي سعيد الخدري , ان
الـنـبـي (ص )قال : ((وقفوهم انهم مسؤولون عن ولاية على )) قال : و كان هذا هو مراد الواحدي
بـقـولـه : روى ـ في الاية ـ انهم مسؤولون عن ولاية على و اهل البيت لان اللّه امر نبيه ان يعرف
الخلق انه لا يسالهم على تبليغ الرسالة اجراالا المودة في القربى و المعنى : انهم يسالون هل والوهم
حـق الـمـوالاة كـمـا اوصـاهـم الـنـبـي ص ـ ام اضاعوها واهملوها, فتكون عليهم المطالبة و
التبعة ((1242)) .

قال الهيثمي : و اشار الواحدي بقوله : ((كما اوصاهم )) الى الاحاديث الواردة في ذلك , و هي كثيرة
ثـم ذكـر طرفامنها, و من جملتها حديث الثقلين و ذكر متنو ع متونه , و في رواية ((كتاب اللّه و
سـنـتي )) و قال : و هي المراد من الاحاديث المقتصرة على الكتاب , لان السنة مبينة له فاغنى ذكره
عـن ذكرها قال : و الحاصل ان الحث وقع على التمسك بالكتاب و بالسنة , و بالعلما بهما من اهل البيت
و اخيرا قال : و يستفاد من مجموع ذلك بقاالامورالثلاثة الى قيام الساعة .

مـلحوظه : قال الهيثمي : ان للحديث طرقا كثيرة وردت عن نيف و عشرين صحابيا و في بعض تلك
الـطـرق انـه ـ ص ـ قال ذلك بحجة الوداع بعرفة , و في اخرى انه قاله بالمدينة في مرضه و قد
امـتـلات الهجرة باصحابه , وفي ثالثة انه قال ذلك غديرخم , و في رابعة انه قال لما قام خطيبا بعد
انصرافه من الطائف .

قـال : و لا تنافي , اذ لا مانع من انه ـ ص ـ كرر عليهم ذلك في تلك المواطن و غيرها اهتماما بشان
الكتاب العزيزو العترة الطاهرة ((1243)) .

ثـانـيـا: تـداوم امـامـتهم ما تداومت ايام هذه الامة عبر الازمان , و كونهم مراجع الخلق بعد رسول
اللّه (ص ) في فهم الشريعة و معاني القرآن , مرجعية عاصمة , نظيرعصمة القرآن , و مرجعيته عبر
الخلود.

قـال السيد الامين العاملي ـ بعد ذكر احاديث الثقلين التي رواها اجلا علما السنة و اكابر محدثيهم ,
في صحاحهم باسانيدهم المتعددة , و اتفق على روايتها الفريقان .

((دلـت هـذه الاحـاديث على عصمة اهل البيت من الذنوب و الخطا, لمساواتهم فيهابالقرآن الثابت
عـصـمته , في انهم احد الثقلين المخلفين في الناس , و في الامربالتمسك بهم كالتمسك بالقرآن و لو
كـان الخطا يقع منهم لما صح الامر بالتمسك بهم الذي هو عبارة عن : جعل اقوالهم و افعالهم حجة و
فـي ان الـمـتـمسك بهم لا يضل كما لا يضل المتمسك بالقرآن و لو وقع منهم الذنب اوالخطا لكان
المتمسك بهم يضل و ان في اتباعهم الهدى و النور كما في القرآن , و لو لم يكونوا معصومين لكان في
اتباعهم الضلال و في انهم حبل ممدود من السما الى الارض كالقرآن , و هو كناية عن انهم واسطة
بين اللّه تعالى و بين خلقه , و ان اقوالهم عن اللّه تعالى , و لو لم يكونوا معصومين لم يكونوا كذلك .

و فـي انـهـم لـن يفارقوا القرآن و لا يفارقهم مدة عمر الدنيا و لو انهم اخطاوا او اذنبوا لفارقوا
القرآن و فارقهم .

و في عدم جواز مفارقتهم بتقدم عليهم بجعل نفسه اماما لهم , او تقصير عنهم و ائتمام بغيرهم , كما
لا يجوزالتقدم على القرآن بالافتا بغير ما فيه او التقصير عنه باتباع اقوال مخالفيه .

و فـي عـدم جواز تعليمهم و رد اقوالهم , و لو كانوا يجهلون شيئا لوجب تعليمهم , و لم ينه عن رد
قولهم .

قال : و دلت هذه الاحاديث ايضا على ان منهم من هذه صفته في كل عصر و زمان بدليل قوله ـ ص ـ :
انـهـما لن يفترقا حتى يردا على الحوض , و ان اللطيف الخبير اخبره بذلك و ورود الحوض كناية
عـن انـقـضا عمرالدنيافلو خلا زمان من احدهما لم يصدق انهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض
((1244)) .

ثالثا: انهم الراسخون في العلم و المصداق الاوفى لوصف اهل الذكر, الذين يعلمون تفسير القرآن و
تاويله ,فهم وحدهم مراجع الامة , في فهم معاني الكتاب ودرس آياته عبر العصور انهم ابواب الهدى
و مصابيح الدجى و سفن النجاة .

قـال الـهيثمي ـ في مقارنة لطيفة بين الكتاب و العترة ـ : سمى رسول اللّه ـ ص ـ القرآن و عترته
ثقلين , لان الثقل كل نفيس خطيرمصون و هذان كذلك , اذ كل منهما معدن للعلوم اللدنية و الاسرار و
الـحكم العلية و الاحكام الشرعية و لذا حث رسول اللّه ـ ص ـ على الاقتدا و التمسك بهم و التعلم
مـنـهـم , و قال : ((الحمد للّه الذي جعل فينا الحكمة اهل البيت )) و قيل : سميا ثقلين , لثقل وجوب
رعاية حقوقهما.

ثـم الذين وقع الحث عليهم منهم انما هم العارفون بكتاب اللّه و سنة رسوله , اذ هم الذين لا يفارقون
الكتاب الى الحوض , و يؤيده الخبر السابق ((و لا تعلموهم فانهم اعلم منكم )) و تميزوا بذلك عن
بـقية العلما, لان اللّه اذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا و شرفهم بالكرامات الباهرة و المزايا
المتكاثرة .

و فـي احـاديث الحث على التمسك باهل البيت اشارة الى عدم انقطاع متاهل منهم للتمسك به الى يوم
القيامة ,كما ان الكتاب العزيز كذلك و لهذا كانوا امانا لاهل الارض ـ حسبما ياتى .

ويشهد لذلك قوله ـ ص ـ : ((في كل خلف من ام تي عدول من اهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف
الضالين وامتحال المبطلين و تاويل الجاهلين , الا ان ائمتكم وفدكم الى اللّه عز و جل فانظروا من
توفدون )).

ثـم احـق من يتمسك به منهم امامهم و عالمهم علي بن ابي طالب ـ كرم اللّه وجهه ـ لمزيد علمه و
دقائق مستنبطاته , و من ثم قال ابو بكر: على عترة رسول اللّه (ص ) ((1245)) .

وقـال في قوله تعالى : (و ما كان اللّه ليعذبهم و انت فيهم ) ((1246)) :اشار(ص ) الى وجود هذا
الـمعنى في اهل بيته و انهم امان لاهل الارض كما كان هو امانا لهم و في ذلك احاديث كثيرة منها ما
رواه الحاكم و صححه على شرطالشيخين : ((النجوم امان لاهل الارض من الغرق و اهل بيتي امان
لامتي من الاختلاف , فاذا خالفتهاقبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس )).

وقال : و جا من طرق عديدة يقوي بعضها بعضا: ((انما مثل اهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها
نـجـا)) و فـي روايـة مـسـلـم : ((و مـن تـخـلف عنها غرق )) و في رواية : ((هلك و انما مثل
اهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني اسرائيل , من دخله غفر له ((1247)) .

روى ثقة الاسلام الكليني باسناده الى الامام امير المؤمنين (ع ) قال : ((ان اللّه تبارك و تعالى طهرنا
و عـصـمـنا وجعلنا شهدا على خلقه و حجته في ارضه و جعلنا مع القرآن , و جعل القرآن معنا لا
نفارقه و لا يفارقنا)).

و روى ـ ايضاـ عن الامام ابي عبد اللّه الصادق (ع ) قال ـ في قول اللّه عز و جل : (فكيف اذا جئنا
مـن كل امة بشهيد و جئنا بك على هؤلا شهيدا) ((1248)) ـ :نزلت في امة محمد(ص ) خاصة في
كل قرن منهم امام منا شاهد عليهم , و محمد(ص ) شاهد علينا)) ((1249)) .

و في كلامه (ع ) اشارة الى قوله (ص ) ـ : ((يحمل هذا الدين في كل قرن عدول , ينفون عنه تاويل
المبطلين وتحريف الغالين و انتحال الجاهلين , كما ينفي الكير خبث الحديد)) ((1250)) .

و سـال عبيدة السلماني و علقمة بن قيس و الاسود بن يزيد النخعي , الامام اميرالمؤمنين (ع ) من ذا
يـسـالـونـه عـمـا اذا اشـكـل عـلـيـهم فهم معاني القرآن ؟ فاجابهم الامام (ع ): ((سلوا عن ذلك
آل محمد)) ((1251)) .

وقال الامام ابو جعفر الباقر(ع ) لعمرو بن عبيد ((1252)) : ((فانما على الناس ان يقراوا القرآن
كما انزل , فاذا احتاجواالى تفسيره , فالاهتدا بنا و الينا يا عمرو)) ((1253)) .

وقـال (ع ):((ان الـعـلم الذي نزل مع آدم ـ كناية عن العلم الذي كان يحمله الانبيا منذ البداية ـ لم
يرفع و العلم يتوارث و كان علي (ع ) عالم هذه الامة قال : و انه لم يمت منا عالم قط الا خلفه من اهله
من علم مثل علمه , اوما شا اللّه )) ((1254)) .

قـال الامـام الـصـادق (ع ): ((انـا اهـل بـيت لم يزل اللّه يبعث منا من يعلم كتابه من اوله الى آخره
)) ((1255)) .

نعم كان ذلك هو مقتضى تلازم الكتاب و العترة , فلا يمكن الاهتدا باحدهما بعيداعن الاخر, اذ كما
ان لـلـكـتاب موضع التشريع و التاسيس , كان للعترة موضع التفصيل و التبيين , كما كان ذلك لرسول
اللّه (ص ).

هكذا عرفت الصحابة و الذين اتبعوهم باحسان , هذا الموضع الرفيع لال البيت , و لاسيما راسهم و
رئيـسـهـم الامـام عـلى بن ابي طالب (ع ) فكانوا يراجعونهم فيما اشكل عليهم من مسائل الشريعة
ومفاهيم القرآن مذعنين لهم هذا المقام السامي .

هـذا الـصحابي الجليل عبد اللّه بن مسعود, و من اكابر الصحابة قدرا و اجلائهم شانا, تراه يذعن
بـرفـعـة مـقام شاخص هذا البيت الامام امير المؤمنين و انه قد تتلمذ على يده حتى في حياة صادق
الرسالة الامين ـ صلوات اللّه عليه .

اخـرج ابو جعفرالطوسي ـ في اماليه ـ باسناده الى ابن مسعود, قال : قرات على النبي (ص ) سبعين
سـورة مـن القرآن اخذتها من فيه و قرات سائر القرآن على خير هذه الام ة و اقضاهم , بعد نبيهم ,
على بن ابي طالب صلوات اللّه عليه ((1256)) .

اخـرج ابـن عـساكر في ترجمة الامام باسناده الى عبيدة السلماني قال : سمعت عبداللّه بن مسعود
يـقـول : لـو اعلم احدا اعرف بكتاب اللّه مني تبلغه المطايا فقال له رجل : فاين انت من على ؟ قال :به
بدات اني قرات عليه ((1257)) .

و اخـرج عـن زاذان عـنه , قال : قرات على رسول اللّه (ص ) تسعين سورة , و ختمت القرآن على
خير الناس بعده قيل له : من هو؟ قال : علي بن ابي طالب ((1258)) .

و هوالقائل : القرآن انزل على سبعة احرف , ما منها حرف الا له ظهر و بطن و ان علي بن ابي طالب
عنده منه علم الظاهر و الباطن ((1259)) .

واخرج الحاكم الحسكاني باسناده عن علقمة , قال : كنت عند رسول اللّه (ص )فسئل عن علي فقال :
((قسمت الحكمة عشرة اجزا, فاعطي علي تسعة اجزا و اعطي الناس جز واحدا ((1260)) .

و لابن عباس الصحابي العظيم ايضا شهادات راقية بشان الامام و كذا غيره من اجلا الاصحاب , قد
مرت الاشارة اليها في ترجمة الامام و هكذا تصريحات من اعلام التابعين لا نعيد ذكرها.

الامـر الـذي دعا بنبها الامة في جميع الادوار, ان يجعلوا من ائمة اهل البيت ,قدوتهم في كل ابعاد
الـشريعة , و لا سيما طريقة فهم القرآن و استنباط معانيه و الوقوف على دقائق تعابيره وظرائف
نكاته و كان قولهم هو فصل الخطاب و القول الفصل في جميع الابواب .

هذا ابو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني صاحب الملل والنحل (467 ـ548) يحاول ـ عند
دراسـتـه لـتفسير القرآن ـ ان يجعل رائده علما من اعلام هذا البيت الرفيع , معتقدا ان الصحيح من
القول , لا يوجد الا عندهم لا عند غيرهم .

واليك بعض كلامه بهذاالشان :ـ.

((وخـص الـكـتـاب بـحملة من عترته الطاهرة و نقلة من اصحابه الزاكية الزاهرة , يتلونه حق
تـلاوتـه , و يـدرسونه حق دراسته , فالقرآن تركته , و هم ورثته , و هم احد الثقلين , و بهم مجمع
البحرين , و لهم قاب قوسين , و عندهم علم الكونين والعالمون .

((و كـما كانت الملائكة (ع ) معقبات له من بين يديه و من خلفه تنزيلا, كذلك كانت الائمة الهادية ,
و الـعـلـمـاالصادقة معقبات له من بين يديه و من خلفه تفسيرا وتاويلا, (انا نحن نزلنا الذكر و انا
لـه لـحافظون ) ((1261)) فتنزيل الذكر بالملائكة المعقبات , و حفظ الذكر بالعلما الذين يعرفون
تـنزيله و تاويله , ومحكمه و متشابهه , و ناسخه و منسوخه , و عامه و خاصه , و مجمله و مفصله ,
و مـطـلقه و مقيده , و نصه و ظاهره ,و ظاهره و باطنه و يحكمون فيه بحكم اللّه , من مفروغه و
مستانفه , و تقديره و تكليفه , و اوامره و زواجره , وواجباته و محظوراته , و حلاله و حرامه , و
حـدوده و احـكـامه بالحق و اليقين , لا بالظن و التخمين اولئك الذين هداهم اللّه و اولئك هم اولو
الالباب .

((و لقد كانت الصحابة ـ رضي اللّه عنهم ـ متفقين على ان علم القرآن مخصوص باهل البيت (ع ) اذ
كـانـوا يـسالون علي بن ابي طالب (رض ) هل خصصتم اهل البيت دوننا بشي سوى القرآن ؟ و كان
يـقـول : لا و الـذي فلق الحبة و برا النسمة الا بما في قراب سيفي هذا فاستثنا القرآن بالتخصيص
دليل على اجماعهم بان القرآن و علمه تنزيله و تاويله مخصوص بهم .

((و لـقـد كـان حبر الامة عبد اللّه بن عباس (رض ) مصدر تفسير جميع المفسرين , و قد دعا له
رسـول اللّه (ص )بان قال : اللهم فقهه في الدين و علمه التاويل تتلمذ لعلى (رض ) حتى فقهه في الدين
و علمه التاويل .

قـال : ((و لـقـد كنت على حداثة سني اسمع تفسير القرآن من مشايخي سماعا مجردا, حتى وفقت
فـعـلـقـتـه على استادي ناصر السنة ابي القاسم سلمان بن ناصر الانصاري (رض ) تلقفا ثم اطلعني
مـطـالعات كلمات شريفة عن اهل البيت و اوليائهم ـ رضي اللّه عنهم ـ على اسرار دفينة و اصول
مـتـيـنـة في علم القرآن , و ناداني من هو في شاطئ الوادي الايمن في البقعة المباركة من الشجرة
الـطـيـبة : (يا ايها الذين آمنوا اتقوا اللّه و كونوامع الصادقين ) ((1262)) فطلبت الصادقين طلب
الـعـاشـقـين , فوجدت عبدا من عباد اللّه الصالحين , كما طلب موسى (ع ) مع فتاه , (فوجدا عبدا من
عبادنا آتيناه رحمة من عندنا و علمناه من لدناعلما) ((1263)) فتعلمت منه مناهج الخلق و الامر,
و مـدارج التضاد و الترتيب , و وجهي العموم و الخصوص , وحكمي المفروغ و المستانف فشبعت
مـن هذا المعا الواحد دون الامعا التي هي مكل الضلال و مداخل الجهال , و ارتويت من شرب التسليم
بـكـاس كـان مـزاجـه من تسنيم , فاهتديت الى لسان القران : نظمه و ترتيبه وبلاغته و جزالته و
فصاحته و براعته )) ((1264)) .

و مـن طـريـف ما يذكرهنا, ما شهد به مثل الحجاج بن يوسف الثقفي بشان هذا البيت الرفيع , حسبما
رواه عـلـي بن ابراهيم القمي في تفسيره : ان اباه حدثه عن سليمان بن داود المنقري عن ابي حمزة
الـثمالي عن شهر بن حوشب قال : قال لي الحجاج بن يوسف : بان آية في كتاب اللّه قد اعيتني ايـهـاالامير, اية آية هي ؟ فقال : قوله : (و ان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته ) ((1265)) و
اللّه لامـرباليهودي و النصراني فيضرب عنقه , ثم ارمقه بعيني , فما اراه يحرك شفتيه حتى يخمد فـقـلت : اصلح اللّه الامير,ليس على ما تاولت الـقيامة الى الدنيا, فلايبقى اهل ملة يهودي و لا نصراني الا آمن به قبل موته , و يصلي خلف المهدي
قـال : ويحك , انى لك هذا, و من اين جئت به ؟ ابي طالب (ع ) فقال : جئت بها, و اللّه من عين صافية ((1266)) .

كـان الحجاج قد حسب ان الضمير في قوله تعالى ((قبل موته )) يعود الى ((من اهل الكتاب )) فجا
تفسير الامام بارجاع الضميرالى المسيح , و بذلك زالت علته .

و اورد الامـام الـرازي الـحـديث بلفظ آخر, ناسبا له الى محمد ابن الحنفية , قال : فاخذ ينكث في
الارض بقضيب ,ثم قال : لقد اخذتها من عين صافية ((1267)) .

دور اهل البيت في التفسير

كـان الـدور الذي قام به ائمة اهل البيت (ع ) في تفسير القرآن الكريم , هو دور تربية و تعليم , و ارشـاد الى معالم التفسير, و انه كيف ينبغي ان يفهم معاني كلامه تعالى , و كيف الوقوف على دقائق و
رمـوز هذا الوحي الالهي الخالد فقد كانت تفاسيرهم للقرآن , الماثورة عنهم (ع ) تفاسير نموذجية ,
كانوا قد عرضوها على الامة و على العلما, لكي يتعرفوا الى اساليب التفسير, تلك الاساليب المعتمدة
عـلـى اصول متينة و قواعد رصينة و ان في الجم الغفير من التفسير الوارد عنهم (ع ) ما ينبؤك عن
حـرصهم الشديد على تعليم هذه الامة كيف يفسرون القرآن الكريم و ايقافهم على نكت و ظرف من
هـذا الكلام البارع نعم كانوا(ع ) ورثة القرآن العظيم , و حملته الى الناس , في امانة صادقة و ادا و
ايفا كريم .

و سوف نذكر نماذج من تفاسيرماثورة عن ائمة اهل البيت (ع ) هي شواهد على كونها مناهج تعليمية
لكيفية التفسير و طريقة استنباط معانيه الحكيمة .

الخلط في التفاسير الماثورة

هناك في التفسير الماثور عن ائمة اهل البيت (ع ) بعض الخلط بين تفسير الظاهر و تفسير الباطن , كـمـا حـصـل خلط بين بعض التطبيقات و التفسير, حيث كان المنصوص عليه مصداقا او من ابرز
مصاديق الاية , فحسبهاالبعض تفاسير فكان من الضروري التمييز بين الامرين , و فصل احدهما عن
الاخر, ليعرف وجه الصواب .

مـن ذلـك مـا ورد فـي تـفـسـيـر قـولـه تـعـالى : (فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ) بانهم
آل مـحـمـد(ص )فـقـد وردت هـذه الايـة في سورة النحل : (ما ارسلنا من قبلك الا رجالا نوحي
اليهم فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون بالبينات و الزبر) ((1268)) .

و فـي سـورة الانـبـيـا (و مـا ارسـلنا قبلك الا رجالا نوحي اليهم فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا
تعلمون ) ((1269)) .

وظاهر الايتين يقضي بكون الخطاب موجها الى المشركين , الذين استغربوا نزول الوحي على بشر
او على رجل منهم حيث قالوا: (ما انزل اللّه على بشر من شى ) ((1270)) و قال تعالى : (اكان للناس
عجبا ان اوحينا الى رجل منهم ) ((1271)) .

فـرفعا لاستغرابهم افسح لهم المجال كي يتسالوا بذلك اهل الكتاب ممن يلونهم وكانوا يعتمدونهم و
من ثم جات في الاية الاولى : (ان كنتم لا تعلمون بالبينات و الزبر) اي لاتعلمون الكتاب و لا تاريخ
الانبيا و الامم السالفة فعليكم بمراجعة من يعلم ذلك من اهل الكتاب .

كـمـا جـا تعقيب الاية الثانية بقوله : (و ما جعلناهم جسدا لا ياكلون الطعام و ما كانواخالدين ) حيث
استغرابهم ان يكون النبي انسانا ياكل الطعام و يمشي في الاسواق .

هذا هو ظاهر معنى الايتين : تفسير ((اهل الذكر)) ب ((اهل الكتاب )).

لـكن ورد في تاويلهما, ما يقضي بالعموم , بان تشمل الاية كل ذوي العلم من اهل الثقافة و المعرفة و
على راسهم ائمة اهل البيت (ع ).

و ذلـك بـالـقا الخصوصيات المكتنفة بالكلام , و الاخذ بعموم اللفظ و عموم الملاك (اي عموم مناط
الـحـكـم ) و هـو ما يقتضيه العقل من رجوع الجاهل الى العالم اطلاقا,و في جميع مجالات العلم و
المعرفة , بما يعم جميع الثقافات .

فهذا من التاويل الذي هو مفاد باطن الاية , و ليس من التفسير الذي هو مفاد ظاهرها.

هـذا الـمـولـى مـحسن الفيض الكاشاني , حسب من هذه الروايات الواردة بتفسير الاية باهل البيت ,
تـفـسـيـرا حـقـيـقـيـا حسب ظاهر اللفظ قال : في الكافي والقمي و العياشي عنهم (ع ) في اخبار
كـثيرة :رسول اللّه ((الذكر)) و اهل بيته المسؤلون و هم ((اهل الذكر)) و اضاف : ان المستفاد
من هذه الاخبار ان المخاطبين بالسؤال هم المؤمنون دون المشركين , و ان المسؤول عنه هو كل ما
اشـكـل عـلـيـهـم دون كون الرسل رجالا قال : و هذا انما يستقيم اذا لم يكن ((وما ارسلنا)) ردا
للمشركين او كان ((فاسالوا)) كلاما مستانفا او كانت الاية مما غير نظمه و لا سيما اذا علق قوله
((بـالـبينات و الزبر)) بقوله ((ارسلنا)) فان هذا الكلام , بينهما و اما امرالمشركين بسؤال اهل
الـبـيـت عـن كـون الـرسـل رجـالا لا مـلائكـة , مـع عـدم ايـمـانـهم باللّه و رسوله , فمما لا
وجه له ((1272)) .

انظر الى هذا التكلف الذي وقع فيه لتوجيه ما حسبه تفسيرا للاية فلو انه اخذه تاويلا لها مستخلصا
عـمـوم الـمراد من ظاهر اللفظ, و ذلك لعموم مناط الحكم في المراجعة و السؤال لكان قد استراح
بنفسه .

نـعـم , وردت الايـة بشان المشركين , و هم جهال , ليسالوا اهل الكتاب , لانهم علما و هذا الدستور
الـعـقلاني عام في ملاكه و مناطه , فليكن عاما في خطابه و شموله هكذا يستفاد العموم من اللفظ و
يستخلص الشمول من الملاك و يسمى ذلك تاويلا اي مل الكلام في نهاية المراد.

و هكذا قوله تعالى : (قل ارايتم ان اصبح ماؤكم غورا فمن ياتيكم بما معين ) ((1273)) فقدفسرها
قـوم حـسـبما ورد من روايات في تاويلها, فحسبوها مفسرات قال علي بن ابراهيم ـ بصدد تفسير
الايـة ـ :ارايـتـم ان اصـبـح امـامـكم غائبا فمن ياتيكم بامام مثله و اكتفى بذلك و استشهد بحديث
الرضا(ع ) سئل عن هذه الاية , فقال : ماؤكم : ابوابكم , اي الائمة (ع ) و الائمة ابواب اللّه بينه و بين
خلقه , (فمن ياتيكم بمامعين ), يعنى بعلم الامام ((1274)) .

و((كـنـاية ((الما المعين )) عن العلم الصافي عن اكدار الشبهات , امر معروف قال تعالى : (و ان لو
اسـتـقـامـواعـلى الطريقة لا سقيناهم ما غدقا) ((1275)) و هكذا جا في تفسير الصافي للمولى
محسن الفيض ((1276)) .

غـيـر ان ذلـك تـاويل للاية و ليس تفسيرا لها, حيث اخذ ((الما)) في مفهومه الاعم من الحقيقي و
الكنائي , اي فيما يورث الحياة و يوجب تداومها و بقاها, ان ماديا او معنويا, ليشمل الما الزلال والعلم
الـصـافـي جميعا و بهذا المعنى العام يشمل كلا الامرين فاستخلاص مثل هذا العموم من لفظ الاية ,
يعتبرتاويلا لها.

و فـي روايـة الـصـدوق ـ فـي الاكـمال ـ تصريح بذلك حيث سئل الامام ابو جعفر محمد بن علي
الباقر(ع ) عن تاويل هذه الاية بالذات , فقال : اذا فقدتم امامكم فلم تروه فماذا تصنعون ليمتاز التاويل
عن التفسير.

و قوله تعالى : (و نريد ان نمن على الذين استضعفوا في الا رض و نجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين
و نمكن لهم في الا رض و نرى فرعون و هامان و جنودهما منهم ما كانوا يحذرون ) ((1277)) .

فالاية ـ حسب ظاهرها ـ وردت بشان قوم موسى و استضعاف فرعون لهم , فاراد اللّه ان يرفع بهم
ويستذل فرعون و قومه .

لـكـن الاية في مفادها العام وعد بنصر المستضعفين في الارض و رفعهم على المستكبرين , في اي
عـصـر و فـي اي دور سنة اللّه التي جرت في الخلق لكن على شرائط يجب توفرها كماتوفرت
حـيـنذاك على عهد موسى و فرعون فان عادت الشرائط و تهيات الظروف , فان السنة تجري كما
جرت اول الامر.

و بذلك جا تاويل الاية بشان مهدى هذه الامة , و استخلاص المستضعفين في الارض على يده من نير
المستكبرين .

قـال الامـام امير المؤمنين (ع ) ـ :((لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها ثم
تلا هذه الاية )) ((1278)) .

و فـي كـتاب الغيبة قال اميرالمؤمنين (ع ) :((هم آل محمد ـ صلوات اللّه عليه ـ يبعث اللّه مهديهم
بعد جهدهم ,فيعزهم و يذل اعدائهم )) و الروايات بهذا المعنى كثيرة جدا ((1279)) .

فـقـد جـا ذكر موسى و قومه و فرعون و قومه , و المقصود ـ في باطن الاية ـ كل مستضعف في
الارض و مستكبر فيها.

قـال الامـام السجاد: و الذي بعث محمدا بالحق بشيرا و نذيرا, ان الابرار منا اهل البيت و شيعتهم
بمنزلة موسى وشيعته , و ان عدونا و اشياعهم بمنزلة فرعون و اشياعه ((1280)) .

و عـبـثا حاول بعضهم جعل ذلك تفسيرا مباشرا للاية , و اخذ فرعون و هامان لفظاكنائيا بحتا عن
مطلق العتاة في الارض ((1281)) .

و نـظـيـر هـذه الايـة فـي شمولها العام , و تاويلها بشان المهدي المنتظرـ عجل اللّه تعالى فرجه
الـشـريـف ـ قـوله تعالى : (وعد اللّه الذين امنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الا رض
كـمـااسـتـخـلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعدخوفهم امنا
يعبدونني لا يشركون بى شيئا) ((1282)) .

فان مصداقها الحقيقي المنطبق على بسيط الارض كله , انما يتحقق بظهور المهدي و اظلال الاسلام
عـلى كافة وجه الارض عند ذلك تكون العبادة للّه في الارض خالصة من الشرك , لا يشرك به احد
من خلقه .

قال الامام الصادق (ع ) : نزلت في القائم و اصحابه ((1283)) , اي بشانهم في تاويل الاية .

و هـكـذا قـولـه تـعـالـى : (و لـقـد كـتـبـنـا فـي الـزبـور مـن بـعد الذكر ان الا رض يرثها
عبادي الصالحون ) ((1284)) .

قال الامام الباقر(ع ): هم اصحاب المهدي في آخر الزمان .

و قد فصل الكلام في ذلك , الطبرسي في مجمع البيان , فراجع ((1285)) .

و قـوله تعالى : (فلينظر الا نسان الى طعامه انا صببنا الما صبا ثم شققنا الا رض شقافانبتنا فيها حباـ
الى قوله ـ متاعا لكم ) ((1286)) .

قال الامام ابو جعفر الباقر(ع ): الى علمه الذي ياخذه عمن ياخذه ((1287)) .

لا شـك ان الـعـلم غذا الروح كما ان الطعام غذا الجسد فكما يجب على الانسان ان يعرف ان الطعام
الـصالح والغذا النافع الكافل لسلامة الجسد و صحة البدن , هو الذي ياتيه من جانب اللّه , و انه تعالى
هوالذي هياه له ترفيها لمعيشته كذلك يجب عليه ان يعلم ان العلم النافع و الغذا الصالح لتنمية روحه
و تـزكـيـة نفسه هو الذي ياتيه من جانب اللّه , و على يد اوليائه المخلصين الذين هم ائمة الهدى و
مصابيح الدجى , فلا يستطرق ابواب البعدا الاجانب عن مهابط وحي اللّه , و مجاري فيضه المستدام .

قـال الـحـكـيم الرباني الفيض الكاشاني : لان الطعام يشمل طعام البدن و طعام الروح جميعا كما ان
الانـسان يشمل البدن و الروح فكما انه مامور بان ينظر الى غذائه الجسماني ليعلم انه نزل من عند
اللّه فـكذلك غذاؤه الروحاني الذي هو العلم , ليعلم انه نزل من عنده تعالى بان صب امطار الوحي الى
ارض الـنـبـوة و شجرة الرسالة و ينبوع الحكمة , فاخرج منها حبوب الحقائق و فواكه المعارف ,
ليغتذي بها ارواح القابلين للتربية فقوله (ع ): ((علمه الذي ياخذه عمن ياخذه )) اي ينبغي له ان ياخذ
عـلـمه من مهابط الوحي و منابع الحكمة اهل بيت رسول اللّه (ص ) الذين اخذوا علومهم من مصدر
الوحي الامين , خالصة صافية ضافية .

قال : و هذا تاويل الاية الذي هو باطن الاية , مرادا الى جنب ظاهرها حسبما عرفت ((1288)) .

الوضع عن لسان الائمة

مـن المؤسف جدا ان نجد كثرة الوضع في التفاسير المنسوبة الى السلف الصالح و لاسيما ائمة اهل الـبـيـت (ع ) حـيـث وجـد الكذابون ـ من رفيع جاه آل الرسول (ص ) بين الامة , و مواضع قبولهم
من الخاصة و العامة ـ ارضا خصبة استثمروها لترويج اباطيلهم و تنفيق بضائعهم المزجاة فصاروا
يضعون الحديث و يختلقون لها اسانيد يرتفعون بها الى السلف و الائمة المرضيين كي تحظى بالقبول
و التسليم .

و فـي اكـثـر هذه المفتريات ما يتنافى و قدسية الاسلام و تتعارض مع مبانيه الحكيمة , فضلا عن
منافرتها لدى الطبع السليم و العقل الرشيد.

ولحسن الحظ, ان غالبية اسانيد هذه الروايات المفتعلة , اصبحت مقطوعة او موهونة برجال ضعاف
اومشهورين بالوضع و الاختلاق .

و من ثم فان الجوامع الحديثية التي حوت على امثال هكذا تفاسير ماثورة نقلا عن الائمة (ع ) لم تكد
تصح منها الا القليل النادر: على ما ننبه عليه .

ففي مثل تفسير ابي النضر محمد بن مسعود العياشي (توفي سنة 320) الذي كان من اجمع التفاسير
الـمـاثورة , قداصبح مقطوع الاسناد, حذف اسانيده بعض الناسخين لعذر غير وجيه , و بذلك اسق
ط مثل هذا التفسير الثمين عن الحجية والاعتبار و الذي وصل الينا من هذا التفسير هو قسم من اوله ,
مع حذف الاسناد و يا للاسف .

و هـكـذا تفسير فرات بن ابراهيم الكوفي (توفي حدود 300) و قد اسقط اسانيده ايضا و مثلهما
تـفـسـيـر مـحمد بن العباس ماهيار المعروف بابن الحجام (توفي حدود 330) لم يوجد منه سوى
روايات مقطوعة الاسناد.

هذه تفاسير كانت بروايات مسندة الى ائمة اهل البيت , و قد اصبحت مقطوعة الاسناد فاقدة الاعتبار
لا يجوز الاستناد اليها في معرفة آرا الائمة (ع ) في التفسير.

و امـا مـثـل تفسير ابي الجارود, زياد بن المنذر الهمداني الخارفي الملقب بسرحوب ((1289))
(توفي سنة 150) الذي يرويه عن الامام ابي جعفر محمد بن علي الباقر(ع ) فضعيف كما لا اعتبار
بـه , لانـه مـن زعـما الزيدية ـالمنحرفين عن طريقة الائمة , و اليه تنسب الفرقة الجارودية او
الـسرحوبية فقد ورد لعنه عن لسان الصادق (ع )قال : لعنه اللّه , انه اعمى القلب اعمى البصر و قال
فيه محمد بن سنان : ابو الجارود لم يمت حتى شرب المسكر وتولى الكافرين ((1290)) .

وعـن ابـي بـصير قال : ذكر ابو عبد اللّه الامام الصادق (ع ) ثلاثة نفر: كثير النوا, و سالم بن ابي
حفصة , و اباالجارودفقال : كذابون مكذبون كفار, عليهم لعنة اللّه ((1291)) .

والـتـفسير المنسوب الى الامام العسكري (ع ) فيه تفسير فاتحة الكتاب و آيات متقطعة من سورة
الـبـقـرة حـتـى الاية رقم (282) الى قوله تعالى : ((و لا ياب الشهدا اذا ما دعوا)) و هذا آخر
الـموجود من هذا التفسير زعموا انه من املا الامام ابي محمد الحسن بن علي العسكري , املاه على
ابـي يعقوب يوسف بن محمد بن زياد, و ابي الحسن علي بن محمد بن سيار كانا من اهل استرآباد, و
حضرا سامرآ في طلب العلم لدى الامام (ع ) و الراوي عنهما ابو الحسن محمد ابن القاسم الخطيب ,
المعروف بالمفسر الاسترآبادي .

غـيـر ان الـنفرين الاولين مجهولان , و الراوي عنهما ايضا مجهول , فهنا ثلاثة مجاهيل حفوا بهذا
التفسيرالمبتور ((1292)) .

و هـنـاك لاحـمد بن محمد السياري (توفي سنة 268) تفسير متقطع مختصر اعتمد الماثور عن
الائمة غير انه ضعيف الحديث , فاسد المذهب , مجفو الرواية , كثير المراسيل حسبما وصفه ارباب
الـتـراجـم و كـان القميون ـالمحتاطون في نقل الحديث ـ يحذفون من كتب الحديث ما كان برواية
السياري ((1293)) .

وتـفـسـيـر الـنعماني المنسوب الى ابي عبد اللّه محمد بن ابراهيم النعماني من اعلام القرن الرابع
(تـوفـي سنة360 )تفسير مجهول , لم يعرف واضعه , و انما نسب الى النعماني عفوا و لم يثبت فقد
عـزي هـذا الـتفسيرالمشتمل على توجيه الايات المتعارضة ـ فيما زعمه واضعه ـ الى ثلاثه من
شـخـصيات لامعة في تاريخ الاسلام ,هم : السيد المرتضى علم الهدى و سعد بن عبد اللّه الاشعري
القمي و النعماني هذا والجميع مكذوب عليهم ,يتحاشاه قلم علم من اعلام الدين القويم ((1294)) .

وامـا الـتـفسير المنسوب الى علي بن ابراهيم القمي (توفي سنة 329) فهو من صنع احد تلاميذه
الـمـجـهـولـيـن هو: ابوالفضل العباس بن محمد العلوي اخذ شيئا من التفسير باملا شيخه علي بن
ابـراهـيـم , و مزجه بتفسير ابي الجارود, الانف , و اضافه اليه شيئا مما رواه هو عن غير طريق
شـيـخه بسائر الطرق فهو تفسير مزيج ثلاثي الاسانيد و لم يعرف لحد الان من هذا العباس العلوى
واضع هذا التفسير.

كـمـا ان الراوي عن ابي الفضل هذا ايضا مجهول فلم يصح الطريق الى هذا التفسير كما لم يعتمده
ارباب الجوامع الحديثية , فلم يرووا عن الكتاب , و انما كانت رواياتهم عن علي بن ابراهيم باسنادهم
اليه لا الى كتابه فهوتفسير مجهول الانتساب ((1295)) .

و في القرن الحادي عشر, قام مؤلفان كبيران , هما: السيد هاشم بن سليمان البحراني المتوفى سنة
(1107 او1109) و عبد علي بن جمعة الحويزي المتوفى (1091) فجمعا الماثور من احاديث اهل
الـبيت الواردة في التفسير من الكتب الانفة , و ما جا عرضا في سائر الكتب الحديثية امثال الكافي و
كتب الصدوق و كتب الشيخ , و نحوها.

فـجـا ما جمعه السيد البحراني باسم ((البرهان )) و الشيخ الحويزي باسم ((نور الثقلين )) و قد
اشـتملا على تفسيركثير من الايات القرآنية , بصورة متقطعة , و لكن حسب ترتيب السور, من كل
سورة آيات و من غير وفابتفسير كامل الاية , سوى الموضع الذي تعرض له الحديث الماثور.

غـيـر ان غـالـبية هذه الروايات مما لا يوزن بالاعتبار, حيث ضعف اسنادها او ارسالها او مخالفة
مـضـامـيـنها مع اصول العقيدة او مباني الشريعة فضلا عن مخالفة العلم او العقل الرشيد الامر الذي
يـوهـن صـدور مـثلها عن ائمة اهل البيت (ع ) اذ يجب تنزيه ساحتهم عن صدور مثل هذه الاخبار
الضعاف .

و لـناخذ لذلك مثلا التفسير المنسوب الى علي بن ابراهيم القمي , فانه من احسن التفاسير المعتمدة
عـلى النقل الماثور, سوى اشتماله على بعض المعايب ـ و من حسن الحظ انها قليلة الى جنب محاسنه
الكثيرة ـ و من ثم فانها معدودة في جنب محاسنه غير المعدودة كفى المر نبلا ان تعد معايبه و لنشر
الى بعضها كنماذج :.

فقد جا فيه , تفسيرا لقوله تعالى : (الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا
كـثـيـرا و نـسـا) ((1296)) : ان حـوا براها اللّه من اسفل اضلاع آدم تجد ذلك في مواضع من
هذاالتفسير ((1297)) .

فـي حـيـن ان الـمـراد هـنـا: الـجـنـس اي مـن جنسه كما في قوله تعالى : (و اللّه جعل لكم من
انفسكم ازواجا, و جعل لكم من ازواجكم بنين و حفدة ) ((1298)) .

و قـولـه تـعـالـى : (ومـن ايـاته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها و جعل بينكم مودة و
رحمة ) ((1299)) .

وقصة خلقة حوا من ضلع آدم ذات منشا اسرائيلي تسرب في التفسير.

و هـكـذا قـصـة الـملكين ببابل هاروت و ماروت كفرا ـ و العياذ باللّه ـ و زنيا و عبدا للصنم , و
مـسخت المراة نجمة في السما ((1300)) و غيرذلك مما ينافي عصمة الملائكة المنصوص عليها
في القرآن الكريم ((1301)) .

وقصة الجن و النسناس , خلقوا قبل الانسان , فكانوا موضع عبرة الملائكة ((1302)) .

و كذا تسمية آدم و حوا وليدهما بعبد الحارث , فجعلا للّه شريكا ((1303)) .

و قصة : ان الارض على الحوت , و الحوت على الما, و الما على الصخرة , والصخرة على قرن ثور
املس , والثور على الثرى ثم لا يعلم بعدها شي ((1304)) .

كلها اساطير بائدة , جات في هذا التفسير عفوا, و من غيرما سبب معقول .

و جا فيه ما ينافي عصمة الانبيا كما ينافي مقام قداستهم بين الناس .

/ 25