ويأتي منه المتعدي واللازم. أما المتعدي فمُثِّلَ له بـ: ضَرَبَ وقَتَلَ وأما اللازم فمُثِّلَ له بجَلَسَ وقَعَدَ.إن صيغة فَعَلَ هي أكثر وروداً في الكلام من غيرها وهذا ما أكَّده سيبويه بقولـه: "وإنما كان فَعَلَ كذلك لأنه أكثر في الكلام، فصار فيه ضربان، ألا ترى أن فَعَلَ فيما تعدى أكثر من فَعِلَ، وهي فيما لا يتعدى أكثر، نحو قَعَدَ وجَلَسَ" وسبب ذلك يعود إلى أن الفتح أخف من الكسر والضم ولذلك تواردت صيغة فَعَلَ بالفتح في الكلام أكثر من فَعِلَ بالكسر وفَعُلَ بالضم وهذا ما يوضِّحه د. إبراهيم أنيس من خلال عملية إحصائية قام بها فتوصل إلى أن صيغة فَعَلَ "هي الأكثر شُيُوعاً في الأسلوب القرآني لأن به حوالي 107 من الأفعال الماضية الصحيحة التي صيغتها فعَل وحوالي 24 فعلاً من صيغة فَعِلَ." وحينما قمت بعملية إحصائية في المعجم الوسيط وذلك من خلال سمة الأفعال الذاتية لا الانتقائية أي بعيداً عن السياق الكلامي الذي يرد فيه الفعل، وجدت أن الأفعال الثلاثية المفتوحة العين في الماضي هي في حدود 2500 فعل. وهذا ما أطلق عليه اللغويين تسمية حديثة عند تقسيمهم الأفعال من حيث وظيفتها الكلامية اختيارية Volontaire وإجبارية Involontaire. فالفعل الاختياري هو الذي يناسب هذا الباب، وهو الذي لنا الاختيار في حدوثه حتى ولو كان لازماً مثل جَلَسَ وقَعَدَ. أما الإجباري فهو الذي لا اختيار لنا في حدوثه مثل: كَبُرَ وضَعُفَ والكثرة الغالبة من الأفعال في اللغة العربية هي من الأفعال الاختيارية.وإذا كان سيبويه قد علل هذه الظاهرة بخفة صائت الفتحة وتوصل د.إبراهيم أنيس إلى صيغة فَعَلَ هي الأكثر في الأسلوب القرآني كما أن "نسبة شيوع الفتحة في اللغة العربية حوالي 460 في كل ألف من الحركات قصيرها وطويلها، في حين أن الكسرة حوالي 184 والضمة 146" فالمسؤول المطروح لماذا كانت وتيرة دوران الفتحة أكثر من غيرها؟.إن للصوائت الثلاث مخارج في الجهاز النطقي وذلك باعتبار دلالة مصطلحاتها.فالفتحة هي صوت لين قصير متسع ينفتح معه الفم وينتصب اللسان، أما الضمة فهي صوت لين قصير يرتفع معه اللسان عند النطق، وكذا بالنسبة للكسرة فهي صوت لين قصير ضيق إذ ينكسر معه طرق اللسان ويضيق المجرى الهوائي.وإذا كان اللسان يرتفع مع الضم فهو ينكسر مع الكسر وبالتالي فهما صوتان متضادان في حين نجد الفتحة تتوسطهما باتساعها إذ منها تنطلق الحركة متجهة نحو الضم أو الكسر وهذا ما نستنتجه من خلال الرسم الآتي :