إن دلالة الماضي على الاستقبال إنما نجدها في بعض التراكيب في اللغة العربية قد خالفت الدلالة الأصلية التي وضعت لها وأصبحت دالة على الاستقبال بوجود قرينة لفظية أو معنوية خلصتها لتلك الدلالة، من ذلك قوله تعالى: أتى أمرُ اللهِ فلا تستعجِلُوه. فإن كلمة أتى هنا هي في مبناها الصرفي على وزن فَعَلَ وفَعَلَ للماضي، غير أنها تحولت وأصبحت بمعنى سيأتي، وهذا نتيجة السياق الذي وردت فيه. ومثل هذه التعابير والتراكيب اللغوية كثير في القرآن الكريم من ذلك مثلاً قوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فأعطيناك بمعنى نعطيك. وبهذا فإن الفعلين أتى وأعطى، قد ناب الماضي مناب المستقبل فيهما ودلّ دلالته وذلك لتحقيق إثبات الحدث وصدقه، فأمر الله آتٍ ووَعْدُ الله لرسوله بإعطائه الكوثر كذلك هو حقيقة وصدق. ويمكن توضيح ذلك في الجدول الآتي:المثالالفعلدلالته الإيحائيةقال الله تعالى:واللهُ الذي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحَابَاً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كذلكَ النُّشُورُ.فسقناه.إن الفعل هنا جاء بلفظ الماضي وبدلالة المستقبل أي نسوقه.قال الحطيئة:شَهِدَ الحُطَيْئَةُ حينَ يَلْقَى رَبَّهُ**أَنَّ الوَليدَ أَحَقُّ بالعُذْرِشَهِدَ.إن الفعل شهد جاء بصيغة الماضي لفظاً، أما من حيث دلالته فهو للاستقبال وذلك ما