الخلاف في اصل اشتقاق الاسم
إن أول من أثار الجدل حول المفاهيم وأخصها بكتاب هو كمال الدين أبو البركات عبد الرحمن بن محمد بن أبي سعيد الأنباري في كتابه الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين. وفي هذا الكتاب عقد أول مسألة للخلاف في أصل اشتقاق الاسم، حيث انقسم العلماء في هذا المجال قسمين:1- يرى البصريون أن الاسم مشتق من السمو وهو العلو ومنه سما يسمو سمواً أي علا وسميت السماءُ سماءً لعلوها و "لما سما الاسم على مسماه وعلا على ما تحته من معناه دل على أنه مشتق من السمو." هذا من ناحية المعنى، أما من الناحية النحوية "فقد سما الاسم على الفعل والحرف أي علا فدلَّ على أنه من السمو" به فقط والحرف لا يخبر به ولا يخبر عنه.2- ويرى الكوفيون أن الاسم مشتق من الوسم وهو العلامة وذلك لأن "الاسم وسم على المسمى وعلامة له يعرف به."فحسب ابن الأنباري إن الاسم من السمو أو من الوسم كلاهما صحيح من حيث المعنى. أما من حيث اللفظ فهو فاسد وذلك لأن "الصناعة لفظية فلا بد فيها من مراعاة اللفظ" وذلك لما يأتي:1- أن الاسم محذوفة منه الفاء ومعوضة بالألف والتعويض. إنما يكون عن حذف اللام لا عن حذف الفاء وهذا دليل على أن الاسم من السمو لا من الوسم.2- إنه يصغر على سُمَيّ -وأصلها سُمَيْوٌ- لا على وسيم وذلك لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها.3- يُكَسَّرُ على أسماء لا على أوسام أو أواسيم.4- تستعمل أسميت لا أوسمت.5- لقد استعملت العرب سمى والأصل فيه سمو ثم قلبت الواو ألفاً لتحريكها وانفتاح ما قبلها ومنه قول الشاعر:والله أسماك سمى مباركاآثرك الله به إيثاراًإننا هنا أمام نصوص متقاربة العبارة متباعدة المقاصد بتقسيماتها وتعدادها وعباراتها حيث تستوقفنا مفرداتها (السمو والوسم). إذا قبلنا بالمفهوم اللغوي، بأن الوسم علامة، فلا نسلم بأن العلامة والسمة شيء واحد. وخير دليل على ذلك أن السمة وردت في القرآن الكريم ست مرات منها قوله تعالى: "سيماهم في وجوههم،" وغلب على معناها أنها علامة البياض في وجوه المؤمنين، والسواد على وجوه المشركين. وهي هنا علامة على المسحة التي تعلو الوجه عند الشعور بشيء يغير من الحال. وجاء في لسان العرب في مادة س و م؛ والسومة والسيمة والسيماء والسيمياء: العلامة وسوم الفرس: جعل عليه السيمة ومنه قوله تعالى "لنرسل عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين." قال الزجاج: روي عن الحسن أنها معلمة ببياض وحمرة، وقال غيره: مسومة بعلامة يعلم بها أنها ليست من حجارة الدنيا، ويعلم بسيماها أنها مما عذب الله بها. وقال ابن الأعرابي: السيم العلامات على صوف الغنم وأنشد أسيد بن عنقاء الفزاري يمدح عملية حين قاسمه ماله:
غُلاَمٌ رَمَاهُ الله بالحُسْنَى يَافِعَاً
كَأَنَّ الثُّريَّا عُلِّقَتْ فَوْقَ نَحْرِهِ
وفي جِيدِهِ الشِّعْرَى وفي وَجْهِهِ القَمَرْ
لَهُ سِيْميَاءٌ لا تَشُقُّ على البَصَرْ
وفي جِيدِهِ الشِّعْرَى وفي وَجْهِهِ القَمَرْ
وفي جِيدِهِ الشِّعْرَى وفي وَجْهِهِ القَمَرْ