إن أفعال هذه الصيغة هي أقل عدداً من سابقتيها "فَعُلَ لأفعال الطبائع" وذلك لأنه يدل على صفات طُبِعَ عليها الإنسان وأصبحت غريزة فيه مخلوقة معه.ودلالته هذه جعلته لا يكون إلا لازماً لأن الغريزة تكون لازمة لصاحبها ولا تتعداه إلى غير وهذا ما أكده سيبويه حين عَدَّهُ "ضرباً رابعاً لا يُشْرِكُه فيه ما يتعداك وذلك فَعُلَ يَفْعُلُ نحو يَكْرُم، وليس في الكلام فَعُلْتُهُ متعدياً" وذلك "لأنه إنما جاء في كلامهم للهيئة التي يكون عليها الفاعل لا لشيءٍ يفعله قَصْداً لغيره نحو: شَرُفَ وظَرُف" وبالتالي فإن الحسن والقبح والوسامة والقسامة والكبر والصغر والطول والقصر والغلط والسهولة والصعوبة والسرعة والبطء والثقل والحُلم والرِّفق كلها عليه.وإذا كان له لُبْثٌ ومُكْثٌ مثل حَلُمَ وبَرُعَ وكَرُمَ وفَحُشَ فهو يجري مجرى الغريزة لأن هذه الصفات ليست مخلوقة في الإنسان فطرية فيه، وإنما طُبِعَ عليها واكتسبها من الوسط الذي يعيش فيه وهي غير ثابتة، وبالتالي فلا تلبث أن تزول ولاتصاف صاحبها بها لفترة زمنية ومكثها فيه عوملت معاملة الغريزة وصيغت بصيغتها.وقد ضمت العين في هذه الصيغة "لأنها لما كانت خلقة وطبيعة وصاحبها مسلوب الاختيار جُعِلَ الضم علامة للخلقة" .قلت إن أفعال هذه الصيغة هي قليلة إذا قورنت بصيغة فَعَلَ وفَعِلَ وذلك لسبب صوتي، وهو أن الضمة تمتاز بخصائص دون سواها من الحركتين الأخريتين أي الفتحة والكسرة وهذا ما يوضحه الجدول الآتي :الحركاتموضع نطقهادرجة الانفتاح بالنسبة للفمصفتها بالنسبة للشفتينكسرةأماميةمنغلقةمنفرجةفتحةوسطيةمنفتحةمنفرجةضمةخلفيةمنغلقةمستديرةنلاحظ أن أبرز الخصائص التي تميز الضمة هي أنها خلفية في المستوى الحلقي، ومستديرة في مستوى الشفتين.فهاتان الخاصيتان أي الخلفية والاستدارة تجعلانها أثقل نطقاً من أختيها، وهذا ما يفسر قلة عدد الصيغ المضمومة العين. فالعملية الإحصائية التي قمت بها عندما حصرت الأفعال المضمومة الحرف الثاني من البناء الأساسي في المعجم الوسيط، والتي بلغ عددها 391 فعلاً، تبين لي ضآلة صيغة فعُل.ومن هنا نستنتج مما سبق ما يأتي: