أما الفعل عند الأصوليين فيعود تعريفه إلى ما قاله علي بن أبي طالب لأبي الأسود الدؤلي حين أمره بوضع النحو: "الاسم ما أنبئ عن المسمى والفعل ما أنبئ به". فقد استعمل كلمة أنبئ، فالفعل على حد قولهم هو "كلمة تنبئ عن حركة صادرة من المسمى، حيث ينشأ الإنباء من صيغة الفعل لا من مادته فالفعل عند الفقهاء كما يقول الدكتور بكري هو كلمة تنبئ عن حركة المسمى فقط ولا علاقة لها بالزمن. أما عن ماهية المسمى فلقد اختلفوا في تحديدها، فمنهم من يرى أن المسمى هو الفاعل باعتبار أن الفعل ينبئ عن حركة الفاعل، "لأن الأفعال تدل على أن الحدث الذي اشتملت عليه هيئاتها، وهو من أثار الفاعل، وصوادره المتحرشة من ذاته بحسب ظاهر لفظها، وإن لم يكن لذلك مطابق بحسب الخارج كما في امتنع ويمتنع، واستحال الفعل عندهم ينم عن حركة الفاعل سواء أكانت هذه الحقيقة خرجت إلى الوجود، كما في كتب وذهب أم كانت مجازية، لا وجود لها في الخارج مثل استحال، وانعدم وامتنع". ومنهم من يرى أن المسمى الذي ينبئ عنه الفعل ليس الفاعل وإنما هو "الحدث نفسه وأن حركة المسمى ما هي إلا تحقق هذا الحدث، وصدوره من الفاعل بعد أن لم يكن متحققاً ولا صادراً عنه. وهو ما يسمونه بالخروج من القوة أي قوة الوجود إلى الفعلية ومن العدم إلى الوجود".نستنتج مما سبق أن الفعل عند الأصوليين هو حركة تنبئ عن مسمى. وقد اختلفوا في المسمى هل هو الفاعل أم الحدث، وذهب فريق منهم إلى أنه الفاعل، لأن الفعل ينبئ عن حركة الفاعل. وذهب الفريق الثاني إلى اعتبار المسمى هو الحدث نفسه، وأن حركة هذا الحدث تصدر عن الفاعل وهو ما أسموه بالخروج من العدم إلى الوجود. كما أن الفعل عندهم ليس له علاقة بالزمن بخلاف النحاة الذي هو عندهم حدث مقيد بزمن. فالأصوليون "ينكرون دلالة الفعل على الزمن سواء أكانت بمادته أم بصيغته، فالمادة "قام" لا تدل إلا على معنى القيام مجرداً من أية نسبة زمنية. أما الصيغة فهي معنى حرفي لا تدل إلا على نسبة المادة، أي إلى الفاعل، والفاعل مدلول الصيغة، والصيغة تتخذ بناء عند نسبتها إلى الفاعل"، وليس لهذه الصيغة الإفرادية أية دلالة زمنية وذلك لأنهم "جعلوا السياق دالتهم الفاصلة في أمر تحديد زمن الصيغة بنسبه المتفاوتة لذلك لم يظهروا كثيراً ما يطرأ على الصيغة الإفرادية من تحولات زمنية إما لوقوعها في سياق معين وإما لتعرضها لإحدى الأدوات".