تعرف لمذهب اهل التصوف نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
على عباده وأما الأولياء فإنهم إذا ظهر لهم من كرامات الله شئ ازدادوا لله تذللا وخضوعا وخشية واستكانة وإزراء بنفوسهم وإيجابا لحق الله عليهم فيكون ذلك زيادة لهم في أمورهم وقوة على مجاهداتهم وشكرا لله تعالى على ما أعطاهم فالذي للأنبياء معجزات وللأولياء كرامات وللأعداء مخادعات وقال بعضهم إن كرامات الأولياء تجري عليهم من حيث لا يعلمون والأنبياء تكون لهم المعجزات وهم بها عالمون بإثباتها ناطقون لأن الأولياء قد يخشى عليهم الفتنة مع عدم العصمة والأنبياء لا يخشى عليهم الفتنة بها لأنهم معصومون قالوا وكرامة الولي بإجابة عوة وتمام حال وقوة على فعل وكفاية مؤنة يقوم لهم الحق بها وهي مما يخرج عن العادات ومعجزات الأنبياء إخراج الشئ من العدم إلى الوجود وتقليب الأعيان وجوز بعض المتكلمين وقوم من الصوفية إظهارها على الكذابين من حيث لا يعلمون وقت ما يدعونها فيما لا يوجب شبهة كما روى في قصة فرعون من جرى النيل معه وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الدجال أنه يقتل رجلا ثم يحيية فيما يخيل إليه قالوا إنما جاز ذلك لأنهما ادعيا ما لا يوجب شبهة لأن أعيانهما تشهد على كذبهما فيما ادعياه من الربوبية واختلفوا في الولي هل يجوز أن يعرف أنه ولي ام لا فقال بعضهم لا يجوز ذلك لأن معرفة ذلك تزيل عنه خوف العاقبة وزوال خوف العاقبة يوجب الأمن وفي وجوب المن زوال العبودية لأن العبد بين الخوف والرجاء قال الله تعالى ويدعوننا رغبا ورهبا وقال الأجلة منهم والكبار يجوز أن يعرف الولي ولايته لأنها كرامة من الله تعالى للعبد والكرامات والنعم يجوز أن يعلم ذلك فيقتضي زيادة الشكر والولاية ولايتان ولاية تخرج من العداوة وهي لعامة المؤمنين فهذه لا توجب معرفتها والتحقق بها للأعيان لكن من جهة العموم فيقال المؤمن ولي الله ولاية اختصاص واصطفاء واصطناع وهذه توجب معرفتها والتحقق بها ويكون صاحبها محفوظا عن النظر إلى نفسه فلا يدخله عجب ويكون مسلوبا من الخلق بمعنى النظر إليهم بحظ فلا يفتنونه ويكون محفوظا عن آفات البشرية وإن كان طبع البشرية قائما معه باقيا فيه فلا يستحلى حظا من حظوظ النفس استحلاء يفتنه في دينه واستحلاء الطبع قائم فيه وهذه هي خصوص الولاية من الله للعبد ومن كان بهذه الصفة لم يكن للعدو إليه طريق بمعنى الإغواء لقوله جل وعز إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وهو مع هذا ليس بمعصوم من صغيرة ولا كبيرة فإن وقع في أحديهما قارنته التوبة الخالصة والنبي معصوم لا يجري عليه كبيرة بإجماع ولا صغيرة عند بعضهم وزوال خوف العاقبة ليس بممتنع بل هو جائز فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأنهم من أهل الجنة وشهد للعشرة بالجنة والراوي له سعيد ابن زيد وهو أحد العشرة المبشرة بالجنة وشهادة النبي صلى الله عليه وسلم توجب سكونا إليها وطمأنينة بها وتصديقا لها وهذا يوجب الأمن من التغيير وزوال خوف التبديل لا محالة والروايات التي جاءت في خوف المبشرين من قول ابي بكر رضي الله عنه يا ليتني كنت تمرة ينقرها الطير وقول عمر رضي الله عنه ياليتني كنت هذه النبتة ليتني لم أك شيئا وقول أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وددت أني كبش فيذبحني أهلي ويأكلون لحمي ويحسون مرقي وقول عائشة رضي الله عنها يا ليتي كنت ورقة من هذه الشجرة وهي من شهد لها عمار بن ياسر على منبر الكوفة فقال اشهد أنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة إنما كان ذلك منهم خوفا من جريان المخالفات عليهم إجلالا لله تعالى وتعظيما لقدره ووهبية له وحياء منه بأنهم أجلوا الحق أن يخالفون وإن لم يعاقبهم كما قال عمر رضي الله عنه نعم المرء صهيب لولم يخف الله لم يعصه يعني أن صهيبا ليس يترك المعصية لله خوف عقوبته ولكنه يتركها إجلالا له وتعظيما لقدره وحياء منه فخوف المبشرين لم يكن خوفا من التغيير والتبديل لأن خوف التغيير والتبديل مع شهادة النبي صلى الله عليه وسلم يوجب شكا في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كفر ولم يكن ذلك خوف عقوبه في النار دون الخلود فيها لعلمهم بأنهم لا يعاقبون بالنار على ما يكون منهم لأنها إما أن تكون صغائر