وكان ما لا بد أن يكون ووقع ما قدر الله تعالى وقوعه وقضاه وهو أن تفترق أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم ونجد أخبار تلك الفرق في كتاب الإمام أبي الحسن الأشعري مقالات الإسلاميين وكتاب الإمام عبد القاهر البغدادي الفرق بين الفرق والفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم والملل والنحل للشهرستاني وغيرها والذي ندير فيه الحديث هنا أن تلك الفرق يمكن بشيء من التمحل والتنزل أن تجعل طرفين حادين وهما منحرفان ووسط هو العدل والحق الطرفان أحدهما المشبهة والمجسمة الذين يشبهون الله تعالى بخلقه ويدعون أنه جسم كالأجسام أولا كالأجسام والثاني المعطلة ونعني بهم هنا الذين يعطلون الله تعالى فينفون عنه صفات وينسبون إليه النقص ومنهم طائفة متعقلون يجعلون العقل حكما وحاكما يردون بعض نصوص القرآن الكريم والسنة الصحيحة المثبتة لصفات الله تعالى بعقولهم وأفكارهم والوسط السليم المستقيم يؤمن بالله تعالى وصفاته جميعها وينزهه سبحانه عن المشابهة والجسمية ويثبت لله تعالى من الصفات ما أثبته لنفسه وأثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الذي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم به وعلم أصحابه إياه وهو الذي خلف عليها أصحابه ثم خيار التابعين والعلماء الفاقهين ومنهم الأئمة الأربعة ومدارسهم وأمثالهم من العلماء الصالحين في زمانهم وبعد زمانهم وهو وسط صحيح حق باق إلى قرب قيام الساعة بإذن الله تعالى والساعة لا تقوم وفي الناس ما يقول الله الله كما جاء في صحيح مسلم وكما قيض الله تعالى للجمع بين طرفي الرأي والنص ناصر السنة الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى ، فيما سمي في كتب الأصول بالتوفيق بين أهل الرأي وأهل الحديث فقد قيض الله تعالى ناصر السنة الإمام أبا الحسن الأشعري لإظهار سلوك الوسط السليم المستقيم وذلك برد المعطلة من الملاحدة ونفاة الصفات من جهة والمشبهة والمجسمة من جهة أخرى إلى الجادة الوسط فأثبت رؤية المؤمنين لله تعالى في الجنة جعلنا الله منهم ومعهم ونفى التشبيه والكيفية وأثبت كلام الله تعالى وقال إن كلام الله تعالى غير مخلوق وإن فعل العبد في القرآن من القراءة والكتابة مخلوق وأثبت سائر صفات الله تعالى مع التنزيه عن المشابهة لأحد من خلقه أو مشابهة أحد من خلقه له سبحانه وأمثال ذلك كثير ولقد جمع الله تعالى جمهور المسلمين على توجهه وتوجيهه فكان رحمه الله تعالى آية من آيات الله وحجة من حججه على خلقه قال ابن حجر الهيثمي رحمه الله تعالى نسب علم الكلام إلى الأشعري لأنه جمع مناهج الأولين ولخص موارد البراهين ولم يحدث فيه بعد السلف إلا مجرد الألقاب والإصطلاحات وقد حدث ذلك في كل فن من فنون العلم ولقد كتب رحمه الله تعالى في بيان الطريق الوسط التآليف العديدة منها ما هي صحائف ومنها ما هي أجزاء ومجلدات وحين خرج من الدنيا كان قد خلف أكثر من مائة وخمسين كتابا في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ورد وإبطال ما سواها والحمد لله وحق أن يقال فيه ما ذكره ابن خلكان أنه نودي يوم وفاة الأشعري اليوم مات