يقول الله تبارك وتعالى يوم القيامة يا آدم فيقول لبيك وسعديك فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تبعث بعث النار الحديث اعلم أن لفظ الصوت تفرد به هنا حفص بن غياث عن الأعمش وخالفه فيه الرواة عن الأعمش وعن وكيع وقالوا قم فابعث وسئل أحمد بن حنبل عن حفص بن غياث فقال كان يخلط في حديثه ولو صحت هذه الرواية فجوابه من وجهين الأول أنه يحتمل أن تكون الدال مفتوحة لما لم يسم فاعله فتصحفت عليه وأمالها بعض الرواة على لغته فظن السامع أن الدال مكسورة الوجه الثاني أنه لم يصرح أنه صوت الباري تعالى فيحتمل أن يكون صوت المأمور بالنداء كما يقال نادى السلطان في البلد بصوت يسمعه القريب والبعيد ومعناه أنه أمر بذلك لا أنه صوت السلطان نفسه وهذا مستعل كثيرا في ألسنة الناس
الحديث العاشر
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لله اشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم الحديث اعلم أن الفرح فينا هو انبساط النفس لورود ما يسرها وذلك على الله تعالى غير جائز لكنه لما كان لا يصدر إلا عن رضا بما نشأ عنه عبر به عن الرضا ومنه قوله تعالى كل حزب بما لديهم فرحون أي رضوان فالمراد بفرح الله تعالى حيث ورد الرضا بما ذكر وقد تقدم معنى الرضا في حق الله تعالى وهو القبول للشيء والمدح له والثناء عليه وهو تعالى قابل للعمل الصالح ومادح له ومثن على فاعله وقد يكون الفرح بمعنى البطر والأشر ومنه قوله تعالى إنه لفرح فخور إن الله لا يحب الفرحين وذلك على الله تعالى محال ومن جعل الفرح والضحك صفتين لا يعقل معناهما لغة ولا عرفا فقد تقدم رده وأن هذه الألفاظ استعيرت تقريبا للأفهام
الحديث الحادي عشر
المقسطون على منابر من نور عن يمين العرش وقد تقدم أن اليمين التي هي الجارحة بالنسبة إلى الباري محال وأن المراد بها ها هنا ونحوه الإكرام والإقبال ورفع المنزلة والرتبة عنده تعالى لأنها بالنسبة إلينا أشرف الجانبين وقد يقال لمن أكرمه السلطان مبالغا في ذلك أجلسه الملك عن يمينه وقد تقدم ما فيه كفاية لمنصف
الحديث الثاني عشر
عجب ربك من قوم جيء بهم في السلاسل حتى يدخلون الجنة ومنه عجب ربك من الشاب الذي لا صبوة له التعجب فينا هو استعظام بعض الناس ما دهمه من الأمور النادرة مما لا يعلمه وذلك على الله تعالى محال فوجب تأويله على ما يليق بجلال الله تعالى وهو تعظيم ذلك الشيء لأن المتعجب من الشيء مستعظم له