عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة ومنه حديث الأنصاري وزوجته وفعلهما مع ضيفهما قال فيه فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لقد ضحك الله الليلة أو عجب من فعلكما اعلم أن الضحك الذي يعتري البشر عند حصول فرح القلب أو استفزاز طرب أو ظهور أمر مستور جهل سببه محال على الله تعالى ومعناه فينا يرجع إلى ظهور أمر مستور وكان السرور بالشيء أظهر بضحكه هذا بدايته وأما نهايته فترتب أثره عليه ولما كان الضحك فينا محالا على الله تعالى فلا بد من تأويل الحديث قال البخاري ضحكه رحمته وقال الخطابي الضحك هنا الإخبار عن رضاه وحسن مجازاته لعبده وهو مجاز سائغ فالمراد به هنا نهاية الضحك فينا وهو ترتيب أجره عليه ومعناه إظهار كرامته لعبده وفضله عليه وإقباله لأن المسرور بالشيء المقبل عليه يبش عند رؤيته ويضحك فهو عبارة بالسبب عن المسبب وهو مجاز سائع مستعمل كما تقدم وقيل معناه أنه تعالى لو كان ممن يضحك لضحك من ذلك وقيل لعله من الرباعي بضم الياء وكسر الحاء أي يضحك الله ملائكته أو عباده وحيث نسب إلى الرب تعالى فالمراد به المبالغة في إظهار الإقبال والرضى كقوله فإن أتاني يمشي أتيته هرولة تمثيل للمبالغة في إسراع المجازاة والإقبال ومن حمل الضحك على ظاهره فمبتدع مجسم وأما رواية من روى عجب ربكما فالمراد تعظيم ذلك الأجر عنده تعالى لأن المتعجب من الشيء مستعظم له وسيأتي أبسط من هذا إن شاء الله تعالى
الحديث الثامن
عن معاوية بن الحكم في حديث الجارية التي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله قالت في السماء قال ومن أنا قالت رسول الله قال لسيدها أعتقها فإنها مؤمنة وقد تمسك بهذا الحديث من قال بالجهة وجعلوه عمدتهم وقد تقدم أن المهم في صدر البعثة بالنسبة إلى العامة إنما كان إثبات وجود الباري تعالى ووحدانيته بالإلهية فعاملهم بما يؤنسهم مما ألفوه وأقرهم على اعتقاد ثبوت وجوده تعالى وانفراده بالإلهية لأن أذهانهم لا تحتمل النظر فيما لم يألفوه من الأدلة الدقيقة والتفصيل الكلي فيقع منهم أولا بالإثبات الجملي في ذلك ولا طريق له إلا بما ألفوه مما تقبله أذهانهم فلما أشارت إلى السماء علم النبي صلى الله عليه وسلم عظمة الله تعالى عندها ووحدانيته ونفرتها من آلهة الأرض عندها التي كانوا يعبدونها فلما فهم ذلك منها سألها عن نفسه الكريمة ليعلم إقرارها بنبوته التي هي ثانية عقد الإسلام فلما قالت رسول الله علم إسلامها