يروي عن حسان بن عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الساجد يسجد على قدم الرحمن هذا ضعيف جدا ولو ثبت كان تأويله أنه تمثيل للقرب من الله تعالى كما قال الجنة تحت أقدام الأمهات فهو تمثيل لقرب العبد من فضل ربه ورحمته وإجابة دعائه ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فمن جعله قدما حقيقة فهو مجسم حقيقة ومخالف للعقل بالله العجب كيف يخطر هذا لمن عنده أدنى مسكة من عقل فضلا عن من يدعي العلم مع اختلاف المصلين في مشارق الأرض ومغاربها
الحديث السادس
يروي عن عمر بن عبد العزيز إذا فرغ الله من أهل الجنة والنار أقبل يمشي في ظلل من الغمام والملائكة هذا حديث ضعيف وكذب ولعله مفترى وهو افتراء عظيم في الدين على عمر بن عبد العزيز وهو وضع مجسم لأن القول بأنه يمشي تجسيم حقيقة وقد قدمت في حقيقة النزول ما فيه جواب عن هذا وكفاية
الحديث السابع
روي عن جبير بن مطعم في حديث الأعرابي الذي جاء يستسقي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ويحك أتدري ما الله إنه لفوق سمواته على عرشه وإنه عليه هكذا وأشار وهب بيده مثل القبة وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب وفي رواية تفرد بها محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة وهما ضعيفان عند صاحبي الصحيح وقد رواه أبو داود في السنن عن أحمد بن سعيد الرباطي فقال وإن عرشه على سمواته لهذا وقال بأصابعه مثل القبة قال أبو داود وحديث أحمد بن سعيد هو الصحيح وعلى هذا فالتشبيه بالقبة إنما وقع للعرش خاصة وكذلك وقع في رواية يحيى بن معين أتدري ما الله إن عرشه على سمواته وأرضه هكذا بأصابعه مثل القبة عليها قال الخطابي هذا الكلام إذا أجري على ظاهره كان فيه نوع من الكيفية وهي عن الله تعالى وعن صفاته منفية وليس المراد بتقدير ثبوت الحديث تحقيق هذه الصفة وإنما هو نوع تقريب عظمة الله تعالى لفهم السائل من حيث يدركه فهمه لأنه لا يعرف دقائق معاني الصفات ولا ما لطف منها ودق عن درك الأفهام فقوله أتدري ما الله أي ما عظمة الله وجلاله ويؤيد ذلك أنه فسره بغير ما يدل على الماهية وقوله إنه ليئط تمثيل لعظمة الرب عز وجل لأن أطيط الرحل إنما يكون لثقل ما فوقه وهو تمثيل لعظمة الرب تعالى وعجز العرش الذي هو أعظم المخلوقات عن حمل عظمته وجلاله وأشار صلى الله عليه وسلم بذلك إلى أن من هذا إجلاله وعظمته لا يشفع إلى من دونه بل هو المتصرف في عباده وخلقه الفعال لما يريد
الحديث الثامن
عن أنس في قوله تعالى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا قال هكذا يعني أنه أخرج طرف خنصره هذا حديث ضعيف لم يروه إلا ابن أبي العوجاء الزنديق وكان يضع الحديث على ثابت وبتقدير ثبوته فالقصد به تشبيه المعاني بالأجسام المحسوسات فأشار بطرف خنصره إلى قلة ما تجلى له من أنوار عظمته وما أظهر له من آياته لأن أضعف عضو يشير به الإنسان إلى قلة الشيء هو طرف خنصره فأشار به للمبالغة في قلة ذلك ومعنى التجلي الظهور وقد يكون جهرة وعيانا بالحس وقد يكون بالدلالة عليه