التفسير الفقهي (آيات الاحكام ) - تفسیر والمفسرون فی ثوبه القشیب جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر والمفسرون فی ثوبه القشیب - جلد 2

محمد هادی معرفت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

و مـن ثم نستطيع ان ننوع الوان التفسير الى : ادبي و لغوي , كلامي و فلسفي و عرفاني , اجتماعي و عـلـمي , و جامع بين امرين او امور من ذلك , ليكون من النوع الجامع , الذي يغلب اكثر التفاسير و
لـيس معنى ذلك ان الاديب يتمحض تفسيره في الادب و اللغة محضا او الفقيه في الفقه محضا, و كذا
الـمـتكلم و الفيلسوف و العارف و غيرهم , بل انما يغلب على تفسيرالاديب صياغته الادبية , و على
تـفـسير الفقيه صياغته الفقهية , و هكذا و ان كان لايخلو سائر انواع التفسير مما كان في بعضهامن
اختصاص .

امـا تـفاسير اصحاب المذاهب كالمعتزلة و الخوارج و الصوفية و امثالهم , فهي اما داخلة في النوع
الـكلامي او العرفاني ,وليس بخارج عن هذين اللونين , و لذلك كان تنويعنا للتفسير يختلف عن تنويع
الاخرين بعض الشي .

و عـليه فينقسم التفسير الاجتهادي الى : ادبي , و فقهي , و كلامي , و فلسفي , و عرفاني رمزي , و
صوفي اشاري ,و اجتماعي , و علمي , و جامع .

تـلـك اقـسـام لـلتفسير الغالبة عليه , حسب الوان الاجتهاد فيه و لنتعرض للاهم من كتب التفسير
المدونة على هذه الالوان .

التفسير الفقهي (آيات الاحكام )

و هـي الـتـفـاسير التي تتعرض للايات التي تتعلق بالاحكام التكليفية و الوضعية المرتبطة باعمال الـمكلفين , و من ثم فهو من التفسير الموضوعي الذي له تعرض لجانب من الايات القرآنية قالوا : و
يـقرب من نحو خمسمئة آية ((673)) , لها تعلق مباشر باعمال المكلفين من عبادات و معاملات , و
الا فجميع آي القرآن هي دستورات عملية يجب على المسلمين ان يطبقوا حياتهم الفكرية و العملية
عليها, دستورا عاما شاملا لمناحي الحياة كلها.

عـلـى ان الارجـح ان الايـات الـمـرتـبطة باعمال المكلفين ارتباطا تكليفيا في حياتهم , تزيد على
الخمسمئة , بكثير, و هي الى الالفين آية اقرب منها الى الخمسمئة , ذلك انا لو امعنا النظر في سائر
الايـات , و حققنا من فحواها العام , مثلا : كان قوله تعالى ـ بشان المراة ـ : (اومن ينشا في الحلية و
هو في الخصام غير مبين ) ((674)) ناظرا الى جانب نفسيتها الخاصة الرقيقة الفارهة , و قصورها
الـذاتـي عن الخوض في خضم معارك الحياة , و هي نظرة علمية بشان نفسية المراة ابداها القرآن
الكريم .

لـكـن يـستفاد من ذلك ـ فقهيا ـ انها لاتصلح لتصدي الشؤون الادارية الشائكة من ذوات التشابك و
الـتـصـادم العنيف ,و منها : امور القضا, التي هي بحاجة الى حدة و شدة , من ورائهما تعقل و اختيار
حـر, حيث المراة بطبيعتها اسيرة عاطفتهاو احاسيسها الرقيقة العاطفية الحادة , مما تجرف بها عن
امكان الخوض في معركة قضايا ذوات شجون , و هي بحاجة الى صلابة و صمود و وعي , و اختيار
فكري تام .

المراة تنظر الى الحياة كمظاهر للزينة , و تبهرها زبرجتها, و من ثم فجل اهتمامها التبرج بمباهج
الـحياة الناعمة اما هي في خضم معاركها فضعيفة , خائرة القوى , لاتستطيع ابدا ما في ضميرها ابدا
كاملا لدى خصامها هي مع غيرها, فكيف بها و هي تريد الفصل في خصومات الاخرين .

و قد استفدنا من هذه الاية , عدم جواز تصديها لمنصب القضا, و هي من المئات الايات التي اغفلت في
كتب آيات الاحكام المعروفة .

اهم كتب آيات الاحكام

لا شك ان السنة الى جنب القرآن , تفسير لجانب آيات احكامه , فما صدر عن الرسول (ص ) و بينته الـصـحابة الخيار و الائمة الاطهار, هي تفاسير فقهية , ورثته الامة كابرا عن كابر, و لكن بشكل
غـيـر مدون و قد كان الصحابة و التابعون , و كذا من بعدهم من علما و فقها, يراجعون القرآن فيما
اشكل عليهم من احكام و تكاليف و فرائض و كانت الخلافات بين الصحابة و كذا بين التابعين و هكذا
غيرهم من العلما, كانت ترجع الى كيفية فهم النص القرآني في الفرائض و غيرها, و الشواهد على
ذلك كثير.

و ظـل الامر على ذلك الى عهد ظهور ائمة المذاهب و الفقها المستنبطين من الكتاب و السنة و فيه
وجدت حوادث للمسلمين لم يسبق لمن تقدم عليهم حكم عليها, حيث لم تكن في عهدهم و لم تكن مورد
ابـتـلائهم حينذاك , و هي التي اصطلحوا على تسميتها ب((المسائل المستحدثة )) و لاتزال تتجدد
مسائل هي تمس حياة المسلمين , في مختلف شؤونهم الفردية و الاجتماعية , السياسية و الادارية و
غيرها و هي كثير في كثير.

فكان كل فقيه ينظر في القرآن قبل كل شي ليحل تلك المشاكل , و يجيب على تلكم المسائل , في ظل
تـوجـيـهاته الكريمة ,و يحكم عليها بالحكم الذي ينقدح في ذهنه , و يعتقد انه الصحيح في رايه , و
يـدعمه بما لديه من ادلة و براهين و هذه الاستنباطات كان منها ما يتفق فيه آرا الفقها, و كان منها ما
تختلف و لكن من غير ان تظهر منهم بادرة تعصب في هذاالاختلاف , و انما هو مجرد اختلاف نظر,
قـابـل للتفاهم و التشاور احيانا, لان الكل كانوا ينشدون الحق و يطلبون حكم اللّه الصحيح , و ليس
بـعزيز على الواحد منهم ـ و هم جميعا يخلصون العمل للّه ـ ان يرجع الى راي مخالفه ان ظهر له
الحق في جانبه .

و كـان مـن نـتـيـجـة تلكم الخلافات في استنباط مباني الاحكام من القرآن الكريم , ان دونت كتب
مخصصة لعرض الخلاف و الوفاق , في فهم معاني آيات الاحكام .

احكام القرآن ـ للجصاص الحنفي

هـو ابـوبـكر احمد بن علي الرازي المشهور بالجصاص , توفي سنة (370) كان امام الحنفية في وقـتـه و الـيه انتهت رئاسة الاصحاب صاحب التليف الكثيرة , منها : احكام القرآن , كتبه على مباني
مـذهـب ابـي حـنيفة , و يعد من اهم الكتب المدونة في الموضوع , و لعله ابسط الكتب في ذلك , و قد
تعرض فيه لجوانب كثيرة من معاني آيات الاحكام في صورة مسهبة , و مستوعبة كل جوانب الكلام ,
بـعـيـدا عن التعصب المذهبي في غالب ما يكتبه , و ان كان الاستاذ الذهبي قد رماه بالتعصب لمذهب
ابي حنيفة , و تحامله على سائر الائمة لكنا لم نر تحاملا منه و لا تعصبا اعمى و انما هو بيان الحق ,
حسبما يراه .

مثلا عند ما تعرض لقوله تعالى : (ثم اتموا الصيام الى الليل ) ((675)) نجده يحاول ان يجعل الاية
دالة على ان من دخل في صوم التطوع لزم اتمامه ((676)) .

و قد عد الذهبي ذلك منه تعسفا و تعصبا لراي ابي حنيفة في ذلك ((677)) .

قـلـت : لا تعسف و لا تعصب , بعد ظهور الاية في ذلك , نظرا لاطلاق لفظها, و هو مذهب المالكية
ايضا و عند الشافعي و احمد الاتمام مسنون ((678)) .

و الاخـتـلاف فـي قـضـا صـوم الـتـطـوع اذا لـم يكن عن عذر, ناشئ عن اختلاف الاحاديث في
ذلـك ((679)) و الجصاص رجح القضا استنادا الى ظاهر اطلاق الاية , فلم يكن هناك تعسف , لانه
استناد الى ظاهر الدليل , كما لم يكن تعصبا لمذهب ابي حنيفة بعد ذهاب مالك اليه ايضا.

و امـا عـنـد الـشـيـعـة الامـامية فهو بالخيار في صوم التطوع ما بينه و بين الزوال , و يكره بعد
الزوال ((680)) .

و عـنـدمـا تعرض لقوله تعالى : (و اذا طلقتم النسا فبلغن اجلهن فلا تعضلوهن ان ينكحن ازواجهن
) ((681)) قـال الذهبي : نجده يحاول ان يستدل بالاية من عدة وجوه , على ان للمراة ان تعقد نفسها
بغير الولي و بغير اذنه ((682)) .

و هـذا ايـضا استظهار لطيف من الاية الكريمة , و لعل الاخرين غفلوها, على ان مسالة الولاية انما
تـكون على الابكار غيرالمتزوجات , و ذلك على القول به , و المشهور عدم الولاية اطلاقا نعم هو
مندوب اليه .

و عـنـدما تعر ض لقوله تعالى : (و آتوا اليتامى اموالهم و لا تتبدلوا الخبيث بالطيب ) ((683)) و
قـولـه : (و ابـتـلـوا الـيـتـامـى حـتـى اذا بـلـغـوا الـنكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا اليهم
امـوالهم ) ((684)) قال الذهبي : نجده يحاول ان ياخذ من مجموع الايتين دليلا لمذهب ابي حنيفة ,
القائل بوجوب دفع المال لليتيم اذا بلغ خمسا و عشرين سنة , و ان لم يؤنس منه الرشد ((685)) .

نعم هنا تعسف في الراي , لانه اخذ باطلاق الاية الاولى و حملها على ما بعد هذا السن , و ذلك لاتفاق
الفقها على الاشتراط بايناس الرشد قبل ذلك , فما لم يبلغ خمسا و عشرين , لايدفع اليه ما لم يؤنس منه
الرشد, و اما اذا بلغها فيدفع اليه مطلقا, و ذلك عملا بالايتين .

و هذا تعسف في الاستدلال , لانه حمل للظاهر على بعض صوره من غير دليل , على ان الاطلاق في
الايـة الاولـى يجب تقييده بالاية الثانية , و حمل المطلق على المقيد ليس ابطالا للمطلق , كما زعمه
الجصاص .

و مـمـا اخـذ عـليه الذهبي حملته على مخالفيه , بحيث لايعف لسانه عنهم قال : ثم ان الجصاص مع
تعصبه لمذهبه و تعسفه في التاويل , ليس عف اللسان مع الامام الشافعي , و لا مع غيره من الائمة .

و كثيرا مانراه يرمي الشافعي و غيره من مخالفي الحنفية بعبارات شديدة , لاتليق من مثل الجصاص ,
فمثلا عندما تعرض لاية المحرمات من النسا نجده يعرض الخلاف الذي بين الحنفية و الشافعية , في
حكم من زنى بامراة , هل يجوز التزويج ببنتهااو لا؟.

و تـمـسك الشافعي بان الحرام لايحرم الحلال , ثم ذكر مناظرة له مع سائل ساله : كيف تحرم بنت
الـمـنـكـوحة و لاتحرم بنت المزني بها؟ فاجابه الشافعي بان ذاك حلال و هذا حرام , و لم يزد في
الـفـرق بينهما على ذلك و هنا يقول الجصاص : فقد بان ان ما قاله الشافعي و ما سلمه له السائل كلام
فارغ لا معنى تحته في حكم ما سئل عنه ثم يقول : ما ظننت ان احدا ممن ينتدب لمناظرة خصم , يبلغ
به الافلاس من الحجاج , الى ان يلجا الى مثل هذا, مع سخافة عقل السائل و غباوته ((686)) .

و في هذا الكلام اهانة بموضع الشافعي , و فرضه فيمن لايعتد بشانهم .

قـلـت : لا شـك ان استدلال الشافعي هنا ضعيف , اذ كثير من المحرمات حرمن المحلا ت , كما في
مـسـالة اللواط يحرم اخته و امه و بنته على اللاطي , و كالعقد على المعتدة و الدخول بها, و الزنى
بذات البعل .

و حديث ((الحرام لايحرم الحلال )) وارد فيمن احل له فرج ثم زنى بامها او بنتها ((687)) فهو
نـاظـر الى السابق , اي الحلال الفعلي لا الحلال الشاني و من الغريب ان الشافعي هنا اخذ بالقياس مع
الفارق .

و هكذا اخذ عليه الذهبي ميله الى مذهب الاعتزال , و كذا تحامله على معاوية .

امـا مـيـلـه الـى الاعـتـزال فـلانـه نـفى امكان رؤيته تعالى , و حمله اخبار الرؤية على العلم لو
صحت ((688)) .

قلت : و هذا من كمال فضله , حيث حكم العقل على النقل , و هو داب المحصلين .

و اما تحامله على معاوية فمن ثبات عقيدته و صلابته في دينه ان معاوية بغى على امام زمانه و خرج
عليه بالسيف , فعلى كل مسلم منابذته و التحامل عليه بالسيف , فضلا عن اللسان و سكوت بعض السلف
في ذلك مراوغة خبيثة .

يـقـول الذهبي : اننا نلاحظ على الجصاص انه تبدو منه البغضا لمعاوية , و يتاثر بذلك في تفسيره ,
فـمثلا عند تفسيره لقوله تعالى : (اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا و ان اللّه على نصرهم لقدير الذين
اخرجوا من ديارهم بغير حق ـ الى قوله ـ الذين ان مكناهم فى الارض اقاموا الصلاة و آتوا الزكاة
و امـروا بـالمعروف و نهوا عن المنكر و للّه عاقبة الامور) ((689)) يقول :و هذه صفة الخلفا
الراشدين الذين مكنهم اللّه في الارض و فيه الدلالة الواضحة على صحة امامتهم , لاخبار اللّه تعالى
بـانـهم اذامكنوا في الارض اقاموا بفروض اللّه عليهم , و قد مكنوا في الارض , فوجب ان يكونوا
ائمـة قـائمـين باوامر اللّه , منتهين عن زواجره و نواهيه و لايدخل معاوية في هؤلا, لان اللّه انما
وصـف بـذلـك الـمـهـاجـريـن الذين اخرجوا من ديارهم , و ليس معاوية من المهاجرين , بل هو من
الطلقا ((690)) .

و عـنـد قـولـه تـعـالـى : (وعـد اللّه الـذيـن آمـنـوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم في
الارض ) ((691)) يـقـول : و فـيـه الدلالة على امامة الخلفا الاربعة ايضا, لان اللّه استخلفهم في
الارض و مـكـن لـهـم كـمـا جـا الـوعـد, و لايـدخـل فـيـهم معاوية , لانه لم يكن مؤمنا في ذلك
الوقت ((692)) .

و عـنـد قوله : (و ان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى
فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ الى امر اللّه ) ((693)) نجده يجعل عليا(ع ) هو المحق في قتاله , و معه
كـبـرا الـصـحـابـة و اهل بدر من قد علم مكانهم , و كان معاوية من الفئة الباغية , لحديث عمار, و
لـم يـنكره معاوية , بل حاول تاويله ((694)) قال الذهبي : فجعل عليا هو المحق و امامعاوية و من
معه فهم الفئة الباغية , و كذلك كل من خرج على علي (ع ).

قال : و ما كان اولى بصاحبنا ان يترك هذا التحامل على معاوية الصحابي , و يفوض امره الى اللّه , و
لايلوي مثل هذه الايات الى ميوله و هواه ((695)) .

قلت : و لعل نحوسة الدفاع عن معاوية قد اخذت صاحبنا الذهبي فانجرفت به الى مهاوي الضلال , و
اخيرا الى شر قتلة ,حشره اللّه مع مواليه ((696)) .

احكام القرآن (المنسوب الى الشافعي المتوفى سنة204 )

جـمعه الحافظ الكبير ابوبكر احمد بن الحسين بن علي البيهقي النيسابوري الشافعي , صاحب السنن الكبري , المتوفى سنة (458).

و الـكتاب يشتمل على ما جا في كلام محمد بن ادريس الشافعي امام الشافعية , من استناد و استشهاد
بـيـات قـرآنـية , في عامة ابواب الفقه , فعمد البيهقي الى جمعه و ترتيبه و ابدائه في صورة تاليف
مـسـتقل قال البيهقي : فرايت من دلت الدلالة على صحة قوله ـ اباعبداللّه محمد بن ادريس الشافعي
المطلبي ابن عم محمد رسول اللّه (ص ) ـ قد اتى على بيان ما يجب علينامعرفته من احكام القرآن , و
كـان ذلـك مـفـرقـا فـي كـتبه المصنفة في الاصول و الاحكام , فميزته و جمعته في هذه الاجزا
على ترتيب المختصر, ليكون طلب ذلك منه على من اراد ايسر, و اقتصرت في حكاية كلامه على ما
يـتـبين منه المراد دون الاطناب ,و نقلت من كلامه في اصول الفقه , و استشهاده بالايات التي احتاج
اليه من الكتاب , على غاية الاختصار, ما يليق بهذا الكتاب .

و مـمـا اسـتـنـد الـيـه الـشـافـعـي فـي مـسائل العقيدة , قوله تعالى : (كلا انهم عن ربهم يومئذ
لمحجوبون ) ((697)) قال : فلماحجبهم في السخط, كان في هذا دليل على انهم يرونه في الرضا.

و هـكـذا استدل على ان المشيئة للّه بقوله تعالى : (و ما تشاؤون الا ان يشا اللّه ) ((698)) قال :
فاعلم خلقه ان المشيئة له ((699)) .

و في مسائل اصول الفقه , استند في حجية خبر الواحد بيات بعث الرسل , الى كل امة برسول واحد,
ثـم جـعـل يـسردالايات في ذلك : (انا ارسلنا نوحا الى قومه ) ((700)) (و الى عاد اخاهم هودا
) ((701)) (و الـى ثمود اخاهم صالحا ) ((702)) و غير ذلك من آيات قال : قاقام ـ جل ثناؤه ـ
حجته على خلقه في انبيائه بالاعلام التي باينوا بها خلقه سواهم , و كانت الحجة على من شاهد امور
الانـبيا دلائلهم التي باينوا بها غيرهم , و على من بعدهم ـ و كان الواحد في ذلك و اكثر منه سوا ـ
تقوم الحجة بالواحد منهم قيامها بالاكثر و كذا اقام الحجة على الامم بواحد.

قـال البيهقي : و احتج الشافعي بالايات التي وردت في القرآن في فرض طاعة رسول اللّه (ص ) و
مـن بـعـده الى يوم القيامة واحدا واحدا, في ان على كل واحد طاعته , و لم يكن احد غاب عن رؤية
رسول اللّه , يعلم امره الا بالخبر عنه , و بسط الكلام فيه ((703)) .

و مـما استدل به في مسائل الاحكام وهي الكثرة الكثيرة ما حدث الشافعي باسناده الى مجاهد, قال :
اقـرب مـا يـكـون العبدمن اللّه ـ او الى اللّه ـ اذا كان ساجدا, الم تر الى قوله تعالى : (و اسجد و
اقترب ) ((704)) يعنى : افعل و اقرب قال الشافعي :و يشبه ما قال مجاهد, و اللّه اعلم ما قال , اي
ما قاله النبي (ص ) ((705)) .

و فـي روايـة حـرملة عنه في قوله تعالى : (يخرون للاذقان سجدا) ((706)) قال الشافعي : و
احتمل السجود : ان يخر,و ذقنه ـ اذا خر ـ تلى الارض , ثم يكون سجوده على غير الذقن .

و اسـتـدل بـيـة (ان اللّه و مـلائكـتـه يـصلون على النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا
تـسليما) ((707)) بوجوب الصلاة عليه (ص ) في الصلوات الفرائض قال : فلم يكن فرض الصلاة
عليه في موضع , اولى منه في الصلاة ((708)) .

و مـن غـريـب اسـتدلاله : انه فهم من قوله تعالى : (و بدا خلق الانسان من طين ثم جعل نسله من
سـلالـة مـن مـامـهـين ) ((709)) ان المني طاهر, حيث كان اصل الانسان من ما و تراب , و هما
طاهران , فخلق النسل من ما يدل على طهارته ايضا قال : بدا اللّه خلق آدم من ما و طين , و جعلهما معا
طـهـارة , و بـدا خلق ولده من ما دافق فكان في ابتدا خلق آدم من الطاهرين اللذين هما الطهارة دلالة
لابـتدا خلق غيره انه من ما طاهر لا نجس قال : المني ليس بنجس , لان اللّه اكرم من ان يبتدئ خلق
من كرمه من نجس قال : و لو لم يكن في هذا ـ اي طهارة المني ـ خبر عن النبي , لكان ينبغي ان تكون
الـعـقـول تعلم ان اللّه لايبتدئ خلق من كرمه و اسكنه جنته من نجس ثم ذكر الخبر الوارد في ان
النبي (ص ) لم يغسل ثوبه من مني اصابه ((710)) .

و الكتاب مطبوع جزاين في مجلد واحد.

احكام القرآن لكياالهراسي الشافعي ايضا

هـو عماد الدين ابوالحسن علي بن محمد بن علي الطبري المعروف بالكيا ((711)) الهراسي فقيه
شافعي , اصله من خراسان ثم رحل الى نيسابور, و تفقه على امام الحرمين الجويني مدة حتى برع , ثم
خرج الى بيهق ثم الى العراق , و تولى التدريس بالمدرسة النظامية ببغداد, الى ان توفي سنة (504)
.

يـعـتبر كتابه هذا من اهم المؤلفات في احكام القرآن عند الشافعية , ذلك لتعصب المؤلف فيه لمذهب
الشافعي , محاولا بكل جهده تفسير الايات في صالح مذهبه يقول في مقدمته : ((ان مذهب الشافعي اسد
الـمذاهب و اقومها و ارشدها و احكمها,و ان نظر الشافعي في اكثر آرائه و معظم ابحاثه , يترقى
عن حد الظن و التخمين الى درجة الحق و اليقين و ان اللّه فتح له من ابوابه , ويس ر عليه من اسبابه ,
و رفـع لـه من حجابه , ما لم يسهل لمن سواه , و لم يتات لمن عداه )) هكذا يتعصب لمذهب الشافعي , و
يحاول ترجيحه على سائر المذاهب .

قـال الذهبي : ان تقديم الكتاب بمثل هذا الكلام ناطق بان الرجل متعصب لمذهبه , و شاهد عليه بانه
سوف يسلك في كتابه مسلك الدفاع عن قواعد الشافعي و فروع مذهبه , و ان اداه ذلك الى التعسف و
التاويل قال : و دونك الكتاب , لتقف على مبلغ تعصب صاحبه و تعسفه ((712)) .

و لـه حـملات عنيفة على الجصاص , مقابلة له بالمثل , فراجع الكتاب و الكتاب مطبوع اربعة اجزا
في مجلدين .

احكام القرآن لابن العربي المالكي

هـو ابـوبكر محمد بن عبداللّه بن محمد المعافري الاندلسي , ختام علما الاندلس و آخر ائمتها و حفاظها, توفي سنة (543) كان من اهل التفنن في العلوم و التبحر فيها, متكلما في انواعها, نافذا في
جمعها, حريصا في طلبها.

و يـعـتـبـر هذا الكتاب مرجعا مهما للتفسير الفقهي عند المالكية , حيث مؤلفه مالكي متاثر بمذهبه ,
فـظهرت عليه في تفسيره روح التعصب و الدفاع عنه , و ربما حمل على مخالفيه حملة عشوا, بما
لايتناسب و مقام الفقها العظام .

و عـلـى اي حـال , فـهـو كـتاب حافل بالادب و اللغة مضافا الى عرض مذاهب السلف في الفتيا, و
الاسـتـظـهار من كتاب اللّه تراه قد يطيل البحث بالقيل و القال , وردا على مخالفي راي اصحابه , من
غـيـر جـدوى نـجده عند آية الوضؤ ((713)) يتعرض لاصحاب الشافعي في اعتبارهم النية في
الوضؤ, يقول : ظن ظانون من اصحاب الشافعي الذين يوجبون النية في الوضؤ, انه لما اوجب الوضؤ
عند القيام الى الصلاة دل على انه اوجبه لاجله , و انه اوجب به النية .

و هذا لايصح , فان ايجاب اللّه سبحانه الوضؤ لاجل الحدث لايدل على انه يجب عليه ان ينوي ذلك ,
بـل يـجـوز ان يجب لاجله , و يحصل دون قصد تعليق الطهارة بالصلاة و بنيتها لاجله و يسهب في
الكلام هنا, و ينتهي الى قوله : فركب على هذاسفاسفة المفتين , و اوردوا فيها نصا عمن لايفرق بين
الظن و اليقين .

و يـنتقل بعد ذلك الى الكلام حول (و ايديكم ), فيقول : اليد عبارة عما بين المنكب و الظفر, و هي
ذات اجـزاو اسـمـا, مـنـها المنكب و منها الكف و الاصابع , و هو محل البطش و التصرف العام في
المنافع , و هو معنى اليدو غسلهما في الوضؤ مرتين : احداهما عند اول محاولة الوضؤ و هو سنة , و
الثانية في اثنا الوضؤ و هو فرض .

قوله : (الى المرافق ) و ذكر اهل التاويل في ذلك ثلاثة اقاويل :.

الاول : ان ((الـى )) بـمعنى ((مع )), كما قال تعالى : (و لاتاكلوا اموالهم الى اموالكم ) ((714))
معناه : مع اموالكم .

الثاني : ان ((الى )) حد, و الحد اذا كان من جنس المحدود دخل فيه .

الثالث : ان المرافق حد الساقط لا حد المفروض قاله القاضي عبد الوهاب , و ما رايته لغيره .

و تـحـقـيقه ان قوله : ((و ايديكم )) يقتضي بمطلقه من الظفر الى المنكب , فلما قال : الى المرافق
اسقط ما بين المنكب و المرافق , و بقيت المرافق مغسولة الى الظفر و هذا كلام صحيح يجري على
الاصول , لغة و معنى .

و امـا قولهم : ان ((الى )) بمعنى ((مع )) فلا سبيل الى وضع حرف موضع حرف , و انما يكون كل
حـرف بـمـعـناه , و تتصرف معاني الافعال , و يكون التاويل فيها لا في الحروف و معنى قوله : (الى
الـمـرافـق ) على التاويل الاول : فاغسلوا ايديكم مضافة ,الى المرافق و كذلك قوله : (و لاتاكلوا
اموالهم الى اموالكم ) معناه : مضافة الى اموالكم .

و قـد روى الـدارقـطـنـي و غيره , عن جابر بن عبداللّه : ان النبي (ص ) لما توضا ادار الما على
مرفقيه ((715)) .

و مـمـا يـمـتاز به هذا الكتاب , كراهته للاسرائيليات , كما انه شديد النفرة من الخوض فيها, فهو
عـنـدمـا تعرض لقوله تعالى : (ان اللّه يامركم ان تذبحوا بقرة ) ((716)) نجده يقول : ((المسالة
الـثانية )) في الحديث عن بني اسرائيل , كثر استرسال العلما في الحديث عنهم في كل طريق و قد
ثـبـت عن النبي انه قال : ((حدثوا عن بني اسرائيل و لا حرج )) و معنى هذا الخبر :الحديث عنهم
بـمـا يخبرون به عن انفسهم و قصصهم , لا بما يخبرون به عن غيرهم , لان اخبارهم عن غيرهم
مـفـتـقرة الى العدالة و الثبوت الى منتهى الخبر, و ما يخبرون به عن انفسهم فيكون من باب اقرار
الـمر على نفسه او قومه , فهو اعلم بذلك و اذااخبروا عن شرع لم يلزم قبوله ففي رواية مالك عن
عـمر, انه قال : رآني رسول اللّه (ص ) و انا امسك مصحفا قد تشرمت حواشيه ((717)) فقال : ما
هذا؟ قلت : جز من التوراة ((718)) .

و الكتاب مطبوع في اربع مجلدات , طبعة انيقة .

احكام القرآن ـ للراوندي (فقه القرآن )

تاليف الفقيه المحدث المفسر الاديب , قطب الدين ابي الحسين سعيد بن هبة اللّه الراوندي , المتوفى سنة (573) كان فاضلا و عالما جامعا لانواع العلوم , له مصنفات في مختلف العلوم الاسلامية , فيما
يـقـرب مـن سـتـين مؤلفا, من اجملها : منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة , و عليه اعتمد ابن ابي
الـحـديـد فـي شرح النهج و منها هذا الكتاب الذي نحن بصدده , و هو من خيركتب احكام القرآن و
اقـدمـهـا و اجـلـها و هو مرتب حسب ترتيب ابواب الفقه , حاويا في كل باب على آيات متناسبة مع
فـروع المسائل في ذلك الباب و من ثم فهو اشبه بالتفسير الموضوعي للايات المرتبطة بالاحكام و
هو غاية في الايجاز و الاختصاربما اوجب ابهاما, في اكثر الاحيان .

مثلا يذكر قوله تعالى : (يسبح له فيها بالغدو و الاصال , رجال لاتلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه
و اقام الصلاة ) ((719)) و يروي عن ابن عباس : كل تسبيح في القرآن صلاة .

و عـن ابي جعفر و ابي عبداللّه (ع ) : ان اللّه مدح قوما بانهم اذا دخل وقت الصلاة تركوا تجارتهم
و بيعهم و اشتغلوا بالصلاة .

قال : و هذان الوقتان من اصعب ما يكون على المتبايعين , و هما : الغداة و العشي ؟ ثـم ذكـر قـولـه تـعـالـى : (قـل ان صلاتي و نسكي و محياي و مماتي للّه رب العالمين لا شريك
له ) ((720)) .

قال : انما اضاف الصلاة الى اصل الواجبات من التوحيد و العدل , لان فيها التعظيم للّه عند التكبير, و
فيها تلاوة القرآن التي تدعو الى كل بر, و فيها الركوع و السجود, و هما غاية خضوع للّه , و فيها
التسبيح الذي هو تنزيه اللّه تعالى .

و انـمـا جمع بين صلاته و حياته و احداهما من فعله والاخرى من فعل اللّه , لانهما جميعا بتدبير
اللّه ؟ و الـكيفيات المفروضة في اول كل ركعة ثمانية عشر و في اصحابنا من يزيد في العدد و ان كانت
الواجبات بحالها في القولين ((721)) .

قلت : لايخفى مواضع الابهام و الاجمال في هذا الوجيز من الكلام .

و الكتاب مطبوع في مجلدين , بتحقيق السيد احمد الحسيني ـ قم ـ.

احكام القرآن ـ للسيوري (كنز العرفان في فقه القرآن )

هـو جـمـال الـديـن ابوعبداللّه المقداد بن عبداللّه بن محمد بن الحسين بن محمد السيوري الحلي الاسـدي , الـمعروف بالفاضل المقداد كان من اجلا الاصحاب و عظما المشايخ , عالما فاضلا متكلما
محققا فقيها توفي سنة (826), و دفن في النجف الاشرف .

و هـو صـاحـب مؤلفات جليلة و قيمة , منها هذا الكتاب , و منها : التنقيح الرائع في شرح المختصر
الـنـافـع , فـي الفقه و منها :اللوامع في المباحث الكلامية و كتابه : ((النافع في شرح الباب الحادي
عشر)), معروف .

و كـتـابـه هذا ـ كنز العرفان ـ مرتب حسب ترتيب ابواب الفقه ايضا و قد طبع الكتاب جزاين في
مـجـلـد واحـد, و هـو كثيرالفائدة , متوسع في البحث على اختصاره و يتعرض للمباحث اللغوية و
الادبـيـة الـمتناسبة , في غاية الوجازة و الايفا, الامرالذي يدل على سعة باع المؤلف , و تضلعه في
الادب و اللغة و البيان , مضافا الى قوة الاستدلال , و صلابته في اقامة البرهان .

زبدة البيان في احكام القرآن للمقدس الاردبيلي

هـو المولى الفقيه المحقق احمد بن محمد الاردبيلي المتوفى سنة (993) كان اعلم اهل زمانه في الفقه و الكلام , عظيم المنزلة رفيع الشان , صاحب كتاب ((مجمع الفائدة )) في شرح الارشاد.

و هـذا الـكـتـاب ايضا مرتب حسب ترتيب ابواب الفقه , و لايتجاوز في البحث عن مسائل الاحكام
الـعملية , على غرار متون الكتب الفقهية البحتة و اكثر كتب آيات الاحكام التي الفها الاصحاب , على
ذلك , لم يتجاوزوا حدود الاحكام و هو كتاب جيدحسن الترتيب , متين الاستدلال , قوي البرهان .

مسالك الافهام ـ الى آيات الاحكام للفاضل الجواد الكاظمي

هـو شـمـس الـدين ابوعبداللّه محمد الجواد بن سعد بن الجواد الكاظمي , من اعلام القرن الحادي عشر و هو ايضا مرتب حسب ترتيب الفقه , مطبوع اربعة اجزا في مجلدين و هو من ابسط التفاسير
الفقهية , على مشرب اصحابنا الامامية , و من اتقنها.

قلائد الدرر في بيان آيات الاحكام بالاثر

لاحـمـد بـن اسـمـاعيل بن عبدالنبي الجزائري , المتوفى سنة (1151) و هو من اجل كتب آيات الاحكام و انفعها, و اشملهالفروع المسائل , و هو مطبوع طبعة انيقة .

آيات الاحكام ـ للسيد الطباطبائي اليزدي

هـو الـسيد محمد الحسين اليزدي المتوفى (1386) و هو مرتب حسب ترتيب السور, مع مقدمة وجيزة نافعة .

التفاسير الجامعة

و هو ثالث انواع التفسير التي ظهرت الى الوجود : التفسير النقلي (التفسير بالماثور), ثم التفسير الـفـقـهـي (آيات الاحكام ),و ثالثا التفاسير الاجتهادية الجامعة , و التي تعرضت لجوانب من الكلام
النظري حول تفسير القرآن .

و هذه التفاسير الاجتهادية الجامعة من اقدم انواع التفسير بعد التفسير بالماثور, و تشمل الكلام في
جـوانـب مـخـتلفة من التفسير, لغة و ادبا و فقها و كلاما, حسب تنوع العلوم و المعارف التي كانت
دارجـة ذلـك العهد نعم كان قد يغلب على بعض هذه التفاسير لون التخصص الذي كان يتخصص فيه
صاحب التفسير, من براعة في ادب او فقه او كلام غير ان ذلك لم يكديخرج بالتفسير عن كونه من
التفسير الاجتهادي الجامع , و ليس في طابع ذي لون واحد.

و نـحن ذاكرون الاهم من هذه التفاسير التي احتلت المحل الارفع في الاوساط العلمية , طول عهد
الاسلام , و نضعها موضع دراستنا, بحثا ورا معرفة قيمتها في عالم التفسير :.

التبيان ـ في تفسير القرآن لابي جعفر الطوسي (460)

هـو الـشيخ ابوجعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي , نسبة الى ((طوس )) من بلاد خراسان , الاهلة بالعلم و الثقافة و العمران , و لاتزال معهدا للدراسات الاسلامية , حيث مثوى الامام
علي بن موسى الرضا(ع ), و تعد اليوم من اكبرمدن ايران الاسلامية المزدهرة .

و شيخنا العلامة الطوسي , يعد علما من اعلام الطائفة و شيخها المقدم و امامها الاسبق , سباق العلوم
و الـمـعارف الاسلامية , و القدوة العليا لمن كتب و الف في شتى شؤون العلوم الاسلامية , من فقه و
تفسير و كلام , فضلا عن الاصول و الرجال و الحديث .

و لقب بشيخ الطائفة , لانه زعيمها و قائدها و سائقها و معلمها الاول في مختلف العلوم .

ولـد بـطـوس فـي شـهر رمضان سنة (385) و هاجر الى بغداد سنة (408) ايام زعامة عميد
الـطـائفـة مـحـمد بن محمد بن النعمان المشتهر بالشيخ المفيد فلازمه ملازمة الظل , و عكف على
الاسـتـفادة منه , و ادرك ابن الغضائري و شارك النجاشي و بعد وفاة شيخه المفيد سنة (413) و
انتقال الزعامة الى علم الهدى السيد المرتضى , انحاز الشيخ اليه و لازم الحضور تحت منبره , و عنى
بـه المرتضى و بالغ في توجيهه و تلقينه و بقي ملازما له طيلة (23) سنة , حتى توفي السيد سنة
(436) فـاستقل شيخ الطائفة باعبا الامامة , و ظهوره على منصة الزعامة , و اصبح علما من اعلام
الشيعة و منارا للشريعة , و كانت داره في الكرخ ماوى الامة و مقصد الوفاد, ياتونه من كل صوب و
مـكان و تصدر كرسي الكلام في بغداد, بطلب من الخليفة القادر باللّه العباسي , حيث لم يكن في بغداد
يومذاك من يفوقه قدرا او يفضل عليه علما و معرفة , بمباني الشريعة و اصول الكلام فيها.

و لم يزل شيخنا المعظم امام عصره و عزيز مصره , حتى ثارت القلاقل و حدثت الفتن في بغداد, و
اتسع ذلك على عهدطغرل بيك اول ملوك السلاجقة , فانه ورد بغداد و كان اول ما فعل ان شن الاغارة
عـلـى الـكـرخ , و احرق مكتبة الشيعة هناك ,و التي انشاها ابونصر سابور بن اردشير, وزير بها
الـدولـة البويهي و كان قد جمع فيها من كتب فارس و العراق , و استجلب من بلاد الهند و الصين و
الـروم فـكـانت مكتبة ضخمة ثرية , ربما تنوف كتبها على عشرات الالوف , و اكثرها نسخ الاصل
بخطوطالمؤلفين .

و من ثم اضطر شيخنا ابوجعفر الى الهجرة الى النجف الاشرف سنة (449), و استفرغ للعكوف
عـلى التاليف و التصنيف ,و فيها خرجت امهات كتبه و تليفه , امثال : المبسوط, و الخلاف , و النهاية
فـي الـفـقه , و التبيان في التفسير, و التهذيب ,و الاستبصار في الحديث , و الاقتصاد, و التمهيد في
الكلام , و سائر كتبه الرجالية و غيرها.

فـيـا لـه من منبع علم و مدخر فضيلة , ازدهر به العالم الاسلامي , نورا و علما و حياة نابضة , فقد
بارك اللّه فيه و في عمره (385 ـ 460) 75.

التعريف بهذا التفسير.

هو تفسير حافل جامع , و شامل لمختلف ابعاد الكلام حول القرآن , لغة و ادبا, قراة و نحوا, تفسيرا
و تاويلا, فقها و كلامابحيث لم يترك جانبا من جوانب هذا الكلام الالهي الخالد, الا و بحث عنه بحثا
وافيا, في وجازة و ايفا بيان .

يـبـدو مـن ارجاعات الشيخ في تفسيره الى كتبه الفقهية و الاصولية و الكلامية , انه كتب التفسير
مـتاخرا عن سائر كتبه في سائر العلوم , و من ثم فان هذا الكتاب يحظى بقوة و متانة و قدرة علمية
فائقة , شان اي كتاب جا تاليفه في سنين عالية من حياة المؤلف .

و بحق فان هذا التفسير حاز قصب السبق من بين سائر التفاسير التي كانت دارجة لحد ذاك الوقت ,
و التي كانت اكثرهامختصرات , تعالج جانبا من التفسير دون جميع جوانبه , مما اوجب ان يكون هذا
التفسير جامعا لكل ما ذكره المفسرون من قبل , و حاويا لجميع ما بحثه السابقون عليه .

قـال الشيخ في مقدمة تفسيره : فان الذي حملني على الشروع في عمل هذا الكتاب , اني لم اجد احدا
مـن اصـحـابنا قديماو حديثا من عمل كتابا يحتوي على تفسير جميع القرآن , و يشتمل على فنون
معانيه , و انما سلك جماعة منهم في جمع مارواه و نقله و انتهى اليه في الكتب المروية في الحديث ,
و لـم يتعرض احد منهم لاستيفا ذلك و تفسير ما يحتاج اليه , فوجدت من شرع في تفسير القرآن من
علما الامة , بين مطيل في جميع معانيه , و استيعاب ما قيل فيه من فنونه ـ كالطبري و غيره ـ و بين
مقصر اقتصر على ذكر غريبه , و معاني الفاظه و سلك الباقون المتوسطون في ذلك مسلك ما قويت
فـيـه منتهم ((722)) , و تركوا ما لا معرفة لهم به قال : و انا ان شا اللّه تعالى اشرع في ذلك على
وجـه الايـجاز و الاختصار لكل فن من فنونه , و لااطيل فيمله الناظر فيه , و لا اختصر اختصارا
يقصر فهمه عن معانيه .

فـهـو تفسير وسط جامع شامل , حاويا لمحاسن من تقدمه , تاركا فضول الكلام فيه مما يمل قارئيه ,
فجا في احسن ترتيب و اجمل تاليف , فللّه دره و عليه اجره .

منهجه في التفسير.

امـا الـمـنـهج الذي سلكه في تفسير القرآن , فهو المنهج ا لصحيح الذي مشى عليه اكثر المفسرين
الـمـتقنين , فيبدا بذكرمقدمات تمهيدية , تقع نافعة في معرفة اساليب القرآن , و مناهج بيانه و سائر
شـؤونـه , مـمـا يرتبط بالتفسير و التاويل , و المحكم و المتشابه , و الناسخ و المنسوخ , و معرفة
وجـوه اعـجـاز الـقرآن , و احكام تلاوته و قراته , و انه نزل بحرف واحد, و الكلام عن الحديث
الـمعروف : نزل القرآن على سبعة احرف و التعرض لاسامي القرآن و اسامي سوره و آياته , و ما
الى ذلك .

امـا صـلـب التفسير, فيبدا بذكر الاية , و يتعرض لغريب لغتها, و اختلاف القراة فيها, ثم التعرض
لـمـختلف الاقوال و الاراو ينتهي الى تفسير الاية تفسيرا معنويا في غاية الوجازة و الايفا و هكذا
يـذكـر اسـباب النزول , و المسائل الكلامية المستفادة من ظاهر الاية , حسب امكان اللغة و الادب
الـرفيع , كما يتعرض للمسائل الخلافية في الفقه و الاحكام , و مسائل الاعتقادو نحوها كل ذلك مع
عف اللسان و حسن الادب في التعبير.

و مـمـا يـجـدر الـتنبه له , ان هذا التفسير يتعرض لمسائل علم الكلام , في صبغة ادبية رفيعة , و
لايـترك موضعا من الايات الكريمة التي جات فيها الاشارة الى جانب من مسائل العقيدة , الا و تعرض
لها, و اكثر في تفصيل و بسط كلام و هذا من اختصاص هذا التفسير.

يـقـول المؤلف في المقدمة : و سمعت جماعة من اصحابنا قديما و حديثا يرغبون في كتاب مقتصد,
يـجتمع على جميع فنون علم القرآن : من القراة , و المعاني , و الاعراب , و الكلام على المتشابه , و
الجواب عن مطاعن الملحدين فيه , و انواع المبطلين , كالمجبرة و المشبهة و المجسمة و غيرهم ,
و ذكـر مـا يـخـتـص اصحابنا به من الاستدلال بمواضع كثيرة منه , على صحة مذهبهم في اصول
الـديـانـات و فروعها و انا ان شا اللّه تعالى اشرع في ذلك على وجه الايجاز و الاختصار لكل فن
من فنونه , و لااطيل , فيمله الناظر فيه , و لا اختصر اختصارا يقصر فهمه عن معانيه .

و لنذكر امثلة على ذلك :.

مـثـلا عـنـد تفسير قوله تعالى : (انما وليكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و
يؤتون الزكاة و هم راكعون ) ((723)) يقول :.

و اعـلـم ان هـذه الايـة من الادلة الواضحة على امامة اميرالمؤمنين (ع ) بعد النبي بلا فصل وجه
الدلالة فيها انه قد ثبت ان الولي في الاية بمعنى الاولى و الاحق , و ثبت ايضا ان المعنى بقوله : ((و
الذين آمنوا)) اميرالمؤمنين فاذا ثبت هذان الاصلان ,دل على امامته .

ثـم اخـذ في بيان كون المراد من ((الولي )) في الاية هو الاولى بالامر, لانه المتبادر من اللفظ و
استشهد بقول العرب , و بايات و اشعار, و شواهد اخر و اخذ في بيان دلالة ((انما)) على الحصر,
كما اثبت من رواية اكثر المفسرين على نزولها في علي (ع ) ((724)) .

/ 28