تفسير البيضاوي (انوار التنزيل و اسرار التاويل ) - تفسیر والمفسرون فی ثوبه القشیب جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر والمفسرون فی ثوبه القشیب - جلد 2

محمد هادی معرفت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

لـكن استدلال الامامية لايتوقف على كون المشتق حقيقة في الاعم ممن تلبس او انقضى عنه المبدا, بـل كما صرح هوايضا : انه في حال التلبس يتوجه الخطاب بعدم اللياقة و النفي تابيد شمل الظالم و
وصمه بوصمة العار : انه غير صالح للامامة ابدا و من ثم فان الكافر لايصلح للنبوة حتى و لو تاب و
آمن , و لا دليل عليه سوى شمول هذه الاية , حسبما صرح به الرازي نفسه اذن فالاية صالحة لسلب
الصلاحية ابدا عمن كفر و اشرك باللّه طرفة عين .

فمن كفر باللّه و اشرك فقد ظلم ربه و ظلم نفسه , و الظالم مسلوب الصلاحية ابدا, حتى بعد توبته
و ايـمـانه ايضا, اذ يتوجه اليه حينذاك ـ اي حين ظلمه ـ : لاينالك عهدي ايها الظالم الخائن لربه و
هو نفي تابيد مترتب على ظلم , صادر من المكلف و هذا من خاصية الظلم , حيث يترتب عليه حكم عام ,
نظير السرقة يترتب عليها حكم القطع , فيجب اجراؤه سوا حال سرقته ام بعدها نعم اذا تاب السارق
قـبـل امـكـان الـقـبـض عـليه , فانه يسقط حكم القطع , و لكنه بدليل خاص , و الا كان الحكم ثابتا
على عمومه .

و مـسـالـتـنا الحاضرة من هذا القبيل , اي من قبيل السرقة و الزنى و شرب الخمر, يثبت احكامها
بمجرد الصدور و صدق الموضوع خارجا, و يدوم حتى الاجرا.

فقوله تعالى : الظالم لايناله عهدي , نظير قوله : السارق تقطع يده , و الزاني يجلد, و الشارب يحد,
يجري الحكم بعدانقضا المبدا, و لايختص بحال التلبس .

و الامـامة ـ هنا ـ شي ورا النبوة , و هو القدوة للناس , التي ليست سوى امامة الامة مطلقة , لان هذه
الامـامـة انـما جات ابراهيم , حال كونه نبيا, فهي رتبة الامامة جاته بعد النبوة , و من ثم فانها تشمل
الخلافة التي هي امامة عامة .

و اذا كانت الامامة بهذا المعنى لاتنال من كفر باللّه طرفة عين , فلايصلح للامامة الا من كان معصوما
من الخطا و الزلل .

و دلـيـل آخـر تمسك به الامامية , اغفله الرازي , و هو : ان هذه الاية نفت صلاحية من كان يظلم
نـفـسـه , و لـو بارتكاب الكبائر,غير الكفر و الشرك فمن يحتمل في شانه ارتكاب المعصية ـ اي
لم يكن معصوما ـ لم يطمئن خروجه عن شمول الاية بنفي لياقة الامامة .

و من ثم فانه يشترط في الامام سوا النبي ام خليفته ان يكون معصوما.

مباحث تافهة .

و هناك تجد في هذا التفسير الضخم الفخم بعض ابحاث تافهة , لاتمس مسائل الانسان في الحياة , و
لاتفيده علما و لاعملا, تعرض لها الامام الرازي , و اظنه قد تفكه بها, و لم يردها عن جد عقلاني ,
هذا فضلا عن تلكم المجادلات العنيفة التي اضاع بها كثيرا من صفحات تفسيره , و لقد كان الكف عنها
اجدر.

مـن ذلـك تـفـصيله الكلام حول مسالة تافهة للغاية , و هي : المسالة السادسة , في ان السما افضل ام
الارض ؟ ((859)) .

و هكذا عند تفسير قوله : ((السما بنا)) ياتي في المسالة الثانية بفضائل السما من وجوه خمسة ثم
يـاتي في المسالة الثالثة بفضائل السما, و بيان فضائل ما فيها من الشمس و القمر و النجوم , و يذكر
لكل منها وجوها من فضائل ((860)) .

و بهكذا امور لاطائل تحتها يسود كثيرا من صفحات تفسيره , الامر الذي يدل على فراغ وجدة كان
يتمتع بهما مفس رناالخبير.

و ربما يرد المسائل , هي بالهزل اشبه منه الى الجد مما لايتناسب و مقام علميته الرفيعة .

مـثـلا : عـند تفسير قوله تعالى : (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن ) ((861)) يحاول توجيه
نزول القرآن في شهررمضان ـ ليلة القدر ـ نزوله الدفعي جملة الى سما الدنيا, ثم نزوله التدريجي
الى الارض نجوما يقول : انما جرت الحال على ذلك لما علمه اللّه من المصلحة , فانه لايبعد ان يكون
لـلـملائكة الذين هم سكان سما الدنيا مصلحة , او كان فيه مصلحة للرسول (ع ) في توقع الوحي من
اقرب الجهات , او كان فيه مصلحة لجبرئيل , حيث كان هو المامور بانزاله و تاديته ((862)) .

تفسير البيضاوي (انوار التنزيل و اسرار التاويل )

الـمؤلف هو القاضي ناصر الدين ابوالخير, عبداللّه بن عمر بن محمد بن علي , البيضاوي الشافعي , نسبة الى بيضا, مدينة كانت مشهورة بفارس , بينها و بين شيراز ثمانية فراسخ , ولي قضا شيراز, و
كان اماما بارزا نظارا خيرا كما قال السبكي توفي سنة (685) له مصنفات جيدة اهمها هذا التفسير
الذي اعتمد فيه على تفسير ((الكشاف )) للزمخشري .

و هـو تـفـسـيـر جـيـد لطيف , جمع فيه بين حسن العبارة و قوة البيان , و من ثم اعتمده كثير من
المفسرين , كالمولى الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي , و له نظرات و آرا دقيقة في حل معضلات
الايـات , هو عند تفسير قوله تعالى : (اهدنا الصراطالمستقيم ) من سورة الحمد, ينوع الهداية الى
مراحل اربعة , مترتبة بعضها اثر بعض , فانما يسال العباد النيل الى مراتب اعلى من هداية اللّه للعباد و
هذا تفسير طريف يوجه سؤال الهداية في امثال هذه الاية , ربما لم يسبقه اليه احد من المفسرين .

يـقال : انه اشعري المسلك , و من ثم انه اخذ من تفسير الكشاف كثيرا, لكنه ترك ما فيه من اعتزال ,
و هذا غير صحيح , لانه يذهب في تفسيره مذهب اهل العدل و التنزيه , و من ثم نراه يؤول كثيرا من
ظواهر آيات تنافي دليل العقل .

مـثلا عند تفسير قوله تعالى (الذين ياكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من
الـمـس ) ((863)) وجـدنـاه يـقـول : الا قياما كقيام المصروع , و هو وارد على ما يزعمون ان
الشيطان يخبط الانسان فيصرع ثم يفسر ((المس )) بالجنون ,و يقول : و هذا ايضا من زعماتهم ان
الجني يمس الرجل فيختلط عقله ((864)) .

و هـذا الذي مشى عليه موافق مع مذهب الاعتزال الذي مشى عليه الزمخشري من ان الجن لاتسل
ط لـها على الانسان , فيماعدا الوسوسة و الاغوا, حيث قوله تعالى حكاية عن ابليس فى مشهد القيامة :
(و ما كان لى عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي ) ((865)) و قوله تعالى : (و ما كان له
عليهم من سلطان ) ((866)) .

و هـذا الـتـفـسـير كما ذكرنا مختصر من تفسير ((الكشاف )) للزمخشري و قد استمدايضا من
((الـتـفـسير الكبير)) للامام الرازي ,و من ((تفسير الراغب )) الاصفهاني , و ضم الى ذلك بعض
الاثار الواردة عن الصحابة و التابعين , لكنه اعمل فيه عقله , فضم نه نكتا بارعة , و لطائف رائعة , و
استنباطات دقيقة , كل هذا في اسلوب رائع موجز, و عبارة تدق احيانا و تخفى الا على ذي بصيرة
ثـاقـبـة , و فطنة نيرة و هو يهتم احيانا بذكر القراات , و ربما ذكر الشواذ ايضا, كما انه يعرض
للصناعة النحوية , و لكن بدون توسع واستفاضة , كما انه يتعرض عند آيات الاحكام لبعض المسائل
الفقهية بدون توسع منه في ذلك .

و مـمـا يـمتاز به البيضاوي في تفسيره انه مقل جدا من ذكر الروايات الاسرائيلية , و هو يصدر
الرواية بقوله : روي او قيل ,اشعارا منه بضعفها.

ثم انه اذا عرض للايات الكونية , فانه لايتركها بدون ان يخوض في مباحث الكون الطبيعية , و لعل
هذه الظاهرة سرت اليه عن طريق ((التفسير الكبير)) للامام الرازي .

و اليك من نص عبارته الشارحة لمنهجه في التفسير, و المبينة للمصادر التي اعتمدها او اختصرها
في تفسيره , قال في مقدمة تفسيره :.

((و لطالما احدث نفسي بان اصنف في هذا الفن ـ اي التفسير ـ كتابا يحتوي على صفوة ما بلغني من
عـظـمـا الـصحابة ,و علما التابعين , و من دونهم من السلف الصالحين و ينطوي على نكات بارعة و
لـطائف رائعة , استنبطتها انا و من قبلي من افاضل المتاخرين , و اماثل المحققين , و يعرب عن وجوه
الـقـراات الـمـشـهـورة الـمـعـزية الى الائمة الثمانية المشهورين , و الشواذالمروية عن القرا
المعتبرين )).

و يـقول في خاتمة الكتاب ما نصه : ((و قد اتفق اتمام تعليق سواد هذا الكتاب المنطوي على فرائد
فوائد ذوي الالباب ,المشتمل على خلاصة اقوال اكابر الائمة , و صفوة آرا اعلام الامة , في تفسير
الـقـرآن و تـحقيق معانيه , و الكشف عن عويصات الفاظه و معجزات مبانيه , مع الايجاز الخالي عن
الاخلال , و التلخيص العاري عن الاضلال )).

يقول عنه صاحب كشف الظنون : ((و تفسيره هذا كتاب عظيم الشان , غني عن البيان , لخص فيه من
((الـكشاف )) ما يتعلق بالاعراب و المعاني و البيان , و من ((التفسير الكبير)) ما يتعلق بالحكمة و
الـكلام , و من ((تفسير الراغب )) ما يتعلق بالاشتقاق و غوامض الحقائق و لطائف الاشارات و ضم
اليه ما وري زناد فكره من الوجوه المعقولة , فجلا رين الشك عن الصريرة , و زادفي العلم بسطة و
بصيرة )) ((867)) .

غـير اننا نجد البيضاوي قد وقع فيما وقع فيه ((الكشاف )) و غيره من المفسرين , من ذكرهم في
نـهاية كل سورة حديثااو احاديث في فضلها و فضل قارئها, و قد عرفنا قيمة هذه الاحاديث , و انها
موضوعة باتفاق اهل الحديث و لسنا نعرف كيف اغتر بها امثال البيضاوي فرواها, و تابع الزمخشري
و امثاله في ذكرها, مع مالهم من مكانة علمية و حصانة عقل و دراية .

و قـد اعـتـذر عـنه صاحب كشف الظنون بقوله : ((و اما اكثر الاحاديث التي اوردها في اواخر
الـسـور, فانه لكونه ممن صفت مرآة قلبه , و تعرض لنفحات ربه , تسامح فيه , و اعرض عن اسباب
الـتجريح و التعديل , و نحا نحو الترغيب و التاويل , عالمابانها مما فاه صاحبه بزور و دلى بغرور
)) ((868)) لكنه اعتذار غير عاذر.

ثم ان هذا الكتاب رزق بحسن القبول عند الجمهور, فعكفوا عليه بالدرس و التحشية , فمنهم من علق
تعليقة على سورة منه , و منهم من حشى تحشية تامة , و منهم من كتب على بعض مواضع منه .

تفسير النسفي (مدارك التنزيل و حقائق التاويل )

تـالـيـف ابـي الـبـركات , عبداللّه بن احمد بن محمود النسفي , نسبة الى ((نسف )) من بلاد ماورا النهر ((869)) كان امام زمانه , راسافي الفقه على المذهب الحنفي , بارعا في الحديث و التفسير, و
لـه تـصانيف في الفقه و الاصول , و منها هذا التفسير الذي اختصره من ((تفسير البيضاوي )) و من
((الـكـشـاف )) لـلـزمـخـشـري , جـمـع فيه من وجوه الاعراب و القراات , و ضمنه ما اشتمل
عليه ((الكشاف )) من النكت البلاغية و المحسنات البديعية , و اورد فيه ما اورده الزمخشري من ا
لاسـئلـة و الاجـوبة , لكن لا صريحا بل مدرجا ضمن شرحه للاية توفي سنة (701 ه ق ), و دفن
بايذج ـ وزان احمد معرب ((ايذه )) ـ بلدة بين اهواز و اصفهان , من محافظة خوزستان .

و هـناك تفسير آخر بهذا الاسم , لابي حفص نجم الدين عمر بن محمد النسفي الحنفي ايضا, توفي
سـنـة (538 ه ق )و قد طبع هذا التفسير ايضا في مجلدين و له ترجمة للقرآن بالفارسية , طبعت
سـنة (1353 ش ) بتصحيح الدكتور عبداللّه الجويني و النسفيون كثيرون , غير ان المعروف منهم
هما هاذان المفسران .

تفسير ابي السعود (ارشاد العقل السليم الى مزايا الكتاب الكريم )

لابي السعود محمد بن محمد بن المصطفى العمادي , توفي سنة (982) كان من العلما الترك و لازم الـسـلطان سليمان القانوني , و تقلد القضا, و انيط اليه الافتا سنة (952) كان حاضر الذهن , سريع
الـبـديهة , يكتب باللغات العربية و الفارسية و التركية , و قد مكنت له معرفته بهذه اللغات الاطلاع
على الكثير من المؤلفات .

كـان مـنـهـومـا بـتدريس ((الكشاف )) و ((البيضاوي )) معجبا بهما, و من ثم وضع تفسيره على
مـنـوالهما, فجا صورة اخرى عنهمامع تغييرات يسيرة و مع ذلك فهو من اجود التفاسير المشتملة
على النكات الادبية و الدقائق البلاغية , فكان غاية في حسن الصوغ و جمال التعبير, و من ثم ذاعت
شهرته بين اهل العلم , و شهد له كثير من العلما بانه من خير التفاسير.

و المطالع في تفسيره هذا يجده لا بالطويل الممل , و لا بالقصير المخل , وسطا مشتملا على لطائف
و نكات , و فوائدو اشارات .

و مـن مميزات هذا التفسير اقلاله من القصص الاسرائيلية , و ان ذكر منها شيئا فانه يذكره مضعفا
له او منكرا, و مبينا منشابطلانه و ذلك كما صنع في قصة هاروت و ماروت , حيث فند ما جا حولها
مـن اسـاطـير اسرائيلية , و لهذا نراه قد صنف فيهارسالة خاصة و بين فيها جهات ضعفها و مع ذلك
نـجـده لـم يخل من قصص اسرائيلية , كما نجده في قصة داوود و اوريا,و الخرافات التي حيكت
حـولـهـا, و قد زعم المؤلف : ان ذلك كان جائزا في شريعة داوود ((870)) هكذا يبرر من غير
تبريرو هواشعري في مسلكه , و يفسر الايات في ضؤ ذاك المذهب البائد.

تفسير الالوسي (روح المعاني )

للسيد محمود افندي الالوسي البغدادي المتوفى سنة (1270) كان شيخ علما الاحناف ببغداد, جمع بين المعقول و المنقول , حسبما اوتي من حظ عظيم في التوسع و التتبع كان عالما بمبادئ الاصول و
الفروع , محدثا و مفسرا خبيرا و كان ذاحافظة غريبة , كان لايحفظ شيئا الا و قد حضره كان يقول
: مـااستودعت ذهني شيئا فخانني تقلد افتا الحنفية سنة (1242),و تولى اوقاف مدرسة المرجانية
بـبـغداد و في سنة (1263) انفصل عن منصب الافتا و بقي مشتغلا بتفسير القرآن , حتى اتمه ,و
سافر به الى القسطنطينية , ليعرض تفسيره على السلطان عبدالمجيد خان , لينال اعجابه و رضاه .

و تفسيره هذا جامع لارا السلف و اقوال الخلف , مشتملا على مقتطفات كثيرة من تفاسير من تقدمه ,
كتفسير ابن عطية ,و تفسير ابي حيان , و تفسير الكشاف , و ابي السعود, و ابن كثير, و البيضاوي , و
الاكثر من الفخر الرازي و ربما نقد المنقول من هذا التفسير, و لكن قليلا.

و هـو فـي تفسيره يتعصب للمذهب السلفي اصولا و فروعا, باد عليه تعصبه , و لذلك نراه لم يراع
ادب الكتابة في كثير من الاحيان .

مـثلا عند تفسيره لقوله تعالى : (اللّه يستهزئ بهم و يمدهم في طغيانهم يعمهون ) ((871)) يقول
بـعـد كلام طويل و لجاج عنيف : و اضافته ـ اي الطغيان ـ اليهم , لانه فعلهم الصادر منهم , بقدرهم
الـمـؤثـرة بـاذن اللّه تـعالى , فالاختصاص المشعرة به الاضافة , انما هو بهذا الاعتبار, لا باعتبار
الـمـحلية و الاتصاف , فانه معلوم لا حاجة فيه الى الاضافة , و لا باعتبار الايجاد استقلالامن غير
تـوقـف على اذن الفعال لما يريد, فانه اعتبار عليه غبار, بل غبار ليس له اعتبارفلاتهولنك جعجعة
الزمخشري و قعقعته ((872)) .

و هو تفسير فيه تفصيل و تطويل , و احيانا بلا طائل انه يستطرد الى الكلام في الصناعة النحوية ,
و يـتـوسع في ذلك ربما الى حد يكاد يخرج به عن وصف كونه مفسرا قال الذهبي : و لااحيلك على
نقطة بعينها, فانه لايكاد يخلو موضع من الكتاب من ذلك ((873)) .

و هـكـذا يستطرد في المسائل الفقهية مستوعبا آرا الفقها و مناقشاتهم بما يخرجه عن كونه كتاب
تـفـسـير الى كتاب فقه اماالمسائل الكلامية فحديثه عنها مسهب ممل لايكاد يخرج من التعصب في
الغالب .

كـما لم يفته ان يتكلم عن التفسير الاشاري , بعد الفراغ عن الكلام في تفسير الظاهر من الايات , و
هـو في ذلك يعتمد التفسيرالنيسابوري و القشيري و ابن العربي و اضرابهم , و ربما يتيه في وادي
الخيال .

و جـمـلة القول فهذا التفسير موسوعة تفسيرية مطولة تطويلا يكاد يخرجه عن مهمته التفسيرية
في كثير من الاحيان فتفسيرالالوسي هذا هو اوسع تفسير ظهر بعد الرازي على الطريقة القديمة ,
بل هو نسخة ثانية من تفسير الرازي مع بعض التغيير ـ ليس بالمهم ـ اذ كل من قرا تفسير الالوسي
يـجـده مـعتمدا تفسير الرازي كل الاعتماد, و كان مصدره الاول من مصادره في التفسير, كماقال
الاستاذ عبدالحميد ((874)) .

تفسير البلاغي (آلا الرحمان )

للامام المجاهد و العلا مة الناقد الشيخ محمدجواد البلاغي النجفي ولد سنة (1282) و توفي سنة (1352 هـ ) كان ـ رحمه اللّه ـ قد قضى حياته الكريمة في النضال و الدفاع عن حامية الاسلام ,
قـلـمـا و قـدمـا ((875)) و له في كلا المجالين مواقف مشهودة ومصنفاته في الدفاع عن حريم
الاسـلام مـعـروفـة مـنـهـا: ((الرحلة المدرسية )), في ثلاثة اجزا, حاول فيها الرد على شبه
الـمسيحيين ضد الاسلام و منها: ((الهدى الى دين المصطفى )), دافع فيه عن كرامة القرآن العتيدة
في جزئين كبيرين و غيرهما من كتب ورسائل عنيت باهم المسائل الاسلامية العريقة .

و هذا التفسير من افضلها, حيث كان من آخر تليفه , فكان ادقها و امتنها سوى انه من المؤسف جدا اذ
لـم يـمـهـله الاجل ,فقضى نحبه عند بلوغه لتفسير قوله تعالى : (و الذين آمنوا و عملوا الصالحات
سـنـدخـلهم جنات تجري من تحتها الا نهارخالدين فيها ابدا لهم فيها ازواج مطهرة و ندخلهم ظلا
ظـلـيـلا) ((876)) فاكمل تفسير الاية و لحق بجوار ربه الكريم ليوفيه اجره حسبما وعد في
الاية , و الكريم اذا وعد وفى .

و كـان شـيـخنا العلامة البلاغي عارفا باللغات العبرية و الانجليزية و الفارسية الى لغته العربية
مجيدا فيها, مما ساعده على مراجعة اهم المصادر للتحقيق عن مبادئ الاديان القديمة , و الوقوف على
مبانيها فكانت تليفه في هكذا مجالات ذوات اسنادمتين و اساس ركين .

و تفسيره هذا هادف الى بيان حقائق كلامه تعالى و ابدا رسالة القرآن , في اسلوب سهل متين , يجمع
بـيـن الايـجاز و الايفا,و الاحاطة باطراف الكلام , بما لايدع لشبه المعاندين مجالا, و لا لتشكيك
الـمـخالفين مسربا هذا الى جنب ادبه البارع و معرفته بمباني الفقه و الفلسفه و الكلام و التاريخ , و
لاسيما تاريخ الاديان و اعراف الامم الماضية , و التي حل بها كثيرا من مشاكل اهل التفسير و من ثم
كـان مـنهجه في التفسير ذا طابع ادبي كلامي بارع , فرحمة اللّه عليه من مجاهد مناضل في سبيل
الاسلام .

التفسير في العصر الحديث

لـم يترك الاقدمون لمن تاخر عنهم كبير جهد في تفسير كتاب اللّه , و الكشف عن معانيه و مراميه , فـقـد تناولوه من اول امرهم بدراسته التفسيرية التحليلية دراسة توسعت و اطردت مع الزمن على
تـدرج ملحوظ, و تلون بالوان مختلفة حسبما عرفت و لاشك ان كل ما يتعلق بالتفسير من الدراسات
المختلفة قد وفاه هؤلا المفسرون القدامى حقه من البحث و التحقيق , فالنواحي اللغوية و البلاغية و
الادبـيـة و الـنـحـوية , و حتى الفقهية و الكلامية و الكونية الفلسفية , كل هذه النواحي و غيرها
تـناولوها بتوسع ظاهر ملموس , لم يتركوا لمن جا بعدهم الى ما قبل عصرنا بقليل من عمل جديد او
اثـر مـبتكر يقومون به في تفاسيرهم التي دونوها, سوى اعمال ضئيلة لايعدو ان يكون جمعا لاقوال
المتقدمين , او شرحا لغامض آرائهم , او نقدا او تفنيدا لما يعتوره الضعف منها, او ترجيحا لراي على
راي , مما جعل التفسير يقف وقفة طويلة مليئة بالركود, خالية من التجديد و الابتكار.

و لـقـد ظل الامر على هذا, و بقي التفسير واقفا عند هذه المرحلة ـ مرحلة الركود و الجمود ـ
لايـتـعـداها, و لايحاول التخلص منها حتى جا عصر النهضة العلمية الحديثة , فاتجهت انظار العلما
الـذيـن لـهم عناية بدراسة التفسير الى ان يتحرروا من قيد هذا الركود, و يتخلصوا من نطاق هذا
الـجـمـود, فـنظروا في كتاب اللّه نظرة فاحصة من جديد و ان كان لها اعتماد كبير على مادونه
الاوائل فـي الـتـفـسير اثرت في الاتجاه التفسيري للقرآن تاثيرا ملموسا, و غيرت من اتجاهاته
الـقديمة , و البسته ثوبا جديدالاينكر, اذ عملت في التخلص من كل الاستطرادات التي حشرت في
الـتـفـسـير حشرا و مزجت به على غير ضرورة لازمة ,و ثابرت على تنقية التفسير من القصص
الاسرائيلية التي كادت تذهب بجمال القرآن و جلاله , و تمحيص ما جا فيه من الاحاديث الضعيفة او
الـمـوضـوعـة على رسول اللّه (ص ) او على اصحابه و الائمة من بعده (ع ) و الباس التفسير ثوبا
ادبـيـااجـتماعيا, في صياغة جديدة اظهرت روعة القرآن و جمال بهائه , كما كشفت عن كثير من
مـرامـيـه الـدقيقة و اهدافه السامية , في تعرفة الانسان و الحياة و السياسة و الاجتماع , و هكذا
حاولت التوفيق بجد بالغ و جهد بين , بين ظواهر القرآن و ما جد من نظريات علمية صحيحة , على
تـفـاوت بـين الموقفين في الغلو و الاعتدال كل ذلك من اجل ان يعرف المسلمون و من ورائهم الناس
جـمـيـعـا ان الـقرآن هو الكتاب الخالد, الذي يتمشي مع الزمان في جميع اطواره و مراحله و لقد
اجادوا و افادوا في هذاالمجال , و لكنهم توسعوا في ذلك , و ربما بلغ ببعضهم حد الافراط و الغلو,
بما اخرجهم عن حد الاعتدال .

الوان التفسير في العصر الحديث

كان الجري مع الزمن في التفسير استدعى تنوعه مع تنوع متطلبات العصر و متقلباته , بما نستطيع ان نجمل القول في الوان التفسير في العصر الحديث في الالوان الاربعة التالية , و هي اهمها :.

اولا : اللون العلمي : و هو اول الالوان التي ظهرت الى الوجود, متاثرا بمكتشفات العصر الحديث .

ثـانـيـا : الـلـون الادبـي الاجـتـماعي : و هو ثاني الالوان , المتاثر بالادب المعاصر, و المظاهر
الاجتماعية الحاضرة .

ثـالـثـا : الـلـون السياسي : و قد ظهر هذا اللون على اثر التشعبات الحزبية السياسية الحديثة في
المجتمع الاسلامي .

رابـعا : اللون العقلي : فقد رافقت الالوان المتقدمة هذا اللون من التفسير العقلي , الذي كان فيه بعض
الـمحاولات لتاويل آيات , كانت بظاهرها متنافية مع مظاهر العلم او العقيدة الالحادية , التي اورثتها
النهضة الصناعية العلمية , منذ القرن التاسع عشرللميلاد.

و اليك بعض الكلام عن اللونين العلمي و الادبي الاجتماعي , فقد ازدهر العصر الحديث بهما, نتيجة
الـوعي الديني الذي ساد اكثر ابنا هذا العصر اما اللونان الاخران : السياسي و العقلي , فهما حصيلة
افـكار سياسية متطرفة و اخرى الحادية كافرة ,سيطرت على نفوس ضعيفة , او تشكلات حزبية
مـنـحـرفـة , و لم تكن لهم تفاسير شاملة , سوى بضع آيات التقطوها, كانت من المتشابهات , و من ثم
اتـبـعوها ابتغا الفتنة و ابتغا تاويلها فهي تفاسير مقطوعة الدابر منبوذة لايعتد بها, فلم نعتمدها و لا
كان لهاشان .

1ـ اللون العلمي

ان هـذا الـلـون مـن التفسير الذي يرمي الى جعل القرآن مشتملا على اشارات عابرة الى كثير من اسـرار الطبيعية , التي كشف عنها العلم الحديث , و لاتزال على مسرح الاكتشاف قد استشرى امره
فـي الـعـصـر الاخير, و راج لدى بعض المثقفين الذين لهم عناية و شغف بالعلوم , الى جنب عنايتهم
بـالقرآن الكريم و كان من اثر هذه النزعة التفسيرية الخاصة , التي تسلطت على قلوب اصحابها, ان
اخـرج لـنا المشغوفون بها كثيرا من الكتب و الرسائل التي يحاول اصحابها فيها ان يحملوا القرآن
كثيرا من علوم الارض و السما, و ان يجعلوه دالا عليها بطريق التصريح او التلميح , اعتقادا منهم ان
هذا بيان لناحية من اهم نواحي صدقه ,و اعجازه , و صلاحيته للبقا.

اهم الكتب التي عنيت بهذا اللون

مـن اهـم هـذه الـكتب التي ظهرت فيها هذه النزعة التفسيرية , كتاب ((كشف الاسرار النورانية الـقـرآنـيـة , فـيـمـا يتعلق بالاجرام السماوية , و الارضية , و الحيوانات , و النباتات , و الجواهر
الـمـعـدنـيـة )) تـاليف الطبيب الفاضل محمد بن احمد الاسكندراني ,احد رجال القرن الثالث عشر
الـهـجـري , بـرع فـي الـطـب الـروحاني و الجسماني , و كانت له علاقة شديدة في دفع شبهات
الاجـانـب التي كانت تثار ضدالدين , و كان له المام بالعلوم الحديثة التي كانت معروفة على عهده , من
طـب و صـنـاعة , و العلوم الطبيعية و الكيميا, و طبقات الارض و الحيوان و النبات و من ثم حاول
اثبات ان لا منافاة بين الدين و العلم , بل ان احدهما ليكمل الاخر و يؤيده توفي سنة (1306 ه).

و كـتـابه هذا من اوليات الكتب التي ظهرت في هذا الشان , و هو كتاب كبير الحجم , يقع في ثلاث
مجلدات , لكن من غيران يستوعب جميع آي القرآن , سوى ما يتعلق بموضوع دراسته الخاصة بحث
في الجز الاول عن الحياة و خلق الاحيا في الارض , و في الجز الثاني , عن الاجرام السماوية و عن
مظاهر الكون في الارض و السما, و في الجز الثالث , عن اسرارالنباتات و المعادن , و ما الى ذلك .

و قـد ذكر الاسكندراني في هذا الكتاب ان القرآن يحتوي على علوم جمة , على ما جد من نظرات
عـلـمـية تؤيد اعجازالقرآن , و يثبت ان عصر العلم الذي يتحدثون عنه قد بينه القرآن في صورة
حقائق الكون , و خلق الحيوان , و اسرار النباتات و المعادن .

و ابان في المقدمة غرضه من هذا التاليف , قائلا :.

((و كنت منذ زالت عني تمائم الطفولية , و نيطت بي عمائم الرجولية , ممن شغف بتعلم الطب ليالي و
ايـاما, انهمك في دراسته على قدر الطاقة سنين و اعواما, ثم اقمت بدمشق الشام معتنيا بمداواة اهلها
الامـاثـل الاعلام , الى ان اجتمعت في محفل سنة (1290 ه ) كان حافلا ببعض الاطبا المسيحيين ,
فـشـرعـوا يـتـحـادثون في كيفية تكون الاحجار الفحمية , و في انها هل اشير اليها في التوارة و
الانجيل ام لا؟ فلم يحصلوا على شي , لاصريحا و لااشارة , ثم وجهوا الى السؤال عن القرآن الكريم
هل فيه اشارة الى ذلك ؟ فتصدرت للجواب و تلطفت في التفهيم و الخطاب , قدر طاقتي و وسعي , و
تتبعت كلام كثير من العلما,و تفردت في طلبه من كتب التفسير و الطب , مع زيادة الاجتهاد)).

و هـو كـتـاب لطيف في بابه , طريف في اسلوبه , اعتمد فيه آرا القدما و المحدثين , و جد في ذلك
حسب امكانه , و افاد,جزاه اللّه خيرا.

و هناك مختصرات في هذا الشان كثيرة جرت على نفس المنوال , فهناك الاطبا و المهندسون و علما
اخـتـصـاصـيـون كانت لهم عناية بالدين و بالقرآن الكريم , حاول كل حسب وسعه و حسب طاقته
الـعلمية , في الابانة عن وجه اعجاز القرآن , من ناحية اختصاصه و الكتب و الرسائل من هذا القبيل
كثيرة و منبثة , ربما تفوق الحصر, و لاتزال تزداد حسب اطراد الزمان ((877)) .

و فـي الـعلما الدينيين ايضا كثير ممن قام بهذا الامر, و كتب في جوانب علمية من القرآن الكريم ,
امـثـال الـعلامة السيدهبة الدين الشهرستاني المتوفى سنة (1386 ه ) قام بتاليف رسالة يقارن فيها
بـعض مسائل الهياة و الفلكيات حسب اشارات جات في الشريعة و في نصوص القرآن الكريم طبعت
طـبـعـتـها الاولى في بغداد سنة (1328 ه ) و ترجمت عدة ترجمات منهابالفارسية , مما يدل على
اعجاب العلما بهذا الكتاب .

و رسالة الاستاذ عبداللّه باشافكري في مقارنة بعض مباحث الهياة طبعت بالقاهرة سنة (1315 ه).

و رسـالة السيد عبداللّه الكواكبي , و هي عبارة عن مجموعة مقالات له , نشرها في بعض الصحف
عـنـدمـا زار مـصـر سـنة (1318 ه ) ثم جمعت ضمن كتاب باسم ((طبائع الاستبداد و مصارع
الاستعباد)).

و رسالة اعجاز القرآن للاستاذ مصطفى صادق الرافعي , عقد فيه بحثا عن القرآن و العلوم .

و رسـالـة الاستاذ رشيد رشدي العابري , مدرس الجغرافية في ثانوية التفيض ببغداد, قام بنشرها
سنة (1951 م ).

و رسائل من هذا القبيل مبثوثة فوق حد الاحصا.

هـذا, و اكثر علما العصر الحديث نزعة الى التفسير العلمي , و اكبرهم انتاجا هو الشيخ طنطاوي
جـوهـري , فانه اكثر من جمع في هذا المجال و اطال في تفسيره ((الجواهر)) و ربما اسهب بما
يـخـرجـه عن طور التفسير احيانا يقع في خمسة و عشرين جزا, و الحقه بجز آخر هو المتمم
للجز السادس و العشرين و اليك بعض الكلام عن هذا التفسير العجيب .

الجواهر في تفسير القرآن للطنطاوي

هـو الشيخ طنطاوي بن جوهري المصري , توفي سنة (1358 ه ) و تفسيره هذا يعتبر اطول و اول مـن فـسـر القرآن الكريم في ضؤ العلم الحديث , و من قبله محمد احمد الاسكندراني , و لكنه
بـصورة غير شاملة , و كذلك جا بعده مفسرا للقرآن بطريقة علمية حديثة محمد عبدالمنعم الجمال
في صورة اوجز, حسبما ياتي .

و يرى الشيخ الجوهري ان معجزات القرآن العلمية لازالت تنكشف يوما بعد يوم , كلما تقدمت العلوم
و الاكـتـشافات , و ان كثيرا من كنوز القرآن العلمية مازالت مذخورة , يكشف عنها العلم شيئا فشيئا
على مر العصور.

و الشيخ الجوهري كان منذ صباه مولعا بهكذا كشائف علمية دينية , مغرما بالعجائب الكونية , و معجبا
بالبدائع الطبيعية ,مشوقا الى ما في السما و الارض من جمال و كمال و بها كما يقول هو عن نفسه قال
في مقدمة تفسيره :.

((لـمـا تـاملت الامة الاسلامية , و تعاليمها الدينية , الفيت اكثر العقلا و بعض اجلة العلما, عن تلك
الـمـعاني معرضين , و عن التفرج عليها ساهين لاهين , فقليل منهم من فكر في خلق العوالم و مااودع
فـيـهـا مـن الـغـرائب فاخذت اؤلف كتبا لذلك شتى ,كنظام العالم و الامم , و جواهر العلوم , و التاج
الـمـرصـع , و جـمـال العالم و مزجت فيها الايات القرآنية بالعجائب الكونية ,و جعلت آيات الوحي
مطابقة لعجائب الصنع )) ((878)) .

لـكـنـه وجـد ان هذه الكتب رغم كثرتها و انتشارها و ترجمتها الى اللغات الاخرى كالاوردية و
الـقـازانية الروسية لم تشف غليله , فتوجه الى اللّه ان يوفقه الى تفسير القرآن تفسيرا ينطوي على
كل ما وصل اليه البشر من علوم , فوفقه اللّه لتحرير هذاالتفسير الجليل .

و مـفـسـرنـا هـذا يقرر في تفسيره ان في القرآن من آيات العلوم ما يربو على سبعماة و خمسين
(750) آيـة , فـي حـيـن ان عـلـم الـفـقـه لاتـزيـد آياته الصريحة على ماة و خمسين (150)
آية ((879)) .

و نـجـده كثيرا ما يهيب بالمسلمين ان يتاملوا في آيات القرآن التي ترشد الى علوم الكون , و يحثهم
عـلـى الـعمل بما فيها,و يندد بمن يغفل هذه الايات على كثرتها, و ينعى على من اغفلها من السابقين
الاولين .

منهج المؤلف في التفسير.

انه يذكر الايات فيفسرها اولا لفظيا مختصرا, لايكاد يخرج بذلك عما في كتب التفسير المالوفة ,
لـكـنـه سـرعـان مـا يخلص من هذا التفسير الذي يسميه تفسيرا لفظيا و يدخل في ابحاث علمية
مستفيضة , يسميها لطائف او جواهر هذه الابحاث عبارة عن مجموعة آرا علما الشرق و الغرب في
الـعصر الحديث , ليبين للمسلمين و غيرهم ان القرآن الكريم قد سبق الى هذه الابحاث , و نبه على
تـلـك الـعـلوم قبل ان يصل اليها هؤلا العلما و نجده يضع لنا في تفسيره كثيرا من صور النباتات ,و
الـحـيـوانـات , و مناظر الطبيعة , و تجارب العلوم , بقصد ان يوضح للقارئ مايقول , توضيحا, يجعل
الحقيقة امامه كالامرالمشاهد المحسوس و لقد افرط في ذلك , و جاز حد المجاز.

و مـما يؤخذ عليه : انه قد يشرح بعض الحقائق الدينية بما جا عن افلاطون في جمهوريته , او بما
جـا عـن اخـوان الـصفافي رسائلهم , و هو حين ينقلها يبدي رضاه عنها و تصديقه بها, في حين انها
تخالف في ظاهرها ما عليه اصحابه السلفيون الاشاعرة ((880)) .

و هـكـذا نراه قد يستخرج كثيرا من علوم القرآن بواسطة حساب الجمل , الذي لانكاد نصدق بانه
يوصل الى حقيقة ثابتة قال الذهبي : و انما هي عدوى تسربت من اليهود الى المسلمين , فتسلطت على
عقول الكثير منهم .

هـذا, و انـا نجد المؤلف يفسر آيات القرآن تفسيرا يقوم على نظريات علمية حديثة , غير مستقرة
فـي ذاتـهـا, و لـم تـمض فترة التثبت منها, و هذا ضرب من التكلف ارتكبه المؤلف , ان لم يكن يذهب
بغرض القرآن احيانا, فلا اقل من ان يذهب بروائه و بهائه .

و تـكـفـيك مراجعة عبرى الى هذا التفسير لكي تعرف مغزى هذا النقد الخطير, و قد اتى الذهبي
بـنـماذج من هذا النمطالعليل , و استنتج اخيرا : ان الكتاب في ذاته موسوعة علمية , ضربت في كل
فـن من فنون العلم بسهم وافر, مما جعل هذاالتفسير يوصف بما وصف به تفسير الامام الرازي , اذ
قـيل عنه : ((فيه كل شي الا التفسير)) بل هو احق من تفسير الرازي بهذاالوصف و اولى به و ان
دل الـكـتـاب عـلـى شـي , فـهـو ان الـمـؤلف انما يحلق في اجوا خياله , و يسبح حسب زعمه في
ملكوت السماوات و الارض , و يطوف في نواح شتى من العلم بفكره و عقله , ليجلي للناس آيات اللّه
في الافاق و الانفس , و ليظهر لهم ان القرآن قد جا بكل ما جا به الانسان من علوم و نظريات , تحقيقا
لـقـولـه تـعالى : (ما فرطنا في الكتاب من شي ) ((881)) و لكن هذا خروج بالقرآن عن قصده , و
انحراف به عن هدفه , و لعله اطاحة بشانه في كثير من الاحيان ,و يبدو من خلال التفسير انه لا قى
الـكثير من لوم العلما على مسلكه هذا الذي سلكه في تفسيره , و لم تلق هذه النزعة التفسيرية قبولا
لدى كثير من المثقفين .

التفسير الفريد.

و يـتلو تفسير الجواهر, تفسير علمي آخر اوجز منه , هو ((التفسير الفريد)) تاليف العالم الفقيه
مـحمد عبدالمنعم الجمال تفسير تحليلي موجز, شامل لجميع آيات القرآن , اهتم مؤلفه بالتوفيق بين
الـديـن و الـعـلم , و ان يفسر القرآن على ضؤ العلم الحديث , مسترشدا في ذلك بابحاث من العلما و
المفسرين , من دون بسط و استطراد يقول في المقدمة :.

((فـي سـنـة (1949 م ) اجـتمعت في مدينة لندرة ببعض الانجليز, الذين اسلموا حديثا, و كانوا
يـلحون على في ان اوافيهم ببعض التفاسير القرآنية , فاضطررت الى اقتنا بعض الكتب التي اهتمت
بـتـرجـمة و تفسير الايات القرآنية و قد لاحظت على كثير منها انها لاتستجلي معاني القرآن , او
لاتستوعب النواحي العلمية فسالت اللّه ان يوفقني الى تفسير كتابه على ضؤ العلم الحديث )).

ثم بين معيار التوفيق بين الدين و العلم , و حدوده قائلا :.

((و لا مـشـاحة في ان العلوم مهما تقدمت فهي عرضة للزلل , فينبغي ان لايطبق على آياته الكريمة
الا ما يكون قد ثبت منهاقطعيا, و كل نظرية علمية تختلف مع آية من آي الذكر الحكيم , لابد انها لم
تـصـل بعد الى سبر غور الحقيقة , فلا زالت معجزات القرآن الكريم يكشفها العلم , و لازالت العلوم
كلما تقدمت تجلو الغشاوات التي تحجب النور عن عيون الغافلين )).

هذا و قد سلك المؤلف في تفسيره المسلك العلمي الاجتماعي , الملائم للثقافة العربية في وقته , بما
يتيسر للناشئة من الشباب المثقف التعرف الى دين الاسلام , و الوقوف على اسرار القرآن و عظمته
و هـو تفسير جيد في ذاته , سهل التناول لذوي الثقافات المختلفة , خال عن الاطالة و الاستطرادات
المملة , جزى اللّه المؤلف خيرا.

و التفسير يقع في اربع مجلدات , و طبع في القاهرة سنة (1970 م ), (1390 ه).

2ـ اللون الادبي الاجتماعي

يمتاز التفسير في هذا العصر, بتلونه باللون الادبي الاجتماعي , و نعني بذلك ان التفسير لم يعد يظهر عـليه في هذا العصرذلك الطابع التقليدي الجاف , من معالجة مسائل شكلية , كادت تصرف الناس عن
هـدايـة القرآن الكريم , و انشغالهم بمباحث فارغة لاتمس روح القرآن و حقيقته و انما ظهر عليه
طابع آخر و تلون بلون يكاد يكون جديدا و طارئا على التفسير, ذلك هومعالجة النصوص القرآنية
مـعـالـجة تقوم اولا و قبل كل شي على اظهار مواضع الدقة في التعبير القرآني , ثم بعد ذلك تصاغ
تلك المعاني التي يهدف القرآن اليها في اسلوب شيق اخاذ, ثم يطبق النص القرآني على ما في الكون و
الحياة من سنن الاجتماع و نظم العمران .

هـذه النهضة الادبية الاجتماعية قامت بمجهود كبير في تفسير كتاب اللّه تعالى , قربت القرآن الى
افهام الناس , في مستوى عام كان اقرب الى الواقعية من الامس الدابر.

و الـيـك مـن ا مـتيازات هذه المدرسة التفسيرية الحديثة : انها نظرت الى القرآن نظرة بعيدة عن
التاثر بمذهب من المذاهب ,فلم يكن منها ما كان من كثير من المفسرين القدامى من التاثر بالمذهب , الى
درجة كانت تجعل القرآن تابعا لمذهبه , فيؤول القرآن بما يتفق معه , و ان كان تاويلا متكلفا و بعيدا.

كـمـا انـها وقفت من الروايات الاسرائيلية موقف الناقد البصير, فلم تشوه التفسير بما شوه به في
كـثـيـر من كتب المتقدمين , من الروايات الخرافية المكذوبة , التي احاطت بجمال القرآن و جلاله ,
فاسات اليه و جرات الطاعنين عليه .

كـذلك لم تغتر هذه المدرسة بما اغتر به كثير من المفسرين من الاحاديث الضعيفة او الموضوعة ,
التي كان لها اثر سيئ في التفسير.

/ 28