17ـ الاسرائيليات في قصة يوسف (ع ) - تفسیر والمفسرون فی ثوبه القشیب جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر والمفسرون فی ثوبه القشیب - جلد 2

محمد هادی معرفت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

و زعـمـوا ايـضـا : ان الـماعز لمااستصعبت على نوح ان تدخل السفينة فدفعها في ذنبها, فمن ثم انكسر, و بدا حياها,و مضت النعجة فدخلت من غير معاكسة , فمسح على ذنبها, فستر اللّه حياها ـ
يعني فرجهاـ و زعموا ايضا : ان سفينة نوح (ع )طافت بالبيت اسبوعا, بل رووا عن عبدالرحمان بن
زيـد بن اسلم , عن ابيه , عن جده , عن النبي (ص ) : ((ان سفينة نوح طافت بالبيت سبعا, و صلت عند
المقام ركعتين )) و هـذا مـن تـفاهات عبدالرحمان هذا, و قد ثبت عنه من طرق اخرى , نقلها صاحب التهذيب (ج6 ,
ص 179) عن الساجي ,عن الربيع , عن الشافعي , قال : ((قيل لعبدالرحمان بن زيد بن اسلم : حدثك
ابـوك عـن جـدك , ان رسـول اللّه (ص ) قـال : ((ان سـفـينة نوح طافت بالبيت , و صلت خلف المقام
ركعتين ؟)) قـال الـشـافـعـي فيما نقل في ((التهذيب )) ايضا : ((ذكر رجل لمالك حديثا منقطعا, فقال : اذهب
الى عبدالرحمان بن زيد يحدثك عن ابيه , عن نوح )) و ان لما رست السفينة على الجودي و كان يوم عاشورا صام نوح , و امر جميع من معه من الوحش و
الدواب فصامواشكرا للّه , الى غير ذلك من التخريفات و الاباطيل ((433)) التي لانزال نسمعها,
و امـثالها من العوام و العجائز, و هذا لايمكن ان يمت الى الاسلام بصلة , و انا لننزه المعصوم (ص )
مـن ان يـصـدر عنه ما نسبوه اليه , و انما هي احاديث خرافة اختلقها اليهودو اضرابهم على توالي
الـعـصـور, و كانت شائعة مشهورة في الجاهلية , فلما جا الاسلام نشرها اهل الكتاب الذين اسلموا
بـيـن الـمـسلمين , و اوغل زنادقة اليهود و امثالهم في الكيد للاسلام و نبيه , فزوروا بعضها على
النبي (ص ) و ماكنا نحب لابن جرير,و لا للسيوطي , و لا لغيرهما ان يسودوا صحائف كتبهم بهذه
الـخرافات و الاباطيل فاحذر منها ايها القارئ في اي كتاب من كتب التفسير وجدتها, و الق بها دبر
اذنيك , و كن عن الحق منافحا و للباطل مزيفا.

17ـ الاسرائيليات في قصة يوسف (ع )

و قـد وردت في قصة يوسف (ع ) اسرائيليات و مرويات مختلقة مكذوبة , فمن ذلك ما اخرجه ابن جرير في تفسيره ,و السيوطي في ((الدر المنثور)) وغيرهما, في قوله تعالى : (اذ قال يوسف لا
بيه يا ابت اني رايت احدعشر كوكبا, و الشمس و القمر رايتهم لى ساجدين ) ((434)) .

قال السيوطى : و اخرج سعيد بن منصور, و البزار, و ابويعلى , و ابن جرير, و ابن المنذر, و ابن
ابي حاتم , و العقيلي و ابن حبان في ((الضعفا)), و ابوالشيخ , و الحاكم و صححه ((435)) , و ابن
مردويه , و ابونعيم , و البيهقي معا في ((الدلائل )), عن جابر بن عبداللّه (رض ) قال :.

((جـا بـسـتانة يهودي الى النبي (ص ) فقال : يا محمد اخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف (ع )
سـاجـدة لـه , ما اسماؤها؟فسكت النبي (ص ) فلم يجبه بشي , فنزل جبريل (ع ) و اخبره باسمائها,
فبعث رسول اللّه (ص ) الى البستاني اليهودي , فقال :((هل انت مؤمن ان اخبرتك باسمائها؟ قال : نعم ,
قـال : جربان , و الطارق , و الذيال , و ذوالكفتان , و قابس , و وثاب ,و عمودان , و الفليق , و المصبح ,
و الـضـروح , و ذوالـفـرغ , و الـضـيـا, و النور ((436)) , رآها في افق السما ساجدة له فلما
قـص يـوسف على يعقوب , قال : هذا امر مشتت يجمعه اللّه من بعد)), فقال اليهودي : اي واللّه انها
لاسماؤها ((437)) .

و الـذي يـظـهـر لي انه من الاسرائيليات , و الصقت بالنبي زورا, ثم ان سيدنا يوسف راى كواكب
بصورها لا باسمائها, ثم مادخل الاسم فيما ترمز اليه الرؤيا؟ و مـدار هـذه الـروايـة عـلـى الـحـكم بن ظهير, و قد ضعفه الائمة , و تركه الاكثرون , و قال
الجوزجاني : ساقط ((438)) .

و قال الامام الذهبي في ((ميزان الاعتدال )) ((439)) : قال ابن معين : ليس بثقة , و قال مرة : ليس
بـشـي , و قـال الـبخاري : منكرالحديث , و قال مرة : تركوه , و لعله لروايته حديث : ((اذا رايتم
معاوية على منبري فاقتلوه ))

18ـ الاسرائيليات في قوله تعالى

(و لقد همت به و هم بها لولا ان راى برهان ربه ) ((440)) .
و من الاسرائيليات المكذوبة التي لاتوافق عقلا و لا نقلا ما ذكر ابن جرير في تفسيره , و صاحب
((الـدر المنثور)) و غيرهمامن المفسرين , في قوله تعالى : (و لقد همت به و هم بها لولا ان راى
برهان ربه ) فقد ذكروا في هم يوسف (ع ) ما ينافي عصمة الانبيا و مايخجل القلم من تسطيره , لولا
ان الـمـقام مقام بيان و تحذير من الكذب على اللّه و على رسله , و هو من اوجب الواجبات على اهل
العلم .

فقد رووا عن ابن عباس ـ رضوان اللّه عليه ـ انه سئل عن هم يوسف (ع ) ما بلغ ؟ قال : حل الهميان
ـ يعنى السراويل ـ و جلس منها مجلس الخائن , فصيح به , يا يوسف لاتكن كالطير له ريش , فاذا زنى
قعد ليس له ريش و رووا مثل هذاعن علي (رض ) و عن مجاهد, و عن سعيد بن جبير.

و رووا ايضا في البرهان الذي رآه , و لولاه لوقع في الفاحشة بانه نودي : انت مكتوب في الانبيا, و
تعمل عمل السفها,و قيل : راى صورة ابيه يعقوب في الحائط, و قيل : في سقف الحجرة , و انه رآه
عـاضـا عـلـى ابـهـامـه , و انـه لم يتعظ بالندا, حتى راى اباه على هذه الحال بل اسرف واضعو هذه
الاسرائيليات الباطلة , فزعموا انه لما لم يرعو من رؤية صورة ابيه عاضا على اصابعه , ضربه ابوه
يـعقوب , فخرجت شهوته من انامله الافـتـرا,يزعمون ايضا : ان كل ابنا يعقوب قد ولد له اثناعشر ولدا ماعدا يوسف , فانه نقص بتلك
الـشـهـوة الـتـي خرجت من انامله ولدا,فلم يولد له غير احدعشر ولدا بل زعموا ايضا في تفسير
الـبـرهان , فيما روي عن ابن عباس : انه راى ثلاث آيات من كتاب اللّه :قوله تعالى : (و ان عليكم
لـحافظين كراما كاتبين ) ((441)) , و قوله تعالى : (و ما تكون في شان و ماتتلو منه من قرآن و لا
تـعـملون من عمل الاكنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه ) ((442)) , و قوله تعالى : (افمن هو قئم
عـلـى كـل نـفـس بـمـاكسبت ) ((443)) , و قيل : راى (و لا تقربوا الزنا انه كان فاحشة و س
, و مـن البديهي ان هذه الايات بهذا اللفظالعربي لم تنزل على احد قبل نبينا
مـحـمـد(ص ) و ان كان الذين افتروا هذا لايعدمون جوابا, بان يقولوا : راى ما يدل على معاني هذه
الايـات بـلـغـتهم التي يعرفونها, بل قيل في البرهان : انه اري تمثال الملك , و هو العزيز, و قيل :
خـياله ((445)) و كل ذلك مرجعه الى اخبار بني اسرائيل و اكاذيبهم التي افتجروها على اللّه , و
على رسله , و حمله الى بعض الصحابة و التابعين : كعب الاحبار, و وهب بن منبه , و امثالهما.

و لـيس ادل على هذا, مما روي عن وهب بن منبه قال : ((لما خلا يوسف و امراة العزيز, خرجت
كف بلا جسد بينهما,مكتوب عليها بالعبرانية : (افمن هو قئم على كل نفس بما كسبت ), ثم انصرفت
الـكـف , و قـامـا مقامهما, ثم رجعت الكف بينهما, مكتوب عليها بالعبرانية (ان عليكم لحافظين كراما
كاتبين يعلمون ما تفعلون ), ثم انصرفت الكف , و قاما مقامهما,فعادت الكف الثالثة مكتوب عليها : (و لا
تـقـربـوا الـزنـا انه كان فاحشة و س سبيلا) و انصرفت الكف , و قاما مقامهما فعادت الكف الرابعة
مـكـتوب عليها بالعبرانية : (و اتقوا يوما ترجعون فيه الى اللّه ثم توف ى كل نفس ما كسبت و هم لا
يظلمون ) ((446)) , فولى يوسف (ع ) هاربا ((447)) .

و قـد كان وهب او من نقل عنه وهب ذكيا بارعا, حينما زعم ان ذلك كان مكتوبا بالعبرانية , و بذلك
اجاب عما استشكلناه ,و لكن مع هذا لن يجوز هذا الكذب الا على الاغرار و السذج من اهل الحديث
و لاندري اي معنى يبقى للعصمة بعد ان جلس بين فخذيها, و خلع سرواله ؟ على مروياتهم المفتراة الا و هو مقهور مغلوب ؟ و لو ان عربيدا راى صورة ابيه بعد مماته تحذره من معصية لكف عنها, و انزجر, فاى فضل ليوسف
اذا, و هو نبي من سلالة انبيا؟ بل اى فضل له فى عدم مقارفته الفاحشة , بعد ما خرجت شهوته من انامل قدميه ؟ الا قسرى جبرى ثـم ما هذا الاضطراب الفاحش في الروايات ؟ من العلل التي ردالمحدثون بسببها الكثير من المرويات ؟ ثـم كيف يتفق ما حيك حول نبي اللّه يوسف (ع ) و قول الحق تبارك و تعالى عقب ذكر الهم : (كذلك
لـنـصـرف عـنه السوو الفحش انه من عبادنا المخلصين ) ((448)) , فهل يستحق هذا الثنا من حل
الـتكة , و خلع السروال , و جلس بين رجليها؟ بني اسرائيل و مخرفيهم ؟ بـل كـيـف يتفق ما روى هو و ما حكاه اللّه عن زليخا بطلة المراودة , حيث قالت : (انا راودته عن
نفسه , و انه لمن الصادقين ) ((449)) و هو اعتراف صريح من البطلة التي اعيتها الحيل عن طريق
الـتـزيـن حينا, و التودد اليه بمعسول القول حيناآخر, و الارهاب و التخويف حينا ثالثا, فلم تفلح :
(لئن لم يفعل ما آمره ليسجنن و ليكونا من الص اغرين ) ((450)) .

و انـظـر مـاذا كـان جـواب السيد العفيف , الكريم ابن الكريم , ابن الكريم , ابن الكريم : يوسف بن
يعقوب , بن اسحاق , بن ابراهيم (ع ) : (قال رب السجن احب الى مما يدعونني اليه و الا تصرف عني
كـيـدهـن اصـب الـيـهـن و اكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن انه هو السميع
العليم ) ((451)) و قصده (ع ) بقوله : (و الا تصرف عني كيدهن ) :تبرؤ من الحول و الطول , و
ان الـحـول و القوة انما هما من اللّه , و سؤال منه لربه , و استعانة به على ان يصرف عنه كيدهن ,و
هكذا شان الانبيا.

بـل قـد شـهـد الشيطان نفسه ليوسف (ع ) في ضمن قوله , كما حكاه اللّه سبحانه عنه بقوله : (قال
فبعزتك لا غوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين ) ((452)) , و يوسف بشهادة الحق السالفة من
المخلصين .

و كذلك شهد ليوسف شاهد من اهلها ((453)) , فقال : (ان كان قميصه قد من قبل فصدقت و هو من
الكاذبين و ان كان قميصه قد من دبر فكذبت و هو من الصادقين فلما راى قميصه قد من دبر قال انه
مـن كيدكن ان كيدكن عظيم ) ((454)) , و قداسفر التحقيق عن براة يوسف و ادانة زليخا, امراة
العزيز.

فـكيف تتفق كل هذه الشهادات الناصعة الصادقة , و تلك الروايات المزورة ؟ هذه الروايات ابن جريرالطبري , و الثعلبي , و البغوي , و ابن كثير, و السيوطي , و قد مر بها ابن
كثير بعد ان نقلها حاكيا من غير ان ينبه الى زيفها, و هذاغريب و من العجيب حقا ان ابن جرير يحاول ان يضعف في تفسيره مذهب الخلف الذين ينفون هذا الزور و
البهتان , و يفسرون الايات على حسب ما تقتضيه اللغة و قواعد الشرع , و ما جا في القرآن و السنة
الـصـحـيـحة الثابتة , و يعتبر هذه المرويات التي سقنا لك زورا منها آنفا, هى قول جميع اهل العلم
بـتـاويـل الـقرآن الذين يؤخذ عنهم ((455)) , و كذلك تابعه على مقالته تلك الثعلبي و البغوي في
.
و هـذه الـمـرويات الغثة المكذوبة التي ياباها النظم الكريم , و يجزم العقل و النقل باستحالتها على
الانبيا(ع ) هي التي اعتبرها الطبري و من تبعه ((اقوال السلف )) بـل يـسير في خط اعتبار هذه المرويات , فيورد على نفسه سؤالا, فيقول : فان قال قائل : و كيف
يـجـوز ان يـوصـف يـوسـف بمثل هذا و هو للّه نبي ؟ الانبيا ((457)) قاله الواحدي في تفسيره ((البسيط)).

و اعـجـب مـن ذلـك ما ذهب اليه الواحدي في ((البسيط)) قال : قال المفسرون الموثوق بعلمهم ,
الـمـرجـوع الى روايتهم ,الاخذون للتاويل , عمن شاهدوا التنزيل :هم يوسف (ع ) بهذه المراة هما
صحيحا, و جلس منها مجلس الرجل من المراة , فلماراى البرهان من ربه زالت كل شهوة منه .

و هي غفلة شديدة من هؤلا الائمة لانرضاها, و لولا اننا ننزه لساننا و قلمنا عن الهجر من القول , و
انهم خلطوا في مؤلفاتهم عملا صالحا و آخر سيئا لقسونا عليهم , و حق لنا هذا, و العصمة للّه .

و هذه الاقوال التي اسرف في ذكرها هؤلا المفسرون : اما اسرائيليات و خرافات , وضعها زنادقة
اهـل الـكـتاب القدما,الذي ارادوا بها النيل من الانبيا و المرسلين , ثم حملها معهم اهل الكتاب الذين
اسلموا, و تلقاها عنهم بعض الصحابة ,و التابعين .

و امـا ان تكون مدسوسة على هؤلا الائمة , دسها عليهم اعدا الاديان , كي تروج تحت هذا الستار, و
بذلك يصلون الى مايريدون من افساد العقائد, و تعكير صفو الثقافة الاسلامية الاصيلة الصحيحة .

الفرية على المعصوم (ص ) في قول اللّه تعالى : (ذلك ليعلم انى لم اخنه بالغيب ) ((458)) .

و لـكـي يـؤيـدوا باطلهم الذي ذكرناه آنفا, رووا عن الصحابة و التابعين ما لايليق بمقام الانبيا, و
اختلقوا على النبي (ص )زورا, و قولوه ما لم يقله , قال صاحب ((الدر)) :.

و اخـرج الفريابي , و ابن جرير, و ابن المنذر, و ابن ابي حاتم , و ابوالشيخ , و البيهقي في ((شعب
الايـمـان )) عن ابن عباس ـ رضوان اللّه عليه ـ قال : لما جمع الملك النسوة قال لهن : انتن راودتن
يـوسف عن نفسه ؟ قلن : (حاش للّه ماعلمنا عليه من سو قالت امراة العزيز الا ن حصحص الحق انا
راودتـه عـن نـفسه و انه لمن الصادقين ) ((459)) , قال يوسف : (ذلك ليعلم انى لم اخنه بالغيب ),
فـغـمـزه جـبـريـل (ع ) فـقـال : و لا حـيـن هـمـمت بها؟ فقال : (و ما ابرئ نفسي ان النفس لا
مارة بالسو) ((460)) .

قـال : و اخـرج ابـن جـرير عن مجاهد, و قتادة , و الضحاك , و ابن زيد, و السدي مثله , و اخرج
الحاكم في تاريخه , و ابن مردويه و الديلمي عن انس (رض ) : ان رسول اللّه (ص ) قرا هذه الاية :
(ذلـك لـيـعـلم انى لم اخنه بالغيب )قال : لما قال يوسف ذلك قال له جبريل (ع ) : و لا يوم هممت بما
هممت به ؟ فقال : (و ما ابرئ نفسي ان النفس لا مارة بالسو), قال : و اخرج ابن جرير عن عكرمة
مثله .

و اخـرج سـعـيـد بن منصور, و ابن ابي حاتم عن حكيم بن جابر في قوله : (ذلك ليعلم انى لم اخنه
بـالـغـيـب ) قـال جـبـريـل :و لا حين حللت السراويل ؟ الى غير ذلك من المرويات المكذوبة , و
الاسرائيليات الباطلة , التي خرجها بعض المفسرين الذين كان منهجهم ذكر المرويات , و جمع اكبر
قـدر مـنها, سوا منها ما صح و ما لم يصح و الاخباريون الذين لا تحقيق عندهم للمرويات , وليس ادل
عـلـى ذلـك مـن انـها لم يخرجها احد من اهل الكتب الصحيحة , و لا اصحاب الكتب المعتمدة الذين
يرجع اليهم في مثل هذا.

القرآن يرد هذه الاكاذيب

و قـد فـات هـؤلا الـدسـاسـيـن الـكـذابـيـن ان قـولـه تعالى : (ذلك ليعلم انى لم اخنه بالغيب ) الايتين ((461)) , ليس من مقالة سيدنا يوسف (ع ) و انما هو من مقالة امراة العزيز, و هو ما يتفق و
سـيـاق الاية , ذلك : ان العزيز لما ارسل رسوله الى يوسف لاحضاره من السجن , قال له : ارجع الى
ربـك , فـاساله ما بال النسوة اللاتي قطعن ايديهن ؟ فاحضر النسوة , و سالهن , و شهدن ببراة يوسف ,
فـلـم تـجـد امراة العزيز بدا من الاعتراف , فقالت : (الان حصحص الحق ) الى قوله : (و ما ابرئ
نـفـسي ان الن فس لا مارة بالسو) فكل ذلك من قولها, و لم يكن يوسف حاضرا ثم , بل كان في السجن ,
فكيف يعقل ان يصدر منه ذلك في مجلس التحقيق الذي عقده العزيز؟.

و قـد انـتـصـر لـهـذا الـراي الـذي يوائم السياق و السباق الامام الشيخ محمد عبده , في تفسير
((المنار)) و هو آخر ما رقمه في تفسير القرآن .

و هكذا قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (ذلك ليعلم انى لم اخنه بالغيب ) :.

تـقـول : انـمـا اعترفت بهذا على نفسي , ليعلم زوجي اني لم اخنه بالغيب في نفس الامر, و لا وقع
الـمحذور الاكبر و انماراودت هذا الشاب مراودة , فامتنع , فلهذا اعترفت ليعلم اني بريئة , (و ان
اللّه لا يهدي كيد الخئنين و ما ابرئ نفسي ) تقول المراة : و لست ابرئ نفسي , فان النفس تتحدث , و
تتمنى , و لهذا راودته , لان (النفس لا مارة بالسو الا ما رحم ربي ) اي الا من عصمه اللّه تعالى (ان
ربي غفور رحيم ).

قال : و هذا القول هو الاشهر و الاليق و الانسب بسياق القصة و معاني الكلام , و قد حكاه الماوردي
في تفسيره , و جعله اول الوجهين في تفسير الاية .

و بعد ان ذكر بعض ما ذكره ابن جرير الذي ذكرناه آنفا عن ابن عباس , و تلاميذه , و غيره قال : و
الـقـول الاول اقـوى و اظهر,لان سياق الكلام كله من كلام امراة العزيز بحضرة الملك , و لم يكن
يوسف (ع ) عندهم , بل بعد ذلك احضره الملك ((462)) .

التفسير الصحيح لقوله تعالى : (و لقد همت به و هم بها).

قال ابوشهبة : و الصحيح في تفسير قوله تعالى : (و لقد همت به و هم بها لولا ان راى برهان ربه )
ان الـكـلام تم عند قوله تعالى : (و لقد همت به ) و ليس من شك في ان همها كان بقصد الفاحشة , (و
هم بها لولا ان راى برهان ربه ).

الـكلام من قبيل التقديم و التاخير, و التقدير : و لولا ان راى برهان ربه لهم بها, فقوله تعالى : (و
هـم بها), جواب ((لولا))مقدم عليها, و معروف في العربية ان ((لولا)) حرف امتناع لوجود, اي
امتناع الجواب لوجود الشرط, فيكون ((الهم )) ممتنعا,لوجود البرهان الذي ركزه اللّه في فطرته
و الـمـقدم اما الجواب , او دليله , على الخلاف في هذا بين النحويين , و المراد بالبرهان :هو حجة
اللّه الـباهرة الدالة على قبح الزنى , و هو شي مركوز في فطر الانبيا و معرفة ذلك عندهم وصل
الـى عـيـن الـيـقـين , و هوما نعبر عنه بالعصمة , و هي التي تحول بين الانبيا و المرسلين , و بين
وقوعهم في المعصية .

و يـرحـم اللّه الامـام جعفر بن محمد الصادق (ع ) حيث قال : البرهان : النبوة التي اودعها اللّه في
صدره , حالت بينه و بين مايسخط اللّه .

و هـذا هـو الـقـول الـجزل الذي يوافق ما دل عليه العقل من عصمة الانبيا, و يدعو اليه السابق و
الـلاحق و اما كون جواب ((لولا)) لايجوز ان يتقدم عليها, فهذا امر ليس ذاخطر, حتى نعدل عن
هـذا الـراي الـصـواب , الى التفسيرات الاخرى الباطلة , لهم يوسف (ع ), و القرآن هو اصل اللغة ,
فـورود اى اسـلـوب فـي الـقرآن يكفي في كونه اسلوبا عربيا فصيحا, و في تاصيل اى قاعدة من
الـقـواعد النحوية , فلايجوز لاجل الاخذ بقاعدة نحوية , ان نقع في محظور لايليق بالانبيا كهذاو
الـصحيح ان الجواب محذوف بقرينة المذكور, و هو ما تقدم على ((لولا)), ليكون ذلك قرينة على
الجواب المحذوف .

و قـيـل : ان مـا حصل من ((هم يوسف )) كان خطرة , و حديث نفس بمقتضى الفطرة البشرية , و
لـم يـسـتقر, و لم يظهر له اثره قال البغوي في تفسيره : ((قال بعض اهل الحقائق : الهم همان : هم
ثابت , و هو اذا كان معه عزم , و عقد, و رضا, مثل هم امراة العزيز, و العبد ماخوذ به و هم عارض ,
و هـو الـخطرة , و حديث النفس من غير اختيار و لا عزم , مثل هم يوسف (ع ) و العبدغير ماخوذ
بـه , مـا لـم يـتكلم به او يعمل )) ((463)) , و قيل : همت به هم شهوة و قصد للفاحشة , و هم هو
بضربهاو لاادري كيف يتفق هذا القول , و قوله تعالى : (لولا ان راى برهان ربه ).

و الـقـول الجزل الفحل هو ما ذكرناه اولا, و صرحت به الرواية الصحيحة عن الامام ابي عبداللّه
جعفر بن محمدالصادق (ع ) و السر في اظهاره في هذا الاسلوب ـ و اللّه اعلم ـ : تصوير المشهد
الـمـثـيـر الـمغري العرم , الذي هياته امراة العزيزلنبي اللّه يوسف , و انه لولا عصمة اللّه له , و
فطرته النبوية الزكية , لكانت الاستجابة لها, و الهم بها امرا محققا و في هذا تكريم ليوسف , و شهادة
له بالعفة البالغة , و الطهارة الفائقة .

19ـ الاسرائيليات في سبب لبث يوسف في السجن

و مـن الاسرائيليات ما يذكره بعض المفسرين في مدة سجن يوسف (ع ) و في سبب لبثه في السجن بـضع سنين , و ذلك عند تفسير قوله تعالى : (و قال للذي ظن ان ه ناج منهما اذكرني عند ربك فانساه
الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين ) ((464)) .

فقد ذكر ابن جرير, و الثعلبي , و البغوي , و غيرهم اقوالا كثيرة في هذا, فقد قال وهب بن منبه :
اصـاب ايـوب الـبـلا سبع سنين , و ترك يوسف في السجن سبع سنين , و عذب بختنصر يجول في
السباع سبع سنين ((465)) .

و قـال مالك بن دينار : لما قال يوسف للساقي : اذكرني عند ربك قيل له : يا يوسف اتخذت من دوني
وكيلا, لاطيلن حبسك , فبكى يوسف , و قال : يا رب انسى قلبي كثرة البلوى , فقلت كلمة , و لن اعود.

و قال الحسن البصري : دخل جبريل (ع ) على يوسف في السجن , فلم ا رآه يوسف عرفه , فقال له :
يـا اخـا الـمـنذرين , اني اراك بين الخاطئين الـسـلام رب الـعـالمين , و يقول لك : اما استحيت مني ان استشفعت بالادميين ؟ لالبثنك في السجن بضع سنين , فقال يوسف : و هو في ذلك عني راض , قال : نعم ,قال : اذا لاابالي .

و قال كعب الاحبار : قال جبريل ليوسف : ان اللّه تعالى يقول : من خلقك ؟ قال : اللّه قال : فمن حببك
الـى ابيك ؟ قال :اللّه , قال : فمن نجاك من كرب البئر؟ قال : اللّه , قال فمن علمك تاويل الرؤيا؟ قال
اللّه , قـال : فـمـن صـرف عـنـك الـسـؤ,و الـفـحـشـا؟ قـال : اللّه , قال : فكيف استشفعت بدمي
مثلك ؟ ((466)) فلما انقضت سبع سنين ـ قال الكلبي : و هذه السبع سوى الخمسة ((467)) التي
قـبل ذلك ـ جاه الفرج من اللّه , فراى الملك ما راى من الرؤيا العجيبة , و عجز الملا عن تفسيرها,
تـذكـر الساقي يوسف , و صدق تعبيره للرؤى , فذهب الى يوسف , فعبرها له خير تعبير, فكان ذلك
سـبب نجاته من السجن , و قول امراة العزيز : (الئن حصحص الحق انا راودته عن نفسه و انه لمن
الصادقين ).

و اغلب الظن عندنا ان هذا من الاسرائيليات , فقد صورت سجن يوسف على انه عقوبة من اللّه لاجل
الكلمة التي قالها, مع انه (ع ) لم يقل هجرا, و لا منكرا, فالاخذ في اسباب النجاة العادية , و في اسباب
اظهار البراة و الحق , لاينافي قط التوكل على اللّه تعالى و البلا للانبيا ليس عقوبة , و انما هو لرفع
درجاتهم , و ليكونوا اسوة و قدوة لغيرهم , في باب الابتلا و في الحديث الصحيح عن النبي (ص ) :
((اشد الناس بلا الانبيا, ثم الامثل فالامثل )).

و قد روى ابن جرير هاهنا حديثا مرفوعا, فقال : حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عمرو بن محمد, عن
ابـراهيم بن يزيد, عن عمرو بن دينار, عن عكرمة , عن ابن عباس مرفوعا, قال : قال النبي (ص ) :
((لو لم يقل ـ يعني يوسف ـ الكلمة التي قالها, مالبث في السجن طول مالبث , حيث يبتغي الفرج من عند
غير اللّه )).

و لـو ان هذا الحديث كان صحيحا او حسنا, لكان للمتمسكين بمثل هذه الاسرائيليات التي اظهرت
سـيدنا يوسف بمظهرالرجل المذنب المدان وجهة , و لكن الحديث شديد الضعف , لايجوز الاحتجاج
به ابدا.

قال الحافظ ابن كثير : ((و هذا الحديث ضعيف جدا ((468)) , لان سفيان بن وكيع ـ الراوي عنه
ابـن جريرـ ضعيف ,و ابراهيم بن يزيد اضعف منه ايضا, و قد روى عن الحسن و قتادة مرسلا عن
كـل منهما, و هذه المرسلات هاهنا لاتقبل ((469)) ,و لو قبل المرسل من حيث هو في غير هذا
الموطن , و اللّه اعلم )) ((470)) و قد تكلف بعض المفسرين للاجابة عما يدل عليه هذاالحديث و
حـالـه كما سمعت بل تكلف بعضهم , فجعل الضمير في ((فانساه )) ليوسف , و هو غير صحيح , لان
الـضـمير يعود الى الذي نجا منهما, بدليل قوله تعالى بعد ذلك : (و ادكر بعد امة ) فالذي تذكر هو
الـذي انـسـاه الشيطان , و الذي يجب ان نعتقده ان يوسف (ع ) مكث في السجن ـ كما قال اللّه تعالى ـ
بضع سنين .

و البضع : من الثلاث الى التسع , او الى العشر, من غير تحديد للمدة , فجائز ان تكون سبعا, و جائز
ان تكون تسعا, و جائزان تكون خمسا, مادام ليس هناك نقل صحيح عن المعصوم (ص ), وكذلك نعتقد
انه لم يكن عقوبة على كلمة , وانما هو بلاو رفعة درجة .

20ـ الاسرائيليات في شجرة طوبى

و مـن الاسـرائيـلـيـات مـا ذكره بعض المفسرين عند تفسير قوله تعالى : (الذين آمنوا و عملوا الصالحات طوبى لهم و حسن مب ) ((471)) .

فـمـن ذلـك ما رواه ابن جرير بسنده , عن وهب , قال : ان في الجنة شجرة يقال لها : طوبى , يسير
الـراكب في ظلها مائة عام لايقطعها, زهرتها رياض , و ورقها برود, و قضبانها عنبر, و بطحاؤها
يـاقـوت , و تـرابـها كافور, و وحلها مسك , يخرج من اصلهاانهار الخمر, و اللبن , و العسل , و هي
مـجـلـس لاهـل الـجـنـة , فـبـيـنـمـا هـم فـي مـجـلـسـهم اذ اتتهم ملائكة من ربهم , يقودون
نجبا ((472)) مزمومة بسلاسل من ذهب , وجوهها كالمصابيح حسنا, و وبرها كخز المرعزي من
لـينه , عليها رحال ((473)) الواحها من ياقوت ,و دفوفها من ذهب , و ثيابها من سندس , و استبرق ,
فينيخونها, و يقولون : ان ربنا ارسلنا اليكم لتزوروه , و تسلموا عليه قال :فيركبونها في اسرع من
الـطـائر, و اوطـا مـن الـفراش , نجبا من غير مهنة , يسير الرجل الى جنب اخيه , و هو يكلمه , و
يـناجيه ,لاتصيب اذن راحلة منها اذن الاخرى , و لا برك ((474)) راحلة برك الاخرى , حتى ان
الـشـجـرة لـتتنحى عن طريقهم , لئلا تفرق بين الرجل و اخيه قال : فياتون الى الرحمان الرحيم ,
فـيـسـفـر لـهم عن وجهه الكريم , حتى ينظروا اليه , فاذا راوه قالوا : ((اللهم انت السلام , و منك
السلام , و حق لك الجلال و الاكرام قال : فيقول تعالى عند ذلك : انا السلام , و مني السلام , و عليكم
السلام ,حقت رحمتي , ومحبتي , مرحبا بعبادي الذين خشوني بغيب , و اطاعوا امري قال : فيقولون :
ربـنا لم نعبدك حق عبادتك ,و لم نقدرك حق قدرك , فاذن لنا في السجود قدامك قال : فيقول اللّه : انها
ليست بدار نصب , و لا عبادة , و لكنها دار ملك و نعيم , و اني قد رفعت عنكم نصب العبادة فسلوني ما
شئتم , فان لكل رجل منكم امنيته فيسالونه , حتى ان اقصرهم امنية ليقول : ربي تنافس اهل الدنيا في
دنـيـاهـم , فتضايقوا فيها, رب فتني كل شي كانوا فيه , من يوم خلقتها الى ان انتهت الدنيا,فيقول اللّه
تعالى : لقد قصرت بك امنيتك , و لقد سالت دون منزلتك , هذا لك مني و ساتحفك بمنزلتي , لانه ليس
فـي عطائى نكد, و لا قصر يد قال : ثم يقول : اعرضوا على عبادي ما لم يبلغ امانيهم و لم يخطر لهم
عـلـى بال قال : فيعرضون عليهم حتى يقضوهم امانيهم التي في انفسهم , فيكون فيما يعرضون عليهم
بـراذيـن مـقـرنـة , على كل اربعة منها سرير من ياقوتة واحدة , على كل سرير منها قبة من ذهب
مـفـرغـة , فـي كـل قبة منها فرش من فرش الجنة , متظاهرة , في كل قبة منها جاريتان من الحور
العين ,على كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة و ليس في الجنة لون الا و هو فيهما, و لا ريح و لا
طـيـب الا قد عبق بهما, ينفذ ضؤوجوههما غلظ القبة , حتى يظن من يراهما انهما دون القبة , يرى
مـخـهما من فوق سوقهما كالسلك الابيض من ياقوتة حمرا,تريان له من الفضل على صاحبته كفضل
الـشـمـس على الحجارة او افضل , و يرى هو لهما مثل ذلك ثم يدخل اليهما فتحييانه و تقب لانه , و
تـعـانقانه , و تقولان له : و اللّه ماظننا ان اللّه يخلق مثلك ثم يامر اللّه تعالى الملائكة فيسيرون بهم
صفا في الجنة ,حتى ينتهي كل رجل منهم الى منزلته التي اعدت له ((475)) .

و قـد وصـف ابن كثير في تفسيره هذا الاثر بانه غريب عجيب و ساقه و قد روى هذا الاثر ابن
ابي حاتم بسنده , عن وهب ايضا, و زاد زيادات اخرى ((476)) .

21ـ الاسرائيليات في افساد بني اسرائيل

و مـن الاسـرائيـلـيات في كتب التفسير ما يذكره بعض المفسرين عند قوله تعالى : (و قضينا الى بـنـي اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الا رض مرتين و لتعلن علوا كبيرا فاذا ج وعد اولا هما بعثنا
عليكم عبادا لنا اولي باس شديد فجاسوا خلا ل الديار و كان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم
و امـددناكم باموال و بنين و جعلناكم اكثر نفيرا, ان احسنتم احسنتم لا نفسكم و ان اساتم فلها فاذا
جا وعد الا خرة ليسووا وجوهكم و ليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة و ليتبروا ما علواتتبيرا
عسى ربكم ان يرحمكم و ان عدتم عدنا و جعلنا جهنم للكافرين حصيرا) ((477)) .

و لـيـس مـن قـصـدنا هنا تحقيق مرتي افسادهم , و من سلط عليهم في كلتا المرتين , فلذلك موضع
آخر ((478)) .

و انـما الذي يتصل ببحثنا بيان ما روي من الاسرائيليات في هاتين المرتين , و اسم من سلط عليهم ,
وصـفته و كيف كان ,و الى م صار امره , و قد كانت معظم الروايات في بيان العباد ذوى الباس الشديد
الذين سلطوا عليهم , تدور حول ((بختنصر))البابلي و قد احاطوه بهالة من العجائب و الغرائب , و
الـمـبـالـغـات الـتـي لاتـصـدق و قـد اخرج هذه الروايات ابن جرير في تفسيره ـ و اكثر منها
جـدا ((479)) ـ و ابن ابي حاتم و البغوي ((480)) , و غيرهم , عن ابن عباس , و ابن مسعود, و
عن سعيد بن جبير,و سعيد بن المسيب , و عن السدي , و عن وهب بن منبه , و ابن اسحاق , و غيرهم
و خـرجـهـا مـن غـيـر ذكـر اسـانـيـدهـا, مـع عـزوهـاالـى مخرجيها السيوطي في ((الدر
المنثور)) ((481)) .

و فيها ـ و لا شك ـ الكثير من اكاذيب بني اسرائيل التي اختلقها اسلافهم , و تنوقلت عليهم , و رواه
اخلافهم من مسلمة اهل الكتاب الذين اسلموا, و اخذها عنهم بعض الصحابة و التابعين تحسينا للظن
بهم , و رواها من غير تنبيه الى ما فيها.

و فـي هـذه الاخـبار الاسرائيلية ما يحتمل الصدق و الكذب , و لكن الاولى عدم الاشتغال به , و ان
لانـفسر القرآن به , و ان نقف عند ما قصه اللّه علينا, من غير ان نفسد جمال القرآن و جلاله , بمثل
هذه الاسرائيليات .

و قـد اكثر ابن جرير هنا من النقل عن ابن اسحاق , و في بعضها روى عن ابن اسحاق عمن لايتهم ,
عـن وهـب بـن منبه ((482)) ,و في بعضها بسنده عن وهب بن منبه في ذكر ابن اسحاق , و بذلك
وقفنا على من كان المصدر الحقيقي لهذه المرويات , و انه وهب , و امثاله , من مسلمة اهل الكتاب .

و قد سود ابن جرير بضع صفحات من كتابه في النقل عن ابن اسحاق و عن وهب , و لااحب ان انقل
هـذا بنصه , فان في ذلك تسويدا للصفحات , و لكني ساذكر البعض , ليكون القارئ لهذا التفسير على
حذر من مثل ذلك .

قـال ابن جرير : حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة , قال : حدثني ابن اسحاق قال : ((كان مما انزل
اللّه على موسى ((483)) في خبره عن بني اسرائيل , و في احداثهم , ما هم فاعلون بعده , فقال : (و
قـضينا الى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الا رض مرتين و لتعلن علوا كبيرا) ((484)) الى
قوله : (و جعلنا جهنم للكافرين حصيرا).

فـكـانت بنواسرائيل و فيهم الاحداث و الذنوب , و كان اللّه في ذلك متجاوزا عنهم متعطفا عليهم ,
محسنا اليهم , فكان مماانزل بهم في ذنوبهم ما كان قدم اليهم في الخبر على لسان موسى , مما انزل بهم
في ذنوبهم , فكان اول ما انزل بهم من تلك الوقائع : ان ملكا منهم كان يدعى صديقة , و كان اللّه اذا ملك
الـمـلـك عـلـيهم بعث نبيا يسدده , و يرشده , و يكون فيما بينه و بين اللّه , و يحدث اليه في امرهم
لايـنـزل عليهم الكتب , انما يؤمرون باتباع التوراة , و الاحكام التي فيها, و ينهونهم عن المعصية ,و
يدعونهم الى ما تركوا من الطاعة فلما ملك ذلك الملك بعث اللّه معه شعيا بن امصيا, و ذلك قبل مبعث
زكريا, و يحيى و عيسى , و شعيا الذي بشر بعيسى , و محمد, فملك ذلك الملك بني اسرائيل , و بيت
المقدس زمانا, فلما انقضى ملكه ,عظمت فيهم الاحداث , و شعيا معه , بعث اللّه عليهم ((سنجاريب ))
مـلـك بـابل , و معه ستمائة الف راية ((485)) , فاقبل سائرا, حتى نزل نحو بيت المقدس , و الملك
مـريض , في ساقه قرحة , فجا النبي شعيا, فقال له : يا ملك بني اسرائيل ان ((سنجاريب )) ملك بابل
قد نزل بك هو و جنوده , ستمائة الف راية , و قد هابهم الناس , و فرقوا ((486)) منهم فكبر ذلك
عـلـى الملك , فقال : يا نبي اللّه ,هل اتاك وحي من اللّه فيما حدث فتخبرنا به ؟ كيف يفعل اللّه بنا, و
بـسـنجاريب و جنوده ؟ فقال له النبي (ع ) : لم ياتني وحي ,احدث الى في شانك , فبينما هم على ذلك
اوحى اللّه الى شعيا النبي ان ائت ملك بني اسرائيل فمره ان يوصي وصيته ,و يستخلف على ملكه من
شا من اهل بيته , فانك ميت .

ثـم اسـتـرسل ابن جرير في الرواية , حتى استغرق ذلك اربع صفحات كبار من كتابه ((487)) ,
لايـشـك الناظر فيها انها من اخباربني اسرائيل , و فيما ذكره ابن جرير عن ابن اسحاق الصدق , و
الكذب , و الحق , و الباطل و لسنا في حاجة اليه في تفسيرالايات .

و فـي الافـسـاد الثاني ـ و من سلط عليهم ـ روى ابن جرير ايضا, قال : حدثني محمد بن سهل بن
عـسـكـر, و محمد بن عبدالملك بن زنجويه , قالا : حدثنا اسماعيل بن عبدالكريم , قال : حدثنا ابن
عـبـدالصمد بن معقل , عن وهب بن منبه و حدثناابن حميد, قال : حدثنا سلمة , عن ابن اسحاق , عمن
لايتهم , عن وهب بن منبه اليماني ـ و اللفظ لحديث ابن حميد انه كان يقول ـ يعني وهب بن منبه .

قال اللّه تبارك و تعالى لارميا حين بعثه نبيا الى بني اسرائيل : يا ارميا من قبل ان اخلقك اخترتك و لا
مـر عـظيم اختباتك ,فبعث اللّه ((ارميا)) الى ذلك الملك من بني اسرائيل , يسدده , و يرشده و ياتيه
بالخبر من اللّه فيما بينه , و بين اللّه , قال : ثم عظمت الاحداث في بني اسرائيل , و ركبوا المعاصي ,
و اسـتـحـلـوا الـمـحـارم , و نـسـوا ما كان اللّه سبحانه و تعالى صنع بهم , و مانجاهم من عدوهم
((سنجاريب )) و جنوده , فاوحى اللّه الى ارميا : انت ائت قومك من بني اسرائيل , و اقصص عليهم
ما آمرك به , و ذكرهم نعمتي عليهم , و عرفهم احداثهم .

و اسـتـرسـل وهـب بن منبه فيما يذكره من اخبار بني اسرائيل , حتى استغرق ذلك من تفسير ابن
جـريـر ثـلاث صـفـحات كبار ((488)) الى غير ذلك , مما ذكره ابن جرير, و ابن ابي حاتم , و
غيرهما, من قصص عجيب غريب في ((بختنصر)) هذا, و ماخرب من البلاد و ماقتل من العباد.

الكذب على رسول اللّه بنسبة هذه الاسرائيليات اليه

و لو ان هذه الاسرائيليات و الاباطيل وقف بها عند رواتها من اهل الكتاب الذين اسلموا, او عند من رواهـا عـنـهم من الصحابة و التابعين لهان الامر, و لكن عظم الاثم ان تنسب هذه الاسرائيليات الى
المعصوم (ص ) صراحة , و لااشك ان هذاالدس من عمل زنادقة اليهود.

روى ابـن جـرير في تفسيره , قال : حدثنا عصام بن داود بن الجراح , قال : حدثنا ابي , قال : حدثنا
سفيان بن سعيد الثوري ,قال : حدثنا منصور بن المعتمر, عن ربعي بن حراش , قال : سمعت حذيفة بن
اليمان يقول : قال رسول اللّه (ص ) :.

/ 28