رزق الله - تفسیر سوره البقره نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر سوره البقره - نسخه متنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


مرضاة الله، رضوان الله، رضوان من الله، مرضاتي، رضوانه .

والجدير بالتأمل أنَّه تعالى يعبِّر عن هذا المقام بأنَّه هو الفوز العظيم ، فقال « قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ »[337].

وقال «وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ »[338].

وهذا هو مقام الخلود وجنّات عدن ومساكن طيِّبة وهو البشرى للمؤمنين وقد دلَّت على ذلك آيات كثيرة ستأتي في محلِّها إن شاء الله..

وهذا الرزق هو الرزق الكريم المذكور في قوله تعالى « لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ »[339]ولا يخفى أنَّ الوصول إلى هذا المقام والإرتزاق بالرزق الكريم ، يتطلَّب مغفرة من الله ، كما قال «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ »[340].

هذا وإنَّ هذا النمط من الرزق محرَّم على الكافرين حرمة تكوينيَّة قبل أن تكون تشريعيَّة، أي أنَّهم لا يتمكَّنون من الارتزاق به، قال سبحانه « وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ »[341].

الرزق المادي.

بسط الرزق وقدره القرآن الكريم يؤكِّد على أنّ الرزق الدنيوي ليس هو ميزان صلاح الفرد أو فساده ، وأيضاً لا يدل على إكرام الإنسان أو إهانته « فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ *وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلاَّ...

وهذه كلاّ تضرب بوجه هؤلاء ضعيفي العقيدة بالله وتنفي كلَّما قالوه ..

فينبغي أن لا يفرح الإنسان بالنعم الدنيوية مهما كثرت « وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا»2والتعبير بأذقنا يدلُّ على قصر أمده.

يقول سبحانه في قصة قارون «...إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ »3 وقال تعالي « اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ »4 .

ولكن نشاهد أنَّه تعالى عندما يذكر مواصفات الشهداء في عالم البرزخ يقول « فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ...»5 وكم فرقا بين المقامين !.

والذي يتحكَّم في هذا النمط من الرزق -أعني الدنيوي-ليس هو إلا العلم الإلهي ، كما قال تعالى «اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»6 فمن رأى سبحانه أن يبسط الرزق له فعل، على أنَّه بيَّن قيمة الحياة الدنيا في الآخرة في الآية السابقة وأنَّه متاع .

ويقول في موطن آخر «وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ»7 فكل شيءٍ مرتبط بالدنيا سوف ينصبغ بها ، أي تكون من اللهو واللعب ومن شأنهما العبثية وعاقبتها الفناء و الزوال. كما أنَّ كلَّ ما هو من أمر الآخرة ، فله الحيوية و النضج و السموّ بل التكامل إلى ما لا نهاية ..

ومن هذا المنظار ينبغي أن ننظر إلى الأرزاق المادية ، لنتمكَّن من تفسير الآيات الواردة فيها ، فلو تغاضينا عن هذه النظرة ، لتورطنا في مفاهيم لا يمكن تبريرها أصلاً..

رزق الله

للعيش في هذه الدنيا يفتقر كل حي إلى رزق يتناسب معه وهو أقلّ القليل من الرزق، وقد تكفَّل سبحانه بذلك حيث قال « وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ »8 .

والتعبير بقوله على الله يدلُّ على أنَّه تعالى قد تكفَّل بذلك وضَمِن، وقال « وَكَأَيّن مِنْ دَابَّةٍ لاَ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ »[342].

وبالنسبة إلى الإنسان خاصة قد ورد تعبيرٌ محكمٌ للغاية ، حيث قال « وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ* فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ »2 والآية تؤكِّد على أنَّ هذا الرزق لا يتخلَّف أصلاً ، بل هو حقٌّ يجب الإذعان به مثل ما يجب الإذعان بالنطق الذي ينطق به الإنسان.

الأسباب

هناك موازين إلهيَّة لهذا الرزق الربّاني اقتضت نزول الرزق بقدر معلوم يرتبط بمشيئته تعالى ولذلك سرٌّ بيَّنه سبحانه في قوله « وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ »3 وهذا الرزق ـ رغم كونه مقدَّراًـ إلاّ أنَّ الله سبحانه لا يوجده من غير سبب، ومن هنا قال « وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ »4 .

وقال « وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ »5 ..

فهذا الرزق رغم كونه مضموناً إلا أنَّ الوصول إليه يفتقر إلى أقل القليل من السعي « هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ »6 فينبغي للإنسان أن يمشي في مناكب الأرض فيأكل، وهذا لا يعدُّ سعياً حقيقةً لأنَّه أمر لا بدَّ منه لمن أراد أن يأكل فلا سعي في البين أصلاً..

كما أنَّ الآية السابقة أعني« وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ »7 تشير إلى أنَّ الرزق ينبغي أن يستنزل. .

حقيقة الرزق في الدنيا

بعد ما بيَّنا كلاً من الرزق الأخروي والرزق الدنيوي حان لنا أن نتحدَّث عن حقيقة الرزق من المنظار الإلهي بل الإنساني ..

الرزق هو النفع الذي يصل إليه الإنسان ويتمكَّن من الإنتفاع به من غير أن يخلَّ بسائر زوايا حياته فيكون سهلاً ممتنعاً ، ومن هذا المنطلق لا يرى الإسلام ما في أيدي الكفّار رزقاً، ما دام أنَّهم لا يعبدون الله تعالى ، نعم هو رزق حيواني ، ولا قيمة له حينئذٍ ..

فالذي يعين الإنسان ويدفعه إلى الله هو الرزق حقيقة وما يمنعه عن ذلك ، ليس برزق مهما كثر ، فمن يسعى نهاره وليله ليجمع المال فليس لسعيه نتاج لا في الدنيا ولا في الآخرة ، أمّا الدنيا فلأنَّه قد صرف أوقاته في طلب المال ولم يسنح له مجال للإستفادة منه في ذلك اليوم ، فضاع عمره في ذلك اليوم لأنَّه لم ينتفع منه . ففي الحديث (( عن أبي ذر رحمه الله قال قال رسول الله (ص) على العاقل أن يكون له ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربه عزوجل ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يتفكر فيما صنع الله عزوجل إليه ، وساعة يخلو فيها يحظ نفسه من الحلال ، فإن هذه الساعة عون لتلك الساعات ، واستجمام للقلوب وتوزيع لها))[343].

فهو قد صرف جميع ساعاته في الطلب ، وأمَّا لو أراد أن يستفيد منها في أيامه الآتية ، فلن يتمكَّن من ذلك إلا بمقدارٍ محدود والزائد ينتقل إلى غيره ، فهو إذاً قد جمع لغيره لا لنفسه ـ . .

ومن هنا تعرف أهميَّة دعاء الرزق الذي ورد في تعقيبات صلاة العشاء ففي كتاب فلاح السائل ومن الدعوات بعد العشاء الاخرة لطلب سعة الأرزاق ما رواه أبو المفضل - ره - عن أبي القاسم جعفر بن محمدبن عبدالله العلوي ، عن عبيد اللهابن أحمد بن نهيك ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عبيد بن زرارة قال حضرت أبا عبدالله عليه السلام وشكا إليه رجل من شيعته الفقر وضيق المعيشة وأنه يجول في طلب الرزقالبلدان ، فلا يزداد إلا فقرا ، فقال له أبو عبدالله إذاصليت العشاء الاخرة فقل وأنتمتأن (( اللهم إنه ليس لي علم بموضع رزقي ، وإنما أطلبه بخطرات تخطر على قلبي فأجولفي طلبهالبلدان ، فأنا فيما أنا طالب كالحيران ، لا أدري أفي سهل هو أم في جبل أم في أرض ، أم في سماء أم في بر أم في بحر ، وعلى يدي من ومن قبل من ؟ وقد علمت أنعلمه عندك وأسبابه بيدك ، وأنت تقسمه بلطفك وتسببه برحمتك ، اللهم فصل على محمدوآله ،واجعل يارب رزقك لي واسعا ، ومطلبه سهلا ، ومأخذه قريبا ، ولاتعنتني بطلب مالم تقدر لي فيه رزقا ، فانك غني عن عذابي ، وأنافقير إلى رحمتك ، فصلعلى محمد وآل محمد ، وجد على عبدك بفضلك ، إنك ذو فضل عظيم ))[344]..

قال عبيد بن زرارة فما مضتبالرجل مديدة حتى زال عنه الفقر ، وحسنتأحواله2 .

/ 47